آخر ليلة في بيت الامام الجامي قبل وفاته -رحمه الله-
لفضيلة الشيخ :
عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
حفظه الله تعالى
أذكر يعني أنَّ الشيخ رحمه الله في هذا التَّعبد وهذا التنسُّك رحمه الله ، أنِّي كنت عنده (رحمه الله) قبل وفاته بليلة .. كذبوا وفجرواْ أنَّ الشيخ أُصيب بسلطان في لسانه ! والله ما قالواْ كلمة الحقِّ وربِّ السَّماء؛ وأُباهلُ على هذه وعلَى غيرها ... أُصيب رحمه الله نعم بداءٍ أصابَ الكبدَ ، فكثيرٌ من الفضلاءِ وغيرهم يُصابون وكما قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله : ( إنَّ الله ليبتلي عبده المؤمن لا ليُهلكهُ ولكن ليمتحن صبره ، فإنَّ لله عبادةً في السَّراء كما له عبادةً في الضَّراء وله عبادةٌ فيما يحبُّه المرء ولهُ عبادةٌ فيما يكرهه ؛ وغالبُ الناس تمتحنُ فيما تحبُّ ولا تمتحن فيما تكرهه ، والشأنُ كلُّ الشأن أن يمتحن العبد فيما يكره ) اهـ . هناك تفاوت الرُّتب بحسب توفُّر اليقين والإيمان في القلوب وتمامه وكماله ، والله ما أُصيب إلا بكبده رحمه الله ، بل أذكرهُ رحمه الله أنَّه كان يُطالعُ ولمَّا ضعُف في آخر أيَّامه وهنَ رحمه الله .. نعم ، ما يستطيعُ القراءَةَ
كان يأمرُ ابنه عليّاً أن يقرأ عليه أو عبد الملكِ ، ما يستطيعُ الشيخ يقرأ ولا يستطيعُ الجلوسَ كان علَى الفراش رحمة الله عليه ، فدخلتُ عليه في غرفته الخاصَّة وإذا بكتب أهل العلم من علوم القرآن وغيره ... تقرأُ عليه ، بل يقولُ لي ابنه : يعني أقرأُ ما أتعوَّدُ هذه القراءة بالسَّاعات الطِّوال ، أقرأُ .. أقرأُ بس آخذ نفساً أو أشربُ ماءً يقول :
اِقرأ .. اِقرأ .
هذا الكلام قبل دخوله في غيبوبة الوفاةِ بليلة ، ثم ثاني يوم فوجئنا وسمعنا بهذا الخبر ـ وكان رحمه الله ـ أن دخل في هذه الغيبوبة الَّتي أصابتهُ يوماً واحداً ثمَّ فارق الحياةَ ، وهذه المُفارقة يقول بعضُ الأطباء الذين كانوا يعالجون كثيرٌ من النَّاس يدخلون هذه الغيبوبة لا ندري متى ! بعضهم يبقى (ثليات وهكذا وأنابيب) يبقى أيَّاماً ويبقى شهوراً وبعضهم سنين وهذا فيه عذابٌ ومشقَّةٌ ، الشَّيخُ أراحه الله جلَّ وعزَّ واختار له الخيرَ والصَّالح له ( ليلةً واحدةً ) .
وكان في غيبوبته يفيق كما أخبرني ابنه عليّاً ـ كان يفيق ويقول يا علي ـ يناديه ، ثم يغيب ثم يفيق يا علي ، ثم يغيبُ ويفيق وفي الثَّالثة أو الرَّابعة فقال : بلِّغ المشايخ والإخوان أن يعتنوا بالعقيدة والتّوحيد ، ثمَّ غاب وفارق الحياة وهو يشيرُ بأصبعه رحمه الله بالسَّبابة ثم غاب ومات رحمه الله وغفر له .
والأعمال بالخواتيم أيُّها الإخوة كما قلنا ، العمرُ بآخره والعمل بخاتمته . قال صلى الله عليه وسلم : (( إنما الأعمال بالخواتيم )) كما في البخاري ، وهذا الإمام رحمه الله ما أصابته الهلكة إن شاء الله ولكنها من الرِّفعة ؛ نعم . اهـ
فرغه /
أبوشعبة محمد القادري
غفرالله له وستر عيبه
الجمعة ٢١ ربيع الثاني ١٤٣٥ هـ
https://soundcloud.com/issam-abu-rabii/kjortxutff7b
__________________
قال حرب الكرماني -رحمه الله- في عقيدته :" هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشَّام وغيرهم عليها فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلها، فهو مخالف مبتدع، خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السُّنة وسبيلِ الحق".اهـ