منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-10-2010, 09:24 PM
أبو الحارث زكي المصري أبو الحارث زكي المصري غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: مصر - حرسها الله من الفتن -
المشاركات: 12
شكراً: 2
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى أبو الحارث زكي المصري
افتراضي توجيهات اسلامية ( الحلقة الثانية )

من محاسن الإسلام

لا شك أن الدين الإسلامي دين سماوي لم يكن لأمة من الأمم مثله ولا نزل على نبي من الأنبياء نظيره إذ هو دين عام مبين لأحوال المجتمع الإسلامي بل البشرية عامة وبه كمل نظام العالم فهو جامع شامل للمصالح الاجتماعية والأخلاقية. فإنه بين الأحوال الشخصية التي بين العبد وبين ربه من صلاة وزكاة وصوم وحج. وشرع نظافة البدن فأمر بغسل الجنابة والجمعة والعيدين . أو بعضا كالوضوء عند كل فريضة من الفرائض الخمس. وشرع أمور الفطرة من ختان وقص شارب وتقليم أظافرونتف إبط والسواك وحلق العانة. كما أرشدنا الإسلام إلى تجميل الثياب و أن تكون على أحسن هيئة وأكملها . كما سن ذلك في العيدين والجمعة وهذب الأخلاق فأمر بالصدق في المعاملات والوفاء بالعقود والعهود والمواعيد. وأوجب ترك الذنوب من زنى وخمر وغيبة وقذف وسعاية وشهادة زور وانحراف في الأحكام وتحريف لما أباح الله وحَرَّم تَغْييرَ الأحكام عن وجهها وما أريد بها، إلى غير ذلك. وبالجملة فإن الدين الإسلامي جامع لروابط الأمة الإسلامية بل هو حياتها تدوم بدوامه وتنعدم بانعدامه وهو مفخرة من مفاخرها العظيمة ومن خصائصها . حيث لم يكن لأمة من الأمم قبلنا مثله فلو أن المسلمين تمسكوا بأحكام الإسلام وتعاليم دينهم كما كان آباؤهم الأماجد لكانوا أرقى الأمم وأسعد الناس ولكن لما انحرفوا وحرفوا تعاليم دينهم تنكبوا عن الصراط السوي. وقد جعل الإسلام للفقراء حظا في مال الأغنياء بالزكوات والكفارات لطفا بهم وإحسانا إليهم ورحمة بالأغنياء وتكرمة لهم وتحصينا لأموالهم وشرع الإسلام الحج ليشهدوا منافع لهم فتتوافد إليه سائر الأمم الإسلامية ليحصل اجتماع عام لسائر الأمم التي تدين به لينتفع بعضهم من بعض من علومهم وأحوالهم ويحصل بذلك التعارف والتعاون والتآخي ولما في ذلك من إعانة أهل الحرمين الشريفين ليكونا مركزين عظيمين للإسلام وهذا بعض من مقاصد الحج. كما قد شرع الإسلام اجتماعات أخرى أصغر وأيسر في الجمع والأعياد. وبين أحكام المعاملات من بيع وربا ورهن وقرض وإجارة وشركات ووكالات وحوالة وعارية وغيرها من المعاملات المالية التي تقتضيها القاعدة التي عليها مبنى علم الاجتماع البشري. وبيَّن الإسلام كيف تقام البيوتات وتؤسس العائلات فندب الى الزواج وحث عليه ورغب فيه. وبين العقود التي تعتبر زواجا ووضح شروطها من رضا وولي وشهود وغيرها وما خالف ذلك فهو سفاح أو قريب منه وأمر بسدل الحجاب للنساء صيانة للنسل وإبعادا للمظنة. وراحة لكل ضمير. وبين أحكام الجنايات كالقصاص في النفس والطرف وما يشترط لذلك كما بين ما يلزم لحفظ المجتمع العام من نصب إمام وشروط استحقاقه للإمامة وما يجب له من طاعة وما يجب عليه من المشورة والعمل بالشريعة وإقامة العدل بين أصناف الرعية. ثم إن الإسلام قسم السلطة فجعلها خططا منها القضاء فحدد للقاضي خطته من فصل الخصومات والنظر في أموال غير المرشد والحجر على من يستوجب إلى غير ذلك وبين خطة الشاهد كيف تحمل الشهادة وأدائها وممن تقبل وعلى من ترد وأمر بإثباتها وعدم كتمانها. كما بين خطة المحتسب ثم بقية الخطط. وبين حكم من خرج عن طاعة الإمام بأن يقاتل حتى يفيء إلى أمر الله . وبين كيف نعامل الأمم الأجنبية فيما إذا وقع الحرب معها. وفي حالة مسالمتها. وأمر بتحسين الجوار . وإقامة الحدود على من أخاف السبيل وخالف ما أمرت به الشريعة. وبالجملة فقد استقصى هذا الدين الإسلامي العظيم جميع الشئون الاجتماعية وبينها أحسن بيان مما يعجز عن مثله عقلاء البشر حتى دخل مع الرجل في بيته وحكم بينه وبين امرأته وبين ماله عليها من الحقوق ومالهاعليه من مثل ذلك . وبين ما عسى أن يقع بينهما من خلاف في المستقبل. كما حكم الإسلام بين الرجل وبين ولده وبينه وبين نفسه في حياته وبعد وفاته كأوقافه ووصاياه وما يصح منها وما لا يصح. وقسم مواريثه وبين أحكام تغسيله وتكفينه ودفنه كل هذا لأجل أن تنتظم الحياة انتظاما كاملا ويعيش المسلم عيشة هنيئة منتظمة ليتمكن معها لإعداد الزاد ليوم المعاد والتأهب لما بعد الموت فالدين الإسلامي نظام عادل للمجتمع البشري الإسلامي، فإنه تام الأحكام ثابت المباني . دين سماوي لم يدع شاذة ولا فاذة إلا بينها أحسن بيان . ووضحها أتم إيضاح وما دخلت الأمم الكثيرة في الإسلام أفواجا أفواجا واتسعت دائرة الإسلام فانتشرت الأمة الإسلامية مَادَّةً جناحها من نهر الفاتح في الهند شرقا إلى أفريقيا ثم أوربا في زمن قليل إلا باحترام الحقوق والعمل بقواعدالإسلام والتسوية بين طبقات المسلمين ملكهم وصعلوكهم وصغيرهم وكبيرهم فيه على السواء : فالأمة الإسلامية لا حياة لها ولا استقامة بدون التمسك بدينها والعمل بأوامره ونواهيه فهي دائمة بدوام دينها مضمحلة باضمحلاله ساقطة إذا أهملت تعاليم دينها القويم كما قال بعض أعداء المسلمين. فقد كانت الأمم تقتبس من قواعده وأصوله وتختاره على كثير من قوانينها الوضيعة فأنصف الإسلام كثير من عقلائهم واعترفوا أن مدنية أوربا الحديثة لم تكن إلا بتعاليم الإسلام والأخذ بقواعده ومبانيه قال بعض حكماء أوربا ممن أنصف أن نشأة مدنيتها الحديثة إنما كانت رشاشا من نور الإسلام في الأندلس ومن صفحات الكتب التي أخذوها في حروبهم مع المسلمين في الغرب والشرق وفق الله المسلمين للتمسك بدينهم، والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا

أيها المسلم الكريم قف معي قليلا لنفكر سويا في ماضي أمتنا المسلمة وما كانوا عليه من عزة وهناء وما كان لهم من ملك واسع وعدل شامل ومنعة ونفوذ ومهابة لا مثيل لها في جميع أنحاء المعمورة دون أن تكون لهم جيوش مؤلفة أو أساطيل قوية تمخر البحار أو دبابات تجوب البراري والقفار أو طيارات سابحة في الفضاء أوصواريخ تقذف بعيدة المدى ، وما نحن فيه اليوم ويا للأسف من ذل وفرقة ومهانة وعزلة رغم كثرة عددنا وعظم قوتنا وكل ذلك نتيجة لما حصل بين المسلمين من تنافر وتطاحن وتهاجر وتشاحن وإعراض عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الأمة الإسلامية لو رجعت إلى قول الله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ) فالإسلام حين سطع نوره في مكة المكرمة وارتفع صوته من المدينة المنورة بعد أن هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد القبلتين العظيمتين اللتين رفعتا لواء الإسلام ونصرتا رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقتين فجمعهم الله بهداه بعد فرقتهم وبين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإسلام لا يقوم على العنصرية أو الشعوبية ولا على القومية والجنسية ولا يقوم على تفرق في العقيدة أوالرأي أو الوجهة فإن الدعوة المشوبة بذلك يكون مالها الفشل ومصيرها الفناء وبين النبي صلى الله عليه وسلم الطريق السوي لسعادة الدارين وعرفهم أن دين الإسلام بني على التعاون على الحق ومحو فرقة الجنسية وتلى عليهم قول الله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وجاء (كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي إلا بتقوى الله)وبين لهم أن الله واحد وأن نبي الإسلام واحد وأن القبلة واحدة وأن كتاب الله واحد لا يجوز العمل بغير هداه فعلى هذا يجب أن تكون كلمة المسلمين واحدة فجمع الله شملهم ووحد كلمتهم وقضى على الفرقة التي كانت بينهم وأصبحوا إخوة متحابين ورجالا مؤمنين كلمتهم واحدة ووجهتهم واحدة تحت راية الإسلام القوية التي لا تفضل أحدا على أحد إلا بتقوى الله عز وجل، فقد رفع الإسلام أقواما كانوا في ذلة ومهانة ، ووضع أقواما كانوا في أعلى قمة المجد ومنتهى السؤدد فلما لم يؤمنوا بالإسلام وضعهم الله فكانوا في أسفل سافلين ورحم الله القائل:
(لقد رفع الإسلام سلمان فارس
كما وضع الشرك الشقي أبا لهب )
أخي المسلم إذا اتحدت قلوب الأمة على الحق وتألفت نفوسها على الخير وطهرت مجتمعها من الرذيلة وتعاون أفرادها وجماعاتها على البر والتقوى نالوا الخير العظيم والسعادة الأبدية وفازوا بالرقي المحمود وشيدوا بناء مستقبلهم على أساس من الدين ونور من رب العالمين ، أما إذا سادت دعوة القومية والعصبية والشعوبية والعنصرية وحصل الشقاق ووجد التفرقة والتناحر كانت المصيبة العظمى والطامة الكبرى التي تهدم بنيا ن الأمم المشيد وتقضي على حضارتها وتحكم على مستقبلها بالذل والتقهقر وتنذرها بوخامة العاقبة وسوء المصير، فمن أجل ذلك نهى الله الأمة الإسلامية عن التناحر والإختلاف وحذرها من التفرقة والإنحراف وتوعدها بالفشل والإتلاف فقال تعالى: (أطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) هكذا أيها المسلم الكريم يرشدك ربك إلى ما هو في صلاحك دينا ودنيا ، فقف معي قليلا لنرجع إلى سيرة أسلافنا الكرام وما كانوا عليه من شرف رفيع وعز منيع وقوة قاهرة قهرت كل جبابرة العالم والتي سقط أمامها عروش الظلم والطغيان وأوكار الإستبداد والعصيان ومعاقل الكبرياء الجوفاء والعز الموهوم، فقد تمكن أولئك الأسلاف الأمجاد من نشر لواء الإسلام في جميع أصقاع المعمورة وبسطوا لواء العدل والمساواة بين أفراد الأمة ولم يكن ذلك كما قدمنا بكثرة العدد ولا بقوة العدة ولكنه والله يعلم إنما كان بسبب اتصافهم بالإيمان وتمسكهم بدينهم القويم وتحاكمهم إلى القرآن مع صدق في الأقوال والأفعال ووفاء بالوعود والعهود وحب بعضهم لبعض وإخاء في الله واتحاد كامل في جميع ميادين الحياة "يأهل القرآن لستم على شيء حتى تقيموا القرآن".
أخي السلم إذا نظرنا إلى الفجوة السحيقة التي تردى فيها بعض أبناء المجتمع الإسلامي اليوم توضح مدى ما وصلوا إليه من المخالفة الصريحة لأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والدلائل على ذلك بارزة يلمسها كل من رزق أدنى مقدار من الإيمان وأكبر دليل على ما تقدم هو وجود هذه التناحرات التي مني بها العالم الإسلامي من الدعوة إلى القومية والوقوف إلى جانبها ونبذ الدعوة الإسلامية ومعاداة من دعا إليها وهي الأساس لهذا الدين الحنيف والرمز لمحاسن الشرع الشريف والعنوان لمجد الإسلام المنيف.
إن المجتمع الإسلامي قد أصيب بتشعب الآراء وتباين مذاهب الناس وتغيرت وجهات الأمة وأصبح العالم الإسلامي يتأرجح ذات اليمين وذات الشمال لا يدري ما الله صانع فيه ، وإن الذي يضمن السعادة والنجاح ويحقق الفوز والفلاح هو الرجوع إلى الله والسير على هدى كتاب الله الذي أنزله نورا وبرهانا والتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بقوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة)، وقوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) والتزام تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والرجوع إليهما فيما شجر بين الأمة من اختلاف في الرأي أو الوجهة عملا بقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) ولا يتحقق ذلك إلا بفرض القوانين الوضعية المستوردة من الخارج والدخيلة على ديننا وأمتنا وبلادنا والتي مصدرها آراء الملاحدة ومفكروا أعداء الإسلام ذلك لأن شريعتنا الغراء كاملة لا تحتاج إلى سواها وفيها ما يغنينا عن غيرها إن نحن رجعنا إليها وحكمناها في جميع شئوننا فإن الله تعالى يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) هذا ونسأل الله أن يوفق قادة الأمة وزعماءها إلى الإحتكام إليها في جميع ميادين الحياة إنه ولي ذلك والقادر عليه وهو الهادي إلى سواء السبيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
من أحكام الحج

وبعد: فلما كان في السنة العاشرة من الهجرة النبوية نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بعزمه على الحج وأعلم الناس بذلك كي يتأهبوا للحج معه صلى الله عليه وسلم ويتعلموا المناسك والأحكام ويشاهدوا أحواله وأفعاله ويستمعوا إلى أقواله وتشيع دعوة الإسلام وتبلغ الرسالة القريب والبعيد ويبلغ الشاهد الغائب ما رأى وما سمع من أفعال وأقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس الاقتداء والاهتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل بمثله فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة وخرج معه أصحابه الكرام وعددهم ينوف على المائة ألف حتى إذا كان بالبيداء استوت به ناقته والناس عن يمينه وشماله ومن خلفه وأمامه وهو يتوسطهم أهَلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، وأهل الناس بإهلاله قال جابر أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج. وأصبح ما ورد أنه عليه الصلاة والسلام أهل بالحج والعمرة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (أتاني آت من ربى في هذا الوادي المبارك وقال قل عمرة في حجة) وهذا من أدلة إدخال الحج على العمرة ولا عكس. ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى مكة وبات بذي طوى واغتسل فيها ثم سار ودخل البيت من ثنية كداء من أعلى مكة وهي الثنية العليا بالحجون حتى أتى البيت واستلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا والرَّمَلُ مشروع للرجال وهو المشي السريع مع تقارب الخطى ويقال له الخبب ويكون في الجهات الثلاث من البيت الشرقية والشامية والغربية وشرع لإغاظة الكفار حيث قالوا يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى فأطلع الله نبيه بما قاله المشركون فأمر أصحابه بالرمل وقعد المشركون على جبل قعيقعان ولما نظروا إليهم قالوا والله ما بهم من بأس وإن هم إلا كالغزلان. ويضطبع الطائف في طواف القدوم وهو أن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر ومنكبه الأيمن مكشوف ثم نفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) فجعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين قرأ بعد الفاتحة في الأولى بقل يا أيها الكافرون. وفي الثانية بعد الفاتحة بقل هو الله أحد. ويجوز للطائف أن يصلي ركعتي الطواف في أي جزء من أجزاء الحرم. ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه فخرج من باب الصفا فلما دنا منه قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله)أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى شديدا حتى صعدتا فمشى ولا يشرع السعي للنساء حتى أتى المروة ففعل عليها كما فعل على الصفا وكان آخر طوافه على المروة وقال عليه الصلاة والسلام أيها الناس إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة فمن لم يكن معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة) فحل الناس ولم يبقى على إحرامه إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي وقال لهم (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) ثم مكث رسول الله ومن معه بمكة حتى اليوم السابع فخطب الناس بعد صلاة الظهر بها وأخبرهم بمناسكهم وأمور حجهم وأمر الناس بالغدو من الغد إلى منى ولما كان اليوم الثامن وهو يوم التروية توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر . وأداء هذه الصلوات الخمس والبيتوية في هذه الليلة في منى سنة بالاتفاق وليس على من ترك ذلك شيء ثم مكث حتى طلعت الشمس ثم ركب راحلته وأمر بقبة له من شعر تضرب بنمرة لينزل بها فسار ولم يقف بالمشعر الحرام ثم واصل سيره قاصدا عرفة فوجد القبة قد ضربت بنمرة وهي ليست من عرفة فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر براحلته القصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس خطبته المشهورة التي جمع فيها أحكام الحج وبينت المناسك وما يجب للناس وما عليهم وبينت ما للمسلمين من حرمة في دمائهم وأعراضهم وأموالهم ووضع كل أمر كان في الجاهلية ووضع دماءها وأنه لا قصاص في قتلها وأول دم وضعه دم قريب له هو دم ربيعة بن الحارث كان مستعرضا في بني سعد وأبطل أفعال الجاهلية وبيوعها (التي لم يتصل بها قبض ) وأبطل الربا الذي كان المشركون يتعاملوا به وأول ربا وضعه ربا عمه العباس بن عبد المطلب وأوصى بالنساء ما لهن وما عليهن وأوصى أمته بالتزام كتاب الله وسنته وأن من تمسك بهما هدي إلى صراط مستقيم ومن اهتدى بهما فلن يضل ومن احتكم إليهما فاز بالسعادة الأبدية ومن استضاء بنورهما قادتاه إلى رضوان الله ومن طلب الهدى من غيرهما فقد تنكب عن سواء السبيل ثم أذن مؤذنه صلى الله عليه وسلم ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر جمعا وقصرا ولم ينتقل بينهما ثم ركب ناقته حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة واستمر واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة وقالوقفت ها هنا وعرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرفة وصعود الجبل غير مشروع ولا أصل له ويمتد وقت الوقوف إلى طلوع فجر اليوم العاشر بدليل ما رواه عبد الرحمن الديلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات ليلا أونهارا فقد تم حجه وقضى تفثه)ولما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج) ولما غاب القرص وذهبت الصفرة دفع الرسول صلى الله عليه وسلم مردفا أسامة خلفه وتوجه إلى المزدلفة يسير العنق فإذا وجد فجوة نص ويقول للناس عليكم بالسكينة حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين جمعا وقصرا ولم يسبح بينهما ثم نام حتى طلع الفجر فقام وصلى ثم سار حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة ودعا ربه وقال هذا الموقف وكل المزدلفة موقف وفي أي جزء من أجزاء المزدلفة بات الحاج أجزأه ثم دفع طلوع الشمس وأردف الفضل بن عباس وسار حتى أتى بطن محسر فحرك راحلته وأسرع في المشي فيه واستمر في المشي حتى أتى الجمرة الكبرى عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم انصرف إلى المنحر فنحر بدنه وجميع بدنه مائة ناقة منها ثلاث وستون بدنه ساقها معه من المدينة ونحرها بيده الشريفة وسبع وثلاثون بدنة جاء بها علي من اليمن ووكله النبي صلى الله عليه وسلم في نحرها وأشركه في هديه وأكلا من لحمها وشربا من مرقها وقال نحرت ها هنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم ثم حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة واحدة وقال: (إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء) ثم وقف عليه الصلاة والسلام فجعل الناس يسألونه فقال رجل لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج وجاء آخر وقال لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال اذبح ولا حرجفما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج والأمور المتعلقة بيوم النحر أربعة رمي الجمرة الكبرى ونحر الهدي للإبل وذبحه لغيرها والحلق أو التقصير والطواف وترتيب هذه الوظائف على هذا النحو سنة لفعله صلى الله عليه وسلم ومن عكس ناسيا أوجاهلا أو متعمدا فلا حرج وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر خطبة قال فيها (أتدرون أي يوم هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال أليس يوم النحر؟ قلنا بلى. قال أي شهر هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال أليس ذي الحجة؟ قلنا بلى. قال أي بلد هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم. قال أليس البلد الحرام؟ قلنا بلى . قال فإن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم. ألا هل بلغت؟ قالوا نعم. قال اللهم اشهد. فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ثم توجه إلى البيت العتيق فطاف طواف الإفاضة وأتى زمزم فشرب ثم عاد إلى منى للمبيت بها لوجوبه إلا السقاة والرعاة ومن في حكمهم فقد رخص لهم في البيوتة وأن يجمعوا الرمي في اليوم الثالث ليومهم واليوم الذي فاتهم الرمي فيه وهو اليوم الثاني. ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمار بعد زوال الشمس وعرض عليه بناء يظله من الشمس فقال لا إنما هو مناخ لمن سبق إليه ولا بد من حصول الحجر في المرمى فلو لم يحصل فيه لم يجزه الرمي ولا بد من الترتيب في الرمي حيث يبدأ الرامي في الجمرة الأولى ثم الوسطى ثم الكبرى التي هي في منى وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني أيام التشريق خطبة علم فيها أصحابه حكم التعجيل والتأخير وتوديع البيت ونفر رسول الله صلى الله عليه وسلم متأخرا ونزل في المحصب وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد في المحصب وهو خيف بني كنانة والمعروف اليوم بالأبطح ثم ركب حتى أتى البيت الحرام فطاف به مودعا وهو واجب على من أراد السفر والخروج من مكة إلى وطنه عملا بقوله صلى الله عليه وسلم (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) وفق الله المسلمين لما يرضيه وتقبل منا ومنهم بمنه وكرمه آمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
من كتاب ( توجيهات اسلامية ) للعلامة عبد الله بن حميد رحمه الله
__________________
" إنَّما يتعثَّرُ في الطريق منْ لَمْ يُخلص عمله لله " ابن الجوزي رحمه الله.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:27 AM.


powered by vbulletin