والصبر يا أخي على طاعة ولاة الأمر جمعاً لكلمة المسلمين، وتوحيداً لصفوفهم، وحماية للبلاد والعباد من كيد الطامعين، وفي مخالفتهم مفاسد عظيمة حيث تحصل الفرقة ويضيع الأمن ويجد الأعداء المتربصين الفرصة للتسلط والتمكين . ألا ترى أن في ذلك مصالح عظيمة مادامت المفاسد دون الكفر ودون الشرك، يقول ابن تيمية رحمه الله: فإن الملك الظالم لابد أن يدفع الله به من الشر أكثر من ظلمه " "مجموع الفتاوى ج20 ص54"وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالكفاسمع وأطع" "صحيح مسلم"وقال أبو الدرداء رضي الله عنه:إياكم ولعن الولاة، فإن لعنهم الحالقة، وبغضهم العاقرة . قيل: يا أبا الدرداء، فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب ؟ قال: اصبروا فإن الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت"السنة لأبن ابي عاصم" .قد تقول: وهل نسكت عن الخطأ.؟ وأقول: بالطبع لا. بل علينا معالجة الخطأ .! ولكن بالطرق الشرعية الصحيحة.واستمع إلى قول نبيك "صلى الله عليه وسلم : (من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس من أحد من الناس يخرج على السلطان شبراً فمات عليه، إلا مات ميتة جاهلية)"صحيح مسلم"
الدعاء لهم
يقول الإمام أحمد رحمه الله: (وإني لأدعو له -الإمام-بالتسديد والتوفيق -في الليل والنهار-والتأييد وأرى ذلك واجبا عليَّ) "السنة للخلال" . ويقول الإمام البربهاري رحمه الله: (وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فأعلم أنه صاحب سنه إن شاء الله). أ.هـ شرح السنة ص116وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: (والنصيحة لأئمة المسلمين .. والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك).(جامع العلوم والحكم ص113)
*الخروج على الحاكم*
لقد أجمع أهل العلم على حرمة الخروج على السلطان المتغلب، والجهاد معه، لما في ذلك من خير ظاهر يحقن به الدماء وتقام به الحدود . وقد أدى الخروج على الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه من السفهاء الأوباش بسبب ابن سبأ أخزاه الله الذي راح يتكلم في المجالس ويحرض الناس على الخليفة حتى اجتمعوا عليه وقتلوه، ترتب على قتله من الفتن ما تشيب له الرؤوس، وجعلت الحليم حيران.قال صلى الله عليه وسلم :"من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد منكم يريد أن يشق عصاكم فاقتلوه "صحيح مسلم"وقال "صلى الله عليه وسلم" : (ثلاثة لا تسأل عنهم، منهم: رجل فارق الجماعة، وعصى إمامه، ومات عاصياً) "صحيح الجامع"فالخروج على ولاة الأمر يكون بالكلام فيهم، ويكون بالاعتقاد أي يرى جواز الخروج عليهم وموافقة من يخرج عليهم بالقول أو الفعل، ويكون الخروج بالفعل أيضاً وحمل السلاح عليهم وهذا أشد وشق لعصى الطاعة كما يفعل أصحاب التفجيرات والعمليات الانتحارية اليوم بدعوى الجهاد ، أو الدعوة للخروج للمظاهرات والمشاركة فيها .وأعلم أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمر بمجرد الظلم أو الفسق، ما لم يغيروا شيئاً من قواعد الإسلام، وقد نص الشارع على ذلك بشروط معروفة بينها أهل العلم،وهي:1 / أن يأتي الحاكم بكفر، متحقق الشروط منتفي الموانع . 2 / بواح غير خاف ولا مستتر .3 / عندنا فيه من الله برهان وحجة، لا لبس فيها ولا خفاء .4 / أن يكون الخروج مستطاعاً .5 / لا ينتج فتنة ولا منكراً أعظم مما خرج لأجله أو مساوٍ له؛ لانتفاء المصلحة المرادة .ولا يحكم بتحقيق هذه الأمور في الحاكم إلا أهل الحل والعقد من العلماء الربانيين الذين صحت بهم أو بمثلهم البيعة وانعقدت، ولا تصح ولا تصلح من عامة الناس ولا غيرهم، وذلك حفظاً للدين وعصمة لدماء المسلمين واتفاق كلمتهم.
وبعد أخي ..يا من رحت تلوك لسانك في أعراض الحكام، بين يديك كلام الله تعالى وكلام رسوله وأقوال أهل العلم من شهد لهم العالم بالفضل والتقوى والزهد والورع، قد بينوا لك الطريق الصحيح للتعامل مع الحاكم، فما بالك تخالف الحق ! ما بالك تقف في زاوية الخصم يوم يحكم الله بين العباد،قال تعالى(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًاْ)(النساء :115)لا تكن ممن شاق الله ورسوله، وقل الحمد لله الذي هداني للحق، وأحذر أن تنزلق مع هواك وتتبع من سلب عقلك وقلبك عن فهم وإدراك الصواب، لتكون جندياً من جنود الشيطان ضد الإسلام وأهله.وتذكرقول الله تعالى(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). (النساء 65) ، فالله تعالى يقسم على انتفاء الإيمان عن المرء حتى يحكم بشرع الله، ولا يجد في نفسه حرجاً في ذلك ويرضى به، وأن يسلم لحكمه سبحانه، فما قولك بعد كل ما تقدم.!هل تقبل وترضى وتسلم بكلام ربك وكلام نبيك.!تذكر عاقبه من يطع الله ورسوله، قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً)(النساء:69) فهل تريد أن تكون معهم .؟!
اسأل الله أن يحمينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يعصمنا من الشهوات والشبهات، وأن يحفظ حكامنا ويرشدهم لكل خير إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
تنسيق ونشر/مجموعة آل سهيل الدعوية بإشراف سهيل بن عمر بن عبد الله بن سهيل الشريف.