منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-08-2012, 02:32 PM
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 53
شكراً: 8
تم شكره 5 مرة في 3 مشاركة
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى أبو عبد الواحد هواري بومدين السعيدي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الواحد هواري بومدين السعيدي
افتراضي التعليقات على ما ورد في كلام العربي من التخليطات والتغليطات الشيخ عبد المجيد جمعة حفظه الله


التعليقات
على ما ورد في كلام العربي من التخليطات والتغليطات


الحلقة الأولى





الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، القائل: «وإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا». صلى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وعلى أصحابه الأبرار الأخيار الميامين، وعلى من سلك سبيلهم واقتفى آثارهم إلى يوم الدين، واحشرنا في زمرتهم يا رب العالمين.
أمّا بعد، فإني أبرأ إلى الله تعالى من كلّ فتنة مضلّة.
لقد اطلّعت على ما سوّدته يمين المدعو : ( العربي ) وما أخرج من جنانه ما يكنّه في نفسه من الحقد الدفين والغلّ الشديد، فعبر عنه ببنانه، وفاهه بلسانه، في موقع الضرار منتديات أهل الحديد، الحدادي الجديد.
وقد يتساءل البعض عن سبب تأخّر هذا الرد، وإن كان ما كتبه لا يستحقّ القراءة فضلا عن الرد. لكن ابتلينا برويبضة هذا الزمان، الذي لا يفهم لغة الصمت والحلم، والإعراض عن الجاهلين.

أعرض عن الجاهل السفيه .... فكل مـا قـال فهـو فيـه
ما ضر بحر الفرات يومـاً..... إن خاض بعض الكـلاب فيه


لكننّا أبناء زمان، والله المستعان، وعليه التكلان.
وجوابه أنّ الله تعالى قد منّ عليّ بالسفر إلى أرض الحجاز لأداء العمرة واصطحبت في سفري ابني عبد الرحمن، فكنت منشغلا بالمنسك وتوابعه، وبالعلم ومسالكه، فما أردت أن أعكر صفو رحلتي بسماع ما تمجّه الأسماع، وتستنكفه الطباع، وتضيق به الذراع.
فقد سافرت من الجزائر إلى أرض الطيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، وأقمت بها مدة أسبوع، وقد وفقني الله تعالى لحضور مجالس العلم، ولقاء حملته.
فقد حضرت دروس شيخ المدينة وعالمها العلامة عبد المحسن العباد في شرح كتاب الزكاة من صحيح البخاري، ثم بعد الدرس اجتمع طلاب كثير حولي، يسلّمون عليّ ويرحّبون بقدومي، وكانوا يطرحون أسئلة فأحيلهم إلى الشيخ العباد وبقية مشايخ المدينة، حتى ضاق المجلس، فاضطررت إلى القيام حتى لا نخلّ بنظام المسجد النبوي. وقد تكرّر هذه مرات، حتى كنت أتوارى دبر الصلوات.
وزرنا بيت شيخ السنة وإمام الجرح والتعديل الشيخ عبيد الجابري - سلمه الله من كلّ سوء وشرّ حاسد حقود - رفقة الشيخ الفاضل المكرّم عبد الله البخاري، زرناه مرتين، وقد عقدنا معه حوارا علميًّا مفيدًا كشف عن مدى تمكّن الشيخ من الأمور الدعوية والمسائل العلمية، وقد سجّل هذا اللقاء، وسينشر في مجلة «الإصلاح» الغراء. وقد دعانا الشيخ إلى العشاء، وقد لاحت في بيته مظاهر الجود والكرم وحسن الضيافة، بارك الله في عمره وسعة رزقه.
وعقدنا مجلسين مع فضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي في بيته، وقد انفض المجلس الأخير إلى الساعة الثانية ليلا، وأقام الشيخ مأدبة عشاء، أظهر الشيخ من غير تكلّف مدى جوده وكرمه وسعة صدره، وسروره بضيوفه، حتى إنّه كان يكرر مرارا: «سامحونا يا إخوان»، بارك الله له في عمره ورزقه، وأجرينا معه حوارًا علميًّا، تجلّى فيه تمكّن في العلم والحفظ والأدب، وقد سجّل هذا الحوار، وسينشر في مجلة «الإصلاح» المحروسة، ليعم نفعه.
وعقدنا مجلسين مع فضيلة الشيخ الموقّر عبد الله البخاري في بيته، ظهر فيهما بصيرة الشيخ بالمسائل العلمية والدعوية.
وزرنا الشيخ محيي الدين عبد الرحيم في مقر الفتوى بالمسجد النبوي، ثم دعانا إلى بيته للغذاء، والشيخ صهر أبي بكر الجزائري، ولما علمت حرمه أننا جزائريون، طبخ لنا الكسكس الجزائري، فتناولنا معه الغذاء، وتناولنا معه مسائل علمية حديثية، وقد سجل المجلس، ولعله سينشر في أحد المواقع. وقد استجزت الشيخ فأجازني بارك الله في علمه.
كما عقدت مجالس مع بعض الطلاب الجزائريين، وعقدت مجلسا مع إخوة تونسيين، أما الإخوة الليبيون، فكانوا يتردّدون عليّ مرارا في المسجد النبوي.
واجتمع بي بعض طلاب الدراسات، فكنت أقترح لبعضهم موضوعات للرسائل الجامعية، وأراجع للبعض الآخر خطة بحوثهم.
كما قرأ عليّ أحد الطلاب المحبّين باب الأمر والنهي من مذكرة الشنقيطي رحمه الله.
وممّا قمت به بالمدينة النبوية، المشاركة في الاستراحة –وما أدراك ما الاستراحة- التي أراد المتهوّر تحويلها إلى جراحة، وسأتكلّم عنها في بداية التعليق على كلام الرجل.
ثم سافرت إلى مكة، فزرت بيت شيخنا الهمام إمام الجرح والتعديل الشيخ ربيع، فحضرنا له مجلسا بعد المغرب وكان يوصي الحاضرين بالتمسك بالسنة ونصرة المنهج السلفي، ثم دعانا إلى العشاء، وقد تجلت فيه مظاهر الكرم ومعالي الأدب، ومعاني الفضائل سمة أهل الحديث وبقية السلف.
وزرنا الشيخ المحدث وصي الله عباس، وعقدنا معه مجلسين، وأجرينا معه حوارا، وقد سجّل، وسينشر في مجلة «الإصلاح السلفية»، ويلوح فيه ملامح أهل الحديث من حسن الخلق، السمت، والتواضع، ورحب الصدر، والبشاشة في الوجه، وغيرها التي هي من سمات أهل الحديث حقّا. وقد استجزت الشيخ فأجازني وابني عبد الرحمن، فبارك الله فيه وفي علمه.
وحضرت دروس الشيخ عبد العزيز الراجحي في التفسير، وحضرت آخر درس للشيخ عبد الكريم لخضير في شرح كتاب المحرر في الحديث.
ثم ذهبت إلى بيت الشيخ المحدث السلفي مولوي إعزاز الحق بن مظهر الحق الرباني الأراكاني البورمي، وكان يسكن في الجبل، فلم أجده، ووجدت تلميذه الشيخ أبا جابر الرباني البورمي، وأخبرني بأن الشيخ سافر إلى جدة لقضاء بعض حوائجه. فجلست مع الشيخ أبي جابر وبعض الطلاب الذين يدرسون عند الشيخ مولوي، وتناولنا معه مسائل علمية ودعوية، وأتانا بشراب، اسمه «دكن»، معروف عند البورميين وكذا الأفارقة، وهو لذيذ، حسبته عصير الموز، وقلت لابني عبد الرحمن: أشرب عصير الموز، فقال: هذا دكن، وهو مقوٍّ جدّا، ولمّا تأخّر الشيخ مولوي، وعزمت على الذهاب، أخبرني الشيخ أبو جابر بأن الشيخ مولوي قد أوصاه بأن يعطيني إجازته في مروياته، وكتب اسمي على مذكرة الإجازة.
لكن عزمت على ملاقاة الشيخ مولوي طلبا لعلو الإسناد، وقطعا للواسطة، فرجعت إليه من الغد بعد العشاء، لأنّ الشيخ كان له درس بعد العشاء، فالتقيته وقد أنهى درسه، وقد رأيته نحيف الجسم، لكنه قوي السمت، كبير الخُلُق والتواضع، عليه سمات أهل الحديث، فجلست إليه، ورحّب بي، ثم قرأت عليه بعض الأحاديث من صحيح البخاري ومن صحيح مسلم، فأجازني وأجاز ابني عبد الرحمن في جميع مروياته
ويعبتر إسناده مما اختص به أهل الهند ومن شاركهم فيه، وإسناده في ثلاثيات البخاري من أعلى الأسانيد اليوم، وقد تشرفت بذلك وفرحت كثيرا، إذ وافق ما أقوم به من تحقيقي لكتاب في شرح ثلاثيات البخاري للعلامة أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الحضرمي الأندلسي المتوفى سنة 777هـ، المسمّى: «الفرائد المرويات في فوائد الثلاثيات» على نسخة فريدة.
ثم سافرت إلى الرياض فأقمت عند أخي الفاضل الكريم بلال
فالتقيت الشيخ سعد الشثري في مسجده، وقد صليت خلفه صلاة المغرب، ثم دعاني إلى بيت والده، فاجتمعنا هناك، وقد أهداني بعض مؤلّفاته، منها تحقيقه لكتاب «روضة الناظر» مع شرحها «نزهة الخاطر العاطر» لابن بدران.
ثم زرت مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية، واطلعت على بعض كنوزه وذخائره من المخطوطات النادرة، ورأيت أصغر مخطوط وأكبر مخطوط في العالم للقرآن الكريم.
ثم رجعت إلى مكّة، فلما قرب الرحيل
زرت مرة أخرى بيت شيخنا الإمام الهمام ربيع السنة لأودعه، فحضرت له مجلسا بعد المغرب، كان يجيب فيه عن أسئلة الحاضرين، ثم دعانا إلى العشاء فاعتذرنا له بارتباطنا بالرحلة، وآذناه بالانصراف، ثم قدّمت له ابني عبد الرحمن فقبّله من رأسه ففرح به الشيخ وقال له: ما شاء الله عبد الرحمن بن عبد المجيد،وأوصاه بالسنة ولزوم المنهج السلفي، ودعا له بالخير. وقبل فراقه سألته مرة أخرى عما قاله الإمام ابن القيم، فقال ليس فيها طعن في الصحابة، ثم قال لي كلمة أحتفظ بها لأمانة المجلس.
هذه خلاصة رحلتي إلى الحجاز، ولم أعتد أن أذكر رحلاتي، لكن اضطرني سفيه القوم. فهذا الذي منعني من قراءة ما كتبه الرجل، والرد عليه؛ وشتان ما بين من كان يتقلب في مجالس الذكر وحلق العلم ولقاء أهله، والاجتماع بالطلاب وبين من كان يتقلب في شبكة العنكبوت لينسج من خيوطها بيتا
{وإنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون}

فحسبكم هذا التفاوت بيننا..... فكل إناء بما فيه ينضح


سبب تهيّج العربي وتهييجه :
بعد رجوعي إلى وطن الأرض، فتحت موقعه المشؤوم على مضض، عالما أن كلامه من قرض، فتجشمت لقراءته، لعلي ألتمس له العذر في براءته، لكن رأيته قد هرّج ومرّج، وأكثر اللجج، وكشف عن حقده الدفين، وحسده العفين.
كلّ ذلك، لأن كاتب هذه الأسطر، شارك في ندوة علمية مع فضيلة الشيخين الكريمين المكرمين محمد بن هادي، وعبد الله البخاري في أرض الطيبة الطيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأثار زوبعة في فنجان، وأجلب بخيل الفتنة ورجلها، وفي كل مرة يترجّلها، وكأن الرجل ما خُلق إلا للفتن، كآكلة الجيف، لا تجتمع إلا حول الجيف. وهذه خلاصة الواقعة التي وقعت على العربي فأوقعته في وحل الجهل والخلط والخبط، ووالله الذي رفع السموات بغير عمد ما رأيت أتفه ولا أسفه، ولا أجهل ولا أخطل منه.
لقد حرص بعض الطلاب الجزائريين البارزين على لقاء بالطلاب الجزائريين في المدينة. فأجّروا مكانا للاستراحة لأنه الأنسب، ودُعي إلى هذه الاستراحة الشيخان الفاضلان المكرّمان محمد بن هادي وعبد الله البخاري، فزادنا شرفا وسرورا أن ألتقي بمشايخ المدينة، فأخبرت الإخوة القائمين على هذه التنظيم، أني سأكون حاضرا، ولا أكون محاضرا، فذهبت مستفيدا لا مفيدا، ففوجئت بحضور الطلاب من جميع الجنسيات، حتى ضاق بهم المجلس، بل لعل من كان خارج القاعة أكثر ممن كان بداخلها، وكان حقًّا عرسًا سلفيًّا، يعجز عن وصفه اللسان، وكنت قد تأخرت عن المجلس ودخول القاعة عمدا، حتى أجلس في المؤخّرة، لكن الإخوة الأفاضل أصرّوا عليّ بالدخول وأن أتقدم إلى المنصة بجنب الشيخين، فتقدمت –بعد إلحاح وإصرار شديدين- احتراما واستجابة لطلبهم، ولعلي أحظى بمجالسة أهل العلم، فبعد إلقاء الشيخ إمام السنة العلامة محمد بن عبد الهادي، أفاجأ بإحالة الكلمة إلى كاتب هذه الأسطر، دون إذن أو علم مسبق- وكانت ذلك أشدّ عليّ وقعا، ولو كلّفت بنقل جبل لكان أهون، ولهذا امتنعت من إلقائها، واعتذر أني جئت حاضرا لا محاضرا، مستفيدا لا مفيدا، وأصررت على الامتناع، وأخبرت الجماعة أن ما قاله الشيخ محمد كان كافيا وشافيا، والأفضل أن يبقى كلامه يسري في عروق الحاضرين بدل أن يُنسَّى بكلمتي. واستنجدت بالشيخ البخاري لينقذني من هذه الورطة، وبقينا بين أخذ ورد، وجزر ومد، قرابة عشر دقائق، ولما تدخل الشيخ محمد وأحال إلي الكلمة، استحييت منه كثيرا، بناء على وجوب احترام العلماء وتقديرهم وعدم ردّ طلبهم، فارتجلت الكلمة، وقد صدّرتها باعترافي وإقراري أني لا أتقدم ولا أتكلم بين يدي أهل العلم، وختمتها بإقراري بقلة بضاعتي واستحيائي من المشايخ والطلاب، ولعل بعضهم أعلم وأقعد مني، لأني تكلّمت بين أيديهم. وقدّمت بحق –ولا أزكي نفسي الأمارة بالسوء- درسا عمليا في أدب طالب العلم، وهو أن يعرف قدره ولا يتجاوز طوره، وألا يتقدم ويتجاسر بين يدي أهل العلم.
ثم ألقى الكلمة الشيخ المكرم عبد الله البخاري، ثم انفض المجلس، وقد غمر الطلبة والمشايخ السرور، وعمّهم القرور، وخرج الجميع متحابين مسرورين ملحّين على تكرار مثل هذه المجالس، وسُرَّ بهذا اللقاء السلفيون في المدينة وفي كل مكان، إلا واحدا، ضاق صدره بهذه اللقاء، فامتلأ قلبه بالأحقاد والأضغان، وأضحى يغلي كالقدر الملآن، فأجمع خيله ورجله وجنّد جنوده ليثير الفتن كوسواس الشيطان، فأهرع إلى بيته –كعادته- المنسوج من خيط العنكبوت، ليعرض بضاعته الكاسدة بالإفك والبهتان، ويتشبّع بما لم يعط بالحماقة والهذيان، وتمسّك بسراب كتخيل الظمآن، وزعم أن ما قاله إمام الفرسان ابن القيم رحمة الله يعد طعنا في الصحابة عليهم الرضوان، فصال وجال كالدخان، يرقى إلى أوج الرفيع ثم يهوي إلى قعر حضيض دان.
وسأبين في هذه التعليقات مدى جهل الرجل بأيسر قواعد العلم، وشذوذه عن العلماء. وأنه أضل من حمار الحكيم.
قال حمار الحكيم تومَا ... لو أنصفوني لكنت أركب
لأنّني جاهل بسيط........ وراكبي جهله مركّب

أما بقية سفاهاته وحماقاته فسأعرض عنها، لأن الوقت –والذي لا إله إلا هو- أنفس من صرفه في الاشتغال به.

يتبع....



منقول التصفية و التربية
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-08-2012, 07:22 PM
أبو عبد الرحمن العكرمي أبو عبد الرحمن العكرمي غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 407
شكراً: 12
تم شكره 14 مرة في 13 مشاركة
افتراضي

بوركت أخي هواري

و جزى الله عبد المجيد جمعة خيراً ...
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-10-2012, 10:13 AM
رضا عثمان المرساوي رضا عثمان المرساوي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 72
شكراً: 0
تم شكره 7 مرة في 7 مشاركة
افتراضي

بوركت أخي هواري

و جزى الله الشيخ الوقور عبد المجيد جمعة خير الجزاء
__________________
www.rabee.net
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-12-2012, 08:54 PM
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 53
شكراً: 8
تم شكره 5 مرة في 3 مشاركة
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى أبو عبد الواحد هواري بومدين السعيدي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الواحد هواري بومدين السعيدي
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


التعليقات
على ما ورد في كلام العربي من التخليطات والتغليطات

الحلقة الثانية







(...تابع )

وأستدرك شيئا فاتني وهو : أننا دُعينا إلى الجلسة الثانية بعد جلسة الاستراحة، وكانت بمناسبة وليمة العقيقة للشيخ العميسان، فتأخرت عنها متعمدا لئلا أبتلى بما بليت به في جلسة الاستراحة
فذهبنا أنا والشيخان الفاضلان الكريمان عمر الحاج مسعود وعبد الحكيم دعاس، وللإشارة فإن الشيخين كانا حاضرين في جلسة الاستراحة، وقد أحلت إليهما الكلمة التي أحيلت إلي فامتنعا، وهذا من أدبهما وتواضعهما.
قلت: ذهبنا متأخرين متحرين انتهاء كلمة الشيخين الفاضلين، محمد وعبد الله، لكن وصلنا، وفضيلة الشيخ محمد لا يزال يلقي كلمته، وألفينا القاعة قد ضاقت بالحاضرين، فدخلنا متسترين، وجلسنا في مؤخرة القاعة، وجلست مطأطأَ الرأس، ففوجئت بأنه قد تفطن لنا، فما برحت حتى وقف عند رأسي الشيخ العميسان، والتف الحاضرون برؤوسهم حولنا، فأمرني الشيخ العميسان بأن أتقدم إلى المنصة، وأخذ بيدي، فامتنعت، وقلت: أرجو ألا تحرجني. ثم قال لي: إن الشيخ عبد الله يدعوك لأن تتقدم، فأصررت على الامتناع حتى لا ألدغ من الجحر مرتين، وإني أعتذر إلى الشيخين المحترمين العميسان وعبد الله على ما صدر مني.
كل هذا، ليعلم ذاك المغرور، الغمر المغمور، أني لا أطمع في الشهرة وحب الظهور، ولا أركب الصعب والظهور، لأن حب الظهور يقسم الظهور.
كما أستدرك أمرا آخر : وهو أنني لما ذهبت إلى الشيخ المحدث مولوي مع أحد الإخوة الفضلاء، وجلسنا إليه، ولما خرجنا من عنده، قال لي صاحبي: سبحان الله هذا الشيخ كنت دائما أراه في حلقة الشيخ ربيع.
فانظر رعاك الله إلى أدب أهل الحديث وتواضعهم، محدث بورمة كما يلقب، يحضر مجالس شيخنا ربيع سلمه الله، ولا أحد يعرفه. ثم قارن بمن ينتسب إلى أهل الحديث بالزور، كالمتشبع بمن لم يعط، فهو لابس ثوبي زور.
وقبل أن أشرع في بيان مغالطاته، أحبذ أن أقدم هذا التعليق، لينبئك عن قدر الرجل، ومستواه العلمي، ويطلعك عما وراءه من جهل مركب.
قال العربي: بدأ كلمته بلحن لغوي أظنه جعل الشيخ الفاضل محمد بن هادي يعرض عن الإصغاء لباقي حديثه، وأراد جمعة أن يقلد العلامة الألباني فلم يسعفه اللسان، حيث قال جمعة: (فالحَقَّ والحَقُّ أقول)، والصواب كما كان ينطقها العلامة الألباني دائما على الجادة: (الحَقُّ والحقَّ أقول).

أقول: والتعليق على هذا الكلام من وجوه:
أولها: أن الرجل، وظني به أنه لا يحفظ كتاب الله، بل لعله لا يحفظ الربع الأخير من القرآن، أو على الأقل لا يحفظ سورة (ص)، بل لا يستحضر الآيات القرآنية التي تدور على ألسنة الخطباء والمدرسين، فزعم أن الكلمة اقتبستها من كلام الشيخ الألباني رحمه الله، هكذا جهلا بكتاب الله، في حين أن أكثر الناس، بل صغار طلبة العلم، يعلمون أنها مقتسبة من قوله تعالى في سورة (ص) الآية: 84 {قال فالحقّ والحقّ أقول}.
ومما يؤكد ما ذكرت ويزيد في الطين بلة، وعلى الطنبور نغمة، أنه قال في موضع آخر: فقد ذقت بك ضرعا. كذا قال، بالضاد، وهي مقتبسة من القرآن الكريم لكن بلفظ: ذرعا، بالذال. قال تعالى في سورة في سورة هود: {ولما جاء رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا}، وقال في سورة العنكبوت: {ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا} الآية.
الثاني: قوله: بدأ كلمته بلحن لغوي... وهذا يدل على جهله بالقراءات وباللغة، بل هي صحيحة قراءةً وإعرابًا.
قال العكبري في التبيان في إعراب القرآن (2/1107):وأما الحق الثاني فنصبه بأقول، ويقرأ بالرفع على تقدير تكرير المرفوع قبله أو على إضمار مبتدأ. أي قولي الحق، ويكون أقول على هذا مستأنفا موصولا بما بعده، أي أقول لأملأن.
وقال الأصبهاني في إعراب القرآن (352): ويجوز رفعه على الابتداء. و(أَقُولُ) الخبر، و(الهاء) محذوفة؛ كأنّه قال: والحقُّ أقوله، كما قال امرؤ القيس:
فَلما دَنَوتُ تسديتُهافثوبٌ نسيتَ وثوبًا أجُر
يروى: فثوبٌ وثوبًا بالرفع والنصب، فالرفع على ما ذكر لك، والنصب على أنّه مفعول مقدم.
وقال الشوكاني في فتح القدير (4/512): وروي عن ابن عباس،ومجاهد أنهما قَرءا برفعهما، فرفع الأول على ما تقدم، ورفع الثاني بالابتداء، وخبره الجملة المذكورة بعده، والعائد محذوف.
الثالث: هب أنه لحن، فاللحن لا يكاد يسلم منه أحد، ولم أدّع يوما ما أنني لا ألحن، فلا ألام على ذلك، والعبرة بالرجحان، وحسبك أنه وقف على لحن واحد في كلمة ارتجلتها بحضرة الكثير، وذلك مبلغه من العلم، وقد علمت أن العبارة صحيحة قراءة وإعرابا. ومن جهل شيئا عاداه.
لكن جهلت وكم في الجهل من ضرر
لكن الذي يلام ويؤاخذ هو من يدعي أن العربية تجري في عروقه، ثم لا يراعي أدنى قواعد النحو والإملاء. وأنا لم أتتبع كلامه لأصطاد عثراته، كما دأب عليه الرجل، وإنما وقفت على بعض الأخطاء الفاحشة عرضا، ينبئك عما وراءه، ويدلك على مستوى هذا الأنيس في اللغة.
قال العربي:إن عبد المجيد جُمعة جعل سلفَ الظاهرية البدعية همُ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرون.كذا قال
وقد ضبط كلمة:أصحاب بالضم، ورفع: الطاهرون، وصوابه: أصحابَ بالنصب لأنه مفعول ثان، والطاهرين، بالنصب، وهو بدل أو عطف بيان، لأن فعل جعل -وهو من أفعال القلوب- ينصب مفعولين.
قال الرجل: فقد ذقت بك ضرعا. كذا بالضاد المعجمة، وسبحان الله ما علمت أن للرجل ضرعًا؟ وليت شعري هل سيكون يوما ما مرضعًا. والجادة: ذرعا، بالذال المعجمة.
وقال الرجل: ( أما أنا العبد الفقير فالسّكوت في حقي محضورٌ.) كذا بالضاد المعجمة، وصغار الطلبة يكتبونها: محظور. ولا يدعي أن ذلك من السبق، لأن الضاد، موقعها من لوحة المفاتيح أقصى اليسار على جهة العلو. والظاء موقعها أقصى اليمين من جهة الأدنى، فهو بعيد عن اللغة كبعد الضاد على الظاء.
صارت مشرقة وصرت مغربا ..... فشتان بين مشرق ومغرب
وهي تشبه (ضن الشلفي) الذي كتبها غير مرة بالضاد المعجمة ودون شولة، وليس ظن، بالظاء بالشولة، كما يعرفها الأطفال في المرحلة الابتدائية. ولله في خلقه شؤون، كيف يشابه القلوب.
ومن هنا فإني أنوه وأشيد بما كتبه أخي الفاضل خالد حمودة، فقد كانت مقالاته محمودة، ويده على رقبة هذا المتعال المتعالم ممدودة، فقد هتك ستره، وكشف عوره، وضيّق المجاري في عروقه، وكان شوكة في حلوقه. فجزاه الله خيرا.
الرابع: قوله: ( كما كان ينطقها العلامة الألباني دائما على الجادة: (الحَقُّ والحقَّ أقول). وهذا أيضا يؤكد جهل الرجل بالقراءات وباللغة، فإنه قد قرئ: الحقَّ، بالنصب فيهما، وهي قراءة سبعية.
ثم قارن أخي القارئ المنصف من الناحية اللغوية، بين من ارتجل كلمة من غير علم مسبق، وبين من بات يتقلب في برنامج الشاملة ليسرق الكلمات والعبارات وينسبها لنفسه، نسخا ولصقا، دون التمييز بين السليم والمصحف
وكل من ادعى ما ليس فيه فضحته شواهد الامتحان
الخامس: قوله: ( أظنه جعل الشيخ الفاضل محمد بن هادي يعرض عن الإصغاء لباقي حديثه.)
أقول: سبحان الله ما كنت أعلم أن الرجل خبير بالأحوال النفسية، حتى ظن أن الشيخ الفاضل محمدا أعرض عن سماع بقية الكلمة، بل ما كنت أعلم أن الرجل يملك الأقمار الاصطناعية، حتى رأى من بيته بالجزائر الشيخ الفاضل محمد بن هادي–وهو بالمدينة، وبينهما مفاوز-، وهو يعرض عن سماع لبقية الكلمة، أم الرجل، لعله مجنون له علاقة بالجنون، يرسلهم لاستراق السمع، فأخبروه بحال الشيخ الفاضل.
وما هو تفسيره لثناء الشيخ الفاضل محمد بن هادي على الكلمة.
أقول: عجلت بهذا التعليق ليعلم المستوى العلمي للرجل، ويكون القارئ على دراية بحاله، وأن الرجل جاهل بكتاب الله، جاهل بالقراءات، جاهل باللغة، عالم مجتهد وخبير كبير بالأحوال النفسية، والأحسن له أن يشتغل بالطب النفسي، بدلا أن يضحك سن القراء بحماقاته.
ثم بعد هذا، يصف الرجل الكلمة بأنها ركيكة، وما أسهل الدعاوي على لسان الرجل؟ فأين هي الركاكة؟، وهل يدري الرجل معنى الركاكة في الأسلوب بلاغة؟ وبعض عبارات الكلمة إما مقتبسة من القرآن –لا كما زعم- وإما من الحديث، وإما من كلام ابن القيم، رغم ارتجالي للكلمة.
وإذا كانت الكلمة ركيكة فلماذا سرقت عبارة صريحة فصيحة ولم يثبت أنه قد استعملها
وهذا غيض وما ينتظر العربي فيض
( يتبع )
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-15-2012, 09:39 AM
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 53
شكراً: 8
تم شكره 5 مرة في 3 مشاركة
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى أبو عبد الواحد هواري بومدين السعيدي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الواحد هواري بومدين السعيدي
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


التعليقات
على ما ورد في كلام العربي من التخليطات والتغليطات

الحلقة الثالثة





(...تابع )


وقبل أن أرد على تغليطاته، وأكشف عن جهالاته، لا بد من بيان حاله، حتى يدرك القراء الكرام، هل مثله يؤخذ عنه العلم، ويسمع قوله؟!
لقد قال شيخ السنة الشيخ عبيد الله الجابري سلم الله في العربي قول الفصل ليس بالهزل:
(1) كذاب.
(2) نصاب.
(3) لعاب.
(4) دجال.
(5) لا تغتروا به.
(6) ولا تأخذوا عنه.
(7) دعوا عنكم هذا الدجال النصاب اللعاب. يعني هذا أنه متروك.
والشيخ عبيد -حفظه الله- بصير بأحوال الناس، ينطق بالحكمة، وينظر بالفراسة، ويحكم بالعدل، وقد شهد له (العربي المتهم) بأنه حكيم الدعوة. ولهذا قلما تخطئ سهامه كبد المنحرفين، ومن تكلم فيه فتربص حاله بعد حين، ستكشف لك الأيام -ولو بعد أعوام-: هل الشيخ عبيد يتكلم على علم وبصيرة أم يتكلم بالهوى –وحاشاه-؟
وقد كانت كلمة الشيخ عبيد -حفظه الله- قذى في عين العربي وشوكة في حلقه، حيث كشفت أمره، وقسمت ظهره، حتى خبط خبطة عشواء، في ظلماء، فصار يهذي ويهرف، ويتكلم بما لا يعرف، ويتعهد التهم العارية
فاتهم كاتب هذه الأسطر والشيخ عبد الغني عوسات أننا نحن من وَشينا الكلام إلى الشيخ عبيد، فقال ما قال
ثم طاش عقله، وصار يتهم بمؤامرة حيكت بالمدينة، وقد فشلت. هكذا صار يهذي بما لا يدري، ويضرب أخماس في أسداس، ومعلوم أن الذين التقوا بالشيخ الربيع في بيته هم مشايخ العاصمة، الشيخ فركوس والشيخ عبد الحكيم دهاس والشيخ عبد الغني والشيخ عز الدين، والشيخ توفيق والشيخ نجيب، والشيخ عبد الخالق وكاتب الأسطر، ووالله الذي لا إله غيره ما ذكر الرجل، ولو بعشر معشار كلمة، والإخوة على قيد الحياة، ويمكن مراجعتهم.
والجواب عمّا ذكره من وجوه:
أولها: أني أقسم بالله الذي لا إله إلا هو وبأيمان مغلظة، أن ذلك ليس بصحيح، وأننا صحيح اجتمعنا مع الشيخ، لكن لم يخطر ببالنا الرجل، ولم نذكره ولو ببنت الشفة. ولقد كان حاضرا في المجلس فضيلة الشيخ محمد بن هادي وفضيلة الشيخ عبد الله البخاري والشيخ عز الدين رمضاني والشيخ عبد الغني، ومن أراد أن يتأكد ويتحرى، فليراجع واحدا من هؤلاء، بل يراجع الشيخ عبيدا نفسه، وهم جميعا أحياء يرزقون، وفسح الله في أعمارهم، ولله الحمد.
الثاني: أن هذا يتضمن الطعن في الشيخ عبيد - سلمه الله - إذ يلزم منه أنه يتقبل التلقين، وأنه يتكلم بما ينقل إليه دون تثبت وتروٍ، لا سيما في مثل هذه المسائل الخطيرة، وكل من يعرف الشيخ يقطع ببطلان ذلك.
الثالث: أن سياق كلام الشيخ عبيد، يبيّن أنه على دراية كبيرة بحال الرجل، لاسيما وقد عدد أوصافه، وحسبك أنه ذكر نسبه، وقد كنا نجهله.
والحق والحقُّ أقول: إنّ كثيرا من المشايخ والدعاة، يتهمون الرجل بالكذب، وأثبتوا عليه ذلك.
ثم إن الرجل قد أقر على نفسه بهذه التهمة حيث قال بلسانه، وخَطّه ببنانه:
«إن عبد الحميد العربي قد تاب من الكذب...».
وهذا إقرار، والإقرار سيد الأدلة كما يقول الفقهاء.
ونظيره لو قيل: إن فلانا قد تاب من الكذب...، فإنه يتضمّن أيضا أنّ الفلان متّهم بالكذب، إذ لا معنى أن فلانا تاب من فعل ما إلا وهو متلبس به.
وقد حاول العربي ردّ كلام الشيخ عبيد - حفظه الله - بحجج واهية، منها:
أنه جرح غير مفسر: وهذا يدل على قدر علم الرجل بعلوم الحديث الذي ينتسب إلى أهله زورا وكذبا. فهل قول الراوي في الرجل: كذاب، هو غير مفسر؟! أليس وصفه بالكذب تفسيرا وتفصيلا لحاله؟!
ومنها أنه قعد قواعد لم يسبق إليها، حيث قسم مراتب العلماء الذين يقبل جرحهم والذين لا يقبل إلى ثلاث مراتب. وجعل رتبة الشيخ عبيد – ظلما - الثالثة. أي ممن لا يقبل قولهم إلا مفسرا على قاعدة العربي، وهو مجتهد مطلق في تقعيد القواعد.
والجواب عن هذا من وجوه.
أولها: أن أهل الحديث قسموا طبقات المجرحين إلى ثلاثة أقسام: المتشددين، والمعتدلين، والمتساهلين. ولم يعرف عنهم هذا التقسيم الذي انفرد به العربي.
الثاني: أنه قد علمت أن قول الشيخ عبيد - حفظه الله - مفسر، لاسيما إذا انضاف له الأوصاف الأخرى.
الثالث: هب أن جرح الشيخ عبيد - سلمه الله - غير مفسر، فلا شك أنه من العلماء الربانيين الذين يتكلمون في مثل هذه المسائل عن علم وعدل وبصيرة، وقد شهد له بذلك أهل العلم، فمثله لا يحتاج في تجريحه إلى تفسير.
وقد عقد الحافظ الخطيب البغدادي بابا في هذا فقال في كفايته (107): «باب القول في الجرح هل يحتاج إلى كشف أم لا؟ حدثني محمد بن عبيد الله المالكي قال: قرأت على القاضي أبي بكر محمد بن الطيب قال: الجمهور من أهل العلم: إذا جرح من لا يعرف الجرح، يجب الكشف عن ذلك، ولم يوجبوا ذلك على أهل العلم بهذا الشأن. والذي يقوى عندنا ترك الكشف عن ذلك، إذا كان الجارح عالما. والدليل عليه نفس ما دلّلنا به على أنه لا يجب استفسار العدل عمّا به صار عنده المزكّى عدلاً، لأنّنا متى استفسرنا الجارح لغيره، فإنما يجب علينا لسوء الظن والاتهام له بالجهل بما يصير به المجروح مجروحا، وذلك ينقض جملة ما بنينا عليه أمره، من الرضا به والرجوع إليه، ولا يجب كشف ما به صار مجروحا، وإن اختلفت آراء الناس فيما به يصير المجروح مجروحا، كما لا يجب كشف ذلك في العقود والحقوق، وإن اختلف في كثير منها والطريق في ذلك واحد. فأما إذا كان الجارح عاميا، وجب لا محالة استفساره».
الرابع: هل كان العربي يرمي الشيخ عبيدا - سلمه الله - بما رماه به الآن قبل أن يتكلم فيه؟ هل معنى هذا أن الشيخ عبيدا حكيم الدعوة من قبل، وأما من بعد فلا يؤخذ قوله إلا مفسرا؟
والرجل قد زعم أنه تاب، وأناب، وقد اتفق العلماء على أن شرط التوبة: الندم على الفعل، والإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العودة إلى الفعل، وقد قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} الآية، ونحن نعلم أن التوبة بيد الله، وقد أمرنا أن نأخذ بالظواهر، والله يتولى السرائر.
فقارن بين هذه الشروط وبين أفعال العربي، فهل عمل صالحا أو سعى للإصلاح بعد كلام الشيخ عبيد - سلمه الله -؟ فلقد أكثر من الطعن في الشيخ عبيد - حفظه الله - من طرف خفي، وأكثر من الغمز والهمز، بل لا يزال يثير الفتن ويوقظها ويوقدها، فهو بحق «أبو الفتن».
هذا، وإذا علم ذلك؛ فالكذاب، لا يؤخذ عنه العلم، ولا يسمع قوله، ولا تقبل روايته، مهما كثرت وتعددت، وإن بلغت ألف ألف، وإن رام مريدوه وحثالته دفع الجرح عنه، وتغطية القرح، فقد راموا المحال من الطلب، فمثلهم كمثل الذي يدفع الذباب عن الجيفة، فإذا طردها من موضع تحولت إلى موضع آخر، وأبت إلى اللصوق بها.
وقد أسند الخطيب البغدادي في الكفاية (116) إلى الإمام مالك إمام دار الهجرة أنه قال: «لا تأخذ العلم من أربعة، وخذ ممن سوى ذلك، لا تأخذ من سفيه معلن بالسفه وإن كان أروى الناس، ولا تأخذ من كذاب يكذب في أحاديث الناس، إذا جرب ذلك عليه، وإن كان لا يتهم أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من شيخ له فضل وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث»، ولم يخالف الإمام مالكًا أحد.
وقال الإمام الشافعي في رسالته (369): «ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا: منها أن يكون مَنْ حدَّثَ به ثقة في دينه، معروفاً بالصّدق في حديثه». وأسند إلى الفضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم قال: «العدل في المسلمين من لم يظن به ريبة». الكفاية (78).
وأسند إلى علي بن إبراهيم المروزي، قال: سئل ابن المبارك عن العدل، فقال: «من كان فيه خمس خصال: يشهد الجماعة، ولا يشرب هذا الشراب، ولا تكون في دينه خربة، ولا يكذب، ولا يكون في عقله شيء» الكفاية (79).
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/289): سمعت أبي يقول: «سمعت يحيى بن المغيرة قال: سألت جريرا عن أخيه أنس فقال: لا يكتب عنه فإنه يكذب في كلام الناس، وقد سمع من هشام بن عروة وعبيد الله بن عمر، ولكن يكذب في حديث الناس فلا يكتب عنه».
ثمت أوصاف أخرى، ولا أشير إلى الأوصاف الأخلاقية، فالرجل بينه وبين ربه عز وجل، وأسأل الله عز وجل أن يجمّلنا بلباس الستر، وإنما أشير إلى الأوصاف العلمية، منها:
- أنه يكاد يتفق المشرفون على المواقع السلفية أن الرجل يدخل بأسماء مستعارة مختلفة، كمحمد الصغير والدمشقي وغيرهما، وقد جمعها بعض الفضلاء في نظم.
وهذا تدليس، والتدليس أخ الكذب، وهو موجب لرد روايته.
قال الإمام الشافعي في رسالته (378): (ومن عرفناه دلَّس مرّة، فقد أبَان لنا عورَته في روايته).
وبعض مريديه، ممن تربى في أحضان التصوف، وبقيت هذه الخصلة تسري فيه، والعرق دساس، وممن يدافع عنه بالباطل، ويسعى لتبييض وجهه الممرّغ في وحل الجهل والكذب، لا يفرق بين الأسماء المستعارة المتنوعة، وكأنها لأشخاص كثُر، وبين ذكر كنية الرجل، المعروف عنده، وقد كان بعض أهل الحديث، يروي عن بعض شيوخه اكتفاء بذكر كنيته، ومن الطرائف أن في البخاري حديثا مسلسلا بالكنى (2276)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قال: «انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ» وذكر بقية الحديث في قصة اللديغ.
- ومنها السرقات العلمية، ويكاد يتفق أيضا أصحاب المواقع على هذه الخصلة، فالرجل قد جعل من (محرك البحث قوقل) و(برنامج الشاملة) مصدرين أساسيين لكتابة مقالاته، وترويج بضاعته، عن طريق النسخ واللصق، فيقع ما تقع فيه الشاملة من التحريف والتصحيف، دون مراجعة الأصول. ولا أقف عند هذا كثيرا، لأني لست ممن يقرأ بضاعته، حتى أتتبع هذه السرقات، بل أعتبر نفسي أني قد ابتليت بهذا الرجل، كجلد الأجرب، وبليت بقراءة بعض كلامه مع التحمل الشديد، والمضض الكبير.

ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب

قلت: إني لا أتتبع سرقاته، فقد كفانا المؤنة الأخ الطالب أبو عبد الرحمن العكرمي، فقد كشفها، وفضح الرجل في مقاله الماتع: هل عبد الحميد العربي يملك الصناعتين؟.
وأقول: إذا كانت سرقة المال توجب قطع اليد، فإن سرقت العلم توجب قطع العدالة، لأن سرقة العلم أشدّ وأنكى من سرقة المال.
وإن تعجب فالعجب جمّ، أن هذا الرجل، إذا بيّن له ذلك، يصرّ على عناده، ويصمّم على فساده، ويعتذر بأعذار هي أقبح من الذنب. وهذه خصلة أخرى تضاف إلى سجلّ أوصافه، وتوجب ردّ روايته.
قال الأمير الصنعاني في (توضيح الأفكار (2/241): «واعلم أنه يلتحق بتعمّد الكذب في هذا الحكم من أخطأ ثم أصرّ على خطئه، وصمّم بعد بيان ذلك له مما يوثق بعلمه مجرّد عناد».
ذكرت هذه الأمور بين يدي إبطال كلامه، ليعلم أنّ من كان هذا حاله، فإنه لا يؤخذ عنه العلم، ولا يسمع لقوله، وليس له أن يتكلّم في المسائل العلمية، والوسائل الدعوية.
بل ينبغي له - لو كان عاقلا - أن يشتغل بنفسه، ويتوب إلى ربّه، ويصلح أحواله، بدلا من أن يشتغل بغيره، ويتصيّد عثراته.

(... يتبع)
__________________
قال ابن القيم -رحمه الله- (في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفة الله )
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-09-2012, 04:07 PM
أبو عثمان زين الدين الباتني أبو عثمان زين الدين الباتني غير متواجد حالياً
زائر
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 365
شكراً: 0
تم شكره 26 مرة في 25 مشاركة
افتراضي الحلقة الرابعة

( الحلقة الرابعة )
(...تابع )
لقد صدرت مني كلمة أثناء مداخلتي –مجبرا، ومكره أخوك لا بطل- في جلسة الاستراحة بالمدينة عند تعليقي على حديث ابن عمر: « وطائفة قالت: لا نصلي إلا في بني قريظة »، فقلت: هؤلاء سلف الظاهرية.
فاهتبلها الرجل فرصة سانحة وغنيمة باردة للطعن والغمز والهمز، وكان الأجدر به، أن يقدم نصيحة في طبق من ذهب متحليا بالإنصاف متخلّيا عن الاعتساف، لاسيما أنه لما بلغني كلامه مجملا، بادرت إلى إظهار حسن النية، فكتبت كلمة مختصرة، نشرت في هذه المنتدى المحروس، أفصحت فيها، أنه لو تضمنت هذه الكلمة طعنا في الصحابة فأنا أتراجع عنها، وحكيت كلام شيخنا الإمام ربيع -سلمه الله- أنها لا تتضمن طعنا. وعمدت الاستشهاد بكلام شيخنا ربيع، لأن الرجل دائما يتظاهر أمام الشيخ -سلمه الله- بالإكرام والاحترام، وقصدي وراء ذلك أن أتقي شر هذا المجادل العنيد، والخصم اللديد، لقوله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ شَرَ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ، أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ، اِتِّقَاءَ فُحْشِهِ ».
فبدلا أن يتعقل ولا يجهل، لكن الرجل، فاجر في الخصومة، وفاه بكلام، لم يقله في ابن العلقمي ولا في الخميني، وظنَّ –ظن السوء، وعلى الضان دائرة السوء- أن تلك الكلمة التي نشرت، كانت عن ضعف مني، وجَهِلَ أنّ السحر قد ينقلب على الساحر، والخزي قد يعود على اللاقس الساخر.
فانبريت لصد عدوانه، ورد هذيانه، وإن كان –والذي نفسي بيده- لا يستحق الرد، وأن الوقت أثمن من اشتغال بحماقاته وجهالاته، وحسبك أن الرجل –وقد علمت-
ساقطٌ من حيث العدالة، إذ تبيّن كذبه
وساقط من حيث العلم، إذ تبيّن أن أكثر مقالاته هي مسروقة من غيره
زيادة على جهله
ولله در أخي الحبيب الشاعر الفحل الأديب، أبي عبد الرحمن العكرمي الذي كشف كذب هذا السارق المارق.
وأقف مع الرجل في النقاط الثلاث:
الأولى: أن قول: « سلف أهل الظاهر » يتضمن الطعن في الصحابة.
الثانية: التفريق بين كلمة أهل الظاهر وبين الظاهرية.
الثالثة: أن أهل الظاهر مبتدعة.
أما النقطة الأولى:أن قول: « سلف أهل الظاهر » يتضمن الطعن في الصحابة
فالجواب عنها من وجوه:
أولها: أنه سبق أن قلت: إنّ الكلمة مقتبسة من كلام ابن القيم، والرجل لا يخلو من إحدى الحالتين:
إما أنه : لم يكن يعلم أن الإمام ابن القيم قد قالها، وهذا ما أجزم به.
وإما أنه : كان يعلم ذلك.
فإن كان لا يعلم أن صاحب الكلمة هو ابن القيم رحمه الله -وإن كنت لا تدري فتلك مصيبة- فهذا يدل على أن الرجل لا عناية له بقراءة كتب ابن القيم، والاقتباسِ من أسلوبه ومحاكاتِه، خلافا لما يدعيه كذبا أن كتب ابن القيم أنيس له، فإنه لم يوجد أثر أسلوب ابن القيم في مقالاته ولا في عباراته إلا ما كان مسروقا ثم فضحه الله تعالى كما في قصة « جهد المقل »، بل هو جهد المخل والمختل.
وإن كان يعلم أن ابن القيم قد قالها، فهذا يدل على أحد الأمرين:
إمّا أنه : كان يعتقد أن الكلمة لا تتضمّن الطعن في الصحابة، ولهذا سكت عنها ولم يعلّق عليها منذ أمد، لكن لما صدرت من كاتب هذه الأسطر استحالت إلى الطعن في الصحابة.
وإما أنه: كان يعتقد أنها قد تضمن الطعن في الصحابة –وهذا ما أنفيه قطعا حسن ظن بالرجل-، وسكت عن ذلك، إلى أن صدرت مني، فحمّلني هذه المسؤولية دون الإمام ابن القيم -رحمه الله- وغيره من العلماء.
ثم ألزمه أيضا بما ألزمه به أخونا الفاضل بوفلجة، الذي أثلج صدور القراء المنصفين بمقاله في ردّه على تخليطات العربي.
وخلاصته بأحد الاحتمالين لا ثالث لهما: إمّا أننا نتحمل جميعا –أنا وابن القيم ومن تبعه من أهل العلم قديما وحديثا مما علمناهم ومما لم نعلمهم- الطعن في الصحابة. وتخصيصي دون الآخرين من الجور والظلم ما لا يخفى.
وإمّا أنّه لا يؤاخذ الجميع لسلامة العبارة من الطعن في الصحابة، وإنما يؤاخذ العربي بجهله وسوء فهمه، وهذا الذي أجزم وأقطع به ألف ألف مرة.
وكم من عائب قولا صحيحا...... وآفته من الفهم السقيم
الثاني: أن ما قاله الإمام ابن القيم قد تابعه غيره، وصدرت صريحة من بعض أهل العلم، وذكر أعيانهم أخونا الفاضل بوفلجة، جزاه الله خيرا،
وأضيف إليهم بالدلالات الثلاث: كل من قرأ كتاب إعلام الموقعين، منذ أن خرج الكتاب إلى الوجود إلى يومنا هذا، ومر على هذه الكلمة، ومنهم شيخنا العلامة ابن عثيمين-رحمه الله- الذي قرأ الكتاب، ولخصه واستنبط منه الفوائد، ومنهم شيخنا ربيع -حفظه الله- فقد سألته مرتين، وقال: ليس فيها طعن.فهل هؤلاء الفرسان في الميدان، خفيت عليهم هذه الكلمة، أو لم يفهموا منها الطعن في الصحابة، حتى جاء هذا المجتهد المجدد، البصير النحرير عبد الحميد العربي، فكشف اللثام عنها، وبيّن أنها تتضمن الطعن في الصحابة؟!
الثالث: أن سلفي في هذه الكلمة هو الإمام ابن القيم -رحمه الله- وهؤلاء الأعلام الذين نقلوا هذه العبارة إما عزواً وإما اقتباساً وإما إقراراً. ومن سلفه فيما تفوّه به؟! وليذكر واحدا من العلماء نصّ صريحاً بأنها طعن في الصحابة. نعم سلفه في ذلك جهله المركب، وفهمه السخيف، وغلّه الشديد وحقده الدفين الذي احترق به قلبه، فظهر على صفحات مقاله.
وقال المسكين: « متى كان الصحابةُ الكرامُ سلفَ الظاهرية المبتدعة يا دكتور!، إنها كلمة أنت قائلها ومن ورائها إساءة للصحابة الكرام، وليس لك فيها سلف، وأي قول قيل في الإسلام لم يقله أحد من السّلف فهو باطل حتما كما قال شيخ الإسلام ». فبنت الصفا تجيب عن سماع.
الرابع: أن هذه العبارة لا تتضمّن الطعن في الصحابة، كما جزم بذلك الشيخ ربيع سلمه الله، وحسبك أنه لم يقل بذلك أحد، وبيانه:
أن كلمة « السلف » يعني بها القوم المتقدمون السير، كما قال ابن منظور في لسان العرب، فمعنى هذا أن هؤلاء الصحابة قد سبقوا أهل الظاهر في تمسّكهم بظاهر النص، وأن هؤلاء الظاهرية، قد استدلوا بفعل هؤلاء الصحابة في أخذهم بظاهر النص، وعدم الْتِفَاتِهم إلى القياس. ولا ينكر أحد أن الصحابة قد أخذوا بظواهر النصوص إلا من جهل سيرتهم، ولم يقف على آثارهم.
الخامس: هب أن الأمر محتمل -وأجزم وأقطع أن اللفظ لا يتضمن الطعن في الصحابة ولو سوّد وجهه بالمداد وسرق المقالات حتى ختم العداد- فلماذا التمسك باللفظ المحتمل المتشابه، وترك اللفظ البين الصريح في ثنائي على الصحابة بداء بالحث على الرجوع إلى علومهم في صدر الكلمة، وانتهاء بالحث على اتّباع سبيلهم، وقولي في بيان فوائد الحديث: وفيه الرد على الروافض الذين جعلوا دينهم الطعن في الصحابة.
وهل هذه إلا طريقة أهل البدع في اتباع المحتمل المتشابه وترك المحكم الواضح، وصدق الله تعالى: { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ }.فالرجل، ينظر بعين الحقد والحسد والسخط، ولكن عين العدل والإنصاف فهو أعمى.
السادس: أن الإمام ابن القيم -رحمه الله- قال في سياق العبارة السابقة (إعلام الموقعين (1/156): «وهؤلاء سلف أهل الظاهر، وهؤلاء سلف أصحاب المعاني والقياس» ، فهذا يلزم منه أيضا على فهم العربي السقيم وجهله العقيم، الطعن في الصحابة، لأنه جعل الصحابة، سلفا لأصحاب القياس،وقد قال الإمام ابن القيم نفسه فيهم -أعني أصحاب القياس- في الإعلام (1/263): «وأما أصحاب الرأي والقياس فإنهم لمّا لم يعتنوا بالنصوص ولم يعتقدوها وافيةً بالأحكام ولا شاملةً لها، وغلاتهم على أنها لم تَفِ بعُشر معشارها فوسّعوا طرق الرأي والقياس، وقالوا بقياس الشبه، وعلّقوا الأحكام بأوصاف لا يُعلم أنّ الشارع علّقها بها، واستنبطوا عللاً لا يُعلم أن الشارع شرع الأحكام لأجلها، ثم اضطرّهم ذلك إلى أنّ عارضوا بين كثير من النصوص والقياس، ثم اضطربوا فتارة يقدّمون القياس، وتارة يقدّمون النصّ، وتارة يفرّقون بين النص المشهور وغير المشهور، واضطرّهم ذلك أيضا إلى أن اعتقدوا في كثير من الأحكام أنها شُرعت على خلاف القياس ،فكان خطؤهم من خمسة أوجه:
أحدها: ظنّهم قصور النصوص عن بيان جميع الحوادث.
الثاني: معارضة كثير من النصوص بالرأي والقياس.
الثالث: اعتقادهم في كثير من أحكام الشريعة أنها على خلاف الميزان والقياس، والميزان هو العدل، فظنّوا أن العدل خلاف ما جاءت به من هذه الأحكام.
الرابع: اعتبارهم عللاً وأوصافًا لم يعلم اعتبار الشارع لها وإلغاؤهم عللا وأوصافا اعتبرها الشارع.
الخامس: تناقضهم في نفس القياس».
وقال في مختصر الصواعق (50): «ولا يعرض كلامه صلى الله عليه وسلم على آراء القياسيين ولا على عقول الفلاسفة والمتكلمين ولا أذواق المتزهدين».
وقد ذم السلف القياس وأبطلوه ونهوا عنه، قال أبو هريرة لابن عباس: « إذا جاءك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تضرب له الأمثال».
وقال ابن عباس: «من أحدث رأيا ليس من كتاب الله ولم تمض به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدر على ما هو منه إذا لقي الله عز وجل».
وقال ابن سيرين: «القياس شؤم، وأول من قاس إبليس فهلك، وإنما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس».
وقال صالح بن مسلم: قال لي عامر الشعبي يوما، وهو آخذ بيدي: «إنما هلكتم حين تركتم الآثار وأخذتم بالمقاييس».
وغيرها من الآثار السلفية المروية في ذم القياس، وقد ساقها بأسانيدها حافظ المغرب ابن عبد البر في كتابه «جامع بيان العلم» (2/1037) ونقلها الإمام ابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين» (1/191 وما بعدها).
ولا شك أن الأخذ بظاهر النص أولى من الأخذ بالرأي، ومن نظر في المذاهب الفقهية، وأصولها، يدرك أن الظاهرية أشد المذاهب اتّباعا للنص من أصحاب الرأي، كما سيأتي توضيحه، ولا يخفى هذا إلا على من خفي عليه نور العلم، وبقي في حندس ودحمس، يتخبط، ويخلط.
فأي العبارتين أشد؟!فإن قال العربي: إن الصحابة قد استعملوا القياس.
قيل له: وأيضا قد أخذوا بظواهر النصوص، ولعل أخذهم بالظاهر كان أكثر من أخذهم بالقياس.
السابع: هب أن العبارة قد تضمنت الطعن في الصحابة، وأنه لم يقلها أحد من العالمين، وانفرد بها هذا العبد الضعيف، ألن يكفيك أن تحسن الظن بقائلها؟! وتلتمس له أدنى عذر، فلعله أخطأ ولعله سبق لسانه ...إلخ، وأنت تعلم أنه ليس رافضيا خبيثا، وأنه يعظم الصحابة ويترضى عنهم، ويرى وجوب اتباعهم، ولك أن تراجع كتابه « اختيارات الإمام ابن القيم الأصولية » في باب حجية قول الصحابي، بله أثنى عليهم في المجلس نفسه قبل أن يقوم من مجلسه، وينفض الغبار على ثيابه.
ألن يكفيك أن تنبّه على الخطأ نصحا لأخيك برفق وإظهار حسن نية بدلا من إثارة الفتنة، وملأ موقعك بالضجيج والهجيج، وتألبك وتثلبك، وتأليب حثالتك من تلاميذي العاقين المارقين الذين أعرف مستواهم أحسن منك، وتثليبهم ظلما وعدوانا؟!
النقطة الثانية :دعوى التفريق بين أهل الظاهر وبين الظاهرية
قلت سابقا: إن الذي أجزم به أن العربي لم يكن يعلم أن العبارة هي مقتبسة من كلام ابن القيم رحمه الله، ولهذا فوجئ برد أخينا الفاضل بوفلجة، الذي أثلج صدور القراء كما قلت، إلا من أعماه الجهل، واتّبع هواه، حيث بيّن له أن العبارة لابن القيم رحمه الله، وذكر أعيان العلماء الذين وردت على لسانهم، وينضاف إليهم شيخنا ربيع حفظه الله، وكل من قرأ الكتاب ولم يعلق عليها.
وبدلا من أن ينصاع الرجل للصواب، أعرض ونأى بجانبه، وراوغ وكابر، وأتى بثالثة الأثافي، قد يحتاج في بيان جهله نظم القوافي، وليته سكت، و « مَنْ صَمَتَ نَجَا »، حيث فرق بين أهل الظاهر وبين الظاهرية، وما أجهل الرجل باصطلاحات أهل العلم! ولو أقسمت بأيمان مغلظة بجوار الكعبة، أني ما رأيت أحدا يدعي العلم أجهل منه، ما كنت حانثا، وقد ازددت يقينا على يقيني أنه أجهل من حمار أهله، وأضل من حمار الحكيم. والجواب عن هذا الهراء من وجوه:
أولها: من سلفه في التفريق بين أهل الظاهر وبين الظاهرية، فإن كان من اصطلاحه، فمن هو ( حتى يكون لكم قول ) ؟! أم سلفه التكبر والمكابرة.
الثاني: ما ضابط التفريق بينهما؟ وهل معنى أهل الظاهر إلا من يتبع الظاهر ويأخذ به، وهم الظاهرية أنفسهم. قال في لسان العرب ماده «أهل»: وأهل المذهب: من يدين به. وأهل الإسلام: من يدين به.
وسموا أهل الظاهر لأخذهم بظواهر النصوص وادّعائهم أنها غير معللة، ونفيهم القياس. قال أبو زهرة في كتابه «ابن حزم حياته وعصره ...» (258) في معرض كلامه على داود بن علي الأصبهاني: «وإنه بإجماع العلماء أول من أظهر القول بالظاهر، ولذا يقول الخطيب البغدادي فيه: إنه أول من أظهر انتحال الظاهر، ونفى القياس في الأحكام قولا، واضطر إليه فعلا، وسماه دليلا.».
الثالث: أنّ التفريق بين أهل الظاهر والظاهرية، يلزم منه أيضا التفريق بين أهل القياس والقياسين، والتفريق بين الحنفية والأحناف وعلماء الحنفية وأصحاب أبي حنيفة؛ والتفريق بين المالكية وعلماء المالكية وأصحاب مالك، والتفريق بين الشافعية والشافعيين وعلماء الشافعية وأصحاب الشافعي؛ والتفريق بين الحنابلة والحنبليين وعلماء الحنابلة وأصحاب أحمد.وكذلك يلزمه أن يفرق بين: أهل العلم والعلماء، وبين أهل الحديث والمحدثين وبين أهل الأصول والأصوليين وبين أهل التفسير والمفسرين وبين أهل اللغة واللغويين. وهل هذه إلا اصطلاحات أهل العلم، وتنوع عباراتهم؟! ولا يزالون قديما وحديثا، يعبرون تارة بلفظ: (ذهب أهل الظاهر) و (به قال أهل الظاهر) و ( هو قول أهل الظاهر) ومرة يعبرون بلفظ: (ذهب الظاهرية) و (به قال الظاهرية) و(هو قول الظاهرية) ونحو ذلك.وليفرق العربي إذًا بين الظاهرية والظاهريين، والمذهب الظاهري.
وكذا في النسب: يفرق بين أهل الحجاز والحجازيين، وبين أهل مكة والمكيين، وبين أهل المدينة والمدنيين، وبين أهل العراق والعراقيين وبين أهل الشام والشاميين وبين أهل الجزائر والجزائريين وهلم جرا.وهل هذا إلا جهل مطبق، وتفريق بلا مفرق، أوقع العربي في مفترق الطرق.
-وهل يفهم أحد عربي –غير العربي- من قول ابن عباس رضي الله عنهما: «وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجُحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم. قال: «فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمن أهله، وكذا فكذلك، حتى أهل مكة يهلون منها». أن ذا الحليفة ميقات أهل المدينة وليس للمدنيين، وأن الحجفة ميقات أهل الشام، وليس للشاميين؛ وأن قرن المنازل ميقات أهل نجد، وليس للنجديين، وأن يلملم ميقات أهل اليمن، وليس لليمنيين، ومن كان دونهن فهو ميقات أهل مكة وليس للمكيين؟!

الرابع: قال الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (3/78): «وكيف يقدم اعتبار اللفظ الذي قد ظهر كل الظهور أن المراد خلافه؟ بل قد يقطع بذلك على المعنى الذي قد ظهر بل قد يتيقن أنه المراد، وكيف ينكر على أهل الظاهر من يسلك هذا؟ وهل ذلك إلا من إيراد الظاهرية؟»، وهذا نص صريح في عدم التفريق بين أهل الظاهر وبين الظاهرية من الإمام ابن القيم رحمه الله، فدع عنك هراء العربي وجهالاته.


(... يتبع)
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-09-2012, 04:10 PM
أبو عثمان زين الدين الباتني أبو عثمان زين الدين الباتني غير متواجد حالياً
زائر
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 365
شكراً: 0
تم شكره 26 مرة في 25 مشاركة
افتراضي الحلقة الخامسة

(...تابع):
إذا تقرر ذلك فلا فرق إذًا بين قولنا: «سلف أهل الظاهر» وبين قولنا: «سلف الظاهرية»، إلا من كان عمي البصيرة جاهلا بلغة العرب ولسان العلماء واصطلاحهم؟!
فـ«أهل الظاهر» مركَّب إضافي من مضاف وهو «أهل»، ومضاف إليه وهو «الظاهر»، أي أصحاب الظَّاهر، فأضيفوا إلى الظَّاهر؛ لأنَّهم أخذوا به.
والإمام ابن القيم - رحمه الله - عنى بقوله: «سلف أهل الظَّاهر» الظَّاهرية قطعًا، لا كما فهمه سقيم الفهم، بدليل أنَّه قابل ذلك بأصحاب المعاني والقياس. وهل يفهم العربي أنَّ أصحاب المعاني والقياس غير أهل القياس؟!
وأزيد تقريرًا وتأكيدًا لهذا، وكشفًا لجهالات العربي بألفاظ العلماء واصطلاحاتهم؛ أنَّ ابن حزم الظَّاهري نفسَه قد صرَّح في غير موضع بهذا اللَّفظ، أعني «أهل الظَّاهر»، ولم يقصد بذلك غير الظَّاهرية.
قال في مسألة هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أو على الإباحة؟ في «الإحكام في أصول الأحكام» (1/ 52): «...وقال آخرون - وهم جميع أهل الظَّاهر وطوائف من أهل أصحاب القياس - ليس لها حكم في العقل أصلا لا بحظر ولا بإباحة...».
وقال أيضًا في «الإحكام» (4/ 15): «واختلفوا في نوع من أنواع الاستثناء، وهو أن يستثني من الجملة أكثرها، ويبقى الأقلُّ. فأجازه قوم، وهو قول جميع أصحابنا أهل الظَّاهر، وبه نأخذ. وبه قال جمهور الشافعيين...».
وقال أيضا في مسألة الأكل من وسط الطعام في«المحلى» (6/ 102): «في رواية بعض الثقات: «فرأيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتتبع الدُّبَّاء من حول الصَّحفة» فإن هذا خبر صحيح.
وقد قال بعض أهل الظَّاهر: إنَّما هذا في الدُّبَّاء خاصَّة».
وعبَّر أيضا في غير موضع بلفظ «أصحاب الظَّاهر»، فقال في «الإحكام» (2/ 120): «وأمَّا أصحاب الظَّاهر فهم أبعد الناس من التقليد؛ فمن قلد أحدا مما يدعي أنه منهم فليس منهم».
وقال أيضًا (7/ 55): «وذهب أصحاب الظَّاهر إلى إبطال القول بالقياس في الدين جملة».
وقال في مسألة إكمال الذَّبح من «المحلى» (6/ 122): «وقال بعض أصحاب الظَّاهر: إن قطع هذه الأربعة من جهة الحلق حل أكله وإلا فلا».
وبعد هذا النَّقل الصريح عن إمام المذهب الظاهري الذي هو أدرى بمذهبه من غيره؛ ظهر لك فساد سفسطة العربي وهوسه، وتبين لك أن الرجل لا يدري ما يخرج من رأسه.
ثم لفرط عناد الرجل وجهله، وعدم تراجعه عن باطله، ولو جاءته كل حجة، يزعم كذبا - ودون أدنى خجل - أنَّ هذا ليس هو موضع النقاش، فقال: «قال جمعة: أن (كذا، وصوابه: إنّ) قول: «سلف أهل الظاهر» يتضمن الطعن في الصحابة. هذه نقطة استجلبها جمعة إلى النقاش ليواري بها عن انحرافه، وإلا فهي ليست محل نقاش ولا خلاف، ولم يرد ردها في مقالي. والخلاصة: كل ما كتبه جمعة خارج عن محل النقاش.
كذا قال، والرجل كأنه يعيش في غاب، أو يسبح في سراب، والحمد لله؛ فإن كتاباته شاهدة على كذبه؛ فقد عنون بالخط العريض لمقاله السيء - علمًا ولغةً وأدبًا (بمعنييه: الأدب الخلقي والأدب البلاغي) إلا ما كان مسروقا من غيره -: «هل الصحابة الأبرار هم السلف الظاهرية في بدعهم وضلالهم وباطنيتهم وسفههم حوار علمي مع جمعة عبد المجيد وبيان أن كلام ابن القيم لا يسعف القوم ففرق بين أهل الظاهر والظاهرية المبتدعة»، ولا يزال مثبتا في موقعه المشؤوم إلى هذه اللحظة، وكأن الرجل لا يفهم حتى ما كتبه، وقد قال في صدر مقاله: «متى كان الصحابةُ الكرامُ سلفَ الظاهرية المبتدعة يا دكتور! إنها كلمة أنت قائلها ومن ورائها إساءة للصحابة الكرام، وليس لك فيها سلف».
وقال أيضا: «إن عبد المجيد جُمعة جعل سلفَ الظاهرية البدعية همُ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرون».
وقال أيضا: «نعم من صلى في بني قريظة من الصحابة هم سلف أهل الظاهر على مفهوم أهل الحديث، وليسوا سلفا للظاهرية المبتدعة أبدا. وشتان بين العبارتين لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد».
وقال أيضا: «هل القول بالظاهر هو مذهب الظاهرية المبتدعة؟ وبصيغة أخرى، هل حين قال ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين (1/355، طبعة دار الفكر، فصل: كان صحابة النبي يجتهدون ويقيسون): (...وهؤلاء سلف أهل الظاهر، وأولئك سلف أصحاب المعاني والقياس..)، يقصد الظاهرية المبتدعة؟».
وقال: «فالظاهرية ولا أقول أهل الظاهر»، ونحو ذلك.
فهذا كلامه منقول من منتداه المشؤوم، وهو صريح في إنكاره على أنَّ مراد الإمام ابن القيم بقوله: «أهل الظَّاهر» هم الظاهرية، عدم تفريقه بين أهل الظاهر والظاهرية.
والحق أن الرجل لم يستطع الجواب عما أوردت عليه من الإلزامات، بل كشفت عن مدى جهله بلغة العرب وألفاظ أهل العلم (ولعل العربي يقول: العلماء ولا أقول: أهل العلم) واصطلاحهم، فخاد وحاد، وكابر وعاند، وراح يدعي أنه ليس موضع النقاش.
وأين هو موضع النقاش؟! وقد أقام دنيا الفتنة وأقعدها، من أجل كلمة: «هؤلاء سلف الظاهرية».
والسر في ذلك أنه حشر أنفه فيما يجهله ولا يحسنه – ومن تكلم فيما لا يحسنه أتى بالعجائب - وأدخل نفسه في عنق الزجاجة، وقد أصابته شهب وهاجة، وتخبط في ظلمات ثلاث: ظلمة أن الصحابة سلف أهل الظاهر والظاهرية، وظلمة التفريق بين أهل الظاهر والظاهرية، وظلمة أن الظاهرية مبتدعة.
وقد كشفت الظلمتين، بقيت الظلمة الثالثة؛ لعل الرجل يبصر ويزيل عمش المعاندة والمكابرة من عينيه.
قد تُنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ *** وينكر الفم طعم الماء من سقمِ


النقطة الثالثة:
هل الظاهرية مبتدعة؟


قطع العربي بأن الظاهرية مبتدعة، وحولها كان يشنشن ويدندن، وجعلها وليجة للطعن والتفوّه وسوء التقوّل. والتعليق على كلامه من وجوه:
أولها: يتفق أهل العلم والباحثون على أن أهل الظاهر أو الظاهرية، سموا بذلك لأخذهم بظواهر النصوص دون الالتفات إلى المعاني والعلل. قال الشيخ العلامة ابن باز - رحمه الله - في تعريف الظاهرية كما في «مجموع فتاوى ابن باز» (6/ 218): «الطَّريقة الظَّاهرية معروفة، وهي التي يسير عليها داود بن علي الظاهري، وأبو محمد بن حزم، ومن يقول بقولهما، ومعناها: الأخذ بظاهر النصوص وعدم النظر في التعليل والقياس، فلا قياس عندهم ولا تعليل، بل يقولون بظاهر الأوامر والنواهي، ولا ينظرون إلى العلل والمعاني، فسمّوا ظاهرية لهذا المعنى؛ لأنهم أخذوا بالظاهر ولم ينظروا في العلل والحكم والأقيسة الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة».
قال ابن حزم في تعريف الظاهر في «الإحكام في أصول الأحكام» (1/ 42): «والنص هو اللفظ الوارد في القرآن أو السنة المستدل به على حكم الأشياء وهو الظاهر نفسه، وقد يسمى كل كلام يورد كما قاله المتكلم به نصًّا».
ثم عرّف التأويل فقال: «والتأويل نقل اللفظ عما اقتضاه ظاهره وعما وضع له في اللغة إلى معنى آخر فإن كان نقله قد صح ببرهان وكان ناقله واجب الطاعة فهو حق وإن كان نقله بخلاف ذلك اطرح ولم يلتفت إليه وحكم لذلك النقل بأنه باطل».
ومعنى هذا أن الظاهر عند أهل الظاهر هو اللفظ الذي دل على معناه مع احتمال التأويل، وأنه لا يصار إلى التأويل إلا لدليل يدلُّ عليه، وقد عقد بابا في هذا المعنى؛ حيث قال في «الإحكام» (3/ 2): « الباب الثاني عشر في الأوامر والنواهي الواردة في القرآن وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأخذ بظاهرها وحملها على الوجوب والفور وبطلان قول من صرف شيئا من ذلك إلى التأويل أو التراخي أو الندب أو الوقف بلا برهان ولا دليل».
ثم حشد الأدلة من الكتاب والسنة وآثار السلف على وجوب الأخذ بالظاهر، وحمل النصوص على ظواهرها.
وأقدم مثالا واحدا يطلعك على ما رواءه: روى ابن حزم في «الإحكام» (3/ 44) بإسناده إلى عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنها قالت: «ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتأوّل شيئًا من القرآن إلا آيات بعدد أخبره بهن جبريل - عليه السلام -». قال معلقا على هذا الحديث: «فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يتأوّل شيئًا من القرآن إلا بوحي فيخرجه عن ظاهرة التأويل، فمن فعل خلاف ذلك فقد خالف الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد نهى تعالى وحرم أن يقال عليه ما لم يعلمه القائل، وإذا كنا لا نعلم إلا ما علمنا فترك الظاهر الذي علمناه وتعديه إلى تأويل لم يأت به ظاهر آخر حرام وفسق ومعصية لله تعالى، وقد أنذر الله تعالى وأعذر، فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها» انتهى كلامه.
وكل ذلك يدلّ على مدى تمسّكهم بالنصوص - كما سيأتي بيانه -، وعد الالتفات إلى ما يخالفها.
وإذا عرفت معنى الظاهر عند الظاهرية كما نصّ عليه إمامهم أدركت جهل العربي باصطلاح القوم؛ حيث عرفه فقال: «إن الظاهر عند الظاهرية المبتدعة هو ما ظهر لهم، وهو من الفهم الفاسد الذي يخالف ما جاء في كتاب ربنا».
الثاني: كون الظاهرية ينفون القياس، لا يلزم الطعن فيهم كما سيأتي ذكره في موضعه، وإن أخطؤوا في ذلك قطعا وخالفوا إجماع الأمة، بل إنما قالوا ذلك عن اجتهاد قادهم إليه، وذلك لشدة تمسّكهم بالنصوص، وقد رأوا أنها تفي بجميع أحكام الحوادث، ما يستغنون بها عن القياس، حتى قال ابن حزم في «النبذ في أصل الفقه» (ص 118): «كل أبواب الفقه ليس منها باب إلا وله أصل في الكتاب والسنة نعلمه والحمد لله، حاشا القراض فما وجدنا له أصلا البتة».
وإنكارهم القياس لم يكن جزافًا، بل بنوا رأيهم هذا عن أدلة كثيرة من الكتاب والسنة والآثار، وقد أقر الإمام ابن القيم - رحمه الله - قوة أدلتهم في ذلك؛ فقال - بعدما ساق أدلتهم وأدلة نفاة القياس - في «إعلام الموقعين» (1/ 249): «فانظر إلى هذين البحرين اللذين قد تلاطمت أمواجهما، والحزبين اللذين قد ارتفع في معترك الحرب عجاجهما؛ فجرّ كلّ منهما جيشًا من الحجج لا تقوم له الجبال، وتتضاءل له شجاعة الأبطال، وأتى كل واحد منهما من الكتاب والسنة والآثار بما خضعت له الرقاب، وذلّت له الصعاب، وانقاد له علم كلّ عالم، ونفذ حكمه كلّ حاكم، وكان نهاية قدم الفاضل النحرير الراسخ في العلم أن يفهم عنهما ما قالاه، ويحيط علما بما أصّلاه وفصّلاه؛ فليعرف الناظر في هذا المقام قدره، ولا يتعدّى طوره، وليعلم أن وراء سويقته بحارًا طامية، وفوق مرتبته في العلم مراتب فوق السهى عالية، فإن وثق من نفسه أنه من فرسان هذا الميدان، وجملة هؤلاء الأقران، فليجلس مجلس الحكم بين الفريقين، ويحكم بما يرضي الله ورسوله بين هذين الحزبين، فإنّ الدين كلّه لله، وإن الحكم إلا لله، ولا ينفع في هذا المقام: قاعدة المذهب كيت وكيت، وقطع به جمهور من الأصحاب، وتحصل لنا في المسألة كذا وكذا وجهًا، وصحّح هذا القول خمسة عشر، وصحّح الآخر سبعة، وإن علا نسب علمه قال: «نصّ عليه»، فانقطع النزاع، ولُزَّ ذلك النص في قرن الإجماع، والله المستعان وعليه التكلان».
الثالث: إذا تقرر هذا - وهو أنَّ الظاهرية سموا بذلك لأخذهم بظواهر النصوص، ونفيهم القياس -؛ تبيَّن لك أن مذهبهم هو مذهب فقهيّ كغيره من المذاهب الفقهية مثل الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وليس مذهبًا عقائديًا، ولهذا لم يذكر في الكتب التي صنفت في الفرق والمذاهب، فلم يورده الشهرستاني في «الملل والنحل»، ولا البغدادي التميمي في «الفَرق بين الفِرق»، حتى أصحاب «موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام» لم يذكروه.
قال ابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (19): «وقد ظهر لنا من أصول الفرق الحرورية والقدرية والجهمية والمرجئة والرافضة والجبرية. وقد قال بعض أهل العلم: أصل الفرق الضالة هذه الفرق الستة وقد انقسمت كل فرقة منها على اثنتي عشرة فرقة فصارت اثنتين وسبعين فرقة».
الرابع: لا شك أن أهل الظاهر لهم آراء عقائدية جانبوا فيها عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا لا يخرج المذهب عن المذاهب الفقهية، كغيره من المذاهب، فلأصحابها وأتباعها آراء عقائدية خالفوا بها عقيدة أهل السنة والجماعة كما لا يخفى، فيلزم منه أن يبدِّع العربي الحنفية لأنهم ماتريدية أو مرجئة، وليبدِّع المالكية لأن أكثر أتباعهم من الأشاعرة أو الصوفية، وقد قال ناظمهم في متنه «متن ابن عاشر» الذي يعد مصدرًا مهما عندهم، حتى إنهم ليحفظونه للأطفال الصغار:
في عقد أشعري وفقه مالك *** وعن طريق جنيد السالك
وليبدِّع أيضًا الشافعية لأنَّ أكثر أتباعهم من الأشاعرة.
وقد وقع بعض علماء الحديث في التأويل، وقالوا بمقالة بعض أهل البدع، وخالفوا منهج أهل السنة في بعض أصولهم، ولم يُبدِّعوا، بل عرَف أهل العلم قدرهم، وفضلهم، واعتبروا أخطاءهم مغمورةً في بحر محاسنهم، لأنهم نصروا الإسلام، وخدموا السنة، ونشروا العلم، منهم:
القاضي شريح الفقيه، إمام زمانه، أنكر صفة العجب لله تعالى، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى» (3/ 229): «هذا مع أني دائما ومن جالسني يعلم ذلك من أني من أعظم الناس نهيًا عن أن ينسب معيّن إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا عُلِم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرًا تارة، وفاسقًا أخرى، وعاصيًا أخرى، وأني أقرّر أنّ الله قد غفر لهذه الأمّة خطأها، وذلك يعمّ الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية.
وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية، كما أَنْكَر شريحٌ قراءةَ من قرأ: {بَلْ عَجِِبْتُ وَيَسْخَرُونَ}، وقال: إن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال: إنما شريح شاعر يعجبه علمه، كان عبد الله أعلم منه وكان يقرأ: {بل عجبتُ}».
ومنهم عكرمة مولى ابن عباس الحافظ الثبت المفسر، قيل: كان إباضيا. قال علي بن المديني: «كان عكرمة يرى رأي نجدة الحروري». وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: «إنما لم يذكر مالك بن أنس عكرمة؛ لأن عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية»، والصفرية من فرق الخوارج. وقال عطاء: «كان عكرمة إباضيا».
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: «سألت أحمد بن حنبل عن عكرمة، قال: كان يرى رأي الإباضية، فقال: يقال: إنه كان صفريا، قال: قلت لأحمد بن حنبل: كان عكرمة أتى البربر؟ قال: نعم، وأتى خراسان يطوف على الأمراء يأخذ منهم».
وقال علي بن المديني: «حكي عن يعقوب الحضرمي عن جده، قال: وقف عكرمة على باب المسجد، فقال: ما فيه إلا كافر، قال: وكان عكرمة يرى رأي الإباضية». انظر «تهذيب الكمال» (20/ 278).
ومنهم قتادة حافظ زمانه المفسّر المحدّث، أثنى عليه خلق كبير من العلماء، وقد رُمِيَ بالقدر. قال الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (5/ 271) «وكان يرى القدر. نسأل الله العفو، ومع هذا فما توقّف أحد في صدقه وعدالته وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عما يفعل. ثم إنّ الكبير من أئمّة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحرّيه للحق، واتّسع علمه، وظهر ذكاؤه وعُرف صلاحه وورَعُه واتباعه، يغفر له زللـه، ولا نضلّله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك».
ومنهم الإمام أبو حنيفة النعمان، أحد الأئمة الأربعة، وشهرته أشهر من نار فوق علم، قال بالإرجاء، وخالف الأئمة الثلاثة وجميع أهل السنة والجماعة في مسألة الإيمان، وهو: أنه قول وعمل، يزيد وينقص. وقد اعتذر له شارح الطحاوية ابن أبي العز الحنفي، واعتبر الخلاف بين أبي حنيفة والأئمة الباقين من أهل السنة اختلافا صوريا. انظر «شرح الطحاوية» (2/ 462).
ومنهم الحسن بن صالح الإمام الكبير أحد الأعلام. كان يرى السيف قال الحافظ الذهبي: «هو من أئمّة الإسلام، لولا تلبّسه ببدعة».
وقال أبو نعيم: «دخل الثوري يوم الجمعة من الباب القبلي، فإذا الحسن بن صالح يصلي، فقال: نعوذ بالله من خشوع النفاق، وأخذ نعليه، فتحول إلى سارية أخرى».
قال الحافظ الذهبي: «كان يترك الجمعة، ولا يراها خلف أئمة الجور بزعمه». انظر «السير» (7/ 52).
ومنهم ابن منده: الشيخ الإمام المحدث المفيد الكبير المصنف. قال يحيى بن منده: «كان عمي سيفا على أهل البدع».
قال فيه الحافظ الذهبي في «السير» (13/460): «قلت: أطلق عبارات بدّعه بعضهم بها، الله يسامحه. وكان زعرًا على من خالفه، فيه خارجية وله محاسن وهو في تواليفه حاطب ليل؛ يروي الغث والسمين وينظم رديء الخرز مع الدر الثمين».
ومنهم محمد بن إسحاق العلامة الحافظ الإخباري قال الحافظ الذهبي في «السير» (6/ 496): «وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء, لأشياء منها: تشيّعه، ونُسِب إلى القدر، ويدلّس في حديثه فأما الصدق فليس بمدفوع عنه».
ومنهم عبد الرزاق الحافظ الكبير صاحب المصنف الشهير بـ«مصنف عبد الرزاق»، كان شيعيًّا.
قال العقيلي: «سمعت علي بن عبد الله بن المبارك الصنعاني يقول: كان زيد بن المبارك قد لزم عبد الرزاق فأكثر عنه ثم خرق كتبه، ولزم محمد بن ثور فقيل له في ذلك فقال: كنا عند عبد الرزاق، فحدثنا بحديث معمر، عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان الحديث الطويل فلما قرأ قول عمر لعلي والعباس: فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك وجاء هذا يطلب ميراث امرأته، قال عبد الرزاق: انظروا إلى الأنوك يقول: تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث زوجته من أبيها لا يقول: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال زيد بن المبارك: فلم أعد إليه ولا أروي عنه».
وعلّق الحافظ الذهبي على هذه القصة فقال في «السير» (8/ 226): «قلت: هذه عظيمة، وما فهم قول أمير المؤمنين عمر، فإنك يا هذا لو سكت لكان أولى بك فإن عمر إنما كان في مقام تبيين العمومة والبنوة، وإلا فعمر - رضي الله عنه - أعلم بحق المصطفى، وبتوقيره وتعظيمه من كل متحذلق متنطع بل الصواب أن نقول عنك: انظروا إلى هذا الأنوك الفاعل عفا الله عنه كيف يقول عن عمر هذا ولا يقول: قال أمير المؤمنين الفاروق؟ وبكل حال فنستغفر الله لنا ولعبد الرزاق فإنّه مأمون على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صادق».
ومنهم البيهقي والخطابي والحافظ البلقيني والنووي وابن حجر وغيرهم إما كانوا من الأشاعرة أو فيهم تمشعر ووقعوا في بعض مقالاتهم.
وقد اختلف علماء الحديث في مسألة خلو الله تعالى من العرش عند نزوله إلى سماء الدنيا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى» (5/ 380): «وأهل الحديث في هذا على ثلاثة أقوال: منهم من ينكر أن يقال: يخلو أو لا يخلو كما يقول ذلك الحافظ عبد الغني المقدسي وغيره. ومنهم من يقول: بل يخلو منه العرش، وقد صنف أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله محمد بن منده مصنفا في الإنكار على من قال: لا يخلو منه العرش وسماه «الرد على من زعم أن الله في كل مكان وعلى من زعم أن الله ليس له مكان وعلى من تأول النزول على غير النزول»
وذكر القول الثالث، وهو أنه ينزل ولا يخلو منه العرش، وصوّب هذا القول، وحكاه عن جماهير أهل السنة.
ومنهم ابن حزم الذي رمى العربي مذهبه بالبدعة، ويلزم منه أنه يبدّع كل من انتسب إلى الظاهرية، ومنهم ابن حزم، فلا شك أنه كان مضطرب العقيدة، لكن قد أنصفه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ولم يرمه بالبدعة حيث قال كما في «مجموع الفتاوى» (4/ 18-19): «وكذلك أبو محمد بن حزم فيما صنّفه من الملل والنحل، إنما يستحمد بموافقة السنة والحديث مثل ما ذكره في مسائل القدر والإرجاء ونحو ذلك، بخلاف ما انفرد به من قوله في التفضيل بين الصحابة، وكذلك ما ذكره في باب الصفات، فإنّه يستحمد فيه بموافقة أهل السنة والحديث لكونه يثبت الأحاديث الصحيحة، ويعظّم السلف وأئمّة الحديث»، ويقول: «إنّه موافق للإمام أحمد في مسألة القرآن وغيرها. ولا ريب أنّه موافق له ولهم في بعض ذلك. لكن الأشعري ونحوه أعظم موافقة للإمام أحمد بن حنبل ومن قبله من الأئمة في القرآن والصفات وإن كان أبو محمد بن حزم في مسائل الإيمان والقدر أقوم من غيره وأعلم بالحديث وأكثر تعظيماً له ولأهله من غيره، لكن قد خالط من أقوال الفلاسفة والمعتزلة في مسائل الصفات ما صرفه عن موافقة أهل الحديث في معاني مذهبهم ذلك، فوافق هؤلاء في اللفظ وهؤلاء في المعنى، وبمثل هذا صار يذمّه من يذمّه من الفقهاء والمتكلمين وعلماء الحديث باتّباعه لظاهر لا باطن له، كما نفى خرق العادات ونحوه من عبادات القلوب، مضموماً إلى ما في كلامه من الوقيعة في الأكابر، والإسراف في نفي المعاني ودعوى متابعة الظاهر. وإن كان له من الإيمان والدين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا يدفعه إلا مكابر، ويوجد في كتبه من كثرة الإطلاع على الأقوال والمعرفة بالأحوال والتعظيم لدعائم الإسلام ولجانب الرسالة ما لا يجتمع مثله لغيره، فالمسألة التي يكون فيها الحديث يكون جانبه في ظاهر الترجيح، وله التمييز بين الصحيح والضعيف والمعرفة بأقوال السلف ما لا يكاد يقع مثله لغيره في الفقه».
فقارن أخي القارئ الكريم بين هذا كلام العالم الرباني الرصين، وبين كلام العربي المتطاول المشين.
وقد أصدرت اللجنة الدائمة للإفتاء على رأسها شيخ الإسلام في هذا العصر ابن باز - رحمه الله - فتوى تقتضي أن هؤلاء العلماء الذين وقعوا في بعض الأخطاء العقدية، لا يخرجون من دائرة أهل السنة فيما وافقوا فيه أهل السنة، وهذه نص الفتيا: «موقفنا من أبي بكر الباقلاني والبيهقي وأبي الفرج بن الجوزي وأبي زكريا النووي وابن حجر وأمثالهم ممن تأوّل بعض صفات الله تعالى أو فوّضوا في أصل معناها - أنهم في نظرنا من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم، فرحمهم الله رحمة واسعة وجزاهم عنّا خير الجزاء، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمّة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، وأنهم أخطأوا فيما تأوّلوه من نصوص الصفات، وخالفوا فيه سلف الأمّة وأئمّة السنة رحمهم الله. سواء تأوّلوا الصفات الذاتية وصفات الأفعال أم بعض ذلك. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز»
فتوى اللجنة الدائمة (3/ 240 رقم: 5082).
ولهذا لما ظهر رجل يدعى «الحداد»، وأطلق لسانه في أمثال هؤلاء العلماء، فبدّع الحافظ ابن حجر والنووي وغيرهما، وصار له أتباع، وعرفوا بالحدادية، قام عليه أهل العلم، فأنكروا عليه صنيعه هذا، وأبطلوا كلامه وحذروا الناس منه.
ورحم الله الشيخ العلامة حماد الأنصاري؛ فقد اتصل به الحداد مرة عبر الهاتف، فقال: أنا الحداد. فأجابه الشيخ البصير بقوله: ما عندنا حدادة. وأقفل الهاتف على وجهه.
ثم صارت هذه سمة لكل من يطلق عنان لسانه في العلماء. قال شيخنا العلامة أسد السنة ريبع بن هادي - سلمه الله - في مقاله الماتع «منهج الحدادية»: «- قولهم بتبديع كل من وقع في بدعة، وابن حجر عندهم أشد وأخطر من سيد قطب.
- تبديع من لا يبدع من وقع في بدعة وعداوته وحربه، ولا يكفي عندهم أن تقول: عند فلان أشعرية مثلاً أو أشعري، بل لابد أن تقول: مبتدع وإلا فالحرب والهجران والتبديع».


(... يتبع )
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-10-2012, 04:11 PM
أبو عثمان زين الدين الباتني أبو عثمان زين الدين الباتني غير متواجد حالياً
زائر
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 365
شكراً: 0
تم شكره 26 مرة في 25 مشاركة
افتراضي

(الحلقة السادسة)
بسم الله الرحمن الرحيم

التعليقات على ما ورد في كلام العربي من التخليطات والتغليطات

(الحلقة السادسة)

(...تابع)

الخامس: أنَّ الظَّاهرية مذهبٌ فقهيٌّ معترف به بين أهل العلم، ولا يزال العلماء قديمًا وحديثًا ينقلون آراءه الفقهية ويرجِّحونها وينتصرون لها، أو يردُّون عليها ويبطلونها، وهذه كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم، لا تكاد تخلو من مسألة فقهية إلا وفيها حكاية القول عن أهل الظاهر، أو نقل عن إمام الظاهرية ابن حزم.
قال الذهبي "سير أعلام النبلاء" (13|105): «وندري بالضَّرورة أنَّ داود كان يقرئ مذهبه ويناظر عليه ويفتي به في مثل بغداد وكثرة الأئمة بها وبغيرها. فلم نرَهم قاموا عليه، ولا أنكروا فتاويه ولا تدريسه، ولا سعوا في منعه من بثِّه». ثم ذكر أعيان العلماء الذين عاصروه فقال: «وبالحضرة مثل إسماعيل القاضي شيخ المالكية، وعثمان بن بشار الأنماطي شيخ الشافعية، والمروذي شيخ الحنبلية، وابني الإمام أحمد، وأبي العباس أحمد بن محمد البرتي شيخ الحنفية، وأحمد بن أبي عمران القاضي، ومثل عالم بغداد إبراهيم الحربي. بل سكتوا له، حتى لقد قال قاسم بن أصبغ: ذاكرت الطبري - يعني: ابن جرير - وابن سريج، فقلت لهما: كتاب ابن قتيبة في الفقه، أين هو عندكما؟ قالا: ليس بشيء، ولا كتاب أبي عبيد، فإذا أردت الفقه فكتب الشافعي، وداود، ونظرائهما».
فانظر كيف حثَّ الإمام الطبري - إمام السنة في زمانه - بلزوم كتب الشافعي وداود الظاهري، ولم يبدِّع الظاهرية كما فعل الحدادي الجديد العربي؟!
ثم حكى خلاف العلماء في الاعتداد بخلاف الظاهرية، ونقل عن ابن الصلاح - وهو مقرّ له - أنه قال: «وهذا الذي استقر عليه الأمر آخرا، كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمّة المتأخّرين، الذين أوردوا مذهب داود في مصنّفاتهم المشهورة، كالشيخ أبي حامد الإسفراييني، والماوردي، والقاضي أبي الطيب، فلولا اعتدادهم به لما ذكروا مذهبه في مصنفاتهم المشهورة.
قال: وأرى أن يعتبر قوله، إلا فيما خالف فيه القياس الجلي، وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله التي قام الدليل القاطع على بطلانها، فاتّفاق من سواه إجماع منعقد».
ثم ختم الإمام الذهبي بالثناء على داود الظاهري وأصحابه فقال: «وفي الجملة، فداود بن علي بصير بالفقه، عالم بالقرآن، حافظ للأثر، رأس في معرفة الخلاف، من أوعية العلم، له ذكاء خارق، وفيه دين متين.
وكذلك في فقهاء الظاهرية، جماعة لهم علم باهر، وذكاء قويّ، فالكمال عزيز، والله الموفّق» انتهى كلام الحافظ الذهبي.
وقال شيخ الإسلام العلامة ابن باز كما في «فتاوى نور على الدرب» (3/ 193): «لكن أهل العلم يستعان بكلامهم ويستفاد من كلامهم في تفسير القرآن، وتفسير السنة وبيان الأحكام لكن لا تقدم آراؤهم المخالفة لشرع الله، على ما قاله الله ورسوله، كُتُب العلماء المعروفين بالسنة والاستقامة، هؤلاء يستفاد من كلامهم وينظر في كتبهم، سواء كانت من كتب الشافعية أو الحنفية، أو المالكية، أو الحنبلية، أو الظاهرية، أو كتب أهل الحديث المتقدّمين، كل هؤلاء يستفاد من كتبهم وينظر فيها، ويستعان بها على فهم كلام الله، وفهم كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ويدعى لهم ويترحم عليهم، لفضلهم وعلمهم».
وقال في المصدر السابق (10/ 271-272): «...وأما قول الإمام: إنّ في الإسلام ألفا وستمائة مذهب هذا الكلام فيه مجازفة وكلام لا ينبغي، فإنه ليس كل مذهب يوجد يعتبر في الإسلام، هناك مذاهب باطلة، وهذه مبالغة قبيحة لا ينبغي للإمام أن يقول مثل هذا، فليس كل مذهب يدعي صاحبه أنه مذهب إسلامي يقبل، فالمذاهب التي لا توافق الكتاب والسنة لا تعتبر، والمذاهب المشهورة أربعة: الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنبلية، وهم أئمة وعلماء كبار، اشتهرت مذاهبهم وانتسب إليهم علماء، فاشتهروا بذلك، ويلحق بهم أيضا مذهب الظاهرية معروف، هذه مذاهب معروفة - إلى أن قال - أما المذاهب الأخرى التي يشير إليها هذا الإمام، فهذه لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها بل ينبغي للمؤمن ألا يلتفت إلى غير هذه المذاهب، وهذه المذاهب هي المذاهب المعروفة عند أهل السنة، والمعروفة بالاستقامة وتحري الحق، وعدم الزيغ والبدعة.
أمّا المذاهب الأخرى فإن عند أهلها من البدع وعندهم من الانحراف ما يوجب الوقوف عن الأخذ بمذاهبهم، وعدم النظر فيها خوفا من شرها وبدعتها، ولكن هذه المذاهب الخمسة المعروفة الظاهرية والمذاهب الأربعة تعتني بالسنة والكتاب، وتعتني بأقوال الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وليس عندهم البدع التي عند غيرهم، فلهذا اقتنع بها أهل العلم، ورأوها مذاهب إسلامية معتبرة».
فانظر - رعاك الله، وسلمك من سوء الفهم والتطاول على أهل العلم -، موقف هذا الإمام شيخ الإسلام. هل يجرأ العربي، ويلتزم برأيه، ويقول: إنّ الشيخ ابن باز - رحمه الله -، قد أشاد بالظاهرية المبتدعة، واعترف بأهل البدع، وعدّهم من أهل السنّة؟!
يا ناطح الجبل العالي لِتُكْلِمَه *** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
ولو لم يكن من مؤلّفات الظاهرية إلا كتاب «المحلى» لابن حزم، لكفاهم فخرًا وشرفًا، فقد سارت به الركبان، في مختلف الأزمان والأمكان، فهو اسم على مسمّاه، حيث حلاه مصنّفه بالنصوص الشرعية والآثار السلفية، فهو يُعدّ بحقّ «موسوعة فقهية أثرية»، ففيه من الآثار ما لا توجد في المصنفات، والسر في ذلك أنّه انفرد بالرواية عن كبار حفّاظ الأندلس، كالحافظ بقي بن مخلد، والحافظ ابن وضاح وغيرهما.
قال ابن حزم في مقدمة الكتاب (1/21) مبيّنا منهجه فيه: «أما بعد، وفقنا الله وإياكم لطاعته، فإنّكم رغبتم أن نعمل للمسائل المختصرة التي جمعناها في كتابنا الموسوم بـ«المجلى» شرحا مختصرا أيضا، نقتصر فيه على قواعد البراهين بغير إكثار، ليكون مأخذه سهلا على الطالب والمبتدئ، ودرجا له إلى التبحّر في الحجاج ومعرفة الاختلاف وتصحيح الدلائل المؤدية إلى معرفة الحق مما تنازع الناس فيه والإشراف على أحكام القرآن والوقوف على جمهرة السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمييزها مما لم يصحّ، والوقوف على الثقات من رواة الأخبار وتمييزهم من غيرهم والتنبيه على فساد القياس وتناقضه وتناقض القائلين به، فاستخرت الله عز وجل على عمل ذلك، واستعنته تعالى على الهداية إلى نصر الحق، وسألته التأييد على بيان ذلك وتقريبه، وأن يجعله لوجهه خالصا وفيه محضا آمين آمين رب العالمين».
ولا يزال العلماء في مختلف الأعصار والأمصار يعتنون به، ويستندون إليه، ويعتمدون عليه، وينقلون منه، ويثنون عليه.
قال الحافظ الذهبي في «السير» (18/ 193): « قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام - وكان أحد المجتهدين -: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل «المحلى» لابن حزم، وكتاب «المغني» للشيخ موفق الدين». ثم قال الذهبي معلقا على هذا الكلام: « قلت: لقد صدق الشيخ عز الدين.
وثالثهما: «السنن الكبير» للبيهقي.
ورابعها: «التمهيد» لابن عبد البر.
فمن حصل هذه الدواوين، وكان من أذكياء المفتين، وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم حقًّا».
ولهذا اعتنى به، لخصّه في كتاب، فسماه: «المستحلى في اختصار المحلى».
وقام الشيخ العلامة أحمد شاكر - رحمه الله - بتحقيقه ونشره، وقد وصف ابن حزم كما في غلاف الكتاب بأنه: «تصنيف الإمام الجليل، المحدّث الفقيه، الأصولي، قويّ العارضة، شديد المعارضة، بليغ العبارة، بالغ الحجة، صاحب التصانيف الممتعة، في المنقول والمعقول، والسنة والفقه، والأصول والخلاف، مجدّد القرن الخامس، فخر الأندلس، أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد ين حزم، المتوفى سنة 456هـ».
وإذا كان هذه منزلة «المحلى» فما بال كتابه «الآثار التي ظاهرها التعارض ونفي التناقض عنها» الذي قال فيه الحافظ الذهبي في «السير» (18/ 194): «يكون عشرة آلاف ورقة، لكن لم يتمَّه»، ولو أتمه وحقّق تحقيقا علميا، فليت شعرى في كم مجلد سيخرج؟!
السادس: أن كثيرًا من أهل العلم، قد أثنوا على الظاهرية وأصحابها، ويلزم من ذلك على فهم العربي السقيم، أن يكون هؤلاء العلماء قد أثنوا على المبتدعة.
قال الإمام ابن القيم في «إعلام الموقعين» (3/ 144): «وكيف يُعلِّق الأحكام على مجرّد الألفاظ والصور الظاهرة التي لا مناسبة بينها وبينها ويدع المعاني المناسبة المفضية لها التي ارتباطها بها كارتباط العلل العقلية بمعلولاتها؟ والعجب منه! كيف ينكر مع ذلك على أهل الظاهر المتمسكين بظواهر كتاب ربهم وسنّة نبيّهم حيث لا يقوم دليل يخالف الظاهر، ثم يتمسّك بظواهر أفعال المكلّفين وأقوالهم حيث يعلم أنّ الباطن والقصد بخلاف ذلك؟!».
وقال في مسألة وقوع الطلاق الثلاث طلقة واحدة في «إغاثة اللهفان» (1/ 329): «الوجه العشرون: أنّ هذا مذهب أهل الظاهر: داود، وأصحابه. وذنبهم عند كثير من الناس أخذهم بكتاب ربهم وسنّة نبيّهم، ونبذهم القياس وراء ظهورهم، فلم يعبئوا به شيئا».
وقال أيضا في «إعلام الموقعين» (3/ 147): «فأين القياس وذكر المناسبات والعلل المؤثرة والإنكار على الظاهرية؟ فهل بلغوا بالتمسك بالظاهر عشر معشار هذا؟ والذي يقضي منه العجب أن يقال: لا يعتد بخلاف المتمسكين بظاهر القرآن والسنة، ويعتد بخلاف هؤلاء، والله ورسوله منزه عن هذا الحكم».
وقال في «الزاد» (5/ 300): «والعجب من متعصب يقول: لا يعتدّ بخلاف الظاهرية، ويبحث معهم بمثل هذه البحوث، ويرد عليهم بمثل هذا الرد».
وقال الحافظ الذهبي في «السير» (18/ 190) في إنكاره على أبي بكر بن العربي - الذي استشهد به العربي - في طعنه في ابن حزم: «لم ينصف القاضي أبو بكر رحمه الله - شيخ أبيه في العلم -، ولا تكلّم فيه بالقسط، وبالغ في الاستخفاف به، وأبو بكر، فعلى عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد، ولا يكاد، فرحمهما الله وغفر لهما».
وقال الشوكاني في "البدر الطالع" (2 / 281) في ترجمة أبي حيان صاحب التفسير: «وكان ظاهريًّا، وبعد ذلك انتمى إلى الشافعي. وكان أبو البقاء يقول: إنّه لم يزل ظاهريًّا. قال ابن حجر: كان أبو حيان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علّق بذهنه انتهى».
وقد علّق الشوكاني على هذا كلام أبي حيان فقال: «ولقد صدق في مقاله، فمذهب الظاهر هو أول الفكر وآخر العمل عند من منح الإنصاف، ولم يرد على فطرته ما يغيّرها عن أصلها. وليس هو مذهب داوود الظاهري وأتباعه بل هو مذهب أكابر العلماء المتقيدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الآن وداوود الظاهري واحد منهم. وإنما اشتهر عنه الجمود في مسائل وقف فيها على الظاهر حيث لا ينبغي الوقوف وأهمل من أنواع القياس ما لا ينبغي لمنصف إهماله، والواضح من كتب الظاهرية أنهم لا يهملون هذا النوع من القياس، ولا يسمّى عندهم بالقياس، إنما دلالة النص، والحق أنه أدل في التعبير، والأحرص في حفظ العقل في الخوض في متاهات التأويل، ودلالة النص هو نفسه القياس بالنص عند أصوليين المذاهب».
فتأمّل ما قاله الشوكاني: «وليس هو مذهب داوود الظاهري وأتباعه بل هو مذهب أكابر العلماء المتقيّدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الآن وداوود الظاهري واحد منهم».
فليتجاسر العربي ويقول كما قاله في كاتب هذه الأسطر: «ولم يكن يخطر لي أن [الشوكاني] سيدسُّ جملة في كومة حديثه على حين غفلة من [القراء] تهضم حقوق طبقة من الصحابة أخذت بظاهر النّص لقرائن حالٍ وقفت عليها، صنعُها لا يمتّ بصلة أبدا إلى مذهب الظاهرية المبتدعة، ولا هم سلفهم في الضلال في الأحكام والعقائد كما سيأتي بيانه بإيجاز، إنها والله كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته، يقول هذا من يعرف مذهب أهل الحديث وميّزه عن مذهب الظاهرية.
وليجرأ ويقول: «متى كان الصحابةُ الكرامُ سلفَ الظاهرية المبتدعة يا [الشوكاني!]، إنها كلمة أنت قائلها ومن ورائها إساءة للصحابة الكرام، وليس لك فيها سلف».
قال إمامُ السنّة وعلاّمة اليمن الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - قدس الله روحه - في «إجابة السائل عن أهم المسائل» (ص362): «س320 يقول: ابن حزم في المحلى معروف أنه ظاهري المذهب فهل يؤخذ بكل كلامه لأن فضيلتكم توصون به أي المحلى؟
ج320 كتاب المحلى لابن حزم يعتبر كتاب جرح وتعديل وكتاب تصحيح وتضعيف، وهذا ما لا يوجد في كتب الفقه، فأنت إذا نظرت إلى «المغني» أو نظرت مثلا إلى «شرح الأزهار» من كتب الزيدية أو نظرت إلى كتب الحنفية وهكذا حتى إلى «المجموع» للنووي الذي يعتبر من أحسن كتب الفقه ما تجد هذا التصحيح والتضعيف والتخريج والتوثيق والتزييف لما يرى أنه باطل. أما آراء ابن حزم التي تخالف الكتاب والسنة أو تهجّمه على بعض الأئمة فنحن برآء.
وأمّا المذهب الظاهري فالذي ننصح به كل مسلم أن يكون ظاهريا كما قال الشوكاني رحمه الله تعالى في ترجمة أبي حيان صاحب البحر المحيط فإنه ذكر عنه أن من عرف المذهب الظاهري لا يستطيع أن يتركه وأن يتخلص منه. قال الشوكاني: لأنه حقّ لا يمنعني الجمود على مذهب أبي محمد بن حزم رحمه الله تعالى فلسنا ندعو إلى تقليده، ولو كنا ندعو إلى تقليده لدعونا إلى تقليد الإمام أحمد بل إلى تقليد علي بن أبي طالب وعثمان وعمر وأبي بكر رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم».
هكذا، ينصح الإمام العلامة مقبل الوادعي - رحمه الله - كل مسلم بأن يكون ظاهريا - دون تقليد أو جمود -.
وليتجاسر العربي الذي يتباهى بعروبيته - وقد عهدنا من العرب الشهامة والجرأة... - ويقول: إن الشيخ مقبل الوادعي ينصح بالظاهرية المبتدعة!!
ولو خرجت هذه الكلمة من كاتب الأسطر قبل علم العربي أنها مقتبسة من كلام الإمام الهمام الشيخ مقبل - رحمه الله -، لتهور وتكلم بكلام، يهز الجبال، ورمى بشتى النبال، والله المستعان المتعال على كل متكبر جبار متعال.
وقال أيضا في «المقترح في أجوبة أهل المصطلح» (144): «ومسألة التقليد إذا كنا نقول: الأئمة رضوان الله عليهم كمالك والشافعي وأحمد، لا يجوز أن يُقلّدوا, فكذلك لا يُقلّد الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى. وكتابه "الإحكام في أصول الأحكام" يعتبر من أحسن كتب أصول الفقه، وكتب أصول الفقه تقول: هذا جائز، وافعل ولا تفعل، وهذا يقتضي الوجوب، وهذا يقتضي الإباحة إلى غير ذلك، وقليل ما يأتون بالأدلة؛ بخلاف أبي محمد بن حزم رحمه الله تعالى فإنه يذكر الأدلة من كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع التصحيح للتي هي صحيحة، والتضعيف للأحاديث التي لا يراها صحيحة، وهو في مسألة التصحيح والتضعيف كغيره من العلماء، ونقله حجة. أما في فهمه فكغيره من سائر العلماء الذين نستفيد من أفهامهم، ولا نقلدهم، لأن التقليد حرام».
ومنهم الشيخ العلامة تقي الدين الهلالي - رحمه الله -، قال عنه الشيخ العلامة حماد الأنصاري: كان ظاهريًّا. بل شهد له بذلك تلميذه أبو خبزة التطواني.
ومنهم الإمام العلامة المجدد ناصر السنة والدين الشيخ الألباني - قدس الله روحه -، كان كثيرا ما ينقل عن ابن حزم، يرجّح ما ذهب إليه أهل الظاهر - دون تعصب أو تقليد -، لقوّة أدلتهم حتى اتهم أنه ظاهري. بل كثيرا ما كان يغمزه العربي نفسه بذلك.
وغير هؤلاء كثير، لا يكاد يحصون ولا يستقصون.
فهل هؤلاء عند العربي وزمرته، ينصرون الظاهرية المبتدعة، أو يأخذون عن الظاهرية المبتدعة، أو ينقلون عن الظاهرية المبتدعة ...؟!
وما حكم من ينصر أو يرجّح أو يختار أو ينقل أو أو أو .... إلى آخر عن المبتدعة عند العربي ؟!
السابع: إن أهل الظاهر أو الظاهرية، وإن يُنكر عليهم جمودهم على الظاهر وإبطالهم القياس، فهم أكثر الناس تمسّكًا بالنصوص من أهل الرأي، ولا ينكر هذا إلا جاهل مكابر، بل لو استقرأنا نصوص ابن حزم في الحث على التمسك بالنصوص وعدم التفات إلى غيرها، وذم الرأي المخالف للنصوص والتقليد الأعمى للأئمّة لخرج ذلك في سفر ضخم أو لما حواه القمطر.
وقد نصّ ابن حزم في غير موضع من كتبه، على أصول الاجتهاد عن أهل الظاهر، ولا تخرج عن الكتاب والسنة وإجماع الصحابة.
بل تباهى بهذا المسلك في الاجتهاد، واعتزّ وافتخر به أمام خصومه فقال في قصيدة له كما في «السير» (18/ 212):
قالوا تحفظ فإن الناس قد كثرت *** أقوالهم وأقاويل الورى محن
فقلت: هل عيبهم لي غير أني لا *** أقول بالرأي إذ في رأيهم فتن
وأنني مولع بالنص لست إلى *** سواه أنحو ولا في نصره أهن
لا أنثني لمقاييس يقال بها *** في الدين بل حسبي القرآن والسنن
يا برد ذا القول في قلبي وفي كبدي *** ويا سروري به لو أنهم فطنوا
دعهم يعضّوا على صمّ الحصى كمدا *** من مات من قوله عندي له كفن
فليعضّ العربي على صمّ الحصى كمدا، وليمت من قوله عندا، فعند ابن حزم له كفن.
وقد نبّه كثير من العلماء على أن من أسباب تحامل بعض أهل العلم - لاسيما المقلّدة منهم -، كابن العربي (الذي يتمسك به العربي) على أهل الظاهر بسبب تمسّكهم بالنصوص، وإنكارهم التقليد والتشنيع على أهله. وقد تقدم كلام الإمام ابن القيم: «وذنبهم عند كثير من الناس أخذهم بكتاب ربهم وسنّة نبيّهم، ونبذهم القياس وراء ظهورهم، فلم يعبئوا به شيئا».
وتقدم أيضا قوله في بيان تمسكهم بالنصوص حيث قال: «والعجب منه كيف ينكر مع ذلك على أهل الظاهر المتمسكين بظواهر كتاب ربهم وسنّة نبيّهم حيث لا يقوم دليل يخالف الظاهر».
وقال الإمام الشوكاني في «إرشاد الفحول» (1/ 215) في تعقّبه على الجويني على قوله: «المحقّقون لا يقيمون لخلاف الظاهرية وزنا؛ لأنّ معظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعشر معشارها».
قال معقّبا: «ويجاب عنه: بأنّ من عرّف نصوص الشريعة حقَّ معرفتها وتدبّر آيات الكتاب العزيز، وتوسّع في الاطلاع على السنة المطهّرة، علم بأنّ نصوص الشريعة تفي بجميع ما تدعو الحاجة إليها في جميع الحوادث، وأهل الظاهر فيهم من أكابر الأئمة وحفاظ الشريعة المتقيّدين بنصوص الشريعة جمع جمّ، ولا عيب لهم إلا ترك العمل بالآراء الفاسدة التي لم يدلّ عليها كتاب، ولا سنة ولا قياس مقبول.
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
نعم قد جمدوا في مسائل كان ينبغي لهم ترك الجمود عليها، ولكنها بالنسبة إلى ما وقع في مذهب غيرهم، من العمل بما لا دليل عليه ألبتة قليلة جدا».
وقد تقدم قول شيخ الإسلام في هذا العصر ابن باز: «... ولكن قولهم في الجملة أحسن من قول أهل الرأي المجرّد الذين يحكمون الآراء والأقيسة، ويعرضون عن العناية بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، لكن عليهم نقص ومؤاخذات في جمودهم على الظاهر، وعدم رعايتهم للعلل والحكم والأسرار التي نبّه عليها الشارع وقصدها، ولهذا غلطوا في مسائل كثيرة دلّ عليها الكتاب والسنة، والله ولي التوفيق».

(... يتبع)

وليعذرني الإخوة على هذا التعجيل، حيث أحرر ما كتبته منذ مدة، وإلا ففي جعبتي أكثر، لكن أريد أن أنهي الكلام، مع من يصدق فيه قول الشاعر:
ما لجرح بميت إيلام
منتديات التصفية والتربية
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-19-2012, 12:45 PM
أبو عثمان زين الدين الباتني أبو عثمان زين الدين الباتني غير متواجد حالياً
زائر
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 365
شكراً: 0
تم شكره 26 مرة في 25 مشاركة
افتراضي

(الحلقة السابعة)


جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا




لئنْ كنتُ محتاجًا إلى الحلم إنّني...إلى الجهل في بعض الأحايين أَحْوج

ولي فرس للحلم بالحلم مُلجم ........ولي فرس للجهل بالجهل مسرج

فمن شاء تقويمي فإنّي مقوّم ............ومن شاء تعويجي فإنّي مُعوَّج

وما كنت أرضى الجهل خِدْنًا وصاحبا .....ولكنّني أرضى به حين أُحْرَج

وإن قال بعض الناس فيه سماجة .......فقد صدقوا والذّلّ بالحرّ أسمج



كنت أرغب في إنهاء هذه التعليقات، لكن الرجل لا يزال يفرز الجهالات والتغليطات، وقد أجّلت الرد على ذلك حتى يتنفّس العربي الصعداء، ويخرج ما بقي له من جهل وغلّ في صدره ويصيح في البيداء، كنفخة في رماد أو صيحة في واد.
فأعلّق باختصار على ما ورد في آخر جهالاته، ثم أنهي معه الكلام، ولو بات يهذي ويهرج طيلة الأعوام، فأقول مستعينا بالله العلي القدير.


الوقفة الأولى:
أن العربي الكذّاب،لم يجب على ما أوردته عليه من الأدلة المتعلّقة بعدم اعتبار كلمة «سلف الظاهرية» طعنًا في الصحابة الكرام، وعدم التفريق بين أهل الظاهر والظاهرية، وأنّ الإمام ابن القيم رحمه الله عنى بقوله: «سلف أهل الظاهر» الظاهرية قطعا –وإن مرغ العربي وجهه في الوحل، ورغم أنفه في التراب-. بل لم يجب أصلا على تعليقي في تحرير محل النقاش. وفَرَّ كعادته من حلبة النزال، كحمر مستنفرة فرّت من قسورة.
وهو بهذا: إمّا أن يتراجع عن جهله وغلّه، وبغيه وغيّه -وهو أسلم له، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل-.
وإما أن يبقى كلامه وطعنه سارييْن في جميع العلماء الذين صدرت منهم هذه الكلمة إما تصريحا وإما إقرارا. وتسليطه اللائمة على كاتب هذه الأسطر دون غيره من المجازفة ما لا يخفى.
والعربي الكذّاب، لعجزه عن مقارعة هذه الحجج، وجهله بأدب البحث والمناظرة، اعتبر إلزام الخصم بالحجج وإفحامهم سفسطة.
وأقول: إن كان من يفحم الخصم بالحجة، ويلزمه بالمحجّة سفسطائيا، فليشهد العربي الكذّاب أني سفسطائي.

إن كان رفضاً حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي

وقال آخر :

إذا كان نصبا ولاء الصحاب * فإني كما زعموا ناصبي
وإن كان رفضاً ولاء الجميع * فلا برح الرفض من جانبي

وهل هذه إلا طريق أهل الأهواء، الذين يطلقون الألقاب على أهل السنة لتنفير الناس من دعوتهم، وليتستّروا على ما هم عليه من الباطل، فيسمّونهم: «حشوية»، «مجسمة».
وكأن الرجل لا حظّ له من علوم القرآن، وفنّ أدب المناظرة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا النوع من آداب التناظر، وأفحم به الخصوم. قال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}، يعني: أن الأمر لا يخلو من أحد الحلات الثلاث:
أولها: أن يكون هؤلاء المدّعون، قد خُلِقوا من غير شيء أي: من دون خالق أصلا.
الثانية: أن يكونوا، قد خَلَقوا أنفسهم.
الثالثة: أن يكون قد خلقهم خالق غير أنفسهم، وهو الله سبحانه.
ولا شك أن القسمين الأولين باطلان قطعا، وبطلانهما ضروري، لا يحتاج إلى إقامة الدليل عليه لوضوحه، لأن القوم، لم يدّع أحد منهم أنه خُلق من غير خالق، ولا خَلَق نفسه. فإذا سلموا ذلك، تعيّن عليهم تسليم الأمر الثالث، -هو الحق الذي لا شك فيه ولا مرية-، أنه هو سبحانه وتعالى خالقهم، فيتعيّن عليهم أن يوحّدوه، ويخلصوا له العبادة.
وقال تعالى: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطّلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا} الآية. وهذه الآية، نزلت في العاص بن وائل السهمي، الذي زعم أنه سيؤتى مالاً وولدًا في الآخرة كما أوتيه في الدنيا. فقوله: لأوتين مالا وولدا، لا يخلو من أحد الأمور الثلاثة:
أولها: أن تكون اطلعت على الغيب، وعلمت أن إيتاءك المال والولد يوم القيامة مما كتبه الله في اللوح المحفوظ.
والثاني: أن يكون الله أعطاك عهدا بذلك، فإنه إن أعطاك عهدا لن يخلفه.
الثالث: أن تكون قلت ذلك افتراء على الله من غير عهد ولا اطلاع غيب.
ولا شك أنّ القسمين الأولين باطلان; لأنّ العاص بن وائل، لم يطلّع الغيب، ولم يتخّذ عند الرحمن عهدًا، فتعيّن القسم الثالث، وهو أنه قال ذلك افتراء على الله تعالى.
ولهذا نظائر كثيرة في القرآن.
وهذا الذي يسمّيه الأصوليون: «السبر والتقسيم»، وبعضهم يطلق عليه لفظ: «تنقيح المناط»، وهو من أدق مباحث القياس، بل من أدقّ مباحث «مسالك العلة».
وقد سلكه كثير من أهل العلم في المناظرات والمحاكمات.
من ذلك ما رواه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (5/233) في ترجمة أحمد بن أبي دؤاد بإسناده إلى طاهر بن خلف، قال: «سمعت محمد بن الواثق الذي يقال له «المهتدى بالله»، يقول: كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلاً أحضرنا ذلك المجلس، فأتي بشيخ مخضوبٌ مقيَّدٌ، فقال أبي: ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه -يعني: ابن أبي دؤاد- قال: فأُدخل الشيخ في مصلاّه، قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال له: لا سلّم الله عليك. فقال: يا أمير المؤمنين! بئس ما أدّبك مؤدّبك، قال الله تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها}، والله ما حييتني بها ولا بأحسن منها. فقال ابن أبي دؤاد: يا أمير المؤمنين! الرجل متكلّم. فقال له: كلّمه. فقال: يا شيخ! ما تقول في القرآن؟ قال الشيخ: لم تُنْصفني. يعني: ولي السؤال. فقال له: سَلْ. فقال له الشيخ: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق، فقال: هذا شيء عَلِمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان، وعلي والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه؟! فقال: شيء لم يعلموه. فقال: سبحان الله! شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليّ ولا الخلفاء الراشدون، عَلِمته أنت؟! قال: فخجل. فقال: أقلني والمسألة بحالها. قال: نعم. قال: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق. فقال: هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون أم لم يعلموه؟ فقال: علموه، ولم يَدعُوا الناسَ إليه. قال: أفلا وسعك ما وسعهم؟! قال: ثم قام أبي فدخل مجلس الخلوة واستلقى على قفاه ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت؟ سبحان الله! شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون، ولم يدعوا الناس إليه؟ أفلا وسعك ما وسعهم؟ ثم دعا عمارًا الحاجب، فأمر أن يرفع عنه القيود ويعطيه أربع مائة دينار ويأذن له في الرجوع، وسقط من عينه ابن أبي دؤاد. ولم يمتحن بعد ذلك أحدا».
فقد أفحم هذا الشيخ (السفسطائي على فهم العربي السقيم) ابن دؤاد المعتزلي الخبيث، وألقمه حجرًا.
قال العلامة الشنقيطي محرّرا هذه القصة: «قال له: مقالتك هذه التي تدعو الناس إليها (وهي القول بخلق القرآن)، لا تخلو بالتقسيم الصحيح من أحد أمرين: إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون عالمين بها أو غير عالمين بها. ولا واسطة بين العلم وغيره، فلا قسم ثالث ألبتة، ثم إنه رجع بالسبر الصحيح إلى القسمين المذكورين، فبيّن أنّ السبر الصحيح يظهر أنّ أحمد بن أبي دؤاد ليس على كل تقدير من التقديرين: أما على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان عالمًا بها هو وأصحابه، وتركوا الناس ولم يدعوهم إليها، فدعوة ابن أبي دؤاد إليها مخالفة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من عدم الدعوة لها، وكان يسعه ما وسعهم.
وأما على كون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه غير عالمين بها، فلا يمكن لابن أبي دؤاد أن يدّعي أنّه عالم بها مع عدم علمهم بها، فظهر ضلاله على كل تقدير، ولذلك سقط من عين الواثق، وترك الواثق لذلك امتحان أهل العلم».
ثم علّق عليها فقال: «فكان هذا الدليل العظيم أول مصدر تاريخي لضعف هذه المحنة الكبرى، حتى أزالها الله بالكلية على يد المتوكل رحمه الله، وفي هذا منقبة تاريخية عظيمة لهذا الدليل المذكور».
انظر «أدب البحث والمناظرة» و«أضواء البيان» (3/493 وما بعدها) للعلامة الشنقيطي رحمه الله.
وليتعلم العربي الكذاب أدنى قواعد العلم قبل أن يتفوّه بما يكشف عن جهله وغبائه.

الوقفة الثانية:
إنّ الملفت للانتباه في أول نظرة في هذيان العربي الأخير، غياب المقدمة، وغياب العبارات البليغة في المقدمة، وغياب الأشعار التي يستشهد بها حتى يخيل إليك أنه حافظ المعلقات العشر، وحافظ دواوين فحول الشعراء.
فهل غاب كتاب الصناعتين وغيره أم لم يستحضره، أم وراء الأكمة أشياء وأسرار؟!
لله درك يا عكرمي، وسلمت يداك، اللتان فضحت هذا السارق المارق، بل الناهب الذاهب (ذاهب الحديث)، الذي لم يكد يفرّق في سرقاته بين القطبي وبين القرطبي.

الوقفة الثالثة:
أن الملاحظ على هذيان العربي الأخير، يدرك أنه يكاد يغيب كلامه في خضم حشده للنصوص المنقولة، ولو حصرته لربما بلغ عشر المعشار. وهذا عيب كبير في البحث العلمي، وهي سمة أسلوبه في الكتابات، فينضاف جهل آخر في سجل «جهالات العربي في الفنون»، والتي سألخصها في آخر المقال.

الوقفة الرابعة: أكثر العربي من النقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان عقيدة ابن حزم المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة، وهو -بمكره هذا- يوهم القراء، وكأني قلت: إنّ ابن حزم عقيدته السلفية، وكأن هذا مربط الفرس ومحل النقاش الذي فر منه لما ظهر جهله بأدنى قواعد العلم.
وأنا –ولا أقول: أعوذ بالله من كلمة أنا- الذي قلت في مقالي السابق: «لا شك أنّ أهل الظاهر لهم آراء عقائدية جانبوا فيها عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا لا يخرج المذهب عن المذاهب الفقهية، كغيره من المذاهب»، ومرادي واضح، وهو أن الحكم على المنتسبين إلى المذهب بوقوعهم في البدعة لا يستلزم الحكم على المذهب الفقهي بأنه مبتدع. وأن وقوع بعض أهل العلم المعروفين بتحرّيهم السنة ولزوم الحق في البدعة، لا يستلزم الحكم عليهم بأنهم مبتدعة.
وكم مرة قلت للطلاب: إن ابن حزم مضطرب العقيدة، ولم يخرج من فيّ قط، ولم أقل يوما ما: إن عقيدة ابن حزم سلفية، أو أنه من أهل السنة في العقيدة.
ثم يستعين العربي الكذاب بأجهل الطلاب –كالمستجير من الرمضاء بالنار؛ والمستجير بأم عامر- الذي لا يحسن كتابة «ظن»، وقد شابه شيخه في كتابة: «محضور»، -فـ«ضن» الشلفية كـ«محضور» الحجوطية-

أنِصْفُ امرئٍ من نصفِ حيٍّ يَسبُّني ...لعمري لقد لاقَيْتُ خَطباً من الخَطْبِ

يا عَجَباً والدهرُ جمٌ عجبُهْ ***من عَنْزيٍّ سبّني لم أضربهْ

قلت: يستعين بأجهل الطلاب، يعرض بضاعة كاسدة تتعلق بردود العلامة الشنقيطي على ابن حزم في القياس؛ وكأني وافقت ابن حزم في إنكاره للقياس. وأنا الذي قلت في مقالي السابق: «كون الظاهرية ينفون القياس، لا يلزم الطعن فيهم كما سيأتي ذكره في موضعه، وإن أخطؤوا في ذلك قطعا وخالفوا إجماع الأمة».
وقد قلت غير مرة للطلاب: «إن ابن حزم خالف إجماع الأمة في إنكاره للقياس، ولا يعتد بخلافه في هذه المسألة».
وكأن القوم، لا يفهمون ما يقرؤون، لأن همّهم الأكبر إلقاء شباكهم المخروقة في المياه العكرة لاصطياد العثرات.

الوقفة الخامسة:
من فرط جهل العربي، أنه نقل كلام ابن تيمية، الذي استشهدت به نفسه أنا في بيان إنصاف شيخ الإسلام لابن حزم وعدم رميه بالبدعة، وهو قوله رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (4/18-19) «وكذلك أبو محمد بن حزم فيما صنّفه من الملل والنحل، إنما يستحمد بموافقة السنّة والحديث...» إلى آخره. ولولا خشية الإطالة، لأعدت نقله كله، حتى يتبيّن أن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في واد، وكلام العربي في واد، وبينهما واد.
وقد كنت صادقا مصيبًا لما قلت عنه: إنّه لا يفهم ما يكتب، وما يخرج من رأسه.

الوقفة السادسة:
أن العربي، لجهله بقواعد الكتابة والبحث العلمي، زعم أني بترت كلام الحافظ الذهبي، والرجل لا يفرّق بين الاقتصار على موضع الشاهد من النص وبين بتر النص.
ولعله لاعتياده بتر النصوص أو سرقتها، ظن أن كلّ من اقتصر على محل الشاهد من النص المتعلّق بالموضوع، أنه قد بتر النص، كالمصاب بالحساسية.

الوقفة السابعة:
أنّ ما تفوّه به من كلام سيء في مقاله الثاني المتعلق بكلام الشيخ مقبل رحمه الله، والذي يدلّ -حقيقة لا شك فيها ولا ريب- على مدى بلوغ الرجل درجة الانحطاط في الجهل وسوء الفهم، فجوابه من وجوه، أهمها:
أولها: يتباهى بعروبيته، والتباهي بالعروبة من نعرات الجاهلية التي أعاذنا منها الإسلام، فأين عقيدة هذا الرجل؟! وهل إذا قلت له: «وليتجاسر العربي الذي يتباهى بعروبيته»، يتباهى بها؟!
وهل إذا قلت له: فليتجاسر العربي وليرم نفسه من السطح. يرمي نفسه من السطح ؟!
ثانيها: أنه يكذب على العلامة الشيخ مقبل رحمه الله في العلن دون أدنى خجل، إذ نسب إليه أنه يفرّق بين أهل الظاهر والظاهرية، وحمل فهمه السقيم على مراد الشيخ مقبل رحمه الله الذي عفاه الله من مثل فهم العربي السقيم.
فأين في عبارة الشيخ مقبل رحمه الله التفريق بينهما؟! وهل قوله رحمه الله: «فأنصحهم أن يأخذوا بالظاهر، لكن ليست بظاهرية أبي محمد بن حزم، لكن بظاهر النص»، يقتضي ذلك؟! كما فرق العربي بين عبارة الإمام ابن القيم رحمه الله، بين وما صدر مني، وقد أوردت عليه الحجج، فعجز عن الإجابة عنها، ويريد أن يجرّ الشيخ العلامة مقبل رحمه الله إلى جهالاته وحماقاته. هيهات هيهات!!
ثالثها: أنّ ما نقلته عن الشيخ مقبل رحمه الله لم يكن افتراء ولا زورا، كما افترى عليّ العربي، وافترى على الشيخ مقبل رحمه الله. فقد أحلت كلامه إلى مصدره، وهو كتابه: «إجابة السائل على أهم المسائل»، وقد عنى بكلامه «الظاهرية» على رغم أنف فهم العربي السقيم، وجهله العقيم، بدليل أنه قاله تعليقا على كلام الشوكاني رحمه الله.
وهل عنى الشوكاني رحمه الله -على فهم العربي السقيم- غير الظاهرية؟! وهل علّق الشيخ العلامة مقبل رحمه الله على الشوكاني آخر، وها هو نصّه، أعيده مرة أخرى ليستبين سبيل المفتري على الشيخ رحمه الله. قال: «وأمّا المذهب الظاهري فالذي ننصح به كل مسلم أن يكون ظاهريًّا كما قال الشوكاني رحمه الله تعالى في ترجمة أبي حيان صاحب البحر المحيط، فإنّه ذكر عنه أن من عرف المذهب الظاهري لا يستطيع أن يتركه وأن يتخلّص منه. قال الشوكاني: لأنه حقّ. لا يمنعني الجمود على مذهب أبي محمد بن حزم رحمه الله تعالى فلسنا ندعو إلى تقليده، ولو كنا ندعو إلى تقليده لدعونا إلى تقليد الإمام أحمد بل إلى تقليد علي بن أبي طالب وعثمان وعمر وأبي بكر رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم».
فانظر أخي القارئ بعين الإنصاف – لا كعين العربي التي أصابها العمى عن الإنصاف، وصار ينظر بعين واحدة من الاعتساف- فقد صرّح بالظاهرية التي عناها الشوكاني، ثم نبّه رحمه الله إلى أنّ اتباعهم مشروط بعدم الجمود والتقليد، وهذا ما صرحت به في مقالي، حيث قلت: «من غير تقليد ولا جمود»، الذي عميت عليه عين العربي، وهذا واضح في عدم تعارضه مع قوله: «فأنصحهم أن يأخذوا بالظاهر، لكن ليست بظاهرية أبي محمد بن حزم، لكن بظاهر النص، أما أن تأخذ بظاهرية أبي محمد بن حزم وتقول: البول نجس، والغائط ليس بنجس، وهكذا من هذه الأمور، هذه ظاهرية مرفوضة، ولا يقبلها».
وقد قال رحمه الله قبل هذه العبارة التي نقلها العربي، -وقد بتر هذا النص على لغة العربي- كما في (ص310): «أبو محمد بن حزم رحمه الله تعالى إمام في الفقه، وله أيضا قدم راسخ في علم الحديث، يصحّح ويضعّف، ولا ينكر علمه إلا شخص يبغضه، حتى إن الإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ يدافع عنه، وهكذا أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة علمه: إنّه لا ينكر علمه لكن جموده على الظاهر».
وهذا حقّ، وعليه يرد كلام أهل العلم -قديما وحديثا- في إنكارهم على الظاهرية وابن حزم، إنما أنكروا عليهم مبالغتهم في الأخذ بالظاهر والجمود عليه، ونفيهم المعاني والعلل.
ففهم العربي في واد ومراد أهل العلم في واد.

نزلوا بمكة في قبائل هاشم... ونزلت بالبيداء أبعد منزل

وقال آخر:
أيها المنكح الثريا سهيلا ....عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت.... وسهيل إذا استقل يماني.

وهل إذا سلمت جدلا أن الشيخ العلامة مقبل الوادعي رحمه الله، لا ينصح بالظاهرية، كما دافع على ذلك العربي، فهل يلزم منه أنه يبّدعهم، وأنّه قال عنهم: الظاهرية المبتدعة –وهذا هو مربط الفرس- كما فعل العربي؟!
وهل هؤلاء العلماء كشيخ الإسلام ابن باز والشيخ ابن براهيم وغيرهما رحمة الله على الجميع الذين نقل عنهم العربي إنكارهم على الظاهرية، يلزم منه أنهم قالوا: الظاهرية مبتدعة. كما تفوّه بذلك العربي؟! ألا يلزم بما التزم به هؤلاء العلماء؟! أم يقول: هذه سفسطة.
وما هو تعليقه على كلام شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي في كتابه «عون الباري» (2/676) في ابن حزم رحمه الله، حيث قال: «شيخ الإسلام ابن تيمية يشهد له أنه في مسائل الإيمان على طريقة أهل السنة والجماعة, وفي أبواب الصفات هو مشى على طريقة الجهمية، حتى أن ابن عبد الهادي قال فيه : جهمي جلد. لكن هذا من المعذورين؛ لأنّه كان ينصّ على منهج أحمد, وكان محبًّا للسنّة، ويوالي ويعادي عليها, ورفع لواءها ونصرها؛ فهو وقع في شيء من التجهّم لا عن خبث, حتى أنّه متناقض في جهميته أحيانا،يعني يفوق المشبهة في الإثبات –نستغفر الله- يقول: لله يد وأيد, وعينان وأعين, وهكذا, يعني على مذهبه الظاهري؛ فهو يتخبّطمسكين, لأنّ الرجل بدأ حياته في الترف, ووزارة, وكذا وكذا, وطلب العلم على نفسه تقريبا ما طلب على علماء, فوقع في متاهات, ودخل في علم الكلام والمنطق, وكذا وكذا, وتأثّر كثيرًا بهذه الأشياء, لكن كان محبًّا للسنة مناصرًا لها, ويجهد جهده في اتّباع أحمد بن حنبل واقتفاء أثره، ويرى نفسه على طريقته, وهذه مزاعم باطلة يكذبها واقعه. الشاهد: أنه في مسائل الإيمان, كما يشهد له شيخ الإسلام ابن تيمية قال: فإنّه على طريقة أهل السنة والجماعة، وأنا ما درست هذا الجانب من حياة ابن حزم, لكني وقفت على شيء من ضلالاته الجهمية, لكنه –كما يعتذر له ابن تيمية- كان يرى نفسه على طريقة أحمد, يعني الجهمية حاربوا أحمد, وعادوه، فهو يحب أحمد، ويحب أهل الحديث, ويحترمهم؛ فعنده شبه –كما قلنا-: إنّ الأشعرية المتأخّرين وإن كان عندهم كفريات الجهمية, وابن حزم عنده المذهب الجهمي الكافر, لكن لا نكفره لأنه ما قامت عليه الحجة».
أم يقول عنّي: إنّه أفتري على الشيخ ربيع الزور.
والشيخ الربيع سلمه الله، لا يزال على قيد الحياة، ولله الحمد، -ونسأل الله تعالى أن يمد في عمره ويحفظه من كل سوء-، فهلا يتصل به، ويسأله: هل عبارة: «سلف الظاهرية» تقتضي الطعن في الصحابة؟ّ وهل يفرّق بين أهل الظاهر والظاهرية؟ّ وهل الظاهرية مبتدعة؟ّ وهلا يستنصحه في إثارة الفتن، والتهييج والتهريج على موقعه؟! (والبادئ أظلم).

( يتبع )
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:52 PM.


powered by vbulletin