منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 03-20-2014, 04:49 PM
بلال الجيجلي بلال الجيجلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: الجزائر- ولاية جيجل - حرسها الله من كل سوء-
المشاركات: 941
شكراً: 13
تم شكره 43 مرة في 40 مشاركة
افتراضي كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في بيان فضل علم السلف و رد بعض الشبه في ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كلام له نفيس يبين عمق علم السلف و فضلهم على المتأخرين ويرد على بعض شبههم في ذلك : "وَتَارَةً يَسْتَدِلُّونَ بِشُبَهِ نَقْلِيَّةٍ مِثْلِ قَوْلِهِ : { لِلْعَامِلِ مِنْهُمْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ } وَقَوْلُهُ ؛ { أُمَّتِي كَالْغَيْثِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ } ؟ وَهَذَا خِلَافُ السُّنَنِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ (1) وَ مِمَّا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ قَوْلِهِ : { خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْت فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ } وَقَوْلُهُ : { وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا : مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ } وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ . وَخِلَافُ إجْمَاعِ السَّلَف : كَقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ : " إنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ : فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ " وَقَوْلِ حُذَيْفَةَ " يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ اسْتَقِيمُوا . وَخُذُوا سَبِيلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَوَاَللَّهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمُوهُمْ لَقَدْ سَبَقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا " وَلَئِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ : " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ أَبَرُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقُهَا عِلْمًا وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا قَوْمٌ اخْتَارَهُمْ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ فَاعْرِفُوا لَهُمْ حَقَّهُمْ وَتَمَسَّكُوا بِهَدْيِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهَدْيِ الْمُسْتَقِيمِ " وَقَوْلِ جُنْدُبٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ كَثِيرٌ مَكْتُوبٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بَلْ خِلَافُ نُصُوصِ الْقُرْآنِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ } الْآيَةَ . وَقَوْلِهِ : { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ } الْآيَةَ . وَقَوْلِهِ : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ } الْآيَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْغَرَضُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ : الْكَلَامُ عَلَى خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا ظَنُّ طَائِفَةٍ كَابْنِ هُودٍ وَابْنِ سَبْعِينَ والنفري والتلمساني : أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَأَخِّرَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ ؛ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْعَالَمَ مُتَنَقِّلٌ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَى الِانْتِهَاءِ كَالصَّبِيِّ الَّذِي يَكْبُرُ بَعْدَ صِغَرِهِ وَالنَّبَاتِ الَّذِي يَنْمُو بَعْدَ ضَعْفِهِ وَيَبْنُونَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَسِيحَ أَفْضَلُ مِنْ مُوسَى وَيُبْعِدُونَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَجْعَلُوا بَعْدَ مُحَمَّدٍ وَاحِدًا مِنْ الْبَشَرِ أَكْمَلَ مِنْهُ كَمَا تَقُولُهُ الْإِسْمَاعِيلِيَّة وَالْقَرَامِطَةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ فَلَيْسَ عَلَى هَذَا دَلِيلٌ أَصْلًا . أَنَّ كُلَّ مَنْ تَأَخَّرَ زَمَانُهُ مِنْ نَوْعٍ يَكُونُ أَفْضَلَ ذَلِكَ النَّوْعِ فَلَا هُوَ مُطَّرِدٌ وَلَا مُنْعَكِسٌ . بَلْ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ قَدْ ثَبَتَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } أَيْ بَعْدَ النَّبِيِّ . وَكَذَلِكَ قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خيثَم : " لَا أُفَضِّلُ عَلَى نَبِيِّنَا أَحَدًا وَلَا أُفَضِّلُ عَلَى إبْرَاهِيمَ بَعْدَ نَبِيِّنَا أَحَدًا وَبَعْدَهُ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَّبِعِينَ لِمِلَّتِهِ مِثْلِ مُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرِهِمَا " وَكَذَلِكَ أَنْبِيَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ كُلِّهِمْ بَعْدَ مُوسَى وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْمِلَلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى : عَلَى أَنَّ مُوسَى أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ إلَّا مَا يَتَنَازَعُونَ فِيهِ مِنْ الْمَسِيحِ . وَالْقُرْآنُ قَدْ شَهِدَ فِي آيَتَيْنِ لِأُولِي الْعَزْمِ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } وَقَالَ : { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى } فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ أُولُوا الْعَزْمِ وَهُمْ الَّذِينَ قَدْ ثَبَتَ فِي أَحَادِيثِ الشَّفَاعَةِ الصِّحَاحِ : أَنَّهُمْ يَتَرَادُّونَ الشَّفَاعَةَ فِي أَهْلِ الْمَوْقِفِ بَعْدَ آدَمَ فَيَجِبُ تَفْضِيلُهُمْ عَلَى بَنِيهِمْ وَفِيهِ تَفْضِيلٌ لِمُتَقَدِّمِ عَلَى مُتَأَخِّرٍ وَلِمُتَأَخِّرِ عَلَى مُتَقَدِّمٍ . وَأَصْلُ الْغَلَطِ فِي هَذَا الْبَابِ : أَنَّ تَفْضِيلَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْأُمَرَاءِ بِالتَّقَدُّمِ فِي الزَّمَانِ أَوْ التَّأَخُّرِ أَصْلٌ بَاطِلٌ فَتَارَةً يَكُونُ الْفَضْلُ فِي مُتَقَدِّمِ النَّوْعِ وَتَارَةً فِي مُتَأَخِّرِ النَّوْعِ ؛ وَلِهَذَا يُوجَدُ فِي أَهْلِ النَّحْوِ وَالطِّبِّ وَالْحِسَابِ مَا يُفَضَّلُ فِيهِ الْمُتَقَدِّمُ كَبَطْلَيْمُوسَ وَسِيبَوَيْهِ وبقراط وَتَارَةً بِالْعَكْسِ .وَأَمَّا تَوَهُّمُهُمْ أَنَّ مُتَأَخِّرِي كُلِّ فَنٍّ أَحْذَقُ مِنْ مُتَقَدِّمِيهِ ؛ لِأَنَّهُمْ كَمَّلُوهُ فَهَذَا مُنْتَقَضٌ أَوَّلًا : لَيْسَ بِمُطَّرِدِ فَإِنَّ كِتَابَ سِيبَوَيْهِ فِي الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يُصَنَّفْ بَعْدَهُ مِثْلُهُ بَلْ وَكِتَابُ بَطْلَيْمُوس بَلْ نُصُوصُ بقراط لَمْ يُصَنَّفْ بَعْدَهَا أَكْمَلُ مِنْهَا . ثُمَّ نَقُولُ هَذَا قَدْ يُسَلِّمُ فِي الْفُنُونِ الَّتِي تُنَالُ : بِالْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ وَالْحِيلَةِ . أَمَّا الْفَضَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاتِّبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ إلَى الْأَنْبِيَاءِ أَقْرَبَ مَعَ كَمَالِ فِطْرَتِهِ : كَانَ تَلَقِّيهِ عَنْهُمْ أَعْظَمَ وَمَا يَحْسُنُ فِيهِ هُوَ مِنْ الْفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ ؛ وَلِهَذَا كَانَ مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ هُوَ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ الْخَارِجِ عَنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُعْتَقِدِ أَنَّ لَهُ نَصِيبًا مِنْ الْعُلُومِ وَالْأَحْوَالِ خَارِجًا عَنْ طَوْرِ الْأَنْبِيَاءِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ بِالنُّبُوَّةِ وَقَدْرِهَا أَعْظَمَ : كَانَ رُسُوخُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَشَدَّ . وَأَمَّا الْأَذْوَاقُ وَالْكَرَامَاتُ فَمِنْهَا مَا هُوَ بَاطِلٌ وَالْحَقُّ مِنْهُ كَانَ لِلسَّلَفِ أَكْمَلَ وَأَفْضَلَ بِلَا شَكٍّ وَخَرْقُ الْعَادَةِ : تَارَةً يَكُونُ لِحَاجَةِ الْعَبْدِ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْهُ لَا تُخْرَقُ لَهُ تِلْكَ الْعَادَةُ فَإِنَّ خَرْقَهَا لَهُ سَبَبٌ وَلَهُ غَايَةٌ فَالْكَامِلُ قَدْ يَرْتَقِي عَنْ ذَلِكَ السَّبَبِ وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تِلْكَ الْغَايَةِ الْمَقْصُودَةِ بِهَا وَمَعَ هَذَا فَمَا لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَرَامَةٌ إلَّا وَلِلسَّلَفِ مِنْ نَوْعِهَا مَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهَا . وَأَمَّا قَوْلُهُ : { لَهُمْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ لِأَنَّكُمْ تَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا وَلَا يَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا } فَهَذَا صَحِيحٌ إذَا عَمِلَ الْوَاحِدُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِثْلَ عَمَلٍ عَمِلَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانَ لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ ؛ لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِ بَعْضِ أَكَابِرِ السَّابِقِينَ ؛ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَإِنَّهُ مَا بَقِيَ يُبْعَثُ نَبِيٌّ مِثْلُ مُحَمَّدٍ يَعْمَلُ مَعَهُ مِثْلَمَا عَمِلُوا مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : { أُمَّتِي كَالْغَيْثِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ } مَعَ أَنَّ فِيهِ لِينًا فَمَعْنَاهُ : فِي الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ يُشْبِهُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَيُقَارِبُهُمْ حَتَّى يَبْقَى لِقُوَّةِ الْمُشَابَهَةِ وَالْمُقَارَنَةِ لَا يَدْرِي الَّذِي يَنْظُرُ إلَيْهِ أَهَذَا خَيْرٌ أَمْ هَذَا ؟ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ خَيْرًا . فَهَذَا فِيهِ بُشْرَى لِلْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ يُقَارِبُ السَّابِقِينَ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : { خَيْرُ أُمَّتِي أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا . وَبَيْنَ ذَلِكَ ثَبْجٌ أَوْ عِوَجٌ . وَدِدْت أَنِّي رَأَيْت إخْوَانِي قَالُوا : أَوَلَسْنَا إخْوَانَك ؟ قَالَ : أَنْتُمْ أَصْحَابِي } هُوَ تَفْضِيلٌ لِلصَّحَابَةِ فَإِنَّ لَهُمْ خُصُوصِيَّةَ الصُّحْبَةِ الَّتِي هِيَ أَكْمَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِخْوَةِ . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : { أَيُّ النَّاسِ أَعْجَبُ إيمَانًا } إلَى قَوْلِهِ : { قَوْمٌ يَأْتُونَ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِالْوَرَقِ الْمُعَلَّقِ } هُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إيمَانَهُمْ عَجَبٌ أَعْجَبُ مِنْ إيمَانِ غَيْرِهِمْ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ أَفْضَلُ . فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْوَرَقِ الْمُعَلَّقِ . وَنَظِيرُهُ كَوْنُ الْفُقَرَاءِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ بَعْدَ الدُّخُولِ يَكُونُونَ أَرْفَعَ مَرْتَبَةً مِنْ جَمِيعِ الْأَغْنِيَاءِ وَإِنَّمَا سَبَقُوا لِسَلَامَتِهِمْ مِنْ الْحِسَابِ . وَهَذَا بَابُ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ فِي الْأَعْيَانِ وَالْأَعْمَالِ وَالصِّفَاتِ أَوْ بَيْنَ أَشْخَاصِ النَّوْعِ بَابٌ عَظِيمٌ يَغْلَطُ فِيهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَاَللَّهُ يَهْدِينَا سَوَاءَ الصِّرَاطِ ".
مجموع الفتاوى (11/367-372).
__________________
ذكر ابن عبد الهادي في ذيله على ذيل ابن رجب على طبقات الحنابلة في ص 52: قال أخبرت عن القاضي علاء الدين ابن اللحام أنه قال: ذكرَ لنا مرة الشيخُ [ابن رجب] مسألة فأطنب فيها ، فعجبتُ من ذلك ، ومن إتقانه لها ، فوقعتْ بعد ذلك في محضر من أرباب المذاهب ، وغيرهم ؛ فلم يتكلم فيها الكلمة الواحدة ! فلما قام قلتُ له: أليس قد تكلمتَ فيها بذلك الكلام ؟! قال : إنما أتكلمُ بما أرجو ثوابه ، وقد خفتُ من الكلام في هذا المجلس .
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:14 AM.


powered by vbulletin