منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > الأســــــــــــــــــــــــرة الـمـســــــــــلـــــمــــــــة

آخر المشاركات تعليق حول تناول بعض الإخوة لموضوع الإنكار العلني بسطحية بالغة للقضية والفتنة الحاصلة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          الصعفوق الأحمق مجدي ميلود حفالة (الحثالة) يصف نفسه بعدم الرجولة والخيانة والخسة والدناءة التي يترفع... (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جواب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لمن سأله: (ما سبحان الله؟) (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          الرد على الكلام المنسوب للشيخ لزهر حول فضيلة الشيخ طلعت زهران، وحول كتابات العتيبي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-13-2010, 04:33 PM
أم أفنان السلفية أم أفنان السلفية غير متواجد حالياً
العضو المشاركة - وفقهـا الله -
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 52
شكراً: 0
تم شكره 19 مرة في 13 مشاركة
افتراضي حسن الخلق ومكارم الأخلاق/الأخلاق بين الطبع والتطبع/مجالات حسن الخلق/كيفية اكتساب مكارم الأخلاق

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




نظراً لعِظم ما جاء في حسن الخلق وعظيم منزلة صاحب الخلق الحسن ، قمت بجمع ما تيسر لي من كتاب مكارم الأخلاق للشيخ العثيمين -رحمه الله - سائلة الله عز وجل أن ينفع به .



بحثنا هذا يدور حول الحديث عن حسن الخلق ومكارم الأخلاق .



والخلق: هو السجيةُ والطبع1, وهو كما يقول أهل العلم: صورةُ الإنسان الباطنة, لأن الإنسان صورتين2:




______


1 قال ابن الأثير في النهاية 2/70 الخلق بضم اللام وسكونها: الدين والطبع والسجية. وحقيقة: أنه صورة الإنسان الباطنية وهي نفسه وأوصافه.
2 قال القسطلاني: أعلم أن الأخلاق جمع خلق, بضم الخاء واللام ويجوز إسكانها [خلق]. قال الراغب: الخلق والخلق بالفتح وبالضم في الأصل بمعنى واحد كالشراب والشرب ولكن خص الخلق الذي يالفتح بالهيئات والصور المدركة بالبصرة. وخص الذي بالضم بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة. أ.هـ. شرح المواب اللدنية 4/243.



صورة ظاهرة: وهي شكل خلقته التي جعل الله البدن عليه, وهذه الصورة الظاهرة منها جميل حسن, ومنها ما هو قبيح سيء, ومنها ما بين ذلك.



وصورة باطنة: وهي حال للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خير أو شر, من غير حاجة إلى فكر وروية .


وهذه الصورة أيضاً منها ما هو حسن إذا كان الصادر عنها خلقاً حسناً, ومنها ما هو قبيح إذا كان الصادر عنها خلقاً سيئاً, وهذا ما يُعبر عنه بالخلق, فالخلق إذاً هو الصورة الباطنة التي طبع الإنسان عليها.



والواجب على المسلم أن يتخلق بمكارم الأخلاق أي أطايبها

.



فعلى الإنسان أن تكون سريرته كريمة, فيحب الكرم, والشجاعة, والحلم, والصبر ,أن يلاقي الناس بوجه طلق, وصدر منشرح, ونفس مطمئنة, فكل هذه الخصال من مكارم الأخلاق .


وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً"2, فينبغي أن يكون هذا الحديث دائماً نصب عين المؤمن, لأن الإنسان إذا علم بأنه لن يكون كامل الإيمان إلا إذا أحسن خلقه كان ذلك دافعاً له على التخلق بمكارم الأخلاق ومعالي الصفات وترك سفاسفها و رديئها.


_______
2 أخرجه أبو داود رقم4682 كتاب السنة. و الترمذي 1162 كتاب الرضاع وفيه زيادة: "خياركم خياركم لنسائهم" وأحمد في المسند 2/472 وهو في صحيح الجامع رقم1230, 1232



الأخلاق بين الطبع والتطبّع



وكما يكون الخُلقُ طبيعة, فإنه قد يكون كسباً, بمعنى أن الإنسان كما يكون مطبوعاً على الخلق الحسن الجميل, فإنه أيضاً يمكن أن يتخلق بالأخلاق الحسنة عن طريق الكسب والمرونة .



ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس:
"إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة" قال يا رسول الله, أهما خلقان تخلقت بهما, أم جبلني الله عليهما ؟ , قال: "بل جبلك الله عليهما". فقال: "الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما ورسوله"1.



فهذا دليل على أن الأخلاق الحميدة الفاضلة تكون طبعاً وتكون تطبعا, ولكن الطبع بلا شك أحسن من التطبع, لأن الخلق الحسن إذا كان طبيعياً صار سجية للإنسان وطبيعة له, لا يحتاج في ممارسته إلى تكلف, ولا يحتاج في استدعائه إلى عناء ومشقة, ولكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء, ومن حُرم هذا – أي حُرم الخلق عن سبيل الطبع – فإنه يمكنه أن يناله
عن سبيل التطبع, وذلك بالمرونة, والممارسة كما سنذكر إن شاء الله تعالى فيما بعد .


_______


1 أخرجه أبو داود رقم 5225 كتاب الأدب. وأحمد 4/206 وأخرج مسلم شطره الأول رقم 25, 26 كتاب الإيمان. والترمذي رقم 2011 كتاب البر والصلة.


من الأفضل؟



وهنا مسألة وهي:



أيهما أفضل ؟ رجل جُبل على خلق حميد, ورجل يجاهد نفسه على التخلق به, فأيهما أعلى منزلة من الآخر ؟


ونقول جواباً على هذه المسألة: إنه لاشك أن الرجل الذي جُبل على الخلق الحسن أكمل من حيث تخلقه بذلك, أو من حيث وجود هذا الخلق الحسن فيه, لأنه لا يحتاج إلى عناء ولا إلى مشقة في استدعائه, ولا يفوته في بعض الأماكن والمواطن, إذ أن حسن الخلق فيه سجية وطبع, ففي أي وقت تلقاه تجده حَسَن الخلق, وفي أي مكان تلقاه حَسَن الخلق, وعلى أي حالٍ تلقاه حَسَن الخلق, فهو من هذه الناحية أكمل بلا شك .


وأما الآخر الذي يجاهد نفسه ويروضها على حسن الخلق, فلا شك أنه يؤجر على ذلك من جهة مجاهدة نفسه, وهو أفضل من هذه الجهة, لكنه من حيث كمالُ الخلق أنقص بكثير من الرجل الأول .



فإذا رزق الإنسان الخلقين جميعاً, طبعاً وتطبعاً كان ذلك أكمل.


مجالات حسن الخلق


إن كثيراً من الناس يذهب فهمه إلى أن حسن الخلق خاص بمعاملة الخلق دون معاملة الخالق ولكن هذا الفهم قاصر, فإن حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق, يكون أيضاً في معاملة الخالق, فموضوع حسن الخلق إذاً : معاملة الخالق جل وعلا, ومعاملة الخلق أيضاً وهذه المسألة ينبغي أن يتنبه لها الجميع.



أولاً: حسن الخلق في معاملة الخالق:


حسنُ الخلق في معاملة الخالق يجمع ثلاثة أمور:



1 - تلقي أخبار الله بالتصديق.


2 - وتلقي أحكامه بالتنفيذ والتطبيق.


3 - وتلقي أقداره بالصبر والرضا.


هذه ثلاثة أشياء عليها مدار حسن الخلق مع الله تعالى.

ثانياً: حسن الخلق في معاملة الخَلق:



أما حسن الخلق مع المخلوق فعرّفه بعضُهم بأنه كفُّ الأذى, وبذلُ النّدى، وطلاقة الوجه. ويذكر ذلك عن الحسن البصري رحمه الله2.

________
2 انظر الآداب الشرعية 2/216. وهناك تعريفات أخرى لحسن الخلق منها: تعريف الواسطي قال: هو أن لا يخاصم ولا يخاصم من شدة معرفته بالله تعالى. وقيل: هو التخلي من الرذائل والتحلي بالفضائل. وقيل: هو بذل الجميل وكف القبيح. وسئل سهل عنه فقل: أدناه الاحتمال وترك المكافأة والرحمة للظالم والاستغفار له والشفقة عليه راجع في ذلك: مدارج السالكين لابن القيم 2/294 الإحياء لأبي حامد الغزالي 3/53 والآداب الشرعية2/216.



أولاً: معنى كف الأذى:


معنى كف الأذى أن يكف الإنسان أذاه عن غيره سواء كان هذا الأذى بالمال، أو يتعلق بالنفس، أو يتعلق بالعرض، فمن لم يكف أذاه عن غيره سواء أكان هذا الأذى بالمال، أو يتعلق بالنفس، أو يتعلق بالعرض، فمن لم يكف أذاه عن الخلق فليس بحسن الخلق، بل هو سيء الخلق.


ثانياً: معنى بذل الندى

الندى هو الكرم والجود، يعني: أن تبذل الكرم والجود. والكرم ليس كما يظنه بعض الناس أنه بذل المال فقط، بل الكرم يكون في بذل النفس، وفي بذل الجاه، وفي بذل المال، وفي بذل العلم.


إذا رأينا شخصاً يقضي حوائج الناس، يساعدهم، يتوجه في شؤونهم إلى من لا يستطيعون الوصول إليهم، ينشر علمه بين الناس، يبذل ماله بين الناس، هل نصفُ هذا بحسن الخلق؟


نعم، نصفه بحسن الخلق، لأنه بذل الندى، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالق الناس بخلق حسن"1.


ومن مخالقة الناس بخلق حسن: أنك إذا ظُلمت أو أسيء إليك، فإنك تعفو وتصفح وقد امتدح الله العافين عن الناس، فقال في أهل الجنة: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}2
وقال تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}3


________
1 أخرجه الترمذي رقم1987 كتاب البر والصلة. وقال: حديث حسن صحيح. وأحمد في المسند 4/153, 158, 236 من حديث أبي ذر ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما. وهو في صحيح الجامع الصغير رقم 97.
2 سورة آل عمران الآية: 134.
3 سورة البقرة الآية: 237.

وقال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا}1

وقال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}2.

وكل إنسان يتصل بالناس، فلابد أن يجد من الناس شيئاً من الإساءة، فموقفه من هذه الإساءة أن يعفو ويصفح، وليعلم علم اليقين أنه بعفوه وصفحه ومجازاته بالحسنى، سوف تنقلب العداوة بينه وبين أخيه إلى ولاية، ومحبة، وصداقة، قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}3


وتأملوا أيها العارفون باللغة العربية كيف جاءت النتيجة بإذا الفُجائية، لأن إذا الفجائية تدل على الحدوث الفوري في نتيجتها: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ}., ولكن ليس كل أحد يوفق لذلك قال: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}4.


هل نفهم من هذا أن العفو عن الجاني محمود مطلقاً ومأمور به؟ وقد يفهم البعض من الآية هذا الكلام، ولكن ليكن معلوماً أن العفو إنما يُحمد إذا كان العفو أحمد، فإن كان الأخذ أحمد فالأخذ أفضل. ولهذا قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا

_______
2 سورة الشورى الآية: 40.
3 سورة فصلت الآية: 34.
4 سورة فصلت الآية: 35.



يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}1. فجعل العفو مقروناً بالإصلاح.


فالعفو قد يمكن أن يكون غير إصلاح، فقد يكون هذا الذي جنى عليك واجترأ عليك رجلاً شريراً معروفاً بالشر والفساد، فلو عفوت عنه لتمادى في شره وفساده فالأفضل في هذا المقام أن تأخذ هذا الرجل بجريرته، لأن في ذلك إصلاحا ً. قال شيخ الإسلام ابن تيميه: الإصلاح واجب، والعفو مندوب، فإذا كان في العفو فوات الإصلاح فمعنى ذلك أننا قدمنا مندوباً على واجب، وهذا لا تأتي به الشريعة وصدق رحمه الله.

_______
1 سورة الشورى الآية: 40.


ثالثاً: طلاقة الوجه:


وطلاقة الوجه: هو إشراقه حين مقابلة الخلق، وضدُّ ذلك عبوس الوجه. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق"2.


وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن البر فقال: وجه طلق ولسان لين.


وقد نظمه بعض الشعراء فقال:

بني إن البر شيء هين **** وجه طليق ولسان لين



فطلاقة الوجه تُدخل السرور على الناس، وتجذب المودة، والمحبة، وتوجب انشراح الصدر منك وممن يقابلك.
لكن إذا كنت عبوساً, فإن الناس ينفرون منك، ولا ينشرحون بالجلوس إليك، ولا بالتحدث معك، وربما تصاب بعُقدٍ نفسيه، وربما تصاب بالمرض الخطير وهو ما يسمى بالضغط، فإن انشراح الصدر


_______
2 أخرجه مسلم رقم 144 كتاب البر والصلة. والترمذي رقم 1833 كتاب الأطعمة مطولا.


وطلاقة الوجه من أنجع العقاقير المانعة من هذا الداء ولهذا ينصح الأطباء من ابتلي بهذا الداء بأن يبتعد عما يثيره ويغضبه، لأن ذلك يزيد في مرضه، فانشراحُ الصدر، وطلاقة الوجه تقضي على هذا المرض، ويكون بذلك الإنسان محبوباً إلى الخلق كريماً عليهم.

هذه هي الأصول الثلاثة التي يدور عليها حسنُ الخلق في معاملة الخلق.



ومن علامات حسن الخُلق مع الخَلق:

أن يكون الإنسان حسن المعاشرة مع من يعاشره من أصدقاء وأقارب, لا يضيق بهم ولا يضيق عليهم, بل يدخل السرور على قلوبهم بقدر ما يمكنه في حدود شريعة الله, وهذا القيد لا بد منه, لأن من الناس من لا يسر إلا بمعصية الله والعياذ بالله فهذا لا ينبغي أن نوافقه عليه, لكن إدخال السرور على من يعاشرك من أهل وأصدقاء وأقارب في حدود الشرع من حسن الخلق. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "خيركم لأهله, وأنا خيركم لأهلي".
وكثير من الناس - مع الأسف الشديد - يحسن الخلق مع الناس, ولكنه لا يحسن الخُلُق مع أهله, وهذا خطأ عظيم, وقلبٌ للحقائق, إذ كيف تحسن الخُلق مع الأباعد وتسيء الخلق مع الأقارب؟



كيفية اكتساب مكارم الأخلاق



ذكرنا أولاً حسن الخلق يكون بالطبع ويكون بالتطبع, وأن حسن الخلق بالطبع أكمل من حسن الخلق بالتطبع وذكرنا لذلك دليلاً وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم للأشج بن عبد القيس: "بل جبلك الله عليهما"1.



وكذلك لأن حسن الخلق بالطبع لا يزول عن الإنسان لكن حسن الخلق بالتطبع قد يفوت الإنسان في مواطن كثيرة, لأنه يحتاج إلى ممارسة وإلى معاناة وإلى رياضة ومجاهدة, وإلى تذكر ذلك عند حدوث كل ما يثير الإنسان. ولهذا جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه الصلاة والسلام, فقال: يا رسول الله أوصني قال: "لا تغضب". فردد مراراً. قال: "لا تغضب"2 وقال النبي عليه الصلاة والسلام: "ليس الشديد بالصرعة, إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"
3.

والصرعة: والذي يصرع الناس كهمزة, ولمزة. فهمزة الذي

_________
1 أخرجه أبو داود رقم 5335 كتاب الأدب وأحمد في المسند 4/206. وأخرج مسلم شطره رقم 25, 26 كتاب الإيمان. والترمذي رقم 107 كتاب البر والصلة.
2 أخرجه البخاري رقم 6116 كتاب الأدب. والترمذي رقم 2020 كتاب البر والصلة.
3 أخرجه البخاري رقم 6114 كتاب الأدب. ومسلم رقم 107 كتاب البر والصلة


يهمز الناس, ولمزة: الذي يلمز الناس بالعيون .

فليس الشديد هو الذي يصرع الناس ويغلبهم: "إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" يتحكم فيها ويملكها في مواطن الغضب, وملك الإنسان نفسه عند الغضب يعتبر من محاسن الأخلاق, فإذا غضبت فلا تنفذ الغضب, ولكن استعذ بالله من الشيطان الرجيم, وإذا كنت قائماً فاجلس, وإذا كنت جالساً فاضطجع, وإذا ازداد الغضب فتوضأ حتى يزول عنك .

ويستطيع الإنسان اكتساب مكارم الأخلاق, وذلك عن طريق الممارسة, والمجاهدة, والتمرين فيكون الإنسان حسن الخلق لأمور منها:


أولاً: أن ينظر في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم: ينظر النصوص الدالة على مدح ذلك الخلق العظيم الذي يريد أن يتخلق به. فالمؤمن إذا رأى النصوص تمدح شيئاً من الأخلاق أو الأفعال, فإنه سوف يقوم به 1.

والنبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى ذلك في قوله: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك: إما أن

_________
1 فالتزكية لا تكون إلا عن طريق الرسل كما قال ابن القيم: "وتزكية النفوس أصعب من علاج الأبدان وأشد فمن زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة التي لم يجيء بها الرسل فهو كالمريض الذي يعالج نفسه برأيه. وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب؟! فالرسل أطباء القلوب فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم وعلى أيديهم وبمحض الانقياد والتسليم لهم والله المستعان.أ.هـ مدارج السالكين[ 2/300].

يحذيك وإما أن تبتاع1 منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافح الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة"2.


ثانياً: أن يصاحب من عرفوا بحسن الأخلاق, والبعد عن مساوئ الأخلاق و سفاسف الأعمال حتى يجعل من هذه الصحبة مدرسة يستعينُ بها على حسن الخلق فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"3.


ثالثا ً: أن يتأمل الإنسان ماذا يترتب على سوء خلقه: فسيء الخلق ممقوت ، سيء الخلق مهجور ، سيء الخلق مذكور بالذكر القبيح ، فإذا علم الإنسان أن سوء الخلق يفضي به إلى هذا فإنه يبتعد عنه .


رابعاً: أن يستحضر الإنسان دائماً صورة خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف أنه كان يتواضع للخَلق, ويحلم عليهم, ويعفو عنهم ويصبر على

_________
1 يحذيك أي يعطيك بدون بيع.
2 أخرجه البخاري 2101 كتاب البيوع. ورقم 5534 كتاب الذبائح وأخرجه مسلم 146 كتاب البر والصلة. قال النووي: وفيه فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الخلاق والورع والعلم والأدب والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع ومن يغتاب الناس أو يكثر فجره وبطالته ونحو ذلك من الأنواع المذمومة. أ. هـ انظر مسلم بشرح النووي 16/394.
3 أخرجه الترمذي 2378 كتاب الزهد وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود 4833 كتاب الأدب وأحمد في المسند 2/303 ,334 وحسنه الألباني وهو في صحيح الجامع الصغير 3545 وسلسلة الأحاديث الصحيحة 927.


أذاهم, فإذا استحضر الإنسان أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وأنه خير البشر وأفضل مَنْ عَبَد الله تعالى, هانت على الإنسان نفسه وانكسرت صولة الكبر فيها فكان ذلك داعياً إلى حسن الخلق.


صور من مكارم الأخلاق



ومن مكارم الأخلاق:


أن تصل من قطعك: من الأقارب ممن تجب صلتهم عليك, إذا قطعوك, فصلهم ولا تقل: من وصلني وصلته ! فإن هذا ليس بصلة.


وكذلك عليك أن تعطي من حرمك. أي: من منعك ولا تقل: منعني, فلا أعطيه .

وتعفو عمن ظلمك, أي من انتقصك حقك: إما بالعدوان وإما بعدم القيام بالواجب .

والظلم يدور على أمرين:

اعتداء وجحود: إما أن يعتدي عليك بالضرب وأخذ المال وهتك العرض وإما أن يجحدك فيمنعك حقك .

وكمال الإنسان أن يعفو عمن ظلمه, ولكن العفو إنما يكون عند القدرة على الإنتقام, فأنت تعفو مع قدرتك على الانتقام لأمور:

أولاً : رجاء لمغفرة الله عز وجل ورحمته فإن من عفا وأصلح فأجره على الله .

ثانياً: لإصلاح الود بينك وبين صاحبك لأنك إذا قابلت إساءته بإساءة, استمرت الإساءة بينكما, وإذا قابلت إساءته بإحسان, عاد إلى الإحسان إليك وخجل .

قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ إدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}
2.


فالعفو عند المقدرة من مكارم الأخلاق, لكن بشروط : أن يكون العفو

________
2 سورة فلصت الآية: 34.


إصلاحاً, فإن تضمن العفو إساءة فإنه لا يندب إلى ذلك, لأن الله اشترط, فقال: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} أي كان في عفوه إصلاح, أما من كان في عفوه إساءة أو كان سبباً للإساءة, فهنا نقول: لا تعفُ ! مثل أن يعفو عن مجرم, ويكون عفوه هذا سبباً لاستمرار هذا المجرم في إجرامه فترك العفو هنا أفضل وربما يجب ترك العفو حينئذٍ .
ومن مكارم الأخلاق أيضاً :بر الوالدين وذلك لعظم حقهما.



ومن مكارم الأخلاق أيضاً : صلة الأرحام

ومن مكارم الأخلاق أيضاً: حسن الجوار مع الجيران

فمن مكارم الأخلاق حسن الجوار مطلقاً: أياً كان الجار, ومن كان أقرب فهو أولى .

ومن مكارم الأخلاق أيضاً الإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل واليتامى

ومن مكارم الأخلاق أيضاً : الرفق بالمملوك والخادم .

والمملوك يشمل المملوك الآدمي والبهيم.


ومن مكارم الأخلاق أيضاً : ترك الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق.

التعديل الأخير تم بواسطة أم أفنان السلفية ; 09-13-2010 الساعة 05:02 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:15 PM.


powered by vbulletin