وأما الاغتسال عند كل صلاة فقد وجه ذلك البيهقي على أنها لم تؤمر بالاغتسال ولكنها فعلته من نفسها وكذلك أعل الروايات القاضية بالجمع الصوري.
فقال في السنن الكبرى ج1/ص349:" عن الليث عن بن شهاب عن عروة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت أستفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إني أستحاض فلا أطهر فقال إنما ذلك عرق فاغتسلي ثم صلي فكانت تغتسل عند كل صلاة قال الليث فلم يذكر ابن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل يعني عند كل صلاة ولكنه شئ فعلته رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة ومحمد بن رمح عن الليث وذكر كلام الليث بن سعد وبمعناه قاله بن عيينة أيضا وفيما أجاز لي أبو عبد الله روايته عنه عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أنه قال إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة ولا أشك إن شاء الله تعالى أن غسلها كان تطوعا غير ما أمرت به وذلك واسع لها أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه ثنا أبو العباس أنا الربيع قال قال الشافعي وقد روى غير الزهري هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل لكل صلاة ولكن رواه عن عمرة بهذا الإسناد والسياق والزهري أحفظ منه وقد روى فيه شيئا يدل على أن الحديث غلط قال تترك الصلاة قدر إقرائها وعائشة تقول الإقراء الإطهار وإنما أراد والله أعلم ما أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ببغداد أنا أبو الحسن علي بن محمد المصري ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا إسحاق بن بكر بن مضر ثنا أبي حدثني بن الهاد حدثني أبو بكر بن محمد ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ واللفظ له أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ العباس بن الفضل ثنا بن كاسب ثنا بن أبي حازم عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة أستحيضت فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال أنها ليست بحيضة ولكنها ركضة من الرحم فلتنظر قدر إقرائها التي كانت تحيض فتترك الصلاة ثم تغتسل عند كل صلاة وتصلي قال أبو بكر قال بعض مشائخنا خبر بن الهاد غير محفوظ قال الشيخ وقد رواه محمد بن إسحاق عن يسار عن الزهري عن عروة عن عائشة".
وبيّن البيهقي أن الأمر بالغسل لكل صلاة غير محفوظ فقال في الكبرى ج1/ص350 :" أخبرناه أبو سعيد بن أبي عمرو أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ثنا أحمد بن محمد البرتي القاضي ثنا مسلم ثنا سليمان يعني بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت أستحيضت أخت زينب بنت جحش سبع سنين فكانت تملأ مركنا لها ماء ثم تدخله حتى تعلو الماء حمرة الدم فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها إنه ليس بحيضة ولكنه عرق فاغتسلي وصلي ليس فيه الأمر بالغسل لكل صلاة وهذا أولى لموافقته سائر الروايات عن الزهري ورواية محمد بن إسحاق عن الزهري غلط لمخالفتها سائر الروايات عن الزهري ومخالفتها الرواية الصحيحة عن عراك بن ما لك عن عروة عن عائشة.
- أخبرنا أبو الحسن بن بشران العدل ببغداد أنبأ أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا أبي وإسحاق بن بكر بن مضر والنضر بن عبد الجبار قالوا ثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن ما لك عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت أن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم فقال لها امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي قال فكانت تغتسل عند كل صلاة من عند نفسها ففي هذه الروايتين الصحيحتين بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بالغسل عند كل صلاة وأنها كانت تفعل ذلك من عند نفسها فكيف يكون الأمر بالغسل عند كل صلاة ثابتا من حديث عروة.
وبيّن البيهقي خطأ الراوي في تعيين المرأة المستحاضة فقال في الكبرى ج1/ص351:" أخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد بن عبدان ثنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة أن أم حبيبة بنت جحش سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت إني أهراق الدم فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي ورواه الأوزاعي عن يحيى فجعل المستحاضة زينب بنت أم سلمة.
بل قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج1/ص50:" سألت أبي عن حديث رواه هشام ومعمر وغيرهما عن يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم حبيبة أنها استحيضت فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل لكل صلاة فلم يثبته وقال الصحيح عن هشام الدستوائي عن يحيى عن أبي سلمة أن أم حبيبة سألت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مرسل وكذا يرويه حرب بن شداد وقال الحسين المعلم عن يحيى عن أبي سلمة قال أخبرتني زينب بنت أم سلمة أن امرأة كانت تهراق الدم وهو مرسل".
قال البيهقي:
- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأ بو عبد الله السوسي قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا سعيد بن عثمان ثنا بشر بن بكر ثنا الأوزاعي ثنا يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو سلمة وعكرمة مولى بن عباس أن زينب بنت أم سلمة كانت تعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تهريق الدم فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل لكل صلاة وروي من وجه آخر عن عكرمة بخلاف هذا.
قلت ( أبو الحسين ) :" قد أطال الدارقطني في بيان اضطراب هذا الحديث في علله (رقم4091) فليرجع إليه ولو الإطالة لنقلته بنصه.
قال البيهقي- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أنبأ أبو بكر بن إسحاق ثنا إسماعيل بن قتيبة ثنا يحيى بن يحيى أنا هشيم عن أبي بشر عن عكرمة أن أم حبيبة بنت جحش أستحيضت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تنتظر أيام إقرائها ثم تغتسل وتصلي فإذا رأت بعد ذلك شيئا توضأت واستثفرت واحتشت وصلت وهذا أيضا منقطع أقرب من حديث عائشة في باب الغسل وحديث عائشة من الوجه الثابت عنها أولى أن يكون صحيحا وقد روينا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنها تغتسل غسلا واحدا وتتوضأ وهو لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه".
- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنا عمر بن حفص ثنا عاصم بن علي ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن امرأة استحيضت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت أن تؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل لهما غسلا والمغرب والعشاء تؤخر هذه وتعجل هذه وتغتسل لهما غسلا وتغتسل للصبح غسلا وهكذا رواه جماعة عن شعبة وذكر جماعة منهم امتناع عبد الرحمن بن القاسم من رفع الحديث.
- أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك ثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت أستحيضت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت قلت من أمرها النبي صلى الله عليه وسلم قال لست أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قالت فأمرت أن تؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل لهما غسلا واحدا وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلا وتغتسل للصبح غسلا ورواه معاذ بن معاذ عن شعبة وفيه قال فقلت لعبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم بشئ وكذلك قاله النضر بن شميل عن شعبة ورواه محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الرحمن فخالف شعبة في رفعه وسمى المستحاضة.
- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو بكر بن إسحاق أنبأ العباس بن الفضل ثنا هناد بن السري ثنا عبدة عن محمد بن إسحاق وأخبرنا أبو علي الروذباري أنبأ أبو بكر بن داسة ثنا أبو داود ثنا عبد العزيز بن يحيى حدثني محمد يعني بن مسلمة عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن سهلة بنت سهيل أستحيضت فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل وتغتسل للصبح لفظ حديث أبي علي وفي حديث أبي عبد الله عن عائشة قالت إنما هي سهلة بنت سهيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرها بالغسل عند كل صلاة فلما شق عليها أمرها الحديث قال أبو بكر بن إسحاق قال بعض مشائخنا لم يسند هذا الخبر غير محمد بن إسحاق وشعبة لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر أن يكون الخبر مرفوعا وأخطأ أيضا في تسمية المستحاضة قال أبو بكر وقد اختلف الرواة في إسناد هذا الخبر قال الشيخ رحمه الله تعالى فرواه شعبة ومحمد بن إسحاق كما مضى ورواه بن عيينة فأرسله إلا أنه وافق محمدا في رفعه".
وقال البيهقي : " وروي عن الحجاج بن أرطأة عن بن أبي مليكة عن عائشة معنى الرواية الثانية عن عثمان بن سعد والحجاج بن أرطأة غير محتج به وعثمان بن سعد الكاتب ليس بالقوي كان يحيى بن سعيد ويحيى بن معين يضعفان أمره وروي في ذلك عن جابر بن عبد الله.
- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا علي بن عمر ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا قطن بن نسير الغبري ثنا جعفر بن سليمان ثنا بن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن فاطمة بنت قيس سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة المستحاضة كيف تصنع قال تقعد أيام إقرائها ثم تغتسل في كل يوم عند كل طهر وتصلي وكذلك رواه عبد السلام بن مطهر عن جعفر وقال وهبان بن بقية تغتسل عند كل طهر أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن إسحاق ثنا موسى بن إسحاق ثنا وهبان بن بقية ثنا جعفر بن سليمان فذكره بإسناده عن فاطمة بنت قيس قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المستحاضة فقال تقعد أيام إقرائها ثم تغتسل عند كل طهر ثم تحتشي ثم تصلي قال أبو بكر بن إسحاق جعفر بن سليمان فيه نظر ولا يعرف هذا الحديث لابن جريج ولا لأبي الزبير من وجه غير هذا وبمثله لا تقوم حجة وأختلف عليه فيه قال الشيخ رحمه الله وروينا عن علي أنها تغتسل لكل يوم وفي رواية لكل صلاة وعن بن عباس عند كل صلاة وفي رواية لما أشتد عليها الغسل أمرها أن تجمع بين الصلاتين وعن بن عمر وأنس بن ما لك تغتسل من طهر إلى طهر وفي إحدى الروايات عن عائشة كذلك وفي الرواية الثانية كل يوم غسلا وفي رواية أخرى عن علي وبن عباس وعائشة الوضوء لكل صلاة وفيما أجاز لي أبو عبد الله الحافظ روايته عنه عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال وفي حديث حمنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها إن قويت فاجمعي بين الظهر والعصر بغسل وبين المغرب والعشاء بغسل وصلي الصبح بغسل وأعلمها أنه أحب الأمرين إليه لها وأنه يجزئها الأمر الأول أن تغتسل عند الطهر من الحيض ثم لم يأمرها بغسل بعده قال وإن روي في المستحاضة حديث معلق فحديث حمنة بين أنه اختيار وأن غيره يجزئ منه".
وأنكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج21/ص629 الغسل لكل صلاة فقال:" فليس فيه أن النبي أمرها أن تغتسل لكل صلاة ولكن أمرها بالغسل مطلقا فكانت هي تغتسل لكل صلاة والغسل لكل صلاة مستحب ليس بواجب عند الأئمة الأربعة وغيرهم إذا قعدت أياما معلومة هي أيام الحيض ثم اغتسلت كما تغتسل من انقطع حيضها ثم صلت وصامت في هذه الاستحاضة بل الواجب عليها أن تتوضأ عند كل صلاة من الصلوات الخمس عند الجمهور كأبي حنيفة والشافعي وأحمد وأما مالك فعنده ليس عليها وضوء ولا غسل فإن دم الاستحاضة لا ينقض الوضوء عنده لا هو ولا غيره من النادرات وقد احتج الأكثرون بما في الترمذي وغيره أن النبي أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة".
هذا وقد فصل القول ابن عبد البر في التمهيد16/98 في الوضوء لكل صلاة وكذلك الغسل فقال:" وأما مالك فإنه لا يوجب على المستحاضة ولا على صاحب السلس وضوءا لأنه لا يرفع به حدثا وقد قال عكرمة وأيوب وغيرهما سواء دم الاستحاضة أو دم جرح لا يوجب شيء من ذلك وضوءا وروى مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال ليس على المستحاضة إلا أن تغسل غسلا واحدا ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة قال مالك والأمر عندنا على حديث هشام بن عروة عن أبيه وهو أحب ما سمعت إلي والوضوء عليها عنده استحباب على ما ذكرنا عنه لأنه لا يرفع الحدث الدائم فوجه الأمر به الاستحباب والله أعلم.
وقد احتج بعض أصحابنا على سقوط الوضوء بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش "فإذا ذهب قدر الحيضة فاغتسلي وصلي" ولم يذكر وضوءا ولو كان الوضوء واجبا عليها لما سكت عن أن يأمرها به وممن قال بأن الوضوء على المستحاضة غير واجب ربيعة وعكرمة وأيوب وطائفة والله الموفق للصواب.
وأما الأحاديث المرفوعة في إيجاب الغسل لكل صلاة وفي الجمع بين الصلاتين بغسل واحد والوضوء لكل صلاة على المستحاضة فكلها مضطربة لا تجب بمثلها حجة".
وقال أيضا :" وفي هذا الحديث ايضا رد على من أوجب الوضوء على المستحاضة لكل صلاة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "إذا ذهبت الحيضة فاغتسلي وصلي" ولم يقل توضئي لكل صلاة.
وإذا أحدثت المستحاضة حدثا معروفا معتادا لزمها له الوضوء وأما دم استحاضتها فلا يوجب وضوءا لأنه كدم الجرح السائل وكيف يجب من أجله وضوء وهو لا ينقطع ومن كانت هذه حاله من سلس البول والمذي والاستحاضة لا يرفع بوضوئه حدثا لأنه لا يتمه إلا وقد حصل ذلك الحدث في الأغلب وإلى هذا المذهب ذهب مالك وأصحابه وهو ظاهر حديث هشام ابن عروة هذا في قصة فاطمة بنت أبي حبيش إلا أن عروة كان يفتي بأن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة وذلك عند مالك على الاستحباب لا على الإيجاب وقد ذكرنا ما في هذا الباب من الآثار المرفوعة وغيرها على اختلافها وذكرنا من تعلق بها وذهب إليها من علماء الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين".
وقال في الاستذكار ج1/ص342:" ولا تتوضأ إلا عند الحدث عند مالك وهو قول عكرمة وأيوب السختياني".
وأخرج ابن ماجه(620) - حدثنا محمد بن رمح. أنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله عن المنذر بن المغيرة عن عروة بن الزبير أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته: أنه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الدم . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إنما ذلك عرق . فانظري إذا أتى قرؤك فلا تصلي. فإذا مر القرء فتطهري ثم صلي ما بين القرء إلى القرء).
621 - حدثنا عبد الله بن الجراح . حدثنا حماد بن زيد . ح و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد . قالا حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم . فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر . أفأدع الصلاة ؟ قال ( لا . إنما ذلك عرق . وليس بالحيضة . فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة . وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ).
(ح624):حدثنا علي بن محمد و أبو بكر بن أبي شيبة . قالا حدثنا وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : - جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر . أفأدع الصلاة ؟ قال ( لا . إنما ذلك عرق وليس بالحيضة . اجتنبي الصلاة أيام محيضك . ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة . وإن قطر الدم على الحصير ) صححه الشيخ الألباني.
ولكن قال النسائي في سنن النسائي (المجتبى) ج1/ص104:" قال يحيى الْقَطَّانُ حَدِيثُ حَبِيبٍ عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ هذا وَحَدِيثُ حَبِيبٍ عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ تصلي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ على الْحَصِيرِ لَا شَيْءَ".
و(ح625): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسماعيل بن موسى . قالا حدثنا شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده: - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها . ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصوم وتصلي ) .
قال البخاري في التاريخ الأوسط ج2/ص14:" وروى عثمان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة وعن أبيه عن علي في المستحاضة ولا يصح".
قلت ( أبو الحسين ): عثمان هو أبو اليقظان. وقد قال البخاري عنه في التاريخ الكبير ج2/ص161:" قال شريك عن عثمان أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة تجلس أيام إقرائها وعن عدي عن أبيه عن علي مثله ولا يتابع عليه وتكلم شعبة في أبي اليقظان وقال لي عبد الله بن أبي شيبة العبسي حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش قال سمعت عدي بن ثابت يقول أنا من القرن الذين دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم ".
لكن قال البيهقي في الصغرى ج1/ص126 :" أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد أنا ابن ملحان نا يحيى بن بكير قال قال الليث بن سعد لم يذكر ابن شهاب عن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة ولكنه شيء فعلته ؛قلت هكذا قال الشافعي ويكفيها غسل واحد عند ذهاب قدر حيضتها ثم تتوضأ لكل صلاة وتصوم وتصلي؛ وهكذا روى عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيه عن على مثله".
وعن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر خبرها قال ثم اغتسلي ثم توضئي لكل صلاة وصلي قال أحمد زاد فيه غيره عن وكيع وإن قطر الدم على الحصير وهذا حديث ضعيف ضعفه يحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني ويحيى بن معين وقال سفيان الثوري حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير ورواه حفص بن غياث عن الأعمش فوقفه على عائشة وأنكر أن يكون مرفوعا وأوقفه أيضا أسباط عن الأعمش ورواه أيوب أبو العلاء عن الحجاج بن أرطأة عن أم كلثوم عن عائشة وعن ابن شبرمة عن امرأة مسروق عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو داود وحديث أيوب أبي العلاء ضعيف لا يصح ورواه عمار بن مطر عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن قمير امرأة مسروق عن عائشة مرفوعا قال أبو الحسن الدارقطني تفرد به عمار بن مطر وهو ضعيف عن أبي يوسف والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوف وهذا فيما قرأته على أبي بكر بن الحارث عن الدارقطني قال أحمد وفي حديث شريك القاضي عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء عند كل صلاة قال يحيى بن معين جده اسمه دينار قال أبو داود حديث عدي بن ثابت هذا ضعيف لا يصح ورواه أبو اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده قال أحمد وروى أبو يوسف عن أبي أيوب الإفريقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة؛ قرئ على بشر بن الوليد الكندي وأنا حاضر قيل له حدثكم أبو يوسف القاضي عن عبد الله بن علي يعني الإفريقي فذكره وأبو يوسف ثقة إذا كان يروي عن ثقة إلا أن الإفريقي لم يحتج به صاحبا الصحيح وابن عقيل مختلف في جواز الاحتجاج به والله أعلم".
ويؤكد الزيلعي في نصب الراية ج1/ص72 أن ابن أبي ثابت لم يسمع من عروة؛ فيقول: قال أبو داود وروى عن الثوري انه قال ما حدثنا حبيب بن أبي ثابت إلا عن عروة المزني يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء قال أبو داود وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا انتهى والترمذي لم ينسب عروة في هذا الحديث أصلا وأما ابن ماجة فإنه نسبه فقال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع ثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة فذكره وكذلك رواه الدارقطني ورجال هذا السند كلهم ثقات قال الترمذي وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث ويقول لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة شيئا".
وقال شيخ الإسلام في الاختيارات الفقهية ( ص15):" والأحداث اللازمة كدم الاستحاضة وسلس البول لا تنقض الوضوء ما لم يوجد المعتاد وهو مذهب مالك؛ والدم والقيء وغيرهما من النجاسات الخارجة من غير المخرج المعتاد: لا تنقض الوضوء ولو كثرت وهو مذهب مالك والشافعي".
وأخيرا نقول: هل يصح بعد ذلك القول بوجوب الوضوء على المستحاضة لكل صلاة وقد سبق قبل قليل قول شيخ الإسلام في ذلك .
هذا وقد انتهجت منهج الاستقراء والتطبيق دون الحشو والتعليق وأعوذ بالله العظيم من مسالك الهوى والضلال فقد قال المعلمي رحمه الله في التنكيل3/252 :" وبالجملة فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى وقد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعماً أنه لا هوى لي فيلوح لي فيها معنى، فأقرره تقريراً يعجبني، ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعنى ، فأجدني أتبرم بذاك الخادش وتنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه وغض النظر عن مناقشة ذاك الجواب، و إنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني صرت أهوى صحته ، هذا مع أنه لا يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش ؟ فكيف لو لم يلح لي الخدش ولكن رجلاً آخر أعترض علي به ؟ فكيف كان المعترض ممن أكرهه ؟ هذا و لم يكلف العالم بأن لا يكون له هوى؟ فإن هذا خارج عن الوسع، وإنما الواجب على العالم أن يفتش نفسه عن هواها حتى يعرفه ثم يحترز منه ويمعن النظر في الحق من حيث هو حق، فإن بان له أنه مخالف لهواه آثر الحق على هواه".
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
الشريف أبو الحسين الحسيني
رزقه الله والسلفيين جميعا العلم النافع والعمل الصالح