منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-08-2010, 04:58 AM
كمال زيادي كمال زيادي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: الجمهورية السلفية الجزائرية
المشاركات: 516
شكراً: 4
تم شكره 20 مرة في 20 مشاركة
افتراضي وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان

بسم الله الرحمان الرحيم


قال الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر , وترك المنكرات وهو التقوى وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم , قال ابن جرير : الإثم ترك ما أمر الله بفعله والعدوان مجاوزة ما حد الله في دينكم ومجاوزة ما فرض الله عليكم في أنفسكم وفي غيركم , وقد قال الإمام أحمد : حدثنا هشيم , حدثنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن جده أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" انصر أخاك ظالما أو مظلوما " قيل : يا رسول الله هذا نصرته مظلوما فكيف أنصره إذا كان ظالما ؟ قال :" تحجزه وتمنعه من الظلم فذاك نصره " انفرد به البخاري من حديث هشيم به نحوه , وأخرجاه من طريق ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما " قيل : يا رسول الله هذا نصرته مظلوما , فكيف أنصره ظالما ؟ قال " تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه " .

وقال أحمد : حدثنا يزيد , حدثنا سفيان بن سعيد , عن الأعمش , عن يحي بن وثاب , عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم " وقد رواه أحمد أيضا في مسند عبد الله بن عمر , حدثنا حجاج , حدثنا شعبة عن الأعمش , عن يحي بن وثاب , عن شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم " وهكذا رواه الترمذي من حديث شعبة وابن ماجة من طريق إسحاق بن يوسف كلاهما عن الأعمش به .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد أبو شيبة الكوفي , حدثنا بكر بن عبد الرحمان , حدثنا عيسى بن المختار عن إبن أبي ليلى , عن فضيل بن عمرو , عن أبي وائل , عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الدال على الخير كفاعله " ثم قال لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد , قلت : وله شاهدفي الصحيح " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من إتبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا . "

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تفسير ابن كثير رحمه الله
ج 2 ص 8
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-08-2010, 05:00 AM
كمال زيادي كمال زيادي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: الجمهورية السلفية الجزائرية
المشاركات: 516
شكراً: 4
تم شكره 20 مرة في 20 مشاركة
افتراضي

وجوب التّعاون بين المسلمين



تأليف العلامة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين أحمده على ما له من صفات العظمة والكبرياء والجلال وأشكره على نعمه الظاهرة والباطنة في جميع الأوقات , وفي الغدو والآصال وأصلي على محمد أكمل الخلق في جميع الخصال اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه خير صحب وأشرف آل وعلى التابعين لهم في العقائد والأخلاق والأقوال والأفعال وسلم تسليما . أما بعد , فهذه رسالة تتضمن التنبيه على واجب المسلمين نحو دينهم , ووجوب التعاون بينهم في جميع المصالح والمنافع الكلية الدينية والدنيوية , وعلى موضوع الجهاد الشرعي , وعلى تفصيل الضوابط الكلية في هذه المواضيع النافعة الضرورية , وعلى البراهين اليقينية في أن الدين عند الله هو دين الإسلام .
عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي
قال الله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } [ سورة المائدة : الآية 2 ] فالبر اسم جامع لكل ما أمر الله به ورسوله , وأحبه الله ورسوله , من التحقق بعقائد الدين وأخلاقه , والعمل بآدابه وأقواله وأفعاله , من الشرائع الظاهرة والباطنة , ومن القيام بحقوق الله وحقوق عباده , ومن التعاون على الجهاد في سبيله إجمالا وتفصيلا , فكل هذا داخل في التعاون على البر . ومن التعاون على التقوى التعاون على اجتناب وتوقي ما نهى الله ورسوله عنه من الفواحش الظاهرة والباطنة , ومن الإثم والبغي بغير الحق , والقول على الله بلا علم , بل على ترك الكفر والفسوق والعصيان . ويدخل في ذلك التعاون على جميع الوسائل والأسباب التي يتقى بها ضرر الأعداء , من الاستعداد بالأسلحة المناسبة للوقت , وتعلم الصنائع المعينة على ذلك , والسعي في تكميل القوة المعنوية والمادية المعينة على ذلك . قال تعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } [ سورة الأنفال : الآية 60 ] وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم } [ سورة النساء : الآية 71 ] فيدخل في هذا الاستعداد بكل المستطاع من قوة عقلية وسياسية وصناعية , وتعلم الآداب العسكرية , والنظام النافع , والرمي والركوب , والتحرز من الأعداء بكل وسيلة يدركها المسلمون , واتخاذ الحصون الواقية . وقد أمر الله ورسوله بجهاد الكفار المعتدين - في آيات كثيرة وأحاديث متنوعة - بالنفس والمال والرأي , وفي حال الاجتماع , وفي كل الأحوال . والأمر بذلك أمر به وبكل أمر يعين عليه ويقويه ويقومه , وأخبر بما للمجاهدين في سبيله من الأجر والثواب العاجل والآجل , وما يدفع الله به من أصناف الشرور , وما يحصل به من العز والتمكين والرفعة , وما في تركه والزهد فيه من الذل والضرر العظيم ; وتوعد الناكلين عنه بالخذلان والسقوط الحسي والمعنوي ; وبين لهم الطرق التي يسلكونها في تقوية معنويتهم , فإنه حثهم على التآلف والاجتماع , ونهاهم عن التباغض والتعادي والافتراق . وذلك أن حقيقة الجهاد هو الجد والاجتهاد في كل أمر يقوي المسلمين ويصلحهم ويلم شعثهم , ويضم متفرقهم ويدفع عنهم عدوان الأعداء أو يخففه بكل طريق ووسيلة .
الجهاد نوعان : جهاد يقصد به صلاح المسلمين وإصلاحهم في عقائدهم وأخلاقهم وآدابهم , وجميع شئونهم الدينية والدنيوية , وفي تربيتهم العلمية والعملية , وهذا النوع هو أصل الجهاد وقوامه , وعليه يتأسس النوع الثاني , وهو جهاد يقصد به دفع المعتدين على الإسلام والمسلمين من الكفار والمنافقين والملحدين وجميع أعداء الدين ومقاومتهم . وهذا نوعان : جهاد بالحجة والبرهان واللسان , وجهاد بالسلاح المناسب في كل وقت وزمان . هذا مجمل أنواعه على وجه التأصيل . أما التفصيل فنقول :
قال تعالى : { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } [ سورة آل عمران : الآية 103 ] وقال تعالى : { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم } [ سورة الأنفال : الآيتان : 62 , 63 ] وقال : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } [ سورة الحجرات : الآيتان 9 , 10 ] وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( وكونوا عباد الله إخوانا . المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يكذبه ولا يخذله ) ; وقال : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد ) إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على هذا الأصل العظيم , فإن من أعظم الجهاد السعي في تحقيق هذا الأصل في تأليف قلوب المسلمين , واجتماعهم على دينهم ومصالحهم الدينية والدنيوية , في جمع أفرادهم وشعوبهم , وفي ربط الصداقة والمعاهدات بين حكوماتهم بكل وسيلة . ومن أنفع الأمور أن يتصدى لهذا الأمر جميع طبقات المسلمين من العلماء والأمراء والكبراء وسائر الأفراد منهم , كل أحد يجد بحسب إمكانه . فمتى كانت غاية المسلمين واحدة وهي ( الوحدة الإسلامية ) وسلكوا السبل الموصلة إليها , ودافعوا جميع الموانع المعوقة والحائلة دونها , فلا بد أن يصلوا إلى النجاح والفلاح . ومما يعين على هذا الإخلاص وحسن القصد فيما عند الله من الخير والثواب , وأن يعلموا أن كل سعي في هذا الأمر من الجهاد , وفي سبيل الله ومما يقرب إليه وإلى ثوابه . وأن المصلحة في ذلك مشتركة , فالمصالح الكليات العامة تقدم على المصالح الجزئيات الخاصة . ولهذا يتعين عليهم أن لا يجعلوا الاختلاف في المذاهب أو الأنساب أو الأوطان داعيا إلى التفرق والاختلاف ; فالرب واحد , والدين واحد , والطريق لإصلاح الدين وصلاح جميع طبقات المسلمين واحد , والرسول المرشد للعباد واحد , فلهذا يتعين أن تكون الغاية المقصودة واحدة . فالواجب على جميع المسلمين السعي التام لتحقيق الأخوة الدينية والرابطة الإيمانية , فمتى علموا وتحققوا ذلك , وسعى كل منهم بحسب مقدوره , واستعانوا بالله وتوكلوا عليه , وسلكوا طرق المنافع وأبوابها , ولم يخلدوا إلى الكسل والخور واليأس , نجحوا وأفلحوا . فإن الكسل والخور واليأس من أعظم موانع الخير , فإنها منافية للدين وللجهاد الحقيقي . فمن استولى عليه الكسل والخور لم ينهض لمكرمة . ومن أيس من تحصيل مطالبه انشلت حركاته ومات وهو حي . وهل أخر المسلمين في هذه الأوقات إلا تفرقهم , والتعادي بينهم , وخورهم , وتقاعدهم عن مصالحهم والقيام بشئونهم , حتى صاروا عالة على غيرهم ؟ ودينهم قد حذرهم عن هذا أشد التحذير , وحثهم على أن يكونوا في مقدمة الأمم في القوة والشجاعة , والصبر والمصابرة , والمثابرة على الخير , والطمع في إدراكه , وقوة الثقة بالله في تحقيق مطالبهم , ودفع مضارهم , وكمال التصديق بوعد الله لهم بالنصر إذا نصروه , وبالنجاح إذا سلكوا سبله , وبالإعانة والتسديد إذا كمل اعتمادهم عليه : { إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون } [ سورة النساء : الآية 104 ]



يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-08-2010, 05:01 AM
كمال زيادي كمال زيادي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: الجمهورية السلفية الجزائرية
المشاركات: 516
شكراً: 4
تم شكره 20 مرة في 20 مشاركة
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا } [ سورة الأحزاب : الآية 23 ] هذا نعت رجال الدين : الصدق الكامل فيما عاهدوا الله عليه , من القيام بدينه وإنهاض أهله , ونصره بكل ما يقدرون عليه , من مقال ومال وبدن وظاهر وباطن . ومن وصفهم الثبات التام على الشجاعة والصبر , والمضي في كل وسيلة بها نصر الدين . فمنهم الباذل لنفسه , ومنهم الباذل لماله , ومنهم الحاث لإخوانه على القيام بكل مستطاع من شئون الدين , والساعي بينهم بالنصيحة والتأليف والاجتماع , ومنهم المنشط بقوله وجاهه وحاله , ومنهم الفذ الجامع لذلك كله , فهؤلاء رجال الدين وخيار المسلمين : بهم قام الدين وبه قاموا , وهم الجبال الرواسي في إيمانهم وصبرهم وجهادهم , لا يردهم عن هذا المطلب راد , ولا يصدهم عن سلوك سبيله صاد ; تتوالى عليهم المصائب والكوارث , فيتلقونها بقلوب ثابتة , وصدور منشرحة لعلمهم بما يترتب على ذلك من الخير والثواب والفلاح والنجاح . وأما الآخرون , وهم الجبناء المرجفون , فبعكس حال هؤلاء . لا ترى منهم إعانة قولية ولا فعلية ولا جدية ; قد ملكهم البخل والجبن واليأس , وفيهم الساعي بين المسلمين بإيقاع العداوات والفتن والتفريق . فهذه الطائفة أضر على المسلمين من العدو الظاهر المحارب , بل هم سلاح الأعداء على الحقيقة . قال تعالى فيهم وفي أشباههم : { لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم } [ سورة التوبة : الآية 47 ] أي يستجيبون لهم تغريرا أو اغترارا . فعلى المسلمين الحذر من هؤلاء المفسدين , فإن ضررهم كبير وشرهم خطير , وما أكثرهم في هذه الأوقات , التي اضطر فيها المسلمون إلى التعلق بكل صلاح وإصلاح , وإلى من يعينهم وينشطهم .


يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-08-2010, 05:02 AM
كمال زيادي كمال زيادي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: الجمهورية السلفية الجزائرية
المشاركات: 516
شكراً: 4
تم شكره 20 مرة في 20 مشاركة
افتراضي

فهؤلاء المفسدون يثبطون عن الجهاد في سبيل الله ومقاومة الأعداء , ويخدرون أعصاب المسلمين ويؤيسونهم من مجاراة الأمم في أسباب الرقي , ويوهمونهم أن كل عمل يعملونه لا يفيد شيئا ولا يجدي نفعا . فهؤلاء لا خير فيهم بوجه من الوجوه . لا دين صحيحا , ولا شهامة دينية , ولا قومية ولا وطنية . لا دين صحيحا , ولا عقل رجيحا . فليعلم هؤلاء ومن يستجيب لهم أن الله لم يكلف الناس إلا وسعهم وطاقتهم , وأن للمؤمنين برسول الله أسوة حسنة , فقد كان له صلى الله عليه وسلم حالان في الدعوة والجهاد : أمر في كل حال بما يليق بها ويناسبها ; أمر في حال ضعف المسلمين وتسلط الأعداء بالمدافعة , والاقتصار على الدعوة إلى الدين , وأن يكف عن قتال اليد , لما في ذلك من الضرر المربي على المصلحة . وأمر في الحالة الأخرى أن يستدفع شرور الأعداء بكل أنواع القوة , وأن يسالم من تقتضي المصلحة مسالمته , ويقاوم المعتدين الذين تقتضي المصلحة , بل الضرورة , محاربتهم . فعلى المسلمين الاقتداء بنبيهم في ذلك , وهو عين الصلاح والفلاح .

قال تعالى : { وشاورهم في الأمر } [ سورة آل عمران : الآية 159 ] وقال في وصف المؤمنين : { وأمرهم شورى بينهم } [ سورة الشورى : الآية 38 ] وهذا يشمل جميع الأمور التي يحتاجونها , وتتعلق بها منافعهم الدينية والدنيوية . فعلى المسلمين أن يتشاوروا في تقرير المصالح والمنافع , وفي كيفية الوصول إليها , وفي تقرير الخطط التي يتعين سلوكها في صلاح أحوالهم الداخلية , وإصلاحها بحسب الإمكان , وفي الحذر من أعدائهم , ومقاومتهم , وسلوك الطرق السلمية أو الحربية بحسب ما تقتضيه المصلحة وبحسب الأحوال والظروف الحاضرة , وأن يعدوا لكل أمر عدته , وتجتمع قواهم كلها وعزائمهم على ما اتفقت آراؤهم على نفعه ومصلحته , فإن المشاورة من أعظم الأصول والسياسات الدينية , وفيها من الفوائد : امتثال أمر الله , وسلوك الطريق التي يحبها الله حيث نعت المؤمنين بها , وفيها الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه - مع كمال عقله ورأيه وتأييده بالوحي - كان يشاور أصحابه في الأمور المهمة . ومن فوائد المشاورة أنها من أكبر الأسباب لإصابة الصواب , وسلوك الوسائل النافعة لاجتماع آراء الأمة وأفكارها , وتنقيحها وتصفيتها . مع أن الله يعينهم في هذه الحال التي فعلوا فيها ما أمرهم به ويسددهم ويؤيدهم ومنها أن المشاورة تتنور فيها الأفكار , وتترقى المعارف والعقول , فإنها تمرين للقوة العقلية وتربية لها , وتلقيح للأذهان واقتباس لبعضهم من آراء بعض ومنها أنه قد يكون الصواب من مجموع رأيين أو ثلاثة أو أكثر , وإذا تقابل الصواب والخطأ ووزنتها العقول السليمة بالموازين العقلية التي لا تركن إلا إلى الحقائق الصحيحة ظهر الفرق بين الأمرين , ولا سبيل لذلك إلا بالمشاورة ومنها أن المشاورة من أسباب الألفة والمحبة بين المؤمنين , وشعور جميعهم أن مصالحهم واحدة مشتركة , وتنبيه للأفكار والآراء على النافع والأنفع , وعلى الصالح والأصلح , فإن ترك المشاورة يخمد الأفكار ويضيع الفرص التي يضر تضييعها . ففتح باب المشاورة عون كبير في إصلاح الأمور وإكمالها وتجنب المضار . وقد اتفق العقلاء على أن الطريق الوحيد لتحقيق الصلاح الديني والدنيوي هو طريق الشورى ; والله قد أرشد المسلمين إلى هذا الطريق , وأن يسعوا في ترقية أحوالهم بها . وعلمهم كيفية الوصول إلى كل أمر نافع , فإذا تعينت المصلحة في أمر سلكوه , وإذا ظهرت المضرة في طريق تركوه , وإذا تشابهت عليهم المسالك وتقابلت المنافع والمضار رجحوا ما ترجحت مصلحته من فعل وترك , فلا يدعون مصلحة داخلية ولا خارجية إلا بحثوا فيها وتشاوروا عليها وعملوا على ما اتفقت عليه آراؤهم , وبذلك يحمدون ويشكرون ويفلحون .



يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-08-2010, 05:03 AM
كمال زيادي كمال زيادي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: الجمهورية السلفية الجزائرية
المشاركات: 516
شكراً: 4
تم شكره 20 مرة في 20 مشاركة
افتراضي

قال تعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } [ سورة الأنفال : الآية 60 ] وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا } [ سورة النساء : الآية 71 ] تضمنت هاتان الآيتان جميع ما يلزم المسلمين في مدافعة الأعداء ومقاومتهم , وذلك بالاستعداد بالمستطاع من قوة عقلية وسياسية ومعنوية ومادية , فدخل في ذلك تعلم أنواع الفنون الحربية , والنظام السياسي والعسكري , والاستعداد بالقواد المحنكين المدربين , وصناعة الأسلحة , وتعلم الرمي والركوب بما يناسب الزمان , وبأخذ الحذر من الأعداء بالتحرز والتحصن , وأخذ الوقاية من شرهم , ومعرفة مداخلهم ومخارجهم , ومقاصدهم وسياساتهم , وعمل الأسباب والاحتياطات للوقاية من شرهم وضررهم وأن نكون منهم دائما على حذر في وقت السلم فضلا عن وقت الحرب , فإن جهل المسلمين بشيء من المذكورات نقص كبير فيهم , وقوة لعدوهم , وإغراء له بهم . فعلى المسلمين الأخذ بكل معنى من معاني الحذر , وبكل وسيلة من وسائل القوة والاستعداد , عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا . فإن جهل المسلمين بشيء من ذلك وكسلهم عن العمل ضرره كبير , وبذلك يكونون عالة على غيرهم , وهذا عنوان الذل , فإن لله سننا كونية جعلها وسائل للعز والرقي , من سلكها نجح , ودين الإسلام يحث عليها غاية الحث .

قال تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } [ سورة التغابن : الآية 16 ] وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) . فالله تعالى أمر بالجهاد بالنفس والمال , وبالأقوال والأفعال , وبالمباشرة وإعانة المباشرين , وبالدعوة والتحريض والتشجيع . وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ) فكل من في قلبه إيمان فلا بد أن يكون له نصيب من هذا الجهاد , وكل أحد فرض عليه أن يقوم بما يستطيعه من ذلك , ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها . فأهل الحل والعقد والرياسة من الملوك والأمراء والوزراء ورجال الدول الإسلامية عليهم أن يسعوا أحث السعي لتحصيل القوتين : القوة المعنوية والقوة المادية , وذلك بالسعي لإزالة الموانع والحواجز التي حالت بين المسلمين وبين اتفاقهم واجتماع كلمتهم , وأن يفهموا العوامل التي فرقتهم والأغراض المتباينة التي شتتتهم , وأن الأيدي الأجنبية تتوسل بذلك لتحصيل أغراضها , فمتى فهموها وعملوا على إزالتها بجد واجتهاد فلهم نصيب وافر من الجهاد في سبيل الله . وعلى أهل العلم من بيان فضل الجهاد ووجوبه , وتبيين منافعه الضرورية , وحض الناس عليه , والوعظ العام والخاص , أعظم مما على غيرهم . وعليهم أن يبينوا للناس أن جميع حركاتهم وأقوالهم وأفعالهم ونفقاتهم المقوية للدين المعينة للمسلمين في دفع اعتداء المعتدي , كل ذلك , داخل في الجهاد في سبيل الله ; فمتى عرف المؤمنون موضوع الجهاد , وأنه اسم جامع لسلوك كل سبب ووسيلة في إعلاء كلمة الدين , وفي مقاومة الأعداء والحذر والتحرز منهم , نشطوا للقيام به وأخلصوا لله فيه والعمل الخالص نفعه كبير , وأجره عظيم . وكذلك يجب على كل فرد من أفراد المسلمين أن يبدي مجهوده في نصر المسلمين بما يقدر عليه من قول وفعل ودعاية وحض لإخوانه عليه وكل أحد عليه من القيام بوظيفته الخاصة ما ليس على الآخر : فالملوك والأمراء وقواد الجيوش : عليهم من الواجبات بحسب مراتبهم ومقاماتهم , والجيوش العاملة عليها النهوض بوظيفتها والتزام القوة والشجاعة والصبر ; وعلى أهل الأموال بذل ما يحتاج المسلمون إليه في المنافع الكلية , وعلى أهل الصنائع النصح والجد في تعليم الصناعات النافعة للجهاد , فمتى قام كل أحد بوظيفته لم يزالوا في رقي وصعود في دينهم ودنياهم , وعزهم وشرفهم .
قد أمر الله في عدة آيات بالقيام بجميع الأسباب النافعة , والسعي في كل وسيلة فيها صلاح الأحوال . كما أمر في عدة آيات بالتوكل عليه والاعتماد على حوله وقوته . فبالقيام بهذين الأصلين العظيمين تقوم الأمور كلها وتتم وتكمل . والنقص والقصور إنما يجيء من الإخلال بهما أو بأحدهما , فالتوكل الذي لا يصحبه جد واجتهاد ليس بتوكل , وإنما هو إخلاد إلى الكسل وتقاعد عن الأمور النافعة ; كما أن العمل بالأسباب من دون اعتماد وتوكل على مسببها واستعانة به مآله الخسار والزهو والإعجاب بالنفس والخذلان . فالجمع بين التوكل على الله وبين الاجتهاد في فعل الأسباب هو الذي حث عليه الدين , وهو الذي كان عليه سيد المرسلين , وبهما يتحقق الإيمان , وتقوى دعائم الدين , وبهما تقوى معنوية المسلمين , حيث اعتمدوا على رب العباد , وأدوا ما في مقدورهم من جد واجتهاد .
قد علم من قواعد الدين أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب , وأن الوسائل لها أحكام المقاصد . ولا يخفى أنه لا يتم التحرز من أضرار الأمم الأجنبية والتوقي لشرورها إلا بالوقوف على مقاصدهم , ودرس أحوالهم وسياساتهم , وخصوصا السياسة الموجهة منهم للمسلمين ; فإن السياسة الدولية قد أسست على المكر والخداع , وعدم الوفاء , واستعباد الأمم الضعيفة بكل وسائل الاستعباد ; فجهل المسلمين بها نقص كبير وضرر خطير ; ومعرفتها والوقوف على مقاصدها وغاياتها التي ترمي إليها نفعه عظيم , وفيه دفع للشر أو تخفيفه , وبه يعرف المسلمون كيف يقابلون كل خطر . ولهذا كان من أركان السياسة والقيادة المعرفة والوقوف التام على أحوال الأعداء , فالسياسة الداخلية لا تتم إلا بأحكام السياسة الخارجية .

قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط } [ سورة النساء : الآية 135 ] { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } [ سورة المائدة : الآية 1 ] { ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا } [ سورة النحل : الآية 92 ] فهذان الأصلان العظيمان - وهما القيام بالقسط الذي هو العدل التام , على الأنفس والأقربين والأبعدين والأصدقاء والمعادين , والوفاء بالعهود والمعاقدات كلها من أكبر أصول الدين ومصالحه , وبها يتم الدين , ويستقيم طريق الجهاد الحقيقي , وتحصل الهداية والإعانة من الله تعالى , والنصر والمدافعة . فما ارتفع أحد إلا بالعدل والوفاء , ولا سقط أحد إلا بالظلم والجور والغدر . وبهذين الأمرين - مع بقية أصول الدين - حصل للدين الإسلامي من العز والشرف والرقي وقهر الأمم الطاغية ما لم يحصل لغيره . وبهذه الروح - روح الرحمة والعدل والوفاء - وصل الدين الإسلامي إلى مشارق الأرض ومغاربها , ودانت منه الأمم المتباينة طوعا وانقيادا ورغبة , وبتركه انتقض الأمر , ولم يزل الهبوط مستمرا , إلا أنه يحصل نفحات في بعض الأوقات بها ينتعش الدين إذا تشبثوا بشيء من هذه المقومات النافعة . ولهذا تجد القوات والحضارات الهائلة , التي يزعم أهلها أنها راقية في كل أحوالها لما كانت مبنية على الظلم والجشع والطمع وعدم المبالاة في ظلم الأمم الضعيفة , وكانت إذا قطعت عهودها ونفذت معاهداتها لم تبال بعد ذلك وفت أو غدرت , وإنما تلاحظ أطماعها الخاصة وأغراضها الردية ولسان حالهم يقول : السياسة مبنية على المكر والخدع والختر والغدر . لما كانت مع قوتها الهائلة مبنية على هذه الأصول المنهارة كانت هذه المدنية المزعومة والحضارة المدعاة مهددة كل وقت بالفناء والهلاك والتدمير ; والواقع أكبر شاهد على ذلك ; فلو أنها بنيت على الدين الحق والعدل واتباع الحق والوفاء بالمعاقدات ونصر المظلومين لكانت مدنية آمنة , ولكنها في الحقيقة مادية محضة , والقوة المادية إذا لم تبن على الحق فإنها منهارة لا محالة , وربما كان سلاحها الفتاك هو مادة هلاكها وعقوبتها . والمقصود , أن المسلمين بالمعنى الحقيقي لا يغترون بقوة هؤلاء الماديين , وإنما يقومون بالعدل التام في جميع أمورهم , وبالوفاء الكامل في حق الصديق والعدو . وهذه الأمور كلها مضطرة إلى التوكل على الله , والاعتماد على حوله وقوته , وكمال الثقة به في تيسير الأمور وتذليل الصعاب , فيكون المتوكل يعمل بجد واجتهاد , مطمئنا بالله , واثقا بوعده وكفايته , لا يرجو غيره ولا يخاف سواه , لا يملكه اليأس ولا يساوره القنوط ; غير هياب ولا وجل ولا متردد , لأنه يعلم أن الأمور بيد الله , وأن نواصي الخليقة في قبضته وتحت تدبيره . بهذا التوكل التام والعمل الكامل نال المسلمون الأولون العز والشرف والسلطان وصلاح الأحوال . وهذا الذي يجب أن يكون عليه المسلمون الآن , وأن يكون العمل والتوكل نصب أعينهم , فلا يميلوا إلى التواكل والتخاذل والإخلاد إلى البطالة والكسل , فإن هذا ينافي التوكل الحقيقي غاية المنافاة ; كحال كثير من الناس في هذه الأوقات : يشاهدون عدوهم يحاربهم , ويسلبهم حقوقهم , وهم ساكتون لا يدفعونه بوسيلة من الوسائل , ولا يبدون ما يقدرون عليه من مقاومته التي لا يعذرون عن القيام بها , فتكون النتيجة من هذا السكوت والتقاعد الضار ضياع استقلالهم , وذهاب ملكهم وأموالهم , والسيطرة على حقوقهم وحلول المصائب المتنوعة بهم من كل جانب , ويقولون : نحن متوكلون . كلا والله , بل هم كسالى متواكلون , قد استولى عليهم الخور , وأعقبه الذل واستعباد الأجانب لهم .
ربط الصداقات وعقد المعاهدات بين الحكومات الإسلامية من الجهاد في سبيل الله قال تعالى : { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } [ سورة الحجرات : الآية 10 ] فمن أهم مسائل الجهاد في هذه الأوقات عقد المعاهدات , وتوثيق المودة والصداقة بين الحكومات الإسلامية , مع احتفاظ كل حكومة بشخصيتها وحقوقها الدولية وإدارتها داخلا وخارجا , والتكافل بينها والتضامن , وأن يكونوا يدا واحدة على من تعدى عليهم أو على شيء من حقوقهم , وأن يكون صوتهم واحدا , وتسهيل الأمور الاقتصادية فيما بينهم طلبا لمصلحة الكل وتقريب بعضهم من بعض , وأن يعملوا لهذا الموضوع أعماله اللائقة به , المناسبة للظروف الحاضرة , وأن يسعوا كل السعي لتحقيق هذا وإزالة جميع العقبات الحائلة دونه , والمعوقة له . وهذه الأمور وإن كانت في بادئ الرأي صعبة , وقد وضع الأعداء لها العراقيل المعوقة , فإنها يسيرة بتيسير الله وقوة العمل مع التوكل عليه . واليوم وإن كان المسلمون مصابين بضعف شديد , والأعداء يتربصون بهم الدوائر , وهذه الحالة قد أوجدت في المسلمين أناسا ضعيفي الإيمان , ضعيفي الرأي والقوة والشجاعة , قد ملكهم اليأس والخور , يتشاءمون بأن الأمل في رفعة الإسلام قد ضاع , وأن المسلمين يتنقلون من ضعف إلى ضعف , فهؤلاء قد غلطوا أشد الغلط , فإن هذا الضعف عارض , له أسباب , وبالسعي في زوال أسبابه تعود صحة الإسلام كما كانت , وتعود إليه قوته التي فقدها منذ أجيال . ما ضعف المسلمون إلا لأنهم خالفوا كتاب ربهم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وتنكبوا السنن الكونية التي جعلها الله بحكمته مادة لحياة الأمم ورقيها في هذه الحياة . فإذا رجعوا إلى ما مهده لهم دينهم , وإلى تعاليمه النافعة وإرشاداته العالية , فلا بد أن يصلوا إلى الغاية كلها أو بعضها . وهذا المذهب المهين - مذهب التشاؤم - لا يرتضيه الإسلام , بل يحذر عنه أشد التحذير , ويبين للناس أن النجاح مأمول , وأن مع العسر يسرا , وأن المسلمين إذا عملوا بتقوى الله وبالأسباب التي أرشدهم الله إليها واقتدوا بنبيهم فيها , وصبروا , فلا بد أن يفلحوا وينجحوا . فليتق الله هؤلاء المتشائمون , وليعلموا أن المسلمين أقرب الأمم إلى النجاح الحقيقي والرقي الصحيح , لأن دينهم كله عروج وصعود في عقائده وآدابه , وأخلاقه ومقاصده وأسبابه , وجمعه بين مصالح الدنيا والآخرة , ومنافع الروح والجسد . ويقابل هؤلاء طائفة يؤملون الآمال بلا قوة ولا أعمال , ويقولون ولا يفعلون , فتراهم يتحدثون بمجد الإسلام ورفعته , وأن الرجاء والطمع في ذلك غير بعيد , ولكنها أقوال بلا أفعال , ولا يصحبها سعي لا قوي ولا ضعيف , ولا يقدمون لدينهم منفعة بدنية ولا مالية , ولا يساعدون على مصلحة عامة كلية . وهذا كله غرور واغترار , ويترتب عليه أنواع من الشرور والمضار . وأما رجال الدين الذين هم غرة المسلمين , وهم رجال الدنيا والدين , فهم الذين أبدوا جدهم واجتهادهم , وقرنوا بين الأقوال والأفعال , وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأقوالهم ودعاياتهم , وإنهاض إخوانهم , وتبرءوا من مذهب المتشائمين , ومن أهل الأقوال الخالية من الأعمال . قد نهضوا بأمتهم , وقصدوا في سعيهم الغايات الحميدة , وسلكوا طريق المجد . فهؤلاء الرجال الذين يناط بهم الأمل , وتدرك المطالب العالية بمساعيهم المشكورة وأعمالهم المبرورة .


يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:52 AM.


powered by vbulletin