منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-06-2010, 03:12 PM
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 331
شكراً: 21
تم شكره 44 مرة في 37 مشاركة
افتراضي فتح رب البرية في زجر أصحاب الإدعاءات الكاذبة من الحدادية وأشباه الحدادية ونقول

فتح رب البرية
في زجر أصحاب الإدعاءات الكاذبة من الحدادية وأشباه الحدادية
ونقول لهم إدعاءاتكم
لا تضر دعوتنا السلفية



بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين وعليه التكلان
الحمد لله مظهر الحق ومعليه، وقاطع الباطل وذويه، قال جل وعز:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}[1]،وقال سبحانه{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}[2] ، وقال سبحانه {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}[3]، أحمده حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
أما بعد:فإن أهل السنة والحديث لا يزالوا يواجهون عدداً من المشاكل التي يفتعلها أهل الفتن من أهل الـأهواء والبدع ومنهم الحدادية وأشباه الحدادية وغيرهم ، الذين يبهتون الأبرياء من أهل السنة السلفيين من الذين يشهد لهم بصحة العقيدة وسلامة المنهج والسير على مذهب السلف أهل الحديث ،فضلاً على أن يتكلموا في أهل العلم السلفيين ويتكلمون فيهم بغير حق واتباعاً لأهوائهم، ومن ذالكم أنهم إذا أصَّلوا القاعدة بجهلهم وزخرفو ها تلقاها غيرهم بالقبَول ممن قل علمهم ودحض فهمهم والله المستعان .
ومن أبرز ما عند القوم ،ماذكروه علماءنا في بعض صفاتهم أي، الحدادية وممن شابههم أو تشبه بهم[4]
1-بغضهم لعلماء المنهج السلفي المعاصرين وتحقيرهم وتجهيلهم وتضليلهم والافتراء عليهم ولا سيما أهل المدينة وسوء الأدب مع العلماء ورد أقوالهم فضلا على الطعن فيهم ، وأي طعن يصدر من هؤلاء فيهم فإن مبناه على الهوى والجهل ، وكان الأجدر بهم أن يردوا على أهل البدع الذين يعانقونهم وصاروا يدافعون عليهم دفاع المحب لمن يحب .
2-الزهد في الرجوع إلى أهل العلم ، لماذا ؟لأنهم صاروا أهل اجتهاد وترجيح ،وأي ترجيح مبناه الجهل بعلم قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،وكيف يرجعون إليهم وهم يستطيعون أن يبدعوا ويفسقوا ويحكمون بأحكامهم الجائرة الظالمة دون روية ،وهذا إن دل فإنه يدل على مخالفتهم لمذهب السلف الصالح رضوان الله عليهم .
3-العداوة الشديدة للسلفيين مهما بذلوا من الجهود في الدعوة إلى السلفية والذب عنها، ومهما اجتهدوا في مقاومة البدع والحزبيات والضلالات،والحكم عليهم بما يظنون أو لعلي أقول بما يرونه في مناماتهم التي يلبسها عليهم الشيطان {فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}أتحكمون بقال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أم تحكمون بما حذركم الله منه وهو اتباع الهوى قال جل وعز:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}[5] ولاحظ كلمة { بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا }.
قال الحافظ ابن كثير-رحمه الله- :أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} وهذا هو البهت البين أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه، على سبيل العيب والتنقصاهـ[6]
قال الإمام القرطبي-رحمه الله-:أذية المؤمنين والمؤمنات هي أيضا بالأفعال والأقوال القبيحة، كالبهتان والتكذيب الفاحش المختلق.
وهذه الآية نظير الآية التي في النساء: { ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا }[7] كما قال هنا. وقد قيل: إن من الأذية تعييره بحسب مذموم، أو حرفة مذمومة، أو شيء يثقل عليه إذا سمعه، لان أذاه في الجملة حرام اهـــ[8]
قال العلامة السعدي-رحمه الله-: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } أي: بغير جناية منهم موجبة للأذى {فَقَدِ احْتَمَلُوا} على ظهورهم { بُهْتَانًا } حيث آذوهم بغير سبب {وَإِثْمًا مُبِينًا} حيث تعدوا عليهم، وانتهكوا حرمة أمر اللّه باحترامهااهـــ[9]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:وليس لأحد من المعلمين أن يعتدي على الآخر ولا يؤذيه بقول ولا فعل بغير حق ؛ فإن الله تعالى يقول : { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا }[10] وليس لأحد أن يعاقب أحدا على غير ظلم ولا تعدي حد ولا تضييع حق ؛ بل لأجل هواه ؛ فإن هذا من الظلم الذي حرم الله ورسوله ؛ فقد قال تعالى : فيما روى عنه نبيه صلى الله عليه وسلم { يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا }[11]، وإذا جنى شخص فلا يجوز أن يعاقب بغير العقوبة الشرعية وليس لأحد من المتعلمين والأستاذين أن يعاقبه بما يشاء وليس لأحد أن يعاونه ولا يوافقه على ذلك مثل أن يأمر بهجر شخص فيهجره بغير ذنب شرعي أو يقول : أقعدته أو أهدرته أو نحو ذلك فإن هذا من جنس ما يفعله القساقسة والرهبان مع النصارى والحزابون مع اليهود ومن جنس ما يفعله أئمة الضلالة والغواية مع أتباعهم . وقد قال الصديق الذي هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته : أطيعوني ما أطعت الله فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليكم . وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم { لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق }[12] ،وقال : " { من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه }[13] . فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص ؛ أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده ونحو ذلك : نظر فيه فإن كان قد فعل ذنبا شرعيا عوقب بقدر ذنبه بلا زيادة وإن لم يكن أذنب ذنبا شرعيا لم يجز أن يعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره . وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى كما قال تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}[14] ، وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهدا بموافقته على كل ما يريده ؛ وموالاة من يواليه ؛ ومعاداة من يعاديه بل من فعل هذا كان من جنس جنكيزخان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقا موالياً ومن خالفهمعدواً باغيا ؛ بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله ؛ ويفعلوا ما أمر الله به ورسوله ؛ ويحرموا ما حرم الله ورسوله ؛ ويرعوا حقوق المعلمين كما أمر الله ورسوله . فإن كان أستاذ أحد مظلوما نصره وإن كان ظالما لم يعاونه على الظلم بل يمنعه منه ؛ كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل : يا رسول الله أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال : تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه}[15] . وإذا وقع بين معلم ومعلم أو تلميذ وتلميذ أو معلم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق فلا يعاونه بجهل ولا بهوى بل ينظر في الأمر فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل سواء كان المحق من أصحابه أو أصحاب غيره؛ وسواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره فيكون المقصود عبادة الله وحده وطاعة رسوله ؛ واتباع الحق والقيام بالقسط قال الله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا }[16] يقال : لوى يلوي لسانه : فيخبر بالكذب . والإعراض : أن يكتم الحق ؛ فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس . ومن مال مع صاحبه - سواء كان الحق له أو عليه - فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله والواجب على جميعهم أن يكونوا يدا واحدة مع المحق على المبطل فيكون المعظم عندهم من عظمه الله ورسوله والمقدم عندهم من قدمه الله ورسوله والمحبوب عندهم من أحبه الله ورسوله والمهان عندهم من أهانه الله ورسوله بحسب ما يرضي الله ورسوله لا بحسب الأهواء ؛ فإنه من يطع الله ورسوله فقد رشد ؛ ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه . فهذا هو الأصل الذي عليهم اعتماده ، وحينئذ فلا حاجة إلى تفرقهم وتشيعهم ؛ فإن الله تعالى يقول : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء }[17] . وقال تعالى : { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات [18]}[19]اهـــ
قال الإمام البخاري-رحمه الله-:حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث عن الحسين عن عبد الله بن بريدة قال حدثنى يحيى بن يعمر أن أبا الأسود الديلى حدثه عن أبى ذر - رضى الله عنه - أنه سمع النبى - صلى الله عليه وسلم - يقول « ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ، ومن ادعى قوما ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار » .).
قال الحافظ-رحمه الله-:وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والادعاء إلى غيره ، وقيد في الحديث بالعلم ولا بد منه في الحالتين إثباتا ونفيا لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له ، وفيه جواز إطلاق الكفر على المعاصي لقصد الزجر كما قررناه ، ويؤخذ من رواية مسلم تحريم الدعوى بشيء ليس هو للمدعي ، فيدخل فيه الدعاوي الباطلة كلها مالا وعلما وتعلما ونسبا وحالا وصلاحا ونعمة وولاء وغير ذلك ، ويزداد التحريم بزيادة المفسدة المترتبة على ذلك ، واستدل به ابن دقيق العيد للمالكية في تصحيحهم الدعوى على الغائب بغير مسخر لدخول المسخر في دعوى ما ليس له وهو يعلم أنه ليس له ، والقاضي الذي يقيمه أيضا يعلم أن دعواه باطلة ، قال : وليس هذا القانون منصوصا في الشرع حتى يخص به عموم هذا الوعيد ، وإنما المقصود إيصال الحق لمستحقه فترك مراعاة هذا القدر ، وتحصيل المقصود من إيصال الحق لمستحقه أولى من الدخول تحت هذا الوعيد العظيم اهـــ[20]
وقال النووي-رحمه الله-:وفي هذا الحديث تحريم دعوى ما ليس له في كل شيء سواء تعلق به حق لغيره أم لا .
وفيه أنه لا يحل له أن يأخذ ما حكم له به الحاكم إذا كان لا يستحق . والله تعالى أعلم اهــ[21]
قال الإمام أحمد-رحمه الله-: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الصَّقْعَبِ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ حَمَّادٌ أَظُنُّهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَيْهِ جُبَّةُ سِيجَانٍ مَزْرُورَةٌ بِالدِّيبَاجِ فَقَالَ أَلاَ إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ وَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ. قَالَ يُرِيدُ أَنْ يَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ وَيَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ابْنِ رَاعٍ. قَالَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ وَقَالَ « أَلاَ أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لاَ يَعْقِلُ ». ثُمَّ قَالَ « إِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ نُوحاً - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لاِبْنِهِ إِنِّى قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ آمُرُكَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَتْ فِى كَفَّةٍ وَوُضِعَتْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فِى كَفَّةٍ رَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً قَصَمَتْهُنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلاَةُ كُلِّ شَىْءٍ وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ ». قَالَ قُلْتُ أَوَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الشِّرْكُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الْكِبْرُ - قَالَ - أَنْ يَكُونَ لأَحَدِنَا نَعْلاَنِ حَسَنَتَانِ لَهُمَا شِرَاكَانِ حَسَنَانِ قَالَ « لاَ ». قَالَ هُوَ أَنْ يَكُونَ لأَحَدِنَا حُلَّةٌ يَلْبَسُهَا قَالَ « لاَ ». قَالَ الْكِبْرُ هُوَ أَنْ يَكُونَ لأَحَدِنَا دَابَّةٌ يَرْكَبُهَا قَالَ « لاَ ». قَالَ أَفَهُوَ أَنْ يَكُونَ لأَحَدِنَا أَصْحَابٌ يَجْلِسُونَ إِلَيْهِ قَالَ « لاَ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الْكِبْرُ قَالَ ( سَفَهُ الْحَقِّ وَغَمْصُ النَّاسِ).[22]
قال أمير المؤمنين في الحديث محمد ناصر الدين الألباني-رحمه الله-:
قلت : و فيه فوائد كثيرة ، اكتفي بالإشارة إلى بعضها :.........)إلى أن قال-رحمه الله-:
6 - أن الكبر الذي قرن مع الشرك و الذي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منه إنما هو الكبر على الحق و رفضه بعد تبينه ، و الطعن في الناس الأبرياءبغيرحق .
فليحذر المسلم أن يتصف بشيء من مثل هذا الكبر كما يحذر أن يتصف بشيء من الشرك الذي يخلد صاحبه في النار اهــــ[23]
قال الإمام أحمد-رحمه الله-:حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِىٍّ أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمُتَوَكِّلِ أَوْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ لَقِىَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً وَأَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّباً بِهَا نَفْسُهُ مُحْتَسِباً وَسَمِعَ وَأَطَاعَ فَلَهُ الْجَنَّةُ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَخَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ بهْبُ مُؤْمِنٍ أَوِ الْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ أَوْ يَمِينٌ صَابِرَةٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالاً بِغَيْرِ حَقٍّ ).[24]
قال الإمام أحمد-رحمه الله-:حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى يَحْيَى مَوْلَى جَعْدَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلاَنَةَ تَذْكُرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاَتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِى جِيرَانَهاَ بِلِسَانِهَا قَالَ ( هِىَ فِى النَّارِ ). قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلاَنَةَ تَذْكُرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاَتِهَا وَأَنَّهَا تَصَدَّقُ باِلأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ وَلاَ تُؤْذِى جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ ( هِىَ فِى الْجَنَّةِ ).[25]
قال الإمام أحمد-رحمه الله-:حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ قَالَ خَرَجْنَا حُجَّاجاً عَشْرَةً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ حَتَّى أَتَيْنَا مَكَّةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ فَأَتَيْنَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا يَعْنِى ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يَقُولُ ( مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِى أَمْرِهِ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَيْسَ بِالدِّينَارِ وَلاَ بِالدِّرْهَمِ وَلَكِنَّهَا الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ وَمَنْ خَاصَمَ فِى بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِى سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ وَمَنْ قَالَ فِى مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ). [26]
قال العلامة المحدث ربيع بن هادي -حفظه الله -:فهذه التعصبات الآن موجودة ملموسة بالأيدي لا تقبل حجة ولا يقبل برهاناً ولا يصَّدق الصادقويصدق الكاذب، هذا موجود هذه آفات، يا إخوتاه لا بد من استدراك أنفسنا ومحاولة التخلص منها والقضاء عليها.
يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام : (من نصر باطلا وهو يعلمه فلن يزال في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه اسكنه اله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال )[27] ردغة الخبال هي عصارة أهل النار أظنه شر موقع في الجحيم والعياذ بالله، أظنه أخبث وأنتن موضع يسكنه من ينصرون الباطل سواء كان هذا الباطل كفرا أو كان بدعة أو كان ما كان هذا الباطل ينصره وهو يعلم أنه باطل يكون في سخط الله عز وجل لا يزال حتى ينزع منه، وإذا خاصم في باطل أو قال في امرء مسلم ما ليس فيه تكون عقوبته أن يسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، وفي رواية للطبراني ( ولن يخرج، ولم يخرج )كيف يخرج وهو يبهت المؤمنين الأبرياء النزهاء.
فيا إخوتاه علينا أن نعتصم بحبل الله وأن نبتعد عن التفرق وأسبابه وأسأل الله تبارك وتعالى أن يبصرنا بالحق وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ورزقنا اجتنابه، وأن يجعلنا من دعاة الحق وأنصار الحق البعيدين عن نصرة الباطل وعن بهت الأبرياء من المؤمنين الذي أخبرنا رسول الله عن مصير من يقع فيهم اهــ[28]
وقال أيضا -حفظه الله-:وينبغي لكل مسلم أن يُعِدَّ نفسه لأن يكون من طلاَّب العلم؛ ليعرف الله ويعرف دينه ويعرف رسوله ويعرف شرائع الإسلام ثم يدعوا إليها، هذا أمر لابد منه وأن يكون في المسلمين فينبغي لكلِّ من تتوفر فيه الكفاءة أن يُرَشِّحَ نفسه أن يكون ممن يقوم بهذه الفرائض، فرائض الكفاية؛ فيؤديها للمسلمين ويؤديها عن المسلمين؛ فإذا توفر العدد الكافي للنُّهوض بهذا الواجب، لم يبق على سائر المسلمين إلا معرفة ما يتعيَّن عليهم معرفته، يجب على العامي وسائر أفراد المسلمين أن يعرفوا ما أوجبه الله عليهم من فروض الأعيان، ثم بعد ذلك الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله والبِر بالمؤمنين واحترام أموالهم وأنفسهم وأعراضهم؛ فإنَّ كثيراً من النَّاس يتساهلون في هذه الأمور، في حقوق الله ـ تبارك وتعالى ـ وفي حقوق المسلمين ولا سيما في هذه الأيام، كثر الظلم وانتهاك الأعراض ظلمًا وبغيًا وعدوانًا، أعراض المؤمنين الأبرياء وخاصَّة من يدعون إلى منهج الله الحق، وإلى منهج السلف الصالح، يدعون إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فيتصدى لهم أهل الأهواء وأهل الفتن بالطَّعن والتشويه على طريقة أعداء الأنبياء؛ فإنَّ هذه الأصناف تؤذي ورثة الأنبياء الدُّعاة إلى دين الله وشرعه؛ فيجب أن يرجع هؤلاء إلى الله وأن يتوبوا إلى الله وأن يُدركوا أنهم وقعوا في وادٍ من أودية الهلاك ـ والعياذ بالله ـ حيث يصدُّون عن سبيل الله الحق بتصرفاتهم هذه ومواقفهم التي تصدُّ عباد الله عن دين الله، وعن شريعة الله، وعن منهج الله الحق، يجب على هؤلاء أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يقفوا بين يدي الله ـ تبارك وتعالى ـ؛ فيحاسبهم الحساب الشَّديد، وليعرفوا أنَّه ما من كلمة يقولونها إلا وهي مُسجَّلة في صحائف سيئاتهم السَّوداء، ما من كلمة باطل يقولونها للصدِّ عن سبيل الله وتشويه أوليائه والدعاة إلى منهجه إلاَّ سوف يحاسبهم الله ـ تبارك وتعالى ـ وسوف يوفيهم جزاءهم إلا أن يتوبوا إلى الله وينيبوا إليه ويُكَفِّروا عن هذا الأمر الذي وقعوا فيه وأوقعوا فيه كثيراً من النَّاس، قال الرسول- صلى الله عليه وسلم - ( إِنَّ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً فَتَهْوِي بِهِ في جَهَنَّمَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً فَيَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَات )[29]؛ فيجب أن يَتَحَرَّى الكلام الذي يرفعه عند الله درجات، ويبتعد عن الكلام والأقوال والشَّائعات الظالمة التي تهوي به في جهنَّم إلى دركات ودركات ـ والعياذ بالله {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[30]، {وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ}[31]، فنعوذ بالله ونعوذ بالله من هذا المصير؛ أن نحصد شرور ما تجنيه ألسنتنا؛ فقيِّد لسانك بتقوى الله تبارك وتعالى ، ومراقبة الله، واستشعر أنَّك ما يخطر في قلبك من باطل وشر إلا وربك مُطَّلِع عليه ـ سبحانه وتعالى ـ ولا يتحرَّك لسانك بشرٍّ وباطل إلا والله مراقبك والملائكة يكتبون ذلك عنك {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)} [32]ويقول الرَّسول الكريم - صلى الله عليه وسلم ( عَلاَمَةُ المنَافِقِ أَرْبَعٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ )[33]، هذه من علامات النِّفاق ( إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ) بينك وبينه خصومة في أمر دنيوي أو أمر ديني يذهب يفتري الأكاذيب الظالمة وينهش أعراض الأبرياء الذين يخاصمونه، ويشيع هذا في أرجاء الأرض ويذهب كثير من النَّاس يردد هذا الباطلويحارب الحقويخاصم ـ والعياذ بالله ـ في باطل، ( ومَنْ خَاَصمَ في بَاطِلٍ لَمْ يَزَلْ في سَخَطِ اللهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ حَتَّى يَنْزِعَ مما قال، وَمَنْ قَالَ في مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيه أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مما قَالَ )[34]، هذه أمور عظيمة جدًا، خصوصاً إذا كانت الخصومة في دين الله، في الحق، في الصِّراع بين الحق والباطل، في الصِّراع بين المناهج الصحيحة والمناهج الفاسدة، في الصِّراع بين العقائد الصحيحة والعقائد الفاسدة، فما يكتفي الإنسان بفساد منهجه وفساد عقيدته ويقف عند هذا الحد الخطير، بل يتجاوز ذلك ـ والعياذ بالله ـ إلى مخاصمة الحق بالباطل ـ والعياذ بالله ـ ؛ فهذا يسكنه الله ـ تبارك وتعالى ـ في ردغة الخبال وردغة الخبال كما فَسَّرَها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي صديد أهل النار صديد أهل النار، لعل هذه المنطقة التي يسكن فيها المخاصم في الباطل، والمتقول على الأبرياء ما ليس فيهم، يسكنه الله في أخس زوايا جهنم وأقذرها وأنتنها وأخبثها ـ والعياذ بالله ـ إن لم ينزع عمّا قال ويتوب إلى الله اهـ[35]
أيها المسلم السلفي احذر ثم احذر من الكلام بدون بينة ولا برهان في حق المسلمين والمسلمات ، فالإدعاءات من شأن المنافقين ، وصاحبها له إثم عظيم ، هات أدلتك واسلك مسالك أهل العلم في سرد كلام العلماء في القضايا المختلف فيها عقدية أو منهجية أو فقهية فإن عجزت فدع عنك الدعاوى الباطلة ودع عنك أراجيف أهل الأهواء،نحن بحمد الله لا نكتفي بالدعاوي، بل لابد من البراهين والاستقامة، وسلوك طريقة السلف الصالح أصحاب الحديث قال جل وعز : {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}[36] ،وقال جل وعز { قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) }
قال العلامة السعدي-رحمه الله-:قال:{ قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا } فلو كان لهم علم -وهم خصوم ألداء- لأخرجوه، فلما لم يخرجوه علم أنه لا علم عندهم. { إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ } ومَنْ بنى حججه على الخرص والظن، فهو مبطل خاسر، فكيف إذا بناها على البغي والعناد والشر والفساد؟اهــ[37]
قال الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني -رحمه الله –:الدَّعَاوَى جَمْعُ دَعْوَى وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ ادَّعَى شَيْئًا إذَا زَعَمَ أَنَّهُ لَهُ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا( وَالْبَيِّنَاتُ ) جَمْعُ بَيِّنَةٍ وَهِيَ الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ سُمِّيَتْ الْحُجَّةُ بَيِّنَةً لِوُضُوحِ الْحَقِّ وَظُهُورِهِ بِهَا .
( عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِلْبَيْهَقِيِّ ) أَيْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ( بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ : { الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ }وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ .
وَالْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ أَحَدٍ فِيمَا يَدَّعِيه لِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ أَوْ تَصْدِيقِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَخَلَفُهَا .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ فَيَقْوَى بِهَا ضَعْفُ الْمُدَّعِي ؛ وَجَانِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَوِيٌّ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فَرَاغُ ذَاتِهِ فَاكْتَفَى مِنْهُ بِالْيَمِينِ وَهِيَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ اهــ[38]
قلت:وإن هذه الإدعاءات قد تساهل فيها كثير من الناس ، لأنهم صاروا لا يقيمون وزناً لما يقولون، ولا ينظرون في جرم صنعهم بأعراض الناس ، ولو كان لهؤلاء المدعين مزيد علم بكتاب الله جل وعز ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من ذرب اللسان لما وقعوا في ذلك .
قال الإمام البخاري- رحمه الله-:حدثني إبراهيم بن حمزة حدثني ابن أبى حازم عن يزيد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة التيمي عن أبى هريرة سمع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها ، ينزل بها في النار أبعد مما بين المشرق ) .
أخي المسلم ، لا تَنْسَ دائماً أن ملاك الخير حفظ اللسان ، وهو سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة .
قال الإمام أبو عيسى الترمذي-رحمه الله-:حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِىُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِى النَّجُودِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فِى سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِى مِنَ النَّارِ. قَالَ ( لَقَدْ سَأَلْتَنِى عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ). ثُمَّ قَالَ ( أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ). قَالَ ثُمَّ تَلاَ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ (يَعْمَلُونَ) ثُمَّ قَالَ ( أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ). قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ ( رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ). ثُمَّ قَالَ( أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ). قُلْتُ بَلَى يَا نَبِىَّ اللَّهِ قَالَ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ ( كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ). فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ). [39]
ثانيا:وهذه الدعاوى المزخرفة بالباطل لم يسلم منها حتى خير البشر صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم،قال جل وعز{ بَلْ قالوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افتراه بَلْ هُوَ شَاعِر}وقد رد الله عليهم هذه الدعاوى الباطلة في قوله جل وعز : {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العالمين وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } ٌ وقوله تعالى : {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشعر وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ القول عَلَى الكافرين } وقوله في رد دعواهم إنه افتراه : { وَمَا كَانَ هذا القرآن أَن يفترى مِن دُونِ الله ولكن تَصْدِيقَ الذي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ العالمين أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وادعوا مَنِ استطعتم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [40]، وقوله تعالى : { أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وادعوا مَنِ استطعتم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [41]، وقوله تعالى : { مَا كَانَ حَدِيثاً يفترى ولكن تَصْدِيقَ الذي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [42]إلى غير ذلك من الآيات ، وكقوله في رد دعواهم إنه كاهن أو مجنون : { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [43]، وقوله تعالى : { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } [44]، وقوله تعالى : {قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مثنى وفرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [45]، وقوله : {أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ بالحق وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [46]إلى غير ذلك من الآيات المبينة إبطال كل ما ادعوه في النَّبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم[47]

يتبع بإذن الله

[1]-[سورة الأنبياء:18].

[2]-[سورة الإسراء:81].

[3]-[سورة سبأ:49].

[4]-راجع رسالة "مميزات الحدادية"للشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله.

[5]-[سورة الأحزاب:58].

[6]-(تفسير القرآن العظيم (6/480) تحقيق :سامي بن محمد سلامة ، ط/دار طيبة .

[7]-[ سورة النساء: 112 ].

[8]-الجامع لأحكام القرآن(14/240) ط / دار إحياء التراث.

[9]- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (1/671)ط/ مؤسسة الرسالة.

[10]- [سورة الأحزاب: 58].

[11]- أخرجه مسلم في البر والصلة (6572)، وابن حبان (619)، والبخاري في الأدب المفرد (497)، وعبد الرزاق في المصنف (20272)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه.

[12]- أخرجه البخاري في «الأحكام »، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية: (6727)، ومسلم في «الإمارة »، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية: (4765)، وأبو داود في «الجهاد »، باب في الطاعة: (2625)، والنسائي في «البيعة »، باب جزاء من أمر بمعصية فأطاع: (4205)، وأحمد في «مسنده »: (623)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

[13]- أخرجه ابن ماجه 2 / 955 (2863)، وابن حبان (1552)، وابن سعد في الطبقات 2 / 1 / 118، وذكره السيوطي في الدر 2 / 177).

[14]- [سورة المائدة: 2].

[15]- أخرجه البخاري في «الإكراه »،باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه: (6552)، والترمذي في «الفتن »: (2255)، وابن حبان في «صحيحه »: (5167)، وأحمد: (11538)، والبيهقي في «السنن الكبرى »: (11703)، من حديث أنس رضي الله عنه.

[16]- [سورة النساء :135].

[17]-[سورة الأنعام: 159].

[18]- [سورة آل عمران: 105]

[19]- مجموع الفتاوى (28/18)ط/دار الوفاء.

[20]- فتح الباري شرح صحيح البخاري (10/308).

[21]- شرح النووي على مسلم(1/155).

[22]-قال الحافظ الألباني رحمه الله: صحيح "السلسلة الصحيحة" (1 / 209).

[23]-"السلسلة الصحيحة" (1/261).

[24]-قال العلامة الألباني –رحمه الله -:وأخرجه إبن أبي عاصم ( 98 / 1 )وهذا إسناد جيد قد صرح بقية فيه بالتحديث .وقال إبن أبي حاتم ( 1 / 339 ) عن أبي زرعة : " أبو المتوكل أصح " .
قلت : ولعله يعني أنه مرسل . والله أعلم . والحديث رواه أبو الشيخ أيضا في " التوبيخ " والديلمي في " سند الفردوس " كما في " فيض القدير " للمناوي وبيض له ! اهــ نقلا من إرواء الغليل (5/26-27).

[25]- وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 119 ) ، وابن حبان ( 5764 ) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – وصححه أمير المؤمنين في الحديث الألباني-رحمه الله - سلسلة الأحاديث الصحيحة (رقم 190).

[26]- وأخرجه أبو داود ( 3597 ) ، والحاكم (2/27) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
وقال الحافظ الألباني -رحمه الله-:وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير يحيى بن راشد وهو ثقة اهـ " إرواء الغليل"(7/349).

[27]-سبق تخريجه.

[28]-محاضرة للشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله بعنوان" التمسك بالمنهج السلفي" وهي مفرغة .

-[29] أخرجه البخاري في «الرقاق »، باب حفظ اللسان..: (6113)، ومسلم في «الزهد »، باب حفظ اللسان: (7481)، والترمذي في «الزهد »، باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس: (2314)، وابن ماجه في «الفتن »، باب كف اللسان في الفتنة: (3970)، وأحمد في «مسنده »: (8206)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[30]-[سورة ق:18].

[31]-سبق تخريجه.

[32]-[ سورة الانفطار:10-14].

[33]- أخرجه البخاري في الإيمان(33)، ومسلم في الإيمان (59)، والترمذي( 2631)، وأحمد( 8470)، والبيهقي( 11652) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[34]-سبق تخريجه.

[35]-محاضرة بعنوان "حق الله على العباد".

[36]-[ سورة النور : 23 ].

[37]- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (1/278).

[38]- "سبل السلام"(4/413-414)ط/مكتبة المعارف.

[39] أخرجه : أحمد 5/231 ، والترمذي ( 2616 ) ، وابن ماجه ( 3973 ) من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - .

[40]-[ سورة يونس : 37-38 ]

[41]-[ سورة هود : 13 ].

[42]0[ سورة يوسف : 111 ].

[43]-[سورة القلم : 2 ].

[44]-[ التكوير : 22 ].

[45]-[سورة سبأ : 46 ].

[46]-[سورة المؤمنون : 69-70 ].

[47]- "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"(4/135)ط/دار الفكر .



التعديل الأخير تم بواسطة أبو المقداد ربيع بن علي بن عبد الله الليبي ; 10-18-2010 الساعة 02:49 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:22 PM.


powered by vbulletin