.. من علامات إخلاص طالب العلم ..
.. من علامات إخلاص طالب العلم ..
لقد توعَّد إبليسُ بني آدم منذُ الأزل فقال: ﴿ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ص: 82]، وقال: {﴿ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16-17]، وقال: ﴿ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [الإسراء: 62]، وفي الحديث: ((إنَّ الشيطانَ يجري مِن ابن آدمَ مجرَى الدَّم))؛ متفق عليه.
والصِّراع بين الشيطان، وبين بني آدم إلى قيام السَّاعة، ووسوسته لن تَنتهيَ ما دامتْ أرواحنا في أبداننا؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((قال إبليس: وعِزَّتِك لا أبرحُ أغوي عبادَكَ ما دامتْ أرواحُهم في أجسادهم، فقال: وعِزَّتي وجلالي لا أزالُ أغفرُ لهم ما استغفروني))؛ رواه أحمد، وحسَّنه الألباني.
قال الإمام العلاَّمة المحقق عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ - رحمه الله - في إحدى رسائله :
❞ ... وقد بلغني أنكم اختلفتم في مسائل أدى إلى النّزاع والجدال ، وليس هذا شأن طلاب الآخرة ، فاتقوا الله ، وتأدبوا بآداب العلم ، واطلبوا الثواب من الله في تعلمه وتعليمه ، وأتبعوا العلم العمل ، فإنه ثمرته في حصوله ، كما في الأثر : " من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم " ، وكونوا متعاونين على البر والتقوى ، ومن علامة إخلاص طالب العلم أن يكون صموتاً عما لا يعنيه ، متذللاً لربه ، متواضعاً لعباده ، متورعا متأدباً ، لا يبالي ظهر الحق على لسانه أو لسان غيره ، ولا ينتصر لنفسه ولا يفتخر ، ولا يحقد ولا يحسد ، ولا يميل به الهوى ، ولا يركن إلى زينة الدنيا ❝ اﻫـ .
• انظر : (الدرر السنية) (٤٠٥/١ - ٤٠٦) .
للإخلاص علامات:
وهى أن يعمل في علمه بما يُرضي الله تعالى إذا كان مخلصا في الطلب مبتغيا رضوان الله وحده، وما يُرضي الله تعالى هو ماأمر به أهل العلم شرعا، للتلازم بين الإرادة الشرعية وصفة الرضا، فالله لايأمر عباده شرعا إلا بما يحبه ويرضاه، ومما أمر الله تعالى به أهل العلم:
1 ــ أن يكون قصده في طلب العلم أن يتحرى الحق والهدى ويطلبه، ولايكون قصده طلب ما يوافق هواه من الأدلة أو طلب العلم لينصر به بدعة ً أو مذهبا فاسداً، قال تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولاتتبعوا السُّبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) الأنعام 153، وقال تعالى (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون، إنهم لن يُغنوا عنك من الله شيئا، وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين) الجاثية 18 ــ 19.
2 ــ أن يعمل العالـــم وطالب العلم بما تعلمه، لقوله تعالى (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا، إنه بما تعملون بصير) هود 112. فإنْ لم يعمل بعلمه فهو من أهل مقت الله وغضبه وإن كان خزانة للعلم، قال تعالى (كَبُر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون) الصف 3.
3 ــ أن يُبَلِّغ ما عنده من العلم خاصة إذا رأي الحاجة داعية لذلك، وخاصة إذا طُلِب منه ذلك، قال تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) آل عمران 187، وقال تعالى (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لايقولوا على الله إلا الحق ودرسوا مافيه، والدار الآخرة خير للذين يتقون، أفلا تعقلون، والذين يُمَسِّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لانُضيع أجر المصلحين) الأعراف 169 ــ 170، وقال تعالى (إن الذين يكتمون ماأنزلنا من البيِّنات والهدى من بعد مابيّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، إلا الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا، فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم) البقرة 159 ــ 160.
4 ــ أن يصبر على مايصيبه من جراء كل هذا، فهذا سبيل الأنبياء عليهم السلام، والعلماء ورثتهم، قال تعالى (يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ماأصابك إن ذلك من عزم الأمور) لقمان 17. وقال تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم، فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت 2 ــ 3، وقال تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) السجدة 24.
کتبه : هاشم محمد الکردي
الإثنين 26 شعبان 1438 هـ
|