منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > منبر الحديث الشريف وعلومه

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #11  
قديم 10-31-2010, 07:55 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

أماالحافظ البرديجي
فقد قال في الحديث المنكر كما في النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر ج2/ص155: " الحديث الذي يتفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر".
وقال ابن الصلاح في المقدمة (ص46) : " بلغنا عن ( أبي بكر أحمد بن هارون البرديجي الحافظ ) : أنه الحديث الذي ينفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر . فأطلق ( البرديجي ) ذلك ولم يفصل. قال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح ج2/ص674: " وهذا مما ينبغي التيقظ له فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده" وهنا وقفة مع الحافظ فقد مرَّ بنا أنهم يطلقون النكارة على كل حديث خطأ ثقة كان أو دونه والله أعلم. وقال ابن حجر :"وأما قول المصنف والصواب التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ فليس في عبارته ما يفصل أحد النوعين عن الآخر". وخرج ابن صلاح كلام البرديجي فقال في المقدمة ابن الصلاح (ص80):"وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث والصواب فيه التفصيل".
وقال السخاوي في فتح المغيث 1/202: " والمنكر الحديث الفرد وهو الذي لا يعرف متنه من غير جهة راويه فلا متابع له فيه ولا شاهد كذا الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي أطلق".
وقال السيوطي في الحاوي2/107 :" ووصف في الميزان عدة أحاديث في مسند أحمد ، وسنن أبي داود ، وغيرهما من الكتب المعتمدة بأنها منكرة بل وفي الصحيحين أيضاً ، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث فضلاً عن بطلانه"0 هنا السيوطي يتأول للبرديجي وأيضا نكارة الإسناد لا تدل على ضعف الحديث أو بطلانه لأنه قد يأتي من طريق أخرى صحيحة و لا يلزم أن يكون صحيحا من هذا الطريق 0
وابن رجب في شرح علل الترمذي 2/100 يقول : " وقال أيضاً(يعني البرديجي) : (( إذا روى الثقة من طريق صحيح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديثاً لا يصاب إلا عند الرجل الواحد - لم يضره أن لا يرويه غيره إذا كان متن الحديث معروفاً ، ولا يكون منكراً ولا معلولاً )) .وقال في حديث رواه عمرو بن عاصم عن همام عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((إني أصبت حداً فأقمه على .. الحديث )) : (( هذا عندي حديث منكر ، وهو عندي وهم من عمرو بن عاصم )) .ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: (( هذا حديث باطل بهذا الإسناد )).وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من هذا الوجه، وخرج مسلم معناه أيضاً من حديث أمامة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهذا شاهد لحديث أنس0
ولعل أبا حاتم والبرديجي إنما أنكر الحديث لأن عمرو بن عاصم ليس هو عندهما في محل من يحتمل تفرده بمثل هذا الإسناد ، والله أعلم"0 انتهى كلام ابن رجب
فيظهر بذلك أن البرديجي لا يذهب إلى أن مطلق التفرد منكر بل تفرد من لا يحتمل تفرده والخطأ أو الوهم الذي يرد في الحديث من ثقة كان أو من غير؛ والله أعلم.

لكن يبدو أن المتأخرين استقروا والله أعلم على التمييز بين المنكر والشاذ؛ فالمنكر هو رواية الضعيف المخالف للثقة عندهم حيث قال الحافظ ابن كثير في الباعث (ص8) : " إن خالف راويه الثقات فمنكر مردود، وكذا إن لم يكن عدلاً ضابطاً، وإن لم يخالف فمنكر مردود".
وابن حجر ينكر على من سوى بين الشاذ والمنكر فقال في النزهة (ص87): " وعُرِفَ بهذا أن بين الشاذ والمنكر عموماً وخصوصاً مِن وجهٍ؛ لأن بينهما اجتماعاً في اشتراط المخالفة، وافتراقاً في أن الشاذَّ روايةُ ثقةٍ، أَوْ صَدُوْقٍ ، والمنكَر روايةُ ضعيفٍ. وقد غَفَلَ مَنْ سَوّى بينهما، والله تعالى أعلم".

وتكون النكارة في السند والمتن .
مثال المنكر في السند: ما جاء في علل الحديث لابن أبي حاتم ج2/ص182: "سئل أبي عن حديث رواه حبيب بن حبيب أخو حمزة بن حبيب عن أبي اسحق عن العيزار بن حريث عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة قال أبو زرعة هذا حديث منكر إنما هو ابن عباس موقوف".
وحبيب هذا قال فيه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل3/309: "
سمعت أبي يقول ذلك حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول حبيب بن حبيب أخو حمزة الزيات واهي الحديث". فلما كان حُبيبٌ ضعيفاً ، خالف الثقات استحق ما رواه أن يكون منكراً؛ والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج12/ص136: " حدثنا عُبَيْدُ بن غَنَّامٍ وَمُحَمَّدُ بن عبد اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالا ثنا أبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا محمد بن عُثْمَانَ بن أبي شَيْبَةَ قال ثنا أبي قَالا ثنا حُبَيِّبِ بن حَبِيبٍ أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتُ عن أبي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَيْزَارِ بن حُرَيْثٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَقَامَ الصَّلاةَ وأتى الزَّكَاةَ وَحَجَّ الْبَيْتَ وَصَامَ رَمَضَانَ وَقَرَى الضَّيْفَ دخل الْجَنَّةَ".
ومثال المنكر في المتن : ما أخرجه الطبراني7/267: " عن سمرة بن جندب : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول: من رهن أرضا بدين عليه فإنه يقضي من ثمرتها ما فضل بعد نفقتها ويقضي ذلك له من حينه ذلك الذي عليه بعد أن يحبب لصاحبها الذي عنده عمله ونفقته بالعدل". قال محمد بن طاهر المقدسي في ذخيرة الحفاظ ج4/ص2288: " رواه يوسف بن خالد السمتي عن جعفر بن سعد عن حبيب بن سليمان عن أبيه عن جده سمرة بن جندب وهذا لا يرويه إلاّ يوسف ومتنه منكر ويوسف كذاب متروك الحديث". وقال الذهبي في ميزان الاعتدال4/464: " هذا متن منكر تفرد به يوسف".

ونكتفي بهذا القدر عن الحديث عن المنكر وأنه بلا شك يعني عند العلماء الحديث المردود ولا يغيب عن البال ما قاله الإمام أحمد المنكر أبدا منكر والله تعالى أعلم.
وسيأتي المبحث الثاني والحديث فيه عن الشاذ إن شاء الله تعالى
 
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 11-03-2010, 08:55 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

أما الحافظ البرديجي فقد قال في الحديث المنكر كما في النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر ج2/ص155: " الحديث الذي يتفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر".
وقال ابن الصلاح في المقدمة (ص46) : " بلغنا عن ( أبي بكر أحمد بن هارون البرديجي الحافظ ) : أنه الحديث الذي ينفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر . فأطلق ( البرديجي ) ذلك ولم يفصل. قال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح ج2/ص674: " وهذا مما ينبغي التيقظ له فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده" وهنا وقفة مع الحافظ فقد مرَّ بنا أنهم يطلقون النكارة على كل حديث خطأ ثقة كان أو دونه والله أعلم. وقال ابن حجر :"وأما قول المصنف والصواب التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ فليس في عبارته ما يفصل أحد النوعين عن الآخر". وخرج ابن صلاح كلام البرديجي فقال في المقدمة ابن الصلاح (ص80):"وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث والصواب فيه التفصيل".
وقال السخاوي في فتح المغيث 1/202: " والمنكر الحديث الفرد وهو الذي لا يعرف متنه من غير جهة راويه فلا متابع له فيه ولا شاهد كذا الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي أطلق".
وقال السيوطي في الحاوي2/107 :" ووصف في الميزان عدة أحاديث في مسند أحمد ، وسنن أبي داود ، وغيرهما من الكتب المعتمدة بأنها منكرة بل وفي الصحيحين أيضاً ، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث فضلاً عن بطلانه"0 هنا السيوطي يتأول للبرديجي وأيضا نكارة الإسناد لا تدل على ضعف الحديث أو بطلانه لأنه قد يأتي من طريق أخرى صحيحة و لا يلزم أن يكون صحيحا من هذا الطريق 0
وابن رجب في شرح علل الترمذي 2/100 يقول : " وقال أيضاً(يعني البرديجي) : (( إذا روى الثقة من طريق صحيح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديثاً لا يصاب إلا عند الرجل الواحد - لم يضره أن لا يرويه غيره إذا كان متن الحديث معروفاً ، ولا يكون منكراً ولا معلولاً )) .وقال في حديث رواه عمرو بن عاصم عن همام عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((إني أصبت حداً فأقمه على .. الحديث )) : (( هذا عندي حديث منكر ، وهو عندي وهم من عمرو بن عاصم )) .ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: (( هذا حديث باطل بهذا الإسناد )).وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من هذا الوجه، وخرج مسلم معناه أيضاً من حديث أمامة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهذا شاهد لحديث أنس0
ولعل أبا حاتم والبرديجي إنما أنكر الحديث لأن عمرو بن عاصم ليس هو عندهما في محل من يحتمل تفرده بمثل هذا الإسناد ، والله أعلم"0 انتهى كلام ابن رجب
فيظهر بذلك أن البرديجي لا يذهب إلى أن مطلق التفرد منكر بل تفرد من لا يحتمل تفرده والخطأ أو الوهم الذي يرد في الحديث من ثقة كان أو من غير؛ والله أعلم.

لكن يبدو أن المتأخرين استقروا والله أعلم على التمييز بين المنكر والشاذ؛ فالمنكر هو رواية الضعيف المخالف للثقة عندهم حيث قال الحافظ ابن كثير في الباعث (ص8) : " إن خالف راويه الثقات فمنكر مردود، وكذا إن لم يكن عدلاً ضابطاً، وإن لم يخالف فمنكر مردود".
وابن حجر ينكر على من سوى بين الشاذ والمنكر فقال في النزهة (ص87): " وعُرِفَ بهذا أن بين الشاذ والمنكر عموماً وخصوصاً مِن وجهٍ؛ لأن بينهما اجتماعاً في اشتراط المخالفة، وافتراقاً في أن الشاذَّ روايةُ ثقةٍ، أَوْ صَدُوْقٍ ، والمنكَر روايةُ ضعيفٍ. وقد غَفَلَ مَنْ سَوّى بينهما، والله تعالى أعلم".

وتكون النكارة في السند والمتن .
مثال المنكر في السند: ما جاء في علل الحديث لابن أبي حاتم ج2/ص182: "سئل أبي عن حديث رواه حبيب بن حبيب أخو حمزة بن حبيب عن أبي اسحق عن العيزار بن حريث عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة قال أبو زرعة هذا حديث منكر إنما هو ابن عباس موقوف".
وحبيب هذا قال فيه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل3/309: " سمعت أبي يقول ذلك حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول حبيب بن حبيب أخو حمزة الزيات واهي الحديث". فلما كان حُبيبٌ ضعيفاً ، خالف الثقات استحق ما رواه أن يكون منكراً؛ والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج12/ص136: " حدثنا عُبَيْدُ بن غَنَّامٍ وَمُحَمَّدُ بن عبد اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالا ثنا أبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا محمد بن عُثْمَانَ بن أبي شَيْبَةَ قال ثنا أبي قَالا ثنا حُبَيِّبِ بن حَبِيبٍ أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتُ عن أبي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَيْزَارِ بن حُرَيْثٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَقَامَ الصَّلاةَ وأتى الزَّكَاةَ وَحَجَّ الْبَيْتَ وَصَامَ رَمَضَانَ وَقَرَى الضَّيْفَ دخل الْجَنَّةَ".
ومثال المنكر في المتن : ما أخرجه الطبراني7/267: " عن سمرة بن جندب : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول: من رهن أرضا بدين عليه فإنه يقضي من ثمرتها ما فضل بعد نفقتها ويقضي ذلك له من حينه ذلك الذي عليه بعد أن يحبب لصاحبها الذي عنده عمله ونفقته بالعدل". قال محمد بن طاهر المقدسي في ذخيرة الحفاظ ج4/ص2288: " رواه يوسف بن خالد السمتي عن جعفر بن سعد عن حبيب بن سليمان عن أبيه عن جده سمرة بن جندب وهذا لا يرويه إلاّ يوسف ومتنه منكر ويوسف كذاب متروك الحديث". وقال الذهبي في ميزان الاعتدال4/464: " هذا متن منكر تفرد به يوسف".

ونكتفي بهذا القدر عن الحديث عن المنكر وأنه بلا شك يعني عند العلماء الحديث المردود ولا يغيب عن البال ما قاله الإمام أحمد المنكر أبدا منكر والله تعالى أعلم.
وسيأتي المبحث الثاني والحديث فيه عن الشاذ إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11-07-2010, 06:24 PM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

المبحث الثاني
الشاذ
قال ابن منظور في لسان العرب3/494 :" شَذَّ عنه يَشِذُّ ويَشُذُّ شذوذاً انفرد عن الجمهور وندر فهو شاذٌّ وأَشذُّه غيره ابن سيده شَذَّ الشَّيءُ يَشِذُّ شَذّاً وشُذوذاً ندر عن جمهوره".
قال ابن حزم في الإحكام4/545 :" كل قول خالف الحق فهو شاذ عن الحق، فوجب أن كل خطأ فهو شذوذ عن الحق، وكل شذوذ عن الحق فهو خطأ، وليس كل خطأ خلافا للإجماع، فليس كل شذوذ خلافا للإجماع، ولا كل حق إجماعا". وابن حزم يذهب إلى الشاذ اللغوي فكل ما خالف الصواب هو الشاذ. قال ابن القيم في إعلام الموقعين ج3/ص46 : " إِنَّمَا الشَّاذُّ ما خَالَفَ بِهِ الثِّقَاتِ لَا ما انْفَرَدَ بِهِ عَنْهُمْ".وقال ابن حجر في فتح الباري ج1/ص585 : "الشاذ وهو ما يخالف الثقة فيه من هو أرجح منه في حد الصحيح".وفي تحفة الأحوذي ج2/ص82 : " وَعُرِّفَ الشَّاذُّ بِأَنَّهُ ما رَوَاهُ الثِّقَةُ مُخَالِفًا في نَوْعٍ مِنَ الصِّفَاتِ لِمَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ أو من هو أَوْثَقُ منه وَأَحْفَظُ وَأَعَمُّ من أَنْ تَكُونَ الْمُخَالَفَةُ مُنَافِيَةً لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَمْ لَا".وقال أيضا في تحفة الأحوذي ج2/ص83 : " قال الْحَافِظُ بن حَجَرٍ في مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْبَارِي: وَأَمَّا الْمُخَالَفَةُ وَيَنْشَأُ عنها الشُّذُوذُ وَالنَّكَارَةُ فإذا رَوَى الضَّابِطُ أَوِ الصَّدُوقُ شيئا فَرَوَاهُ من هو أَحْفَظُ منه أو أَكْثَرُ عَدَدًا بِخِلَافِ ما رَوَى بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ على قَوَاعِدِ الْمُحَدِّثِينَ فَهَذَا شَاذٌّ". فالشَّاذَّ ما رَوَاهُ الْمَقْبُولُ مُخَالِفًا لِمَنْ هو أَوْلَى منه وهو الْمُعْتَمَدُ في تَعْرِيفِ الشَّاذِّ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ؛ وَالْمُرَادُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ في قَوْلِهِ مُخَالِفًا الْمُنَافَاةُ دُونَ مُطْلَقِ الْمُخَالَفَةِ يَدُلُّ عليه قَوْلُ الْحَافِظِ في هذا الْكِتَابِ وَزِيَادَةُ رَاوِيهِمَا أَيِ الصَّحِيحُ وَالْحَسَنُ مَقْبُولَةٌ ما لم تَقَعْ مُنَافِيَةً لِرِوَايَةِ من هو أَوْثَقُ مِمَّنْ لم يذكر تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ لَا تُنَافِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ رِوَايَةِ من لم يَذْكُرْهَا فَهَذِهِ تُقْبَلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا في حُكْمِ الحديث الْمُسْتَقِلِّ الذي يَتَفَرَّدُ بِهِ الثِّقَةُ وَلَا يَرْوِيهِ عن شَيْخِهِ غَيْرُهُ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُنَافِيَةً بِحَيْثُ يَلْزَمُ من قَبُولِهَا رَدُّ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَهَذِهِ هِيَ التي يَقَعُ التَّرْجِيحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُعَارِضِهَا فَيُقْبَلُ الرَّاجِحُ وَيُرَدُّ الْمَرْجُوحُ؛ وقال الشَّيْخُ ابن حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ في رِسَالَتِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَسْمَلَةِ الشَّاذُّ اصْطِلَاحًا فيه اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ وَالَّذِي عليه الشَّافِعِيُّ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّ ما خَالَفَ فيه رَاوٍ ثِقَةٍ بِزِيَادَةٍ أو نَقْصٍ في سَنَدٍ أو مَتْنٍ ثِقَاتٍ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مع اتِّحَادِ الْمَرْوِيِّ عنه وقال الشَّيْخُ عُمَرُ الْبَيْقُونِيُّ في مَنْظُومَتِهِ في مُصْطَلَحِ أَهْلِ الحديث وما يُخَالِفُ ثِقَةٌ فيه الْمَلَا؛ قال الشَّارِحُ الشَّيْخُ محمد بن عبد الْبَاقِي الزُّرْقَانِيُّ وما يُخَالِفُ ثِقَةٌ فيه بِزِيَادَةٍ أو نَقْصٍ في السَّنَدِ أَوِ الْمَتْنِ الملا أَيِ الْجَمَاعَةَ الثِّقَاتِ فِيمَا رَوَوْهُ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَالشَّاذُّ كما قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ من أَهْلِ الْحِجَازِ وهو الْمُعْتَمَدُ كما صَرَّحَ بِهِ في شَرْحِ النُّخْبَةِ لِأَنَّ الْعَدَدَ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنَ الْوَاحِدِ وَعَلَيْهِ فما خَالَفَ الثِّقَةُ فيه الْوَاحِدَ الْأَحْفَظَ شَاذٌّ؛ وَأَلْحَقَ ابن الصَّلَاحِ بِالثِّقَاتِ الثِّقَةَ الْأَحْفَظَ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْمُخَالَفَةُ بِزِيَادَةٍ أو نَقْصٍ في سَنَدٍ أو مَتْنٍ إن كانت لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بين الطَّرَفَيْنِ فِيهِمَا مع إتحاد الْمَرْوِيِّ انْتَهَى ".
وقال الصنعاني في الغاية في شرح الهداية في علم الرواية ج1/ص196 : " الشاذ هو أن يروي الثقة شيئا يخالف فيه الثقات فيظن أنه وهم فيه وتفسير الشاذ بذلك هو مذهب أهل الحجاز وهو معنى قول الشافعي - رحمه الله - ليس من الحديث أن يروى الثقة ما لا يروى غيره إنما الشاذ أن يروى الثقة حديثا يخالف ما روى الناس وخالف أبو يعلى الخليلي حيث قال الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد شذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة فما كان من غير ثقة فمتروك وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به؛ وقوله وما كان عن ثقة إلى آخره هو شبيه قول الحاكم الشاذ ما انفرد به ثقة وليس له أصل متابع وليس إطلاقهم بجيد؛ فلا بد أن يكون مع ذلك مخالفا لما رواه غيره وإلا فهو غريب وذكر ابن الصلاح أن الصحيح التفصيل فما خالف فيه المنفرد من هو أحفظ منه وأضبط فشاذ مردود وإن لم يخالف بل روى شيئا لم يروه غيره وهو عدل ضابط فصحيح أو غير ضابط يبعد عن درجة الضابط فحسن وإن بعد فشاذ منكر وهو تفصيل حسن". يظهر أن أول من عرف الشاذ بمعناه الاصطلاحي هو ابن الصلاح ولو أن الشافعي سبقه في ذلك لكن أعني من المتأخرين فلم نجد عند ابن معين أو أحمد أو غيرهما من المتقدمين من عرفه فيما أعلم. قال السيوطي فيتدريب الراوي ج1/ص232 : " الشاذ وهو عند الشافعي وجماعة من علماء الحجاز ما روى الثقة مخالفا لرواية الناس لا أن يروي الثقة ما لا يروي غيره هو من تتمه كلام الشافعي. قال الحافظ أبو يعلى الخليلي ((الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي القزويني أبو يعلى ت446 هـ؛ قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء : كان ثقة حافظا، عارفا بالرجال والعلل، كبير الشأن، وله غلطات في " إرشاده " )) : " والذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إسناد واحد يشذ به ثقة أو غيره فما كان عن غير ثقة فمتروك وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به وقال الحاكم هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل بمتابع أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة أو غيره فما كان منه عن غير ثقة فمتروك لا يقبل وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به فجعل الشاذ مطلق التفرد لا مع اعتبار المخالفة وقال الحاكم هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة قال ويغاير المعلل بأن ذلك وقف على علته الدالة على جهة الوهم فيه والشاذ لم يوقف فيه على علة كذلك فجعل الشاذ تفرد الثقة فهو أخص من قول الخليلي قال شيخ الإسلام وبقي من كلام الحاكم وينقدح في نفس الناقد أنه غلط ولا يقدر على إقامة الدليل على هذا قال وهذا القيد لا بد منه قال وإنما يغاير المعلل من هذه الجهة قال وهذا على هذا أدق من المعلل بكثير فلا يتمكن من الحكم به إلا من مارس الفن غاية الممارسة وكان في الذروة من الفهم الثاقب ورسوخ القدم في الصناعة قلت ولعسره لم يفرده أحد بالتصنيف ومن أوضح أمثلته ما أخرجه في المستدرك من طريق عبيد بن غنام النخعي عن علي بن حكيم عن شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس قال في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى وقال صحيح الإسناد ولم أزل أتعجب من تصحيح الحاكم له حتى رأيت البيهقي قال إسناده صحيح ولكنه شاذ بمرة قال المصنف كابن الصلاح وما ذكراه أي الخليلي والحاكم مشكل فإنه ينتقض بأفراد العدل الضابط الحافظ كحديث إنما الأعمال بالنيات فإنه حديث فرد تفرد به عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم علقمة عنه ثم محمد ابن إبراهيم عن علقمة ثم عنه عن يحيى بن سعيد وكحديث النهي عن بيع الولاء وهبته تفرد به عبد الله بن دينار عن ابن عمر وغير ذلك من الأحاديث الأفراد مما أخرج في الصحيح كحديث مالك عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر تفرد به مالك عن الزهري فكل هذه مخرجة في الصحيح مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد تفرد به ثقة وقد قال مسلم للزهري نحو تسعين حرفا يرويه ولا يشاركه فيه أحد بأسانيد جياد قال ابن الصلاح فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي قالاه وحينئذ فالصحيح التفصيل فإن كان الثقة بتفرده مخالفا أحفظ منه وأضبط عبارة ابن الصلاح لماكان شاذا مردودا وإن لم يخالف الراوي فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان تفرده صحيحا رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وعبارة شيخ الإسلام لمن هو أرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات كان ما انفرد به شاذا مردودا". قال ابن كثير في الباعث الحثيث(اختصار علوم الحديث) ج1/ص179:" قال الشافعي وهو أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره". وفي التقريرات السنية حسن محمد المشاطج1/ص76 : " وما يخالف راو ثقة أي عدل ضابط فيه أي في الحديث أي في منته أو في سنده بزيادة أو نقصان الملا أي الجماعة الثقاب فيما رووه أو من هو أحفظ أو أضبط مع عدم إمكان الجمع بأن كان يلزم من قبوله رد غيره فالشاذ أي فهو المسمى عندهم بالشاذ المشترط انتفاؤه في حد الصحيح أما إذا أمكن الجمع فلايكون شاذا ويقبل حديث الثقة حينئذ مثال الشذوذ في المتن ما رواه أبو داود وغيره من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه فإن المحفوظ روايته من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله وانفرد عبد الواحد بهذا اللفظ ومثاله في السند ما رواه حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن عوسجه أن رجلا توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثا إلا مولى هو اعتقه؛ فإن المحفوظ فيه ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق ابن عيينه عن عمرو عن عوسجه عن مولاه ابن عباس".
قال ابن حجر في نزهة النظر (ص15) : " الشَّاذَّ : ما رواهُ المقْبولُ مُخالِفاً لِمَنْ هُو أَوْلَى مِنهُ". الملاحظ هنا أن ابن حجر قال المقبول وهذا والله أعلم يقصد به الصدوق أي من كان يحتج به بمفرده أو يصلح للمتابعة ويقصد به أيضا من كان ثقة . قال السيوطي في ما نقله عن ابن حجر فيتدريب الراوي ج1/ص65: " قال شيخ الإسلام مجرد مخالفة أحد رواته لمن هو أوثق منه أو أكثر عددا لا يستلزم الضعف بل يكون من باب صحيح وأصح قال ولم يرو مع ذلك عن أحد من أئمة الحديث اشتراط نفي الشذوذ المعبر عنه بالمخالفة وإنما الموجود من تصرفاتهم تقديم بعض ذلك على بعض في الصحة". أقف هنا مع ابن حجر فإنه قال في النزهة الشاذ هو مخالفة المقبول لمن هو أولى؛ وهنا كما نقل عنه السيوطي لا يعتبر المخالفة ضعفا في الحديث كما هو الظاهر والله أعلم. بل يزداد العجب من ابن حجر عندما نراه في نكته 1/106 يقول: " يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذا". فإما أنه لا يعني بالشاذ هو المخالف وإنما يعني به التفرد ومن ثم يعتبر التفرد علة في الحديث كقول البرديجي في ما سبق في المنكر. أو أنه اضطرب في تعريفه ؛ لعسرته؛ كما قال السيوطي في تدريب الراوي ج1/ص233 : " ولعسره لم يفرده أحد بالتصنيف".ثم ما معنى قوله "مجرد المخالفة لا تستلزم الضعف ولم يرو عن أحد من الأئمة اشتراط نفي الشذود". أقول لم يكن عند الأئمة المتقدمين تعريف للشاذ فالملاحظ أن الأئمة المتقدمين لم يتطرقوا له ولا لتعريفه اللهم إلا ما كان من الشافعي رحمه الله تعالى ؛ بل كان الشاذ عندهم يدخل في المنكر كما مرَّ معنا في المنكر والله أعلم . أما قوله صحيح وأصح فليس على إطلاقه؛ بل لا قائل به فيما أعلم.
وسننقل هنا أقوال العلماء في الشاذ كما فعلنا في المنكر .
الحاكم أبو عبد الله
معرفة علوم الحديث ج1/ص11: " فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة". ثم ذكر كلام الشافعي فقال: قال الشافعي ليس الشاذ من الحديث أن يروى الثقة ما لا يرويه غيره هذا ليس بشاذ إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف فيه الناس هذا الشاذ من الحديث". ثم ذكر الحاكم عددا من الأحاديث منها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها ....الحديث).ثم قال :" هذا حديث رواته أئمة ثقات وهو شاذ الإسناد والمتن لا نعرف له علة نعلله بها ". ثم ذكر قول البخاري :"وكان خالد المدايني يدخل الأحاديث على الشيوخ". أي أن هذا الحديث مما أدخل على قتيبة بن سعيد أحد رواته والله أعلم. قال ابن حجر في تلخيص الحبير2/49 : "وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدِيثُ مُعَاذٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ مُعَاذٍ ، وَلَيْسَ فِيهِ جَمْعُ التَّقْدِيمِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .وَقَالَ أَبُو دَاوُد .هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ ، وَلَيْسَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ حَدِيثٌ قَائِمٌ . قال ابن القيم في زاد المعاد ج1/ص478: " وحكمه بالوضع على هذا الحديث غير مسلم فإن أبا داود رواه عن يزيد بن خالد بن عبدالله بن موهب الرملي حدثنا المفضل بن فضالة عن الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ فذكره فهذا المفضل قد تابع قتيبة وإن كان قتيبة أجل من المفضل واحفظ قد تابع قتيبة أجل من المفضل وأحفظ لكن زال تفرد قتيبة به ثم إن قتيبة صرح بالسماع فقال حدثنا ولم يعنعن فكيف يقدح في سماعه مع أنه بالمكان الذي جعله الله به من الأمانة والحفظ والثقة والعدالة. ثم قال : عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر ثم ارتحل وهذا إسناد كما ترى وشبابة هو شبابة بن سوار الثقة المتفق على الاحتجاج بحديثه وقد روى له مسلم في صحيحه عن الليث ابن سعد بهذا الإسناد على شرط الشيخين وأقل درجاته أن يكون مقويا لحديث معاذ وأصله في الصحيحين لكن ليس فيه جمع التقديم".


أما الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي القزويني أبو يعلى
فقد مرّ بنا تعريفه للشاذ وهو ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به شيخ ثقة كان أو غير ثقة فما كان غير ثقة فمتروك وما كان عند ثقة توقف فيه ولا يحتج به كما في كتاب الإرشاد1/176". قال ابن جماعة في المنهل الروي ج1/ص50: " فما قاله الشافعي لا إشكال فيه وما قاله الخليلي والحاكم يشكل بما ينفرد به العدل الضابط كحديث الأعمال بالنيات...".
والخطيب البغدادي
قال في الكفاية في علم الرواية ج1/ص140 : "باب ترك الاحتجاج بمن غلب على حديثه الشواذ ورواية المناكير والغرائب من الأحاديث ؛ ثم ذكر تعريف الشافعي ثم قال:عن أبي علي صالح بن محمد يقول الحديث الشاذ الحديث المنكر الذي لا يعرف .قال شعبة لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ". فالظاهر أنه لا يفرق بين الشاذ والمنكر وعنده كل حديث خطأ هو من قبيل الشاذ المنكر ؛ والله أعلم.
وابن الصلاح:
قال في المقدمة ج1/ص78 : " فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به الخليلي والحاكم بل الأمر في ذلك على تفصيل نبيه فنقول :"إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه كما فيما سبق من الأمثلة وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان أحدهما الحديث الفرد المخالف والثاني الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف والله أعلم".
قول ابن الصلاح " إذا انفرد الراوي" لم يميز بين الراوي الثقة المخالف وبين الضعيف المخالف بمعنى أنه لم يميز بين الشاذ والمنكر في هذه الحالة أعني حالة المخالفة والله أعلم؛ بل قال في باب المنكر في المقدمة ج1/ص80 : "المنكر على قسمين الأول : وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات رواية مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم فخالف مالك غيره من الثقات في قوله عمر..." . والقسم الثاني وهو الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والإتقان ما يحتمل معه تفرده ما رويناه من حديث أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا رأى ذلك غاظه ويقول عاش بن آدم حتى أكل الجديد بالخلق تفرد به أبو زكريا وهو شيخ صالح أخرج عنه مسلم في كتابه غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحتمل تفرده والله أعلم. أقول عند المقارنة بين الشاذ والمنكر عنده النتيجة واحدة وهي عدم التفريق بين الشاذ والمنكر. إلا إذا عنى بالمنفرد المخالف في المنكر هو الضعيف وفي الشاذ الثقة ". وليس عندنا من القرائن ما يمكننا التمييز به بين مقصديه اللهم إلا تمثيله برواية مالك ورواية أبي زكير؛ والله تعالى أعلم.
ومن مقدمة ابن الصلاح إلى المنهل الروي حيث الحافظ ابن جماعة
قال في المنهل الروي (ص51) : " قال ابن الصلاح ما حاصله إن الصحيح التفصيل فما خالف مفرده أحفظ منه وأضبط فشاذ مردود وإن لم يخالف وهو عدل ضابط فصحيح أو غير ضابط ولا بعد عن درجة الضابط فحسن وإن بعد فشاذ منكر وهذا التفصيل حسن ولكنه مخل لمخالفة الثقة من هو مثله في الضبط وبيان حكمه". وهنا يبين ابن جماعة مراد ابن الصلاح أو هكذا فهم منه فقوله خالف مفرده أحفظ...يعني المخالف ضعيف؛ أو خف ضبطه ؛ وقوله لم يخالف وهو عدل ضابط أي الثقة غير المخالف فحديثه صحيح وإن كان غير ضابط فينزل إلى الحسن إن لم يخالف؛ لكن يشكل قوله "بعد" هل يعني تفرد الضعيف ومن لا يحتمل تفرده فيسمى عنده شاذا منكرا وهو الراجح عندي وبهذا لا فرق بين الشاذ والمنكر عنده في حال كون الراوي ضعيف منفرد؛ والله أعلم. لكن يبقى الثقة المخالف لمثله.
وأما النووي فيقول في تدريب الراوي ج1/ص234: " فالصحيح التفصيل فإن كان الثقة بتفرده مخالفا أحفظ منه وأضبط كان شاذا مردودا؛ وإن لم يخالف الراوي فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان تفرده صحيحا وإن لم يوثق بضبطه ولم يبعد عن درجة الضابط كان حسنا وإن بعد كان شاذا منكرا مردودا والحاصل أن الشاذ المردود هو الفرد المخالف الذي ليس في رواته من الثقة والضبط ما يجبر به تفرده ". أرى أن النووي استطاع أن يميز بي الشاذ والمنكر فقد سمّى مخالفة الثقة شاذا بخلاف ابن الصلاح وابن جماعة فابن الصلاح قال خالف الراوي وابن جماعة خالف مفرده وهنا العبارة أوضح والله تعالى أعلم.
أما ابن دقيق العيد فلا يكاد يخالف ابن الصلاح فيقول في الاقتراح في بيان الاصطلاح ج1/ص17: " الشاذ وهو ما خالف رواية الثقات أو ما انفرد به من لا يحتمل حاله أن يقبل ما تفرد به و المنكر وهو كالشاذ وقيل هو ما انفرد به الراوي وهو منقوض بالأفراد الصحيحة".
والإمام ابن كثير يبدو أنه يذهب إلى ما قاله الشافعي فيقول في الباعث الحثيث (ص8) : " فإذن الذي قاله الشافعي أولاً هو الصواب: أنه إذا روى الثقة شيئاً قد خالفه فيه الناس فهو الشاذ، يعني المردود وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يروا غيره، بل هو مقبول إذا كان عدلاً ضابطاً حافظاً. فإن هذا لو رُد لرُدت أحاديث كثيرة من هذا النمط وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل. والله أعلم. وأما إن كان لمنفرد به غير حافظ، وهو مع ذلك عدلٌ ضابط: فحديثه حسن. فإن فقد ذلك فمردود. والله أعلم.
وابن حجر يذهب إلى مذهب الشافعي فيقول في النكت على ابن الصلاح ج2/ص671 : " وفي الجملة فالأليق في حد الشاذ ما عرف به الشافعي والله أعلم". وقد مرّ بنا في مبحث المنكر(ص47من هذا البحث) قول ابن حجر في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه الذي استنكره أبو داود؛ قال ابن حجر: وقد نوزع أبو داود في حكمه عليه بالنكارة مع أن رجاله من رجال الصحيح والجواب أن أبا داود حكم عليه بكونه منكرا لأن هماما تفرد به عن ابن جريج وهما وإن كانا من رجال الصحيح فإن الشيخين لم يخرجا من رواية همام عن ابن جريج شيئا لأن أخذه عنه كان لما كان ابن جريج بالبصرة والذين سمعوا من ابن جريج بالبصرة في حديثهم خلل من قبله والخلل في هذا الحديث من جهة أن ابن جريج دلسه عن الزهري بإسقاط الواسطة وهو زياد بن سعد ووهم همام في لفظه على ما جزم به أبو داود وغيره هذا وجه حكمه عليه بكونه منكرا وحكم النسائي عليه بكونه غير محفوظ أصوب فإنه شاذ في الحقيقة إذ المنفرد به من شرط الصحيح لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذا".. ففي هذا النص يبيّن ابن حجر مذهبه بالتفريق بين الشاذ والمنكر في الاصطلاح ؛ والله أعلم.
وفي فتح المغيث للسخاوي ج1/ص200 : " فالأليق في حد الشاذ ما عرفه به الشافعي ولذا اقتصر شيخنا في شرح النخبة عليه".
هذا وقد عرفنا الشاذ عند الشافعي حيث قال : " ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثا لم يروه غيره ؛ إنما الشاذ من الحديث أن يروي الثقات حديثا فيخالفهم فيه".ويبدو أنالترمذي يذهب إلى ما ذهب إليه الشافعي قال في العلل الصغير ج1/ص758 : " قال أبو عيسى وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذاك فهو عندنا حديث حسن ". قال ابن رجب في شرح العلل1/200: " والظاهر أنه أراد بالشاذ ما قاله الشافعي ، وهو أن يروي الثقات عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خلافه". ومن العلماء من قال الشاذ الحديث المنكر الذي لا يعرف كما في الكفاية في علم الرواية ج1/ص141 .
الملاحظ من خلال تعرضنا للمنكر والشاذ أن الأئمة المتقدمين (سوى الشافعي) لم يفرقوا بين الشاذ والمنكر فكل شاذ منكر؛ كما أنهم يطلقون المنكر على الحديث الغلط عندهم سواء تفرد به راو لا يحتمل تفرده أو تفرد به ضعيف أو خالف ثقة أو ثقة خالف أرجح والله أعلم. وأما المتأخرون فإنهم لم يجمعوا على قول واحد في تعريف الشاذ ولهذا يمكن أن ينزل قول كل واحد على مراده؛ فمثلا الحاكم عندما يقول في معرفة علوم الحديث ج1/ص119: "وهو غير المعلول فان المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث أو وهم فيه راو أو أرسله واحد فوصله واهم فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة". فإنه يريد به تفرد الثقة مطلقاً والله أعلم بدليل ما قاله في معرفة علوم الحديث ج1/ص121: " عن أنس قال كان قيس بن سعد من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرط من الأمير يعني ينظر في أموره وحدثنا جماعة من مشايخنا عن أبي بكر محمد بن إسحاق قال حدثني أبو عمرو محمد بن خزيمة البصري بمصر وكان ثقة فذكر الحديث بنحوه قال أبو عبدالله وهذا الحديث شاذ بمرة فان رواته ثقات وليس له أصل عن أنس ولا عن غيره من الصحابة بإسناد آخر". والحديث في صحيح البخاري ج6/ص2616 : " عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: أن قَيْسَ بن سَعْدٍ كان يَكُونُ بين يَدَيْ النبي صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ من الْأَمِيرِ". فالحاكم عنده الشاذ تفرد الثقة. والله أعلم
أما الحافظ الخليلي فعنده الشاذ تفرد الراوي؛ لكن ليس كل راو؛ حيث قال يشذ به شيخ ثقة أو غير ثقة وقد سوى هنا بين الشاذ والمنكر . وربما اعتبر مذهب الشافعي خاصا به حيث قال في الإرشاد في معرفة علماء الحديث ج1/ص176 : " فقد قال الشافعي وجماعة من أهل الحجاز الشاذ عندنا ما يرويه الثقات على لفظ واحد ويرويه ثقة خلافه زائدا أو ناقصا والذي عليه حفاظ الحديث الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل وما كان عن ثقة يتوقف فيه". لكن هل يعني الخليلي الثقة أي ثقة كمالك مثلا لا أظن ذلك لأمرين ؛ الأول قال " شيخ ثقة". وهذه عبارة تبين أن (شيخ) دون مرتبة (الثبت الضابط) و(ثقة) أي صالح في نفسه والله أعلم. أما الأمر الثاني فقد قال هو في الإرشاد في معرفة علماء الحديث ج1/ص167 : " وأما الأفراد فما يتفرد به حافظ مشهور ثقة أو إمام عن الحفاظ والأئمة فهو صحيح متفق عليه؛ ومثل بحديث ؛ عن ابن انس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعليه المغفر فقيل هذا ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه قال مالك قال ابن شهاب لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرما وهذا ينفرد به مالك عن ابن شهاب عن انس رواه عنه من مات قبله كابن جريج و الأوزاعي وأبي حنيفة وغيرهم ممن بعدهم كالشافعي وغيره ورواه البخاري في الصحيح عن أربعة عن مالك وكذلك مسلم. فالخليلي لا يعني قطعا تفرد الحافظ المتقن والله أعلم . وأما ما ينفرد به ثقة يخالف فمردود مثال ذلك ما قاله الخليليفيالإرشاد في معرفة علماء الحديث ج1/ص167 : " وعبد المجيد صالح محدث ابن محدث لا يعمد على مثله لكنه يخطىء ولم يخرج في الصحيح وقد اخطأ في الحديث الذي يرويه مالك والخلق عن يحيى بن سعيد الأنصاري قاضي المدينة عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنية وهذا اصل من أصول الدين ومداره على يحيى بن سعيد فقال عبد المجيد وأخطأ فيه اخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنية". قال الدارقطني في علله2/193: " وَرَوَى هَذا الحَدِيث مالِكُ بن أَنَسٍ ، واختُلِف عَنهُ ، فَرَواهُ عَبد المَجِيدِ بن عَبدِ العَزِيزِ بنِ أَبِي رَوّادٍ ، عَن مالِكٍ ، عَن زَيدِ بنِ أَسلَم ، عَن عَطاءِ بنِ يَسارٍ ، عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ. وَلَم يُتابَع عَلَيهِ. أما إن تفرد بالحديث ضعيف يضع على الشيوخ فقد قال في الإرشاد في معرفة علماء الحديث ج1/ص169 : " فأما من الأفراد الذي يتفرد به ضعيف وضعه على الأئمة والحفاظ فهو كما حدثنا به علي بن احمد بن صالح ومحمد بن إسحاق قالا حدثنا الحسن بن علي الطوسي حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان ببغداد حدثنا مالك بن انس وإبراهيم بن سعد كلاهما عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أهل القرآن أهل الله وخاصته وهذا منكر بهذا الإسناد ما له اصل من حديث ابن شهاب ولا من حديث مالك والحمل فيه على ابن غزوان وإنما رواه أبو داود الطيالسي عن شيخ من أهل البصرة عن أبيه عن انس".وابن غزوان قال عنه في الكامل في ضعفاء الرجال ج6/ص290 : " وقد أبطل في رواياته عن مالك وإبراهيم بن سعد وروى عن شريك أحاديث أنكرت عليه وعن حماد بن زيد كذلك وهو ممن يتهم بوضع الحديث".وقال ابن سبط العجمي في الكشف الحثيث ج1/ص238 : " قال الدارقطني كان يضع الحديث". قال ابن حبان في المجروحين ج2/ص305: " يروي عن أبيه وغيره من الشيوخ العجائب التي لا يشك من هذا الشأن صناعته أنها معمولة أو مقلوبة". وذكر ما تفرد به الضعيف غير الحافظ فقال الخليلي في الإرشاد ج1/ص169 : " وما تفرد به غير حافظ يضعف من اجله وان لم يتهم بالكذب فمثاله ما حدثنا به جدي وابن علقمة قالا حدثنا ابن أبي حاتم حدثنا سليمان بن داود القزاز حدثنا محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي المدني حدثنا مالك بن انس عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتحت البلاد بالسيف وافتتحت المدينة بالقرآن لم يروه عن مالك إلا محمد بن الحسن بن زبالة وليس بالقوي لكن أئمة الحديث قد رووا عنه هذا وقالوا هذا من كلام مالك بن انس نفسه فعساه قرئ على مالك حديث آخر عن هشام بن عروة فظن هذا أن ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فحمله على ذلك ؛ ومثل هذا قد يقع لمن لا معرفة له بهذا الشأن ولا إتقان ".
وذكر ابن أبي خيثمة في تاريخه3/346 قال : " أَخْبَرَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار ، قال : حدثني مُحَمَّد بن يَحْيَى أبو غَسَّان ، عن مالك بن أنس ، عن هشام بن عُرْوَة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كل البلاد كل البلاد افْتُتِحَتْ بالسيفِ والرمحِ ، وافْتُتِحَتِ المدينةُ بالقرآن". فجعله موقوفا على عائشة رضي الله عنها والله أعلم. وابن زبالة قال عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ج7/ص227:" قال يحيى بن معين محمد بن الحسن الزبالي والله ما هو بثقة حدث عدو الله عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فتحت المدينة بالقرآن وفتحت سائر المدن بالسيوف".وفي الضعفاء والمتروكين للنسائي ج1/ص92:" متروك الحديث ". وهكذا يمكن أن نفهم من الخليلي أنه لا يعني تفرد أي ثقة والله أعلم.
وأما مذهب ابن حجر فإنه استقر على أن الأليق بتعريف الشاذ ما ذكره الشافعي لكنه خالفه في التعريف فالشافعي قال"يروي الثقة حديثا يخالف" وابن حجر قال "المقبول" والمقبول أعم من الثقة؛ فإما أن يكون مراد الشافعي بالثقة ما أراده ابن حجر أو أن يكون مراد ابن حجر ما أراده الشافعي وهو الراجح بدليل قول ابن حجر والأليق...0 وهو بهذا قد فرق بين الشاذ والمنكر وقال قد غفل من سوى بينهما؛ وقال في فتح الباري ج9/ص487 : " تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما شئت قال شيخنا في شرح الترمذي ظاهره أنه لا يجب الإحداد على المتوفى عنها بعد اليوم الثالث لأن أسماء بنت عميس كانت زوج جعفر بن أبي طالب بالاتفاق وهي والدة أولاده عبد الله ومحمد وعون وغيرهم قال بل ظاهر النهي أن الإحداد لا يجوز وأجاب بأن هذا الحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة وقد أجمعوا على خلافه ". أما ابن الصلاح فلم أجد في كلامه ما يفرق به بين الشاذ والمنكر فلعله يذهب مذهب المتقدمين .
وخلاصة القول أن التمييز بين الشاذ والمنكر لم يكن من أحد إلا ما كان من الشافعي من المتقدمين ثم تبعه ابن حجر في ذلك والله أعلم.
والذي استقر عليه العمل أن الحديث الشاذ هو حديث مَنْ تقبل روايته مخالفاً لما رواه مَنْ هو أولى منه ، إما ضبطاً ، أو عدالةً أو كثرةً مقبولةً. وقد يكون في السند ، وقد يكون في المتن .
جاء في التقريرات السنية ج1/ص77 : " ومثاله في السند ما رواه حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن عوسجه أن رجلا توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثا إلا مولى هو اعتقه". وجاء في التقريرات السنية ج1/ص77 : " ومثال الشذوذ في المتن ما رواه أبو داود وغيره من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه فإن المحفوظ روايته من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله وانفرد عبد الواحد بهذا اللفظ".
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 11-15-2010, 07:29 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

أما الحافظ البرديجي فقد قال في الحديث المنكر كما في النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر ج2/ص155: " الحديث الذي يتفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر".
وقال ابن الصلاح في المقدمة (ص46) : " بلغنا عن ( أبي بكر أحمد بن هارون البرديجي الحافظ ) : أنه الحديث الذي ينفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر . فأطلق ( البرديجي ) ذلك ولم يفصل. قال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح ج2/ص674: " وهذا مما ينبغي التيقظ له فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده" وهنا وقفة مع الحافظ فقد مرَّ بنا أنهم يطلقون النكارة على كل حديث خطأ ثقة كان أو دونه والله أعلم. وقال ابن حجر :"وأما قول المصنف والصواب التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ فليس في عبارته ما يفصل أحد النوعين عن الآخر". وخرج ابن صلاح كلام البرديجي فقال في المقدمة ابن الصلاح (ص80):"وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث والصواب فيه التفصيل".
وقال السخاوي في فتح المغيث 1/202: " والمنكر الحديث الفرد وهو الذي لا يعرف متنه من غير جهة راويه فلا متابع له فيه ولا شاهد كذا الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي أطلق".
وقال السيوطي في الحاوي2/107 :" ووصف في الميزان عدة أحاديث في مسند أحمد ، وسنن أبي داود ، وغيرهما من الكتب المعتمدة بأنها منكرة بل وفي الصحيحين أيضاً ، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث فضلاً عن بطلانه"0 هنا السيوطي يتأول للبرديجي وأيضا نكارة الإسناد لا تدل على ضعف الحديث أو بطلانه لأنه قد يأتي من طريق أخرى صحيحة و لا يلزم أن يكون صحيحا من هذا الطريق 0
وابن رجب في شرح علل الترمذي 2/100 يقول : " وقال أيضاً(يعني البرديجي) : (( إذا روى الثقة من طريق صحيح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديثاً لا يصاب إلا عند الرجل الواحد - لم يضره أن لا يرويه غيره إذا كان متن الحديث معروفاً ، ولا يكون منكراً ولا معلولاً )) .وقال في حديث رواه عمرو بن عاصم عن همام عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((إني أصبت حداً فأقمه على .. الحديث )) : (( هذا عندي حديث منكر ، وهو عندي وهم من عمرو بن عاصم )) .ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: (( هذا حديث باطل بهذا الإسناد )).وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من هذا الوجه، وخرج مسلم معناه أيضاً من حديث أمامة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهذا شاهد لحديث أنس0
ولعل أبا حاتم والبرديجي إنما أنكر الحديث لأن عمرو بن عاصم ليس هو عندهما في محل من يحتمل تفرده بمثل هذا الإسناد ، والله أعلم"0 انتهى كلام ابن رجب
فيظهر بذلك أن البرديجي لا يذهب إلى أن مطلق التفرد منكر بل تفرد من لا يحتمل تفرده والخطأ أو الوهم الذي يرد في الحديث من ثقة كان أو من غير؛ والله أعلم.

لكن يبدو أن المتأخرين استقروا والله أعلم على التمييز بين المنكر والشاذ؛ فالمنكر هو رواية الضعيف المخالف للثقة عندهم حيث قال الحافظ ابن كثير في الباعث (ص8) : " إن خالف راويه الثقات فمنكر مردود، وكذا إن لم يكن عدلاً ضابطاً، وإن لم يخالف فمنكر مردود".
وابن حجر ينكر على من سوى بين الشاذ والمنكر فقال في النزهة (ص87): " وعُرِفَ بهذا أن بين الشاذ والمنكر عموماً وخصوصاً مِن وجهٍ؛ لأن بينهما اجتماعاً في اشتراط المخالفة، وافتراقاً في أن الشاذَّ روايةُ ثقةٍ، أَوْ صَدُوْقٍ ، والمنكَر روايةُ ضعيفٍ. وقد غَفَلَ مَنْ سَوّى بينهما، والله تعالى أعلم".

وتكون النكارة في السند والمتن .
مثال المنكر في السند: ما جاء في علل الحديث لابن أبي حاتم ج2/ص182: "سئل أبي عن حديث رواه حبيب بن حبيب أخو حمزة بن حبيب عن أبي اسحق عن العيزار بن حريث عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة قال أبو زرعة هذا حديث منكر إنما هو ابن عباس موقوف".
وحبيب هذا قال فيه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل3/309: " سمعت أبي يقول ذلك حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول حبيب بن حبيب أخو حمزة الزيات واهي الحديث".فلما كان حُبيبٌ ضعيفاً ، خالف الثقات استحق ما رواه أن يكون منكراً؛ والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج12/ص136: " حدثنا عُبَيْدُ بن غَنَّامٍ وَمُحَمَّدُ بن عبد اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالا ثنا أبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا محمد بن عُثْمَانَ بن أبي شَيْبَةَ قال ثنا أبي قَالا ثنا حُبَيِّبِ بن حَبِيبٍ أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتُ عن أبي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَيْزَارِ بن حُرَيْثٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَقَامَ الصَّلاةَ وأتى الزَّكَاةَ وَحَجَّ الْبَيْتَ وَصَامَ رَمَضَانَ وَقَرَى الضَّيْفَ دخل الْجَنَّةَ".
ومثال المنكر في المتن : ما أخرجه الطبراني7/267: " عن سمرة بن جندب : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول: من رهن أرضا بدين عليه فإنه يقضي من ثمرتها ما فضل بعد نفقتها ويقضي ذلك له من حينه ذلك الذي عليه بعد أن يحبب لصاحبها الذي عنده عمله ونفقته بالعدل".قالمحمد بن طاهر المقدسي في ذخيرة الحفاظ ج4/ص2288: " رواه يوسف بن خالد السمتي عن جعفر بن سعد عن حبيب بن سليمان عن أبيه عن جده سمرة بن جندب وهذا لا يرويه إلاّ يوسف ومتنه منكر ويوسف كذاب متروك الحديث". وقال الذهبي في ميزان الاعتدال4/464: " هذا متن منكر تفرد به يوسف".

ونكتفي بهذا القدر عن الحديث عن المنكر وأنه بلا شك يعني عند العلماء الحديث المردود ولا يغيب عن البال ما قاله الإمام أحمد المنكر أبدا منكر والله تعالى أعلم.
وسيأتي المبحث الثاني والحديث فيه عن الشاذ إن شاء الله تعالى

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 11-20-2010, 07:56 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

المبحث الثاني
الشاذ
قال ابن منظور في لسان العرب3/494 :" شَذَّ عنه يَشِذُّ ويَشُذُّ شذوذاً انفرد عن الجمهور وندر فهو شاذٌّ وأَشذُّه غيره ابن سيده شَذَّ الشَّيءُ يَشِذُّ شَذّاً وشُذوذاً ندر عن جمهوره".
قال ابن حزم في الإحكام4/545 :" كل قول خالف الحق فهو شاذ عن الحق، فوجب أن كل خطأ فهو شذوذ عن الحق، وكل شذوذ عن الحق فهو خطأ، وليس كل خطأ خلافا للإجماع، فليس كل شذوذ خلافا للإجماع، ولا كل حق إجماعا". وابن حزم يذهب إلى الشاذ اللغوي فكل ما خالف الصواب هو الشاذ. قال ابن القيم في إعلام الموقعين ج3/ص46 : " إِنَّمَا الشَّاذُّ ما خَالَفَ بِهِ الثِّقَاتِ لَا ما انْفَرَدَ بِهِ عَنْهُمْ".وقال ابن حجر في فتح الباري ج1/ص585 : "الشاذ وهو ما يخالف الثقة فيه من هو أرجح منه في حد الصحيح".وفي تحفة الأحوذي ج2/ص82 : " وَعُرِّفَ الشَّاذُّ بِأَنَّهُ ما رَوَاهُ الثِّقَةُ مُخَالِفًا في نَوْعٍ مِنَ الصِّفَاتِ لِمَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ أو من هو أَوْثَقُ منه وَأَحْفَظُ وَأَعَمُّ من أَنْ تَكُونَ الْمُخَالَفَةُ مُنَافِيَةً لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَمْ لَا".وقال أيضا في تحفة الأحوذي ج2/ص83 : " قال الْحَافِظُ بن حَجَرٍ في مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْبَارِي: وَأَمَّا الْمُخَالَفَةُ وَيَنْشَأُ عنها الشُّذُوذُ وَالنَّكَارَةُ فإذا رَوَى الضَّابِطُ أَوِ الصَّدُوقُ شيئا فَرَوَاهُ من هو أَحْفَظُ منه أو أَكْثَرُ عَدَدًا بِخِلَافِ ما رَوَى بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ على قَوَاعِدِ الْمُحَدِّثِينَ فَهَذَا شَاذٌّ". فالشَّاذَّ ما رَوَاهُ الْمَقْبُولُ مُخَالِفًا لِمَنْ هو أَوْلَى منه وهو الْمُعْتَمَدُ في تَعْرِيفِ الشَّاذِّ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ؛ وَالْمُرَادُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ في قَوْلِهِ مُخَالِفًا الْمُنَافَاةُ دُونَ مُطْلَقِ الْمُخَالَفَةِ يَدُلُّ عليه قَوْلُ الْحَافِظِ في هذا الْكِتَابِ وَزِيَادَةُ رَاوِيهِمَا أَيِ الصَّحِيحُ وَالْحَسَنُ مَقْبُولَةٌ ما لم تَقَعْ مُنَافِيَةً لِرِوَايَةِ من هو أَوْثَقُ مِمَّنْ لم يذكر تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ لَا تُنَافِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ رِوَايَةِ من لم يَذْكُرْهَا فَهَذِهِ تُقْبَلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا في حُكْمِ الحديث الْمُسْتَقِلِّ الذي يَتَفَرَّدُ بِهِ الثِّقَةُ وَلَا يَرْوِيهِ عن شَيْخِهِ غَيْرُهُ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُنَافِيَةً بِحَيْثُ يَلْزَمُ من قَبُولِهَا رَدُّ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَهَذِهِ هِيَ التي يَقَعُ التَّرْجِيحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُعَارِضِهَا فَيُقْبَلُ الرَّاجِحُ وَيُرَدُّ الْمَرْجُوحُ؛ وقال الشَّيْخُ ابن حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ في رِسَالَتِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَسْمَلَةِ الشَّاذُّ اصْطِلَاحًا فيه اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ وَالَّذِي عليه الشَّافِعِيُّ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّ ما خَالَفَ فيه رَاوٍ ثِقَةٍ بِزِيَادَةٍ أو نَقْصٍ في سَنَدٍ أو مَتْنٍ ثِقَاتٍ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مع اتِّحَادِ الْمَرْوِيِّ عنه وقال الشَّيْخُ عُمَرُ الْبَيْقُونِيُّ في مَنْظُومَتِهِ في مُصْطَلَحِ أَهْلِ الحديث وما يُخَالِفُ ثِقَةٌ فيه الْمَلَا؛ قال الشَّارِحُ الشَّيْخُ محمد بن عبد الْبَاقِي الزُّرْقَانِيُّ وما يُخَالِفُ ثِقَةٌ فيه بِزِيَادَةٍ أو نَقْصٍ في السَّنَدِ أَوِ الْمَتْنِ الملا أَيِ الْجَمَاعَةَ الثِّقَاتِ فِيمَا رَوَوْهُ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَالشَّاذُّ كما قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ من أَهْلِ الْحِجَازِ وهو الْمُعْتَمَدُ كما صَرَّحَ بِهِ في شَرْحِ النُّخْبَةِ لِأَنَّ الْعَدَدَ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنَ الْوَاحِدِ وَعَلَيْهِ فما خَالَفَ الثِّقَةُ فيه الْوَاحِدَ الْأَحْفَظَ شَاذٌّ؛ وَأَلْحَقَ ابن الصَّلَاحِ بِالثِّقَاتِ الثِّقَةَ الْأَحْفَظَ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْمُخَالَفَةُ بِزِيَادَةٍ أو نَقْصٍ في سَنَدٍ أو مَتْنٍ إن كانت لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بين الطَّرَفَيْنِ فِيهِمَا مع إتحاد الْمَرْوِيِّ انْتَهَى ".
وقال الصنعاني في الغاية في شرح الهداية في علم الرواية ج1/ص196 : " الشاذ هو أن يروي الثقة شيئا يخالف فيه الثقات فيظن أنه وهم فيه وتفسير الشاذ بذلك هو مذهب أهل الحجاز وهو معنى قول الشافعي - رحمه الله - ليس من الحديث أن يروى الثقة ما لا يروى غيره إنما الشاذ أن يروى الثقة حديثا يخالف ما روى الناس وخالف أبو يعلى الخليلي حيث قال الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد شذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة فما كان من غير ثقة فمتروك وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به؛ وقوله وما كان عن ثقة إلى آخره هو شبيه قول الحاكم الشاذ ما انفرد به ثقة وليس له أصل متابع وليس إطلاقهم بجيد؛ فلا بد أن يكون مع ذلك مخالفا لما رواه غيره وإلا فهو غريب وذكر ابن الصلاح أن الصحيح التفصيل فما خالف فيه المنفرد من هو أحفظ منه وأضبط فشاذ مردود وإن لم يخالف بل روى شيئا لم يروه غيره وهو عدل ضابط فصحيح أو غير ضابط يبعد عن درجة الضابط فحسن وإن بعد فشاذ منكر وهو تفصيل حسن". يظهر أن أول من عرف الشاذ بمعناه الاصطلاحي هو ابن الصلاح ولو أن الشافعي سبقه في ذلك لكن أعني من المتأخرين فلم نجد عند ابن معين أو أحمد أو غيرهما من المتقدمين من عرفه فيما أعلم. قال السيوطي فيتدريب الراوي ج1/ص232 : " الشاذ وهو عند الشافعي وجماعة من علماء الحجاز ما روى الثقة مخالفا لرواية الناس لا أن يروي الثقة ما لا يروي غيره هو من تتمه كلام الشافعي. قال الحافظ أبو يعلى الخليلي ((الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي القزويني أبو يعلى ت446 هـ؛ قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء : كان ثقة حافظا، عارفا بالرجال والعلل، كبير الشأن، وله غلطات في " إرشاده " )) : " والذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إسناد واحد يشذ به ثقة أو غيره فما كان عن غير ثقة فمتروك وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به وقال الحاكم هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل بمتابع أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة أو غيره فما كان منه عن غير ثقة فمتروك لا يقبل وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به فجعل الشاذ مطلق التفرد لا مع اعتبار المخالفة وقال الحاكم هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة قال ويغاير المعلل بأن ذلك وقف على علته الدالة على جهة الوهم فيه والشاذ لم يوقف فيه على علة كذلك فجعل الشاذ تفرد الثقة فهو أخص من قول الخليلي قال شيخ الإسلام وبقي من كلام الحاكم وينقدح في نفس الناقد أنه غلط ولا يقدر على إقامة الدليل على هذا قال وهذا القيد لا بد منه قال وإنما يغاير المعلل من هذه الجهة قال وهذا على هذا أدق من المعلل بكثير فلا يتمكن من الحكم به إلا من مارس الفن غاية الممارسة وكان في الذروة من الفهم الثاقب ورسوخ القدم في الصناعة قلت ولعسره لم يفرده أحد بالتصنيف ومن أوضح أمثلته ما أخرجه في المستدرك من طريق عبيد بن غنام النخعي عن علي بن حكيم عن شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس قال في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى وقال صحيح الإسناد ولم أزل أتعجب من تصحيح الحاكم له حتى رأيت البيهقي قال إسناده صحيح ولكنه شاذ بمرة قال المصنف كابن الصلاح وما ذكراه أي الخليلي والحاكم مشكل فإنه ينتقض بأفراد العدل الضابط الحافظ كحديث إنما الأعمال بالنيات فإنه حديث فرد تفرد به عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم علقمة عنه ثم محمد ابن إبراهيم عن علقمة ثم عنه عن يحيى بن سعيد وكحديث النهي عن بيع الولاء وهبته تفرد به عبد الله بن دينار عن ابن عمر وغير ذلك من الأحاديث الأفراد مما أخرج في الصحيح كحديث مالك عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر تفرد به مالك عن الزهري فكل هذه مخرجة في الصحيح مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد تفرد به ثقة وقد قال مسلم للزهري نحو تسعين حرفا يرويه ولا يشاركه فيه أحد بأسانيد جياد قال ابن الصلاح فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي قالاه وحينئذ فالصحيح التفصيل فإن كان الثقة بتفرده مخالفا أحفظ منه وأضبط عبارة ابن الصلاح لماكان شاذا مردودا وإن لم يخالف الراوي فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان تفرده صحيحا رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وعبارة شيخ الإسلام لمن هو أرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات كان ما انفرد به شاذا مردودا". قال ابن كثير في الباعث الحثيث(اختصار علوم الحديث) ج1/ص179:" قال الشافعي وهو أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره". وفي التقريرات السنية حسن محمد المشاطج1/ص76 : " وما يخالف راو ثقة أي عدل ضابط فيه أي في الحديث أي في منته أو في سنده بزيادة أو نقصان الملا أي الجماعة الثقاب فيما رووه أو من هو أحفظ أو أضبط مع عدم إمكان الجمع بأن كان يلزم من قبوله رد غيره فالشاذ أي فهو المسمى عندهم بالشاذ المشترط انتفاؤه في حد الصحيح أما إذا أمكن الجمع فلايكون شاذا ويقبل حديث الثقة حينئذ مثال الشذوذ في المتن ما رواه أبو داود وغيره من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه فإن المحفوظ روايته من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله وانفرد عبد الواحد بهذا اللفظ ومثاله في السند ما رواه حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن عوسجه أن رجلا توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثا إلا مولى هو اعتقه؛ فإن المحفوظ فيه ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق ابن عيينه عن عمرو عن عوسجه عن مولاه ابن عباس".
قال ابن حجر في نزهة النظر (ص15) : " الشَّاذَّ : ما رواهُ المقْبولُ مُخالِفاً لِمَنْ هُو أَوْلَى مِنهُ". الملاحظ هنا أن ابن حجر قال المقبول وهذا والله أعلم يقصد به الصدوق أي من كان يحتج به بمفرده أو يصلح للمتابعة ويقصد به أيضا من كان ثقة . قال السيوطي في ما نقله عن ابن حجر فيتدريب الراوي ج1/ص65: " قال شيخ الإسلام مجرد مخالفة أحد رواته لمن هو أوثق منه أو أكثر عددا لا يستلزم الضعف بل يكون من باب صحيح وأصح قال ولم يرو مع ذلك عن أحد من أئمة الحديث اشتراط نفي الشذوذ المعبر عنه بالمخالفة وإنما الموجود من تصرفاتهم تقديم بعض ذلك على بعض في الصحة". أقف هنا مع ابن حجر فإنه قال في النزهة الشاذ هو مخالفة المقبول لمن هو أولى؛ وهنا كما نقل عنه السيوطي لا يعتبر المخالفة ضعفا في الحديث كما هو الظاهر والله أعلم. بل يزداد العجب من ابن حجر عندما نراه في نكته 1/106 يقول: " يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذا". فإما أنه لا يعني بالشاذ هو المخالف وإنما يعني به التفرد ومن ثم يعتبر التفرد علة في الحديث كقول البرديجي في ما سبق في المنكر. أو أنه اضطرب في تعريفه ؛ لعسرته؛ كما قال السيوطي في تدريب الراوي ج1/ص233 : " ولعسره لم يفرده أحد بالتصنيف".ثم ما معنى قوله "مجرد المخالفة لا تستلزم الضعف ولم يرو عن أحد من الأئمة اشتراط نفي الشذود". أقول لم يكن عند الأئمة المتقدمين تعريف للشاذ فالملاحظ أن الأئمة المتقدمين لم يتطرقوا له ولا لتعريفه اللهم إلا ما كان من الشافعي رحمه الله تعالى ؛ بل كان الشاذ عندهم يدخل في المنكر كما مرَّ معنا في المنكر والله أعلم . أما قوله صحيح وأصح فليس على إطلاقه؛ بل لا قائل به فيما أعلم.
وسننقل هنا أقوال العلماء في الشاذ كما فعلنا في المنكر .
الحاكم أبو عبد الله
معرفة علوم الحديث ج1/ص11: " فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة". ثم ذكر كلام الشافعي فقال: قال الشافعي ليس الشاذ من الحديث أن يروى الثقة ما لا يرويه غيره هذا ليس بشاذ إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف فيه الناس هذا الشاذ من الحديث". ثم ذكر الحاكم عددا من الأحاديث منها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها ....الحديث).ثم قال :" هذا حديث رواته أئمة ثقات وهو شاذ الإسناد والمتن لا نعرف له علة نعلله بها ". ثم ذكر قول البخاري :"وكان خالد المدايني يدخل الأحاديث على الشيوخ". أي أن هذا الحديث مما أدخل على قتيبة بن سعيد أحد رواته والله أعلم. قال ابن حجر في تلخيص الحبير2/49 : "وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدِيثُ مُعَاذٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ مُعَاذٍ ، وَلَيْسَ فِيهِ جَمْعُ التَّقْدِيمِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .وَقَالَ أَبُو دَاوُد .هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ ، وَلَيْسَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ حَدِيثٌ قَائِمٌ . قال ابن القيم في زاد المعاد ج1/ص478: " وحكمه بالوضع على هذا الحديث غير مسلم فإن أبا داود رواه عن يزيد بن خالد بن عبدالله بن موهب الرملي حدثنا المفضل بن فضالة عن الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ فذكره فهذا المفضل قد تابع قتيبة وإن كان قتيبة أجل من المفضل واحفظ قد تابع قتيبة أجل من المفضل وأحفظ لكن زال تفرد قتيبة به ثم إن قتيبة صرح بالسماع فقال حدثنا ولم يعنعن فكيف يقدح في سماعه مع أنه بالمكان الذي جعله الله به من الأمانة والحفظ والثقة والعدالة. ثم قال : عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر ثم ارتحل وهذا إسناد كما ترى وشبابة هو شبابة بن سوار الثقة المتفق على الاحتجاج بحديثه وقد روى له مسلم في صحيحه عن الليث ابن سعد بهذا الإسناد على شرط الشيخين وأقل درجاته أن يكون مقويا لحديث معاذ وأصله في الصحيحين لكن ليس فيه جمع التقديم".


أما الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي القزويني أبو يعلى
فقد مرّ بنا تعريفه للشاذ وهو ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به شيخ ثقة كان أو غير ثقة فما كان غير ثقة فمتروك وما كان عند ثقة توقف فيه ولا يحتج به كما في كتاب الإرشاد1/176". قال ابن جماعة في المنهل الروي ج1/ص50: " فما قاله الشافعي لا إشكال فيه وما قاله الخليلي والحاكم يشكل بما ينفرد به العدل الضابط كحديث الأعمال بالنيات...".
والخطيب البغدادي
قال في الكفاية في علم الرواية ج1/ص140 : "باب ترك الاحتجاج بمن غلب على حديثه الشواذ ورواية المناكير والغرائب من الأحاديث ؛ ثم ذكر تعريف الشافعي ثم قال:عن أبي علي صالح بن محمد يقول الحديث الشاذ الحديث المنكر الذي لا يعرف .قال شعبة لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ". فالظاهر أنه لا يفرق بين الشاذ والمنكر وعنده كل حديث خطأ هو من قبيل الشاذ المنكر ؛ والله أعلم.
وابن الصلاح:
قال في المقدمة ج1/ص78 : " فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به الخليلي والحاكم بل الأمر في ذلك على تفصيل نبيه فنقول :"إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه كما فيما سبق من الأمثلة وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان أحدهما الحديث الفرد المخالف والثاني الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف والله أعلم".
قول ابن الصلاح " إذا انفرد الراوي" لم يميز بين الراوي الثقة المخالف وبين الضعيف المخالف بمعنى أنه لم يميز بين الشاذ والمنكر في هذه الحالة أعني حالة المخالفة والله أعلم؛ بل قال في باب المنكر في المقدمة ج1/ص80 : "المنكر على قسمين الأول : وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات رواية مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم فخالف مالك غيره من الثقات في قوله عمر..." . والقسم الثاني وهو الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والإتقان ما يحتمل معه تفرده ما رويناه من حديث أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا رأى ذلك غاظه ويقول عاش بن آدم حتى أكل الجديد بالخلق تفرد به أبو زكريا وهو شيخ صالح أخرج عنه مسلم في كتابه غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحتمل تفرده والله أعلم. أقول عند المقارنة بين الشاذ والمنكر عنده النتيجة واحدة وهي عدم التفريق بين الشاذ والمنكر. إلا إذا عنى بالمنفرد المخالف في المنكر هو الضعيف وفي الشاذ الثقة ". وليس عندنا من القرائن ما يمكننا التمييز به بين مقصديه اللهم إلا تمثيله برواية مالك ورواية أبي زكير؛ والله تعالى أعلم.
ومن مقدمة ابن الصلاح إلى المنهل الروي حيث الحافظ ابن جماعة
قال في المنهل الروي (ص51) : " قال ابن الصلاح ما حاصله إن الصحيح التفصيل فما خالف مفرده أحفظ منه وأضبط فشاذ مردود وإن لم يخالف وهو عدل ضابط فصحيح أو غير ضابط ولا بعد عن درجة الضابط فحسن وإن بعد فشاذ منكر وهذا التفصيل حسن ولكنه مخل لمخالفة الثقة من هو مثله في الضبط وبيان حكمه". وهنا يبين ابن جماعة مراد ابن الصلاح أو هكذا فهم منه فقوله خالف مفرده أحفظ...يعني المخالف ضعيف؛ أو خف ضبطه ؛ وقوله لم يخالف وهو عدل ضابط أي الثقة غير المخالف فحديثه صحيح وإن كان غير ضابط فينزل إلى الحسن إن لم يخالف؛ لكن يشكل قوله "بعد" هل يعني تفرد الضعيف ومن لا يحتمل تفرده فيسمى عنده شاذا منكرا وهو الراجح عندي وبهذا لا فرق بين الشاذ والمنكر عنده في حال كون الراوي ضعيف منفرد؛ والله أعلم. لكن يبقى الثقة المخالف لمثله.
وأما النووي فيقول في تدريب الراوي ج1/ص234: " فالصحيح التفصيل فإن كان الثقة بتفرده مخالفا أحفظ منه وأضبط كان شاذا مردودا؛ وإن لم يخالف الراوي فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان تفرده صحيحا وإن لم يوثق بضبطه ولم يبعد عن درجة الضابط كان حسنا وإن بعد كان شاذا منكرا مردودا والحاصل أن الشاذ المردود هو الفرد المخالف الذي ليس في رواته من الثقة والضبط ما يجبر به تفرده ". أرى أن النووي استطاع أن يميز بي الشاذ والمنكر فقد سمّى مخالفة الثقة شاذا بخلاف ابن الصلاح وابن جماعة فابن الصلاح قال خالف الراوي وابن جماعة خالف مفرده وهنا العبارة أوضح والله تعالى أعلم.
أما ابن دقيق العيد فلا يكاد يخالف ابن الصلاح فيقول في الاقتراح في بيان الاصطلاح ج1/ص17: " الشاذ وهو ما خالف رواية الثقات أو ما انفرد به من لا يحتمل حاله أن يقبل ما تفرد به و المنكر وهو كالشاذ وقيل هو ما انفرد به الراوي وهو منقوض بالأفراد الصحيحة".
والإمام ابن كثير يبدو أنه يذهب إلى ما قاله الشافعي فيقول في الباعث الحثيث (ص8) : " فإذن الذي قاله الشافعي أولاً هو الصواب: أنه إذا روى الثقة شيئاً قد خالفه فيه الناس فهو الشاذ، يعني المردود وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يروا غيره، بل هو مقبول إذا كان عدلاً ضابطاً حافظاً. فإن هذا لو رُد لرُدت أحاديث كثيرة من هذا النمط وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل. والله أعلم. وأما إن كان لمنفرد به غير حافظ، وهو مع ذلك عدلٌ ضابط: فحديثه حسن. فإن فقد ذلك فمردود. والله أعلم.
وابن حجر يذهب إلى مذهب الشافعي فيقول في النكت على ابن الصلاح ج2/ص671 : " وفي الجملة فالأليق في حد الشاذ ما عرف به الشافعي والله أعلم". وقد مرّ بنا في مبحث المنكر(ص47من هذا البحث) قول ابن حجر في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه الذي استنكره أبو داود؛ قال ابن حجر: وقد نوزع أبو داود في حكمه عليه بالنكارة مع أن رجاله من رجال الصحيح والجواب أن أبا داود حكم عليه بكونه منكرا لأن هماما تفرد به عن ابن جريج وهما وإن كانا من رجال الصحيح فإن الشيخين لم يخرجا من رواية همام عن ابن جريج شيئا لأن أخذه عنه كان لما كان ابن جريج بالبصرة والذين سمعوا من ابن جريج بالبصرة في حديثهم خلل من قبله والخلل في هذا الحديث من جهة أن ابن جريج دلسه عن الزهري بإسقاط الواسطة وهو زياد بن سعد ووهم همام في لفظه على ما جزم به أبو داود وغيره هذا وجه حكمه عليه بكونه منكرا وحكم النسائي عليه بكونه غير محفوظ أصوب فإنه شاذ في الحقيقة إذ المنفرد به من شرط الصحيح لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذا".. ففي هذا النص يبيّن ابن حجر مذهبه بالتفريق بين الشاذ والمنكر في الاصطلاح ؛ والله أعلم.
وفي فتح المغيث للسخاوي ج1/ص200 : " فالأليق في حد الشاذ ما عرفه به الشافعي ولذا اقتصر شيخنا في شرح النخبة عليه".
هذا وقد عرفنا الشاذ عند الشافعي حيث قال : " ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثا لم يروه غيره ؛ إنما الشاذ من الحديث أن يروي الثقات حديثا فيخالفهم فيه".ويبدو أنالترمذي يذهب إلى ما ذهب إليه الشافعي قال في العلل الصغير ج1/ص758 : " قال أبو عيسى وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذاك فهو عندنا حديث حسن ". قال ابن رجب في شرح العلل1/200: " والظاهر أنه أراد بالشاذ ما قاله الشافعي ، وهو أن يروي الثقات عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خلافه". ومن العلماء من قال الشاذ الحديث المنكر الذي لا يعرف كما في الكفاية في علم الرواية ج1/ص141 .
الملاحظ من خلال تعرضنا للمنكر والشاذ أن الأئمة المتقدمين (سوى الشافعي) لم يفرقوا بين الشاذ والمنكر فكل شاذ منكر؛ كما أنهم يطلقون المنكر على الحديث الغلط عندهم سواء تفرد به راو لا يحتمل تفرده أو تفرد به ضعيف أو خالف ثقة أو ثقة خالف أرجح والله أعلم. وأما المتأخرون فإنهم لم يجمعوا على قول واحد في تعريف الشاذ ولهذا يمكن أن ينزل قول كل واحد على مراده؛ فمثلا الحاكم عندما يقول في معرفة علوم الحديث ج1/ص119: "وهو غير المعلول فان المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث أو وهم فيه راو أو أرسله واحد فوصله واهم فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة". فإنه يريد به تفرد الثقة مطلقاً والله أعلم بدليل ما قاله في معرفة علوم الحديث ج1/ص121: " عن أنس قال كان قيس بن سعد من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرط من الأمير يعني ينظر في أموره وحدثنا جماعة من مشايخنا عن أبي بكر محمد بن إسحاق قال حدثني أبو عمرو محمد بن خزيمة البصري بمصر وكان ثقة فذكر الحديث بنحوه قال أبو عبدالله وهذا الحديث شاذ بمرة فان رواته ثقات وليس له أصل عن أنس ولا عن غيره من الصحابة بإسناد آخر". والحديث في صحيح البخاري ج6/ص2616 : " عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: أن قَيْسَ بن سَعْدٍ كان يَكُونُ بين يَدَيْ النبي صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ من الْأَمِيرِ". فالحاكم عنده الشاذ تفرد الثقة. والله أعلم
أما الحافظ الخليلي فعنده الشاذ تفرد الراوي؛ لكن ليس كل راو؛ حيث قال يشذ به شيخ ثقة أو غير ثقة وقد سوى هنا بين الشاذ والمنكر . وربما اعتبر مذهب الشافعي خاصا به حيث قال في الإرشاد في معرفة علماء الحديث ج1/ص176 : " فقد قال الشافعي وجماعة من أهل الحجاز الشاذ عندنا ما يرويه الثقات على لفظ واحد ويرويه ثقة خلافه زائدا أو ناقصا والذي عليه حفاظ الحديث الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل وما كان عن ثقة يتوقف فيه". لكن هل يعني الخليلي الثقة أي ثقة كمالك مثلا لا أظن ذلك لأمرين ؛ الأول قال " شيخ ثقة". وهذه عبارة تبين أن (شيخ) دون مرتبة (الثبت الضابط) و(ثقة) أي صالح في نفسه والله أعلم. أما الأمر الثاني فقد قال هو في الإرشاد في معرفة علماء الحديث ج1/ص167 : " وأما الأفراد فما يتفرد به حافظ مشهور ثقة أو إمام عن الحفاظ والأئمة فهو صحيح متفق عليه؛ ومثل بحديث ؛ عن ابن انس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعليه المغفر فقيل هذا ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه قال مالك قال ابن شهاب لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرما وهذا ينفرد به مالك عن ابن شهاب عن انس رواه عنه من مات قبله كابن جريج و الأوزاعي وأبي حنيفة وغيرهم ممن بعدهم كالشافعي وغيره ورواه البخاري في الصحيح عن أربعة عن مالك وكذلك مسلم. فالخليلي لا يعني قطعا تفرد الحافظ المتقن والله أعلم . وأما ما ينفرد به ثقة يخالف فمردود مثال ذلك ما قاله الخليليفيالإرشاد في معرفة علماء الحديث ج1/ص167 : " وعبد المجيد صالح محدث ابن محدث لا يعمد على مثله لكنه يخطىء ولم يخرج في الصحيح وقد اخطأ في الحديث الذي يرويه مالك والخلق عن يحيى بن سعيد الأنصاري قاضي المدينة عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنية وهذا اصل من أصول الدين ومداره على يحيى بن سعيد فقال عبد المجيد وأخطأ فيه اخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنية". قال الدارقطني في علله2/193: " وَرَوَى هَذا الحَدِيث مالِكُ بن أَنَسٍ ، واختُلِف عَنهُ ، فَرَواهُ عَبد المَجِيدِ بن عَبدِ العَزِيزِ بنِ أَبِي رَوّادٍ ، عَن مالِكٍ ، عَن زَيدِ بنِ أَسلَم ، عَن عَطاءِ بنِ يَسارٍ ، عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ. وَلَم يُتابَع عَلَيهِ. أما إن تفرد بالحديث ضعيف يضع على الشيوخ فقد قال في الإرشاد في معرفة علماء الحديث ج1/ص169 : " فأما من الأفراد الذي يتفرد به ضعيف وضعه على الأئمة والحفاظ فهو كما حدثنا به علي بن احمد بن صالح ومحمد بن إسحاق قالا حدثنا الحسن بن علي الطوسي حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان ببغداد حدثنا مالك بن انس وإبراهيم بن سعد كلاهما عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أهل القرآن أهل الله وخاصته وهذا منكر بهذا الإسناد ما له اصل من حديث ابن شهاب ولا من حديث مالك والحمل فيه على ابن غزوان وإنما رواه أبو داود الطيالسي عن شيخ من أهل البصرة عن أبيه عن انس".وابن غزوان قال عنه في الكامل في ضعفاء الرجال ج6/ص290 : " وقد أبطل في رواياته عن مالك وإبراهيم بن سعد وروى عن شريك أحاديث أنكرت عليه وعن حماد بن زيد كذلك وهو ممن يتهم بوضع الحديث".وقال ابن سبط العجمي في الكشف الحثيث ج1/ص238 : " قال الدارقطني كان يضع الحديث". قال ابن حبان في المجروحين ج2/ص305: " يروي عن أبيه وغيره من الشيوخ العجائب التي لا يشك من هذا الشأن صناعته أنها معمولة أو مقلوبة". وذكر ما تفرد به الضعيف غير الحافظ فقال الخليلي في الإرشاد ج1/ص169 : " وما تفرد به غير حافظ يضعف من اجله وان لم يتهم بالكذب فمثاله ما حدثنا به جدي وابن علقمة قالا حدثنا ابن أبي حاتم حدثنا سليمان بن داود القزاز حدثنا محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي المدني حدثنا مالك بن انس عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتحت البلاد بالسيف وافتتحت المدينة بالقرآن لم يروه عن مالك إلا محمد بن الحسن بن زبالة وليس بالقوي لكن أئمة الحديث قد رووا عنه هذا وقالوا هذا من كلام مالك بن انس نفسه فعساه قرئ على مالك حديث آخر عن هشام بن عروة فظن هذا أن ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فحمله على ذلك ؛ ومثل هذا قد يقع لمن لا معرفة له بهذا الشأن ولا إتقان ".
وذكر ابن أبي خيثمة في تاريخه3/346 قال : " أَخْبَرَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار ، قال : حدثني مُحَمَّد بن يَحْيَى أبو غَسَّان ، عن مالك بن أنس ، عن هشام بن عُرْوَة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كل البلاد كل البلاد افْتُتِحَتْ بالسيفِ والرمحِ ، وافْتُتِحَتِ المدينةُ بالقرآن". فجعله موقوفا على عائشة رضي الله عنها والله أعلم. وابن زبالة قال عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ج7/ص227:" قال يحيى بن معين محمد بن الحسن الزبالي والله ما هو بثقة حدث عدو الله عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فتحت المدينة بالقرآن وفتحت سائر المدن بالسيوف".وفي الضعفاء والمتروكين للنسائي ج1/ص92:" متروك الحديث ". وهكذا يمكن أن نفهم من الخليلي أنه لا يعني تفرد أي ثقة والله أعلم.
وأما مذهب ابن حجر فإنه استقر على أن الأليق بتعريف الشاذ ما ذكره الشافعي لكنه خالفه في التعريف فالشافعي قال"يروي الثقة حديثا يخالف" وابن حجر قال "المقبول" والمقبول أعم من الثقة؛ فإما أن يكون مراد الشافعي بالثقة ما أراده ابن حجر أو أن يكون مراد ابن حجر ما أراده الشافعي وهو الراجح بدليل قول ابن حجر والأليق...0 وهو بهذا قد فرق بين الشاذ والمنكر وقال قد غفل من سوى بينهما؛ وقال في فتح الباري ج9/ص487 : " تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما شئت قال شيخنا في شرح الترمذي ظاهره أنه لا يجب الإحداد على المتوفى عنها بعد اليوم الثالث لأن أسماء بنت عميس كانت زوج جعفر بن أبي طالب بالاتفاق وهي والدة أولاده عبد الله ومحمد وعون وغيرهم قال بل ظاهر النهي أن الإحداد لا يجوز وأجاب بأن هذا الحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة وقد أجمعوا على خلافه ". أما ابن الصلاح فلم أجد في كلامه ما يفرق به بين الشاذ والمنكر فلعله يذهب مذهب المتقدمين .
وخلاصة القول أن التمييز بين الشاذ والمنكر لم يكن من أحد إلا ما كان من الشافعي من المتقدمين ثم تبعه ابن حجر في ذلك والله أعلم.
والذي استقر عليه العمل أن الحديث الشاذ هو حديث مَنْ تقبل روايته مخالفاً لما رواه مَنْ هو أولى منه ، إما ضبطاً ، أو عدالةً أو كثرةً مقبولةً. وقد يكون في السند ، وقد يكون في المتن .
التقريرات السنية ج1/ص77 : " ومثاله في السند ما رواه حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن عوسجه أن رجلا توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثا إلا مولى هو اعتقه". التقريرات السنية ج1/ص77 : " ومثال الشذوذ في المتن ما رواه أبو داود وغيره من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه فإن المحفوظ روايته من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله وانفرد عبد الواحد بهذا اللفظ".
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:40 PM.


powered by vbulletin