رمتني بدائها وانسلت !!
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد :
ففي خِضمّ الفتن التي تعصف بالمسلمين في شتى الأقاليم وخروج فصائل تكفيرية تخريبية تدعي الجهاد على غير أصول أهل الفضل والاجتهاد , فآل أمرهم إلى الخزي والعار فانهار بنيانهم الذي بنوه على شفا جرف هار , قامت الطوائف المنتسبة للإسلام برمي أهل السنة بهذه التجاوزات وتبرأوا من أصولهم التكفيرية وتأصيلاتهم الدموية وألصقوها بأهل السنة المحمدية !!
حديثي هنا لا يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر الفرقة الأم للخوارج في هذا العصر كما قرر العلامة الشيخ أحمد النجمي رحمه الله تعالى إذ قال : أما نشأة التكفير في هذا الزمن فالذين أحيوا مذهب التكفير في هذا العصر هم جماعة الإخوان المسلمون ، (1) اهـ . وإنما ينصب الكلام على فرقة من فرق الخوارج وهي الإباضية إذ أنها أجلبت بخيلها ورجلها على وصف الفِرق التخريبية الخارجية الداعشية بأنهم (وهّابية) وأنها استقت أفكارها من الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب ! ونست أو تناست الإباضية أن مؤسس فرقتهم المزعومة عبدالله بن إباض يدين بالولاء لفرقة الخوارج الأولى إذ قال : "فهذا خبر الخوارج نشهد الله والملائكة أنّا لمن عادهم أعداء وأنا لمن والاهم أولياء بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا ، على ذلك نعيش ما عشنا ونموت على ذلك إذا متنا . (2) اهـ . وبلغ بالإباضية أن يُقاتلوا أهل القبلة بمجرد رفضهم لعقيدة الإباضية , يقول محمد بن الحواري : يجوز قتال أهل القبلة بمجرد رفض دعوة الإباضية . (3) وهذا بعينه ما تقوله (داعش) أو ما يسمى بالدولة الإسلامية أو جبهة النصرة أو غيرهما ممن اجتمعوا على عقيدة الخوارج واختلفوا في التسمّي فتقريرات الإباضية قديما وحديثاً هي بعينها تقريرات تنظيم القاعدة وداعش ونحوهما حذو النعل بالنعل !!
ولكن حقدهم الدفين أدى بهم إلى نبز أهل السنة بـ (الوهابية) علماً بأن (الوهابية) فرقة من فرق الإباضية المتطرفة ومؤسسها عُرف بالتطرف والدموية إذ يقول مؤسسها عبدالوهاب بن رستم الإباضي الخارجي : سبعون وجهاً تحل بها الدماء، فأُخبر منها بوجهين لأبي مرداس فقال: من أين هذا من أين هذا ؟(4) وقال المارغيني : (وقالت المشايخ إن هذا الدين الذي دنا به ((الوهبية)) من الإباضية من المحكِّمة دين المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الحق عند الله وهو دين الإسلام من مات مستقيماً عليه فهو مسلم عند الله ومن شك فيه فليس على شيء منه ومن مات على خلافه أو مات على كبيرة موبقة فهو عند الله من الهالكين أصحاب النار (5). إلاً أن الإباضية اليوم تُنكر مسمى (الوهابية) وتقول هي (الوهبية) وذلك لكي تغطي الوجه القبيح المتطرف الموجود عندها ، ورمي مسمى الوهابية على أهل السنة بسبب الفتاوى التي صدرت من أهل العلم بحقها إبان خروجها , ولكن عندما نتأمل ما كُتب عن حقيقة الوهبية أو الوهابية يتضح أن الاسم الحقيقي لها هو الوهابية لا الوهبية وذلك ما قرره الباحث الإباضي الدكتور عمرو النامي الليبي عندما تكلم عن فرقة (الوهبية )حيث قال : يجدر بنا أن نذكر هنا أن الاسم استعمل بالدرجة الأولى من قبل البربر في شمالي إفريقيا، ومن الممكن أن الشكل الصحيح للاسم حور لتسهيله على النطق البربري، فأصبح الوهبية بدلا من الشكل الصحيح وهو الوهابية ، والحقيقة الأخرى التي تدعم القول بأن اسم الوهبية مشتق من عبد الوهاب هو أن الاسم لم يظهر قبل معارضة النكار لإمامة عبد الوهاب ، وهي المعارضة التي شقت الأمة الإباضية في شمالي إفريقيا إلى فريقين ، أتباع يزيد بن فندين الذين سموا بالنكار وأتباع عبد الوهاب الذين كان يجب أن يسموا بالوهابية ، على اسمه ، كما أشير من قبل، ولكن الاسم عدل فأصبح الوهبية.
فهنا يتبين لك أن الوهابية فرقة إباضية خارجية ذات أفكار متطرفة دموية ّذات آراء مستنكرة حتى عند من يدين ويعتقد بعقيدة الإباضية ومع هذا يلمزون أهل السنة بـ (الوهابية) والتكفير مع أن الوهابية فرقة من فرقهم بلسان علمائهم ومحقيقهم .
__________________
(1) التكفير وبيان خطره وأدلة ذلك 105 من كتاب مجموع رسائل أحمد النجمي.
(2) العقود الفضية في أصول الإباضية 121 لسالم بن حمد بن سليمان الحارثي
(3) جامع أبي الحواري 1/98 باب في الإمامة والمحاربة
(4) انظر السير للشماخي 177.
(5) رسالة في فرق الإباضية 13
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
✒ بندر بن سليمان الخيبري
1435/11/9 هـ
|