رسالة إلي من سيخرج بنسائه غدا ً للتظاهر
إليك يامن تقول أنك سلفي !!
وأنك متبع للتبيصلي االله عليه وسلم !!
أبالخروج من البيت تحكم المرأة بشرع االله عزوجل؟
أليس في شرع االله قول الله عزّ وجلّ: **وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ الأُولَى}؟!
من أسوتك في هذا الفعل ؟ وبمن اقتديت ؟! وبأثر من اقتفيت؟!!
ألستم تقولون : كل خير في اتباع من سلف ... وكل شرفي ابتداع من خلف .
من سلفكم في هذا الفعل؟!
يذكرني هذا الفعل بما فعله مشركي هوازن في غزوة حنين وكان قائدهم بمالك بن عوف رجلاً شجاعًا ومقدامًا، إلا أنه كان سقيم الرأي، وسيء المشورة؛ فقد خرج بقومه أجمعين، رجالاً ونساء وأطفالاً وأموالاً؛ ليُشعر كل رجل وهو يقاتل أن ثروته وحرمته وراءه فلا يفر عنها.
وقد اعترضه في موقفه هذا دريد بن الصمة - وكان فارسًا مجربًا محنكًا، قد صقلته السنون، وخبرته الأحداث - قائلاً له: وهل يرد المنهزم شيء؟ إن كانت الدائرة لك، لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك: فضُحْتَ في أهلك ومالك. فسفَّه مالك رأيه، وركب رأسه، وأصر على المضي في خطته، لا يثنيه عن ذلك شيء.
ثم كان ماذا بعد ذلك كانت هزيمته وضياع ماله وأهله ,الذي ردهم إليه النبي صلي الله عليه وسلم ,بعد أن جاء مسلما ً.
وإن قلتم خرجت عائشة رضي الله عنها يوم الجمل :
قلنا لكم :لقد خرجت عائشة رضي الله عنها يوم الجمل فلم يحمدها عليه الصّحابة ولا هي حمدت فعلها، فقد قال ابن حجر: " وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن أبي يزيد المديني قال: قال عماربن ياسر لعائشة لمّا فرغوا من الجمل: " ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليكم يشير إلى قوله تعالى: **وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ}، فقالت: أبو اليقظان؟ قال: نعم!
قالت: والله! إنّك ما علمتُ لقوّالٌ بالحق، قال: الحمد لله الذي قضى لي على لسانك "([1]).
قلت:أما بلغكَ أنّ عائشة رضي الله عنها كانت تبكي على خروجها هذا بكاء شديدا؟
فعن قيس بن حازم قال: لمّا أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا فنبحت الكلاب، فقالت: أيّ ماء هذا؟ قالوا: ماء الحَوْأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة، فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراكِ المسلمون فيصلح الله ذات بينهم، قالت: إنّ رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: كيف بإحداكنّ تَنْبح عليها كِلاب الحَوْأَب رواه أحمد وابن حبّان وصحّحه هو والحاكم والذّهبيّ وابن كثير وقال ابن حجر: " وسنده على شرط
الصحيح "([2])، وقال الألبانيّ: " إسناده صحيح جدّا "([3]).
قال الزيلعي: " وقد أظهرتْ عائشة الندم، كما أخرجه ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب عن ابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن! ما مَنعَك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيتُ رجلا غلب عليكِ ـ يعني ابن الزبير ـ فقالت: أمَا والله لو نهيتني ما خرجْتُ "([4]).
قال الذهبي: " وذكره، ثم ذكر رواية أخرى منه فيها أن خروجها هذا جعلها تعدل عن تَحديث نفسها بالدفن في حجرتها كما كانت تأمل، فعن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: قالت عائشة وكانت تُحَدِّث نفسها أن تُدفن في بيتها، فقالت: " إني أَحْدَثتُ بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم حَدَثاً، ادفنوني مع أزواجه، فدُفِنَت بالبقيع رضي الله عنها ".
قال الذهبي: " قلت: تعني بالحدَث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمَت ندامة كلية وتابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متَأوِّلة قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة بن عبدالله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار، رضي الله عن الجميع "([5]).
ولا تنس أنّ عائشة أمٌّ للمؤمنين جميعا، فأين هؤلاء منها، ولذلك روى البخاريّ عن أبي مريم عبد الله بن زياد الأسديّ قال: " لمّا سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي فقدِما علينا الكوفة فصعدا المنبر، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه، وقام عمار أسفل من الحسن فاجتمعنا إليه، فسمعت عمّارا يقول: إنّ عائشة قد سارت إلى البصرة، والله إنّها لزوجة نبيّكم صلي الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، ولكنّ الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلمَ إيّاه تطيعون أم هي؟ ".
([1]) الفتح (13/63).
([2]) الفتح (13/59).
([3]) انظر الصحيحة رقم (474).
([4]) نصب الراية (4/69ـ70).
([5]) السير (2/193) وأثر عائشة هذا رواه ابن سعد في الطبقات (8/59) والحاكم (4/6).
|