منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-07-2013, 10:33 PM
أبو حفص مرعي بن رجب أبو حفص مرعي بن رجب غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 25
شكراً: 9
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي جديد*** تبرئة الصحابة من وصفهم بسوء الظن - مناقشة مع أخينا أبي حذيفة المصراتي***للشيخ أبو الفضل الليبي-حفظه الله-

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .

فقد استمعت لخطبة جمعة لأخينا في الله أبي حذيفة المصراتي وسمعت منه اتهام الصحابي بسوء الظن فعظم الأمر علي جدًا وتذكرت في الحال كلام أبي الحسن المصري في أبي سعيد الخدري واتهامه بسوء الظن فراجعت كلام شيخنا أبي محمد ربيع بن هادي -حفظه الله- فرأيت بأن شيخنا رد عليه في هذا واعتبرها طعنًا في أبي سعيد.

فكيف يليق بسلفي أن يرى أن هذه العبارة ليست باتهام؟

فكتبت هذا الرد منذ فترة ولم ييسر الله نشره إلا الآن ، وعندما وصل الكلام لأبي حذيفة -وفقه الله- ما كان منه إلا أن أخرج تراجعًا على هذا يُشكر عليه، هذا وأنصحه أن ينظر من يجالس و أن يبتعد عن بعض الشباب الذين من حوله الذين يتصلون من أجل إيجاد المخارج له من بعض طلبة العلم ثم يتعصبون له أن هذا ليس بخطأ وأنهم قد اتصلوا بفلان وقال لهم: هذا ليس بخطأ .
ولقائل أن يقول: كيف يُرَد عليه وقد تراجع .
أقول:
أولاً: هذا الرد الذي تقرأه كان قبل تراجع أبي حذيفة.
ثانيًا: لابأس بالرد ولو بعد التوبة؛ وما رد ابن قدامة على ابن عقيل بعد توبته عنا ببعيد.
ثالثًا: يجب على السلفي أن يعظم الحق أكثر من كل أحد، وأن يترك التعصب للباطل وأهله.
ونذكر الآن كلام أخينا أبي حذيفة ونشرع في المقصود والله من وراء القصد.


قال أبو حذيفة في خطبته: " وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: جاء رجل إلي النبي -صلى الله عليه سلم- فقال : يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاماً أسودًا -يتهم امرأته هو أبيض وزوجته كذلك والولد خالف لونه لون أبويه، كأنه يقول هذا الولد ليس بولدي وهذا سوء ظن- فقال: له النبي عليه -الصلاة والسلام- ذاباً عن أعراض المسلمين ومبيناً الطريق الشرعي: ألك إبلٌ؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ -والأورق هو اللون الذي فيه شيء من السواد ولا يغلب عليه- قال: نعم إنها فيها لورقا وهو جمع أورق قال: فمن أين جاءها؟ قال: لعله نزعه عرق يا رسول الله -يحسن الظن بأبله- فقال له عليه الصلاة والسلام: ولعل ولدك هذا قد نزعه عرق , فتأمل أيها المسلم كيف يصلُ حُسنُ الظن إلى أن الإنسان قد يتهم زوجته وتأمل التربية النبوية إلى أن حسن الظن طمأنينة وسوء الظن ريبة وشك ووساوس وأوهام وظنون كاذبة.
ولهذا قال بعض أهل العلم في الظن هو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس من غير أن يكون موجب لذلك مفهومه أنه إذا تم موجب فإنه لا حرج في ذلك إذا كان مبناه على أدلة ومبناه على أمور يقينية أو راجحة" انتهى كلام أبي حذيفة .


فقرات في رد شيخنا العلاّمة ربيع بن هادي -حفظه الله- على أبي الحسن حول عبارة: "سوء الظن" فرأيت تشابهًا في وصف الصحابي بسوء الظن فاقتبست منه ما توافقا فيه من الطعن في الصحابي بسوء الظن.

قال أبو الحسن:
" وسأذكر لكم إن شاء الله مثالاً في صحيح السنة النبوية ، أبين لكم أن سوء الظن يجعل الإنسان لا يقبل الحق، ويجعل الإنسان يتشكك ويرتاب في الحق الأبلج الواضح الجلي نسأل الله العفو والعافية.
جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال : خرجنا بعد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من المدينة نريد مكة ، ومعنا ابن صياد ، وابن صياد رجل كان يهودياً وأسلم، وكان وهو كافر يتعاطى السحر وكان جماعة من الصحابة يظنون أنه الدجال الذي تحدث عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولهذا أدلة ليس هذا مجال فصلها ولا الكلام عليها ، الذي يهمنا أن هذا أمر كان موجوداً في نفوس جماعة من الصحابة ، أن ابن صياد هذا هو الدجال الذي سيظهر في آخر الزمان وستكون فتنته عظيمة في الأرض ، فيقول : خرجنا في سفر فلما أردنا أن ننزل ونضع رحالنا لنستريح ، جاء ابن صياد ووضع رحله بجوار رحلي ، فلأنه يكره ابن صياد ويخاف منه أن يكون هو الدجال ، قال : فأخذت رحلي فذهبت به بعيداً عن ابن صياد قال : ثم ذهب ابن صياد وأتى بلبن للصحابة يشربون ، فذهب إلى الأول منهم فقال أعط أخي أعط جاري ، وذهب إلى الثاني فقال :أعط الآخر كل منهم مع حاجته إلى اللبن يكره أن يأخذ اللبن من يد ابن صياد ، يكره أن يتناوله من يده.
ابن صياد يعرف في نفسه ويشعر في نفسه أن هؤلاء يشكون فيه ، وأنهم مرتابون منه ، فلا شك أن هذا سيؤثر على نفسه عندما يشعر أن الناس يسيؤن به الظن نسأل الله العفو والعافية فلما رأى ذلك ابن صياد ، قال : يا أصحاب محمد - ناداهم وكلمهم معشر الأنصار- قال : والله لقد هممت أن آخذ حبلاً فأعلقه في هذه الشجرة وأخنق نفسي حتى أموت . يشعر من شك الناس فيه ومن كلام الناس حوله ، ومن سوء ظن الناس به ، كاد أن يخنق نفسه هماً وحزناً وضيقاً من الحالة التي وصل إليها، ثم قال : يا أصحاب محمد يا معشر الأنصار إن غاب حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام عن الناس فإنه لا يغيب عنكم ، فإنكم قد لازمتموه وأكثرتم ملازمته عليه الصلاة والسلام ، ألم يقل رسول الله عليه الصلاة والسلام في الدجال أنه أعور العين اليمنى ولست بأعور ، ألم يقل أنه كافر وأنا مؤمن ؟ ألم يقل إنه لا يدخل مكة ولا المدينة وإذا أراد أن يدخلهما رأى الملائكة مصلتة سيوفها لأجله ، وأنا مقيم في المدينة أنا بأولادي وأسرتي وعائلتي موجود في المدينة كيف وأنا دخلتها والرسول يقول الملائكة واقفين على الباب ، كيف ! وأنا ذاهب معكم الآن إلى مكة ، أيش تقول يا أبو سعيد مع هذه الأدلة.
حدِّ فيكم بعد هذه الأدلة أنه ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان وسيقوم بكذا وكذا كما جاء في الأحاديث ، قال أبو سعيد : حتى كدنا نصدق أنه ليس بالدجال ، ما صدقوا أنه ليس بالدجال مع هذا ، كادوا أن يصدقوا ، وإذا دخل سوء الظن بالقلب يجعلك ترتاب من الأدلة نسأل الله السلامة. انتهى كلام أبي الحسن .


قال الشيخ ربيع رادًا على أبي الحسن: " حسن الظن المهلك هو حسن الظن بأهل الباطل كفاراً كانوا أو مبتدعة أو فساقاً.
فالذي حمل الكفار على تكذيب الرسل والكفر الغليظ بهم وبما جاؤا به إنما هو سوء الظن بأهل الحق ، وهم الأنبياء وأتباعهم وحسن الظن بآبائهم وأديانهم الباطلة الكفرية .
وأهل البدع مثل الروافض والخوارج والصوفية والمرجئة والقدرية وأمثالهم وأهل التحزب الباطل إنما أهلكهم حسن الظن بشيوخهم ورؤسائهم وعقائدهم الفاسدة ولهذا حذر الرسول والصحابة والسلف منهم ومن الفساق والكذابين فلم يأمنوا أهل البدع على دينهم ولم يقبلوا روايات دعاتهم حماية للأمة والدين من غشهم وخيانتهم وكذبهم .
كما أهلكهم سوء الظن - من جهة أخرى- بالحق وأهله ، وأبو الحسن له ولأتباعه نصيب من حسن الظن المهلك ، وسوء الظن المهلك على الوجه الذي ذكرناه .
وللصوفية قصص عجيبة وغريبة في باب حسن الظن بشيوخهم منها - أنه يجب عليك حسن الظن بالشيوخ ولو رأيتهم يرتكبون الفواحش ، من شرب الخمر والزنا وترك الصلاة والصيام ، فلا يجوز في شريعتهم أن تسيء الظن بالشيخ مهما فعل من الأفاعيل ، وهم سائرون مع شيوخهم على هذا المنهج ويسيئون الظن ويعادون من ينقد شيوخهم وأباطيلهم وشركياتهم ، ويقولون لا تعترض فتنطرد .
ومن طرائف قصص النقشبندية الصوفية أن شيخ النقشبندية حكى قصة طاعته لشيخه وحسن ظنه به وأدبه مع الكلاب .
قال أمرني شيخي برعاية الكلاب فرعيتها أظنه قال ثمان سنين ثم قال لي ارع كلاب الحضرة فرعيتها وكان فيها كلب قال لي شيخي أنه سيحقق الله لك خيراً كثيراً على يد هذا الكلب فكنت أتأدب مع هذه الكلاب ولا أمشي أمامها فلما كان ذات يوم رأيت ذلك الكلب مستلقياً على ظهره رافعاً يديه إلى السماء وهو يبكي ويئن فرفعت يدي أؤمن على دعائه .
وهكذا يفرض أهل الضلال حسن الظن على أتباعهم أشباه الأنعام حتى إنهم ليأمرونهم بحسن الظن بالفجار والكلاب .
ونزه الله أهل السنة عن سوء الظن بأهل الحق وأهل السنة ، وعن حسن الظن بأهل الباطل والضلال فإنه من الأسباب المردية .
أسأل الله أن يعافي هذه الأمة وخاصةً شبابها من سوء الظن المذموم وأن يرزقهم حسن الظن المحمود ، حسن الظن بالله وبكتابه ورسله والملائكة وأهل الحق وأن يرزقهم التمييز بين أسباب الخير والسعادة وأسباب الشر والشقاء إن ربنا لسميع الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .ص (537-538 ) نفس المصدر انتهى كلام الشيخ ربيع .

قلت: والصحابة رضي الله تعالى عنهم من أطهر الناس قلوباً فلا يجوز وصفهم أو وصف أحدهم بسوء الظن ذلك لأن سوء الظن من أمراض القلوب.

قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في كتابه المنتقى ص (46/6 ) :

( سوء الظن من أمراض القلوب فما حقيقته وأسبابه وطرق علاجه ؟

سوء الظن فيه تفصيل على النحو التالي :
1- سوء الظن بالله تعالى كفر، قال تعالى : { يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ } [ سورة آل عمران : آية 154 ] ، وقال تعالى في المنافقين : { الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا }
[ سورة الفتح : آية 6 ] .
2ـ- سوء الظن بالمؤمنين والأبرياء وهذا لا يجوز، لأنه ظلم للمؤمن والمطلوب من المسلم حسن الظن بأخيه المسلم، وسوء الظن بالمسلم يسبب البغضاء بين المسلمين .

3ـ سوء الظن بأهل الشر والفساد وهذا مطلوب؛ لأنه يسبب الابتعاد عنهم وبغضهم) اهــ كلامه

ثم إن اتهام الصحابة بسوء الظن هو منافي لتعديل الله لهم، قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله في الانتصار للصحابة الأخيار ص "370 " :

( التاسع: إنَّ قولَ أهل السنَّة بتعديل الصحابة، كما أنَّه مستندٌ إلى نصوص من الكتاب والسُّنَّة، فهو مَبنِيٌّ على حُسن الظنِّ بهم، ومن أحسن الظنَّ بهم فهو مأجور، والقول بخلاف ذلك مَبنِيٌّ على إساءة الظنِّ بهم، ومَن أساء الظنَّ بهم فهو آثمٌ، قال بَكر بن عبد الله المُزني، كما في ترجمته في تهذيب التهذيب لابن حجر: (( إيَّاك من الكلام ما إن أصبتَ فيه لَم تُؤجَر، وإن أخطأت فيه أثمتَ، وهو سوء الظنِّ بأخيك )).

وإذا كان هذا في آحاد الناس، فإنَّه في حقِّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشدُّ وأعظم ). أ.هــ

قولك: (...... وسوء الظن ريبة وشك ووساوس وأوهام وظنون كاذبة ) .

ما أشبه هذا الكلام بكلام أبي الحسن المصري، حيث قال: ( أبين لكم أن سوء الظن يجعل الإنسان لا يقبل الحق ويجعل الإنسان يتشكك ويرتاب في الحق الأبلج الواضح الجلي نسأل الله العفو والعافية ) .
وهذا من الطعن العظيم في هذا الصحابي حيث وصفته أولاً: بسوء الظن.
ثانياً : وبعد وصفك له بسوء الظن وصفته بما هو قبيح وبعبارات لو وصفت بها أنت ما ارتضيتها وهي أمور عظيمة .
1- سوء الظن
2- ريبة
3- شك
4- وساوس
5- أوهام
6- ظنون كاذبة

فهل هذه الأوصاف هي الأوصاف التي وصف الله بها أصحاب نبيه -صلى الله عليه وسلم- في كتابه العزيز قال الله جل وعلا: ((والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان -رضي الله عنهم- ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم)).

فهل يليق بقوم -رضي الله عنهم- ورضوا عنه وأعد لهم جنات أن يكونوا بهذه الأوصاف الذميمة ؟
قال تعالى:{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) }.

وقال: { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } [الحشر:10]
إن قلوب المؤمنين الصادقة المنقادة لكلام الله ليس في قلوبهم غلاً بل يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان بدلاً من أن يوصفوا بأوصاف قبيحة أو ذميمة .

وفي التوبة (88) قال تعالى: {لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم }.

قال تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً }


قال تعالى: {والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } .

ورحم الله ابن القيم إذ يقول في وصف أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- :
القانتون المخبتون لربهم********************الناطقون بأصدق الأقوال
يحيون ليلهم بطاعة ربهم********************بتلاوة وتضرع وسؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم********************مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان وعند جهادهم********************لعدوهم من أشجع الأبطال
بوجوههم أثر السجود لربهم********************وبها أشعة نـوره المتلالـي
ولقد أبان لك الكتاب صفاتهم********************في سورة الفتح المبين العالي
وبرابع السبع الطوال صفاتهم********************قـوم يحبـهم ذوو إدلال
وبراءة والحشر فيها وصفهم********************وبهل أتى وبسورة الأنفال

ثم أخي الكريم في خطبتك إطلاقات في تحريم سوء الظن والصواب التفصيل
قال الحافظ أبو العباس القرطبي – رحمه الله -: ( الظن هنا هو التهمة ، ومحل التحذير والنهي إنما هو تهمة لا سبب لها يوجبها ، كمن يتهم بالفاحشة ، أو بشرب الخمر ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك . ودليل كون الظن هنا بمعنى التهمة قوله بعد هذا : "ولا تجسسوا ، ولا تحسسوا " ؛ وذلك : أنه قد يقع له خاطر التهمة ابتداء فيريد أن يتجسس خبر ذلك ، ويبحث عنه ، ويتبصر ، ويستمع لتحقيق ما وقع له من تلك التهمة … )(1).
وقال العلامة ابن مفلح – رحمه الله -: ( قال القاضي وغيره : ويحرم سوء الظن بمسلم ظاهره العدالة ، ويستحب ظن الخير بالأخ المسلم . قال : ولا ينبغي تحقيق ظنه في ريبة . وفي " نهاية المبتدئ " : حسن الظن بأهل الدين حسن . وذكر المهدوي والقرطبي المالكيان عن أكثر العلماء : أنه يحرم ظن الشر بمن ظاهره الخير ، وأنه لا حرج بظنه بمن ظاهره الشر)(2).

قلت : إذا كان المسلم يحرم عليك إساءة الظن به فكيف يستقيم أن تسيء الظن بالصحابة وهم أفضل البشر بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ثم ما هذه الظاهرة القبيحة في هذا الزمن التي تصدر من البعض إذا أراد أن يضرب مثل سوء ضربه بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إبتداءًا من الرافضة وانتهاءًا بأبي الحسن المصري. وهم رضي الله عنهم مضرب المثل في معالي الأمور ولهم السابقة في الفضل والخير
- الضرب الثاني : المشروع من سوء الظن : هو ما حفته القرائن الملحة الداعية لسوء الظن .
قال الحافظ أبو حاتم ابن حبان البستي – رحمه الله -: ( سوء الظن على ضربين : أحدهما : منهي عنه بحكم النبي صلى الله عليه وسلم .
والضرب الآخر : مستحب .
فأما الذي نهي عنه فهو استعمال سوء الظن بالمسلمين كافة على ما تقدم ذكرنا له.
ــــــــــــــ
1) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ( 6/534).
2) الفروع (3/311).
وأما الذي يستحب من سوء الظن فهو كمن بينه وبينه عداوة أو شحناء في دين أو دنيا ، يخاف على نفسه مكره ، فحينئذ يلزمه سوء الظن بمكائده ومكره لئلا يصادفه على غرة بمكره فيهلكه .)(1).

وقال العلامة أبو عبد الله القرطبي – رحمه الله -: ( وإن شئت قلت : والذي يميز الظنون التي يجب اجتنابها عما سواها ، أن كل ما لم تعرف له أمارة صحيحة وسبب ظاهر كان حراما واجب الاجتناب .
وذلك إذا كان المظنون به ممن شوهد منه الستر والصلاح ، وأونست منه الأمانة في الظاهر ، فظن الفساد به والخيانة محرم ، بخلاف من اشتهر بين الناس بتعاطي الريب والمجاهرة بالخبائث) . (2).
وقال العلامة البقاعي – رحمه الله -: ( فاحتاطوا في كل ظن ولا تمادوا معه حتى تجزموا به فتقدموا بسببه على ما يقتضيه من الشر إلا بعد التبين لحقه من باطله بأن يظهر عليه أمارة صحيحة وسبب ظاهر ، والبحث عن ذلك الذي أوجب الظن ليس بمنهي عنه كما فتش النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك وتثبت حتى جاءه الخبر اليقين من الله )(3).

وقال الشيخ البهوتي – رحمه الله -: ( ويستحب ظن الخير بالمسلم ولا ينبغي تحقيق ظنه في ريبة ولا حرج بظن السوء بمن ظاهره الشر وحديث أبي هريرة مرفوعا إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث محمول على الظن المجرد الذي لم تعضده قرينة تدل على صدقه )(4).
ــــــــــــــــــ
1) روضة العقلاء ونزهة الفضلاء : ص 127 ط . المكتبة التجارية.
2) الجامع لأحكام القرآن ( 16/217 ) ط. الكتب العلمية.
3) نظم الدرر (18/379) ط. المكتبة التجارية.
4) كشاف القناع (2/102).
وقال الشيخ الشرواني – رحمه الله -: ( والظن ينقسم في الشرع إلى واجب ومندوب وحرام ومباح.
فالواجب حسن الظن بالله تعالى:
والحرام سوء الظن به تعالى وبكل من ظاهره العدالة من المسلمين
والمباح الظن بمن اشتهر بين المسلمين بمخالطة الريب والمجاهرة بالخبائث فلا يحرم ظن السوء به لأنه قد دل على نفسه كما أن من ستر على نفسه لم يظن به إلا خير ومن دخل مدخل السوء اتهم ومن هتك نفسه ظننا به السوء ) (1).

نقلاً من كتاب تأملات رفقاً أهل السنة بأهل السنة ص 55- 58 .


وهل يا أبا حذيفة اتهام الصحابي بسوء الظن موافق لقول الله وقول الله رسوله ومنهج السلف أو مخالف ؟
قال الطحاوي -رحمه الله- : ( وبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ) .
وهل من وصفهم بسوء الظن ممتثل لقول الله سبحانه وتعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم )

وهل من وصفهم بسوء الظن ممتثل ومنقاد لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) .
وهل من وصفهم بسوء الظن ممثل ومنقاد لقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- : " أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم " ؟
وهل من وصفهم بسوء الظن ممثل ومنقاد لكلام الأمام أحمد قال الميموني : "سمعت أحمد يقول :" مالهم ولنا ؟ أسأل الله العافية وقال لي : يا أبا الحسن إذا رأيت أحدا يذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الإسلام " .
قال الإمام الطحاوي :" ونحب أصحاب رسول الله ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان "

وقال أيضا رحمه الله :" من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل هذا ما تيسر ونسأل الله الهداية للجميع وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه

تنبيه:
قال أبو حذيفة -وفقه الله- في تراجعه الذي يُشكر عليه:
" هذا المقطع فيه جمل وألفاظ فيها إساءة أدب مع الصحابة رضي الله عنهم كالتعبير بسوء الظن ويحسن الظن بإبله وأنا أتوب من ذلك واستغفر الله من هذا الكلام والواجب هو ذكر الصحابة بكل جميل وعدم الخروج عن ألفاظ العلماء،أسال الله أن يغفر زلتي ويتجاوز عن ذنبي" اهـ

قلتُ: قول أبي حذيفة: " جمل وألفاظ فيها إساءة أدب مع الصحابة" ، هو نعم من إساءة الأدب ولكنه أكبر من أن يُوصف فقط بهذا الوصف، وقد اعتبر شيخنا ربيع بن هادي -حفظه الله- كما تقدم في رده على أبي الحسن عندما اتهم أبا سعيد الخدري -رضي الله عته- بسوء الظن أن ذلك من الطعن وليس مجرد سوء الأدب .

كتبه أبو الفضل محمد بن عمر

منقول من منتديات البيضاء العلمية
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:00 PM.


powered by vbulletin