بسم الله الرحمن الرحيم
- هل يحلُّ لنا أن نصفَ من قامَ – اليومَ - ، يدعو بدعوة هؤلاء المصلحين ، يردُّ الناسَ إلى توحيد ربِّ العالمين ، وتحكيم سنَّةِ نبيِّه الأمين ، بأنَّه يأخذُ بطريقة "الغلوّ" ، و"التشدّد" و"الفظاظة" ، و"التفريق" ، ويُنَفَّرُ منهُ بتكلم الأوصاف التي أطلقت على "الأسلاف" بالأمس ؟! - هل أدركنا حقًّا حقيقة الدعوة السَّلفيَّة التي اضطلع بها الأئمة ابن باديس والإبراهيمي ورفاقهما ؟!
- هل أدركنا جيِّدًا منهج دعوتهم ، وأصول برنامجهم الديني – على وجه الخصوص - ؟!
بالوقوفِ على تفاصيل وحيثيات مواقفهم التي وقفوها ، وهم في خضمِّ معاركهم ومنازعاتهم مع مخالفيهم ومناوئيهم ، وهو نزاعٌ دينيٌّ ، واختلاف جذريّ عميقٌ في فهم الدين الصحيح ، ولو لا ذلك ، لما تمسك كلُّ قوم بما هم عليه ، يجادلون ويناضلون عنه !! ، بالوقوف على ذلك كلِّهِ ، تتلاشى وتتبدَّدُ دعوى أنَّها مسائلُ خلافيَّة ، وفتنة أيقظها أدعياءُ الإصلاح !
- هل أدركنا أنَّه لا وُجودَ لجماعة الوهابية المتوهَّمة ! (1) ، فما ثمَّ إلاَّ الدعوةُ إلى الكتاب والسنَّة على مقتضى فهوم الصحابة والتابعين
- هل آن لنا نجدِّدَ العملَ ، بثباتٍ على الخطة القديمة للمصلحين السَّلفِيِّين ، ونحنُ نُوقنُ بأنَّ السَّلفيَّة في حقيقة الأمر : اتباع ما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية وهدي السَّلف الصَّالح ، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو حاربتها جمعية العلماء المسلمين ... وقد أسَّسَ ابن باديس لهذا الفهم الصحيح للإسلام (2) ، ونُوقنُ بــ : " ضرورة أن يحرص المسلمين على تنقية الإسلام من كلِّ البدع والضلالات وهي الرسالة الأساسية التي قامت من أجلها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين " (3)
- هل آن لنا أن نعرفَ وجوه الانحراف في هذه الطرق الصوفيّة وعند أهلها ؟!
- لعلَّ من يقفُ على هذا العرض لهذه المواقف ، وينظر فيهِ بتجرُّدٍ – وهذا ما نرجوه - : يحصلُ له كفايةٌ من العلم الصحيح ، يُدرِكُ بها مقدار بُعْدِ أولئك عن السُّنَّة ، وإلى أيِّ حدٍّ أَوْغلُوا في البدعة والتَّزيُّد على الدِّين والتَّغالي فيه ؟! حتّى إذا جئنَا نُعدِّدُ ما يُنكرُهُ الإصلاحُ عليهم ، لم نُهمل أصول الانحراف ، اشتغالاً بما تفرَّع عنها وانبنى عليها ، وحتَّى لا نقعَ في البَغْيِ على منتقِدِهم بحقٍّ ، والـمُغيرِ عليهم بعِلمٍ .
والله تعالى الهادي من يشاءُ إلى صراطٍ مستقيم .
.......
(1) : تكلَّمتُ بإسهابٍ عن مواقف المصلحين الجزائريين من الوهابية المتوهَّمة ! - التي لا وجودَ لها !! - ، وعن سُبَّة الوهابيين !!، في القسم الثاني من هذه السلسلة : "صفحاتٌ من تاريخ الإصلاح "السَّلفي" في الجزائر" يسَّر الله تعالى إتمامها وإخراجها .
(2) : جريدة "الخبر" اليومي ، الاثنين 16 أفريل 2007م ، 28 ربيع الأول 1428هـ
(3) : جريدة "الأحرار" ، 23 أفريل 2008م ، (ص:14) .