هل العلمانيون يكرهون الصحوجية الإخوانية؟
نشر الإخوانيون في تويتر هاشتاقا بعنوان:
#لماذا_العلمنج_يكرهون_الصحوه
والحقيقة: أن حقيقة العلمانية تنافر ظاهر دعوة الصحوجية، فالعلمانية تقرر: أن يكون الدين في القلب، وداخل البيت أو مكان العبادة.
وأما السياسة والاقتصاد والاجتماع وفق القانون المقر من الشعب بالأغلبية أو بحكم المتنفذين ولو كانوا قلة.
أما الصحوجية فهي في ظاهرها أن يكون الإسلام شاملا جميع مناحي الحياة، وركزوا في ذلك على قضايا السياسة والاقتصاد والاجتماع، وهي الجوانب التي يضادون فيها العلمانية، مع إرجاع نوع التدين أو المذهب إلى الشخص، فهو عندهم حر في تدينه، واستقامته، المهم أن يكون الإطار العام للصحوة هو شمولية الإسلام، وأن لا يضاد تيار الصحوة.
فنلاحظ أن الصحوة فيها جانب من العلمنة المذهبية، حيث جعلوا التدين خاصا بالفرد، فلا حرج عندهم أن يكون متدينا بالسنة أو الرفض أو الزيدية، أو التصوف أو الإباضية أو غير ذلك من المذاهب.
نعم يوجد من العلمانيين من هو متطرف، ويحارب التدين خاصة المنسوب للإسلام، وينادي بالإلحاد، ومحاربة الدين.
ويوجد في الصحوجية من هو متطرف-في وجهة نظر منظريهم-، يحارب المذاهب التي تخالف مذهبه، لا سيما السلفية التي تحارب البدع والأهواء، فإنهم من أشد الناس عداوة للسلفية.
والحقيقة أن قادة الصحوة يرجعون لمذهب الإخوان، ويسعون لفرضه على الناس، وقد يقبلون مذاهب أخرى لكنهم لا يقبلونها-تقية- إلا إذا احترمت مذهب الإخوان وتوجهاتهم، ولم تكن حجر عثرة في تنفيذ مخططاتهم.
كما أن قادة العلمانية يرجعون لمحاربة الدين، لأن الدين -وخاصة دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا سواه-يأمر أصحابه بالصلاح والاستقامة في جميع أحوالهم ومعاشهم، فيشمل صلاح النفس والمجتمع والسياسة والاقتصاد، ولكنهم لتخفيف تصادمهم مع المجتمعات يتظاهرون باحترام حرية التدين!
ولكن بالنظر إلى غاية العلمانية، وغاية الصحوجية وهو الوصول للحكم، وتطبيق مخططاتهم ومناهجهم، فهم يتفقون في استخدام التقية، واستخدام المكر والخداع، ويجتمعون سوياً لضرب الحكومات الموجودة، حتى يتمكنوا من الحكم، ولابد أن يقدم بعضهم لبعض تنازلات، وفي النهاية إذا تمكنوا من الحكم، بدؤوا بتصفية الحسابات، ويقوم الأقوى بالقضاء على الأضعف، ولكن في فترة تقاسم القوة، وعدم إمكان أحدهما الانقضاض على الآخر يحصل بينهم توافق، واتحاد، مع إبطان الخديعة، وإبطان الانقلاب متى ما تيسر الأمر.
في مصر وتونس: اتحد العلمانيون مع الصحوجية مع كل ساقط ولقيط وبلطجي وعربجي حتى وصلوا للحكم، فما إن وصلوا للحكم حتى بدأ بعضهم يحفر لبعض، ويقصي بعضهم بعضا، وبدأت تصفية الحسابات ولما لم يتمكنوا بعد!
فانقلب معظم العلمانيين على الإخوان بسبب بدئهم بتصفية خصومهم-أصدقاء الأمس-، ولم يقم الإخوان بالتنازل مع تنازلهم قبل الانتخابات، لكونهم ظنوا أن الأمريكان لن يخذلوهم، واستمروا في العبط والعناد.
فاستفاد الجيش المصري من هذه الانقسام، ومن هذه النزاعات ليعيد الأمور إلى نصابها.
وأما في تونس فكان الأمر أعقد من ذلك، لكن كانت الكفة الراجحة لأهل العلمنة، وكان الإخوان أضعف من إخوان مصر، واستفادوا من مصاب إخوان مصر، فتنازلوا، ولجؤوا للمكر والخداع، وما زالوا يقدمون التنازلات حتى فاقوا العلمانيين في بعض ما ينادون به من تبديل أحكام شرع الله.
والخلاصة: أن عوام العلمانية وعوام الصحوجية يكرهون بعضهم بعضاً.
وأما القادة والمنظرون فهم متوافقون متحدون في الهدف، فيتعاونون، ويتبادلون التهاني والتبريكات، وإذا تحققت أهدافهم -لا قدر الله- فحينئذ يكون لكل حدث حديث.
فالعلمانيون والصحوجية الإخوانية خونة للدين، وللوطن، ولابد من كشف حالهم للناس، وبيان مخالفتهم للشرع والعقل والفطرة، وبيان ما يحيكون من مؤامرات.
{ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.
ولابد من بيان المنهج السلفي الصحيح للناس، الذي هو حقيقة دين الإسلام، والذي لا بدع فيه ولا تحزبات ولا تعصبات، ولا غلو ولا جفاء ولا شطط، بل هو دين عدل وسط.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
15/ 2/ 1439 هـ