منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-16-2011, 09:12 PM
أبو عبدالرحمن كمال العراقي أبو عبدالرحمن كمال العراقي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 105
شكراً: 3
تم شكره 4 مرة في 4 مشاركة
افتراضي المطالب العالية في تزكية الامام ربيع للشيخ عبداللطيف الكردي وصد عدوان رؤوس البغاة

المطالب العالية
في تزكية الإمام ربيع للشيخ عبد اللطيف الكردي
وصد عدوان رؤوس البغاة

(الحلقة الرابعة)

المطلب الرابع: إن المخالفين للإمام ربيع في تزكيته للشيخ عبد اللطيف أصاغر يحرم أخذ العلم عنهم, ومتابعتهم في انحرافهم.

فانه لما كان أهل العلم يتزعمون الفرقة الناجية, والطائفة المنصورة, إلى قيام الساعة, فان من خالفهم, أو خذلهم كان من الفرق الهالكة, والطوائف المدحورة إلى قيام الساعة, ودخل في كل وصف شنيع وصف به الرسول صلى الله عليه من خالف طريقة السلف من أهل العلم سواء كان من أهل البدع المنحرفين, أو من الذين هم إلى مذهب السلف منتسبين.

ومن ذلك ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق, كما اخرج مسلم عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ »(1).

كما اخبر أن بين يدي الساعة علامات, وأشراط تنبئ عن موعد اقترابها, ودنوها, وظهور هذه العلامات, والاشراط؛ إنما هو دلالة على طغيان الظلم, والشر على حساب الحق, والخير, وان من اخطر هذه العلامات, وأشدها وطئا تلكم العلامات التي تحدثت عن رفع العلم, وفشو الجهل, وتصدر الرويبضة, والصغار, وذلك لان قيام الدنيا, وبقاءها؛ بقيام أهل العلم الآمرين بالمعروف, والناهين عن المنكر, وبقاءهم؛ فإذا ما انقرض وجودهم, وانعدم ذكرهم, وعفى رسمهم, آذن الله بخراب الدنيا, وقيام الساعة.

روى مسلم عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَاسَةَ الْمَهْرِىُّ قَالَ:( كُنْتُ عِنْدَ مَسْلَمَةَ بْنِ مُخَلَّدٍ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ هُمْ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَدْعُونَ اللَّهَ بِشَىْءٍ إِلاَّ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ لَهُ مَسْلَمَةُ: يَا عُقْبَةُ اسْمَعْ مَا يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ. فَقَالَ عُقْبَةُ: هُوَ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَنَا فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:« لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِى يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ». فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَجَلْ. ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا كَرِيحِ الْمِسْكِ مَسُّهَا مَسُّ الْحَرِيرِ فَلاَ تَتْرُكُ نَفْسًا فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنَ الإِيمَانِ إِلاَّ قَبَضَتْهُ ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ)(2).

قال المناوي في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ظاهرين ) على الناس:" أي غالبين منصورين, وهم جيوش الإسلام, أو العلماء الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر, فالمقاتلة معنوية, فإذا انقرضوا جاء أمر الله بقيام الساعة كما قال: ( حتى تقوم الساعة )"(3).

وقال شيخ الاسلام:"وهو مما يستدل به على أن الأمة لا تجتمع على ضلالة، ولا ترتد جميعها، بل لابد أن يبقي الله من المؤمنين مَنْ هو ظاهر إلى قيام الساعة . فإذا مات كل مؤمن فقد جاءت الساعة"(4).

ولارتباط هذا الموضوع بموقف مثلث البغي,- وردهم لكلام أهل الطائفة المنصورة, وهم العلماء, وخاصة فيما يتعلق بتزكية الشيخ عبد اللطيف- ارتباطا وثيقا؛ كان لابد من بيان حالهم, وإظهار حقيقتهم؛ عله يزيح غمامة التقليد عن عيون الأتباع لأنصاف المتعلمين الذين يضلونهم بغير علم, من سَمَاسِرَة الشِّقَاق، وَتُجَّار الحقد، وَزُرَّاع الْعَدَاوَاتِ؛ لذا سيكون الكلام في هذا المطلب حول الأحاديث التي تناولت هذا الموضوع.

أولا: حديث قبض العلماء, واتخاذ الناس رؤوسا جهالاً.
اخرج البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)(5).

وحديث قبض العلم بقبض أهله الأخيار, وفشو الجهل بتصدر السفلة الاغمار هو مما توارت به الأخبار, واستفاضت فيه الآثار. كما قال تقي الدين بن فهد المكي:" حديث صحيح متواتر عن هشام بن عروة رواه عنه جمع كثير يبلغ ستمائة فيما حكاه بعضهم، والله سبحانه وتعالى أعلم"(6).

فبين الحديث من جَزِيل الْمَبَاحِث ، وجَمّ الْفَوَائِد ما يأتي:
إن من أسباب ضلال الناس أن يتخذوا رؤوسا جهالا يسألونهم عما ينزل بهم من نوازل, وبين أن سبب اتخاذهم هؤلاء الرؤوس الجهال هو موت العلماء, فالناس قد يكونون معذورين بهذا الاتخاذ؛ لخلو زمانهم من قائم لأمر الله من أهل العلم.

لكن هل يعذر من اتخذ بهمن, وحسيباً, -ونظرائهم من أنصاف العلم, والطلبة- رؤوسا يسألونهم, ولا يقدمون قول احد عليهم في اخطر مسائل الدين, وأهمها, وهي مسائل العقيدة, والمنهج مع وجود أهل العلم الراسخين بين أظهرهم كالإمام ربيع, وغيره من أئمة الدين, وأعلام السنة؟!!! لا عذر لهم ولا نعما عين.

يقول الشاطبي: "قال بعض أهل العلم تقدير هذا الحديث يدل على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم, وإنما يؤتون من قبل أنه إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم, فيؤتى الناس من قبله, وقد صرف هذا المعنى تصريفا, فقيل ما خان أمين قط, ولكنه ائتمن غير أمين, فخان.
قال: ونحن نقول ما ابتدع عالم قط, ولكنه استفتى من ليس بعالم.
قال مالك بن أنس بكى ربيعة يوما بكاء شديدا فقيل له مصيبة نزلت بك فقال لا ولكن استفتى من لا علم عنده"(7).

فاجتمع أهل عصرنا مع أهل ذاك العصر الذي يقبض فيه العلم؛ بأنهم ضالون إذ سألوا من ليس أهلا لان يسال, لكنهم افترقوا في أن أهل عصرنا ضلوا, بان اتخذوا رؤوسا جهالا مع وجود العلماء, وتوافرهم, فهم ضالون عن علم, ولا عذر لهم عند الله تعالى, وأما أولئك فقد يعذرون لقبض أهل العلم في زمانهم.

فلتثوبوا إلى رشدكم يا أتباع أولئك الرؤوس, وارجعوا إلى الحق الذي عليه أهل العلم, فلا عذر لكم بتقليدكم أنصاف المتعلمين, وانتم تاركون كلام أهل العلم المعتبرين, واني لأعجب من أحدكم إذا أراد أن يقتني شيئا من أمور الدنيا تجده لا يقنع بسؤال أيٍ كان بل تراه يبحث عن اعلم الناس بحقيقة هذه الحاجة, فيسأله عنها, فان قال له أقدم تقدم, وان قال له أحجم تأخر, وكذلك تجد احدهم إذا أصابه مرض ليس بالسهل, فانه لا يقنع بأي طبيب, وان كان هذا الطبيب منه اقرب قريب, وأدنى حبيب, بل تراه يبحث, ويجد السؤال في امهر الأخصائيين من أهل الطب, ولكنه إذا نزلت به نازلة مما يتعلق بدينه الذي هو أغلى ما يملك الإنسان؛ لان بصلاح الدين صلاح الدنيا, والآخرة, وفي فساده فسادهما- تجده كسولا قنوعا بسؤال من يحسبه على خير, وان كان من العلم فقير, فوالله انه لخطب عظيم, ومصيبة باهرة, وحادث جلل, وداهية شنعاء, ومحنة فظيعة؛ أن يصل الأمر في بعض السلفيين إلى هذا التدني من الانحراف.

فهؤلاء البغاة الذين غيبوا على أتباعهم شمس الحق بغربال أوهامهم, وتخرصات أفهامهم؛ آثمون فيما خالفوا فيه الإمام ربيعاً من تزكية الشيخ عبد اللطيف عاصون لتضليلهم, وغشهم لأتباعهم في هذه المخالفة لمنهج السلف الصالح الذين لا رشد في مخالفتهم, ولا سعادة في مجانبتهم, ولا هداية في مباينتهم.

يقول ابن القيم:" من أفتى الناس, وليس بأهل للفتوى, فهو آثم عاص, ومن أقره من ولاة الأمور على ذلك, فهو آثم أيضا, قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: ويلزم ولي الأمر منعهم كما فعل بنو أمية, وهؤلاء بمنزلة من يدل الركب, وليس له علم بالطريق, وبمنزلة الأعمى الذي يرشد الناس إلى القبلة, وبمنزلة من لا معرفة له بالطب, وهو يطب الناس بل هو أسوأ حالا من هؤلاء كلهم, وإذا تعين على ولي الأمر منع من لم يحسن التطبب من مداواة المرضى, فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة, ولم يتفقه في الدين , وكان شيخنا رضي الله عنه شديد الإنكار على هؤلاء, فسمعته يقول: قال لي بعض هؤلاء: أجعلت محتسبا على الفتوى, فقلت له: يكون على الخبازين, والطباخين محتسب, ولا يكون على الفتوى محتسب"(8).

ثم إن هؤلاء الرؤوس البغاة ليس عندهم من علم الكتاب والسنة ما يميزون به بين الحق, والباطل إنما هي آراء يستحسنونها بعقولهم, واقيسة يعتمدون فيها على ظنونهم, وضرر هؤلاء على دين الناس, ودنياهم اشد من ضرر أهل البدع المنحرفين الظاهرين في بدعهم.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله:" َإِنَّ فَتْوَى مِنْ مُفْتٍ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ بِرَأْيٍ يُخَالِفُ السُّنَّةَ أَضَرُّ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْمَعْنَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، فَإِنَّ مَذَاهِبَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَدْ اشْتَهَرَتْ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَرُدُّهَا وَاسْتَفَاضَتْ، وَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ مَقْمُوعُونَ فِي الْأَمْرِ الْغَالِبِ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ بِخِلَافِ الْفُتْيَا فَإِنَّ أَدِلَّتَهَا مِنْ السُّنَّةِ قَدْ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا الْأَفْرَادُ وَلَا يُمَيِّزُ ضَعِيفَهَا فِي الْغَالِبِ إلَّا الْخَاصَّةُ، وَقَدْ يَنْتَصِبُ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ مِمَّنْ يُخَالِفُهَا كَثِيرٌ. وَقَدْ جَاءَ مِثْلُ مَعْنَاهُ مَحْفُوظًا مِنْ حَدِيثِ الْمُجَالِدِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: { لَيْسَ عَامٌ إلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ لَا أَقُولُ عَامٌ أَمْطَرُ مِنْ عَامٍ وَلَا عَامٌ أَخْصَبُ مِنْ عَامٍ وَلَا أَمِيرٌ خَيْرٌ مِنْ أَمِيرٍ وَلَكِنَّ ذَهَابَ خِيَارِكُمْ وَعُلَمَائِكُمْ ثُمَّ يَحْدُثُ قَوْمٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ فَيَنْهَدِمُ الْإِسْلَامُ وَيَنْثَلِمُ"(9).

ثانياً: حديث اخذ العلم عن الأصاغر .
اخرج الطبراني عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ اللَّخْمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ثَلَاثًا: إِحْدَاهُنَّ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ).
قال الشاطبي:" واختلف العلماء فيما أراد عمر بالصغار, فقال ابن المبارك: هم أهل البدع, وهو موافق؛ لأن أهل البدع أصاغر في العلم, ولأجل ذلك صاروا أهل البدع, وقال الباجى: يحتمل أن يكون الأصاغر من لا علم عنده قال: وقد كان عمر يستشير الصغار, وكان القراء أهل مشاورته كهولا, وشبانا.

قال: ويحتمل أن يريد بالأصاغر من لا قدر له, ولا حال, ولا يكون ذلك إلا بنبيذ الدين, والمروءة, فأما من التزمهما, فلا بد أن يسموا أمره ويعظم قدره"(10).

فالحديت متجه إلى أهل البدع أصالة, والى الصغار من الطلبة, وأنصاف المتعلمين إن هم خالفوا أهل العلم, وخرجوا عن طاعتهم, فهم اشد شرا, واكبر خطرا من أهل البدع, والأهواء كما تقدم من قول شيخ الإسلام, والذي يظهر من الروايات المأثورة عن عبد الله بن المبارك؛ إن له في تفسير الحديث قولان:
الأول: هم أهل البدع كما تقدم.

الثاني: هم أهل الرأي المخالفين لأهل العلم بالآثار كما في قول نعيم حيث قال:" قيل لابن المبارك: من الأصاغر؟ قال: الذين يقولون برأيهم، فأما صغير يروي عن كبير فليس بصغير.
وذكر أبو عبيد في تأويل هذا الخبر عن ابن المبارك، أنه كان يذهب بالأصاغر إلى أهل البدع، ولا يذهب إلى السن.
قال أبو عبيد: وهذا وجه.
قال أبو عبيد: والذي أرى أنا في الأصاغر: أن يؤخذ العلم عمن كان بعد أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقدم ذلك على رأي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلمهم فذاك أخذ العلم عن الأصاغر"(11).

وقال إبراهيم الحربي: في قوله:( لا يزالون بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم).
معناه: أن الصغير إذا أخذ بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم, والصحابة, والتابعين, فهو كبير, والشيخ الكبير إن أخذ بقول أبي حنيفة, وترك السنن, فهو صغير"(12).
فبين أهل العلم إن معنى الأصاغر هم الذين يخالفون العلماء من الصحابة, ومن سار على طريقتهم من التابعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا, وهم أئمة الدعوة السلفية, وأصحاب الفضيلة في بلاد الحجاز حرسها الله من كيد الكائدين, وشر الحاسدين, من الذين يتربصون بها كالماربي, والحويني, والحلبي, الذين يريدون أن يجعلوا من أنفسهم مراجع دينية للسلفية المساكين الذين ليس لهم دور في هذه المؤامرة الدنيئة, والمطامح الخسيسة؛ إلا هز الرؤوس, وتقبيل الأكتاف, وترديد ما يقوله الزعماء, وان كانوا من العلم خواء, وعقولهم من الفهم جوفاء, فنسال الله تعالى أن يحفظ لنا ديننا, وعلمائنا من كيدهم, ومكرهم , وان يشق عصاهم, ويكشف بهجتهم, ويوهن كيدهم, ويقطع نظامهم, ويطفأ جمرتهم, ويجعل دائرة السوء عليهم, ويمحي ذكرهم, ويهد ركنهم, ويفت في عضدهم, ويقطع دابرهم, ويخفض رايتهم, ويسكت نأمتهم, ويشتت أحزابهم حتى يجعلهم أحدوثة سائرة, وعظة زاجرة, وعبرة رادعة, ومثلا مضروبا, ويجعلهم, عبرة لمن اعتبر, وبصيرة لمن أبصر.

ثم إن مما يزيد الأمر وضوحا, والمسالة جلاءً في أن معنى الأصاغر يشمل مثلث البغي, والعدوان - لمخالفتهم تزكية الإمام ربيع حفظه الله تعالى للشيخ عبد اللطيف وفقه الله تعالى- الآثار المتوافرة عن السلف, والتي حوت مضامين خطيرة لمن أعمى عين بصيرته عن الحق, واستعجمت عليه المدارك الظاهرة, والتي يمكن أن نلخص هذه المضامين على النحو التالي:
1- إن تقديم جرح الأصاغر من مثلث البغي على تعديل الأكابر من أهل العلم للشيخ عبد اللطيف: فيه هلاك مقلدي الأصاغر؛ بإتباعهم غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم, وهدي صحابته الآمرين بأخذ العلم عن أكابرهم.

"عن عبد الله بن عكيم رضي الله عنه, وكان قد أدرك الجاهلية قال: أرسل إليه الحجاج يدعوه فلما أتاه قال كيف كان عمر يقول: قال: كان عمر يقول: إن أصدق القيل قيل الله ألا, وإن أحسن الهدى هدى محمد, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة ضلالة ألا, وإن الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم, ولم يقم الصغير على الكبير, فإذا قام الصغير على الكبير, فقد هلكوا.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم, فإذا أتاهم العلم من قبل أصغرهم هلكوا"(13).
2- إن المتصدر من هؤلاء الأصاغر لمخالفة الإمام ربيع في اخطر القضايا التي التبس فيه الحق من الباطل في هذا العصر من التمييز بين الدعاة إلى السنة, والائتلاف كالشيخ عبد اللطيف, والدعاة إلى الفتنة, والاختلاف كمثلث البغي, فانه سيحرم نفسه من العلم النافع الذي يجعل له فرقانا بين الحق, والباطل, ومن ثم سيحمل أوزار كل الذين أضلهم بغير علم؛ من الذين سودوهم, وقدموهم عليهم إحسانا للظن بهم, مما أدى إلى تعاظمهم, وإعجابهم في أنفسهم, وتكبرهم عن قبول الحق ممن هو دونهم, وتماديهم في غيهم, وإيغالهم في مخالفة أهل العلم الراسخين فيه.


روى الخطابي عن الأحنف بن قيس قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: « تفقهوا قبل أن تسودوا . يريد أن من لم يخدم العلم في صغره استحيى أن يخدمه في كبر السن وإدراك السؤدد » قال أبو سليمان: وبلغني عن سفيان الثوري، أنه قال: من ترأس في حداثته كان أدنى عقوبته أن يفوته حظ كبير من العلم . وعن أبي حنيفة، رحمة الله عليه أنه قال: من طلب الرياسة بالعلم قبل أوانه لم يزل في ذل ما بقي . أنشدنا أبو سليمان أنشدني سهل بن إسماعيل قال : أنشدنا منصور بن إسماعيل لنفسه :
الكلب أكرم عشرة وهو النهاية في الخساسة
ممن ينازع في الرياسة قبل أوقات الرياسة

أخبرنا أبو سليمان قال: أخبرني أبو عمر قال: قلت للمبرد : لم صار أبو العباس أحفظ منك للغريب والشعر، يعني أحمد بن محمد بن يزيد بن يحيى ، قال: لأني ترأست, وأنا حدث وترأس وهو شيخ"(14).
وقال أبو عبيد:" في حديث عمر تفقهوا قبل أن تسودوا يقول: تعلموا العلم ما دمتم صغارا قبل أن تصيروا سادة رؤساء منظور إليكم, فإن لم تعلموا قبل ذلك استحييتم أن تعلموا بعد الكبر, فبقيتم جهالا تأخذون من الأصاغر, فيزري ذلك بكم"(15).

3- إن رؤوس البغي, والحسد إن توهموا في أنفسهم, ووهموا غيرهم أنهم أهل لان يعارضوا الإمام ربيعاً في تزكيته للشيخ عبد اللطيف, وظنوا من تلبيساتهم التي يظنونها أدلة؛ بأن لها وزناً, أو قيمة علمية؛ فقد ضلوا, وأضلوا, وهلكوا, واهلكوا, وذلك أن الجبال لا يناطحها إلا الجبال, أما الاوعال من الجهال إن أرادت أن تجرب حظها في أن تناطح جبلا, فان نتيجة هذه المصارعة معروفة في بيت يحفظه الوعل, قبل الجبل, لكن لخفة رأي الوعل, لم يدرك عواقب هذه المصارعة الخاسرة, وذلك لأنه ما اعد للحرب عدتها, ولا لبس لها لامتها من معرفة أصول الدين, وقواعد الشريعة, ومقاصدها, بل تراه يجمع بين المتفرقات, ويفرق بين المجتمعات, فيهدم أصلا من أصول الدين, بميول نفسيه استحسنها عقله القاصر, فلم يكتف الوعل المسكين؛ بان يناطح الجبل, وهو على الأرض بل أعجبته نفسه, وتعاظم قرنيه الملتويات, فرام الصعود إلى قمة الجبل لينطحه في قرونه الراسخات, فلم يشعر الوعل المسكين إلا وقد انكسر قرناه, وهوى من أعلى الجبل على وجهه, فخسر كل شئ, فلا هو للدين نصر, ولا لأهل البدعة كسر.

يقول الشاطبي:" فاعلموا أن الاختلاف في بعض القواعد الكلية لا يقع في العاديات الجارية بين المتبحرين في علم الشريعة الخائضين في لجتها العظمى العالمين بمواردها ومصادرها, والدليل على ذلك اتفاق العصر الأول, وعامة العصر الثاني على ذلك, وإنما وقع اختلافهم في القسم المفروغ منه آنفا؛ بل كل خلاف على الوصف المذكور وقع بعد ذلك, فله أسباب ثلاثة قد تجتمع, وقد تفترق:

أحدها: أن يعتقد الإنسان في نفسه, أو يعُتَقَدُ فيه أنه من أهل العلم, والاجتهاد في الدين - ولم يبلغ تلك الدرجة - فيعمل على ذلك, ويعد رأيه رأيا, وخلافه خلافا, ولكن تارة يكون ذلك في جزئى, وفرع من الفروع, وتارة يكون في كلى, واصل من أصول الدين - كان من الأصول الاعتقادية, أو من الأصول العملية - فتراه آخذا ببعض جزئيات الشريعة في هدم كلياتها حتى يصير منها ما ظهر له بادي رأيه من غير أحاطه بمعانيها, ولا رسوخ في فهم مقاصده, وهذا هو المبتدع, وعليه نبه الحديث الصحيح أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال: لا يقبض الله العلم انتزاعا ينتزعه من الناس, ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا, فسئلوا, فأفتوا بغير علم فضلوا, وأضلوا"(16).

فمثلث البغي إن عرفوا قدر أنفسهم, ونزلوها منازلها, في أنهم ليسوا أهلا لان يناطحوا فحول العلماء, وَحَضنَة الْعِلْم، وَأَرْبَاب الاجْتِهَاد, وعلى رأسهم, وفي مقدمتهم: إمام الجرح والتعديل الإمام ربيع حفظه الله الذي اِسْتَبْطَنَ دَخَائِل هذا الْعِلْم ، وَاسْتَجْلَى غَوَامِضه، وَخَاضَ عُبَابه، وَغَاصَ عَلَى أَسْرَارِهِ، وَأَحْصَى مَسَائِلَهُ، وَاسْتَقْرَى دَقَائِقه، وَاسْتَخْرَجَ مُخبّآته، وَمَحَّصَ حَقَائِقه، وَوَقَفَ عَلَى أَغْرَاضِهِ، وَجَمَعَ أَشْتَاته، وَاسْتَقْصَى أَطْرَافه، وَأَحَاطَ بِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ.
فان عرفوا من أنفسهم أنهم أصاغر, وعرفوا للإمام ربيع فضله, وتقدمه في العلم؛ وسلموا له فيما يقوله, ويرجحه, في الرجال, والطوائف جرحا, وتعديلا. فلا بد أن يوفقهم الله تعالى للرجوع إلى الحق, وعدم التمادي في الباطل.

قال ابن أبي خثيمة :"أخبرني سليمان بن أبي شيخ قال : كان عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن أبي الحريقي العنبري البصري اتهم بأمر عظيم وروى عنه كلام رديء.
قال بعض المتأخرين : هذا الذي ذكره ابن أبي شيخ عنه قد روي أنه رجع عنه لما تبين له الصواب وقال : إذا أرجع وأنا من الأصاغر ولأن أكون ذنبا في الحق أحب إلي أن أكون رأسا في الباطل"(17). اهـ

فهلا من رجعة يا مثلث البغي إلى جادة الحق بهدي أهل العلم, وهلا من توبة بدل التمادي فِي الضَلالِهِ، والولوج فِي الغوايهِ، وَأَلايغال فِي العمايهِ، وأَلامعان فِي التيه ، وَالعمِه فِي الطغيانِ ، والغلو فِي الجهاله, والتيه في شعاب الباطل ، والهيام في أَودية الضَّلال ، والتسكع فِي بيْداء الغواية.

قال ابن بطة:"حدثنا أبو العباس عبد الله بن عبد الرحمن العسكري ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا مسعر ، عن عمرو بن مرة ، قال : قال عبد الله : « إنها ستكون أمور مشتبهة ، فعليكم بالتؤدة ، فإن الرجل يكون تابعا في الخير خير من أن يكون رأسا في الضلالة "(18).
4- إن من المبكيات المضحكات التي تجرع مرارة الثكل, وتكسف من البال, وتضحك الجماد؛ أن يطلب هذا المثلث من الأصاغر ممن خدعوهم أن يقلدوهم في هذه المخالفة لأهل العلم الأكابر, ثم يريدون بعد ذلك لأنفسهم, ولإتباعهم الهداية, والنجاة من الغواية, ولكنهم استغشوا ثيابهم, وأصموا أذانهم عن الهداية التي هي في إتباع الصغير للكبير, ولا أظن أن واحدا من هؤلاء التابعين, والمتبوعين؛ يرضى أن يكون تابعا لابنه الصغير, فكيف رضيتم من أنفسكم أيها الأصاغر أن تجعلوا الوالد الكبير ربيعاً -حفظه الله تعالى- أن يتعقب خطاكم المتعثرة, في قصر آلة فهمكم, وضيق عطن رأيكم؛ ألا ساء ما تحكمون, وشر ما تقيسون.

فقل للغوى المستجير بضلهم .......... ستحشر يوم الدين بين الأصاغر
ويكشف للمرتاب أي بضاعة ......... أضاع وهل ينجو مجير أم عامر
ويعلم يوم الجمع أي جناية .............. جناها وما يلقاه من مكر ماكر

عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال:" قد علمت من يهلك الناس؛ إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصى عليه الكبير, وإذا جاء الفقه من قبل الكبير تابعه الصغير فاهتديا"(19).

ابعد ذلك يا طلاب الحق تُطَلب الهداية من تخرصات الأصاغر, ويزهد بهدي الأكابر, فأين عقولكم يا قوم, أم أنكم تقدمون قول من يتهجى في بعض علوم الشرع, وقواعد الدين, ولا يعلم من الكتاب, والسنة إلا أماني, على بحر العلم الزاخر ، وبدر العلماء الزاهر ، وكوكبهم اللامع ، ونبراسهم الساطع، والذي يرجع إليه في المشكلات ، ويستصبح بضوئه في المعضلات ، وتشد إليه الرحال، وتضرب إليه أكباد الإبل، ويرحل إليه من أطراف البلدان، والذي عنده مقطع الحق في الجرح, ومشعب السداد في التعديل، ومفصل الصواب ، وفصل الخطاب ربيع الخير بندي علومه, واسد السنة .

يقول شيخ الإسلام في معرض كلامه عن أهل الكلام الأصاغر:" ثم هؤلاء المتكلمون المخالفون للسلف إذا حقق عليهم الأمر: لم يوجد عندهم من حقيقة العلم بالله, وخالص المعرفة به خبر, ولم يقعوا من ذلك على عين, ولا أثر كيف يكون هؤلاء المحجوبون المفضلون المنقوصون المسبوقون الحيارى المتهوكون: أعلم بالله, وأسمائه, وصفاته, وأحكم في باب ذاته وآياته من السابقين الأولين من المهاجرين, والأنصار, والذين اتبعوهم بإحسان من ورثة الأنبياء, وخلفاء الرسل, وأعلام الهدى, ومصابيح الدجى الذين بهم قام الكتاب, وبه قاموا, وبهم نطق الكتاب, وبه نطقوا الذين, وهبهم الله من العلم, والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء فضلا عن سائر الأمم الذين لا كتاب لهم, وأحاطوا من حقائق المعارف, وبواطن الحقائق بما لو جمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيا من يطلب المقابلة"(20).

ثالثا: حديث الرجل التافه يتكلم في أمر العامة .
اخرج ابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( سيأتي على الناس سنوات خداعات . يصدق فيها الكاذب, ويكذب فيها الصادق . ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين . وينطق فيها الرويبضة قيل, وما الرويبضة . قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)(21).


خداعات صيغة مبالغة من خادع بمعنى الإخفاء, فكان من خدعك أخفى عنك دسيسة سوء. قال ابن فارس:" (خدع) الخاء والدال والعين أصلٌ واحد، ذكر الخليلُ قياسَه. قال الخليل. الإخداع إخفاءُ الشَّيء... ويقال خَدَع الرِّيقُ في الفم، وذلك أنَّه يَخْفَى في الحَلْق وَيغِيب"(22).

قال السيوطي:" أي يكثر فيها الأمطار ويقل الريع فذلك خداعها لأنها تطمعهم في الخضب بالمطر ثم تخلف وقيل الخداعة القليلة المطر من خدع الريق إذا جف"(23).
لكن الحديث فسر بعضه بعضا بخلاف تفسير السيوطي؛ إذ فسر النبي صلى اله عليه وسلم السنين الخداعات إنها السنين التي تنقلب فيها الموازين, وتنتكس فيها الفطر, ويقدم من حقه أن يؤخر, ويؤخر من حقه أن يتقدم, حتى إن هوان تلك السنين بأهلها أن الرجل المغمور التافه الذي لا قيمة له, ولا وزن يتكلم في المسائل الكبار التي كان عمر -رضي الله عنه- يجمع لها أهل بدر.

وهذا من ورعه, وخوفه من الله تعالى أن يتكلم في دين الله عز وجل, فيخطئ, فيتعبد الناس بخطاه, فيحمل أوزار الناس, وهو من هو انه المحدث الملهم بالحق من الله تعالى الذي كان ينزل القران يوافق قوله في غير ما حادثة.
عكس ما نجده اليوم من حال مثلث الرويبضات الذين لا يتورعون من الخوض في النوازل, ولا يخشون الله تعالى باسْتَطَالَتهم فِي عِرْضِ الشيخ عبد اللطيف حفظه الله تعالى, الذي يعرفه أعدائه قبل أشياعه بأنه رضي الأخلاق ، وان أخلاقه أسلس من الماء ، وألين من أعطاف النسيم, سهل الطباع ، لين العريكة، دمث الجانب، خافض الجناح، ظريف الشمائل, حلو الضرائب, بادي البشر, طلق الوجه, سهل الجانب, هين لين، يأخذ الأمور بالملاينة، والمياسرة, والمسامحة, موفق التدبير, وثاقب النظر,ونافذ البصيرة, بَصِير بِمَذَاهِبِ الْكَلامِ ، عَلِيم بِمَوَاضِعِ النَّقْدِ ، عَرَّاف بِمَطَارِح الإِسَاءة وَالإِحْسَان.

لكن مثلث الرويبضات لا زَالَوا َيَعُدُّون عَلَيْهِ أَنْفَاسه, وَيَنْحِتُون أَثْلَته, وَيلَسَعَونهُ بالسنتهم, وَيَنْتَهِكون حُرُمَاتِهِ, ويرَمَونهُ بِالْهَاجِرَاتِ والْفَضَائِحُ. وان كان الإمام ربيع زكاه, وأثنى عليه مخالفين يذلك لكل الثوابت الدينية, والمقاييس الأخلاقية, فتجدهم مُتَعَنِّتين ، سَيِّئي اللِّجَاج، صَلِفي الْمِرَاء ، يُمَارِون فِي الْبَاطِلِ ، وَيَتَحَكَّمُون فِي الْجِدَالِ ، وَلا تَرَاهُم إِلا مُعَانِدين، وْمُكَابِرين، وْمُغَالِطين، وْمُشَاغِبين.

ليس عندهم إلا الحوارات الشفهية، والمطارحات الورقية على الشبكة العنكبوتية، ركبوا فيها الصعب, والذلول, وجعلوا أعراض الناس فيها علكاً يلوكه كل مخذول، فليس عندهم إلا الثلب، والسب، والشتم، والتعيير، والتنقص، والطعن واللمز، والوقع والهمز، والقدح والغمز، وإن لمن أَقْبَح الْمَخَازِي، وَمِنْ أَشْنَعِ الْفَضَائِح أن يكون مقدار لسان هؤلاء الرويبضات, أو أقلامهم يزيد على مقدار علمهم ومقدار علمهم فاضلاً على مقدار عقولهم.

فهم يهرفون بما لا يعرفون, ويهذون بما لا يدرون, ويتكلمُون فيما لا يعلمون فهم ممن قال الله فيهم: { قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ } [الذاريات:10] قال قتادة رحمه الله: [[ هم أهل الغرة والظنون](24).

فأين سلفيتكم أيها الأتباع, أهي سلعة تشترى, وتباع, ألا ترفعون عن وجوه أتباعكم القناع؛ لتروا وجوها بالكذب على الإمام ربيع كالحة, وبالافتراء على الشيخ عبد اللطيف جالحة.
أتريدون أن تستخفوا بكلام الإمام ربيع الجبل الراسخ في وجه الرياح العاتية من ضلالات أهل البدع, وتخرصات الرويبضات من أنصاف المتعلمين, من المفسدين لأصول, وثوابت هذا الدين ممن اتبع هواه, وأعجبته نفسه, حتى افسدوا عليكم دينكم, ودنياكم.
يقول ابن عبد البر رحمه الله: "أحق الناس بالإجلال ثلاثة: العلماء، والإخوان، والسلطان، فمن استخف بالعلماء أفسد دينه، ومن استخف بالإخوان أفسد مروءته، ومن استخف بالسلطان أفسد دنياه، والعاقل لا يستخف بأحد"(25).

فيا معشر الإخوان ألا ترون ما للإمام ربيع من غربة مستحكمة في دفاعه عن سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-, وبيان انحراف الطوائف, والرجال عن سبيله المستقيم؛ حتى جئتم انتم لنصحه مخالفين, ولجهاده مخذلين, ولمن زكاهم من أتباعه معادين, ولمن ناصبه العداء مؤيدين، كمن بدّعهم من بعض المنحرفين!.

فإلى الله تعالى نشكوا غربة الإمام ربيع حفظه الله تعالى, وغربة الشيخ عبد اللطيف وفقه الله تعالى ليس بين أعدائهم, وأعداء سنة النبي الأمين, بل بين من ادعى انه منتسب إلى مذهب السلف الصالحين, وطريقة سيد الأولين والآخرين.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:" فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه, وفقها في سنة رسوله, وفهما في كتابه, وأراه ما الناس فيه من الأهواء, والبدع والضلالات, وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله, وأصحابه, فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط, فليوطن نفسه على قدح الجهال, وأهل البدع فيه, وطعنهم عليه, وإزرائهم به, وتنفير الناس عنه, وتحذيرهم منه كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه, وإمامه, فأما إن دعاهم إلى ذلك, وقدح فيما هم عليه, فهنالك تقوم قيامتهم, ويبغون له الغوائل, وينصبون له الحبائل, ويجلبون عليه بخيل كبيرهم, ورجله, فهو غريب في دينه لفساد أديانهم غريب في تمسكه بالسنة؛ لتمسكهم بالبدع غريب في اعتقاده؛ لفساد عقائدهم غريب في صلاته؛ لسوء صلاتهم غريب في طريقه لضلال, وفساد طرقهم غريب في نسبته؛ لمخالفة نسبهم غريب في معاشرته لهم؛ لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم, وبالجملة, فهو غريب في أمور دنياه, وآخرته لا يجد من العامة مساعدا, ولا معينا فهو عالم بين جهال صاحب سنة, بين أهل بدع داع إلى الله, ورسوله, بين دعاة إلى الأهواء, والبدع آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر, والمنكر معروف"(26).


جمع وإعداد: سامي عويد احمد
المدرس في قسم علوم القران/ كلية التربية/ جامعة تكريت

الهوامش

ــــــــــــــــ
(1) أخرجه: مسلم, (8 / 208).
(2) أخرجه: مسلم, (6 / 54).
(3) فيض القدير, (6 / 395).
(4) مجموع الفتاوى, (18 / 303).
(5) صحيح البخاري, (1 / 32).
(6) لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ لابن فهد المكي, تأليف: أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد ابن فهد الهاشمي المكي, دار الكتب العلمية, الطبعة الأولى 1419هـ - 1998م, (1 / 100).
(7) الاعتصام, تأليف: أبو إسحاق الشاطبي, المكتبة التجارية الكبرى - مصر - (2 / 173).
(8) إعلام الموقعين, (4 / 217).
(9) الفتاوى الكبرى الفتاوى الكبرى, تأليف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني, تحقيق: محمد عبد القادر عطا - مصطفى عبد القادر عطا, دار الكتب العلمية, الطبعة: الأولى 1408هـ - 1987م (6 / 144)
(10) المعجم الكبير, تأليف: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني, تحقيق : حمدي بن عبد المجيد السلفي, مكتبة العلوم والحكم – الموصل, الطبعة الثانية ، 1404 - 1983, (22 / 361).
(11) الاعتصام , (2 / 174).
(12) جامع بيان العلم وفضله, تأليف: أبي عمر يوسف بن عبد الله النمري القرطبي, دراسة وتحقيق: أبو عبد الرحمن فواز أحمد زمرلي, مؤسسة الريان - دار ابن حزم, الطبعة الأولى, 1424-2003 هـ (1 / 311).
(13) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة, تأليف: هبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي أبو القاسم, تحقيق : د. أحمد سعد حمدان, دار طيبة - الرياض ، 1402, (1 / 85).
(14) المصدر نفسه, (1 / 84)
(15) العزلة للخطابي, مصدر الكتاب المكتبة الشاملة, (1 / 214)
(16) نصيحة أهل الحديث, تأليف: أحمد بن علي بن ثابت البغدادي, تحقيق: عبد الكريم أحمد الوريكات, مكتبة المنار – الزرقاء, الطبعة الأولى، 1408, (1 / 25).
(17) الاعتصام , (4 / 217).
(18) المصدر نفسه, (1 / 113).
(19) الإبانة الكبرى لابن بطة - (1 / 191)
(20) الاعتصام, (2 / 174).
(21) مجموع الفتاوى, (5 / 11).
(22) أخرجه: ابن ماجه, (2 / 1339).
(23) معجم مقاييس اللغة, تأليف: أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا, تحقيق: عبد السلام محمد هارون, دار الفكر, 1399هـ - 1979م. (2 / 161).
(24) شرح سنن ابن ماجه تأليف: السيوطي ، عبد الغني ، فخر الحسن الدهلوي, قديمي كتب خانة – كراتشي, (1 / 292).
(25) تفسير القرآن العظيم, تأليف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي, تحقيق: محمود حسن, دار الفكر, الطبعة : الطبعة الجديدة 1414هـ/1994م, (4 / 280).
جامع بيان العلم وفضله, (1 / 292).
(26) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين, تأليف: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله, تحقيق: محمد حامد الفقي, دار الكتاب العربي – بيروت, الطبعة الثانية ، 1393 – 1973, (3 / 199).

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-17-2011, 11:56 AM
طارق الكردي طارق الكردي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: العراق_ زاخو
المشاركات: 160
شكراً: 2
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
افتراضي

جزاكم الله خيرا اخي ونفع بكم
كما ذكرت ؟ نحن نسمع ما يجرحنا بتطاول والتجريح الباطل على شيوخنا وأئمتنا وخاصة في بلدنا على الشيخ عبد اللطيف حفظه الله أفتراء وبهتان وبغير الحق فنقول لهم هادنا الله واياكم فهذه الدعوات دعوات باطلة دعوات حزبية وفرق ضالة للاشهار بأنفسم التي لا هدف لهم ولا غاية الا هدم الاسلام اخزاهم الله فالواجب علينا الثبات على الاسلام عقيدة ومنهاجا كما قال تعالى عز وجل ( وان هذا صراطي مستقيما فأتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن على كل سبيل من هذه السبل شيطان يدعو إليه وأن هناك دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها ) فأقول لابد لنا ان نبكي ليل نهار لانه هنا الكثير والعياذ بالله من يستفتى من لا علم عنده فكل الخيرا في اتباع من سلف وكل الشر في ابتداع من خلف
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:22 PM.


powered by vbulletin