أيها العقلاء: تداركوا الأمر، ويكفي شماتة من الأعداء

[أسامة بن عطايا العتيبي]

أيها العقلاء: تداركوا الأمر، ويكفي شماتة من الأعداء


الحمد لله ، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله أما بعد:

فقد كنت كتبت مقالاً خرجت في حديث ((لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك))، وذكرت بعض الفوائد.


وهذه الخلاصة:

رواه الترمذي في سننه(4/662رقم2506)، وغيره عن واثلة بن الأسقع -رضي اللهُ عنه- به. وسنده ضعيف.

وقال ابن حبان -رحمهُ اللهُ- في المجروحين(2/214) : "وهذا لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وضعفه الشيخ الألباني -رحمهُ اللهُ- في السلسلة الضعيفة(11/707رقم5426).

وذكر الثعالبي في التمثيل والمحاضرة(ص/3) عبارة ( لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك ) منسوبة لزبور داود عليه السلام ، فلعل هذا أصل العبارة نسبت للنبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- خطأ.




فوائد تتعلق بموضوع الشماتة


أولاً: معنى الشماتة: فرحُ العدوِّ ببليَّة تَنْزِلُ بِمَنْ يعاديه. انظر: النهاية في غريب الأثر(2/499)

وقال المناوي في التعاريف(ص/438) : "الشماتة: الفرح بمصيبة العدو".

ثانياً: روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- قال: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء)) قال سفيان الحديث ثلاث زدت أنا واحدة، لا أدري أيتهن هي.

ثالثاً: قال ابن عبد البر -رحمهُ اللهُ- في بهجة المجالس(2/745-750 باختصار وتصرف يسير) : " باب الشماتة.

قال الله -عز وجل- حاكياً عن موسى عليه السلام : {فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين} .

وقيل لأيوب عليه السلام : أي شيء من بلائك كان أشد عليك? قال: شماتة الأعداء.


ومن دعائه صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أعوذ بك من درك الشقاء ، ومن جهد البلاء ، ومن شماتة الأعداء " .

قال عدي بن زيد العبادي :

أيها الشامتُ المعَيَّرُ بـالـدهُـ ### ـرِ أأنتَ المبَرََّأ الـمـوفـورُ

أم لديكَ العهدَ الوثيق من الأيَّـــــامِ بل أنت جاهـلٌ مـغـرورُ

من رأيتَ المنونَ خلَّدْنَ أمْ مَنْ ### ذا عليه من ألاَّ يُضام خفـيرُ

وقال أبو ذؤيب :

وتجلُّدِي للشـامـتـين أريهـم ### أني لِريبِ الدَّهر لا أتضعضَعُ"


قال عبد الله بن أبي عيينة :

كلُّ المصائب قد تَمُرُّ على الفتى ### فتهونُ غير شماتةِ الـحُسَّادِ

وقال منصور الفقيه :

أيها المظهر الشما ### تَةَ إن متُّ قبـلَهْ

عن قليلٍ يصير مثـ ### ـلِي من كنتُ مثلَهْ

وله : يا شامتين بمصرعي ### اليوم لي ولكم غَـدُ

ومما ينسب لابن المبارك وليست له وإنما هي للمبارك الطبري :

لولا شماتة أعداءٍ ذوي حـسـدٍ ### أو اغتمام صديقٍ كان يرجوني

لما طلبت من الدنيا مراتبـهـا ### ولا بذلت لها عرضي ولا ديني

وقال آخر :

فمن يكُ عني سـائلا لـشـمـاتةٍ ### بما نالني أو شامتـاً غيرَ سـائلِ

فقد أبرزتْ مني الخطوب ابن حرةٍ ### صبوراً على ضراء تلك الزلازلِ

إذا سُرَّ لم يفرحْ وليس لـنـكـبةٍ ### إذا نزلت بالخاشع المـتضائِلِ

وقال أعرابي وقد أغير على إبله :

لا -والذي أنا عبدٌ في عبادته-### لولا شماتةُ أعداءٍ ذوي إحَنٍ

ما سرني أن إبلي في مَبَارِكِهَا ### وأن شيئاً قضاه الله لم يكـنِ



وفي الختام:

إني شديد الحزن على الشماتة العظيمة التي يتشمت بها الأعداء بنا معاشر أهل السنة، بسبب تسلط فئة باغية فاسدة، وتحريشها بين المشايخ، وضرب بعضهم ببعض.

وسكوتنا لا يزيدهم إلا بغيا وعدواناً.

فردودنا على هذه الفئة الباغية من باب دفع الصائل، وتخفيف الشر.

فلو تابعتم ما قام به خصوم السلفيين من شماتة بسبب الطعن الذي نشر في الشيخ أحمد با زمول وفي أسامة العتيبي لعلمتم أن المشكلة ليست بسبب ردودي أو بياني لحال الفئة الباغية، وإنما بسبب دور تلك الفئة الباغية بين الشيخ عبيد وأبنائه، ولما لم تعالج تلك الهفوة الظاهرة من الشيخ عبيد استفحل الداء، واستطار، وصعب على العقلاء تداركه.

وقد اكتوى بالنار التي أشعلها جميع من أشعلها دون استثناء، وما زالوا يزدادون احتراقاً دون وعي ولا يقظة ولا رجوع للحق.


والحل سهل، والحل موجود، وهو جلوس المشايخ مع بعضهم ومع أبنائهم وحل هذه المشاكل في مجالس مغلقة.


وهذا أفضل من الحل المعلن الذي لن ينهي هذه الفتنة إلا بخسائر عديدة، وستدور الدائرة بإذن الله على الفئة الباغية ولكن بعد خسائر فادحة.

فيا أيها العقلاء: تداركوا الأمر.

وقد راسلت الشيخ ربيعا والشيخ عبيدا قبل رمضان بنحو شهر ونصف طالبا المصالحة، والسعي في إطفاء الفتنة، لكني لم أجد إلى اللحظة استجابة، بل وجدت زيادة في حركة الفئة الباغية الفاسدة.


أسأل الله أن يحفظ مشايخنا، وأن يكفيهم شر هذه الفئة الفاسدة، وأن يهدي هذه الفئة وتعود لرشدها قبل أن تهلك تماما مع من هلك.


وأسأله تعالى البصيرة في الدين، والثبات على الحق، والتوفيق للخير والرشد.



والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كتبه:

الدكتور أسامة بن عطايا العتيبي
13/ 10/ 1438 هـ

لمتابعة تخريج الحديث بالتفصيل وشاهده الضعيف جدا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما فلينظر هذا الرابط:

http://m-noor.com/showthread.php?t=3185