منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-30-2013, 09:46 PM
أبو عبد الله بلال الجزائري أبو عبد الله بلال الجزائري غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
الدولة: قسنطينة/ الجزائر
المشاركات: 20
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي تبصرة الحيارى بحكم الاحتفال بعيد النصارى

تبصرة الحيارى

بحكم

الاحتفال بعيد النصارى




الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فما أعظم ما وقعت فيه أمة الإسلام من التشبه بأهل الكفر و الإلحاد فقد أخبر الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بأن أمته ستتبع سنن الماضين من أهل القرون الغابرة ، من أهل الكتابين والمجوس ، كما في حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَتَتّبِعُنّ سَنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. شِبْراً بِشِبْرٍ، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ. حَتّىَ لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتّبَعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ آلْيَهُودُ وَالنّصَارَىَ؟ قَالَ "فَمَنْ؟)([1]) ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح : (قال عياض الشبر والذراع والطريق ودخول الجحر تمثيل للاقتداء بهم في كل شيء مما نهى الشرع عنه وذمه)([2]) ، وقال : (قال ابن بطال: أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور والبدع والأهواء كما وقع للأمم قبلهم ، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر ، والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس ، وأن الدين إنما يبقى قائما عند خاصة من الناس)([3]) .
هذا و توسع التشبه بأهل الكفر ليشمل جميع المجالات كالعبادات ، و السلوك، و الأخلاق، و المعاملات ، و من أهم مظاهر التشبه مشاركتهم في أعيادهم ، فقد انتشرت في مجتمعاتنا بعض الأعياد الدخيلة علينا من سنن اليهود والنصارى والأمم الضالة من قبلهم كالاحتفال بعيد ميلاد المسيح عليه السلام و هو معروف و معلوم لكل الناس ، و أصبح المسلم يهون من الأمر أو قد يراه البعض في كثير من الأحيان دليلا للتحضر والتمدن والرقي، و جاء رويبضات زماننا ودعاة السوء فيزينوا للناس هذا الباطل الدخيل على الأمة فزاد الطين بلة و الأمر بلية وأغرق الناس في السفاهة و الجهالة حتى أصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا ، قال ابن الحاج في المدخل : (فصل في ذكر بعض مواسم أهل الكتاب :
فهذا بعض الكلام على المواسم التي ينسبونها إلى الشرع و ليست منه و بقي الكلام على المواسم التي اعتادها أكثرهم وهم يعلمون أنها مواسم مختصة بأهل الكتاب فتشبه بعض أهل الوقت بهم فيها و شاركوهم في تعظيمها يا ليت ذلك لو كان في العامة خصوصاً ولكنك ترى بعض من ينتسب إلى العلم يفعل ذلك في بيته و يعينهم عليه و يعجبه منهم و يدخل السرور على من عنده في البيت من كبير و صغير بتوسعة النفقة و الكسوة على زعمه بل زاد بعضهم أنهم يهادون بعض أهل الكتاب في مواسمهم و يرسلون إليهم ما يحتاجونه لمواسمهم فيستعينون ذلك على زيادة كفرهم ... قال أشهب : قيل لمالك أترى بأساً أن يهدي الرجل لجاره النصراني مكافأة له على هدية أهداها إليه قال ما يعجبني ذلك...)([4]) .
هذا و من المخزي أن تجد شابا أو شابة من شباب المسلمين يهنؤون بعضهم البعض بشعائر الكفر دون معرفة مدى خطورة هذا الأمر و شناعته، قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه)([5])
فلا ينبغي إذا السكوت عن هذا الفجور بل يجب التحذير منه ذلك بذكر الأدلة الشرعية في تحريم هذه الأعياد و عدم التشبه بالكفار و ذكر أقوال العلماء الربانيين في مثل هذه الأعياد ، و قبل الشروع في نقل الأدلة لا بد من معرفة أصول هذا العيد الفاسد وماذا يعني .

أصول عيد ميلاد الكريسماس :

لا يدرك إلا القليل من الناس الأصول الوثنية لطقس الكريسماس الديني والذي كان يحتفل به في أوروبا قرونا طويلة قبل مولد المسيح عيسى. وفي الواقع فإنه لا يعرف تاريخ مولد عيسى فلا يوجد تدوين لذلك ولكن يقدر المؤرخين في الإنجيل أنه ولد في شهر سبتمبر في الصيف ، وغير وارد أنه ولد في الشتاء وذلك لأن الإنجيل يسجل أنه كان موسم يرعى فيه الرعاة أغنامهم والذين حضروا المولد ولقاء الوليد الجديد.
فلماذا يحتفل بمولد عيسى في يومنا هذا في فصل الشتاء في شهر ديسمبر؟ السبب في ذلك يعود إلى الأصول الوثنية لهذا الطقس الديني. حيث كان البابليون القدامى يحتفلون في يوم 25 ديسمبر بيوم ابن الإلهة "أيسيس" وهي عندهم إلهة الطبيعة وكانت تقام فيها الاحتفالات الماجنة وتقدم الهدايا. أما في روما فكانوا يحتفلون بالاعتدال الشتوي في نفس التاريخ حتى قبل ميلاد عيسى وسموه أيام ساتورنيا (اسم للكوكب زحل) وذلك تكريما لإلههم ساتورن إله الزرع، وكانوا يتبعون ذلك باحتفالات يناير في أول السنة الميلادية بادرة لعودة الربيع والزرع. وكانت تدعى الاحتفالات المتتالية هذه بعيد مولد الشمس الغالبة.
أما الأمم الاسكندنافية في شمال أروبا فكانوا أيضا يحتفلون في يوم الاعتدال الشتوي والمعروف عندهم بـ"يول" تقديسا لإله الشمس "ميثرا" والذي كانوا فيها يشعلون الشموع ويحرقون خشبان يول تكريما للشمس لتطلع في يومها. وتعتبر شجرة الكريسماس الدائمة الخضرة حتى في الشتاء القارس هي الرمز المشترك وسط هذه الممارسات الوثنية، وكان الناس يقطعونها ويزينوها في بيوتهم فألا بعودة الخضرة في الموسم القادم. هذا وكان الدرويد (وهم السحرة العرافين الذين سكنوا انجلترا وإيرلندا) يتخذونها كرمز ديني ويقيمون طقوسهم الدينية حولها ويعبدونها. كل ذلك حتى جاء عام 350 بعد ميلاد المسيح حين أعلن البابا يوليوس الأول أنه سيبدأ الاحتفال بيوم ميلاد عيسى في 25 ديسمبر وقد قام بذلك ليدخل القبول في نفوس الوثنيون لتسهيل تحولهم للنصرانية وتقريب العادات بين الوثنيين والنصارى .
ويتفق المؤرخون أن أول ما بدأ الاحتفال بـ الـ "كريسماس" كطقس ديني لتقديس للمسيح في ألمانيا . أما إدخال الشجرة في الاحتفال فظهرت عام 1521م وكان ذلك أيضا في ألمانيا وكان العديد من القساوسة حاربوا تلك البدعة واعتبروها كفرا. ولا يزال الخلاف قائم بين الكنائس في مشروعية هذا التشريع بين محلل ومحرم([6]).

أدلة تحريم هذه الأعياد :

أولا : الأدلة من الكتاب :

قال تعالى : ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [ البقرة: 120].
[وفي هذه الآية من الوعيد الشديد الذي ترجف له القلوب وتتصدع منه الأفئدة ما يوجب على]([7]) الأمة اجتناب طرائق اليهود و النصارى.
و قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [ المائدة : 51].
قال الحافظ الذهبي رحمه الله : (قال العلماء: و من موالاتهم التشبه بهم ، و إظهار أعيادهم ، و هم مأمورون بإخفائها في بلاد المسلمين ، فإذا فعلها المسلم معهم ، فقد أعانهم على إظهارها )([8])
و قال تعالى : ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [ الفرقان : 72] ، [ فمفهومه أن من يشهدها و يحضرها يكون مذموما ممقوتا، لأنه يشهد المنكر و لا يمكنه أن ينكره]([9])، و تفسير (الزُّور) بأنه أعياد المشركين ثابت عن غير واحد من السلف ، فقد ثبت هذا عن أبي عالية، و مجاهد، و ابن سيرين، و عزاه الحافظ ابن كثير للربيع بن أنس كما في تفسيره ، وقد جاء كذلك عن الضحاك و غيره ، و مروي كذلك عن ابن عباس كما في تفسير القرطبي ، و ابن أبي حاتم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاقتضاء([10]): ( موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من طريقين :
الطريق العام : هو ما تقدم من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا ، و لا عادة سلفنا .....و من جهة أنه من البدع المحدثة ..... ) و له كلام طويل في هذا .
ثم قال في نفس المصدر : ( و أما الطريق الثاني الخاص في نفس أعياد الكفار : فالكتاب و السنة و الإجماع و الإعتبار .
أما الكتاب : فما تأوله غير واحد من التابعين و غيرهم في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [ الفرقان : 72]
فروى أبو بكر الخلال في الجامع بإسناده عن محمد بن سيرين في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾[الفرقان:72] . قال : ''هو الشعانين '' ، و كذلك ذكر عن مجاهد قال : '' هو أعياد المشركين )([11]).
فلاحظوا بارك الله فيكم سمى الله أعيادهم زورا ، و حضورها شهودا ،[ والأظهر من السياق أن المراد : لا يشهدون الزور ، أي : لا يحضرونه؛ ولهذا قال : ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾[الفرقان:72] أي : لا يحضرون الزور ، وإذا اتفق مرورهم به مروا ، ولم يتدنسوا منه بشيء ؛ ولهذا قال: ﴿مَرُّوا كِرَامًا﴾]([12])، و قد نص الإمام أحمد على أنه لا يجوز شهود أعيادهم و احتج بهذه الآية ، ووجه الدلالة هنا أن الله عزوجل قد أثنى على عباده الصالحين الذين تركوا شهود هذه الأعياد الذي هو مجرد حضورها ، برؤية أو سماع ، فما بالك بمن يوافقهم في هذا العيد الفاجر و يفعل ما يفعلون؟[فبأي وجه تلقى وجه نبيك غداً يوم القيامة ؟! و قد خالفت سنته، و فعلت فعل القوم الكافرين الضالين أعداء الدين!]([13])

ثانيا : الأدلة من السنة :

عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ))([14]) ، فهنا دلالة واضحة على تحريم التشبه بالكفار مطلقا كما جاء عن ابن تيمية في كتابه العظيم (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم)، حيث قال : (وهذا الحديث أقلّ أحواله أن يقتضي تحريم التشبّه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبّه بهم، كما في قوله:﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾[المائدة: 51])([15]) ، و الاحتفال بأعيادهم تعد من جنس أعمالهم التي تمثل دينهم أو شعاراً لدينهم الباطل .
و عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : ( قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا ، فَقَالَ : مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ؟ قَالُوا : كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَبْدَلَكُمْ يَوْمَيْنِ خَيْرًا مِنْهُمَا : يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ)([16])
ووجه الدلالة من الحديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يقرهم على اليومين الجاهليين و قال لهم إن الله أبدلكم بهما خيرا منهما ، فهذا يدل على أنه لا يوجد في ديننا إلا ما ذكره النبي الكريم عليه الصلاة و السلام و كل عيد غيرهما فهو بدعة كما أقره ابن تيمية في الاقتضاء لما قال أن هذه الأعياد محرمة من جهة أنها بدع .
و قال شيخ الإسلام : ( إنهما يومان كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية دليل على أنه نهاهم عنهما اعتياضا بيومي الإسلام ، إذ لو لم يقصد النهي لن يكن ذكر هذا الإبدال مناسبا ، إذ أصل شرع اليومين الواجبين الإسلاميين كانوا يعلمونه ، و لم يكونوا ليتركوه لأجل يومي الجاهلية)([17]).
و عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَتَتّبِعُنّ سَنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. شِبْراً بِشِبْرٍ، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ. حَتّىَ لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتّبَعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ آلْيَهُودُ وَالنّصَارَىَ؟ قَالَ "فَمَنْ؟)([18])

ثالثا : الأدلة من الآثار :


عَنْ سفْيَانَ الثَّورِيِّ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ : قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :(لَا تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ وَلَا تَدْخُلُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ فَإِنَّ السَّخْطَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ)([19])
قال البيهقي : (و في هذا كراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا به ، و هذا عمر رضي الله عنه نهى عن تعلم لسانهم ، و عن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم ، فكيف يفعل بعض أفعالهم ، أو فعل ما هو من مقتضيات دينهم ؟ أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللغة ؟ أوليس عمل بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم ؟ و إذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم ، فمن يشركهم في العمل أو بعضه : أليس قد تعرض لعقوبة ذلك ؟)([20])
و عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال : (من بنى ببلاد الأعاجم و صنع نيروزهم و مهرجانهم و تشبه بهم حتى يموت و هو كذلك : حشر معهم يوم القيامة )([21])
و عن محمد بن سيرين أنه قال: (أتى علي رضي الله عنه بمثل النيروز ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا يوم النيروز ، قال فاصنعوا كل يوم فيروزا ، قال أسامة : كره رضي الله عنه أن يقول : النيروز )([22])
قال الشيخ ابن عثيمين : ( يحتمل أنه قصد الإنكار عليه ، و يحتمل أن الطعام أعجبه ، فقال : اصنعوا كل يوم نيروزا)([23])

رابعا: فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الاحتفال بعيد الكريسماس :

سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم تهنئة الكفار بعيد الكريسمس؟: وكيف نرد عليهم إذا هنئونا به؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذكر بغير قصد؟ وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو إحراجاً أو غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: (تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم - رحمه الله - في كتابه (أحكام أهل الذمة)، حيث قال: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه)([24]). انتهى كلامه - رحمه الله.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراما وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ، ورِضىً به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يَحرم على المسلم أن يَرضى بشعائر الكفر أو يُهنئ بها غيره ؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك ، كما قال تعالى : ﴿ إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾[الزمر:07] . وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[المائدة:03].
وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نُجيبهم على ذلك ، لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها أعياد مبتدعة في دينهم ، وإما مشروعة لكن نُسِخت بدين الإسلام الذي بَعَث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق ، وقال فيه : ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[آل عمران:85].
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يَحرم على المسلمين التّشبّه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا ، أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ))([25]) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه : اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم : ( مُشابهتهم في بعض أعيادهم تُوجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء)([26]) . انتهى كلامه رحمه الله .
ومَنْ فَعَل شيئا من ذلك فهو آثم سواء فَعَلَه مُجاملة أو تَودّداً أو حياءً أو لغير ذلك من الأسباب ؛ لأنه من المُداهنة في دين الله ، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بِدينهم.
والله المسئول أن يُعزّ المسلمين بِدِينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم . إنه قويٌّ عزيز)([27]) .
هذا و إنه لمن المحزن جدا أن ترى في بعض القنوات الفضائية التي تنتمي إلى الإسلام أو في بعض الجرائد اليومية التي يملكها المسلمون وهم يروجون لهذه الأعياد الوثنية التي لا تجوز المشاركة فيها بحال من الأحوال، لهذا يجب قطع جميع الطرق والوسائل المفضية إليها ذلك لأنها من أعياد الجاهلية التي أبطلها النبي صلى الله عليه و سلم كما مر قبل قليل ، والاحتفال بهذه الأعياد الوثنية إحياء لشعيرة من شعائر الكفار و تعظيم لأيامهم الوثنية و تشبه بعبادتهم و فيها مضادة لدين الله وقدح وطعن في أصل عظيم من أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة و هو الولاء و البراء المتمثل في محبة المؤمنين و بغض الكافرين، كما أن تقليد الكفار في هذه الأيام يقود إلى المحبة القلبية لأعمال المشركين بل و للمشركين أيضا و ينمي روح الاستئناس بمن يحتفل بهذه الأيام لأن المرء عادة ما يرتاح لمن عمل عمله أو شابهه في شيء من أشيائه، قال شيخ الإسلام: (مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، خصوصا إذا كانوا مقهورين تحت ذل الجزية والصغار، فرأوا المسلمين قد صاروا فرعا لهم في خصائص دينهم ، فإن ذلك يوجب قوة قلوبهم وانشراح صدورهم ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستدلال الضعفاء)([28]).
فنسأل الله السلامة و العافية و أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما و بطن وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.



========

[1] : متفق عليه أخرجه البخاري برقم (3456- 7320) ومسلم برقم (2669).
[2] : فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني (13/301).
[3] : المصدر السابق.
[4] : المدخل لابن الحاج (2/46-47).
[5] :أحكام أهل الذمة (1/441) تحقيق يوسف بن أحمد البكري و شاكر بن توفيق العاروي.
[6] : منقول من شبكة سحاب السلفية ، و ارجع لهذه المواقع : http://www.triumphpro.com/birthdays-origin.htm و http://www.mothersdaycelebration.com...y-history.html وhttp://en.wikipedia.org/wiki/Christmas.
[7] : من كلام الشوكاني في فتح القدير عند تفسيره لهذه الآية.
[8] : تشبيه الخسيس بأهل الخميس (ص:167) تحقيق محمد حسن إسماعيل.طبعة دار الكتب العلمية.
[9] : تشبيه الخسيس بأهل الخميس (ص:167) تحقيق محمد حسن إسماعيل.طبعة دار الكتب العلمية.
[10] : اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ( ص: 158) بتعليق الشيخ ابن عثيمين ، (طبعة دار ابن الجوزي ، القاهرة ).
[11] : المصدر السابق.
[12] : تفسير ابن كثير.
[13] : تشبيه الخسيس بأهل الخميس (ص:168).
[14] : رواه أبوداود في سننه : كتاب اللباس : باب في لبس الشهرة ، برقم ( 4031) ، و صححه الألباني في إرواء الغليل (1269).
[15] : اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية: (1/241) تحقيق : ناصر بن عبد الكريم العقل.
[16] : رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة: باب صلاة العيدين ، برقم (1134)، وصححه الألباني في الصحيحة (2021).
[17] : اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية: (1/434) تحقيق : ناصر بن عبد الكريم العقل.
[18] : تقدم تخريجه.
[19] : رواه عبد الرزاق في مصنفه (1609)، و البيهقي في السنن ( 18640).
[20] : اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية: (1/458) تحقيق : ناصر بن عبد الكريم العقل.
[21] : السنن الكبرى للبيهقي برقم ( 18642).
[22] : السنن الكبرى للبيهقي برقم( 18643).
[23] : التعليق على الاقتضاء ( ص: 173) الحاشية رقم (4). طبعة ابن الجوزي القاهرة.
[24] : أحكام أهل الذمة (1/441) تحقيق يوسف بن أحمد البكري و شاكر بن توفيق العاروي.
[25] : رواه أبوداود في سننه : كتاب اللباس : باب في لبس الشهرة ، برقم ( 4031) ، و صححه الألباني في إرواء الغليل (1269).
[26] : اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية: (1/486) تحقيق : ناصر بن عبد الكريم العقل.
[27] : مجموع فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين (3 /44 –45- 46).
[28] : اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية: (1/486) تحقيق : ناصر بن عبد الكريم العقل
.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله بلال الجزائري ; 12-31-2013 الساعة 08:57 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:13 PM.


powered by vbulletin