منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-25-2012, 03:29 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي رد علماء الدعوة على بعض المتعالمين الذين حرموا الساعة وجعلوها من السحر!

رد علماء الدعوة على بعض المتعالمين الذين حرموا الساعة وجعلوها من السحر!

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن الغرور والتعالم من الأدواء التي يسعى الشيطان لنشرها بين الخلق لإفساد دينهم ودنياهم.
وقد يوصل الغرور والتعالم صاحبه إلى أن يقع في الكفر والشرك أو البدعة والضلالة وهو يحسب أنه يحسن الصنع، كما قال رب العزة والجلال: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف/103، 104]
وغالباً ما يرافق العناد صاحب الغرور والتعالم فيصر على الباطل رغم وضوح الحق وظهوره.
ومن الأمثلة على ذلك أن شخصاً وقف على كلام لابن كثير نقل فيه عن الرازي بعض ما يتعلق بالسحر، وذكر صندوق الساعة من بعض تلك الأنواع لانطباق تعريف السحر اللغوي عليه، ومع تعقب ابن كثير له، ولكن ذلك المتعالم لم يفهم هذا التعقيب، وأصر على فهمه السيء، وأصبح يناظر على جهله وتعالمه.
ولم تقف آفة الغرور والتعالم عند هذا الحد بل تعداه إلى الطعن في العلماء الأجلاء، وإلى الكذب ونشر الفرى، كنشرهم كذبة أن الساعة قرأ عليها قارئ فتوقفت! وبطل عمل السحر!! والواقع أن ذاك المتعالم ما زال يقرأ على الساعة ويتفل!! والساعة ماضية في عملها، حتى فُضح أمام أصحابه، ولما أخذ صاحب الساعة ساعته، وأخذ يمسح قذارة ذلك الشخص المتعالم إذا به يتهمه أنه يزيل عن الساعة كلام الله!!
فانظروا كيف يفعل الجهل والغرور والتعالم بصاحبه؟!
ولم يقف أولئك الجهال ومن على شاكلتهم عند الساعة وأنها من السحر! بل تعدى ذلك إلى معاملة الصناعات الحديثة الدقيقة التي فيها نوع خفاء في العمل والحركة والأداء بأنها سحر وكهانة، فظنوا الكهرباء من السحر، وظنوا الالكترونيات من السحر، وظنوا التلغراف والتلكس والفاكس من السحر، ومن شريف علم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله أنه لما زعم بعضهم أن التلغراف من السحر وأن الشياطين هي التي تنقل الكلام قال: نرسل آية الكرسي فإن أرسلت عرفنا أنها ليست من فعل الشياطين، فتم ذلك وأرسلت آية الكرسي ووصلت عبر التلغراف، فتبين أنه لا علاقة للتلغراف بالسحر والشياطين.


وما زلنا نرى في هذا الزمان من يحرم الكهرباء والأجهزة الكهربائية والساعات وركوب السيارات، ويعيش في بيت الطين، وإذا ذهب بعض الناس لزيارته أمرهم بخلع ساعاتهم وأجهزتهم عند سيارتهم، ولا يسمح لهم بدخول المسجد بهذه الأدوات السحرية بزعمهم!!
رغم أن بعض أولئك ممن يتعاطون العلم، ويحفظون الحديث، ويظهرون الزهد والعبادة، ولهم الكتب والمؤلفات التي تطبع في المطابع الالكترونية الكهربائية!!
فلا يغتر بحفظهم ولا بزهدهم ولا بكتبهم فهم مبتدعة ضلال، خارجون عن سبيل المؤمنين، متنكبين الصراط المستقيم.
ولا تجوز زيارتهم، ولا الدفاع عنهم، بل يجب التحذير منهم وممن على شاكلتهم من أهل البدعة والضلال.
وسأذكر رد الشيخ العلامة سليمان بن سحمان رحمه الله على ذلك المتعالم، وتقريظ المشايخ الأجلاء: الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، والشيخ محمد بن عبداللطيف، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمهم الله وأسكنهم جنان الخلد.
ويلاحظ القارئ لذلك الرد وكلام المقرظين من العلماء شدتهم على أهل الضلال والغواية، كوصفه لهم بـ"المتمعلمين"، و"المتنطعين"، و"الصعافقة الـمُـجَّان"، و" الجهال العوام الذين هم أشبه شيء بسائمة الأنعام"، و"كثافة الجهل"، و"كثافة طبعه"، و"شدة غباوته"، و"من الجهلة المخذولين" وهذا فيه رد على المثلجين والمميعة الذين يصفون السلفيين بالغلو والشدة.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد


كتبه : أسامة بن عطايا العتيبي


4/ 8 / 1433 هـ




قال الشيخ العلامة سليمان بن سحمان رحمه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وإمام المتقين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فقد تأملت ما ذكره الأخ المكرم حفظه الله، من السؤال عن الساعة، وعن تركيبها; والموجب لذلك: أن رجلين تنازعا في شأنها، فقال أحدهما: هي عمل سحر; وقال الآخر: هي صنعة من سائر الصناعات، المخترعة في هذه الأزمنة; قال الآخر: أقل أحوالها أنها بدعة، لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، والبدع محظورة... إلى آخر السؤال.
فاعلم وفقك الله لطاعته، وأحاطك بحياطته، وتولاك في الدنيا والآخرة: أن أمر الساعة قد تكلم العلماء فيها قديما، ولم تكن مما أحدث في هذه الأزمان; وقد كانت موجودة على عهد مشايخ أهل الإسلام، الذين هم القدوة، وبهم الأسوة في مسائل الدين والأحكام، وهم يعلمون أنها موجودة في بلادهم، وعند بعض الولاة والحكام، ولم ينكرها أحد منهم، ولم يتكلم فيها بشيء مما يتكلم به هؤلاء المتمعلمون المتنطعون، الصعافقة المجان، الذين تكلفوا أن يتجروا فينا بلا أثمان.
فإذا تحققت هذا، وعرفته، فاعلم أن قول المنكر للساعات: إنها عمل سحر، وإن أقل أحوالها أنها بدعة، لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، والبدع محظورة، قول خطأ محض، لا دليل عليه من كتاب ولا سنة، ولا إجماع، ولا قول أحد من العلماء، الذين يعتد بقولهم في الخلاف والوفاق، بل هو قول مجرد عن الدليل، ودعوى عارية عن التأصيل، والتفصيل.
ونحن نبين ما ذكره العلماء في ذلك، ليزول الإشكال والتلبيس، ويندفع ما قصده من التمويه والتدليس; قال الإمام الحافظ: العماد بن كثير، رحمه الله تعالى في تفسيره، على قوله تعالى {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} الآية[البقرة:102]:
فصلٌ: حكى أبو عبد الله الرازي، في تفسيره، عن المعتزلة أنهم أنكروا وجود السحر، فذكر كلاما طويلا، إلى أن قال: ثم ذكر أبو عبد الله الرازي، أنواع السحر ثمانية، فذكرها إلى أن قال: النوع الخامس من السحر: الأعمال العجيبة، من تركيب الآلات، المركبة من النسب الهندسية، كفارس على فرس، في يده بوق، كلما مضت ساعة من النهار ضرب بالبوق، من غير أن يمسها أحد; ومنها: الصور التي تصورها الروم والهند، حتى لا يفرق الناظر بينها وبين الإنسان، حتى يصوروها ضاحكة وباكية، إلى أن قال:
فهذه الوجوه من لطيف أمور التخاييل; قال: وكان سحر سحرة فرعون من هذا القبيل، قلت: يعني ما قاله بعض المفسرين، أنهم عمدوا إلى تلك الحبال والعصي، فحشوها زئبقا، فصارت تتلوى بسبب ما فيها من ذلك الزئبق، فيخيل إلى الرائي أنها تسعى باختيارها.
قال الرازي: ومن هذا الباب: تركيب صندوق الساعات، ويندرج في هذا الباب علم جر الأثقال بالآلات الخفية; قال: وهذا في الحقيقة لا ينبغي أن يعد من باب السحر، لأن لها أسبابا معلومة يقينية، من اطلع عليها قدر عليها.
قلت: ومن هذا القبيل حيل النصارى على عامتهم، بما يرونهم إياه من الأنوار، كقضية قمامة الكنيسة، التي لهم ببلد المقدس، وما يحتالون به من إدخال النار إلى الكنيسة، وإشعال ذلك القنديل بصفة لطيفة، تروج على العوام منهم; وأما الخواص منهم، فهم معترفون بذلك، ولكن يتأولون: أنهم يجمعون شمل أصحابهم على دينهم، فيرون ذلك سائغا لهم... إلى آخر كلامه رحمه الله.
فتأمل ما ذكره الرازي، من تركيب صندوق الساعات، وأنه من هذا الباب، يعني من باب جعل الزئبق في الحبال والعصي، فصارت تتلوى بسبب ما فيها من ذلك الزئبق، فيخيل إلى الرائي أنها تسعى باختيارها; ثم قال: ويندرج في هذا الباب علم جر الأثقال بالآلات الخفية; قال: وهذا في الحقيقة لا ينبغي أن يعد من باب السحر، لأن لها أسبابا معلوما يقينية، من اطلع عليها قدر عليها. فذكر: أن تركيب صندوق الساعات، وعلم جر الأثقال بالآلات الخفية، لا ينبغي أن يعد من باب السحر، لأن لها أسبابا معلومة يقينية، من اطلع عليها قدر عليها، وهذا مما لا إشكال فيه، لأنه قد ذكر ابن القيم رحمه الله في "بدائع الفوائد" (2/ 453) ما معناه: أن سحر سحرة فرعون من باب الشعبذة والتخييلات، كما قال تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}[طه:65، 66]؛ وقال تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}[الأعراف:115، 116]، فذكر أنهم سحروا أعين الناس، وخيلوا إليهم بسحرهم أنها تسعى، وهذا بخلاف جعل الزئبق، في الحبال، والعصي، فإنه صناعة من الصناعات؛ ورد رحمه الله قول من قال من المفسرين: إنهم عمدوا إلى تلك الحبال والعصي فحشوها زئبقا، لأن هذا صناعة من الصناعات، ليس من باب الشعبذة، ولا من باب التخييل.
وقد أقر الحافظ ابن كثير ما ذكره الرازي من صندوق الساعات، وعلم جر الأثقال بالآلات الخفية، ولم يعترض عليه في ذلك بشيء، كما اعترض عليه فيما أخطأ فيه من الأمور التي تقدم ذكرها، في السحر، وجواز تعلمه، ووجوبه، وغير ذلك; بل ذكر رحمه الله: أن صناعة صندوق الساعات، كمثل صناعات النصارى، فيما تتحيل به على عوامهم، بما يرونهم إياه من الأنوار، كقضية قمامة المتقدم ذكرها، وقد ذكرها ابن القيم في "هداية الحيارى"، وذكر أنها من الحيل والصناعات التي أضلت بها النصارى عوامهم، وليست من قبيل السحر، كما يظنه من لا معرفة لديه.
فإذا فهمت هذا، وتحققته، فاعلم: أن المنكر للساعات لم يأت بدليل يمنع من استعمالها، ولا ذكر أن أحدا من العلماء، المعتد بأقوالهم أنكرها، وجعلها من قبيل السحر; وإنما ذكر: أن أقل أحوالها، أنها بدعة، والبدع محظورة، والجواب عن ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن البدع لا تكون إلا في القرب، والعبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، لا في العادات، كالصناعات، والملابس، والمآكل، والمشارب، وغير ذلك من العادات الطبيعية، ولا يعترض بمثل هذا إلا الجهال العوام الذين هم أشبه شيء بسائمة الأنعام.
الوجه الثاني: أنا لو سلمنا أنها من البدع، وأنها محظورة، فما الجواب عن الآلات، والصناعات، والملابس، التي حدثت بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كالمدافع، والصمع، وآلات الحرب، مما يستعمله الناس، إن كانت من قبيل البدع، فلأي شيء لم ينكر هذه البدع؟ وما الذي يسوغ له السكوت عن إنكارها، إن كان مقصوده إنكار البدع؟
الوجه الثالث: أن يقال لهذا الجاهل: لا بد أن تذكر شيئا من الأدلة الشرعية، على الفرق بين جواز استعمال آلات الحرب، والصنائع العادية المحدثة بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأنها من قسيم العادات التي يجوز استعمالها، وبين آلات صندوق الساعات، وما أحدثه الناس من الملابس، والمطاعم، وغيرها من العادات المصنوعة، لكن بعضها بأسباب خفية لطيفة، وبعضها بأسباب معلومة ظاهرة، وأنها من قسيم العبادات، والبدع المحظورة المحدثة، بعد عهد النبوة.
فإن لم يذكر دليلا شرعيا، يدل على الفرق بين ما ذكرناه، وإلا فكيف يجوز له أن يتكلم فيما لا معرفة له به؟ ويأمر وينهى وينكر بغير علم، وقد قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف: 33]. ومن سوى بين العبادات التي يتقرب بها إلى الله، وبين العادات التي هي مباحة في الجملة، فهو أضل من حمار أهله.
وقد اعترض رجل من الجهمية، على أهل الإسلام، بمسائل يطعن عليهم بها في دينهم، منها قوله: أكثر ما تستعملونه من شرب القهوة، ولبس المحارم، بدعة. فأجاب شيخنا: الشيخ عبد اللطيف، بقوله: وهذا من أدلة جهله، وعدم معرفته للأحكام الشرعية، والمقاصد النبوية؛ فإن الكلام في العبادات، لا في العادات، والمباحث الدينية نوع، والعادات الطبيعية نوع آخر؛ فما اقتضته العادة من أكل، وشرب، ومركب، ونحو ذلك، ليس الكلام فيه; والبدعة: ما ليس لها أصل في الكتاب والسنة، ولم يرد بها دليل شرعي، ولم تكن من هديه صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه.
وأما ما له أصل، كإرث ذوي الأرحام، وجمع المصحف، والزيادة في حد الشارب، وقتل الزنديق، ونحو ذلك، فهذا وإن لم يفعل في وقته صلى الله عليه وسلم فقد دل عليه الدليل الشرعي؛ وبهذا التعريف تنحل إشكالات، طالما عرضت في المقام. وقال رحمه الله تعالى، في رده على البولاقي صاحب مصر، في قوله:
وها أنتمو قد تفعلون كغيركم * * * حوادث قد جاءت عن الأب والجد
كحرب ببارود وشرب لقهوة * * * وكم بدع زادت عن الحد والعد
قال رحمه الله تعالى:
وأعجب شيء أن عددت لقهوة * * * مع الحرب بالبارود في بدع الضد
وقد كان في الإعراض ستر جهالة * * * غدوت بها من أشهر الناس في البلد
فما بدع في الدين تلك وإنما * * * يراد بها الإحداث في قرب العبد
فتبين بما ذكرناه، عن الشيخ عبد اللطيف رحمه الله: كثافة جهل هذا المنكر، وعدم علمه ومعرفته بالأحكام الشرعية والمقاصد النبوية، حيث زعم أن العادات الطبيعية والآلات الصناعية، من قسيم العبادات، وأنها محظورة، لأنها لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يفرق بين العادات، والعبادات.
وأما قول، القائل: ومما يدل على أنها سحر، أن فلانا قرأ عليها آية من القرآن، فوقفت؟
فالجواب: أن نقول: وهذا أيضا من الأدلة الدالة على جهل هذا المتكلم، وكثافة طبعه وشدة غباوته، حيث حكم واستدل على أنها من السحر، بحكاية لم يسندها من نقلها، عمن يوثق به في دينه وعدالته.
وحقيقة الأمر: أن الذي صدر في قراءته على الساعة، أنه قرأ عليها بمحضر من الإخوان، قراءة طويلة، وجعل يتفل عليها بريقه، فلم تقف، فلما تبين عجزه، وتبين كذبه في دعواه أنها سحر، أمسك عن القراءة; وأخذ الساعة صاحبها، فأزال عنها الأذى الذي حصل بريقه فيها.
فقال القارئ: أعوذ بالله، كيف تزيل عنها كلام الله؟
فزعم هذا الجاهل المركب: أن تفاله وريقه القذر المخلوق، هو نفس كلام الله سبحانه وتعالى، وكلام الله سبحانه وتعالى صفة قائمة بذاته، ليس هو الريق المتفول المخلوق المستقذر، تعالى الله وتقدس عما يقوله الجاهلون علوا كبيرا، ولكنا نحمله على الجهل؛ فكيف يستدل بقول هذا الجاهل أو فعله، عاقل؟ مع عدم ثبوت النقل على حقيقته، في التحليل والتحريم، سبحانك هذا بهتان عظيم!
وقد كان من المعلوم أن دعواه أنها وقفت بقراءته عليها كذب، وأنها لم تقف; ومما يبين كذب هذه الدعوى، أنها معنا ومع من يحملها من طلبة العلم وغيرهم، ممن يقرأ القرآن، فلا تقف عند قراءة أحد من الناس. ثم إنه قد كان من المعلوم أن كثيرا من الناس، إذا اخْتَلَّتْ نقض صندوقها، ونثرها، ثم أعادها على هيئتها الأولى، وهم لا يعرفون السحر، ولا أسبابه ولا أنواعه. وقد أشكل على بعض الناس ما ذكره ابن كثير عن الرازي، لما أدخل في مسمى السحر، وأنواعه، بعض الصناعات، باسمه العام في اللغة، فظن أنه من السحر الذي من تعلمه وعمل به كان كافرا، وليس الأمر كذلك.
وقد بيّن ذلك ابن كثير رحمه الله تعالى، بقوله: قلت: وإنما أدخل كثيرا من هذه الأنواع المذكورة في فن السحر، للطافة مداركها، لأن السحر في اللغة: عبارة عما لطف وخفي سببه; ولهذا جاء في الحديث: "إن من البيان لسحراً"[رواه البخاري]، وسمي "السَّحَر" لكونه يقع خفيا آخر الليل; و "السَّحَر" الرئة، وهي محل الغذاء، وسميت بذلك لخفائها، ولطف مجاريها، إلى أجزاء البدن وغُضونه، كما قال أبو جهل يوم بدر لعتبة: انتفخ سحره، أي: انتفخت رئته من الخوف، وقالت عائشة رضي الله عنها: "توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري"، وقال تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ}[الأعراف: 116]، أي: أخفوا عنهم عملهم، والله أعلم.
وبهذا القدر الذي أوردناه كفاية لمن كان قصده الحق، والله المستعان، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.





التقريظات


تقريظ الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، رحمه الله تعالى

قال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، رحمه الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، وصلى الله على محمد النبي الهاشمي المصطفى، وسلم تسليما.
أما بعد: فقد تأملت ما أجاب به الشيخ سليمان بن سحمان، فيمن سأله عن أمر الساعة، فما أجاب به هو عين الصواب، وأهل الخوض فيها فلان وأشياعه، ممن ارتكب ما نهى الله عنه من التحليل والتحريم برأيه، ممن تناولهم نص هذه الآية، وهي قوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}[النحل:116]، وهي قديمة من القرن السادس، أو قبله، متداولة بين الملوك.
وقد نص شيخ الإسلام، على أشياء ملتحقة بالسحر، لأنها بواسطة عبادة الشياطين، كالسيميا، والكيميا، ولم يتعرض للساعة، لأنها من الصناعة المستخرجة; وهذا مشاهد أنها من قوي إدراكه أحسن تركيبها; وبالجملة: من أصغى إلى هؤلاء وكلامهم، فقد رضي بافتراء الكذب على الله، في التحليل والتحريم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.




تقريظ الشيخ محمد بن عبد اللطيف، رحمه الله تعالى

وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف، رحمه الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أقام من شاء من عباده لنصر السنة والقرآن، ووفقهم لكشف ما موّه به أهل الزيغ والافتتان، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين، وصفوة الخلق أجمعين، نبينا محمد سيد ولد عدنان، وآله وصحبه الذابين عن دينه، بالسيف واللسان، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإني نظرت فيما كتبه العالم النبيل، والفاضل الجليل، الشيخ سليمان بن سحمان، جوابا لمن سأله عن الساعة، فإذا هو عين الصواب، والحق الذي لا شك فيه ولا ارتياب؛ إذ المجادل فيها، والقائل أنها من السحر، من أضل الناس، وأجهلهم بقواعد الشرع، وبالتحريم والتحليل، لأن من يحلل ويحرم بلا حجة ولا برهان، بل بمجرد رأيه، فهو أضل من حمار أهله. والتحليل والتحريم، مرجعهما ومأخذهما، من كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه السلف الصالح، وأئمة الدين.
والساعة صنعة من الصناعات، التي تدرك بالحذق والفكرة، ليست من البدع، ولا من السحر؛ إذ البدع المذمومة ما كانت في القرب الشرعية، وأما العادات والصناعات، فليست من قسيم البدع. وقد تداولها الملوك وغيرهم، والعلماء من أهل التحقيق، يشاهدونها، ويسمعون بها، ولم يبلغنا عن أحد ممن مضى ممن يعتد به، تحريمها، ولا إنكارها.
ولكن إذا خاض في مسائل التحليل والتحريم، من لا بصيرة له ولا علم، ولا دراية له بالحدود الشرعية، وقلده على جهله من هو من عوام المسلمين، الذين هم أشباه الأنعام، وقع اللبس والتشكيك؛ ولا يلتفت إلى هؤلاء الصعافقة، إلا من قلّ حظه، وضاع نصيبه، من العلم، والإيمان. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.




تقريظ الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله تعالى

وقال الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، رحمه الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي نور قلوب أهل العلم والإيمان، بنور السنّة والقرآن، ووفق من أراد هدايته عند الاختلاف، لإصابة الحق والعرفان، وحرم المخذولين بما انتحلوه، من طرائق الجهل، وموارد الخذلان؛ أحمده على تيسير السنة والقرآن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة متواطئ عليها القلب واللسان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد ولد عدنان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد: فقد نظرت في هذا التحرير المفيد، والكلام السديد، الذي كتبه أخونا الشيخ الفاضل سليمان بن سحمان، أيده الله بروح منه وسلطان، في رد ما قاله بعض الجهلة، في صندوق الساعة، من أنها من السحر المحرم، وأنه يحرم على المسلم اتخاذها واستعمالها، فوجدت كلامه عافاه الله، وافيا بالمرام، شافيا للسقام، كافيا في رد ما انتحله أولئك الجهلة الطغام، وتهجين ما توهموه واعتقدوه بآرائهم الفاسدة، وعقولهم الكاسدة؛ فجزاه الله أحسن الجزاء.
ولا يشك من له معرفة بمدارك الأحكام الشرعية، وأصول الشريعة المحمدية أن هذا القول من أفسد الأقوال، وأبعدها عن الصواب، وأنه من القول على الله في شرعه وأحكامه بغير علم.
وقد قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف:33]، وقال تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ}[النحل:116]. وكيف يستجيز من له نصيب من العقل والدين، الجراءة على مثل هذا القول؟!
ومن العجب: أن الرجل الذي اخترع هذا الكلام، حتى اغتر به بعض جهلة العوام، الذين هم أشبه شيء بالأنعام، ينسب هذا القول - أعني: زعمه أن صندوق الساعة من السحر - إلى ابن كثير رحمه الله، ويدعي أنه استدل بكلام ابن كثير، على ما اعتقده برأيه الفاسد؛ وهذا يدل العاقل على كثافة جهل هذا الرجل، وفساد تصوره لما ذكره ابن كثير؛ فإن ما ذكره ابن كثير، ونقله الرازي، أوضح شيء في بيان أن الساعة ليست من السحر في شيء، وإنما هي من الأعمال العجيبة، والحِرَف التي هي أسباب تخفى على من لا يعرفها. وقد اجتمعت بهذا الرجل، وبينت خطأه في ذلك، وفساد تصوره لما ذكره ابن كثير، وأنه ينادي بخلاف ما ادعاه، ويشهد بجهله وخطئه، فأصر على ما انتحله، وكابر وعاند; ولا يغتر بما تخيله هذا الرجل ورآه، واعتقده بجهله، وافتراه من التحريم، بغير حجة من الله ولا برهان، إلا من هو من الجهلة المخذولين; والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية - المجلد العاشر- القسم الأخير من كتاب حكم المرتد (ص/475-491)
المقال على ملف وورد:
http://m-noor.com/otiby.net/book/fil...lama.da3oa.doc

التعديل الأخير تم بواسطة أسامة بن عطايا العتيبي ; 06-25-2012 الساعة 05:45 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-26-2012, 06:37 PM
أحمد بن صالح الحوالي أحمد بن صالح الحوالي غير متواجد حالياً
مشرف - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 983
شكراً: 6
تم شكره 42 مرة في 38 مشاركة
افتراضي

نفع الله بك وبعلمك يا أبازيد على هذه الفائدة العزيزة عن مثل هؤلاء القوم الذي أقل مايقال فيهم (جهلة) فنسأل الله السلامة والعافية
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-27-2012, 02:05 AM
أبوعمر عبدالباسط المدني أبوعمر عبدالباسط المدني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 27
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي

جزاكم الله خيرا شيخناعلى هذا الموضوع القيّم
صدق من قال عش رجب ترى عجب
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-10-2022, 02:10 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

للفائدة
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:07 PM.


powered by vbulletin