الحمد لله، والصلاة والسىلام على رسول الله أما بعد:
فيقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "إِنَّ القرآنَ شَافِعٌ وَمُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، فَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ".
رواه عبدالرزاق في المصنف، وابن أبي شيبة في المصنف، وابن الضريس والفريابي وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن وهو صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه.
ومعنى شقيع ومشفَّع: أنه يشفع لمن آمن به، وعمل به، فهو يشفع لصاحبه عند الله، وشفاعته عند الله مقبولة.
ومعنى "ماحل مصدق" أي أنه يوم القيامة يشهد، ويسعى على من حفظه وقرأه ولكنه لم يؤمن به، أو لم يعمل به.
وجاءت صفة شفاعة القرآن في عدة أحاديث منها:
عن برَيْدَةَ بن الحصيب رضي الله عنه، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبقَرَةِ ، فَإِنَّ أَخْذَهَا برَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبطَلَةُ"،
قَالَ : ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ : " تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ ، فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ يُظِلَّانِ صَاحِبهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ غَيَايَتَانِ، أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِب، فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ، فَيَقُولُ : أَنَا صَاحِبكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ، وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بيَمِينِهِ، وَالْخُلْدَ بشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا، فَيَقُولَانِ : بمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ : بأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ، وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا، فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ، هَذًّا كَانَ، أَوْ تَرْتِيلًا».
رواه الإمام أحمد في المسند(5/348)، وابن أبي شيبة في الصنف ببعضه، وكذلك ابن ماجه ببعضه، والدارمي في سننه(4/ 2135رقم3434)، والعقيلي في الضعفاء الكبير(1/ 143)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين(1/ 747)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 374رقم1835)، شرح السنة للبغوي (4/ 453رقم1190)، وغيرهم من طريق بشير بن المهاجر عن عبدالله بن بريدة عن بريدة به، وسنده حسن، وله شواهد. [الصحيحة:2829].
فيا حافظ القرآن اعمل به لتنجو وتكون من خير الناس.
أما من حفظه واتخذه تجارة، ووسيلة للمعيشة ولم يعمل به فهذا سيكون القرآن شاهداً عليه، وسيقوده إلى النار.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلْ اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ". رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما وهو حديث حسن. [الصحيحة:257].
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبه:
أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي
20/ 2/ 1437هـ