بعض طلبة العلم عندهم من التنظيرات الذهبية التي تأسر القلوب، وتأخذ بالألباب، لكن للأسف عند التطبيق، وعند امتحان هذا المنظر تجده في واد وتنظيره في واد آخر ..
لذلك كان اتفاق العمل مع القول هو دليل من أدلة الصدق، وأدعى للقبول ..
نحن بحاجة ضرورية إلى مطابقة أعمالنا للتنظير الصحيح.
من أهمية موافقة التطبيق العملي للتنظير القولي
كان بعض مشايخي الفضلاء دائما يكرر ذكر أهمية مناصحة الأخ السلفي إذا أخطأ، ومراجعته قبل أن نحذر منه أو حتى نرد عليه علانية!
طبعا كلامه فيه نوع إجمال، وفي الموضوع تفصيل، لكن دعونا من هذا الأمر، وانتبهوا لما أريد ذكره ..
هذا الشيخ الفاضل والعالم السلفي بلغه عني بعض الأمور الغريبة منها أني أحذر من الشيخ إبراهيم المحيميد، وأني نقلت عنه شيئا غير صحيح يتعلق ببعض رؤوس السروريين بالمدينة!
واتصل هذا الشيخ بشيخي وأستاذي الشيخ محمد العقيل حفظه ناصحا له بأن ينصحني، ومهددا بإصدار بيانٍ فيّ!!
فكلمني الشيخ محمد العقيل حفظه الله، فاستغربت من الاتهامات الباطلة التي رماني بهذا هذا الشيخ وهو من مشايخي وأساتذتي الفضلاء!!
المهم اتصلت بهذا الشيخ فلم يجب على الهاتف..
ذهبت في الصباح(الساعة العاشرة تقريبا) إلى مكتبه فتأخر ثم جاء قريب الظهر، فلما جاء سلمت عليه وقبلت رأسه كعادتي معه، وسألته عن هذه التهم!
وقلت له: أما موضوع الشيخ إبراهيم المحيميد فهذا منكر جدا، بل في موقعي الشخصي دفاع عنه!
ولطرافة الأمر : التقيت بعد مدة بالشيخ إبراهيم المحيميد فأخبرته الخبر فقال لي: ما بلغني أنك تطعن في إلا بما نقلته لي عن هذا الشيخ في هذه القضة!!
فهي تهمة باطلة مكذوبة لا أساس لها من الصحة..
ثم طلبت من شيخي هذا أن يأت بدليل على تهمته الثانية! فقال أخبرني بها شخص، وقال إن عنده دليل، فقلت : هات الدليل!
فاتصل به الشيخ مرتين ولم يرد عليه!!
المهم قلت له: يا شيخ ، هذا كذاب، وأتحداه أن يأتي بدليل على زعمه، لأنه لا أصل له..
المهم الشيخ اعتذر مني، ووعد بأن يتثبت مرة أخرى، وفرح بجهودي في الإصلاح بين السلفيين ذلك الوقت ..
المشكلة أن شيخي هذا وبعد هذا الدرس العملي له هو شخصيا أن يكون عمله موافقا لقوله وتنظيره عاد مرة أخرى وثالثة لتكرار نفس الأخطاء، وتصديق النمامين والمحرشين في قضايا أخرى!
فشيخي هذا وأستاذي القدير مع علمه وفضله وحسن أخلاقه، ودماثة خلقه إلا أنه أحيانا يتسلط عليه بعض بطانته لحمله على هذا الفعل، وهو مخالفته لتنظيره، ويوقعونه في المشاكل والأخطاء..
ومع كل ما فعله ذلك الشيخ فأنا أحبه، وأحترمه، ولا أنسى فضله علي، وإحسانه السابق إلي، وأدافع عنه، مع ردي لخطئه، وعدم موافقته على ما يخطئ فيه، لكن أذكر هذه القصة لأبين للسلفيين عدة أمور:
1- أن العالم السلفي قد يقع في بعض الأخطاء، ومنها أنه قد لا يعمل ببعض تنظيراته، ومع ذلك لا نتخذ أخطاءه ذريعة لإسقاطه والتشهير به، وتنفير الناس عنه.
2- أن الواجب مع احترامنا للعالم السلفي أن لا نقلده في خطئه، ولا نسكت عن الباطل الذي قد يرتكبه، بل من احترامنا له رد خطئه..
3- أن نجتهد في مناصحة العالم، وتحذيره من بطانة السوء التي تريد به شرا..
4- خطر النمامين والمحرشين وأهل الفتن.
5- لا تغتر بصلابة المنظّر وحدته أثناء التنظير، حتى تنظر: هل يعمل بتنظيره أم هو مجرد كلام يخالف واقع المتكلم به؟
طبعا أنا هنا عممت، ولا أقصد بذلك خطأ العالم -ولا خطأ شيخي- في تطبيق بعض تنظيراته لا سيما ما لا يستوجب تحذيرا ولا طعنا فيه..
6- الاجتهاد في القرب من العلماء، ومزاحمة بطانة السوء ما أمكن السبيل إلى ذلك..
والله أعلم
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
14/ 1/ 1442هـ