منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 06-20-2011, 11:14 PM
أبو وائل توفيق المغربي أبو وائل توفيق المغربي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 20
شكراً: 1
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي البيان لغلو علي الحلبي في رسالة عمّان وموقفه من وصف الصحابة بالغثائية ودفاعه عن أهل الأهواء والبهتان الشيخ أبو عبدالأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصر

البيان لغلو علي الحلبي في رسالة عمّان
وموقفه من وصف الصحابة بالغثائية
ودفاعه عن أهل الأهواء والبهتان
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول وعلى آله ومن اتبع هداه..
أما بعد، فقد كُتِب في الآونة الأخيرة عدة كتابات علمية منصفة في نقد قواعد وتأصيلات ومواقف الشيخ علي بن حسن بن عبدالحميد الحلبي، وكان من أفضلها وأجمعها كتاب "صيانة السلفي عن وساوس وتلبيسات علي الحلبي" للشيخ الفاضل أحمد بازمول –حفظه الله-، وكان من المنتظر من علي الحلبي –إن كان منصفًا- إن يراجع الحق فيما أخذ عليه من مسائل أو حتى في بعضها، خاصة الواضحات منها، لكنه للأسف سلك مسلك أهل الأهواء في تلبيس الحق بالباطل مستخدمًا في هذا العبارات المنمقة المسجوعة التي يتشدق بها دائمًا في كتاباته بصورة فيها تكلُّف ظاهر، مِمّا هو من طرق أهل المكر والصدِّ عن سبيل الله.
فيصدق عليه ما قاله ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم (ص432): "فإذا كان الرجل ذا قدرة عند الخصومة –سواء كانت خصومته في الدين أو في الدنيا-، على أن ينتصر للباطل، ويُخيِّل للسامع أنه حقٌّ، ويوهن الحق، ويخرجه في صورة الباطل، كان ذلك من أقبح المحرمات، وأخبث خصال النفاق".اهـ
وقال الصنعاني في سبل السلام (4/196): "وحقيقة المراء: طعنك فى كلام غيرك؛ لإظهار خلل فيه لغير غرض سوى تحقير قائله، وإظهار مزيتك عليه".اهـ
وجمع إلى هذا التترس والتستر بأئمة كبراء، نحو ابن باز، والألباني، وابن عثيمين –رحمهم الله-، وما هو من منهجهم الصافي في شيء( )، إلا أنه أراد أن يتمسح بهم، وبينه وبينهم مفاوز تنقطع فيها أعناق الإبل، وإنما هو التزيد والتشبع بما لم يعط.
وصدق النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مبينًا هذه الطريقة، والتي سلكها بعض أهل الأهواء قديمًا معه: "لَكِنْ تَعْرِفُونَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ أَنَّهُمْ قَصَدُوا فَسَادَ دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ، وَجَعَلُونِي إمَامًا تَسَتُّرًا؛ لِعِلْمِهِمْ بِأَنِّي أُوَالِيكُمْ وَأَسْعَى فِي صَلاحِ دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ وَسَوْفَ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْكَشِفُ الأمْرُ". (مجموع الفتاوى 3/215).
وبعض القرّاء –خاصة المتعاطفين والمتعصّبين لعلي حسن، قد يظنون أن تحليلي السابق فيه شيء من التحامل عليه، لكن بيني وبينهم بقية هذا الردِّ، ففيه سأسرد البراهين على صدق هذا التحليل دون إجحاف، ولا ميل لجانب على جانب، ودون تعصُّب أو تقليد، وقد اخترت ثلاث مسائل واضحات خالف فيها الحلبي الحق المبين، ومن خلالها يظهر صدق ما قلت.
هذه المسائل الثلاث هي:
المسألة الأولى: غلوه في رسالة عمان.
المسألة الثانية: موقفه من وصف الصحابة بالغثائية.
المسألة الثالثة: موقفه من بعض أدعياء السلفية الذين بدّعهم أغلب أئمة العصر بالحجة والبرهان.
وسنظهر –إن شاء الله- من خلال هذه المقالات غلو علي الحلبي في المسائل الثلاث، ومعارضته الحق المبين بالشبهات؛ واحتجاجه بآراء الرجال في مقابل الأدلة من الكتاب والسنة، وهذه السمات الثلاث سمات بارزة عند أهل الأهواء قاطبة.
أولاً: غلو علي حسن في رسالة عمان:
في عام 1426هـ، 2005 م قام بعض الخوارج بتفجيرات استهدفت ثلاثة فنادق في عمان-الأردن، وعلى أثر ذلك أصدر الملك عبدالله –ملك الأردن- رسالة موّجهة إلى العالم –باسم الإسلام-، والتي اشتُهِرت بعد ذلك بـ: "رسالة عمان"، وقد احتوت هذه الرسالة على ترسيخ مبدأ وحدة وأخوة وحرية الأديان، والأخوة الإنسانية لا الإيمانية، وطامات أخرى، ورُغم هذا فقد كان موقف علي حسن منها موقفًا لا يرضاه الله، ولا المؤمنون الصادقون ، ويتلخص هذا الموقف فيما يلي:
أولاً: ثناؤه عليها ثناءً مبالغًا فيه، ودفاعه عنها دفاعًا مستميتًا، مع شرحه لأخطر مفرداتها –وهو ما يتعلَّق بوحدة الأديان-، متأوِّلاً هذا الباطل تأويلاً سمجًا، وحاملاً له على أحسن المحامل إبقاءً عليها، وترويجًا لها في أوساط المسلمين، بل طعن على كل من حذّر من هذا الباطل، ووصفه بالغلو.
ثانيًا: ثناؤه على الموِّقعين عليها –وهم ما بين رافضي وصوفي وحزبي-.
ثالثًا: قيام أحد أتباعه –تبعًا له- بشرحها والغلو في إطرائها، ونشر هذا في منتدياته التي يشرف عليها، وهي المعروفة بمنتديات كل السلفيين، فأقر هذا، ولم ينكره، بل بارك عمله، وأيَّده.
وإليك تفصيل هذه النقاط الثلاث:
أولاً: ثناؤه عليها ثناءً مبالغًا فيه، ودفاعه عنها دفاعًا مستميتًا، مع شرحه لأخطر مفرداتها –وهو ما يتعلَّق بوحدة الأديان-، متأوِّلاً هذا الباطل تأويلاً سمجًا، وحاملاً له على أحسن المحامل إبقاءً عليها، وترويجًا لها في أوساط المسلمين، بل طعن على كل من حذّر من هذا الباطل، ووصفه بالغلو.
قال علي الحلبي في لقائه مع البيضاني: "هذه الزوبعةُ التي أُثيرَت حولَ (رسالةِ عمَّان) إنَّما أُثيرَت لِـمَا ادُّعِيَ عليها مِن القولِ بوحدةِ الأديانِ، وما إلى ذلك مِن شِركٍ وكُفران"، وقال أيضًا: "ما ادُّعِيَ على (رسالة عمّان) مِن أنَّها تدعُو إلى عقيدة (وحدة الأديان)-الكفرية-، أو .. أو .. -كُلُّه- ليسَ صريحاً، ولا ظاهراً -ألبتَّة-، وإنَّما هو ألفاظٌ يَسيرةٌ مُحتملَةٌ -ليس إلاّ-.".
قلت: بل دعوة هذه الرسالة إلى وحدة الأديان وأخوة أهل الأديان وحرية الأديان ومساواة الأديان وغيرها مما ينافي الإسلام واضحة لمن أنار الله عقله وروحه بنور الإسلام، وكرّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، ومن حباهم الله بالفهم والعلم والتمييز بين الحق والباطل، والهدى والضلال، أما من أضلهم الله على علم، والذين قال الله فيهم: {ومَن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين، وأنهم ليصدونهم عن السبيل، ويحسبون أنهم مهتدون}، فهم لا يفهمون ما يفهمه ويدركه المؤمنون الصادقون.
ومن الأدلة على هذا العماء المدمر للعقل والدين، قولك: "بل إنَّ فيها نصًّا ظاهراً جليًّا يُخالفُ ذلك، ويُناقضُهُ؛ وذلك (نصُّ) ما جاءَ فيها: أصلُ الدِّياناتِ الإلهيَّةِ واحدٌ، والمُسلمُ يُؤمنُ بجَمِيعِ الرُّسُلِ، ولا يُفَرِّقُ بَيْنَ أحدٍ منهُم، وإنَّ إنكارَ رسالةِ أيِّ واحدٍ منهُم خُروجٌ عن الإسلامِ؛ ممَّا يؤسِّسُ إيجادَ قاعدةٍ واسعةٍ للالتِقاءِ مع المُؤمنِينَ بالدِّياناتِ الأُخرَى على صُعُدٍ مُشترَكَةٍ في خِدمةِ المُجتمعِ الإنسانيِّ، دونَ مَساسٍ بالتميُّزِ العَقَدِيِّ، والاستِقلالِ الفِكريِّ؛ مُستندِينَ في هذا -كُلِّهِ- إلى قولِهِ -تعالى-: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير}".
قلت: وهذا كلام واضح في تقرير وحدة الأديان، لا يتأوله إلا جاهل أو مبطل يسعى لقلب الحقائق وتزييفها، فالديانات الإلهية المعنية في الكلام هي: الإسلام والنصرانية واليهودية، وهم لا يقصدون بداهة شريعة موسى وعيسى عليهما السلام، بدليل قولهم بعد ذلك: "مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى علـى صعد مشتركــــة في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميّز العقدي والاستقــلال الفكري..".
فمن هم المؤمنون بالديانات الأخرى سوى اليهود والنصارى، ألد أعداء الإسلام، والذين يُقصَد التزلف إليهم والتلاحم معهم بهذه الرسالة.
وقوله: "دون مساس بالتميز العقدي والاستقلال الفكري"، دعوة إلى مساواة الأديان وأخوة الأديان، حيث يجعل الكلَّ سواء، له عقيدته وله استقلاله الفكري المتميز، والذي لا ينبغي المساس به، أي لا ينكر على النصارى تميزهم بالتثليث، وتأليه عيسى عليه السلام، ولا على اليهود تميزهم بتأليه البشر وعبادة الحاخامات.
أليس هذا القول منافيًا لقول الله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، وقوله عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}.
ولا يكابر في هذا الفهم المعني إلا مسفسط يريد أن يزين الباطل في أعين الناس.
وإليك فتاوى العلماء في هذا الكلام من رسالة عمان:
أولاً: فضيلة الشيخ صالح الفوزان -عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء-حفظه الله-:
سئل –حفظه الله- في "دورة الإمام عبد العزيز بن باز العلمية (1431هـ) المقامة بالطائف في "لقائه المفتوح" بتاريخ 17-8-1431هـ :أحسن الله إليكم ,سائل يقول : وجدت هذه العبارة بإحدى الرسائل يقول: أصل الديانات الإلهيّة واحد، والمسلم يؤمن بجميع الرسل، ولا يفرّق بين أحد منهم، وإنّ إنكار رسالة أي واحد منهم خروج عن الإسلام، مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانـــــات الأخرى علـــــى صعد مشتركـــــــة في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميّز العقدي والاستقــلال الفكري؟
فأجاب –جزاه الله خيرًا-: "هذا كلامٌ ضلالٌ –والعياذ بالله- !نعم نحن نؤمن بجميع الرسل وبجميع الكتب، لكنَّهم هم لا يؤمنون بجميع الرسل؛ يكفرون بعيسى وبمحمد صلى الله عليه وسلَّم بالنسبة لليهود !بالنسبة للنصارى يكفرون بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلَّم! ولا يؤمنون بالقرآن! فكيف نقول: إنَّهم مؤمنون؟!! وهم يكفرون ببعض الرسل؟!! ويكفرون ببعض الكتب ؟!! هؤلاء ليسوا مؤمنين,ليسوا من المؤمنين .
فهذا خَلْطٌ وتضليل للنَّاس ! يجب إنكار . نعم".
ثانيًا: فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العبَّاد البدر -حفظه الله-:
سئل فضيلته يوم الاربعاء 5/6/143: يقول وجدت هذه العبارة تقول (أصل الديانات الإلهيّة واحد، والمسلم يؤمن بجميع الرسل، ولا يفرّق بين أحد منهم، وإنّ إنكار رسالة أي واحد منهم خروج عن الإسلام، مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى على صعد مشتركة في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميّز العقدي والاستقــلال الفكري؟
فأجاب –حفظه الله-: "الكلام الأول جميل والكلام الأخير خبيث, أوله حسن وآخره سيء، يعني كون الرسل ديانتهم واحدة، وأنهم يدعون إلى التوحيد وأنه يجب الإيمان بكل واحد منهم وأن من كفر بواحد فهو كافر بالجميع هذا كله حق, وأما هذا الكلام الذي يقول فيه بالتقاء الديانات بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليس في دين حق إلا دين الإسلام، ولا يجوز أن يعتقد بأن هناك دين موجود الآن يعني يتبعه غير المسلمين هو حق بل الشرائع كلها نسخت ببعثته صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام ((والذي نَفْسي بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأُمّة يهوديٌّ أو نصرانيٌّ ثم يموت ولا يُؤمن بالذي أُرسلتُ به إلا كان من أصحاب النَّار)) ، وقال ((ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعى)) وعيسى إذا نزل في آخر الزمان يحكم بشريعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يحكم بالإنجيل, الشرائع انتهت بعد بعثته صلى الله عليه وسلم ليس لها وجود الآن، لكن يعني جاء بما يتعلق بأهل الكتاب أنهم يعاملون معاملة خاصة لأن لهم أصل دين فإذا أعطوا الجزية فإنهم يبقون تحت ولاية المسلمين؛ لأن ذلك من أسباب دخولهم في الإسلام أما كونه يقال أن الديانات بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كلها حق وأنها معتبرة وأنه لا فرق بينها فهذا الكلام من أبطل ما يكون , ومن أقبح ما يكون".
قلت: فما هو قول علي حسن في هذه الفتوى الصادرة من هذا العالم الذي أكثر من التمسح به في الآونة الأخيرة، وجعله المرجعية في النوازل والأمور المدلهمة؟ أيستثنى هذا الموضع منها لمخالفته لهواه؟ أم يقول: لنا اجتهادنا وله اجتهاده، ورحم العلم واسعة ؟!!
لكنه استخدم أسلوب التغافل عن هذه الفتاوى، وأشار إليها إشارة مجملة كأنه يهوّن منها، أو يشكّك في مصداقيتها، حيث قال في لقائه مع البيضاني: "وإذا كان الحُكْمُ الحقُّ (القاطِع) -مِن مشايخِنا- أنَّ في (بعض ألفاظِ) (رسالةِ عمَّان) ما (قد) يُمَثِّلُ -فِعلاً- القولَ بعقيدة (وَحدَةِ الأديانِ)-الكفرية-، وأنَّ إقرارَها أو الثَّناءَ عليها -ولو بالعُمومِ!- (يُلزِمُ) القولَ بذلك -وهذا ما لمْ يكُن، ولنْ يكونَ!-؛ فإنَّ هذا يُوجِبُ -قبل كلّ شيء- مراجعةَ وليّ أمر بلادِنا -سدّده الله- لإصلاحِ ما انتُقِد منها وضبطِه.
وحُسْنُ الظنّ به-حفظه الله بالإسلامِ والسُّنَّةِ- قَبولُ ذلك وتدارُكُه-..".
قلت: وكيف تنصح ولي أمر البلاد إذا كنت أنت نفسك حتى الآن –وبهذه المراوغة- لم تنتصح بكلام هؤلاء العلماء، وأخذت تقلّل من مصداقيته، بقولك: "ما (قد) يُمَثِّلُ -فِعلاً- القولَ بعقيدة (وَحدَةِ الأديانِ)-الكفرية"؟!
ومن هذه النصوص في رسالة عمّان الدالة على وحدة الأديان:
قوله: "وحملها خلفاؤه وآل بيته من بعده عنوان أخوّة إنسانيّة، ودينًا يستوعب النشاط الإنساني كله..".
قلت: هل رسالة الإسلام التي دعا إليها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم كانت تدعو إلى الأخوة الإنسانية؟!
والجواب: إنما كانت رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعًا ليدخلوا في الإسلام كافة؛ فيصيروا إخوانًا في الإسلام والإيمان، لا إخوانًا في الإنسانية، كما قال الله عز وجل: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا ...)، وأمر سبحانه جميع الناس بقوله: (ادخلوا في السلم كافة).
وأذكِّرك بما علَّقت به مُنذُ أكثرَ مِن عشرينَ عامًا في حاشيتِك على كِتابِ «العُبوديَّةِ» -لشيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ- كتبتهُ على قولِهِ (ص148) -رحمهُ اللهُ-: "ذلك هو دينُ الإسلامِ، الذي بَعَثَ اللهُ به الأوَّلِينَ والآخِرينَ مِن الرُّسُلِ، وهو الدِّينُ الذي لا يَقبَلُ اللهُ مِن أحدٍ دِيناً إلا إيُّاهُ، وهو حقيقةُ العِبادةِ لربِّ العالمِينَ، فنسألُ اللهَ العظيمَ أنْ يُثِيبَنا عليهِ، ويُكَمِّلَهُ لَنا، ويُميتَنا عليه، وسائرَ إخوانِنا المُسلمِينَ"، فقلتَ –مُعلّقًا-: "فدَنْدَنَةُ بعضِ (العصرانيِّينَ) حولَ وحدةِ الأديانِ، و«التسامُحِ الدينيِّ»، و«الأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ»: مِن ضلالاتِ المُبطِلِينَ، وانحرافاتِهِم، بل كُفريَّاتِهم، وإنَّما يُريدُونَ بذلك اجتِثاثِ أصلِ الإسلامِ، ومَحْوِ حقيقةِ دينِ الله مِن النُّفوس، فالحذَرَ! الحَذَر".
وهذا النص من رسالة عمان: "... أخوّة إنسانيّة، ودينًا يستوعب النشاط الإنساني كله"، لا لبس فيه ولا غموض إلا على منغلقي العقول والقلوب في الدندنة حولَ وحدةِ الأديانِ، و«التسامُحِ الدينيِّ»، و«الأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ»، فلماذا هذه الانتكاسة عن الحق القديم؟!
وقولهم: "وحملها خلفاؤه وآل بيته.."، فيه تملق ظاهر مفضوح للروافض الملاعين، ومراعاة لعقيدتهم الكاسدة في سبّ أغلب الصحابة وتكفيرهم، فلم ينص على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حملهم لرسالة الإسلام -وهم حَمَلَتها شاءوا أم أبوا-، وإنما عبّر بلفظ الخلفاء، وهو لفظ مطاط يحمله أهل السنة على الخلفاء الراشدين، ويحمله الروافض على أئمتهم الاثنى عشر، وهذا تزوير وكذب على كلا المعنيين؛ لأنه لو قصد الخلفاء الراشدين، فنقول: هل حمل رسالة الإسلام الخلفاء الراشدون فقط، أم كافة الصحابة؟!
وإن قصد الأئمة الاثنى عشر، فهذا أنكى وأضلُّ سبيلاً.
وقوله بعد ذلك في رسالة عمان: "وهذا الدين ما كان يوماً إلاّ حرباً على نزعات الغلوّ والتطّرف والتشدّد، ذلك أنها حجب العقل عن تقدير سوء العواقب والاندفاع الأعمى خارج الضوابط البشريّة ديناً وفكراً وخلقاً، وهي ليست من طباع المسلم الحقيقي المتسامح المنشرح الصدر، والإسلام يرفضها - مثلما ترفضها الديانات السّماوية السمحة جميعها - باعتبارها حالات ناشزة وضروباً من البغي..".
قلت: أليس الشرك بالله يعد أعظم نزعات الغلو والتطرف والتشدد؟!!
فهل الديانات السماوية السمحة المعنية في هذا الكلام –وهي اليهودية والنصرانية- حرب على الشرك بالله، أم أنها أسست على الشرك بالله، وحرّفت رسالة موسى وعيسى عليهما السلام؟!
وكما هو ملاحظ أن كاتب الرسالة العمّانية مصرٌّ على التسوية بين الإسلام واليهودية والنصرانية، تحت مسمَّى الديانات السماوية، مضللاً المسلمين أنها كلها حق؛ لأنها من السماء، أي من عند الله، وهذا هو عين عقيدة وحدة الأديان الكفرية.
وقوله في رسالة عمان: "إنّ هدي هذا الإسلام العظيم الذي نتشرف بالانتساب إليه يدعونا إلى الانخراط والمشاركة في المجتمع الإنساني المعاصر والإسهام في رقيّه وتقدّمه، متعاونين مع كل قوى الخير والتعقّل ومحبّي العدل عند الشعوب كافةً، إبرازاً أمينًا لحقيقتنا وتعبيراً صادقاً عن سلامة إيماننا وعقائدنا المبنية على دعوة الحق سبحانه وتعالى للتآلف والتقوى، وإلى أن نعمل على تجديد مشروعنا الحضاري القائم على هدي الدين، وفق خطط علمية عمليّة محكمة يكون من أولوياتها تطوير مناهج إعداد الدعاة بهدف التأكد من إدراكهم لروح الإسلام ومنهجه في بناء الحياة الإنسانيّة..".
قلت: وهل دعا الحقّ سبحانه إلى التآلف مع كافة الشعوب من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا؟! أم أنه سبحانه أمر بالبراءة منهم، ونهى عن توليهم في غير ما آية، نحو قول الحقّ سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم)، وقوله عز وجل: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ..) إلخ الآيات المعروفة في هذا الباب العظيم.
وهل أمر سبحانه بالانخراط في المجتمع الإنساني مقرين ما فيه من شرك ووثنية دون دعوة وبيان للتوحيد؟!
وهل يقوم بناء الإنسانية على الشرك والوثنية التي عشّشت في هذه الأمم التي وُجّهت إليها رسالة عمّان؟!
وقوله: "ويبثون بين أفراد الأمّة وفي أرجاء العالم الخير والسلام والمحبّة، بدقّة العلم وبصيرة الحكمة ورشد السياسة في الأمور كلها، يجمّعون ولا يفرقون، ويؤلّفون القلوب ولا ينفرونها..".
قلت: هذه العبارات كلها ترسيخ لعقيدة مساواة وأخوة الأديان، التي تقتضي الاجتماع والتآلف مع أصحاب الملل الكافرة، وعدم التفرقة بين مسلم وكافر، وإنما الكل سواء في الإنسانية، وينبغي أن يسود السلام والمحبة بين أصحاب هذه الملل، فلا يصح –على معتقدهم الكفري- أن يظهر المسلم البغض للكفار من اليهود والنصارى وغيرهم لدينهم الباطل، وإلا صار متطرفًا من أصحاب الغلو والشذوذ عن المجتمع الإنساني المنشود –لا أقامه الله-.
وما أشبه هذه العبارات بما جاء في كتاب "عالم واحدٌ للجميع"، الذي أصدره مركز الأبحاث في الحوار المسيحي الإسلامي، ومن هذه العبارات ما جاء في (ص55) في كلمة الكردينال فرنسيس أرينز –رئيس المجمع البابوي للحوار بين الأديان- الفاتيكان، حيث قال: "كثيرًا ما يتهم الدين بأنه تربة النزاع فإنه معرَّض دومًا لمصالح عدائية... فلهذا كان من واجب المؤمنين ولا سيما رجال الدين، أن يظهروا لأصحابهم في الإيمان الوجه الصحيح للدين، وأن يقنعوهم بأن استعمال العنف يناقض الدين الحق، فقتل الآخرين باسم الله وباسم الدين لا يطابق إلا صورة مشوهة لما يسعى الدين الحقيقي إلى البلوغ إليه.
وبالعكس حيث يعيش أتباع أديان مختلفة في بلد أو في منطقة معيّنة حياة متناغمة، أي: لا مجرد تعايش بل في تعاون إيجابي- حينئذ يتمكنون من الإسهام في بناء "عالم واحد للجميع"، إنهم يمكنهم فعل الكثير لدعم القيم الأخلاقية والتطور الإنساني في جميع أشكاله ولإقامة عدالة أوسع في المجتمع، وبهذا يمهدون السبيل للسلام.
إن أساس هذا الجهد المشترك، وخصوصًا بين المسلمين والمسيحيين، هو الإيمان بالله خالق كل رجل وامرأة.. البشر جميعًا مشتركون في الطبيعة البشرية، وجميعهم يملكون الكرامة نفسها ولهم حق بالاحترام نفسه، ومن وراء ذلك فإن في كل إنسان توقٌ باطن أو ظاهر إلى الله المتعالي.. الناس كلهم يلتمسون طبقًا لنداء ضميرهم، بنوع مماثل وجه الله، كلّ واحد بمفرده، وكلهم مجتمعين الواحد مع الآخر، ومن الواجب احترام هذا الالتماس وإقرار الحق بالحرية الدينية، بحيث يتمكن الناس من دون قيد أو إكراه أن يساهموا في بناء مجتمع يوِّفر الخير للجميع".اهـ
وقال علي الحلبي: "رسالة عمّان -بمُجْمَلِها-أساساً-أرادَ بها (صاحبُها) أن تكونَ شَرحاً مُوجزاً وعامّاً، وبعِباراتٍ مختصرة لطيفةٍ غير مطوّلة؛ تُبَيِّنُ شمائلَ الإسلام، ومحاسِنَه.
وقد دَفَعَ إلى كتابتِها الواقعُ المرُّ الذي يعيشُهُ الإسلام والمُسلمون في ظِلِّ المتغيِّرات العالميَّة -والسياسيَّة- الكثيرة".
وقال في مقاله "مُهاتفةٌ مِن بلادِ الحرمين .. مَرحَى ونُعْمَى عَيْن!": "رسالة عمّان؛ شَرحٌ مُوجزٌ وعامّ، وبعِباراتٍ لطيفةٍ غير عَسِرَة؛ تُبَيِّنُ شمائلَ الإسلام، وخِصالَه العِظام؛ دَفَعَ إلى كتابتِها الواقعُ المرُّ الذي يعيشُهُ الإسلام والمُسلمون في ظِلِّ المتغيِّرات العالميَّة الكثيرة".
قلت: فكما تلحظ –أخي القارئ- أنه في رسالته للبيضاني عزا وصف الرسالة بهذه الأوصاف إلى صاحبها، وفي "مهاتفة بلاد الحرمين" عزا هذا إلى نفسه، مما يؤكد أنه هو الذي يرى أن هذه الرسالة تستحق هذه الأوصاف الجليلة التي لا تتنزل إلا على مصنفات السنة العظيمة، وهذا من غلوه الشنيع في هذه الرسالة.
وتأمل أيضًا أيها المسلم كيف يطري هذه الرسالة فيصفها بأنها تبين شمائل الإسلام وخصاله ومحاسنه، وهي ضد الإسلام، ومع كل الأديان الباطلة، بل هي طعنة لئيمة في قلب الإسلام، ولذا وصفها علماء الإسلام بالضلال والخبث.
وقال علي الحلبي: "صِيغَتْ (رسالة عمّان) بلُغة (دبلوماسيَّة) عصريَّة؛ لأنَّها -في الأصل- مُوجَّهة إلى فئاتٍ معيَّنَة مخصوصة مِن النّاس؛ وليس لعامَّتِهِم؛ حتّى يعرفوا حقيقة دينِ الإسلام -ولو بالجملة-؛ ممَّا جعلَ فيها بعضَ العباراتِ الفضفاضة، أو المُوهِمَة، أو المُجْملَة".
فأقول: هذا عذر أقبح من ذنب، فأي تعريف بالإسلام سواء للخاصة أو للعامة يكون بتسوتيه بالأديان الباطلة ؟!
وهل من تعريف حقيقة الإسلام أن يقال: إنه بينه وبين النصرانية واليهودية صعد مشتركة؟
وهل الإسلام ينص على الالتحام والمحبة مع اليهود والنصارى؟
وهل ..؟ وهل ..؟
أين تعريف الإسلام الصحيح الذي ذكره علماء السنة؟ أضاع في سبيل التزلف لقوم سوء ؟!
يا شيخ علي إن أردت أن تعرف كيف تكون دعوة الخاصة والعامة، فاقرأ رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الروم؛ لتدرك الفرق بين رسالة الإسلام الحق ورسالة عمّان:
"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين"، و{يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}..".
قلت: فأين رسالة عمّان من هذا الهدي النبوي في دعوة دول الكفر؟!
ولذلك فإن واضعي هذه الرسالة لم يضعوها استنانًا بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما استنوا بطرق الماسونية، فإنها هي التي أسّست مبدأ الأخوة الإنسانية بغض النظر عن الدين، كما جاء في الموسوعة الحرة: "يصف الماسونيون حركتهم بمجموعة من العقائد الأخلاقية مثل الحب الأخوي والحقيقة والحرية والمساواة واستنادًا على الماسونيين، فإن تطبيق هذه المبادئ يتم على شكل طقوس يتدرج العضو فيها من مرتبة مبتدأ إلى مرتبة خبير، ويتم التدرج في المراتب اعتمادًا على قدرة العضو على إدراك حقيقة نفسه والعالم المحيط به وعلاقته بالخالق الأعظم الذي يؤمن به بغض النظر عن الدين الذي يؤمن به العضو".اهـ
وقال علي الحلبي: "فهل مِن (العقل والحكمة) -وهما من (منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله)- أنْ نُفرح نحنُ -بأنفُسِنا!- أعداءَ الدِّين، ودُعاةَ الباطل، وأهلَ الضَّلال -فضلاً عن الكَفَرَة والمُشرِكِين-أو الخوارج والتكفيريّين- بأنَّ (رسالة عمَّان) تدعُو إلى (وحدة الأديان) -تلك العقيدة الكُفرِيَّة!-، وأنّها تتضمّن الباطل والمُنْكَرَ مِن القول والزُّور -كما يتمنَّى أولئك المُجرِمُونَ ويشتهون؟!".
قلت: فهل من الحكمة والعقل أن تثني على رسالة ضمت في ثناياها ضلالات بهذا الجبال، وأن تدافع عنها بكلِّ حماس، وأن نحارب من يقول فيها كلمة الحق التي أوجبها الله على المؤمنين.
وأنا أسأل من هم الغلاة المشركون الذين يفرحون بنقد أهل الحق لهذه الرسالة المظلمة؟! بل إن الكَفرة والمشركين ودعاة الضلال من الروافض الخرافيين فرحوا وأيّدوا هذه الرسالة، فما هذا القلب للحقائق ؟!!
قال علي الحلبي: "أمْ أنَّ العَقْلَ والحكمةَ (!) يُنادِيان ويقضيان بأنْ نُوَجِّه ما (قد) يُوجدُ فيها مِن الكلامِ المُجمَلِ الذي (قد) يحتمل (شيئاً) مِن تِلْكُمُ المعاني الباطلةِ إلى معنىً حَقٍّ يلتقي عمومَ مضمونِ (الرسالةِ)-وسياقاتِها-، ولا يُخالِفُ الشَّرْع، ولا يَتناقَضُ مع دلائله ونُصوصِه -ما دامَ الأمرُ مُمْكِناً -هكذا-ومقبولاً-؟! وهذا -تمامًا- ما نحنُ حريصونَ عليه؛ إبقاءً على مقاصدِ هذه الرسالة -ومبانيها- بما لا يُخالف شيئاً مِن الشريعة –ومعانيها-..".
قلت: أهل الدين والعقل والحكمة لا يحرّفون الكلام عن مواضعه فيجعلون الباطل حقًّا والضلال هدى حاشاهم من هذا الفجور الذي تدعو إليه.
وقد أدان هذه الرسالة أهل الدين والعقل والحكمة بالضلال ومخالفة الشرع، ومنهم: العلامة الفوزان، والعلامة العبّاد –الذي تتمسح به-.
أرأيت لو كان هذا الكلام حقًّا، أيصفه هؤلاء الأفذاذ بالباطل؟!
بل إن السلفيين –حقًّا لا ادعاءً- كافة في العالم أجمع –في المملكة والشام ومصر وبلاد المغرب العربي واليمن- أدانوها إدانة واضحة، وما عُرِضت هذه الرسالة على أحد منهم إلا استنكرها؛ مما يدل على بعدك وحزبك عن السلفيين حقًّا.
ومن أدلة انحرافك عن الحق وضلالك عن الهدى: حرصك على إبقاء مقاصد هذه الرسالة ومبانيها التي تهدم الشرع الإسلامي ومقاصده ومبانيه.
وقال علي الحلبي: "أمْ أنَّ الأجْدَى والأنفعَ -للجميعِ- حملُ تلك العبارات (الفضفاضة، والمُوهِمَة، والمُجمَلة) على أقرب المعانِي اللغويَّةِ التي لا تُخالِفُ الشَّرْعَ، مع الشرحِ والتقريبِ والبيانِ لِـمَا (قد) يُوهِمُ مِنها مُخالفةَ الشَّرع؟!".
قلت: هكذا يغلو الحلبي في هذه الرسالة الباطلة أصلاً ومضمونًا؛ ليرفعها إلى مرتبة كلام ربّ العالمين وكلام رسوله المعصوم الذي يتأول له، ويُحمل على أقرب الوجوه إلى الحق؛ لأن الوحي كله حق لا باطل فيه.
فهل رسالة عمان بلغت هذا الشأو في المنزلة؟
اللهم غفرانك من هذا الغلو المقيت الذي لا يستفيد منه إلا أعداء الإسلام !
وقال علي الحلبي: "أقرَّها عددٌ كبيرٌ مِن الجهاتِ الرسميَّةِ والشعبية- في الأُردُنّ وخارجها- حتى مِن العُلماء-بكافّة مراتِبهم واتجاهاتِهم-، والوُلاة -بتعدّد مناصبهم ودرجاتِهم-..".
وقال علي الحلبي: "فأيُّ ادِّعاءٍ باطلٍ -ذاك- في موضوعِ (وحدةِ الأديانِ) -هذا-، مع هذا التنصيصِ الواضحِ الجليِّ على نَفْيِ ذلك وعَدَمِهِ، وبألفاظٍ مُتعدِّدةٍ شتَّى، لعلَّ أظهرَها ما جاءَ في (الرسالةِ) -كما تقدَّم-: «دونَ مَساسٍ بالتَّمَيُّزِ العَقَدِيِّ والاستقلالِ الفِكريِّ» -عند ذِكرِ الدِّياناتِ-..
وعليه؛ فمِن المُمْكِنِ -جدًّا- حملُ ما (قد) يُوجد فيها مِن ألفاظٍ مُحتملةٍ -بحُسنِ الظَّنِّ، وحُسن النَّظَرِ في السياقِ-من جهةٍ-؛ وفي إدراكِ المآلاتِ ومعرفة النتائج -من جهةٍ أخرى-إلى ما لا يُخالفُ الشريعة، وما لا يُناقض شيئًا مِن قواعدِ المِلَّةِ البديعة".
قلت: هي هي سفسطة أهل الأهواء قديمًا وحديثًا، وطرقهم الملتوية لحماية باطلهم دون حياء من الله سبحانه، ولا حياء من أوليائه حملة دينه الحق، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: "إن لم تستح فاصنع ما شئت"!!
فأقول للحلبي: أين هو التنصيص الواضح الجلي على نفي وحدة وأخوة ومساواة الأديان؟!
أما أهل الدين والحكمة والعقل لا يرون ذلك أبدًا، بل يدركون بوضوح أن نص الرسالة يدل بجلاء على دعوة مؤكدة إلى وحدة وأخوة الأديان، وقد تقدم شرح ذلك قريبًا فلا حاجة للإعادة.
فليتأمل المؤمن العاقل المنصف تحريف هذا الرجل الكلم عن مواضعه، وجعله الباطل والضلال حقًّا وهدًى، مما هي من سمات أهل الأهواء التي شابهوا فيها أهل الكتاب، كما قال الله سبحانه عنهم: { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ}، وقال سبحانه: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وقال عز وجل مستنكرًا على أهل الكتاب لبس الحق بالباطل، وكتم الحق: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
فأي جرأة هذه على التحريف وقلب الحقائق والتلاعب بعقول الأوباش والمغفَّلين.
وقال علي الحلبي: "رسالة عمّان -أضحت في بلادِنا-شئنا أم أبَيْنَا!- مادَّةً علميَّةً تربَوِيَّةً منهجيّةً (مفروضةً) على طلبةِ المدارس والجامعات والمعاهد والكليّات -فضلاً عن المؤسَّسات والدوائر والوزارات- الأردنيَّة، وأضحَت تُقام لشرحِها وبيانِ مقاصدها الدوراتُ في المساجد، وحِلَق التعليم في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة -وغيرها مِن المرافق العامَّة الكُبرَى - في بلادنا الأردنّ-.
بل دُعِيَ إلى ذلك خَلائقُ مِن عِلْيَةِ النَّاس وكُبرائهم -وعلى مستويات عدَّة- حتّى مِن خارجِ الأُردُنّ -أيضاً-، فضلاً عن المُؤلَّفاتِ، والرَّسائلِ، والمَقالاتِ -فيها -وما أكثرَها-.".
فأقول: هذا الاعتراف منك يوجب عليك أكثر وأكثر التحذير مما احتوته هذه الرسالة من الباطل المحض، أو حتى المحتمل –على قولك-.
والسؤال الذي يطرح نفسه وننتظر منك إجابة صادقة عليه: هل المدرسون الذين شرحوها وبيّنوا مقاصدها في المدارس والجامعات وحِلَق التعليم في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة -وغيرها مِن المرافق العامَّة الكُبرَى- في الأردنّ حملوها على المحامل الحسنة التي تأولتها إخراجًا لها من القول بوحدة الأديان؟! أم أنهم شرحوها على علاّتها؟
وقال علي الحلبي: "فلْنَتَذَكَّرْ -جميعاً- الظَّرْفَ الذي يعيشُهُ المُسلمونَ في أنحاء العالم، والحالَ الواهيَ الواهِنَ الذي تحياهُ الأُمَّة في أرجائها -كافّةً-، والضعفَ الساريَ في جَسَدها، والتبعيَّةَ الشديدةَ المفروضةَ عليها؛ مِن أعدائِها -شرقًا وغَربًا-، وأَثَرَ ذلك في خِطابِنا، ولُغَتِنا، ومَواقِفِنَا- كافَّةً-.".
قلت: هذا تصريح منك في أن هذه الرسالة انطلقت من الضعف والهوان والتبعية لأعداء الإسلام، وجعلت هذه التبعية حجة مسوِّغة لإنشاء هذه الرسالة الذي لا تزيد الأمة ضعفًا وضلالاً وتبعية.
والمؤمنون الصادقون يدعون الأمة إلى العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في عقائدها ومناهجها وسائر شئونها؛ لتخرج من هذا الوهن والذل والتبعية.
المخلصون يطلعون إلى أئمة أفذاذ يجدِّدون للأمة دينها، ويعودون بها إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأنت تدعو إلى هذه الرسالة على ما فيها من البلاء والهلاك لهذه الأمة، فأين الصدع بالحق؟ وأين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؟
وأين أنت من دعوة العلامة الألباني الذي أفنى حياته في الدعوة إلى الله بصدق وإخلاص ونصح، دعوة جادة إلى التصفية والتربية؟!
فأين دعاة الحق من دعاة الباطل والضلال؟ وأين الثرى من الثريا يا صاحب الدعاوى؟

واعلموا –رحمكم الله- أن المناداة بوحدة الأديان ليست وليدة وقتنا هذا، بل بدأت المناداة بها –على ما يظهر- في أواخر الخلافة العثمانية الزائلة لما اشتد ضعفها، مع قوة شوكة دول النصارى، وكان من أول من نادى بها: جمال الدين الأفغاني، ثم تلميذه محمد عبده، ثم تلقفها منهما حسن البنا –مؤسس حزب الإخوان-، ثم تابعه على ذلك جلُّ –إن لم نقل كل- رموز الحزب بعده نحو التلمساني، ومحمد الغزالي، ويوسف القرضاوي، وحسن الترابي، والزنداني ..إلخ.
ثم جاء بعض أدعياء السلفية في زماننا نحو أبي الحسن، ثم الآن علي حسن؛ ليشدوا من أزر هذه الدعوات الباطلة، ويدافعوا عن رسائلها ورموزها بصور ملتوية، مع إظهارهم إنكار عقيدة وحدة الأديان، لكنه إنكار بارد يضيع سدًى مع هذا الإجلال لمثل هذه الرسائل التي تجدد الدعوة إلى وحدة وأخوة ومساواة الأديان، وترسخها في الشعوب.
وليرجع المنصف إلى ما سطره شيخنا العلامة ربيع بن هادي –حفظه الله- في كتابه "أبو الحسن يدافع بالباطل والعدوان عن الإخوان ودعاة حرية ووحدة الأديان"، خاصة في فصل "دعوة البنا إلى وحدة الإنسانية ووحدة الأديان والرد عليه"، وفيه نقل الشيخ كلام البنا في رسالته "نحو النور" مجموع رسائل حسن البنا (ص184).
وعليه فإن كان رب البيت بالدف ضاربًا.. فشيمة أهل البيت الرقص.
فإن قال واهم أو مغفَّل: لِمَ هذا الانشغال بعلي الحلبي، وهناك مَن هو أخطر منه وأضر على الإسلام من عتاة أهل البدع مما يحتاج إلى توجه الجهود للتحذير منهم؟
والجواب على هذا من وجهين:
الوجه الأول: العلماء ما انشغلوا بعلي الحلبي عن عتاة أهل البدع، وما كرَّسوا كل أوقاتهم للتحذير منه، ومن ادعى ذلك فعليه البينة، إنما العلماء وطلبة العلم منشغلون في تحصيل العلم وتدريسه والدعوة إلى الله على بصيرة، ويدخل في هذا الردود على أهل الأهواء بشتى أصنافهم.
الوجه الثاني: خطورة علي الحلبي لا تقل –بل قد تزيد- عن رءوس أهل البدع؛ لأن هؤلاء الرءوس يتكلَّمون باسم أحزابهم وفرقهم، لا يتكلَّمون باسم السنة والسلفية، فأمرهم معروف ظاهر لصغار أهل السنة فضلاً عن كبارهم، فالرافضة والمعتزلة والخوارج والصوفية والأشاعرة والإخوان والتبليغ ...إلخ لا يخفون على السني السلفي الذي خالطت بشاشة الإيمان قلبه، ، إنما الخطورة تكمن فيمن هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، ويرفعون لواء السنة والسلفية، بل ينسبون أباطليهم إلى السنة والسلفية.

وكتب
أبو عبدالأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري
الثلاثاء 5 رجب 1432
...يتبع إن شاء الله ...
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:30 PM.


powered by vbulletin