الميسر في طرق تخريج الحديث النبوي الشريف بطريقة تطبيقية مختصرة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فقد أكرمنا الله سبحانه وتعالى بعقد عدة دروس في قواعد وطرق تخريج الحديث النبوي الشريف في غرفة روضة الجنة السلفية – حرسها الله –.
و بعد الانتهاء من هذه الدروس النظرية التطبيقية عُرض عليّ كتابة ما تمّ شرحه على شكل حلقات متتابعة في المنتدى كي تتم مراجعتها و الاستفادة منها. و استجابة لهذا الطلب، جمعت من كتب أهل العلم قواعد وأصول تخريج الحديث النبوي الشريف، و رتبتها، و ها أنا أسوقها لكم على طريقتهم في العرض مختصرة سهلة كي يستفيد منها الطالب المبتدئ وتكون مرجعًا وتذكرة للطالب المنتهي، وأسأل الله تعالى أن يكتب لي الأجر في الآخرة إنه جوادٌ كريمٌ.
تعريف التخريج
اصطلاحًا: هو الدلالة على موضع الحديث في مصادرة الأصلية التي أخرجته بسنده .
و من خلال التعريف الاصطلاحي، نتطرق إلى ما يلي:شرح التعريف، مصادر كتب التخريج، فوائد التخريج، قواعد وطرق التخريج.
شرح التعريف
هو الدلالة على مكان ووجود الحديث في الكتب المصنفة [1]، واستخراجه منها .
مثاله حديث ( إنما الأعمال بالنيات ) هذا حديث أريد تخريجه كي أقف على طرقه وأحكم عليه بالقبول أو الرد، أرجع إلى كتب المصنفات وأبحث عنه حسب الطرق التي ستمر معنا بإذن الله تعالى خلال هذا الشرح.
مصادر كتب التخريج
تنقسم مصادر التخريج إلى قسمين: - مصادر أصلية -مصادر غير أصلية
1-المصادر الأصلية
هي كل كتاب له أسانيد لمصنف الكتاب مثل:الكتب التسعة كلها، والمسانيد، والسنن، والآثار، والطبقات، والمعاجم، و المشيخات، والأجزاء الحديثة، والمصنفات. فهذه كتب أصلية يصح العزو إليها؛ فنقول حديث أخرجه البخاري في صحيحة، أو أخرجه أحمد في مسنده، أو أخرجه الشافعي في الأم[2]، أو أخرجه ابن جرير في تفسيره[3] .
2- مصادر غير أصلية
لا يصح العزو إليها، و هي كل كتاب يجمع أو يذكر الحديث بدون سند مثل: كتاب بلوغ المرام، ورياض الصالحين، وعمدة الأحكام، وتفسير السعدي، والأربعين النووية ونحو ذلك. فكل كتاب مصنف لا يذكر الحديث بالسند لا يصح العزو إليه؛ فمثلاً حديث ( بني الإسلام على خمسٍ ) لا يصح أن أقول أخرجه النووي في الأربعين النووية و إنما أقول ذكره في كتابه الأربعين.
v سؤال: لماذا لا نقول أخرجه النووي في الأربعين النووية أو في رياض الصالحين أو أخرجه ابن حجر في بلوغ المراد ؟
الجواب: لأن كتاب الأربعين ورياض الصالحين وبلوغ المرام لا تعد مصادر أصلية لتخريج الحديث فالمصدر الأصلي هو الذي يذكر الحديث بالسند.
و على هذا كل منصف من المصنفات له سند فهو يعد من الكتب الأصلية في تخريج الحديث سواء كان هذا المنصف من كتب الحديث، أو كتب المعتقد، أو كتب التفسير أو كتب الفقه أو كتب التاريخ والتراجم والرجال. فكل كتاب له أسانيد فهو كتاب أصلي في تخريج الحديث الشريف.
تنبيه:
إذا فُقِدَ كتاب أصلي من كتب التخريج ثم جاء إمام وذكر لنا الحديث من هذا الكتاب المفقود بالسند فيكون هذا الكتاب من المصادر الأصلية في عزو الأحاديث إليه.
فوائد علم التخريج
لعلم التخريج فوائد عظمية جليلة منها:
1- معرفة وجود الحديث في مصادرة الأصلية ومن أخرجه من الأئمة.
2- معرفة الحديث هل هو متواتر أم آحاد لأن التخريج يساعد على جمع أسانيد الحديث الواحد، ومن ثم يتم التعرّف على الحديث هل هو متواتر أم آحاد.
3- معرفة الأسانيد المتصلة من المنقطعة .
4- يساعد في الحكم على معرفة الحديث من حيث القبول والرد، ويساعد أيضًا إذا كان الحديث ضعيفا؛ فمن خلال التخريج وجمع الطريق يرتقي الحديث الضعيف إلى حديث حسن لغيره. قال الإمام على بن المديني: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه.
5- يساعد على معرفة أسماء الرواة المبهمة أو المهملة.
6- يساعد على معرفة بعض الروايات من حيث الإدراج أو الزيادة أو الشذوذ سواء كان في السند أو المتن.
7- البحث عن التصريح بالسماع في رؤية المعنعن.
8- تصويب بعض الأخطاء من تصحيف ونحوه سواء كانت في السند أو المتن.
قواعد وطرق التخريج
للتخريج خمسة طرق كما قسمها علماء هذا الفن:
الطريقة الأولى: من خلال لفظة في متن الحديث.
الطريقة الثانية: من خلال طرف الحديث.
الطريقة الثالثة: من خلال موضوع الحديث.
الطريقة الرابعة: من خلال الراوي الأعلى في سند الحديث.
الطريقة الخمسة: من خلال صفة في المتن أو السند أو كلاهما معًا.
ومن خلال هذه الطرق الخمس يتبيّن لنا أن التخريج يكون تارة في المتن وتارة في السند وتارة في السند والمتن معًا:
- أما الثلاث طرق الأولى فيكون التخريج من خلال متن الحديث
- والطريقة الرابعة فيكون من خلال السند
- والطريقة الخامسة فيكون من خلال السند والمتن معًا أو في كلاهما
ونبدأ التخريج حسب الطرق الخمس بالترتيب:
يتبع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- المصنفات: هي المؤلفات في أي فن من الفنون الشرعية سواء كانت في الحديث، التفسير، الفقه، التاريخ، اللغة، العقيدة فكل كتاب مؤلف يطلق عليه مصنف فلان أي كتاب فلان أو تأليف فلان، هذا لغة.
أما المصنفات اصطلاحًا فسوف أتكلم عنها بإذن الله في موطنها بإذن الله تعالى.
[2]- كتاب الأم كتاب فقهي لكن نقول أخرجه الشافعي في الأم لأن الشافعي يذكر الحديث بالسند فصح أن نقول عن كتاب الأم مصدر أصلي لعزو الحديث .
[3]- هو كتاب تفسير لكنه يذكر الأحاديث بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيصح أن نقول أخرجه ابن جرير في تفسيره