ترجمة الشيخ العلامة أحمد بن يحي النجمي - رحمه الله تعالى -
اسمه ونسبه :
هو شيخنا الفاضل العلامة ، المحدث، المسند، الفقيه، مفتى منطقة جازان وحامل راية السنة والحديث فيها الشيخ أحمد بن يحيى بن محمد بن شبير النجمي آل شبير من بني حمّد إحدى القبائل المشهورة بمنطقة جازان.
ولادته :
ولد الشيخ بقرية النجامية في الثاني والعشرين من شهر شوال عام ستة وأربعين وثلاثمائه وألف للهجرة النبوية ، 22/10/1346هـ ونشأ في حجر أبوين صالحين ليس لهما سواه.
ولهذا فقد نذرا به لله - أي لا يكلفانه بشيء من أعمال الدنيا - وقد حقق الله ما أرادا.
فكانا محافظين عليه محافظة تامة، حتى إنهما لايتركانه يلعب بين الأولاد، ولما بلغ سن التمييز أدخلاه كتاتيب القرية فتعلم القراءة والكتابة وقرأ القرآن في الكتاتيب الأهلية قبل مجيء الشيخ عبدالله القرعاوي -رحمه الله- ثلاث مرات آخرها في العام 1358هـ الذي قدم فيه الشيخ القرعاوي.
حيث قرأ القرآن أولاً على الشيخ عبده بن محمد عقيل النجمي عام 1355هـ ثم قرأ أيضاً على الشيخ : يحيى فقيه عبسي وهو من أهل اليمن وكان قد قدم على النجامية وبقي بها ودرس عليه شيخنا في عام 1358هـ.ولما قدم الشيخ عبدالله القرعاوي، حصلت بينه وبين هذا المعلم مناظرة في مسألة الاستواء -وكان أشعرياً- فهزم، وهرب على إثر ذلك (( وقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين )).
نشأته العلمية :
وبعدما هرب مدرسهم الأشعري تردد الشيخ مع عمّيه الشيخ حسن بن محمد والشيخ حسين بن محمد النجميين على الشيخ عبدالله القرعاوي في مدينة صامطة أياماً ولكنه لم يستمر، وكان ذلك في عام 1359هـ وفي عام 1360هـ وفي صفر بالتحديد التحق شيخنا بالمدرسة السلفية وقرأ القرآن هذه المرة بأمر الشيخ عبدالله القرعاوي على الشيخ عثمان بن عثمان حملي -رحمه الله- حيث قرأ عليه القرآن مجوداً وحفظ (تحفة الأطفال) و (هداية المستفيد) و (الثلاثة الأصول) و (الأربعين النووية) و (الحساب) وأتقن تعلم الخط.
وكان يجلس في الحلقة التي وضعه الشيخ فيها إلى أن يتفرق الطلبة الصغار بعد صلاة الظهر، ثم ينضم إلى الحلقة الكبرى التي يتولى الشيخ عبدالله القرعاوي تدريسها بنفسه، فيجلس معهم من بعد صلاة الظهر إلى صلاة العشاء، ثم يعود مع عمية المذكورين سابقاً إلى قريته (النجامية).
وبعد أربعة أشهر أذن له الشيخ عبدالله القرعاوي أن ينضم إلى هذه الحلقة -حلقة الكبار- التي يدرسها الشيخ بنفسه، فقرأ على الشيخ فيها : الرحبية في الفرائض والآجرومية في النحو وكتاب التوحيد وبلوغ المرام و البيقونية ونخبة الفكر وشرحها نزهة النظر ومختصرات في السيرة وتصريف الغزي والعوامل في النحو مائة والورقات في أصول الفقه، والعقيدة الطحاوية بشرح الشيخ عبدالله القرعاوي، قبل أن يروا شرح ابن أبي العز عليها، ودرس أيضاً شيئاً من الألفية لابن مالك والدرر البهية مع شرحها الدراري المضية في الفقه وكلاهما للشوكاني وغير ذلك من الكتب سواء منها ما درسوه كمادة مقررة كالكتب السابقة أو ما درسوه على سبيل التثقف لبعض الرسائل والكتب الصغيرة، أو كانوا يرجعون إليه عند البحث كنيل الأوطار و زاد المعاد ونور اليقين والموطأ و الأمهات.
وفي عام 1362هـ وزع عليهم الشيخ عبدالله القرعاوي أجزاء الأمهات الموجودة في مكتبته وهي الصحيحين وسنن أبي داود و سنن النسائي و موطأ الإمام مالك فقرؤا عليه فيها ولم يكملوها لأنهم تفرقوا بسبب القحط.
وفي عام 1364هـ عادوا فقرؤا عليه ثم أجازه الشيخ عبدالله القرعاوي -رحمه الله - برواية الأمهات الست.
وفي عام 1369هـ درس على الشيخ ابراهيم بن محمد العمودي قاضي صامطة في ذلك الوقت كتاب إصلاح المجتمع وكتاب الشيخ عبدالرحمن السعدي في الفقه المرتب على صيغة السؤال والجواب واسمه: الارشاد إلى معرفة الأحكام.
كما درس على الشيخ علي بن الشيخ عثمان زياد الصومالي بأمر من الشيخ عبدالله القرعاوي في النحو كتاب العوامل في النحو مائة وكتب أخرى في النحو والصرف.
وفي عام 1384هـ حضر في حلقة الشيخ الإمام العلامة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ -رحمه الله- لمدة تقارب شهران في التفسير في تفسير ابن جرير الطبري بقراءة عبدالعزيز الشلهوب كما حضر في العام نفسه في حلقة شيخنا الإمام العلامة عبدالعزيز بن باز لمدة شهر ونصف تقريبا في صحيح البخاري بين المغرب والعشاء.
شيوخه :
مما مضى يتبين لنا شيوخه وهذا ترتيبهم :
1- الشيخ إبراهيم بن محمد العمودي قاضي صامطة في حينه.
2- الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي
3- الشيخ العلامة الداعية المجدد في جنوب المملكة عبدالله القرعاوي وبه تخرج الشيخ أحمد فهو أكثر شوخه إفادة له.
4- الشيخ عبده بن محمد عقيل النجمي.
5- الشيخ عثمان بن عثمان حملي.
6- الشيخ علي بن الشيخ عثمان زياد الصومالي.
7- الشيخ الإمام العلامة مفتي البلاد السعودية محمد بن إبراهيم آل الشيخ.
8- الشيخ يحيى فقيه عبسي اليمني.
تلاميذه :
ولشيخنا كثير وكثير من التلاميذ فمن أمضى مثل هذه المدة في التدريس التي تقارب النصف قرن، كم يتصور أن يكون تلاميذه ولو ذهبت أعددهم لاحتجت إلى مجلد ضخم، وإنما أذكر نموذجاً يستدل به على الباقين فمنهم :
1- شيخنا العلامة المحدث ناصر السنة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي.
2- شيخنا العلامة الفقيه زيد بن محمد بن هادي المدخلي.
3- شيخنا العالم الفاضل علي بن ناصر الفقيهي.
و إنما اكتفيت بذكر هؤلاء لشهرتهم في الأوساط العلمية، فلا يعتب علينا أحد.
ذكاؤه -رحمه الله- :
يتمتع الشيخ بدرجة من الذكاء عالية جدا وهاك قصة تدل على ذكائه وحافظته منذ صغره، حفظه الله :
يقول العم الشيخ عمر بن أحمد جردي المدخلي : ( لما كان الشيخ أحمد يحضر مع عميه حسنا وحسينا النجميين إلى المدرسة السلفية بصامطة أي في عام 1359هـ وعمره آنذاك 13 سنة كان يسمع الدروس التي يلقيها الشيخ عبدالله القرعاوي على تلاميذه الكبار ويحفظها جيداً ).
قلت: وهذا هو ما جعل الشيخ عبدالله القرعاوي يلحقه بحلقة الكبار الذين كان الشيخ يتولى تدريسهم بنفسه، لأنه رأى نجابته وسرعة حفظه وذكائه.
أعماله :
عمل شيخنا مدرسا بمدارس شيخه القرعاوي احتساباً، وعندما بدأت الوظائف عين مدرسا بقريته (النجامية) وكان ذلك في عام 1367هـ وفي عام 1372هـ نقل إماماً ومدرساً في قرية أبو سبيلة بالعارضة وفي عام 1374هـ عندما فتح المعهد العلمي في "صامطة" عين مدرساً به حتى عام 1384هـ حيث استقال من التدريس بالمعهد على أمل أن يدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية وسافر إليها، لكن حصلت له ظروف حالت دون ذلك، فعاد إلى المنطقة وكتب الله له التعيين واعظاً مرشداً بوزارة العدل بمنطقة جازان فقام بالوعظ والإرشاد أحسن قيام.
وفي عام 1387هـ عاد مدرسا بالمعهد العلمي بمدينة جازان حسب طلبه، وفي ابتداء الدراسة عام 1389هـ عاد إلى التدريس بمعهد صامطة وبقي به مدرساً حتى أحيل على التقاعد في 1/7/1410هـ
ومنذ ذلك الحين إلى كتابة هذه الأسطر وهو مشتغل بالتدريس في بيته والمسجد المجاور له ومساجد أخرى في المنطقة و دروس أسبوعية مع القيام بأمر الفتوى.
وهو في هذا كله قد عمل بوصية شيخه له في مداومته على التعليم والمحافظة على المتعلمين وخاصة الغرباء منهم، وله على ذلك صبر عجيب فجزاه الله عنا خيرا.
وقد عمل أيضاً بوصية شيخه القرعاوي فواصل الدراسة والبحث والاستفادة وخاصة في علمي الحديث والفقه وأصولهما حتى فاق أقرانه وأصبح له في ذلك اليد الطولى، بارك الله في عمره وعلمه ونفع بجهوده.
آثاره العلمية :
لشيخنا آثار علمية كثيرة بعضها طبع وبعضها لم يطبع، نسأل الله تعالى أن ييسر طبعه حتى يحصل الانتفاع به ومن ذلك :
1- أوضح الإشارة في الرد على من أباح الممنوع من الزيارة.
2- تأسيس الأحكام شرح عمدة الأحكام.
3- تنزيه الشريعة عن إباحة الأغاني الخليعة.
4- رسالة الإرشاد إلى بيان الحق في حكم الجهاد.
5- رسالة في حكم الجهر بالبسملة.
6- فتح الرب الودود في الفتاوى والردود.
7- المورد العذب الزلال فيما انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال.
وغير ذلك من المؤلفات النافعة التي قدمها للمسلمين جزاه الله خير الجزاء ونفع به الإسلام والمسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه تلميذه :
محمد بن هادي بن علي المدخلي.
المحاضر بكلية الحديث بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
البيضاء العلمية مع تصحيح بعض الأخطاء في الكتابة:
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=28324