وأهل السنة مجمعون لفظا ومعنى على أنه لا يكون الرجل صاحب سنة حتى تجتمع فيه خصال السنة كلها // الشيخ عبيد الجابري

[كمال زيادي]

بسم الله الرحمن الرحيم



قال فضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله



بقي أمر وهو أن التفريق بين الناس وبيان حال المخالف من حيث سنيته وبدعيته ليس هذا من عند أهل السنة ، ليس من تلقاء أنفسهم بل هم تلقوا هذا عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم من طريق أئمة أهل السنة وفي الكتاب العزيز قوله جلّ وعلا : ((تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا)) ما معنى الفرقان ؟ وما المراد به ؟ المراد بالفرقان هنا القرآن ، هذا أحد أسمائه والمعنى أنه سمي بهذا الاسم لتفريقه بين الحق والباطل إذن فرّق الله سبحانه وتعالى بين عباده بما أنزله من وحيه على رسله عليهم الصلاة والسلام وأما من السنة الصحيحة فسوف أسوق لكم ثلاثة أحاديث :

الأول : حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (سيكون في آخر أمتي أقوام يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آبائكم فإياكم وإياهم ) وهذا الحديث أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه وأخرجه البغوي في شرح السنة وحسنه .

ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أولا أبان المخالفين للسنة وأنهم يأتون الناس بما لم يكن في كتاب ولا سنة والثاني أنه حذر أو أمر بالحذر ، نعم ،حذر وأمر بالحذر ( فإياكم وإياهم ) فلم يقل خالطوهم ومازجوهم لا بل قال ( فإياكم وإياهم ) .

الثاني : حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات )) الأية فقال : ( إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) وهؤلاء صنفان من الناس ، صنف جاهل كما قدمنا وصنف صاحب هوى يجنح إلى الوعد ويترك الوعيد أو يجنح إلى الوعيد ويدع الوعد . يدع المحكم الواضح البين ويعمد إلى المتشابه .

الثالث : حديث افتراق الأمم وهو متواتر أو نقول مستفيض الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وأختار الرواية التي هي صحيحة أصالة :

قال صلى الله عليه وسلم : ( وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال : الجماعة

فسرها ابن مسعود رضي الله عنه وغيره قالوا : الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك فإنك حينئذ الجماعة ، هذا بالنسبة لتفريق النبي صلى الله عليه وسلم .

والشاهد من هذا الحديث في أمور :

الأمر الأول : بيان أن أمة الإسلام قسمان قسم هالك وهم الثنتين والسبعين فرقة

الثاني : الناجي وهو فرقة واحدة ، الجماعة

والمقصود بالثنتين والسبعين فرقة الهالكة هم أهل البدع والمحدثات ومنهم القصاص الذين لا يعولون إلا : على الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة أوقصص أو حكايات أو مجرد الرأي حرفوا النصوص من مواضعها.

وأنبه هنا إلى علامة من علامات أهل البدع وتلكم العلامة أنهم يفصّلون تفصيلا قويا أظنه يبكي كل سامع في مسألة الإخلاص لكن السنة إما أن يدعوها ويغفلونها وإما أن يأتوا بها على سبيل الإجمال ولماذا ؟ لأنهم لو فصّلوا في السنة أو في المتابعة كما يفصّلون في الإخلاص لكسدت تجارتهم وفسدت بضاعتهم وعرف الناس أنهم كذبة على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم .

هذا : الأمر الثاني : بيان الناجي وهذا أمر بلزومه حين سألوه من هم يا رسول الله ؟ قال : الجماعة

وهذا معناه الأمر التقدير هي الجماعة فيكون هنا أمر بلفظ الخبر أو يكون على الإغراء منصوب بفعل محذوف تقديره ( الزموا الجماعة ) وسواء كان ذاك أو ذاك فأمره صلى الله عليه وسلم بلزوم طريق الجماعة ذات النجاة وترك ما عداها .

ومن الجماعات الدعوية الحديثة أقولها بملأ فمي ولا أخشى في الله لومة لائم من الجماعات الدعوية الحديثة التي كلها ضالة مضلة وليس منها واحدة على سنة وهي جماعة التبليغ وجماعة الاخوان المسلمين .

نرفع عقيرتنا بذلك وليرضى من رضي وليسخط من سخط فعرفتم سلفنا أنه الكتاب والسنة في التفريق بين الناس .

بقي من وصايا الأئمة التي فهموا الكتاب والسنة وعملوا بمقتضاهما وربّوا الناس عليهما ، فأبدأ بالصحابة رضي الله عنهم ، فعن عمربن الخطاب رضي الله عنه قال : ـ إياكم وأهل الرأي أعداء السنة أعيتهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا ـ

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ـ والله ما أظن أن أحدا أحب إلى الشيطان هلاكا مني اليوم قيل وكيف ؟ قال : تحدث البدعة في المشرق أو المغرب فيحملها الرجل إلي فإذا انتهت إلي قمعتها بالسنة فترد عليه ـ

انظروا يقمع هذه البدعة ولا يخاف فترد على من جاءت منه ، أهل السنة مجمعون على هذا كما سيأتي رد البدعة على صاحبها نعم .

وقال الشعبي رحمه الله ـ عامر ابن شرحيل الهمداني قال : إياكم والمقايسة فوالذي نفسي بيده لإن أخذتم بالقياس يعني الرأي المصادم للنصوص لتحلون الحرام ولتحرمن الحلال فما بلغكم عمن حفظ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فخذوه أو قال فخذوا به .

وعن أيوب السختياني رحمه الله قال : ـ قال لي أبو قلابة : يا أيوب احفظ عني أربعة : لاتقل في القرآن برأيك وإياك والقدر وإذا ذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فامسك ولا تمكّن أهل الأهواء من سمعك فينبذوا فيه ما شاءوا أو قال : فيقروا فيه ما شاءوا .

وعن مصعب ابن سعد الزهري رحمه الله وأبوه سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه قال : لا تجالس مفتونا فإنه لن يخطئك منه احدى اثنتين إما أن يفتنك فتتابعه وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه ، يفتنك فتتابعه يعني يلبّس عليك ويقلب عليك الحقائق يظهر لك الحق في قالب الباطل والباطل في قالب الحق بما يلقيه عليك من شبه وهذا والله رأيناه محسوسا من قوم كانوا معنا نحن وإياهم على طريق واحد فلما خالطوا جسورالمبتدعة والمخذلة والمميعة أصبحوا الآن إلبا علينا وهم من بلدي وبعضهم من المدينة بلدّي بعضهم من المدينة ولكن لا أذكر اسماءهم الآن لأنه ليس فيه مصلحة أما أنا فما عليّ منهم لكن مصلحة على الدعوة عامة ، فهذه الوصايا وأمثالها تدل على ما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التفريق بين الناس وأن هذا صاحب سنة وأن هذا صاحب بدعة

ثانيا : تدل على وجوب رد البدعة على من جاءت منه قولية أو فعلية ، نعم

الثالث : الحذر من أهل البدع وعدم ممازجتهم ومخالطتهم والاقتراب منهم وهذا مقيد بما أسلفت ، نعم حسب الحال .

وأنبه هنا إلى أمرين :

أحدهما ما أشك بل أوقن علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين أيضا أنه من افرازات قاعدة المعذرة والتعاون تلكم القاعدة الفاجرة الملعونة الخبيثة التي سوغت الباطل وفتحت الباب على مصراعيه لممازجة أهل السنة ومخالطة أهل السنة من كل ضال مضل سواء كان منتسب للإسلام كالرافضة أو غير منتسب إلى الإسلام كاليهودية والنصرانية.

وهذا الذي أريد التنبيه إليه أن كثير من الناس إما جهلا وإما اهمالا لا يبدعون من حدثت منه بدعة لا ينظرون إلى جانب بدعته فإذا أصاب السنة في أمر طاروا به ثناءا و مدحا وتعليقا للناس به ويُغفلون بدعته .

وأهل السنة مجمعون لفظا ومعنى على أنه لا يكون الرجل صاحب سنة حتى تجتمع فيه خصال السنة كلها ، فتنبهوا ، فبدعة واحدة تخرج الرجل من السنة إلى البدعة ، نعم .

الأمر الثاني : عرفتم أن أهل السنة حينما يردون على المبتدعة ويهتكون أستارهم ويبينون حالهم وقصتهم للناس هم متبعون مقتدون ليسوا مبتدعين سلفهم سنة محمد صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح نعم ، هذا سلفهم ومن سمعتوه يزّهد في الردود ويهون من شأنها على الإطلاق فهذا إما ساذج مغفل وإما صاحب هوى ضال مضل وكلا الصنفين هم جسر للمبتدعة .



المصدر :

تفريغ كمال زيادي

شبكة سحاب السلفية

الخميس الموافق لـ 25 رجب 1436 هـ

اللقاء السادس من اللقاءات السلفية بالمدينة النبوية للمشايخ [ الدقيقة 41 ]

عبيد الجابري عبد الله البخاري محمد بن هادي المدخلي حفظهم الله



http://ar.miraath.net/audio/11300

.

[أحمد بن صالح الحوالي]

جزاكم الله خيرا ونفع بكم

[كمال زيادي]

و إياك أخي الفاضل

.