منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > الأســــــــــــــــــــــــرة الـمـســــــــــلـــــمــــــــة

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-20-2011, 06:30 PM
سالكة سبيل السلف سالكة سبيل السلف غير متواجد حالياً
زائر
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 1,225
شكراً: 20
تم شكره 157 مرة في 107 مشاركة
Icon55 مـنـوعـــات عن التـوكـل على الله عز وجل

مـنـوعــــــــــــات عـن التـوكـل

- السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
يقول الامام ابن القيم في كتابه الماتع النافع " الفوائد " حول فائدة التوكل على الله :


- التوكل على الله نوعان :

احدهما : توكل عليه في حوائج العبد و حظوظه الدنيوية او دفع مكروهاته و مصائبه الدنيوية

ثانيهما : التوكل عليه في حصول ما يحب هو و يرضاه من الايمان و اليقين و الجهاد و الدعوة اليه


-
و بين النوعين من الفضل ما لا يحصيه الا الله ، فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حق توكله كفاه النوع الاول تمام الكفاية ، و متى توكل عليه في النوع الاول دون الثاني كفاه ايضا لكن لا يكون له عاقبة المتوكل فيما يحبه و يرضاه
فاعظم التوكل عليه في الهداية و تجريد التوحيد و متابعة الرسول و حياد اهل الباطل ، فهذا توكل الرسل و خاصة اتباعهم

و التوكل تارة يكون توكل اضطرار و الجاء بحيث لا يجد العبد ملجا و لا وزرا الا التوكل ، كما اذا ضاقت عليه الاسباب و ضاقت عليه نفسه و ظن ان لا ملجا من الله الا اليه ، و هذا لا يتخلف عنه الفرج و التيسير البتة. و تارة يكون توكل اختيار ، و ذلك التوكل مع وجود السبب و ترك التوكل ذم على تركه ايضا ، فانه واجب باتفاق الامة و نص القران ، و الواجب القيام بهما و الجمع بينهما ، و ان كان السبب محرما حرم عليه مباشرته و توحد السبب في حقه في التوكل فلم يبقى سبب سواه ، فان التوكل من اقوى الاسباب في حصول المراد و دفع المكروه ، بل من اقوى الاسباب على الاطلاق . و ان كان السبب مباحا نظرت ، هل يضعف قيامك به التوكل او لا يضعفه ؟ فان ضعفه و فرق عليك قلبك و شتت همك فتركه اولى ، و ان لم يضعفه فمباشرته اولى ، لان حكمة احكم الحاكمين اقتضت ربط المسبب به ، فلا تعطل حكمته مهما امكنك القيام بها ، و لا سيما اذا فعلته عبودية ، فتكون قد اتيت بعبودية القلب بالتوكل و عبودية الجوارح بالسبب المنوي به القربة. و الذي يحقق التوكل القيام بالاسباب المامور بها ، فمن عطلها لم يصح توكله ، كما ان القيام بالاسباب المفضية الى حصول الخير يحقق رجاءه ، فمن لم يقم بها كان رجاؤه تمنيا ، كما ان من عطلها يكون توكله عجزا و عجزه توكلا .

- و سر التوكل و حقيقته هو اعتماد القلب على الله وحده ، فلا يضره مباشرة الاسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها و الركون اليها ، كما لا ينفعه قوله : توكلت على الله مع اعتماده على غيره و ركونه اليه و ثقته به ، فتوكل اللسان شيء و توكل القلب شيء ، كما ان توبة اللسان مع اصرار القلب شيء ، و توبة القلب و ان لم ينطق اللسان بشيء ، فقول العبد توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره مثل قوله تبت الى الله و هو مصر على معصيته مرتكب لها .

**************************************
مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : التوحيد والعقيدة
السؤال: أيضاً المستمع يقول كيف يكون الإنسان متوكلاً على الله
الجواب
الشيخ: يكون الإنسان متوكلاً على الله بأن يصدق الاعتماد على ربه عز وجل حيث يعلم أنه سبحانه وتعالى هو الذي بيده الخير وهو الذي يدبر الأمور ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك فبهذه العقيدة يكون الإنسان معتمداً على ربه جل وعلا لا يلتفت إلى من سواه ولكن حقيقة التوكل لا تنافي فعل الأسباب التي جعلها الله تعالى سبباً بل إن فعل الأسباب التي جعلها الله تعالى سبباً سواء أن كانت شريعة أم حسية هي من تمام التوكل ومن تمام الإيمان بحكمة الله عز وجل لأن الله تعالى قد جعل لكل شيء سبباً و هذا النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد المتوكلين كان يلبس الدروع في الحرب ويتوقى البرد ويأكل ويشرب لإبقاء حياته ونمو جسمه وفي احد ظاهر بين درعين أي لبس درعين فهؤلاء الذين يزعمون أن حقيقة التوكل بترك الأسباب والاعتماد على الله عز وجل هم في الواقع خاطئون فإن الذي أمر بالتوكل عليه له الحكمة البالغة في تقديره وفي شرعه قد جعل للأمور سبباً تحصل به ولهذا لو قال قائل أنا سأتوكل على الله تعالى في حصول الرزق وسأبقى في بيتي لا أبحث عن الرزق قلنا إن هذا ليس بصحيح وليس توكلاً حقيقاً فإن الذي أمرك بالتوكل عليه هو الذي قال (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) ولو قال قائل إنا سأتوكل في حصول الولد أو في حصول الزوجة ولم يشرع في طلب الزوجة وخطبتها لعده الناس سفيهاً ولكان فعله هذا منافياً لما تقتضيه حكمة الله عز وجل ولو أن أحداً أكل السم وقال إني أتوكل على الله تعالى في أن لا يضرني هذا السم لكان هذا غير متوكل حقيقة لأن الذي أمرنا بالتوكل عليه سبحانه وتعالى هو الذي قال لنا ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما والمهم أن فعل الأسباب التي جعلها الله تعالى أسباباً لا ينافي كمال التوكل بل هو من كماله وأن التعرض للمهلكات لا يعد هذا من توكل الإنسان على الله بل هو خلاف ما أمر الله عز وجل به نعم
ابن عثيمين رحمه الله تعالى
************************************
كيفية التوكل على الله
سائل في مدينة كركوك بالعراق يقول في سؤاله: يحصل عندنا نقاش حول مسألة التوكل هل يكون التوكل مع الأسباب أو بغير الأسباب؛ لأننا نعلم عن توكل بعض الصالحين كتوكل مريم والتي تأتيها فاكهة الصيف في الشتاء والعكس ولم تتخذ الأسباب بل انقطعت للعبادة فأفيدونا عن ذلك بارك الله فيكم؟


التوكل يجمع شيئين: أحدهما: الاعتماد على الله والإيمان بأنه مسبب الأسباب وأن قدره نافذ وأنه قدر الأمور وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى.
الثاني: تعاطي الأسباب فليس من التوكل تعطيل الأسباب بل التوكل يجمع بين الأخذ بالأسباب والاعتماد على الله ومن عطلها فقد خالف الشرع والعقل؛ لأن الله عز وجل أمر بالأسباب وحث عليها سبحانه وأمر رسوله بذلك وفطر العباد على الأخذ بها، فلا يجوز للمؤمن أن يعطل الأسباب بل لا يكون متوكلا حقيقة إلا بتعاطي الأسباب، ولهذا شرع النكاح للعفة وحصول الولد وأمر بالجماع، فلو قال أحد من الناس أنا لا أتزوج وانتظر الولد بدون زواج لعد من المجانين، وليس هذا من أمر العقلاء، وكذلك لو جلس في البيت أو في المسجد يتحرى الصدقات لم يكن ذلك مشروعا ولا توكلا بل يجب عليه أن يسعى في طلب الرزق ويعمل ويجتهد مع القدرة على ذلك ومريم رحمة الله عليها لم تدع الأسباب ومن قال ذلك فقد غلط وقد قال الله لها: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فكلي واشربي
[1] الآية، وهذا أمر لها بالأسباب وقد هزت النخلة وتعاطت الأسباب، حتى وقع الرطب فليس في سيرتها ترك الأسباب، أما وجود الرزق عندها وكون الله أكرمها به وأتاح لها بعض الأرزاق فلا يدل على أنها معطلة للأسباب بل هي تتعبد وتأخذ بالأسباب، وإذا ساق الله لبعض أوليائه من أهل الإيمان شيئا من الكرامات فهذا من فضله سبحانه لكن لا يدل على تعطيلهم الأسباب فقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن))، وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[2]، فشرع لعباده العبادة له والاستعانة به وكلتاهما من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، والآيات الدالة على ذلك كثيرة.


[1] سورة مريم الآيتان 25-26.





[2] سورة الفاتحة الآية 5.

الشيخ ابن باز رحمه الله مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع





رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-20-2011, 06:36 PM
سالكة سبيل السلف سالكة سبيل السلف غير متواجد حالياً
زائر
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 1,225
شكراً: 20
تم شكره 157 مرة في 107 مشاركة
افتراضي

فتاوي الشيخ ابن تيمية رحمة الله


فصل في قوله‏:‏ ‏يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته

فصل
وأما قوله‏:‏ ‏(‏يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، وكلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم‏)‏ فيقتضي أصلين عظيمين‏:‏
أحدهما‏:‏ وجوب التوكل على الله في الرزق المتضمن جَلْب المنفعة كالطعام، ودفع المضرة كاللباس، وأنه لا يقدر غير الله على الإطعام والكسوة قدرة مطلقة‏.‏ وإنما القدرة التي تحصل لبعض العباد تكون على بعض أسباب ذلك؛ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَعلى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 233‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 5‏]‏ ، فالمأمور به هو المقدور للعباد، وكذلك قوله‏:‏ ‏{‏أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ ‏[‏البلد‏:‏ 14‏:‏ 16‏]‏ ، وقوله‏:‏ ‏{‏وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 36‏]‏ ، وقوله‏:‏ ‏{‏فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 28‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ‏}‏ ‏[‏يس‏:‏ 47‏]‏ فذم من يترك المأمور به اكتفاء بما يجري به القدر‏.‏
ومن هنا، يعرف أن السبب المأمور به أو المباح لا ينافي وجوب التوكل على الله في وجود السبب، بل الحاجة والفقر إلى الله ثابتة مع فعل السبب؛ إذ ليس في المخلوقات ما هو وحده سبب تام لحصول المطلوب؛ ولهذا لا يجب أن تقترن الحوادث بما قد يجعل سببًا إلا بمشيئة الله تعالى، فإنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن‏.‏
فمن ظن الاستغناء بالسبب عن التوكل فقد ترك ما أوجب الله عليه من التوكل، وأخَلَّ بواجب التوحيد؛ ولهذا يخذل أمثال هؤلاء إذا اعتمدوا على الأسباب‏.‏ فمن رجا نصرًا أو رزقًا من غير الله خذله الله، كما قال على - رضي الله عنه -‏:‏ لا يرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلا ربه، ولا يخافنَّ إلا ذنبه‏.‏ وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 2‏]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 107‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عليه يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 38‏]‏ ‏.‏
وهذا كما أن من أخذ يدخل في التوكل تاركًا لما أمر به من الأسباب فهو أيضًا جاهل ظالم، عاص لله بترك ما أمره، فإن فعل المأمور به عبادة لله‏.‏ وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عليه‏}‏ ‏[‏هود‏:‏ 123‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ ‏[‏الفاتحة‏:‏ 5‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عليه تَوَكَّلْتُ وَإليه مَتَابِ‏}‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 30‏]‏ ، وقال شعيب عليه السلام ‏:‏ ‏{‏عليه تَوَكَّلْتُ وَإليه أُنِيبُ‏}‏ ‏[‏هود‏:‏ 88‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عليه تَوَكَّلْتُ وَإليه أُنِيبُ‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏ 10‏]‏ ‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حتى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عليكَ تَوَكَّلْنَا وَإليكَ أَنَبْنَا وَإليكَ الْمَصِيرُ‏}‏ ‏[‏الممتحنة‏:‏ 4‏]‏ ، فليس من فعل شيئًا أمر به وترك ما أمر به من التوكل بأعظم ذنبًا ممن فعل توكلًا أمر به وترك فعل ما أمر به من السبب؛ إذ كلاهما مخل ببعض ما وجب عليه، وهما، مع اشتراكهما في جنس الذنب، فقد يكون هذا أَلْوَم، وقد يكون الآخر، مع أن التوكل في الحقيقة من جملة الأسباب‏.‏
وقد روي أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضي بين رجلين‏.‏ فقال المقضي عليه‏:‏ حسبي الله ونعم الوكيل‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكَيْس، فإن غلبك أمر فقل‏:‏ حسبي الله ونعم الوكيل‏)‏‏.‏
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل‏:‏ لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل‏:‏ قَدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان‏)‏، ففي قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز‏)‏ أمر بالتسبب المأمور به، وهو الحرص على المنافع‏.‏ وأمر معذلك بالتوكل وهو الاستعانة بالله، فمن اكتفي بأحدهما فقد عصي أحد الأمرين، ونهي عن العجز الذي هو ضد الكيس‏.‏ كما قال في الحديث الآخر‏:‏ ‏(‏إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس‏)‏، وكما في الحديث الشامي‏:‏ ‏(‏الكَيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أَتْبَع نفسه هواها وتمني على الله‏)‏، فالعاجز في الحديث مقابل الكيس، ومن قال‏:‏ العاجز هو مقابل البر فقد حرف الحديث ولم يفهم معناه‏.‏ ومنه الحديث‏:‏ ‏(‏كل شيء بقدر حتى العجز والكيس‏)‏‏.‏
ومن ذلك ما روي البخاري في صحيحه عن ابن عباس قال‏:‏كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، يقولون‏:‏ نحن المتوكلون‏.‏ فإذا قدموا سألوا الناس فقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَي‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 197‏]‏ ، فمن فعل ما أمر به من التزود فاستعان به على طاعة الله وأحسن منه إلى من يكون محتاجًا كان مطيعًا لله في هذين الأمرين، بخلاف من ترك ذلك ملتفتًا إلى أزْواد الحجيج، كَلًا على الناس، وإن كان مع هذا قلبه غير ملتفت إلى معين، فهو ملتفت إلى الجملة، لكن إن كان المتزود غير قائم بما يجب عليه من التوكل على الله ومواساة المحتاج، فقد يكون في تركه لما أمر به من جنس هذا التارك للتزود المأمور به‏.‏
وفي هذه النصوص بيان غلط طوائف؛طائفة تضعف أمر السبب المأمور به فتعده نقصًا، أو قدحًا في التوحيد والتوكل، وأن تركه من كمال التوكل والتوحيد، وهم في ذلك ملبوس عليهم، وقد يقترن بالغلط اتباع الهوي في إخلاد النفس إلى البطالة؛ ولهذا تجد عامة هذا الضرب - التاركين لما أمروا به من الأسباب يتعلقون بأسباب دون ذلك، فإما أن يعلقوا قلوبهم بالخلق رغبة ورهبة، وإما أن يتركوا لأجل ما تبتلوا له من الغلو في التوكل واجبات أو مستحبات أنفع لهم من ذلك، كمن يصرف همته في توكله إلى شفاء مرضه بلا دواء أو نيل رزقه بلا سعي فقد يحصل ذلك، لكن كان مباشرة الدواء الخفيف، والسعي اليسير، وصرف تلك الهمة، والتوجه في عمل صالح ، أنفع له، بل قد يكون أوجب عليه من تبتله لهذا الأمر اليسير الذي قدره درهم، أو نحوه‏.‏
وفوق هؤلاء من يجعل التوكل والدعاء أيضًا نقصًا وانقطاعًا عن الخاصة؛ ظنًا أن ملاحظة ما فرغ منه في القدر هو حال الخاصة‏.‏
وقد قال في هذا الحديث‏:‏ ‏(‏كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم‏)‏ وقال‏:‏ ‏(‏فاستكسوني أكسكم‏)‏ وفي الطبراني أو غيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لِيَسْأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى شِسْعُ نعله إذا انقطع، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر‏)‏‏.‏ وهذا قد يلزمه أن يجعل أيضًا استهداء الله وعمله بطاعته من ذلك وقولهم يوجب دفع المأمور به مطلقًا، بل دفع المخلوق والمأمور، وإنما غلطوا من حيث ظنوا أن سبق التقدير يمنع أن يكون بالسبب المأمور به، كمن يتزندق فيترك الأعمال الواجبة، بناء على أن القدر قد سبق بأهل السعادة وأهل الشقاوة، ولم يعلم أن القدر سبق بالأمور على ما هي عليه، فمن قدره الله من أهل السعادة كان مما قدره الله تيسيره لعمل أهل السعادة، ومن قدره من أهل الشقاء كان مما قدره أنه ييسره لعمل أهل الشقاء، كما قد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا السؤال في حديث على بن أبي طالب، وعمران بن حصين، وسراقة بن جُعْشُم، وغيرهم‏.‏
ومنه حديث الترمذي‏:‏ حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي خزامة، عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ يا رسول الله، أرأيت أدوية نتداوي بها، ورقى نسترقي بها، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئًا‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏هي من قدر الله‏)‏‏.‏
وطائفة تظن أن التوكل إنما هو من مقامات الخاصة المتقربين إلى الله بالنوافل، وكذلك قولهم في أعمال القلوب وتوابعها، كالحب والرجاء والخوف والشكر، ونحو ذلك‏.‏ وهذا ضلال مبين، بل جميع هذه الأمور فروض على الأعيان باتفاق أهل الإيمان، ومن تركها بالكليةفهو إما كافر، وإما منافق، لكن الناس هم فيها كما هم في الأعمال الظاهرة؛ فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، ونصوص الكتاب والسنة طَافِحَة بذلك، وليس هؤلاء المعرضون عن هذه الأمور علمًا وعملًا بأقل لوما من التاركين لما أمروا به من أعمال ظاهرة مع تلبسهم ببعض هذه الأعمال، بل استحقاق الذم والعقاب يتوجه إلى من ترك المأمور من الأمور الباطنة والظاهرة، وإن كانت الأمور الباطنة مبتدأ الأمور الظاهرة وأصولها، والأمور الظاهرة كمالها وفروعها التي لا تتم إلا بها‏.‏
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:24 PM.


powered by vbulletin