الرسالة الثانية:
كتابٌ من الشيخ ابن باز إلى الشيخ الألباني يتضمَّنُ تَوَاصِياً حول بعض الأمور في العلم والدعوة.
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرَّم فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني وفقه الله،
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أما بعد؛
فقد وصلني كتابُكُم الكريم الذي بيد الشيخ محمد بن ناصر العبودي ـ وصَلَكُم الله بِهُدَاهُ ـ، وسرَّني كثيراً لإفادَتِه عنْ صِحَّتِكُم، واستِمْرَارِكُم في التَّأليف، والتَّدريس، والدَّعوة إلى الله؛ الحمد لله على ذلك، وأسأله سبحانه أنْ يَزيدَكُم من التوفيق، وأنْ يَمْنَحَكُم النَّشَاطَ المتَوَاصِلَ في كل ما يَنْفَعُ المسلمين؛ إنَّه جواد كريم.
كما سرَّني ـ أيضاً ـ فراغُكُم مِنِ اخْتِصار صحيحِ الإمامِ مُسْلِمِ بْنِ الحجَّاِج ـ رحمه الله ـ، وعزْمُكُم على اختصار صحيح الإمام البخاري مع العناية بالمقصود، وعدَمِ الإخْلالِ بِشَيْءٍ منه، أسألُ اللهَ ـ عزَّ وجلَّ ـ أنْ يُبَلِّغَكُم ما ترْجُون من الخير، وأنْ يُعينَكُم على كل ما فيه صلاحُ المسلمين، ونجاتُهُم في الدنيا والآخرة.
ولا شكَّ أنَّ أهلَ العلم في حاجَةٍ إلى اختصار صحيحِ الإمامِ البخاري، مع العِنَايَةِ بمقاصده، ولكن ذلك يحتاجُ إلى جهود كثيرة، ووقتٍ طويلٍ، فإذا كان ذلك لا يُعَطِّلُكُم عما هو أهمُّ ـ من التَّوْجيه، والتدريس، والدعوة، والتأليفِ في إنْكارِ البِدَعِ والخرافات، وبيانِ الأحاديث الصحيحة والضعيفة ـ؛ فلا مانع من ذلك.
وبِكُلِّ حالٍ، فوَصِيَّتِي لفضيلتكم هي تقوى الله ـ سبحانه ـ في كُلِّ الأُمور، واستخارتُه ـ سبحانه ـ في هذا المشروع الجليل، والمشاورةُ لِمَنْ تَثِقُون بعِلْمِه ونُصْحِه، فإذا انْشَرَح صدْرُكم بذلك؛ فاستعينوا بالله، واعملوا، واللهُ المسْئولُ أنْ يُمِدَّكُم بالسَّداد، والإعانة، والتَّسْهيل، ويجعَلَنا وإيَّاكم، وسائر إخواننا مِنْ دُعَاةِ الهدى، وأنْصَارِ الحقِّ، إنَّه سميع قريب.
وسنبْذُلُ الوُسْعَ ـ إن شاء الله ـ في التوسُّط لدى بعض مُحِبِّي الخير؛ للقيام بطَبْعِ مختصركم لصحيح مسلم، ونفيدُكم بما يَتِمُّ في ذلك إن شاء الله، أما النُّسَخُ الثلاث من أجزاء فتح الباري التاسع والعاشر والحادي عشر، فقد قَبَضْنَاها من الشيخ محمد عبد المحسن الكتبي، وهي تصلُكُم ـ إن شاء الله ـ مع بعض الطلبة.
ومحبُّكُم مستعِدٌ لكُلِّ لازِمٍ وحاجَةٍ في إمْكانِهِ قضاءُها، جعَلَني الله وإيَّاكُم من المُتَحَابِّينَ في جلاله إلى أنْ نلقَاهُ سبحانه، وأرجو إبْلاغَ سلامِي الأبناءَ، وخَوَاصَّ المشايخِ والأخوانِ ـ لاسيَّما الشَّيخَ زُهَيْرًا ـ، كما مِنَّا الأولادُ والمشايخُ والأخوانُ كُلٌّ منهم بخيرٍ وعافية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قد صوَّرْنَا نسخةً من كتاب «السنَّة» لابن أبي عاصم على حساب معالي السيد حسن الشربتلي، وأشرنا عليه بطبْعِ كمِّيَةٍ منه؛ فوافق على ذلك، وحصَّلْنَا على نُسْخَةٍ مَخْطُوطَةٍ من الكتاب المذكور بخطٍّ جيِّدٍ ـ حسْبَ إفَادَةِ مُحِبِّ الجميع الشَّيْخِ حمَّادٍ الأنصاري، فاسْتَعَرْنَاها من صاحبها، ورأَيْنَا إرْسَالَ نُسْخَتَيْنِ إلى فضيلتِكُم؛ للتَّصْحيحِ، والتَّحقيقِ، والتَّعليقِ، بعد الإفادَةِ عن كِمِّيَّةِ المكافأة التي تروْنَها كافيةً لهذا العمل؛ حتَّى نُبَلِّغَ الشَّربتلي بها؛ لأخْذِ مُوَاَفَقِته.
والكتابان سلَّمْنَاهُما للشيخ أمين لطفي يُسَلِّمُهُما لفضيلتكم، ونحن في انتظار الإجابة السريعة منكم في الموضوع، وقد ذَكَرَ لي الشيخُ زهيْرٌ، أنَّه قد عَزَمَ على طبْعِ الكتابِ المذكورِ؛ فأرجو الاتِّصَالَ به، وإخبارَه، والإفادةَ عَنْ رأيِكُمَا في ذلك؛ لأنِّي أخْشَى أنْ يكونَ له رأيٌ خاصٌّ في الموضوع؛ بسبب عزمه على طبع الكتاب.
وأسألُ اللهَ أنْ يوفِّقَ الجميعَ لِمَا يُرْضِيهِ، وصلى الله على نبيِّنا محمد وآله وصحبه وسلم.
29/3/1390هـ .
__________________
من سمع من مبتدع لم ينفعه الله بما سمع و من صافحه فقد نقض الإسلام عروة
سفيان الثوري رحمه الله
|