تعليق على نقل الدكتور عبدالله البخاري فائدة صحيحة عن أبي بكر ابن العربي [مقال ليس للنقد]
فقد اطلعت على تغريدة في تويتر على حساب الدكتور عبدالله بن عبدالرحيم البخاري وفقه الله يقول فيها:
[قلت: قال العلامة ابنُ العربي (لا يَكونُ القلب سليماً إذا كان حسوداً معجباً متكبّراً، وقد شرَطَ النّبيُّ صلى الله عليه وَسَلَّم في الإيمانِ أنْ يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسِه)(أحكام القرآن)(٣/ ٤٥٩).
فاحرصْ أيها المؤمن على سلامة قلبك،أصلح الله قلوبنا، اللهم آمين.]
التعليق:
آمين.
ثم:
أولاً: أبو بكر ابن العربي المالكي المتوفى سنة 543هـ صاحب أحكام القرآن وعارضة الأحوذي والعواصم ؛ أشعري معروف، وإذا ذكر الأشاعرة يقول: "أصحابنا"، وينكر بشدة على أهل السنة أخذهم بظواهر النصوص، رغم أن له من المؤلفات المفيدة في الفقه والحديث ما هو معلوم.
أما محيي الدين بن عربي الطائي المتوفى سنة 638 صاحب الفتوحات المكية، وفصوص الحكم؛ فهو من غلاة المتصوفة، وزنديق من الزنادقة، وملحد من الملاحدة، كما هو معلوم.
ثانياً: النقل عن أهل البدع أو أهل العقائد المخالفة للمنهج السلفي لا يجوز باتفاق العلماء إذا كان في ذلك تأييد لبدعته، أو كان للترويج لمنهجه البدعي.
أما نقل ما وافق فيه الحق فهذا محل خلاف بين العلماء، وأكثر العلماء على جواز النقل عن العالم المعروف بجهده في العلم الشرعي الصحيح، ولكنه وقع في البدع، ولكن يكون فيما وافق الحق، ولا يكون فيه ترويج للبدعة.
ونقل الدكتور عبدالله البخاري عن ابن العربي هذا الموضع من كلامه لكونه وافق الحق، وهذا فعل أكثر العلماء.
وللشيخ عبيد الجابري حفظه الله تفصيل ماتع في هذه القضية، يرجع إليه.
وهذا لا يتنافى مع ذم أهل البدع، وهجرانهم، والتحذير منهم، فهذه قضية خاصة. والله أعلم.
ثالثاً: بعض الإخوة ينقلون فوائد علمية صحيحة عن ابن الجوزي وابن حزم وغيرهما ممن يلتقون مع ابن العربي في المعتقد المخالف لعقيدة السلف، فتجد بعض الشباب يتركون الفائدة ويتهجمون على الناقل بذكر ما عليه ابن حزم أو ابن الجوزي من مخالفة لعقيدة السلف، فيضطر الناقل إلى إعلان توبته من هذا النقل، وهذا شيء لاحظته في مجموعات الواتساب.
وهذا الذي دعاني لكتابة هذا المقال.
رابعاً: ذكر المبتدع بما فيه من العلم كـ"العالم، العلامة، الحافظ، الجهبذ" ونحوها من العبارات ليس فيها تزكية لبدعته أو مخالفاته، وإنما بيان ما هو عليه من حال علمي.
ونبينا صلى الله عليه وسلم كاتب هرقل النصراني بقوله: "عظيم الروم". متفق عليه.
خامساً: الحسد داء قتّال فتاك، وغالباً ما يكون صاحبه مغرورا متكبرا، فالحرص على تطهير المؤمن قلبه من هذه الأدواء حقيقة أمر مهم للصلاح والإصلاح وإنهاء الفرقة والاختلاف بين أهل السنة.
سادساً: قول ابن العربي "وقد شرَطَ النّبيُّ صلى الله عليه وَسَلَّم في الإيمانِ أنْ يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسِه"، هذا الشرط ظاهره أنه شرط كمال واجب في الإيمان، لكن بعض صور الحب لأخيك يكون شرط صحة وهو أن تحب لأخيك الثبات على الإيمان، فلو أحبّ لأخيه المسلم أن يكون يهوديا أو نصرانيا، فهذا حب للكفر وهو كفر أكبر، فيكون هذا شرط صحة في الإيمان، لأنه متضمن كراهية الكفر وبغضه..
وهذا المقال لا يراد من التنقص، ولا الطعن، ولا النقد، وإنما للفائدة.
والله أعلم
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
4/ 4/ 1439 هـ