قَصِيْدَةُ عِزَّةِ العُلَمَاءِ للجرجاني
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1- يَقُولونَ لِيْ فِيْكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّما ... رَأَوا رَجلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا
2- أَرَى النَّاسَ مَن دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهمْ ... وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا
3- وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ العِلْمِ إِنْ كنت كُلَّمَا ... بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِيَ سُلَّمَا
4- وما زلتُ مُنحازًا بعرضي جانبا ... عن الذل أعتَدُّ الصيانةَ مَغنَما
5- إذا قِيلَ: هذا مَنْهَلٌ قُلْتُ قَدْ أَرَى ... وَلكِنَّ نَفْسَ الحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَا
6- أنزهها عن بعض ما لا يشينها ... مخافةَ أقوالِ العِدا فيمَ أو لما؟
7- فأُصبحُ عن عيْب اللئيم مُسَلَّما ... وقد رحتُ في نفسِ الكريم معظَّما
8- وإنِّي إذا ما فاتني الأمرُ لمْ أبِتْ ... أقلب كفِّي إثره متندما
9- ولكنه إنْ جاء عَفْوا قبلته ... وإن مال لم أتبعه هلَّا وليتما
10- وأقبض خَطوْي عن حظوظٍ كثيرةٍ ... إذا لم أنلها وافرَ العِرض مُكْرَما
11- وأُكرِم نفسيَ أن أُضاحِك عابسًا ... وأن أَتلقَّى بالمديح مُذَمَّما
12- وكم طالبٍ رقِّي بنُعْماه لم يصل ... إليه وإن كان الرئيسَ المعَظِّما
13- وكم نعمةٍ كانت على الحُر نقمةً ... وكم مغنمٍ يعتَدُّه الحرُّ مَغرما
14- ولم أبتذِل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدِم من لاقيت لكن لأُخْدَما
15- أأشقى به غَرْسًا وأجنيه ذِلةً ... إذا فاتباعُ الجهلِ قد كان أحزَما
16- وإني لراضٍ عن فتًى متعففٍ ... يروح ويغدو ليس يملك درهمًا
17- يبيتُ يراعِي النجمَ من سوءِ حالِه ... ويصبحُ طَلْقا ضاحكا متبسما
18- ولا يسأل المُثْرين ما بأكفِّهم ... ولو ماتَ جُوعا عِفَّةً وتكرُّما
19- فإن قلت: "زَندُ العِلمِ كابٍ"،فإنما ... كبا حين لم نَحرُسْ حِماهُ وأظلَما
20- ولو أنّ أهلَ العلمِ صانوه صانهم ... ولو عظَّموه في النفوسِ لعظما
21- ولكن أهانوهُ فهانوا ودنَّسوا ... مُحَيَّاهُ بالأطماع حتى تجَهَّما
22- وما كل برقٍ لاحَ لي يستفِزني ... ولا كل مَن لاقَيتُ أرضاه مُنعِما
23- ولكن إذا ما اضطرني الضُّر لم أبت ... أقلبُ فكري مُنْجِدًا ثم مُتْهِما
24- إلى أن أرى ما لا أَغَصُّ بذِكْره ... إذا قلتُُ قد أسْدى إليَّ وأنعَما
|