الرد على أيمن عبد الحميد في دفاعه بالباطل عن الحلبي ابن عبدالحميد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد اطلعت على مقال لشخص من تنظيم «أنصار السنة المحمدية-فرع أبي زيد محمد حمزة» يدافع فيه بعصبية عن الحلبي، ويحاول التلبيس على الناس بتخفيف مخالفات الحلبي ورزاياه، والتستر على بدعه وضلالاته وبلاياه، وبسط لسانه بالقدح في السلفيين، وسلك مسلك أهل البدع في التضليل والتمويه.
وهذا الكاتب تابع لتنظيم أنصار السنة-فرع محمد حمزة وهو تنظيم يسير على منهج جمعية إحياء التراث القطبية، ويحتفي بالقطبيين، بل ونشروا خبر زيارة رئيسهم ووفده إلى رأس من رؤوس الإخوان المفسدين لشكره على جهوده في محاربة الرافضة!! واقتراح مقترحات لذلك، دون أدنى بيان لضلال ذلك الرأس الإخواني، ودون تنبيه على موالاة التنظيم الإخواني للرافضة، وأنهم من أعظم أسباب انتشارهم في السودان.
فلو حصل من التنظيم الإخواني ما يتبادر إلى الرائي أو السامع محاربتهم للرافضة فهي ترتيبات سياسية، تتغير سريعاً، مع ما بينهم وبين الرافضة في الباطن من شديد التآزر والتعاون.
وقد ذكر أيمن عبدالحميد في دفاعه الجائر عن الحلبي شبهات عديدة قد تلتبس على بعض من لا يعرف حقيقة الحلبي، ولا حقيقة حزب أنصار السنة المحمدية-فرع محمد حمزة.
وسأبين ذلك بشيء من الاختصار والإيجاز، راجياً من الله التوفيق والسداد.
1- ذكر أيمن عبدالحميد أنه لم يجد من الحلبي إلا قال الله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ووجده بحراً، وأنه كبير، ومصنف نحرير، وصاحب راية بيضاء، وأنه يتكلم بثقة، وأنه يتكلم بالعلم، والاطلاع الكبير، والأدب الجميل، ولم ير منه دعوة لباطل أو تقرير لرأي عاطل، وأنه ما سمعه يميع أو يضيع، بل بالعلم يأمر وللسنة يؤيد، وأنه سمع أبوابا في الأدب، وعلوم القران، وأحكام الهجر، وأصول النصح وغير ذلك فما خرج شبرا عن العلم والنهج.
التعليق:
أولاً: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف»، وتآلف أرواح تنظيم حزب أنصار السنة مع الحلبي لاتفاقهم في المنهج التمييعي الباطل الذي هو نتاج التربية القطبية الإخوانية، فكلكم يغترف منها، ولذلك تواطأتم على الباطل.
ثانياً:زعمه أنه لم يجد عند الحلبي ما يخالف الحق أثناء دورته في السودان فهو يعني أحد أمرين:
الأمر الأول:أن أيمن عبدالحميد لا يعرف منهج السلف، ولذلك لا يميز الخطأ من الصواب في القضايا التي لا ينفك الحلبي عن تكريرها والتلبيس بها، حتى في تغريدته التي سبقت زيارته للسودان بقليل، بل وتغريداته التي غردها وهو في السودان، ومقالاته في موقعه الشخصي، وكذلك في موقع «كل الخلفيين» الذي يشرف عليه الحلبي ففي كلامه باطل كثير، وبدع شتى.
الأمر الثاني: أن أيمن عبدالحميد يعرف تلك المؤاخذات والانتقادات، ولكنه يوافق الحلبي عليها، ولذلك هو لا يراها أخطاء، ولا يعترف بأنها مخالفة لمنهج السلف لاتفاقهم في البدعة والهوى.
ثالثاً: إن من أبرز أخطاء الحلبي في زيارته للسودان أنه نزل عند جماعة أنصار السنة المحمدية-فرع محمد حمزة مع كونها جماعة بدعية، تسير على منهج القطبية، وهذا نوع من أنواع التمييع التي عند الحلبي، والتضييع منه للمنهج السلفي.
رابعاً: إن الحلبي يقرر قواعد باطلة انتقدها عليه علماء السنة، ويدسها في شروحاته ومحاضراته، وقد رد علماء السنة على تلك القواعد، وبينوا أباطيلها، ومع ذلك لا ترفعون بكلام أهل السنة رأساً، وتتعصبون للحلبي، وتروجون لبدعه وانحرافاته.
وقد اشتمل مقال أيمن عبدالحميد هذا على جملة وافرة من أباطيل الحلبي ودسائسه.
وأثناء كشف تلبيسات أيمن عبدالحميد سيتبين لكل منصف بإذن الله مدى التلبيس الذي قام به هذا المتعصب في نقده المتعسف، ودفاعه المستميت عن الحلبي المتفلسف.
أما كونه بحرا فلا والله ما هو ببحر علمٍ، ولكنه بحر تلبيسات وظلم، وأخذ من البحر ملوحته، ومن اضطراب أمواجه هيجاناً وعتواً، ومن ظلمته سوادا في الوجه وارْبِدَاداً.
والمطلوب من الحلبي: أن يفهم الكتاب والسنة على منهج السلف، وأن يطبق ذلك، وأن يترك البدع التي وقع فيها، وينخلع من منهجه الذي بدعه لأجله العلماء، هذا إن كان يخاف الله ويتقيه.
2- وصف أيمن عبد الحميد الشباب السلفيين الذين انتقدوا زيارة الحلبي، وحذروا منه تبعاً لعلماء السنة الذين كشفوا بلايا الحلبي بأنهم يتكلمون بغير علم، وأنهم «خيلوا لبعض صغار العقول، وضعاف العلوم، أنه لا أخطر على الدعوة من الحلبي، وقد رأيت بعض كلماتهم وعباراتهم فإذا هي شديدة البذاءة بادية السفاهة ما رأيتها منهم في أهل البدع الصرحاء» ووصفهم بالتقليد والعصبية، وخفة العقل والازدواجية، قال: «ما رأيت مثلها إلا في الصوفية»، «إن كانوا طلاب حق يرجون الله والدار الآخرة»، ووصف من رد على الحلبي في السودان بأنهم «مجاريح ولو شئت لسميت المجروح وجارحه لكن ليس هكذا تعلمنا».
التعليق:
ما هذا الأدب الجَمُّ الذي علَّمَكَهُ الحلبي؟!!
تصف السلفيين الذين يحذرون من الحلبي أو يبدعونه بالتقليد والعصبية، وأنهم تكلموا بكلام بذيء وسفيه لم تره في أهل البدع الصرحاء، وتصفهم بأوصاف السوء وتشبههم بالصوفية وتشكك في مقاصدهم، ثم تدعي الأدب، وأنك ما هكذا تعلمت!!
فهذه طريقة الحلبي وأتباعه في قلب الحقائق، وتَصَنُّعِ الأَدَبِ، مع لسان شديد الذَّرَبِ، قليل الأدب، يعود على صاحبه بشديد العطب.
وقد قلتُ في «التعليقات السلفية على التشغيبات الحلبية في زيارته للبلاد السودانية» راداً على الحلبي : « فتجريدك من يخالفك ويحذر منك ويبدعك من العقل والصدق؛ لهو بلاء عظيم ابتلي به غلاة هذا المنهج المسخ الذي يسير عليه الحلبي وأتباعه.
فكثير من العقلاء، والصادقين لم يروا من السلفيين الذين يبدعون الحلبي ويحذرون منه ما يوجب بطلان مسلكهم، ولا فساد منهجهم، بل يزكونهم، ويثنون عليهم.
وعلى رأس هؤلاء العلماء الذين يبدعون الحلبي أو يحذرون منه: الشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالله بن غديان، والشيخ زيد المدخلي، والشيخ أحمد النجمي، وغيرهم.
فهل هؤلاء أهل باطل وفساد منهج؟!
وهل من يوافقهم على حكمهم فيك يكون من أهل الباطل وفساد المنهج؟!
وقد ذكرت لك أسماء علماء ماتوا، وأضفت إليهم من الأحياء الشيخ صالح بن فوزان الفوزان فقط.
وإلا فأنت تعرف من يحذر منك ويبدعك من علماء السنة، ولم أذكرهم حتى تعرف أن القضية ليست خاصة بالشيخ ربيع المدخلي حفظه الله كما تريد أن توهم الناس بذلك.
فمن يستجيب للعلماء ويحذر منك أو يبدعك تبعاً لهم يكون مبطلاً فاسد المنهج؟ مع أن الدليل معه! {ساء ما يحكمون}» انتهى.
واتهامك -يا أيمن- للسلفيين الذين يحذرون من الحلبي بأنهم مجاريح فهذا نوع جديد من التلبيس، وذلك أن التحذير من الحلبي لم ينشأ في السودان ولا منه، ولا ممن تصفهم بالمجاريح، بل صدر من أئمة كبار، سبق ذكر بعضهم، وأولئك المحذرون من الحلبي متبعون لأولئك العلماء، آخذون بأدلتهم وحججهم الواضحة والبينة، فلا يضرهم بعد ذلك ما تزعمه من كونهم مجاريح أو غير مجاريح.
فهل إذا جاءك شخص مجروح يحذر من الصوفية أو الرافضة بطلت الحجة على الصوفية يا أيمن عبدالحميد؟! وأنت تزعم ترك التقليد!!
والمطلوب من الحلبي وأيمن عبدالحميد: التأدب بآداب الكتاب والسنة، وترك الهمز واللمز والطعن الصريح والمبطن بالسلفيين، وأن يتوبا إلى الله من المنهج البدعي الذي يسلكانه، وحَمَلَهُما على الثناء على بعض القطبيين ورؤوس المبتدعة.
3- قال أيمن عبدالحميد: «قالوا: يقول بوحدة الأديان !!
فسمعناه يقول : هذا من الزور والفجور وأبرأ الى الله من هذا القول الكفري!
أما رسالة عمان فليس فيها قول بوحدة الأديان وقد وقع عليها العلامة وزراء الأوقاف الذين منهم الوزير صالح آال الشيخ وكذلك وقع غيره من العلماء، فلم الحلبي فقط !
ثم الثناء على شيء لا يلزم منه إلتزام كل ما فيه ولازم القول ليس بلازم! كيف وقد نفاه ودفعه وأباه!!».
التعليق:
أولاً: إن ما ذكره أيمن عبدالحميد عن الحلبي دائر بين الكذب والجهل والتلبيس.
فنسبته تأييد رسالة عمان للشيخ صالح آل الشيخ كذب ظاهر، وهذا الكذب من الحلبي مقصود، ولا يعرف عن الشيخ صالح آل الشيخ تأييده لرسالة عمان مطلقاً.
وكون المجلس الأعلى لوزراء الأوقاف يؤيد الرسالة فهذا لا يلزم منه بالضرورة موافقة جميع أعضاء المجلس، وهذا معلوم، لكن الحلبي كالغريق يتعلق بقشة، بل يتخيل وجود هذه القشَّة، والتي أسأل الله أن تكون قاصمة لظهره.
وحتى لو أيدها الشيخ صالح آل الشيخ فهذا لا يجعلها رسالة صالحة، ولا يجوز الاستناد إلى أخطاء العلماء لتبرير ارتكاب الخطأ، وهذه حقيقة بأن تسمى «متلازمة الحلبي»، فهو يهتم بأخطاء العلماء ليتترس بها عند الإنكار عليه، وهذا جهل عظيم، ومخالف لمنهج السلف.
ثانياً: تبرئة الحلبي -وأيمن عبدالحميد تبعاً له- رسالة عمان من القول بوحدة الأديان، هذا من الكبر الذي استمرأه الحلبي، وما زال يلوكه ويخدع الناس به.
جاء في رسالة عمان عدة مواضع تدل على وحدة الأديان وتساوي أصحابها في الحقوق والواجبات!
ورد في رسالة عمان: «هذا بيان للناس؛ لإخوتنا في ديار الإسلام وفي أرجاء العالم».
هنا وصفت تلك الرسالة أتباع الأديان كلهم بأنهم إخوتنا! وهذه من دعايات الماسونية «الأخوة الإنسانية». فأين تَمَيُّز أهل الإسلام؟!
وجاء في رسالة عمان: «هذه الرسالة السمحة التي أوحى بها الباري جلَّت قدرته للنبي الأمين محمد صلوات الله وسلامه عليه، وحملها خلفاؤه وآل بيته من بعده: عنوان أخوة إنسانية، ودينًا يستوعب النشاط الإنساني كله، ويصدع بالحق، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويكرم الإنسان، ويقبل الآخر».
هل ديننا يستوعب كل النشاط الإنساني حتى عبادة الأصنام والأوثان وعبادة عيسى وعزير، وعبادة الشمس والكواكب والبقر؟!
وهل ديننا يقبل الآخر هكذا مطلقاً، ويكرم الإنسان المشرك؟! {ومن يهن الله فما له من مكرم}.
وجاء في تلك الرسالة: «بشَّر بمبادئ وقيم سامية تحقق خير الإنسانية، قوامها وحدة الجنس البشري، وأنَّ الناس متساوون في الحقوق والواجبات».
وهذا الكلام صريح في وحدة الأديان، إذ جعل أهلها متساوين في «الحقوق»، و«الواجبات»، وهذا إبطال لتميز الإسلام وأهله، وجعل لجميع الأديان متساوية في منزلة واحدة في الحقوق والواجبات!
وجاء فيها: «هي مبادئ تؤلف بمجموعها قواسم مشتركة بين أتباع الديانات وفئات البشر؛ ذلك أنَّ أصل الديانات الإلهية واحد، والمسلم يؤمن بجميع الرسل، ولا يفرق بين أحد منهم، وإنَّ إنكار رسالة أي واحد منهم خروج عن الإسلام، مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى على صعد مشتركة، في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميّز العقدي والاستقلال الفكري».
وجاء فيها: «وكرّم الإسلام الإنسان دون النظر إلى لونه أو جنسه أو دينه».
فتأمل قولهم: «أصل الديانات الإلهية واحد» مع قولهم: «مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى على صعد مشتركة»
فـ(إذا ضممت هذا إلى ذلك ظهر لك جلياً أنهم يقولون بوحدة الأديان، وأن قصدهم بالديانات الإلهية الإسلام واليهودية المحرفة والنصرانية المحرفة وغيرها من الأديان، ولا يجادل في هذا إلا مكابر تجاوز أقصى حدود المكابرات والسفسطات.
وقولهم: «دون مساس بالتميز العقدي والاستغلال الفكري» اعتراف واضح بحرية التدين ومساواة الأديان ودعوة صارخة إلى ذلك) . انتهى كلام الشيخ ربيع حفظه الله. وسيأتي مزيد.
ثالثاً: زعم أيمن عبدالحميد متابعاً للحلبي: أنه حتى لو اشتملت رسالة عمان على وحدة الأديان فلا يلزم موافقة الحلبي على رسالة عمان أن يكون قائلاً بجميع ما تضمنته الرسالة!!
وهذه شبهة يكررها الحلبي وأتباعه، وهي داحضة من وجوه:
الوجه الأول: أن الأصل فيمن يثني على كتاب أو رسالة أو مقال ثناءا عاماً أن يكون موافقاً لجميع ما فيه، إلا فيما يكون من مسائل الاجتهاد، أو يكون من باب الأخطاء المطبعية التي قد لا يسلم منها كتاب مطبوع.
لكن لو أثنى على أصل موضوع الكتاب دون تفاصيله، أو صرح بقراءة بعض الكتاب دون بقيته وأثنى ثناء مجملاً ثقة بصاحب الكتاب، وكونه لم يطلع على ما يوجب التنبيه فهذا لا يُلْزَم بالموافقة على جميع ما في الكتاب.
لكن هل الحلبي من النوع الأول أو الثاني؟
الحلبي من الذين وافقوا على الرسالة بكمالها، ووصفها بأنها السباقة في شرح رسالة الإسلام الحق الوسطية.. ونفى عنها القول بوحدة الأديان، ورد على من ينتقدها ويطعن فيها، وأحيانا يزعم أن فيها مواضع مجملة، وأحيانا يزعم أن فيها أخطاء، ثم يعاود وينفي ذلك عنها، فهو مضطرب متلون، ومبتدع متهوّك.
فتبين أن الحلبي يثني على الرسالة بجميع تفاصيلها، وما أُخِذَ عليها لا يقدح فيها، فهو مبرئ لها من القوادح المبطلة، فهذه تزكية أيضاً لتلك الرسالة، وتأييد لها كلها.
الوجه الثاني: أن الحلبي صرَّح بتأييده لرسالة عمان، وانتقد من يطعن فيها، ويلهج بالثناء على تلك الرسالة، ويزكي شرح عمر البطوش لها، وقد اشتمل مدح البطوش على أوابد ومصائب، وزعم أن العلماء تلقوها بالقبول والرضا! وهذا كذب محض، فكثير من العلماء انتقدوها، وبينوا ضلالها ومنهم الشيخ ربيع والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالمحسن العباد.
الوجه الثالث: أن محرر الرسالة والمشرف عليها صوفي معروف بتأييده للصوفية، وعقيدة وحدة الوجود، وقد اجتهد في تلخيص الرسالة، وتطبيقها عملياً، ومن ذلك عقد مؤتمر يتعلق بالمذاهب أدرجوا في تلك المذاهب: الرافضة، والزيدية والإباضية، وسيأتي توصية ذلك المؤتمر.
قال ذلك المشرف على رسالة عمان: «إنّ ما يجمع بين المذاهب أكثر بكثير ممّا بينها من الاختلاف؛ فأصحاب المذاهب الثمانية متفقون على المبادئ الأساسيّة للإسلام!، فكلّهم يؤمنون بالله واحدًا أحدًا، وبأنّ القرآن الكريم كلام الله المنزَّل المحفوظ من الله سبحانه والمصون عن التحريف، وبسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام نبي نبيًا ورسولًا للبشرية كافّة. وكلهم متفقون على أركان الإسلام الخمسة: الشهادتين، والصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت، وعلى أركان الإيمان: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشرّه. واختلاف العلماء من أتباع المذاهبه اختلاف في الفروع، وليس في بعض الأصول، وهو رحمة».
وعقد عام 2008م ملتقى وطنياً أردنياً لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم جاء في بيانه: «فإننا نهيب بالعقلاء والمثقفين المعتدلين والمستنيرين في تلك المجتمعات بصورة خاصة والمجتمعات الغربية بصورة عامة أن يرفعوا أصواتهم ويوظفوا مواقعهم وأدوارهم للقيام بمسؤولياتهم الأخلاقية والحضارية في ردع تلك الفئة المتطرفة والوقوف في وجهها من جهة، وللتعريف من جهة أخرى بالروح النقية الحقيقية للإسلام ومبادئه وأخلاقه؛ تلك الروح التي تقوم على الرحمة والأخوة الإنسانية، وإعلاء مبدأ السلام بين الأديان والشعوب والمجتمعات».
إلى قولهم: «إنّ القيام بإعادة نشر الرسوم المسيئة ليذكّر مرة أخرى بأهمية رسالة عمان التي صدرت قبل أعوام قليلة برعاية كريمة من جلالة الملك عبد الله الثاني، وتمّت ترجمتها إلى اللغات العالمية، إذ تؤكّد الرسالة على منهج الوسطية والاعتدال الذي يمثل روح الإسلام، وعلى أهمية الانفتاح والحوار بين الأمم والشعوب، وعلى نبذ التطرف والتعصب الديني بأي صورة ومن أي جهة صدر، وتدعو إلى التسامح والتعايش السلمي، واستيعاب الآخر، واحترام معتقداته الأساسية».
وجاء فيه: «واحترام التعدديات الدينية والعرقية والثقافية أحد أبرز أعمدته الحقيقية».
فهذه الرسالة دعوة للديمقراطية بمعناها الصريح في حرية التدين، وحرية الكفر والشرك بالله.
وكان الحلبي من الموقعين على البيان الختامي للمؤتمر، والذي سبق ذكر بعض ما جاء فيه!
الوجه الرابع: أن الحلبي استمرأ قضية التعددية الدينية، وحرية التدين، والدعوة لاحترام الآخر، إذا كانت هذه الدعوة ضمن مؤتمرات ولقاءات رسمية أو في بعض المحافل الدولية إذا دعي إليها، فإنه يسرع بالإجابة، والتوقيع والنصرة والتأييد، فهو مثال لعلماء السوء إن صح كونه عالما!
كاجتماع دكار، والمؤتمر الوطني عام 2008، ثم تأييده لرسالة موجهة لأبي بكر البغدادي «على مع ما في تلك الرسالة من دعوة لحرية الأديان، وقصر الجهاد على جهاد الدفع، وتحريم وتجريم هدم القباب التي على قبور الأنبياء والصحابة! ووصف بعض علماء السلفية بالغلو في التكفير، وقصر التكفير على من يصرح بأنه كافر! وزعمهم أنه لا يتصور وقوع الشرك في جزيرة العرب! وغمزهم كتبَ الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وغير ذلك من مخالفات للشرع في تلك الرسالة» انتهى من مقالي «التعقبات السلفية»، ولعلي أفرد لنقضها بحثاً خاصاً.
فليس توقيعه على رسالة عمان توقيعاً عابراً، أو مجرد تمرير لها، وإنما هو تأييد كامل لها ولمضامينها ومحاورها، والذي من أعظم تلك المحاور الدعوة لحرية العبادة، والتعددية، واحترام الكفار كاحترام المسلمين، والتساوي بين البشر –مسلمهم وكافرهم-في الحقوق والواجبات.
ومن عجائب الحلبي أنه ينكر هذه التعددية في مناسبات أخرى، ويجرم ويحرم وحدة الأديان والمذاهب، ويكفِّر تلك العقيدة، وهو نفسه يطبق تأييدها عملياً، وينكر على من ينكر عليه تأييده لتلك الرسائل المشتملة على تلك العقيدة، وهذا من أعظم التناقض والخذلان.
والأعجب من ذلك أنه رغم وقوعه في تلك البلية العظيمة، والتناقض الفاحش لا يدرك حقيقة حاله، ويتبرأ من ذلك الحال الفاسد براءةَ الذئب من دم ابن يعقوب عليهما السلام، وكأنه مصاب بانفصام في الشخصية، أو مسحور فهو كشيطان ناطق، أو أن واقعه وحقيقته أنه مصاب بداء الكلب والسُّعار، فلا مفصل ولا عرقاً إلا وقد تخلله الهوى، فلم يعد يعرف ما وقع فيه من البلاء العظيم، واختبط واختلطت عليه الأمور، فيصدق عليه قول الله تعالى: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104].
وقوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8].
فيا أيمن عبدالحميد: { أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ } [محمد: 14]؟!
رابعاً: لازم القول ليس بمذهبٍ، ولكن لابد من بيان هذا اللازم، وتحذير قائل القول منه، فإن التزمه نسب إليه مذهباً، وإن لم يلتزمه جاز الإنكار عليه به، والتشنيع على قوله الباطل بلازمه المؤكد لبطلانه.
فالثناء على رسالة عمان، وتنوع ذلك، والقدح فيمن يطعن فيها بالأدلة والبينات يلزم منه أن الحلبي يعتقد بما في تلك الرسالة من تأييد وحدة الأديان، والتعددية الفكرية، وحرية التدين، ومعلوم أن الحلبي يرفض هذا الالتزام مع كونه وقَّع صراحة على محضر أو محاضر تضمنت هذا اللازم صراحة، فلشدة جهله وتصريحه بتكفير عقيدة وحدة الأديان وتصريحة بتبرئه منها نمتنع من الحكم بكفره، مع نكيرنا الشديد عليه في ذلك، وبيان حاله وأوحاله في هذه القضية.
والمطلوب من الحلبي: التوبة إلى الله من توقيعه على رسالة عمان، والرسالة الموجهة لأبي بكر البغدادي، ومن توقيعه على المؤتمرات المؤيدة للباطل ومن ذلك وحدة الأديان أو وحدة المذاهب، وأن يصرح تصريحاً واضحاً باشتمال تلك الرسائل على عقيدة وحدة الأديان الباطلة، وأن يتوب مما ارتكبه من إجرام في حق الإسلام وأهله بسبب ثنائه على تلك الرسائل، وخداع الناس بها.
4- قال أيمن عبدالحميد: «قالوا : يقول الجرح لا يقبل إلا إذا كان مجمعاً عليه !!
قال : هذا من الكذب الأصلع ولا يقوله أجهل طالب عالم !
وإنما قلت: قول زيد ليس مقدما على قول عمرو إذا اختلفوا
وتبقى الحجة في النهاية للذي ترجح !
* والالزام لا يكون عند الخلاف بل لا يكون إلا عند الإجماع لأنه بداهة قول فلان ليس بأولى من فلان والعبرة بالحجة وقد يختلف الناس في الترجيح!».
التعليق:
خلص أيمن عبدالحميد من هذا الكلام المتناقض أن الحلبي بريء من تهمة عدم قبول الجرح إلا بالإجماع، مع أن هذا الكلام يتضمن إقرار الحلبي واعتقاده بما يدعي أنه كذب وافتراء عليه، وذلك لشدة جهله وغبائه وضلاله.
فهو يدعي قبول الجرح بدون شرط الإجماع، ثم يدعي رفض قبول الإلزام به إلا بالإجماع!
فإذا لم يكن إلزام به فكيف يكون مقبولاً؟!
ولا يصح قول الحلبي في دعواه عدم اشتراط الإجماع في قبول الجرح إلا على قوله بالديمقراطية التي تعني حرية الرأي والتعددية!
فيزعم أن الجرح يقبله المحدّث إذا كان مفسراً بدون شرط الإجماع، ويجوز لغيره أن يرفضه ولا يقبله ما دام أنه ليس إجماعاً، من باب حرية الرأي!!
وعليه لا يصح له-وقد قَبِلَ الجرحَ- أن يُلْزِمَ من لم يقبله بقبوله لكونه ليس إجماعاً!
فنسأل الحلبي وأعوانه: إذا كنت تزعم قبول الجرح المفسر بدون إجماع فكيف سوَّغت لغيرك رد هذا الجرح المفسر؟!
فهل قبول الجرح المفسر بشرطه-غير شرط الإجماع- واجب أم مباح؟!
فإن قلت بوجوب قبوله بدون شرط الإجماع لم يكن لاشتراطك الإجماع للإلزام به وجهٌ، لأن تارك الواجب عمدا مؤاخذ ومذموم.
وإن قلت بإباحة قبوله كنت ديمقراطياً في هذه المسألة، وخالفت إجماع علماء الجرح والتعديل القائلين بوجوب الأخذ بالجرح المفسر إذا اسْتُوفِيَت شروطُ قبوله، وليس منها اشتراط الإجماع.
فالنزاع معك أولاً: في إباحتك ترك الجرح المفسر-الذي لا مانع صحيحا من قبوله- إذا لم يكن مجمعاً عليه.
وثانياً: منعك من إلزام هذا الرافض للجرح، لكونه ليس إجماعاً.
وعليه: لو أن الحلبي رفض الجرح المفسر بدون حجة صحيحة، لما كان مخطئاً في مذهبه الباطل، لكونه ليس مجمعاً عليه، وعليه لا يجوز أن نلزمه بقبول الجرح!
مثال: محمد بن حميد الرازي متروك أو ضعيف على خلاف بين العلماء في دركة ضعفه، لكن لا إجماع على ضعفه فمن العلماء من وثقه ومنهم الإمام أحمد، فلو جاء شخص وصحح سنداً فيه محمد بن حميد الرازي ولم يقبل الجرح فهل نلزمه بقبول الجرح المفسر أم لا؟
على مذهب الحلبي: لا، فهو يزعم قبول الجرح المفسر، ومع ذلك يمنع الإلزام بقبوله ما دام أن المجروح اختلف فيه!! مما يؤكد أنه يقول بإباحة قبول الجرح المفسر لا بوجوبه كما عليه أهل العلم.
وسبب ضلال الحلبي في هذه المسألة خلطه بين الاختلاف الاجتهادي السائغ، وبين الاختلاف الذي يُخَطَّأ فيه أحد القولين، ولابد من لزوم الحق في ذلك، لذلك أنكر العلماء عبارة «لا إنكار في مسائل الخلاف»، وقيدوا تصويبها بـ«مسائل الاجتهاد» على تفصيل في ذلك.
فإذا كان الراوي مختلفاً فيه بما يسوغ فيه الاجتهاد كالكلام في حال ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، ونحو ذلك، وبين من لا يسوغ الاجتهاد فيه كمن ثبت تفسير جرحه ثبوتاً ظاهراً، ولا مجال لقبول القول المخالف حسب الحجة والدليل، كحال محمد بن عمر الواقدي، وإبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، ومحمد بن حميد الرازي، وسليمان بن داود الشاذكوني.
فمن خالفنا -ممن يجوز له المخالفة- في حال ابن لهيعة وأضرابه ممن اختلف العلماء فيهم اختلافا اجتهاديا لم ننكر عليه.
وأما من خالفنا فذهب يوثق أولئك المتروكين فننكر عليه بشدة، ونلزمه بقبول جرحهم، ولا نعذره في توثيقهم بعد تبيين الحق له.
ولابد من التفريق بين من اطلع على هذا الجرح وتفاصيله، وبين من خفي عليه ذلك، فمن خفي عليه ننكر عليه، ونعذره فلا نضلله، ومن عرف وعلم الحجة في جرحه الظاهر الواضح ومع ذلك أبى إلا تعديله فهذا ينكر عليه، ويضلل، لأنه صاحب هوى كما هو حال الكوثري ومحمود سعيد ممدوح وحسن السقاف والغماري، ممن يضعفون أو يعدلون بالتشهي، وحسب ما عندهم من بدع وأهواء، لا تجرداً وإنصافاً.
ومن أسباب التباس الأمر عند كثير ممن يستغربون مؤاخذة الحلبي في هذه المسألة هو تلبيس الحلبي وتلاعبه في ماهية القبول للجرح المفسر، فهو يجعله مباحا أو جائزاً ولا يجعله واجباً إلا بشرط الإجماع، إذا لو زعم أنه واجب لكان تاركه عمداً مؤاخذا ومذموماً.
والمطلوب من الحلبي: التوبة إلى الله مما قرره من باطل يتضمن تقييد وجوب قبول الجرح المفسر بالإجماع، وأن يتعلم منهج السلف في هذه القضية، ويطبقه.
5- وقال أيمن عبدالحميد: «قالوا : يرد الجرح المفسر !!
قال: الجرح المفسر منه المقبول ومنه المردود وهذا من أبجديات علم الجرح والتعديل، ثم ما طلب التفسير إلا لينظر فيه هل هو مقبول أو لا !!
ومن هنا عاب شيخنا الألباني تسمية الجرح المفسر وإنما يقال القادح !!!».
التعليق
أولاً: سبق أن بيَّنتُ أن الحلبي يرد الجرح المفسر إذا لم يكن موضع إجماع، أو يسوِّغ رده، ولا يجيز الإلزام بقبوله لكل أحدٍ ما دام أنه مختلف فيه، بغض النظر عن قيمة هذا الخلاف، وهذا هو الذي اشتد نكير العلماء فيه، وبينوا بطلانه وفساده.
فظهر أن الحلبي فتح باباً لرد الجرح المفسر بدعوى الخلاف، وعدم الإجماع، فجعل وجود الخلاف مسوغاً لإبطال الحق الثابت بالدليل، وهذه بدعة حلبية طالما كررها الحلبي، وعمل بها.
فلا يستدل بالخلاف على إبطال الحق، ولا يستدل بخطأ المخطئ لإبطال الحق الثابت بالدليل وإن لم يقع الإجماع.
مثال فقهي: اختلف العلماء في نكاح المتعة، ووجد في صدر الأمة من لم يتبين له أنه منسوخ، ووجد في الأمة من فقهاء أتباع التابعين من أفتى به كابن جريج، فهي مسألة ليست إجماعية، ومع ذلك لا يجوز الاحتجاج بالخلاف على تحريم نكاح المتعة، ويجب الإنكار على من يبيحه لصراحة ووضوح نسخ جوازها، مهما كانت منزلة من أخطأ في هذه المسألة.
وإنكارنا على المخالف فيها لا يسوّغ الطعن في صدر الأمة ولا في علمائها السالفين، بل يرجع هنا إلى كتاب «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» لشيخ الإسلام لبيان أعذار العلماء فيما أخطؤوا فيه، وليس لاستغلال خطئهم لتحريف الدين، وإباحة المحرمات.
وكذلك في الرجال: كالخلاف في توثيق محمد بن عمر الواقدي، فمع وجود أئمة كبار وثقوه، إلا أن جرحه كان مفسراً، والأدلة على جرحه كثيرة ووفيرة، فلا يحل لأحد اليوم أن يقلد من وثَّق الواقدي، ويجب الإنكار على من يوثِّقه اليوم، ويُلْزَم بالجرح لكونه مفسراً لا مانع من قبوله.
ثانياً: تنوعت عبارات الحلبي في قبول الجرح، فمرة يقيد قبوله بثلاثة أحوال: «أن يكون مفسراً أو مقنعاً أو مجمعاً عليه» ففرق بين كونه «مفسراً»، و«مقنعاً»، مما يظهر منه أن الجرح قد يكون مفسراً وغير مقنع لكنه يجب قبوله!
ولو توقف الحلبي هنا لقلنا إنه أصاب! لكنه في مواطن متعددة، وواقعه العملي يخالف ذلك، ويقيد قبول الجرح المفسر إما بالإجماع أو الإقناع، مما يؤكد أن العبارة السابقة إما وضعها الحلبي للتلبيس، وإما أنه تناقض كعادته المستمرة من قول القول ونقيضه، وقد يجتمع فيه الأمران، وقد حصل هذا منه كثيراً.
وفي جوابه هذا الذي نقله أيمن عبدالحميد فيه إلماح إلى أن الجرح المفسر يقبل إذا كان قادحاً، ولكنه لم يوضح هل يجب قبوله إن كان قادحاً أم يجوز فقط، ولابد من إجماع؟
الظاهر أنه يعيد القضية إلى أمرين: إما الإجماع وإما الإقناع.
وسبق أن بينت مراراً في ردودي على الحلبي أن الإقناع عنده ليس معناه تطبيق ضوابط الجرح والتعديل عند المحدثين على الراوي الذي ورد فيه الجرح المفسر، وإنما مرده إلى موافقة هواه هو، ولا يمكن أن يكون أمر آخر غير هواه إلا بإجماع صحيح يقتنع به هو أنه إجماع!
فتعود المسألة عند الحلبي في جميع الأحوال إلى الهوى.
فمثلاً: المأربي جرحه العلماء جرحاً مفسراً يقضي على كل تعديل سبق أو تأخر، وهو جرح واضح الأدلة والبينات، ولا وجه لعدم الاقتناع الشرعي مطلقاً.
فهل يجرحه الحلبي؟ الجواب: لا. مع أنه يزعم عدم اطلاعه على الأسباب الكافية لجرح العلماء للمأربي، ثم يركن إلى الخلاف في المأربي، فيجعل وجود الخلاف في تبديع المأربي مانعاً من قبول الجرح المفسر الوارد فيه، ولذلك لم يقتنع بتبديع العلماء للمأربي.
فهو لم يقبل الجرح المفسر لعدم الإجماع، وبنى عدم الاقتناع على عدم الإجماع وضعف الاطلاع!!
لكن في المقابل قد يبدع أشخاصاً لم يجمع على تبديعهم، ولم يقتنع غيره بتبديعهم مثل المبتدع محمد إبراهيم شقرة، وذلك بسبب الخصومة بينهما، فلما تصالحا انتهت قضية التبديع ولا تسمع لها رِكزاً، مع عدم توبة محمد شقرة مما بدعه الحلبي به!!
فهو يدور مع هواه حيث دار.
ثالثاً: زعم الحلبي أن شيخنا الألباني عاب تسمية الجرح بالمفسر، وإنما يقال له القادح!
وهذا غريب، بل منكر، فالشيخ الألباني رحمه الله كرر عبارة «الجرح المفسر» نحو ثلاثين مرة أو أكثر، ولم نر له هذا الإنكار، وكيف ينكره وأئمة الحديث يقولون به، وهو دائما يلهج به؟!!
قال شيخنا الألباني رحمه الله في الصحيحة (7/ 349) : «ولكن لا ينبغي غض النظر عن الجرح المفسر، الذي تضمنه كلام ابن حبان وغيره».
وقال رحمه الله في الضعيفة(6/ 323) ناقدا الهيثمي : «ثالثا: اعتماده التوثيق ينافي قاعدة " الجرح المفسر مقدم على التعديل "، وقد صرح بعضهم ببيان السبب..».
وقال رحمه الله في الضعيفة(14/ 1043) : «فإنك لا تجد من صرح بأنه ثقة، على أن الجرح المفسر مقدم عند أهل العلم».
وسأله المأربي المبتدع-لما كان مظهراً للسلفية-«س127: من المعلوم أن الجرح المفسر مقدم على التعديل ولكننا نلاحظ أن الحافظ رحمه الله في التقريب يحاول الجمع بين الجرح والتعديل كأن يقول فلان (صدوق له أوهام) فصدوق "تعديل" و له أوهام "جرح مفسر" فهل القاعدة السابقة على إطلاقها أم أن هناك بعض الحالات التي يحتاج فيها إلى الجمع بين الجرح المفسر والتعديل ؟»
فأجاب شيخنا رحمه الله: «الكلام الأخير هو الصحيح وهو عمل الحافظ رحمه الله في التقريب وإن كان قد أصابه بعض الوهم في تطبيقها فالأصل الجمع إلا إن تعذر الجمع كأن يكون الجرح شديدا (كأن يتهم الراوي بالكذب) .ويؤخذ في الإعتبار أيضا التوفيق بين الجرح المطلق والتعديل المطلق وإلا رجعنا للتعديل المطلق طبقا لقاعدة الحافظ رحمه الله : (والرجل إذا ثبتت له منزلة الثقة لا يزحزح عنها إلا بأمر جلي) ويجب أن نأخذ في الإعتبار عدد المضعفين وعدد الموثقين عند تطبيق قاعدة الحافظ رحمه الله ، فإذا وثق إمام راو وضعفه جماعة وكان كلاهما مطلقا فإن كلام الحافظ رحمه الله لا ينطبق على هذه الحالة لأنه لا يقال هنا أن التوثيق المطلق من فرد يساوي الجرح المطلق من جماعة والرجل قد ثبتت له العدالة بتعديل واحد فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي وجرح الجماعة المطلق ليس جليا ، فلا شك أن هذا أمر خاطئ وإن كنا نسلم بأن جرح الجماعة المطلق لا يجعله مفسرا ولكننا في هذه الحالة لا نعتد بهذا التوثيق المطلق» انتهى.
ففي جميع كلامه رحمه الله لم يرفض عبارة «الجرح المفسر»، بل أثبتها، وكررها، وبين جملة من ضوابطها.
فتبين بطلان كلام الحلبي في هذا، وفي زعمه أنه لا يرد الجرح المفسر.
والمطلوب من الحلبي: التوبة إلى الله مما قام به من التحايل في رد الجرح المفسر، وأن يقرر قواعد السلف في الباب، ومنها أن الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم، ولا يشترط الإجماع لقبوله.
وأن يتوب من نسبته للشيخ الألباني إنكاره تسمية الجرح بأنه مفسر، واستبداله بكلمة «قادح»، بل يثبت ما كتبه الشيخ الألباني بنفسه من تسميته للجرح المفسر بأنه مفسر.
6- قال أيمن عبد الحميد: «قالوا: يرد خبر الثقة !!
قال شيخنا: إنهم لا يفرقون بين حكم الثقة وبين خبره فهم يريدون جعل الحكم كالخبر حتى يتسنى قبول أحكامهم في من يشاؤون، وبين الأمرين فرق عظيم ثم ضرب الأمثلة للسامعين ...!!».
التعليق:
أولاً: لا تكاد تخلو أجوبة الحلبي في هذه القضايا من التلبيس والتدليس، واللف والدوران، فهنا بدل أن يصرح بما عليه أهل السنة من وجوب قبول خبر الثقة، والإلزام به، وفق ضوابط علماء الجرح والتعديل التي ضبطت الأحوال التي قد تحيط بأخبار بعض الثقات لا سيما عند التعارض، ذهب ليفرق بين خبر الثقة، وحكم الثقة، ولم نر في هذا الجواب تصريحاً بقبول خبر الثقة أو رده، ولا بقبول حكم الثقة ولا رده، بل ميَّع وضيَّع، ولم يستفد السامع من جوابه إلا توهم أنه لا يقر بما اتهم به، دون أي توضيح سوى التفريق المجرد بين خبر الثقة وحكم الثقة، ثم اتهام السلفيين بعدم التفريق وإيجابهم قبول أخبار الثقات وأحكامهم ليتسنى لهم قبول أحكامهم فيمن يشاؤون!!
فكلامه محض جدلٍ وسفسطة.
ثانياً: هب أن فرقاً بين خبر الثقة وحكم الثقة فهل الحلبي يقبل أخبار الثقات؟
لا يوجد جواب، لأن خبر الثقة عنده عن عالم سلفي بتبديع فلان من الناس لا يلتزم الحلبي بقبوله، رغم أن الثقة مجرد ناقل عن العالم السلفي، ولكن يضع الحلبي العراقيل الكثيرة حتى لا تصل للناس أحكام العلماء الكبار في الرجال، ومن هذه العراقيل الطعن في أخبار الثقات في زماننا جملة، والتفريق بين خبر الثقة وحكم الثقة مطلقاً.
ثالثاً: من قواعد الحلبي وتصرفاته، وخاصة فيمن لا يهوى تبديعه أن الثقات مهما نقلوا عن عالم أو أكثر تبديعاً لذلك الشخص فإنه لا يقبله حتى يتأكد بنفسه من أسباب تبديع ذلك الشخص، واقتناعه الشخصي بأنه مبتدع، وهذا لا يمكن إذا كان الحلبي لا يهوى تبديعه، ويرى سلفيته رغم ما عند ذلك الشخص من البدع، وتوارد كلام العلماء في تبديعه.
رابعاً: أحكام الثقات هي أخبار من أولئك الثقات عن أحوال أولئك الأشخاص تعديلاً أو تجريحاً، فوصف الراوي بأنه ثقة، وحافظ، وصاحب ضبط كتاب، وأنه لا بأس به، وأنه صدوق، أو رمي الراوي بالكذب أو وضع الحديث أو بدعة القدرية، أو بدعة الخوارج، أو بدعة الإرجاء، أو رواية المنكرات، أو وصفه بسوء الحفظ، كل تلك الأوصاف والأحكام هي أخبار عن حال الرواة بما يعلمه العالم المعدل أو المجرح من حال الراوي.
فالواجب قبول خبره، لا سيما مع اشتراطنا في المعدل والمجرح أن يكون هو نفسه عدلاً، متحرياً، ويكون السند صحيحاً إلى ذلك المخبر بالحكم، وكذلك لا يعارضه غيره من الثقات.
فإذا كان الجارح ليس عدلاً، ولا متحرياً، أو لم يصح السند إليه، أو عارضه غيره من الثقات في الحكم أو الخبر لم يكن خبره واجب القبول بمجرده، بل تأتي هنا قواعد أخرى كقاعدة الجرح المفسر مقدم على التعديل.
فإن أخبار الثقات إذا تعارضت إما أن يجمع بينها، أو يرجَّح بينها.
فإذا قال ثقةٌ في شخص: إنه مرجئ، وقال ثقة آخر: إنه ليس مرجئاً، أو قال ثقة: إنه كذاب، وقال ثقة آخر: إنه ليس بكذاب، بل هو ثقة صادق، لم يكن قبول خبر التجريح المفسر أولى من قبول خبر التعديل المفسر، فيطلب من الثقة المخبر بالجرح المفسر أن يظهر أدلة إرجاء ذلك الشخص، أو أدلة إثبات كذب ذلك الشخص، فإذا أبرز أدلته وكانت صحيحة قدم الجرح المفسر المبيَّن السبب.
أما عند عدم التعارض ولم يوجد في الراوي إلا الجرح المبهم أو المفسر، أو التعديل المبهم أو المفسر، فإنه يجب قبوله مطلقاً ما دام أنه لا معارض له، أو كان المعارض ضعيفاً والتعديل مبهما.
خامساً: من أدلة تشكيك الحلبي في خبر الثقة ما سبق بيانه من تشويشه على الجرح المفسر باشتراط الإجماع لوجوب قبوله والإلزام به، واشتراط-واقعاً وحالاً- قناعته الخاصة بهذا الوجوب، وإلا فلو اقتنع هو شخصياً بهذا الجرح المفسر قد لا يقتنع بذلك أحد مريديه فلا يستطيع الحلبي إقناع أصغر مريديه بوجوب قبول الجرح المفسر المقنع ما دام أن هذا الفَسْل لم يقتنع!
فيلزم من ذلك تعطيل أخبار الثقات.
فخلص عندنا: أن الحلبي يشوش على أخبار الثقات بـ«التفريق الباطل بين خبر الثقة وحكم الثقة-عدم القناعة بخبر الثقة حتى يقتنع أو يقف عليه بنفسه-ربط وجوب قبول الجرح المفسر بالإجماع أو القناعة الشخصية عند من يصله هذا الجرح المفسر».
والمطلوب من الحلبي: التوبة من تفريقه الفاسد بين خبر الثقة وحكم الثقة، وأن لا يشكك في أخبار الثقات بوضع التقييدات الباطلة، والتهوين من شأن القضية.
7- قال أيمن عبدالحميد: «قالوا: يطعن في العلماء !!
نقول : كذبتم فقد رأيناه يمجدهم ويثني عليهم كالألباني ـ شيخه ـ وابن باز وابن عثيمين وغيرهم !
بل ما رأينا منه إلا الأدب وحسن السمت وحب الخير ورحمة المخالفين !».
التعليق:
أولاً: الدفاع بالكذب والتكذيب مع ظهور الأدلة والبينات على إدانة الحلبي بالطعن في العلماء مسلكٌ مشين، وعمل إجرامي مُهين، يدل على رقة الدين، وانسلاخ من الصدق والحياء والسمت الرصين.
ثانياً: طعن الحلبي في العلماء بالتصريح أو التلميح من الأمور المشهورة المعروفة، وبأدنى اطلاع على كتب الحلبي في الرد على اللجنة الدائمة، أو على الشيخ أحمد النجمي، أو الشيخ ربيع المدخلي، أو الشيخ عبيد الجابري، أو الشيخ محمد بن هادي أو غيرهم من المشايخ السلفيين الذين ردوا عليه، وبينوا ضلاله؛ سيجد القارئ من السب كثيراً، ومن التنقيص شيئا وفيرا.
ولو كلَّف أيمن عبدالحميد نفسه النظرَ في بعض مقالات الحلبي في الرد على من سبق ذكره لما احتاج إلى سؤال الحلبي عن ذلك الأمر.
فهو يصف جماعة من العلماء بأنهم غلاة التجريح، ويرمي بعضهم بالحدادية، مع كثرة الهمز واللمز والغمز، حتى اللمز بفقدان البصر!
وانظر مثالاً على ذلك مقالي: «يا علي الحلبي: في بداية ردك على شيخنا الشيخ صالح السحيمي ما يدل على سوء أدبك مع العلماء وانحرافك عن جادة الصلحاء».
http://m-noor.com/showthread.php?t=9917
ثالثاً: بمطالعتك يا أيمن عبدالحميد لمقالات معرف مشرفي موقع كل الخلفيين لرأيت الطعن بالعشرات أو المئات في العلماء السلفيين الذين بينوا ضلال الحلبي، ولو طالعت مقالات الحلبي لرأيت فيها عشرات أو مئات الأمثلة للغلو في الجرح، والإسراف في النقد، وغلظ القلب تجاه من يخالفونه من السلفيين، وكأن الرحمة نزعت منه، «ولا تنزع الرحمة إلا من شقي»، مع زعارة في الخلق، وسوء في السمت!
وما قد يراه البعض من خلاف ذلك فإنه التصنع وخاصة عند من لم يعرف حقيقته بعدُ!
والمطلوب من الحلبي: التوبة إلى الله من طعنه في علماء السنة الذين ردوا عليه وبينوا باطله، وأن يصرح بأنه قد وقع في الطعن في أولئك العلماء كاللجنة الدائمة والشيخ صالح الفوزان والشيخ أحمد النجمي، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي، والشيخ عبيد الجابري، والشيخ محمد بن هادي المدخلي، وغيرهم من مشايخ السنة، وأن يتوب من تلك الطعون ويتراجع عنها تراجعاً واضحاً وصريحاً.
8- قال أيمن عبدالحميد: «قالوا هو تكفيري: قال شيخنا : هم لا يقبلوننا وقد رددنا على غلاة التكفير وكتبنا شاهدة!!».
التعليق:
إن اتهام بعض العلماء للحلبي بأنه تكفيري بسبب عدة أمور:
الأمر الأول: ثناؤه على بعض التكفيريين المشهورين، ودفاعه عنهم دفاعاً مستميتاً، بل وصفهم بأنهم سلفيون، كثنائه على جمعية إحياء التراث القطبية، وأبي إسحاق الحويني التكفيري، ومحمد حسين يعقوب التكفيري، ومحمد حسان القطبي السروري، وعدنان عرعور القطبي، ومحمد المغراوي التكفيري، ومصالحته مع التكفيري –حسب وصف الحلبي نفسه- محمد إبراهيم شقرة!
فالذي يثني على الخوارج هو خارجي مثلهم كما قال الشيخ صالح الفوزان، وكما تدل عليه نصوص الشريعة، وكما هو منهج السلف، لا سيما بعد البيان والتبيين، والرد والتوضيح، وإقامة الحجج والبراهين على ذلك، لكن الحلبي يصم أذنيه عن معرفة الحق، ويبقى مصرا على باطله.
ومن ذلك وصفه لزعيم الخوارج المعاصرين الملجمي أسامة بن لادن بأنه مخلص، وصاحب غيرة دينية.
الأمر الثاني: مجالسته ومصاحبته لجماعة بدعهم العلماء، ومِنْ بِدَعِهِم التكفير مثل قطبية مصر، وبعض القطبيين في بعض دول الخليج، ونزوله عندهم، وتواصله معهم، بل وفي أماكن كثيرة في العالم.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف»، وقال عليه الصلاة والسلام: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».
ويقول أبو الدرداء رحمه الله: «من فقه الرجل: ممشاه ومدخله ومخرجه ومجلسه مع أهل العلم».
والآثار في تحريم مجالسة المبتدعة، واتهام المجالِس لهم بالبدعة كثيرة جداً.
الأمر الثالث: قوله عن «عبدالله ابن الشيخ رسلان» ليس له من اسمه نصيب، وهذا كذب من الحلبي، ونوع من التكفير المبطن، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن».
وكون الخوارج لا يقبلونه لا يعني أنه ليس منهم، كما أن السلفيين لا يقبلونه فهلا جعل ذلك حجة في تركه ادعاء السلفية!
والحلبي متناقض، يجمع بين قول السلف في الإيمان وقول الجهمية، وبين قول الخوارج والمرجئة والسلف في باب التكفير!
فهو من أعجب المخلوقات!
والمطلوب من الحلبي: التوبة من جميع الأسباب التي أدت إلى اتهامه بأنه تكفيري، أو موالاة التكفيريين.
9- قال أيمن عبدالحميد: « قالوا: مرجيء !
قال شيخنا الإيمان قول وعمل وإعتقاد والكفر كذلك منه القولي ومنه العملي ومنه الإعتقادي ! فأرونا مرجئا يقول بهذا !
ثم كيف تصفونه بوصفين وتجمعون فيه النقيضين ألهذا الحد غيبتم أم لجبة الصوفي لبستم! خبتم إذا وخسرتم !!».
التعليق:
سبق بيان تناقض الحلبي، وأن هذا من سجاياه، ومن الفرق المعروفة «مرجئة الخوارج»، فقد يجتمع في الشخص ألوان من البدع لشدة تناقضه، وكثرة أباطيله، وانفصام شخصيته.
وأما الإرجاء فلو أن شخصاً قال بجميع أقوال أهل السنة في الإيمان ثم قال: «الحج ليس من الإيمان» لكان مرجئاً، كما أن خوارج العصر يقولون بأقوال أهل السنة في الإيمان، ولا يكفرون بجميع الكبائر، بل ربما وافقوا السلف في جميع مسائل الإيمان إلا في تكفير الحكام بالحكم بغير ما أنزل الله، أو بتكفير المصر على الكبيرة.
فموافقة الخوارج الأولين في التكفير بكبيرة أجمع السلف على أنها ليست كفراً ولا شركاً يكون كافيا في وصفهم بأنهم خوارج، ولو افقوا السلف في بقية مسائل الإيمان والعقيدة.
فنفس الشبهة التي يثيرها الخوارج والتكفيريون لتبرئة أنفسهم من مذهب الخوارج؛ يثيرها الحلبي ويعلنها ليبرئ نفسه من الإرجاء!
وقد بينت قوله بالإرجاء، وتلاعبه في ذلك في مقالي : «من خبايا وبلايا علي الحلبي وبعض أنصاره».
http://m-noor.com/showthread.php?t=6888
والمطلوب من الحلبي: التوبة إلى الله توبة صريحة من مذهب المرجئة، ومن توبته الصريحة أن يصرح بأن كتابه فتنة التكفير كان يشتمل على عبارات وافق فيها المرجئة لما حصر في تلك العبارات الكفر بالجحود والتكذيب، وكذلك بأن يصرح بأن تقديمه لكتاب مراد شكري تضمن موافقته على إرجائه بحصر الكفر في الجحود والتكذيب، وبعد الاعتراف بالذنب يصرح بأنه تائب إلى الله منه، وأنه لا يعود إلى التشكيك في ذلك الذنب بأنه ذنب، وأنه وقع في الإرجاء.
10- قال أيمن عبدالحميد: «قالوا : لا يتكلم في التوحيد !!
لقد تكلم الشيخ فيه وأصل له وحذر من نقيضه ونهى عنه».
التعليق:
لعل المقصود ضعف اعتنائه بالدعوة للتوحيد وهذا صحيح، فما أقل ما يتطرق له في دعوته، وكذلك لا تكاد تسمع له إعلاناً لمحاضرة أو درس يختص بالتوحيد والنهي عن الشرك بالتفصيل، وكذلك ضعف اعتنائه بتدريس كتب التوحيد كرسالة الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، وكتاب التوحيد، وفتح المجيد ونحو ذلك.
ولا نقول إنه يدعو إلى الشرك، ولا نقول إنه لا يدعو إلى التوحيد مطلقاً، ولكن عنده ضعف واضح في هذا الباب من جهة التأصيل والدراسة، ومن جهة التعليم والتدريس.
والمطلوب من الحلبي: التوبة من البدع التي لأجلها خرج من السنة، وأن يلتزم بالعدالة في نفسه، ومراجعة العلم الشرعي على أصوله والاهتمام بالدعوة للتوحيد، والنهي عن الشرك.
11- وقال أيمن عبدالحميد: «قالوا يثني على أهل البدع !
تالله ما رأيناه أثنى عليهم وما زال الناس يختلفون في الأشخاص فكان ماذا!».
التعليق:
الذي كان هو اشتداد نكير السلف على من يثني على المبتدعة ولو اختلف فيهم العلماء ما دامت الحجة بتبديعهم قائمة وظاهرة، وكذلك الذي كان هو إلحاق السلف للشخص بالذين يثني عليهم.
وقد سبق ذكر نماذج من ثنائه على أهل البدع، ومن ذلك ثناؤه على الصوفي الأشعري محمد راتب النابلسي، وهو ليس موضع خلاف! وثناؤه على أحد مراسلي قناة المنار الرافضية، -وهل يختلف السلفيون في ذمه؟!-، وتعميمه الثناء على موقعي رسالة عمان ووصفهم بالثقات والأمناء مع أن أكثرهم رافضة! وغير ذلك من ثناءاته على مبتدعة واضحين.
والمطلوب من الحلبي: التوبة إلى الله من ثنائه على المبتدعة كمحمد راتب النابلسي ومراسل قناة المنار الرافضية، وجمعية إحياء التراث، وعدنان عرعور، والمأربي، والمغراوي، والحويني، ومحمد حسان، وأبي زيد محمد حمزة، ومن على شاكلتهم.
12- وقال أيمن عبدالحميد: «قالوا: بدعه الفوزان وعلماء اللجنة وربيع وابن هادي والجابري وعطايا وبازمول !
* قلنا: أما عطايا وبازمول فهما مجروحان جرحا مفسرا مفصلا لا أوضح في الدنيا منه ! والمجروح لا يجرح !!!».
التعليق:
أولاً:هذا الجواب فيه كذب وتلبيس، فقد جُرِحَ الحلبي بأنه مبتدع، وبأنه إخواني، وبأنه فتان، وبأنه كذاب، وبأنه دجال، وبأنه متلون، وبأنه مجنون، فما من شيء زعم أنه جرح به أسامة العتيبي أو الشيخ أحمد با زمول فقد جرح به الحلبي أضعافاً مضاعفة، مع تجريحات أوضح وأصرح، بل وفيها تبديع وإخراج من السلفية.
وهذا يؤكد إصرار الحلبي على الكذب والتلبيس حتى في أجوبته التي نشرها أيمن عبدالحميد، فالرجل آية في التلبيس والكذب والتدليس.
ثانياً: الذي حصل بين الشيخ أحمد با زمول وأسامة العتيبي وبين بعض علماء السنة من الخلاف هو مما حصل أمثاله بين بعض أهل السنة السابقين واللاحقين، وليس فيه تبديع، ولا إخراج من السلفية، بخلاف ما وقع فيه الحلبي من بدع وضلالات، وأمور مفسقات.
ثالثاً: ....[موضع يحتاج إلى تحرير].
وهذا بخلاف الحلبي فالجرح مفسر، وأسبابه مذكورة منشورة، في كتبه، وأشرطته، وشهادة الثقات عليه، وهي عشرات أو مئات النقول الموضحة والصريحة في تبديعه وتضليله وتكذيبه وأنه صاحب فتنة وفساد، كما سبق أن بينه عدد من العلماء الفضلاء، وطلاب العلم النجباء.
وبالرجوع إلى فتاوى اللجنة الدائمة في الحلبي، ومقالات وكتب الشيخ ربيع في الرد على الحلبي، وكتاب «صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات علي الحلبي»، وردودي على الحلبي الكثيرة، وردود الشيخ محمد سعيد رسلان، وردود الكثير من مشايخ السنة في جميع الأقطار لا يتردد سلفي في ابتداع الحلبي وضلاله.
رابعاً: ...[موضع يحتاج تحريراً] ولو كانا مجروحين فالحجج والأسباب الجارحة للحلبي من كتبه وأشرطته ظاهرة وواضحة لا تسقط بسقوط ناقليها مع ثبوتها ووجودها.
والمطلوب من الحلبي: ترك الكذب والتلبيس والتدليس، والتوبة إلى الله من ذلك، وفهم منهج السلف في كيفية التعامل مع الخلافات بين السلفيين بعضهم مع بعض، وبين السلفيين مع المخالفين والمبتدعين.
13- وقال أيمن عبدالحميد: «أما الفوزان فلم يبدعه ولن تجدوا له حرفا في ذلك، واللجنة كذلك لم تبدعه وإنما وصفت أن في كتابه إرجاء وقد رد عليهم بكتابين ، وقد دافع عنه الشيخ ربيع وغيره ونزهوا الكتابين وكاتبهما عن الإرجاء!».
التعليق:
أولاً: معالي الشيخ صالح الفوزان وجميع أعضاء اللجنة الدائمة يبدعون من يحصر الكفر بالجحود والتكذيب، وهذا وقع في كتاب علي الحلبي «التحذير من فتنة التكفير»، وهو لم يعلن وقوعه في ذلك الإجرام، ولا التوبة منه، بل غير كلامه، وحذف تلك الأخطاء، مع تكراره لعقيدته التي أخذت عليه في بعض مجالسه الخاصة.
ثانياً: وصفه الشيخ العلامة عبدالله بن غديان وهو عضو في اللجنة الدائمة بأنه قائد المرجئة في المملكة وهذا تبديع صريح.
ثالثاً: دفاع الشيخ ربيع عن الحلبي مع جزمه بخطئه، ومناصحته له في تلك القضايا بناء على حسن ظنه به، وأنه يقرر عقيدة السلف في الباب، فلما تبين له تلاعب الحلبي، وتناقضه، لم يعد يدفع عنه التهمة بالإرجاء، بل يقر بوقوع الحلبي في الإرجاء.
رابعاً: رد الحلبي على اللجنة بكتابين أو أكثر هو من التكثر، ولم يتب، ولم يجب جواباً صحيحاً عن اتهامه بمذهب المرجئة، بل وقع في البتر والتلبيس كعادته، وقد بينت هذا في عدة مناسبات منها مقالي السابق ذكره «من خبايا وبلايا علي الحلبي وبعض أنصاره».
والمطلوب من الحلبي: ترك الكذب، والتوبة إلى الله من البدع التي بدعه بسببها بعض العلماء، وترك المنكرات التي لأجلها حذر منه العلماء، والأخذ بنصائح وتوجيهات من نصحه من العلماء.
14- وقال أيمن عبدالحميد: «أما تبديع الشيخ ربيع وغيره فقد رأينا ما جرى بينهم من ردود وقد رأينا كلام بعض المشايخ العلماء في ما جرى فما رأينا منهم ـ بعد الإسقاط من البعض ـ إلا الثناء على الحلبي ، والذب عن عرضه ، وحفظ مكانته كما فعل شمس المدينة العباد، وابنه، ووصي الله عباس، والمفتي وغيرهم من العلماء !!».
التعليق:
أولاً: لقد بدَّع جمعٌ من العلماء علياً الحلبيَّ بأدلة واضحة كالشمس، ومن أولئك العلماء: الشيخ أحمد بن يحيى النجمي، والشيخ زيد المدخلي، والشيخ عبد الله بن غديان رحمهم الله، كما بدَّعه الشيخ ربيع المدخلي، والشيخ حسن بن عبدالوهاب البنا، والشيخ عبيد الجابري، والشيخ محمد بن عبدالوهاب الوصابي، والشيخ محمد بن هادي، والشيخ محمد با زمول، والشيخ أحمد با زمول، وغيرهم كثير من مشايخ السنة، بجروح مفسرة واضحة، مبيَّنة الأسباب والأدلة والبراهين، ولم نر من أولئك العلماء بعد تبديعهم للحلبي ثناء على الحلبي، ولا ذباً عنه، ولا حفظاً لأي مكانة.
ثانياً: حذَّر من الحلبي أو مسلكه جماعة من العلماء سوى من بدَّعه مثل معالي الشيخ صالح الفوزان، والشيخ سعد الحصين رحمه الله، والشيخ صالح السحيمي، ولم يثنوا عليه بعد تحذيرهم، ولا ذبوا عنه، ولا حفظوا له مكانةً.
ثالثاً: الشيخ العباد عالمٌ وليس هو شمس المدينة، بل شمس المدينة اليوم هو الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله، وللشيخ عبدالمحسن العباد نظراء.
ولا يجوز الاحتجاج بخطأ من أخطأ في التزكية أو ردِّ الجرح الواضح البيِّن، بل الواجب على الحلبي التوبة إلى الله مما وقع فيه من البدع والبلايا، كما أن الواجب هو اتباع الحق، وليس مجرد تقليد الشيخ العباد أو ابنه أو غيرهما.
ومن تأمل فيمن جرح الحلبي من العلماء لوجدت الحجة البيِّنة الواضحة معهم، ولوجدتهم أكثر عدداً، ولوجدتهم ممن لهم لسان صدق في الأمة، ولوجدتهم أو وجدت أكثرهم ممن لهم باع أو تخصص في الكلام في الرجال، بخلاف من أثنى على الحلبي، أو لم يقبل الجرح فيه لوجدتهم ممن ليسوا متخصصين في الرد على المبتدعة بأعيانهم، ولوجدتهم ممن يمتنعون عن الخوض في قضايا الجرح والتعديل أصلاً.
فالحلبي لا يسير على منهجهم في العلم أصلاً، ولا يقف حيث وقفوا، بل نجده يقع في البدع والبلايا والرزايا، ويدافع عن المبتدعة دفاعاً مستميتاً يمدح أعيانهم، ويبرر أفعالهم المنكرة، ويطعن طعنا قبيحا فيمن يتكلم فيهم.
وما رأينا للشيخ العباد ولا غيره ممن يحتج بهم الحلبي نصباً للعداء لعلماء السنة كالشيخ ربيع أو الشيخ عبيد أو الشيخ محمد بن هادي، كما يفعله الحلبي وحزبه.
والمطلوب من الحلبي: التوبة إلى الله من الكذب والخداع، والتوبة من الاحتجاج بأخطاء العلماء وزلاتهم، والإلزام بتلك الأخطاء بدل الإلزام بالحق والتزامه.
15- وقال أيمن عبدالحميد: «فإن قلتم الجرح المفسر ! قلنا لقد رأى من هو أعلم من ربيع والجابري جرحهم (المفسر هذا) ولم يعتبروه شيئا ، ولم يرفعوا به رأسا ..!!!
* ومن عجبي أن بعض الطاعنين في الشيخ الحلبي في بلادنا وغيرها قد ردوا تعديلات ولم يقبلوا تجريحات لبعض هؤلاء المشايخ ـ الغير معصومين ـ ولم يروا في ذلك حرجا عليهم اما غيرهم لا !!
* تراهم إذا عدلوا من لا يحبون نسبوا من يعظمونهم للجهل بحالهم !
وإذا جرحوا من يعظمون سكّتوا المريدين التائهين: اسكتوا! اخرصوا! فإن هذه فتنة !».
التعليق:
أولاً: ما زال الحلبي وتابعه أيمن عبدالحميد يتكلمان بالكذب والباطل، وذلك أن الذين جرحوا الحلبي وبدعوه أعلم بالجرح والتعديل وأحوال الرجال من الذين عدلوه، أو لم يقبلوا الجرح فيه، وكذلك المجرحون للحلبي أكثر عددا، ومعرفة بأحوال الحلبي، وما عنده من أوحال.
ثانياً: أمرنا رب العزة والجلال إذا وقع التنازع أن نحكم الكتاب والسنة، فقال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء: 59]
فلما أرجعنا هذا النزاع إلى الكتاب والسنة وجدنا وجوب الأخذ بالجرح المفسر المبين، وتقديمه على التعديل، ووجدنا أن أسباب جرح العلماء للحلبي موثقة بصوته، وبكتاباته، وأنه معاند، وأنه مستكبر عن التوبة والرجوع إلى الحق، فكان لزاماً اتباع الدليل، واطراح قول من خالف الدليل مهما كانت منزلته.
ثالثاً: العصمة في الأمة ليست لأحد بعينه بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فلا الذين جرحوا الحلبي معصومين، ولا الذين عدلوه معصومين، ولا الحلبي معصوم، فإذا كان الأمر كذلك فلا وجه لذكر العصمة هنا، وإنما يرجع للدليل، وتطبيق قواعد أهل السنة.
رابعاً: قبول جرح المجرِّح، أو تعديل المعدِّل ليس بالتشهي، ولا يلزم متابعة العالِم في جميع أقواله، وإنما الذي يجب اتباعه هو الدليل، وما دل عليه الدليل، فإذا قبلت تعديل العالم لفلان، لا يلزمني أن أقبل تعديله في فلان الآخر الذي ثبت أنه مجروح، لأن الإلزام إنما يكون بالحق، لا بالتشهي والهوى.
فهنا يفرق بين حال المقلد وحال المجتهد أو المتبع، فالمقلد هو الجاهل الذي لا يميز، فهذا فرضه التقليد، ويقلد الأعلم في الباب الذي يسأل فيه.
أما من كان مجتهداً، أو متبعاً فلا يجوز إلزامه بالتقليد، بل يجب إلزامه باتباع الدليل، والوقوف عند حدود الله.
خامساً: أن العالم المعروف بتقواه إذا عدل شخصاً، وتبيَّن أن هذا الشخص مجروح بالأدلة، وجب الأخذ بالحجة والدليل، وليس التقليد، مع إعذار العالم، والتماس المخارج له، أو الاكتفاء بتخطئته وكفى!
مثل إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، قد وثقه الشافعي وغيره، وضعفه أكثر علماء الإسلام، وبدعوه، بل هو مبتدع متروك، فهل قبول تعديل الشافعي لزياد بن أبي زياد، يلزم منه قبول تعديله لإبراهيم بن أبي يحيى؟!
هذا لا يقوله عاقل!
وهل يلزم من توثيق الإمام الشافعي لابن أبي يحيى أن أصف الإمام الشافعي بأنه جاهل؟!!
ومن قال إن حاله خفي على الإمام الشافعي لم يكن رامياً له بالجهل، ولا متناقضاً في التعامل مع العلماء.
وليس الشيخ العباد أجل من الشافعي، ولا أورع منه، ولا أعلم منه بأحوال الرجال.
سادساً: تسكيت السلفيين للشباب عن الكلام في المشايخ السلفيين الذين تكلم بعضهم في بعض هو من صميم منهج السلف، وهذا عام في كل خصام يقع بين المسلمين بدون وجود ما يوجب التحذير من أحد الطرفين أو من كلاهما شرعاً.
والمطلوب من الحلبي: التوبة إلى الله من التلبيس، ومن خلط الحق بالباطل، والتوبة من الاحتجاج بزلات العلماء، والتوبة من ترك إعمال القواعد السلفية في التعامل مع الجرح المفسر، ويجب عليه ترك القواعد الحزبية التي اخترعها.
16- وقال أيمن عبدالحميد: «في الختام أقول:
يعلم الله ربنا في عليائه أننا لسنا متعصبين للشيخ الحلبي أو غيره لكننا لا نرضى أن نظلم أحدا ونعلم أن الله سائلنا عن الصغير قبل الكبير !».
التعليق:
الذي يظهر من حال أيمن عبدالحميد، وما ذكرته سابقاً في الرد عليه أنه متعصب للحلبي بشدة، وأنه لا يتبع الدليل في معرفة حال الحلبي، وأنه قد سلك مسلك الحلبي في التلبيس والتدليس والمكر والخداع.
سئل شيخنا العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: «ما حكم قول بعض الناس: "يعلم الله كذا وكذا"؟»
فأجاب: «قول: "يعلم الله" هذه مسألة خطيرة، حتى رأيت في كتب الحنفية أن من قال عن شيء: "يعلم الله" والأمر بخلافه صار كافراً خارجاً عن الملة، فإذا قلت: "يعلم الله أني ما فعلت هذا" وأنت فاعله فمقتضى ذلك أن الله يجهل الأمر، "يعلم الله أني ما زرت فلاناً" وأنت زائره صار الله لا يعلم بما يقع، ومعلوم أن من نفى عن الله العلم فقد كفر، ولهذا قال الشافعي رحمه الله في القدرية قال: "جادلوهم بالعلم فإن أنكروه كفروا، وإن أقروا به خصموا".أ.هـ.
والحاصل أن قول القائل: "يعلم الله" إذا قالها والأمر على خلاف ما قال فإن ذلك خطير جداً وهو حرام بلا شك.
أما إذا كان مصيباً، والأمر على وفق ما قال فلا بأس بذلك، لأنه صادق في قوله ولأن الله بكل شيء عليم كما قالت الرسل في سورة يس: {قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون}» انتهى كلام شيخنا.
والمطلوب من الحلبي: التوبة إلى الله من هذا التحزيب الذي يقوم به، والتوبة من تجميع أنصارٍ على البدعة، والواجب عليه الإنكار على هؤلاء المتعصبين والمتحزبين.
17- وقال أيمن عبدالحميد: «ويعلم الله كنت أتمنى من الإخوة الذين لهم رأي في الشيخ الحلبي أن يأتوا إليه متثبتين مما نسب إليه أو قيل فيه ليسمعوا رده ويتحققوا من أمره ولعمري لو سافر أحدنا إلى أقصى الغرب حتى يتثبت من رجل لما كان إلا مأجورا فكيف وقد جاءكم إلى عندكم ...!!
* لو سألكم ربكم لم تنامون وتصبحون على عرض رجل ؟
* فهل سيقف فلان وعلان حجة بينكم وبين الله والرجل قد بين لكم منهجه وطريقته !».
التعليق:
تبديع الحلبي وتضليله قال به كبار أهل العلم والتقوى والورع، وعندهم من الأدلة والبراهين الظاهرة ما لا يجوز التشكيك فيه، وبدع الحلبي وضلالاته ليست خفية، ولا حاجة إخراجها بالمناقيش، ومن نظر في موقعه وموقع كل الخلفيين الذي يشرف عليه الحلبي ظهر له بكل جلاء أن الموقِعَين لا يمكن أن يكونا لمن يسلك منهج السلف.
فلماذا أريد التثبت من الحلبي وهو يصرح ببدعه في وسائل كثيرة ومتاحة من كتب ومقالات وصوتيات وتغريدات؟!!
فيكون التثبت واجباً عند وجود الشك، لكن هؤلاء المميعة يريدون التثبت من الثابت، والتأكد من المتواتر المؤكَّد، والتحقق من الأمر الواضح المحقَّق!!
والحجة التي نحتج بها أمام الله في تبديع الحلبي وتضليله: ما أبرزه الحلبي نفسه من بدع وضلالات، وأكاذيب وافتراءات، ومن ذلك هذا المقال الذي كتبه أيمن عبدالحميد.
وكذلك من الحجج كلام علماء السلفية الثقات الأثبات، والذين أبرزوا حججهم، وبينوا أدلتهم الواضحة المقنعة لكل سلفي صادق.
ولو سُلِك مسلك التخذيل الذي سلكه أيمن عبدالحميد ومن معه لما جُرِحَ أحدٌ، ولا حُذِّر من مبتدع.
وهذا مخالف للكتاب والسنة والإجماع.
والمطلوب من الحلبي: التوبة من مخالفة المنهج السلفي، والتوبة من المكر والخداع الذي أوصل أيمن عبدالحميد لهذه الدرجة من الجهل والضلال.
18- وقال أيمن عبدالحميد: «لقد بلغ الحمق بأحدهم : أنه قال لي : الحلبي يقول بوحدة الوجود !!
* قلت: يعني هو يعتقد أن الله جلّ ذكره هو ربيع وبازمول و...الخ!!!
* قال المبدع: لقد سمعت الإمام الجابري قال هذا عنه !!
* قلتُ: هل أحالك الشيخ الجابري! لكتاب للشيخ الحلبي، أو تسجيل له !
* قال لا ، لكن العلامة الجابري ما بتكلم ساي !
* والله لم أتمالك نفسي من الضحك ألهذا الحد وصل حال من يتمسحون بالسلفية!».
التعليق:
أولاً: لا ندري صحة هذه الحكاية عن ذلك الشخص لأنها لم تنقل عن طريق الثقة، فقد تكون من مبالغات الحزبيين.
ثانياً: لو صحَّت عن الأخ فلعله خلط بين «وحدة الأديان»، و«وحدة الوجود»، فالحلبي قد وقع على رسالتين مشهورتين اشتملتا على القول بوحدة الأديان واجتماعها، ووقع على محاضر لبعض المؤتمرات تشتمل على قضية وحدة الأديان، وأما وحدة الوجود فلا أعلم أن الحلبي قال بتلك العقيدة، ولا أعلم أن الشيخ عبيدا الجابري حفظه الله اتهمه بها.
ثالثاً: العلماء الذين تكلموا في الحلبي تبديعاً أو تحذيراً تكلموا بعلم وأدلة، واستندوا في جرحهم له إلى كتابات الحلبي وصوتياته، ولم يحذروا منه أو يبدعوه بدون دليل ولا برهان، كما سبق ذكره.
والمطلوب من الحلبي: إعلان البراءة من الرسائل وتوصيات المؤتمرات المشتلمة على القول بوحدة الأديان، والتي هي سُلَّمٌ ووسيلة إلى القول بوحدة الوجود.
19- وقال أيمن عبدالحميد: «قلتُ : حسنا ، وما حكم الحلبي عندك ؟
قال: مبتدع قلت جبن وتمييع يجب أن تكفره فالاتحادية من أكفر الطوائف !
لكن ما دام أن الشيخ الذي يقدسه ويقلده ما كفر فلن يكفر إلا بأمره مع كونه يعتقد هذا المريد أن الحلبي يقول بوحدة الوجود!
* فاللهم احفظ لنا عقولنا وديننا وثبتنا على السنة حتى نلقاك .
تنبيه : أرجوا والله لإخواننا أن يكون عاقلين منصفين فلا يسارعوا في الكلام بلا تثبت وعند الله لا يضيع الصغير أو الكبير!».
التعليق:
أولاً: الحكم على المعين يختلف عن الحكم على النوع، فتكفير الاتحادية أو أصحاب الحلول ووحدة الوجود من المعلوم من الدين بالضرورة، ولكن عند الكلام على الأعيان لا يُحكَمُ بكفر المعين إلا بتطبيق ضوابط التكفير، لأنه قد عهد من كثير ممن يقرر تلك العقيدة أنه تاب منها وترك ذلك القول الكفري، فلا نكفره بعد توبته، وكذلك إذا تبين أنه قالها في حال ذهاب العقل ومحوه، وكذلك إذا كان قد وقع على رسالة تشتمل على ذلك الكفر ثم ادعى عكس تلك العقيدة، وأعلن براءته منها، وتأول توقيعه أنه لم يقصد تلك العقيدة، وإنما أراد الموضوعات الأخرى في الرسالة، فتكون هذه الأمور مانعة من تكفيره، لكنها لا تمنع تضليله وتبديعه، لأن باب التضليل والتبديع أوسع من باب التكفير.
ثانياً: عدم تكفير ذلك السلفي الذي نقل عنه أيمن عبدالحميد ذلك الكلام يدل على صدقه، وحسن اتباعه لأهل العلم، فلا يتجاوز حدوده، ولا يتكلم في شيء لم يكلف به، ولا هو من أهله، فأرجع تكفير المعين للعلماء وأهل الاختصاص، فلا يعاب السلفي على ذلك، بل يكفي أن يحكم بكفر من كفره الله ورسوله نوعاً أو عيناً، ولا يتكلم فيما سوى ذلك من تعيين لأشخاص لم يرد الحكم عليهم في النصوص، ولا أجمع العلماء على تكفيرهم بأعيانهم، ولا نص العلماء على كفرهم عيناً بالدليل والبرهان.
ثالثاً: تقديس الشيخ يعني ادعاء العصمة له، وهذا لا يقول به السلفيون لا بلسان المقال، ولا بلسان الحال، بل هذا مما ينكرونه على المخالفين.
رابعاً: من تمييع المأربي الذي يعظمه الحلبي اتهامه للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله بسب الله، وسب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وسب الملائكة، وغير ذلك من الموبقات العظام، ومع ذلك لم يكفره! فلم نر لكم ولا لحلبيكم ولا لمأربيكم تكفيراً للشيخ ربيع حفظه الله فهل تنطبق عليك الأوصاف القبيحة التي أطلقتها في حق ذلك السلفي؟ مع وضوح اتهامات المأربي للشيخ ربيع حفظه الله وصراحتها في التكفير.
خامساً: لقد كرر أتباع الحلبي شبه المأربي وأكاذيبه وافتراءاته، وزادوا عليها أموراً أخرى من الأكاذيب، ومع ذلك لم يكفروا الشيخ ربيعاً، فوجه كلامك الفاسد إليهم فهم أولى بنصحك!
ولقد رد العلماء على أباطيل المأربي، وبينوا عظيم كذبه وافترائه ودجله، ووضحت ذلك في كتابي «إرواء الغليل في الدفاع عن الشيخ العلامة ربيع المدخلي حامل لواء الجرح والتعديل» بتقريظ الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله وهو كتاب مطبوع.
سادساً: الواجب عليك يا أيمن عبدالحميد أن تكون عاقلاً منصفاً متبعاً للدليل، ولا تكن للخائنين خصيماً، ولا تجادل عن المجرمين المتلونين كالحلبي والمأربي ومن على شاكلتهما، وأشباههما من أهل الباطل.
ولا تتسرع في الطعن في السلفيين، ولا تتسرع في الدفاع عن الحلبي، فهو والله ليس أهلاً للدفاع عنه لشدة تلونه ومكره وخداعه وتلاعبه.
فاتق الله والزم غرز علماء السنة، وابتعد عن أهل البدعة والضلال.
والمطلوب من الحلبي وأيمن عبدالحميد ومن على شاكلتهما: تعلم ضوابط التكفير، حتى لا يتهموا السلفيين بالأباطيل، ويجب عليهم التوبة إلى الله من هذه الادعاءات الباطلة، والأجوبة الفاسدة، وأن يؤثروا مرضاة الله على مرضاة الأتباع والإمعات والمبتدعة.
أسأل لله عز وجل أن يهدي ضال المسلمين، وأن يكفي المسلمين شر أهل البدع والفتن والضلال.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي
تنبيه: حذفت موضعين من الإجابة عن الفقرة 12 للمراجعة، وتحرير العبارات بما لا يستغله الحلبي وأضرابه من المتربصين.