السؤال : ما هي أنواع الاستواء في لغة العرب ، وكيف نثبت لله سبحانه وتعالى صفة الاستواء ؟
الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى :
الاستواء في اللغة العربية يأتي لازماً ، ويأتي متعدياً إلى المعمول بحرف الجر ، ويأتي مقروناً بواو المعية ، فهذه ثلاثة وجوه للاستواء .
* أما الأول : وهو أن يأتي مطلقاً غير مقيد بالمعمول ولا واو المعية :
فإنه يكون بمعنى الكمال .
ومن قوله تعالى (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى) أي : كمل ، ومنه قول الناس في لغتهم العامية : استوى الطعام ، أي : كمل نضجه .
* والقسم الثاني أو الوجه الثاني : أن يأتي مقرونا بواو المعية :
فيكون بمعنى التساوي .
كقولهم : استوى الماء والخشبة ، أي : تساويا .
* والثالث : يأتي معدا بحرف الجر :
_ فإن عُدي بعلى ، صار معناه : العلو والاستقرار .
_ وإن عُدي فإلى ، فقد اختلف المفسرون فيه :
& فمنهم من يقول إنه بمعنى : الارتفاع والعلو .
& ومنهم من يقول إنه بمعنى : القصد والإرادة .
> مثال معدى بعلى : قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) ، وقوله (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وقوله بعد ذلك في سبعة مواضع في القرآن الكريم .
> ومثال المعدى بإلى : قوله تعالى( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) ، وقوله (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) .
ولذلك اختلف المفسرون في الاستواء -استوى هنا- : فبعضهما قال معناها على : إلى السماء ، ومنهم من قال بمعني معناها : قصد وأراد .
وعلى كل فاستواء الله على العرش من الصفات الثابتة التي يجب على المؤمن أن يؤمن بها ، وهو أن الله تعالى استوى على عرشه أي :
علا عليه علواً خاصاً ليس كعلوه على سائر المخلوقات ، بل هو علو خاص بالعرش ، كما قال تعالى (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ) .
ولكن هذا الاستواء ليس معلوما لنا في كيفيته ، لأنه :
- كيفيته لا يمكن الاحاطة بها .
- ولم يخبرنا الله عنها ولا رسوله .
ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) : كيف استوى ؟ ، فأطرق برأسه حتى علاه العرق ، ثم قال : (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة) .
ونحن نعلم معنى الاستواء ونؤمن به ونقره وهو :
أنه سبحانه وتعالى علا عرشه واستوى عليه علوا واستقرارا يليق به سبحانه وتعالى ، ولكننا لا نعلم كيفية هذا الاستواء ، فالواجب علينا أن نمسك عن الكيفية ، وأن نؤمن بالمعنى .
وأما قول من قال : " أن معنى استوى على العرش أي : استولى عليه " ، فهذا قول لا يصح :
وهو مُخالف لما كان عليه السلف ولما تدل عليه هذه الكلمة في اللغة العربية فلا يعوض عليه بل هو باطل ، ولو كان معنى استوى استولى ؛ للزم :
- أن يكون الله تعالى مستولي على شئ لأنه سبحانه وتعالى مستولي على كل شئ .
- وللزم أن يكون العرش قبل هذا ليس ملكا لله بل ملكا لغيره! ثم استولى عليه من غيره وهذه معان باطلة لا تليق بالله سبحانه وتعالى .
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_793.shtml