تنبيه على بعض أخطاء صغار الطلبة في أمور منهجية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فبعض الطلبة لا يفرق بين قضية: وجوب أن يكون الرد من متأهل، ولا يكون الرد من غير المتأهل.
وقضية: اشتراط أن يكون الرادّ عالماً، وأنه لا يرد طالب العلم على عالم.
فالقضية الأولى: يقصد بها أن الرد لابد أن يكون من شخص عنده علم فيما يرد إما أن يكون بلغ مرتبة علمية تؤهله من الرد، أو بمتابعة متأهل ومراجعته وتقييمه، وإما أن يكون الذي رده من الأمور الواضحة الجلية التي لا تحتاج إلى غزارة في العلم.
وأما القضية الثانية: فهي أن الرد العلمي لا يشترط أن يكون من العالم لمن هو دونه، ولا يشترط التساوي في الرتبة، بل يشترط في الرد العلمي أن يكون بعلم، ومن شخص متأهل للرد، أو بمتابعته وتقييمه، أو تكون المسألة من الأمور الظاهرة التي لا يشترط فيها بلوغ رتبة علمية كالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك والأمر بالصلاة وبقية أركان الإسلام وبر الوالدين وتحريم العقوق وتحريم المحرمات الظاهرة ونحو ذلك من الأمور التي يعرفها عامة المسلمين.
مع التنبيه أن معظم النزاعات بين العلماء أو بين طلبة العلم لا تكون في المسائل الظاهرة الجلية، وإنما تكون غالبا في القضايا الخفية، أو التي فيها نوع خفاء أو فيها نوع التباس، فهذا النوع من القضايا لا يحسنه العامة، بل لا يحسنه بعض طلبة العلم.
ومن ذلك تفاصيل قضية تعارض الجرح والتعديل، وبعض شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعض تفاصيل قضايا الولاية فهذه لابد أن يكون المتكلم فيها من طلبة العلم المتمكنين وليس لكل من هب ودب كما نراه اليوم من فوضى عارمة، حتى أصبح النساء وصغار السن وحديثو الاستقامة يتكلمون في قضايا يحجم عنها بعض كبار العلماء.
وكذلك يتكلمون في النوازل ومن له أحقية الكلام فيها ومن ليس له أحقية، مع أنهم جهلة أشبه بالعوام أو هم من العوام.
فصرنا نسمعهم يحصرون الكلام في النوازل في بعض العلماء دون بعض، مع كون هؤلاء الصغار يتكلمون في النوازل، ويخذلون ويشغبون..
وكذلك يتكلمون في كبار العلماء من هو الكبير ومن ليس كبيراً، ويطعنون في بعض الأكابر ممن شابت لحاهم في العلم وهؤلاء المتكلمون من صغار الطلبة أو من العوام.
وصرنا نسمع من بعض من يزعم أنه سلفي يطعن في الشيخ عبدالرحمن محيي الدين وفي الشيخ محمد بن ربيع وفي الشيخ محمد بازمول وفي الشيخ حسن بن عبدالوهاب البنا وفي الشيخ محمد علي فركوس وفي الشيخ سليمان الرحيلي ناهيك عمن هو أكبر منهم من العلماء أو من هو دونهم.
والله عز وجل يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [الأنبياء: 7].
ويقول تعالى: { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 36 - 38]
وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» . رواه البخاري.
فليتنبه السلفيون لمكر الماكرين، ودسائس المندسين، وطرائق الإخوان والخوارج في زعزعة السلفيين.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
أسامة بن عطايا العتيبي
8/ 6/ 1438 هـ