هذا السؤال الحادي والستون،هذا سائلٌ يقول: بعض الشباب لا يدخلون المسجد إلا بعد إقامة الصلاة، ثُمَّ يخرجون منه مباشرةً بعد السَّلام، بدعوى أنَّ المسجد به بدع؛ مثل: الزخارف، والسُّبحة، وعندما نواجه هؤلاء بكلام أهل العلم؛ يقولون: أنَّ كلام العالم ليس بحجة، وهؤلاء الشباب يستدلُّون بقوله -عزَّ وجل ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [الأنعام:68]، وما قامَ بهِ ابن عمر عندما خرج من مسجدٍ به بدعة، نرجو من فضيلتكم توضيح ذلك الأمر - بارك الله فيكم -.
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وليُّ الصالحين وربُّ الطيِّبين، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله، سيدُّ ولدِ آدمَ أجمعين، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيِّبين الطاهرين، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد:
فإنَّ هؤلاء الشباب أرادوا الخير؛ لكنَّهم حرموا أنفسهم خيرًا كبيرًا، حرموا أنفسهم من الأجر، أعظم ممَّا هربوا عنه؛ من إنكار البدع الموجودة في المسجد.
وأرجو أن تُبلِّغوا هؤلاء الشباب سلامي؛ قولوا لهم: عُبيد الجابري يقرؤكم السَّلام، ولكم في الأمر مندوحة، إذا تذَكَّرتم قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ)) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري - رضِيَ الله عنه -.
فأنتم أيُّها الشباب لا تستطيعون التغيير لِمَا ترَوْنه من البدَعِ في المسجد - كما ذكرتم -، لا باليدِ ولا باللسان، إذًا لديكم بُغْضُ هذه البدع، وهذا من الإنكارِ بالقلب، ولا يَلْزَمكم غيره، فلا تحرموا أنفسكم فضيلة التبكير إلى المسجد من أجل هذه الأمور؛ اعتزلوها وصلُّوا في ناحية من المسجد.
وأمَّا ما استدللتم به من الآية؛ فإنَّها في الباطل من البدع المفسِّقَة والمكفِّرَة، وكذلك من لغْوِ المُشركين، وأمَّا أثر ابن عمر فكان يخرج من المسجد إذا سَمِع القَصَّاص.
فاستعينوا بالله - أبنائي -، وبادروا إلى التبكير بالحضورِ للمسجد، واغتنموا هذه الفرصة بين الأذان والإقامة؛ استكثروا فيها من الدُّعاء، من قراءة القرآن، من الصلاة، فهذه خيرات كثيرة؛ سارعوا إليها - باركَ الله فيكم -.