البيوت المضيئة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَجْعَلُوهَا قُبُورًا، كَمَا أَعَدَّتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بُيُوتَهُمْ قُبُورًا، وَإِنَّ الْبَيْتَ لَيُتْلَى فِيهِ الْقُرْآنُ فَيَتَرَاءَى لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تَتَرَاءَى النُّجُومُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ».
حديث حسنٌ.
رواه الفريايبي في فضائل القرآن (ص/145رقم35)، والسراج، ومن طريقه الذهبي في سير أعلام النبلاء(8 /29)، وروى البيهقي في شعب الإيمان(2/ 341رقم1982) آخره كلهم من طريق قتيبة بن سعيد ثنا بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله عنها به.
ورواه الإمام أحمد في المسند(6/ 65) حدثنا حَسَنٌ ثنا بن لَهِيعَةَ قال ثنا أبو الأَسْوَدِ عن عُرْوَةَ عن عَائِشَة رضي الله عنها: ان رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اجْعَلُوا من صَلاَتِكُمْ في بُيُوتِكُمْ وَلاَ تَجْعَلُوهَا عَلَيْكُمْ قُبُورًا".
والحديث من طريق قتيبة من صحيح حديث ابن لهيعة، فقد قال أبو داود: سمعت قتيبه يقول: "كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن أخيه أو كتب أبن وهب إلا ما كان من حديث الأعرج".
وله شاهد من مرسل عبد الرحمن بن سابط، رواه عبد الرزاق في المصنف(3/ 369 رقم5999)، عن معمر عن لَيْث-وهو ابن أبي سليم-، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْبَيْتُ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ يَكْثُرُ خَيْرُهُ، وَيُوَسَّعُ عَلَى أَهْلِهِ، وَيَحْضُرُهُ الْمَلائِكَةُ، وَيَهْجُرُهُ الشَّيَاطِينُ، وَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي لا يُقْرَأُ فِيهِ يُضَيَّقُ عَلَى أَهْلِهِ، وَيَقِلُّ خَيْرُهُ، وَيَهْجُرُهُ الْمَلائِكَةُ ، وَيَحْضُرُهُ الشَّيَاطِينُ، وَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ وَيُثَوَّرُ فِيهِ، يُضِيءُ لأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا يُضِيءُ النَّجْمُ الأَرْضَ".
وليث ضعيف، وقد رواه محمد بن فضيل في كتاب الدعاء(ص/293 رقم113)، وابن أبي شيبة في المصنف(6/127رقم30025) عن ليث عن ابن سابط من قوله.
تعليق الذهبي على الحديث:
قال الحافظ الذهبي بعد أن أورد حديث عائشة رضي الله عنها في سير أعلام النبلاء: "هذا حديث نظيف الإسناد، حسن المتن، فيه النهي عن الدفن في البيوت، وله شاهد من طريق آخر، وقد نهى عليه السلام أن يبنى على القبور، ولو اندفن الناس في بيوتهم لصارت المقبرة والبيوت شيئا واحداً، والصلاة في المقبرة فمنهي عنها نهي كراهية أو نهي تحريم، وقد قال عليه السلام: "أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة"، فناسب ذلك ألا تتخذ المساكن قبورا.
وأما دفنه في بيت عائشة صلوات الله عليه وسلامه فمختص به كما خص ببسط قطيفة تحته في لحده، وكما خص بأن صلوا عليه فرادى بلا إمام، فكان هو إمامهم حيا وميتا في الدنيا والآخرة، وكما خص بتأخير دفنه يومين، ويكره ة تأخير أمته لأنه هو أُمِن عليه التغير بخلافنا، ثم إنهم أخروه حتى صلوا كلهم عليه داخل بيته، فطال لذلك الأمر، ولأنهم ترددوا شطر اليوم الأول في موته حتى قدم أبو بكر الصديق من السنح فهذا كان سبب التأخير" انتهى.
والصحيح أن النهي عن الصلاة في المقبرة نهي تحريم لكون ذلك من ذرائع الشرك.
تنبيه: الحديث حسنه شيخنا الألباني في الصحيحة(رقم3112)، وذكر كلام الحافظ الذهبي بطوله.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي
24/ 3/ 1436 هـ