شدة غضب المؤمن إذا طلب منه انتهاك ما حرمه الله
قال أبو معمر القطيعي إسماعيل بن إبراهيم الهذلي رحمه الله: " لما حضرنا في دار السلطان أيام المحنة، وكان أبو عبد الله أحمد بن حنبل، قد أحضر، فلما رأى الناس يجيئون انتفخت أوداجه واحمرت عيناه وذهب ذلك اللين الذي كان فيه،
قلت: إنه قد غضب لله ".
قال أبو معمر: " فلما رأيت ما به قلت: يا أبا عبد الله أبشر،
وقد حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال:
«كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من إذا أريد على شيء من دينه رأيت حماليق عينيه في رأسه تدور كأنه مجنون». رواه أبو نعيم في الحلية بسند صحيح.
وأثر أبي سلمة رحمه الله رواه ابن أبي شيبة في المصنف، والبخاري في الأدب المفرد، وعبدالله ابن الإمام أحمد في زوائده على الزهد، وغيرهم بلفظ:
«لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متحزّقين ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم على شيء من دينه دارت حماليق عينيه كأنه مجنون». وسنده حسن.
لم يكونوا متحزقين: أي متقبضين متشددين، وتحرفت كلمة "متحزقين" إلى منحرفين، أو متحرقين، وغيرها من الألفاظ المتقاربة.
متماوتين: أي متضعفين كأنهم أموات.
بل كانوا وسطاً.
وتظهر شدتهم إذا أراد أحد أن يراودهم عن شيء من أمر دينهم، فيدور بياض عيونهم من شدة الغضب من تلك المراودة والمطالبة.
وهكذا المسلم لا يتهاون في هذا الأمر، فيغضب لله، ولا يتهاون في ارتكاب ما حرم الله، ولا يبيع دينه، بل يثبت على الحق، ولا يتوصل بدينه لحطام الدنيا، ومتاعها الزائل.
والله أعلم.
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
11/ 5/ 1439 هـ