[مقال] عبد الله العذبة والهجمات الحاقدة على الأنظمة الخليجية

[أم دعاء السلفية الفلسطينية]

عبد الله العذبة والهجمات الحاقدة على الأنظمة الخليجية

يحاول عبد الله العذبة مدير تحرير صحيفة العرب القطرية بكل مكر ودهاء أن يلعب دورا مزدوجا مفضوحا، فيلبس تارة مسوح المادحين لدولة قطر والأنظمة الخليجية، ويمسك السيف تارات أخرى طاعنًا ومهدِّدًا ومناديًا بملكيات دستورية تحت ستار الإصلاح الديمقراطي ورافعا لشعار التغيير وتهديد الأنظمة الخليجية بالتآكل إن لم تستجب.
يقول العذبة:”آمل ألا تكون قوة مخابرات كل من الأردن والمغرب هي من تجعل بعض المسؤولين الذين يفكرون بعقلية أمنية يتعامون عن حقائق التغيير القادم في المنطقة”.
هكذا يوجه العذبة تهديدا صريحا ومباشرا لدول المنطقة بالتغيير القادم المزعوم، لم يستثن من ذلك حتى دولته قطر، فهي الأخرى داخلة في عموم تهديده، ولعله انطلق في ذلك من قوله في موضع آخر:”وأي مصداقيةٍ ستكون للمركز (يعني مركز الدوحة لحرية الإعلام) ومموليه لو أن التقرير أثنى على دولة قطر وانتقد غيرها من الدول الخليجية والعربية؟!”.
وحينئذ فإذا كان العذبة يهدِّد دول المنطقة فلا بد وأن يدخل في تهديده هذا قطر، وإلا فإنه يُقال له ما قال هو لغيره: أي مصداقية ستكون له لو أن تهديده كان مسلطا على دول الخليج دون قطر؟!
ويقول العذبة أيضًا مهدِّدًا ومتوعِّدًا:”إن الحماية الحقيقية تأتي من الداخل من خلال نزع الخوف المختلق من شعوب الخليج، لأن أنظمة الخليج تتمتع بشرعية داخلية عالية لا تخفى على متابع، ولكنها ستتآكل بسبب رفض إشراك المواطنين في عملية صنع القرار السياسي والاجتماعي، ومنع المواطنين من ممارسة الرقابة على المال العام، وبسبب استفحال الفساد الذي ينخر المؤسسات الرسمية وتعارض المصالح”!
هكذا يتهم العذبة دول الخليج بالفساد ويهددها بأن أنظمتها ستتآكل إن لم تفعل كذا وكذا، ويصرح بلسان واضح بأن هذه الأنظمة قد استفحل الفساد في مؤسساتها الرسمية، لم يستثن من هذا التهديد والهجوم قطر، ولأن قطر هي دولته التي يعيش فيها فإن ما زعم من استفحال الفساد في المؤسسات الرسمية يتبادر بادئ ذي بدء أنها منصبة على دولته، وحينئذٍ لقائل أن يقول: لماذا آثر العذبة تشويه صورة بلده ومؤسساتها وبهذه القسوة والبشاعة؟!
ويقول العذبة أيضًا:”الإصلاح قطار له مواعيد لا تنتظر أحد، وعلى الحكام في الخليج الوصول إلى محطته باكرا، فما كان مقبولا قبل 20 سنة لا يمكن التعويل عليه الآن”.
هكذا يهدد العذبة حكام الخليج مرة أخرى بمن فيهم حاكم قطر نفسه، ويُلزمهم بأن يصلوا إلى محطة القطار وبأسرع وقت، وربما يتساءل أحد: هل سيقتنع حاكم قطر بضرورة الذهاب إلى هذه المحطة التي يُلزمه بها العذبة؟! وهل سيجد الوقت الكافي ليصل؟! وما الذي سيفعله العذبة إن تأخر حاكم قطر عن الوصول أو كانت له مخطات أخرى غير هذه المحطة التي اختارها له؟!
وحينئذ لقائل أن يقول: هل هذا هو أدب الخطاب من العذبة مع أمير بلده؟!
هل أصبح التهديد والوعيد عند العذبة هو الطريق الأمثل لمخاطبة حاكمه وحكام الخليج بدلاً من الاحترام والأدب والنصح المعقول وبالتي هي أحسن؟!
ويقول العذبة أيضًا:”الثورة المصرية أسقطت أدلجة الدين لطاعة الحكام في الخليج، وليتقوا الله في الناس ولا يكونوا رهبان كرهبان الكنيسة مُنفرين”.
هكذا يُسقط العذبة طاعة الحكام في الخليج من منطلقها الديني، ويدخل في جملة هؤلاء الحكام حاكم قطر نفسه، تلك الطاعة بالمعروف التي دلت عليها النصوص الشرعية، بل ويشن العذبة الحملات المظلمة المتوالية ضد المتمسكين بهذه النصوص ويختلق ضدهم التهم ويصفهم بشتى الأوصاف من مثل: مدخلية وجامية وعبيد وغير ذلك.
وقد رمى العذبة سهامه المسمومة على دول الخليج وحكامها في مواضع عدة وتناولهم بالسخرية والاستهزاء والغمز واللمز.
فمن ذلك قوله بكل وقاحة عن حكام دولتنا:”هناك من وصلوا للسلطة ويقولون أن أبناء الشعب مثل أبنائهم، ولكنهم قد يسجنونهم ويعذبونهم ويقولون إنهم شكلوا جناح عسكري”.
وقال أيضًا من دون حياء ولا خجل:”سيشتمونك لأنك تطلب منهم الانتساب لأبيهم، لا لرجل هم ليسوا من صلبه وسيرددون نحن عيال فلان نحن عيال فلان”.
وقال متهجما على المملكة العربية السعودية:”صديقنا علي صالح يشكر السعودية وأميركا لدعمه في محاربة القاعدة، طبعا القاعدة هنا هي الشعب اليمن الذي يمثل القاعدة الشعبية”.
وقال متهجما على البحرين:”البحرين تنذر نفسها لمحاربة الإرهاب بعد مقتل ابن لادن؛ استجابة لنداء أوباما بوجوب أن تعطي البحريني حقوق الإنسان العالمية!”.
وقال متهجما على حاكم عمان:”بماذا يشعر قابوس سلطان عمان وهو يهني زميله بشار الأسد بمناسبة شهر رمضان الكريم؟ ألم يسع الحاكم العماني أن يصمت؟”.
وعلق بعضهم ساخرا فقال العذبة:”يسويها قابوس”!
وقال أيضًا غامزا في حاكم الكويت:”تمارس قطر وجزيرتها دورا رائدا ومشبوها في محاولة اسقاط نظام الاسد / نبيل الفضل، الذي يقال أنه محسوب على أمير الكويت”.
وعلى ضوء تلك الإلزامات والتهديدات وسوء الأدب وقلة الاحترام من العذبة مع حكام الخليج فقد طالب العذبة وفي مواضع عدة بملكيات دستورية.
فمن ذلك أنه سئل:”أين وصل قطار قطر؟”.
فأجاب:”في 2013 إن شاء الله، وأتوقع أن تكون الكويت ملكية دستورية قبل باقي دول الخليج”.
وقال أيضًا:”لم يبق في العالم ملكيات مطلقة إلا قطر والإمارات والسعودية، ومن المتوقع أن تتحول قطر إلى ملكية مُقيدة في منتصف 2013″.
وقال أيضًا:”أتمنى صادقًا أن تعود الكويت للواجهة مرة أخرى، ولن يتأتى هذا إلا بخضوع الحكومة الكامل لمجلس الأمة وإرادة الشعب هناك، وهذا سيجعل ديمقراطية الكويت أنموذجاً تحتذيه دول الخليج العربي، لا شماعة لتأخير الإصلاح الديمقراطي فيها”.
وتحقيقا لمطالبه فقد غمز في ملك المغرب وحرَّض على الثورة في المملكة الأردنية الهاشمية.
يقول العذبة:”هناك من يعتقد بأن ملك المغرب يناور، ولو كان جاداً لدعى إلى تشكيل جمعية منتخبة لوضع دستور ملكية دستورية كاملة ومن ثم القيام باستفتاء عليه”.
وقال محرِّضًا على الثورة في الأردن وهي من جملة الأنظمة الملكية:”د. عبدالعزيز الزهراني يستخدم الأسلوب الساخر، قالوا له: الأردن تنتفض طال عمرك، فقال: إذا تنتفض من الحرارة فعطوها بندول، وإن كانت بردانة لحفوها لأن الشتاء دخل”.
ثم قال:”الأردن على منسف ساخن”.
وقال:”هل تستطيع دول الخليج استخدام الاقتصاد الريعي لإسكات 5 ملايين من الأردن؟”.
وقد علق بعضهم على كلماته هذه قائلا:”لا أخفيك فمنذ انطلاق الربيع العربي وأنا انتظر ربيعاً أردنياً يثبت أن الأردنيين أصابتهم عدوى صحية من جيرانهم السوريين”.
وقد حاول العذبة التنصل من خطورة تحريضاته ضد الأردن بأنه كان مازحًا!!
وتحقيقا لمآربه سعى العذبة وباستماتة في الدفاع عن التنظيم الإخواني العالمي الذي يحاول استغلال ما يسمى بالربيع العربي لفرض أجندته، وصرف النظر عن مؤامراته وخطره على دول الخليج، متذرِّعًا بأن الخطر يكمن فقط في المد الصفوي الإيراني.
ولكن العجب أننا نجده يقول في الوقت نفسه:”الإخوان المسلمون لهم علاقات وطيدة مع إيران، ونحن علاقتنا بإيران لأسباب إنسانية لأن الشعب الإيراني لا يتحمل وزر ما تفعله حكومته وسفارتها”!
فإذا كان العذبة يندد بالمد الصفوي حقا فإن عليه إن كان صادقا أن يندد بالعلاقة الوطيدة بين الإخوان المسلمين وإيران صاحبة المد الصفوي والتي اعترف هو بها!
أم أن مقصود العذبة حصريًّا هو الطعن في أنظمة دول الخليج؟!
إن العذبة بهجماته الجائرة الحاقدة على الأنظمة الخليجية وطعوناته المستمرة وتحريضاته المشينة وتدخلاته المغرضة يضر أول ما يضر ببلده قطر ويسيء إليها وإلى شعبها، وحينئذ فلا بد للعقلاء هناك من الأخذ على يده وأيادي أمثاله من أصحاب الفتن والمحرضين، ذلك هو المأمول من قطر، حفظا للسلامة والاستقرار وصيانة للعلاقات الطيبة المتينة، في وقت أحوج ما تكون فيه المنطقة إلى التلاحم والتماسك والائتلاف والتأكيد على أن دول الخليج كانت ولن تزال بإذن الله على يد واحدة وصف واحد أمام ما يهدد أمنها وأمانها وسلامتها واستقرارها وتلاحمها.

كاتب إماراتي - جزاه الله خيرا -