منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-21-2012, 09:19 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي بيان شيء من حال أبي صفوة راكان العراقي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد سألني بعض الإخوة عن حال أبي صفوة راكان العراقي ضمن لقائي معهم فكان مني هذا الجواب:


http://m-noor.com/showpost.php?p=31785&postcount=60



والله الموفق
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-21-2012, 09:24 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

وهذا رد الشيخ رائد آل طاهر وفقه الله:


ثـورة البركـان
في نسف تـلبيسات وتـخليطات أبي صفـوة راكـان




كتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر



ثورة البركان في نسف تلبيسات وتخليطات أبي صفوة راكان

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:
فإنَّ خير الكلام كلام الله عزَّ وجلَّ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إنَّ من غرائب الأمور أنَّ أهل الزيغ على مختلف أصنافهم وأحكامهم يَعدُّون صبر أهل السنة على تخرصاتهم وتخليطاتهم من الضعف والذلة، ولهذا نراهم لا يزدادون بالصبر عليهم والتصبر إلا بعداً عن الحق وإصراراً على الباطل، ومن هؤلاء هذا المدعو (أبي صفوة راكان الموصلي) الذي نحن بصدد الرد على تأصيلاته وتخليطاته وتلبيساته.
هذا الرجل الذي فضح الله عز وجل حاله وكشف ستره، فأظهر ما كان يخفيه في نفسه من موافقة أهل التمييع في تأصيلاتهم، وأبان ما في صدره من حنق وبغض على السلفيين ودعاتهم، وتجرأ عليهم بالكذب والبهتان والطعن والهجران، في مقابل التوقف عن تبديع أهل الأهواء الذين انكشف أمرهم للصغير قبل الكبير وللمبتدئ في العلم قبل المتقدِّم بدعوى عدم الجرأة!، ويحلف بالأيمان المتكررة على أنهم ليسوا بمبتدعة مع كونه يقرُّ أنَّ عندهم بدعاً وضلالات وطواماً تقصم الظهر، وأنَّ العلماء حكموا بتبديعهم، وأدهى من ذلك كله جرأته في الطعن ببعض الصحابة ووصفهم بالجبن وعدم العلم، وضربهم كأمثلة سوء على حالاته وسلوكياته النفسية المريضة، بل وتصوير بعض مواقف النبي صلى الله عليه وسلم الرشيدة بأنها أمثلة على بعض الحالات التي يمر بها الإنسان وتؤثِّر فيه فلا يسيطر بسببها على نفسه أو حالته المعتادة، هذا بالإضافة إلى التلبيسات والافتراءات في النقل، والخلط والتخبط والتناقض في الكلام، فإنْ دلَّ هذا على شيء فإنما يدل على سفاهة عقله وبضاعته المزجاة في العلم.
هذا الدَّعي الجهول المتحامل على السلفيين المتمايع مع الخلفيين؛ هو شديد البأس على إخواننا السلفيين شباباً ودعاة وطلبة علم في محافظة الموصل، وقد أثار فتنة وفرقة كبيرة هناك بسبب سوء تصرفاته وغلظة أخلاقه ومجازفة أحكامه مع خلط ولبس في التأصيل والاستدلال، فكان السلفيون يشكون من أذاه ويناشدون طلبة العلم في العراق إلى التدخل لخمد فتنته وإيقاف عدوانه وتخبطه، والحمد لله استجاب لنداءاتهم المتكررة بعض طلبة العلم وسمعوا منهم مخالفات هذا الرجل والمؤاخذات التي أخذوها عليه، ثم قاموا بدراسة حاله وأحكامه وتأصيلاته من بعض كتبه وأشرطته ومواقفه فوجدوه أنه ليس على الجادة، وليس من أولي العلم والعدل، فحاولوا نصحه وإرشاده إلى الحق وزجره عن الظلم والباطل؛ بالتي هي أحسن وبأرفق السبل فلم يجدوا منه استجابة.
فما كان مني (العبد الفقير كاتب هذه السطور) بعد ذلك إلا أن كتبتُ فيه بياناً مفصَّلاً عن سلوكياته المخزية ومواقفه المشينة وبعض تأصيلاته الباطلة، وكشفتُ فيه حقيقة كتابه (الإكليل) الذي حاول أن يرتفع به كبراً ويتشبَّع بما ليس فيه زوراً، ولقد لاقى هذا البيان عند أهل العلم وطلبته والسلفيين قبولاً وتأييداً ونصرة، ولله الحمد وحده.
فما كان من هذا الرجل الغريب الأطوار إلا أن يعلن تراجعه عن المؤاخذات التي أُخِذت عليه أمام جمع من طلبة العلم، ويُكتَب هذا التراجع عن جملة من مخالفاته في ورقة مدونة بتوقيعه وتوقيع الحاضرين من طلاب العلم، وهي موجودة عند الشيخ أبي عبدالحق وفقه الله، ثم يُعلَن هذا التراجع في مجلسين كبار، الأول يضم عشرات من الإخوة السلفيين في قرية مجارين في الموصل، والثاني يفوق المئتين منهم في مسجد القرية قبل صلاة الظهر، ثم يُسجَّل هذا التراجع في عدة أجهزة من أجهزة النقال التي وضعت أمام المتحدِّثين في الجلستين.
فحمِد اللهَ تعالى السلفيون على هذا التراجع والصلح، وفرحوا به كثيراً، والتزموا به، وحاولوا بعد أيام منه تطييب الخواطر والنفوس، فدعوا أبا صفوة وجماعة من أنصاره إلى عدة ولائم ولقاءات مع إخوانهم السلفيين، فقَبِلَ أبو صفوة واحدة منها ورفض الباقي بشدته المعهودة الذميمة!، فاستغرب إخواني من هذا التصرف، فطلبتُ من الإخوة أن يصبروا ويتركوا الإلحاح في دعوته والمواصلة والجلوس معه، وأن لا يتعرضوا له بأي كلمة، وأن يحافظوا على العهد الذي أعطوه - وأعطاه هو! - في وقت الصلح بأن يكفوا ألسنتهم عن الكلام بعضهم في بعض.
وقد كانت تصلني من بعض إخواني الأفاضل بعض الأخبار عن أبي صفوة، أنه يصف بطانة الشيخ ربيع حفظه الله بالسيئة!، وأنه يشيع في مجالسه أنه قَبِلَ بالصلح تنازلاً!، وأخبار أخرى عن بعض الناطقين باسمه وطعوناتهم في السلفيين ومواقفهم التي هي من قبيل تحريش الشيطان وجنده، وآخرها طعنهم فيَّ بدعوى أني كنتُ رافضياً أسبُّ الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين!!، هذه التهمة الجائرة والبهتان المبين الذي تلقَّفته آذانهم الفاجرة من أقلام وألسنة الحلبيين الآثمة، فكنتُ أُصبِّر نفسي وإخواني على هذا التهم والإفك الباطل، وأقول لهم: حافظوا على عهدكم ولا تنقضوه حتى يصدر من لسانه ما يدينه.
ثم أخبرني البعض أنَّ أبا صفوة قد عزم الذهاب إلى العمرة في رمضان مع بعض أصحابه لمحاولة تسقيط (الشيخ عبدالباسط المشهداني) و (رائد آل طاهر) عند العلماء والمشايخ!، فضحكتُ وقلتُ لهم: دعوهم يفعلوا ما شاءوا، فعلماؤنا ومشايخنا يعلمون عن أحوال الدعوة والدعاة في العراق أكثر مما تتصورون، وليس عندنا والله ما نخشاه أن يُعرض عليهم، فلا يضركم ما يخططون إليه.
وفي أثناء العمرة بلغني أنَّه لم يحصل لهم لقاء مع الشيخ ربيع حفظه الله بعد محاولة فاشلة!، ثم حصل بين أحد إخواننا السلفيين الذين لم يحضر في الصلح ولم نتعرَّف عليه بعد لقاء مع أخينا الشيخ أسامة العتيبي وفقه الله، وجلس في اللقاء الأخ الفاضل أبو أسامة ممن كان حاضراً في الصلح ملتزماً به، فسأل الأخ الأول الشيخ أسامة العتيبي عن حال أبي صفوة؟ فأخبره الشيخ أسامة وفقه الله أنَّ الشيخ يقول فيه: هذا رجل ضعيف الشخصية ضعيف العلم، وذكر له أوصافاً أخرى سيأتي بيان ذلك، وسجَّل الأخ هذا الكلام، ثم عاد إلى العراق، وبدأ الشريط ينتشر، فسألني الإخوة عن نشر هذه الصوتية؟ فرفضتُ أن يقوموا بذلك، وقلتُ لهم: أعطيناه عهداً فلا ننقضه، فرحَّب بهذا الإخوة السائلون وقبلوه، وفقهم الله وبارك فيهم.
فلما رجع أبو صفوة وأصحابه من عمرة رمضان الماضي، بقي الحال على ما هو عليه؛ الصوتية تنتشر، وأبو صفوة لم يُسمع له صوت أو رد، حتى جاءت هذه الجلسة التي فيها مصرعه وحفر فيها بنفسه قبره.

جلسة أبي صفوة الجديدة وما فيها من تلبيسات وتخليطات

جاء أبو صفوة في عيد الأضحى الماضي لعام 1433هــ إلى قرية (تويم) وهي قرية صغيرة قريبة من قرية (مجارين) في الموصل، وعقد مجلساً مع بعض المقربين والمدافعين والمعظِّمين له، فردَّ على صوتية الشيخ أسامة العتيبي وفقه الله، وتكلَّم في هذه الجلسة ما لم يكن بالحسبان، وملأها بالتلبيس والخلط والبهتان، وهذا أوان الرد على ما جاء في هذه الجلسة من تأصيلات وطعونات وتخرصات، وهي بصورة وقفات، أنقل فيها كلامه أولاً على ما فيه من عجمة ولهجة عامية وأخطاء نحوية، ثم أقوم بالرد عليه والتعليق:

مقدِّمات أبي صفوة في جلسته هذا
الوقفة الأولى:
قال أبو صفوة في أول الجلسة: ((أتمنى تسجِّلون هذا الكلام، إذا أحد من الإخوة يُسجِّل حتى يكون إذا غيره يريد يسمع هذا الكلام)).
قلتُ:
فالجلسة ليست خاصة!، ونشرها في الناس كان بطلب من أبي صفوة نفسه!، ومع هذا سمعنا أنَّ أبا صفوة يُنكر على مَنْ قام بنشرها، وشنَّع عليه بشدة، بعد أن علم أنَّ الصوتية وقعت في أيدي السلفيين فأنكروها.

الوقفة الثانية:
قال أبو صفوة بعد المقدِّمة التي تكلَّم فيها عن المصالح والمفاسد ومراعاة مقاصد الشريعة: ((الآن في مسألة: أريد أتكلَّم عن فلان من الناس، يجب أن أعرف حدود هذا الكلام، ويجب يعني، هُم القاعدة يقولونها: يجب أن يكون الجرح مفسراً، ويجب أن يكون الجرح مؤثراً، يجب أن يكون مفسراً يعني يتبين حال المجروح، ويجب أن يكون هذا الجرح مما يقدح فيه في عقيدته في منهجه في ديانته، عند ذلك يرتضى هذا القول، وأما قدحاً مجملاً أو قدحاً غير مفسر أو قدحاً لا تعلق له بانتقاص بديانة أو بمنهج المقدوح: فهذا قدح مردود، هذا قدح مردود، إلى هذا الحد، الآن ننزل إلى هذه المسألة التي صار فيها الكلام)).
قلتُ:
إنَّ أبا صفوة يضيف شرطاً ثان غير التفسير على الجرح حتى يُقبل!، وهو أن يكون الجرح مؤثراً، ولو أنه ترك الكلام هكذا لما اعترضنا عليه، لأنَّ الجرح المفسَّر في إطلاق أهل الشأن يُراد به المعتبر القادح المؤثر، لكنَّ الإشكال أنَّ أبا صفوة قد فسَّر التأثير بالإقتناع!، فقال في كتابه [الإكليل 2/606]: ((إذا عارض الجرح تعديل من ثقة معتبر، فالقاعدة عند أهل العلم: أنَّ الجرح يقدَّم على التعديل لكن بشرطين: الشرط الأول: أن يكون الجرح مفسراً، الشرط الثاني: أن يكون الجرح مؤثراً، ومعنى أن يكون الجرح مفسراً: أي موضحاً ومبيناً للأمر الذي تعلَّق به الجرح، كأن يذكر أقواله وكتاباته المخالفة للشرع، أو ما قام به من سبب يمنع قبول روايته وشهادته، ومعنى أن يكون مؤثراً: أي أن يكون مقنعاً، بأن يكون الجرح معتبراً يثبت حقيقة حصول المخالفة؛ فقد يكون الجرح في المسائل التي يسوغ فيها المخالفة، أو مما لا يقدح ولا يجرح فيمن وقع عليه الجرح، أو .... ، بهذه الشروط يُقدَّم الجرح على التعديل)).
ومعلوم أنَّ إضافة شرط (الإقناع) إلى الجرح المفسَّر حتى يُقبل هي من تأصيلات علي الحلبي!، كما قال في هامش كتابه [منهج السلف الصالح/ الطبعة الثانية ص219]: ((تنبيه آخر: قلتُ في بعض مجالسي: لا "يُلزَمُ" أحدٌ بالأخذ بقول جارح إلا ببينة "مُقنِعَةٍ" وسببٍ واضحٍ، أو بإجماعٍ علميٍّ معتبر، ففهما البعض - ولا أدري كيف - على أصل الجرح، وأنه لابد له من إجماع!!، وفرق بين "قوله" أو "قبوله" وبين "الإلزام به" كبير كثير - كما لا يخفى-!!. فمن "قبله" - مقتنعًا به - فنعمَّا هو، ومَنْ لم يقبله لعدم قناعته الشرعية العلمية لا يلزم به، وإلا فكيف يُلزِمُ المختلفان في "واحدٍ" غيرهما؟!، وما دليل كل في هذا الإلزام؟!، وما موقف "الملزَم"؟! ثم إنَّ "الإلزام" المنفي - ها هنا- هو ما يترتب عليه تبديع، وتجديع، وتشنيع!، أمَّا "الإلزام" بمعنى: الانتصار والتأييد وجمع الأدلة لنصرة قولٍ ما فهذا مقبول غير مرذول، وقد قال الإمام الذهبي في [السير 11/82]: "وإذا اتفقوا على تعديلٍ أو تجريحٍ فتمسَّك به"، وقال شيخ الإسلام في [منهاج السنة النبوية: 3/98]: "والحق: أنَّ أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ"، والكلام كله حول "أهل السنة" وفيهم، لا المبتدعة وذويهم!، فلا تتجنَّ!!)).
وفي كلام الحلبي هذا ثلاثة أصول فاسدة:
الأول: اشتراط القناعة في الإلزام بالجرح المفسَّر.
الثاني: تجويز التخطئة والرد دون الطعن والتبديع.
الثالثة: عدم الإلزام بالتجريح إلا بشرط الإجماع.
وسيلاحظ القارئ المنصف أنَّ أبا صفوة راكان الموصلي يوافق الحلبي في هذه الأصول الفاسدة، فأما موافقته في الأصل الأول فتقدَّم من كلامه ما يدل عليه، وأما موافقة الحلبي في الأصل الثاني فسيأتي من كلام أبي صفوة أنه يقر أنَّ الحلبي عنده بدع وضلالات وطوام لكنه يرفض تبديعه، وأما موافقته في الأصل الثالث فسيأتي من كلام أبي صفوة أنه يرفض تبديع الحلبي لأنه لم يبدِّعه إلا اثنان من العلماء كما يزعم، وسيأتي تفصيل ذلك كله.

الوقفة الثالثة:
قال أبو صفوة: ((سبب هذا الكلام إنما نُقل إلى هذا الرجل: بأنَّ أبا صفوة قد نقض العهد ونقض الصلح الذي جرى في مجارين)).
قلتُ:
يقصد أبو صفوة كلام الشيخ أسامة العتيبي وفقه الله في التحذير منه وبيان حاله في صوتية منشورة بين الشباب من أهل الموصل كما تقدَّم.
وليعلم القارئ أنَّ الشيخ العتيبي وفقه الله كان من أصحاب أبي صفوة الذين تقوَّى بهم ضد السلفيين في الموصل فترة من الزمان، لكن لما عَلِمَ الشيخ العتيبي حاله وحقيقة أمره تكلَّم فيه وحذَّر منه، وقد بيَّن ذلك الشيخ العتيبي في صوتيته المنشورة مختصراً، فلما بلغ أبا صفوة أنَّ الشيخ العتيبي تكلَّم فيه، صار يقلِّل من شأن الشيخ العتيبي ويلمزه بالجهل وعدم التثبت، بينما كان من قبل من المشايخ السلفيين المعتبرين عنده وعند أصحابه!.
وأما دعوى أبي صفوة أنَّ سبب كلام الشيخ العتيبي فيه هو ما نُقِلَ إليه من نقضه للعهد ونقضه للصلح؛ فهذه هي الكذبة الأولى له في هذا الجلسة، وسنكشف لكم أيها القراء الأفاضل كذباته لتعرفوا حقيقته كما هي.
وإليكم نصُّ السؤال - المختص بأبي صفوة - الذي وجِّه إلى الشيخ العتيبي وفقه الله ونصُّ الجواب، كما في المقطع المنشور الذي ردَّ عليه أبو صفوة:
قال السائل: السؤال الرابع ما رأيكم في كتاب "الإكليل" للمدعو أبي صفوة؟ وهل صحيح أنَّ الشيخ ربيعاً أثنى على المؤلِّف؟ وهل أنتم أيضاً أثنيتم على الكتاب وعلى المؤلِّف؟
فأجاب الشيخ أسامة وفقه الله: ((هذا الكتاب أهداه إليَّ أبو صفوة، ولم أقرأه، إلا بعضاً منه، وفيه بعض التخاليط وكلام فاسد، وكذلك كنتُ قد قلتُ للشيخ ربيع حفظه الله: إنَّ أبا صفوة موجود ومعه الكتاب وكذا وكذا، أردتُّ أن أتوسَّط له، وما كنتُ أعرف ما عند أبي صفوة من الانحرافات الأخيرة، وكانت عنده أشياء نصحتُه فيها، مثل تركه لصلاة الجمعة أكثر من سنة أو سنتين))، ثم وجَّه الشيخ العتيبي في الجلسة سؤلاً للأخ أبي أسامة الموصلي - الذي كان جالساً عنده، ويظهر أنه لم يكن منتبهاً معهم في الحديث -: ((يا أبا أسامة؛ كم سنة ترك صلاة الجمعة؟))، فلما أعاد الشيخ والسائل معاً عليه السؤال مرة أخرى، لم يكن جوابه مسموعاً، فواصل الشيخ أسامة بقوله: ((سنة وزيادة، بشبهٍ واهية تدل على جهله، فلما توسَّطتُ عند الشيخ ربيع له، قال الشيخ ربيع لي: هذا الرجل ضعيف في الشخصية ضعيف في العلم، أي قال عنه ضعيف مرتين، وهو كما قال الشيخ، وهو رجل عنده فجور في الخصومة، ويفتري على السلفيين، وفيه مسلك من مسالك الحدادية، أسأل الله أن يتوب عليه ويهديه وأن يصلحه، نعم)).
فهذا الكلام المسجَّل - سؤلاً وجواباً - المنشور عند الشباب في الموصل، والذي قام أبو صفوة بالرد عليه في جلسته هذه، هل يجد القارئ فيه ما زعمه أبو صفوة من أنَّ السائل نقل للشيخ العتيبي أنَّ أبا صفوة نقض العهد والصلح!، فبنى الشيخ العتيبي حكمه على هذا النقل؟!
أم هو الافتراء والتلبيس الذي اعتاده هذا الرجل؟!

الوقفة الرابعة:
قال أبو صفوة: ((وأنتم تعلمون يا إخوة، كلكم يمكن حضرتوا الصلح، الصلح جرى، الصلح جرى بتنازل من عندي!، كلكم يعرف هذا الشيء!!، يعني: هل هناك تنازل من الطرف الآخر في مسألة؟، هل معلوم أنَّ كل المسائل التي يتكلَّمون فيها على حق وأني على باطل؟!)).
قلتُ:
هذا إقرارٌ منه أنَّ تراجعه لم يكن عن اعتراف بالخطأ!، وأنَّ توبته لم تكن صادقة!، وأنَّ الصلح لم يكن عن نية خالصة!، وإنما فعل ذلك تنزلاً، لا استجابة للحق وانقياد لدلائله، وهذا هو حال المراوغين اللعَّابين، يُحاولون أن يحتالوا وأن يتلونوا كالحرباء، بحسب المواقف والظروف التي تحاط بهم.
ودعواه أنه قَبِلَ الصلح والتراجع تنزلاً يدل على نقضه للعهد وهدمه للصلح، فلا عهد له ولا صلح معه بعد هذا، وهو الذي بدء هذه الفتنة، وهو الذي أعاد الكرة من جديد، فلا يلومنَّ بعد هذا إلا نفسه.
وأما سؤاله: هل هناك تنازل من الطرف الآخر في مسألة؟
لا أدري عن أي شيء يتنازل الطرف الثاني؟ وما هي المسائل التي أُخذت عليه أصلاً؟
فالطرف الثاني هو الناقد، وأبو صفوة هو المنتقَد، ولم يُلزَم الطرف الثاني إلا بعدم نشر البيان المفصَّل في أبي صفوة، وقد التزم هذا الطرف بهذا، وطلب من الجميع الكف عن نشر البيان، بل أكثر من ذلك، فقد كان الطرف الثاني يسمع بعض التلميحات التي تدل على نقض أبي صفوة للصلح فكان يصبر ويتصبَّر ويصبِّر، والله يشهد ويسمع.

الكلام حول جلسة تراجعات أبي صفوة والصلح مع السلفيين
الوقفة الخامسة:
نقل أبو صفوة الجلسة التي جرت معه في حضور الشيخين عبدالباسط المشهداني والشيخ أبي عبدالحق وبعض الإخوة في منطقة العَلَم من محافظة صلاح الدين، وقد حضرتُ هذه الجلسة من بغداد العاصمة في وقت كانت فيه الطرق مغلقة بطلب من بعض الإخوة الذين حاولوا التدخل في إنهاء هذا الخلاف، فبادرتُ لذلك مع مخاطر الطرق. ولم ينقل أبو صفوة لأصحابه هذه الجلسة كما كانت ولا ما جرى فيها، لأنه يعلم أنَّ في ذلك فضحاً لتلبيساته وكشفاً لكذباته وإدانة له، لهذا اقتطع جزءاً يسيراً منها وحرَّف فيه.
قال أبو صفوة: ((جا رائد آل طاهر، جاب الأوراق، إلي هو تعرفون المسائل إلي تكلَّم فيها، طلبتُ منو والإخوة يدرون أنو يـبدي من البداية من مقدمة الأقوال إلي طعن أنو أني تكفيري!، وأنو أني أجالس التكفيرية، ولي علاقات مع التكفير، من ضمن المسائل، وأنو هؤلاء القوم لهم فضل عليَّ ولهم يد عليَّ وهم إلي يشترولي كتب ويشترولي مكاتب وغير ذلك، أخر المطاف تكلَّم عن مسألة الكتاب، وهو منين بدا؟ بدا من الكتاب، أصرَّ على هذه المسألة، وأبو عبدالحق الرجل نزل على قوله، بدو بمسألة الكتاب)).
قلتُ:
زعم أبو صفوة أنَّ بداية ردي عليه كان من طعني فيه بالتكفير ومجالسة التكفيريين والعلاقة بهم، وقد كذب في هذا مرتين، الأولى أنَّ هذه المؤاخذة كانت الرابعة في تسلسل المؤاخذات، وردي ولله الحمد منشور، وقد قام أخيراً أحد المميعة بنشره في (منتديات كل السلفيين) التابعة لعلي الحلبي وحزبه، فليراجعه مَنْ أراد أن يعرف كذب أبي صفوة في هذه الدعوى.
والكذبة الثانية في هذا النقل أنه زعم أني وصفتُه بأنه تكفيري!، وكلامي بنصه أني قلتُ: ((4- مجالسة التكفيريين والتوجيه لهم في بعض مواقفهم، بعد مقاطعة بينه وبينه حتى كانوا يستحلون دمه، ثم فجأة تغير الحال بينهم، وصاروا يزورونه في بيته، ويشيخونه عليهم، ويتصلون به ويشاورونه في أمورهم وتحركاتهم، حتى الذين كانوا في الاعتقال ذكروا عنه أشياء كان يفتيهم بها، وصار أبو صفوة يتجول في منطقته بعد أن كان ذلك محرماً عليه؛ بسبب تهديدات تلك التنظيمات التكفيرية المسلحة!))، فأين كلامي هذا فيه من نقله المكذوب عليَّ؟! وإذا كان يكذب مع وجود البرهان المنشور!، فبماذا سيفتري إنْ لم نجد برهاناً على كذبه؟!!
أما دعواه أني أصررتُ على أن نبدأ النقاش من المؤاخذات على كتابه "الإكليل" لا من طعني فيه بمجالسة التكفيريين، وأنَّ أبا عبدالحق نزل على قولي، فهو كذبٌ عليَّ وعلى أبي عبدالحق، وأبو صفوة هو الذي أصرَّ على البدء من مسألة مجالسة التكفيريين، وأنالم أعترض، وإنما قلتُ: هذه المسألة يشهد عليها بعض الإخوة في الموصل، فإنْ شئتم اتصلنا بهم أو نلتقي بهم ونستفصل منهم، لأني لستُ في المحافظة التي يسكن فيها أبو صفوة، ثم قرأتُ عليهم نقلاً واحداً من كتاب الإكليل لأبي صفوة يدل على هذه العلاقة، وهو قوله في [المجلد الرابع ص1466] وهو يتكلَّم عن أول احتلال الأمريكان للعراق فقال: ((وكما قلنا فإنَّ السنة الأولى لم تشهد قتالاً إلا في صور قليلة لا تكاد تذكر، ولكن بعد سنة تقريباً بدأت المقاومة، وتوجهتْ في بدايتها ضد الأمريكان وعلى الطرق الخارجية وتصيد الدوريات الراجلة داخل المدن. وحقيقة الأمر!: أنها أثمرت بعض الشيء وأحدثت بعض النكاية بالعدو!، بل لا يمر يوم على العدو إلا ويُقتل منه ما لا يقل عن عشرة، بل ربما العشرات، ولو استمرت على ما كانت عليه لانخرط الكثير من أهل السنة تحت لوائها!!، وكان يقودها عراقيون في الغالب، وإنْ كان الطابع عليها الميول التكفيرية، لكن كان معهم بعض السلفيين ممن يرى القتال!، ولم يحصل ذلك الخلاف المعتبر في بادئ الأمر!؛ إذ الجميع يعتبرونه خلافاً فقهياً!!، مَنْ رأى القتال وجب عليه!، ومَنْ لم ير القتال فلا إثم عليه. لكن سرعان ما بدأ يتغير مسار القتال، فتوجه جزء كبير منه إلى أصحاب المعاصي المجاهرين بها من أهل الخمور ودور السينما وأماكن الدعارة، وتوجه قسم منه إلى الجواسيس والموالين للأمريكان من المترجمين والعاملين عندهم والمعاونين لهم، وتوجه قسم منه إلى مَنْ يُشك أنه متعامل مع الأمريكان، وبعض القتل بلا تثبت وبدون روية، فقُتِلَ منهم من قتل، وترك من ترك. وبعد توسع نفوذ المقاومة وغلبة شوكتهم دخل معهم من دخل ممن يسعى للحصول على الأموال وممن لديه عداوات ويسعى لتصفية الحسابات باسم المقاومة والجهاد، ثم وفد أشخاص من دول عربية لا يُعرف عنهم شيئاً تولوا كثيراً من قيادات المقاومة، فحصل الاحتواء والاختراق من جهات مختلفة....)) إلى آخر كلامه عن مساوئ ما حصل بعد من قبل هذه التنظيمات المسلحة.
قلتُ:
لو كان كلام أبي صفوة هذا في عام 1423هـ/ 2003 بالإفرنجي أي أول سقوط بغداد تحت احتلال الأمريكان، لقلنا: اختلط عليه الأمر، لكن كلامه هذا دوَّنه في كتابه "الإكليل" الذي تم الفراغ منه في عام 1429هـ/ 2009 بالإفرنجي! كما هو مثبَّت في آخر صفحة للكتاب، فما الفائدة من ذكره بعد هذه السنوات التي عرف فيها المبتدئ والعامي فساد ما يسميه هذا بالمقاومة وانكشاف منهجها التكفيري؟!.
إنَّ أبا صفوة بهذا الكلام يحاول أن يدغدغ مشاعر بعض هؤلاء التكفيريين في حال اعترضهم عليه كلامه في بيان فساد وإفساد التنظيمات المسلحة في العراق، فكأنه يخاطب هؤلاء فيقول لهم: لقد ذكرتُ أنَّ في المقاومة أناساً سلفيين وجب عليهم القتال وأثمر قتالهم وأثخن الجراح في العدو، ولو بقوا على هذا الحال لانخرط كثير من أهل السنة تحت لوائهم!، وبهذا يُسكت هؤلاء عنه ويرضيهم، لكن على حساب تغرير الناس وخداعهم، وقد اعترف هو أمامي في بيته أنه كان ممن يُفتي هؤلاء بضرب الأمريكان على الطرق الخارجية في أول الأمر، والله المستعان.
والشيخ أبو عبدالحق والإخوة الحاضرون أدانوه على هذا الكلام وطلبوا منه حذفه من الكتاب!، ثم قال أبو عبدالحق كلمة صريحة أمام الحاضرين: أنا قرأتُ بيان أخي أبي معاذ (كاتب هذه السطور) وأنا موفق لأكثره.
ثم بدأ الشيخ أبو عبدالحق بالهجوم الشديد على أبي صفوة، وأنه يطلق أحكام الطعن في السلفيين والهجر، وأنَّ عنده غلظة وشدة مذمومة، وأنَّ الشيخ أبا عبدالحق حاول إصلاحه مراراً فكان جزاؤه أن هجره أبو صفوة وتكلَّم فيه، ونصحه الشيخ أبو عبدالحق أن يبتعد عن هذه المسالك الغليظة التي تفرِّق السلفيين وتثير الفتنة بينهم.
ثم بعدها طلب مني الشيخ أبو عبدالحق أن أسرد المؤاخذات التي على أبي صفوة، وأنا قد رأيتُ أنَّ الشيخ أبا عبدالحق والإخوة الحاضرين أدانوه بشدة في أغلب المؤاخذات التي ذكرتُها في أول البيان، وطلبوا منه الرجوع عن ذلك، فسكتَ، ثم لم يجد له سبيلاً بعد أن أدانه جميع الإخوة إلا الموافقة، لهذا بدأتُ بعدها في بيان تخبطه في أصل الجرح المفسَّر، ثم ثنيتُ بذكر المؤاخذات على كتابه "الإكليل".
فأين هذه الحقيقة الساطعة من تخرصات أبي صفوة وتلبيساته؟!.

الوقفة السادسة:
قال أبو صفوة: ((ما أريد المسائل إلي طرحت، أريد أذكر مسألتين؛ الأولى: ذكرتُ لأبو عبدالحق كتلو: إذا تريدون ألغي الكتاب ألغيه؟، ما كتلو لابو عبدالحق؟ [سأل أحد الجالسين معه]، رجع رائد آل طاهر قال: نعم تلغي الكتاب ما يُنشر الكتاب، رجع أبو عبدالحق قال: لا، هذا مو عدل ولا إنصاف، وإنما هذه المسائل التي صار فيها الخلاف ترفع، ويبقى الكتاب، وينشر الكتاب، والإخوة شهود على هذا الشيء، هذه مسألة)).
قلتُ:
يظهر أنَّ الكذب سجية عند هذا الرجل!
أولاً: لماذا يا أبا صفوة لا تريد أن تطرح في جلستك هذه المسائل المنتقدَة في الكتاب؟
أجيبُ عنك: لأنَّ فيها فضيحة لك تدل على جهالتك وتخبطاتك وسرقاتك!، فتريد إخفاء هذا الأمر على أصحابك، لكنك حقاً مسكين مغفَّل!، فالبيان الفاضح لجهلك انتشر - ولله الحمد - بأيدي المخالفين!؛ الذين قصدوا بذلك بيان التفرق بين أتباع الشيخ ربيع حفظه الله زعموا، وهؤلاء المميعة المتربصون لو نظروا بعين الإنصاف لعرفوا أنَّ هذا البيان دليل على تجردنا في الردود والإنكار؛ لا نفرِّق بين موافق أو مخالف، ولا بين قريب أو بعيد، فمَنْ خالف منهج السلف أنكرنا عليه وبينا حاله كائناً مَنْ كان، فلا محاباة ولا مداهنة ولا مجاملة، أما هؤلاء المميعة فلا يعرفون إلا إلتماس المعاذير لأخدانهم من أهل الأهواء، والجدال عنهم بالباطل.
وأما أني طلبتُ إلغاء الكتاب والكف عن نشره والتحذير منه، فنعم ولا زلتُ على هذا القول مصراً، لأنَّ كتابك هو شرح لمتن رسالة (مجمل مسائل الإيمان العلمية في أصول العقيدة السلفية) التي هي من إعداد القائمين على مركز الإمام الألباني رحمه الله!!، وأنتَ لم تنسب المتن لهم!، لكنه لهم، كما اعترفتَ أنتَ في الجلسة، ويُعرَف ذلك بالمقارنة والكلام المشكول. وأما أنَّ أبا عبدالحق وصف طلبي هذا بعدم الإنصاف فلا أذكر هذه الدعوى!، لكنه لم يكتفِ كما زعمتَ برفع المسائل المنتقَدة على الكتاب، وإنما طالبك بتغيير متن الكتاب، واختيار متن لأحد كتب العقيدة السلفية بدلاً من متن رسالة الحلبي وأصحابه، والشيخ أبو عبدالحق لا زال حياً، فليتصل به مَنْ شاء، ليعرف الناس مَنْ الذي يكذب؟!، وأنا لم أوافق على هذا الرأي، ولا الشيخ عبدالباسط المشهداني، وقد صرَّحنا بهذا في الجلسة، لأنَّ الشرح لا يمكن التنسيق معه إلا لمتن رسالة الحلبي وأصحابه!، فهو شرح لها، فكيف يكون شرح لغيرها؟! هذا لا يتصوَّر أبداً.

الوقفة السابعة:
قال أبو صفوة: ((والمسألة الثانية: حتى تعرفون يعني وين وجه العدل؟ وين وجه الإنصاف؟ والله سبحانه وتعالى يقول: "وإذا قلتم فاعدلوا"، ويقول الله سبحانه وتعالى: "ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"، كاعدين [أي: جالسين!]، دخل عبدالباسط أبو عمر، دخل إلي هو شيخ رائد آل طاهر، فرجع رائد كال [قال!]: شوف [انظر!] أبو صفوة شكاتب [ماذا كتب!]؟ أن يكون الجرح مفسراً، ثانياً: أن يكون الجرح مؤثراً، قال: هذا كلام باطل، انتبهوا يا إخوة، قال: هذا كلام باطل، بالله عليكم انتو شهود اني صادق لو لا؟، فكتلو [قلتُ له!] رائد هذا الكلام كلام الشيخ الألباني مو كلامي؟! هذا في السلسلة الصحيحة أظن المجلد الثاني، اني ناقلو، إمأشر [واضع علامة!] يعني بالحاشية، أنو السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني الصفحة كذا، كتلو هذا كلام الشيخ الألباني ما كلامي، ارتبك!، يعني إذا أبو صفوة كلامو باطل، لما صار عند الشيخ الألباني انتهى، انلصم [سكتَ!]، معد يكدر [لا يقدر!] يتكلم كلمة واحدة، بعد ما عرف شنو القصة قال: هذا كلام باطل، بالله عليك انصف واعدل، لمن كتلو كلام الشيخ الألباني مو كلامي ارتبك، ليش؟!، اعدل وانصف!، لما كلام الشيخ الألباني كلام حق، لكن لو كلام أبو صفوة كلام باطل، بالله عليكم هو هذا المحق؟ هذا هو الحق؟)).
قلتُ:
هذه المرة كذب أبو صفوة على الشيخ الألباني رحمه الله، فحاول أن يلصق مذهبه بمذهبه!، بالإضافة إلى كذبه عليَّ.
فأما قول الشيخ الألباني رحمه الله؛ فكلامه كان في رده على مَنْ ضعَّف الغافقي وابن لهيعة لكون بعض الأئمة جرحوهما جرحاً مطلقاً، مع وجود مَنْ عدَّلهما، فقال رحمه الله [مقدمة السلسلة الصحيحة حديث (501-1000) 2/6]: ((قَدَّم الجرحَ على التعديل مطلقاً، والصواب: أنه يقدَّم إذا كان سبب الجرح مبيناً، وكان في نفسه جرحاً مؤثراً، والواقع هنا على خلاف ذلك)).
بينما قول أبي صفوة كما نقلتُه في بياني ونطقتُ به في الجلسة بلساني: ((ومن الملاحظات عليه: مشابهته للحلبي في اشتراط الاقتناع في قبول الجرح المفسَّر!؛ قال أبو صفوة في الجزء الثاني من كتابه ص606: {إذا عارض الجرح تعديل من ثقة معتبر فالقاعدة عند أهل العلم: أن الجرح يقدم على التعديل لكن بشرطين: الشرط الأول: أن يكون الجرح مفسراً، الشرط الثاني: أن يكون الجرح مؤثراً، ومعنى أن يكون الجرح مفسراً: أي موضحاً ومبيناً للأمر الذي تعلَّق به الجرح، كأن يذكر أقواله وكتاباته المخالفة للشرع، أو ما قام به من سبب يمنع قبول روايته وشهادته. ومعنى أن يكون مؤثراً: أي أن يكون مقنعاً، بأن يكون الجرح معتبراً يثبت حقيقة حصول المخالفة؛ فقد يكون الجرح في المسائل التي يسوغ فيها المخالفة، أو مما لا يقدح ولا يجرح فيمن وقع عليه الجرح، أو....، بهذه الشروط يقدَّم الجرح على التعديل}، قلتُ: فأبو صفوة يشترط شرطاً آخر غير التفسير في قبول الجرح: وهو أن يكون مقنعاً، وهذا هو عين قول الحلبي كما لا يخفى على أحد)) انتهى النقل من بياني المنشور المسمَّى [الإيضاح والتفصيل في بيان حال الأخ أبي صفوة وكتابه "الإكليل"].
والفرق بين كلام الشيخ الألباني رحمه الله وبين كلام أبي صفوة واضح جداً:
أنَّ أبا صفوة ذكر معنى (أن يكون مؤثراً) فقال: (ومعنى أن يكون مؤثراً: أي أن يكون مُقنعاً، بأن يكون الجرح معتبراً يثبت حقيقة حصول المخالفة)، والشيخ الألباني رحمه الله لم يذكر أنَّ معنى التأثير أن يكون مقنعاً.
فإنكاري عليه كان سببه هذا التفسير الغريب لكلمة (مؤثر)!، وقد بينتُ له ذلك في الجلسة نفسها، وبينه له الشيخ عبدالباسط المشهداني وفقه الله، لكنَّ أبا صفوة بقى يجادل في هذه النقطة، حتى ألزمه الشيخ أبو عبدالحق بحذف هذا التفسير الغريب.
فأين الإنصاف في النقل يا أبا صفوة؟!
ومَنْ المحق؟!

الوقفة الثامنة:
قال أبو صفوة: ((المهم، اتراجعت، اتراجعت، انتهى الأمر الى أنو الإخوة يحضرون، عبدالباسط أبوعمر حاول يتملَّص كال: يمكن بعد يومين اطلع على الأردن، ورائد رجع، أبو عبدالحق أصر، وقال: هسه نمشي، يعني قبل المغرب يمكن بساعة، ربما أكثر، أقل، قال: هسه نمشي، نطلع على مجارين، وصارت الجيه، يعني حقيقة صارت رغماً عنهم، يعني وإلي أصر على ذلك أبو عبدالحق، مشينا، وجينا هينه، وكعدنه، وثاني يوم الصبح صارت الجلسة، وكلكم حضور الجلسة)).
قلتُ:
أولاً اعتذر عن نقل اللهجة العامية التي يتكلَّم بها هذا الرجل، لكن حتى لا يُقال: أني نقلتُ لفظاً لم يقصده أبو صفوة، ولا أستطيع توضيحها كلها لكثرتها!.
وأما دعوى هذا الرجل أنني والشيخ عبدالباسط حاولنا عدم المجيء إلى الموصل، ونتملَّص من ذلك، وأنَّ الشيخ أبا عبدالحق أرغمنا على ذلك، فلا أدري ما فائدة مثل هذا النقل على ما فيه من كذب؟!، ونحن لم نرغم، وإنما كنا نخشى السير في الطرق الخارجية ليلاً، ولمدة خمس ساعات تقريباً، وكلنا ذوو هدي ظاهر واضح!، وحقاً وقع لنا حادث اعتراض من سيطرة تابعة للجيش خاصة بقرية مجارين، حيث رفضوا دخولنا حتى قمنا بالاتصال بأحد وجهاء القرية فأدخلونا، ولأجل هذا السبب فحسب طلبنا تأجيل الرحلة إلى الغد، لكن كان سفر الشيخ عبدالباسط إلى الأردن في الغد هو المانع، ولهذا استقرَّ الأمر على السفر فوراً، فسافرنا، فإلى أي شيء يهدف أبو صفوة بتشغيبه السابق؟!

الوقفة التاسعة:
تفاخر أبو صفوة بالشباب الكثير الذين حضروا في استقبالنا، والذين جاؤوا لشهود الصلح من مختلف أحياء الموصل؛ وهم أضعاف المستقبلين، وكأنَّ هؤلاء جميعاً هم ثمرة دعوته!!، أو أنهم خرجوا لاستقباله هو!، ثم قال: ((المهم، رجع أبو عبدالحق كالي هذا الكلام: هذه الأوراق يعني بيها مفسدة كبيرة إذا عرضناها أمام الإخوة، كال فراح أجيب الخصوم أكعدهم، وتكعد وياهم، وتتصالحون، وتفضون المسألة، كم الخصوم؟!، رائد آل طاهر يكول: هم خمسين شخص، خمسين طالب علم، كال: خمسين طالب علم، في اتصال جماعة (شويرج) مع رائد ال طاهر يسألونه، ويكول: الخمسين طالب هم يشهدون على أبو صفوة أنو فعل كذا وكذا، وهم تلاميذ أبو صفوة، طبعاً الإخوة يشهدون على ذلك، ويمكن أظن مسجَّل عدهم، قال لهم: كلهم تلاميذ أبو صفوة، رباهم على إيدو، والآن هم كلهم يشهدون أنو أبو صفوة كذا وكذا عندو، كالولو: أبو صفوة طالب علم؟ كال: أبو صفوة جاهل!، ما عندو علم، بالله عليكم خميسن طالب علم يدرسون على يد أبو صفوة، ويتتلمذون على يد أبو صفوة، ويصيرون طلبة علم، وأبو صفوة جاهل!، يعني كيف يكونوا طلاب علم ودرسوا عند شخص وهو جاهل؟، أليس هذا من التناقض؟ بالله عليكم أليس هذا من التناقض؟.
المهم صارت، وأبو عبدالحق جلس، وكم شخص حضر، وانتو على حضوركم، كال: خمسين واحد، وكم واحد حضروا، أشك حضروا انتو شفتوهم إلي كاعدين بالحديقة، مابيهم عشرة، هذول الخصوم إلي ضد أبو صفوة.
واني أكدت، يمكن تذكرون أبو رياض وأبو صكر، كعدنه وين، هين يمكن، لما كلت لأبو محمود كعدنا (بجمروت)، ومنو جان موجود، أبو صكر إنت موجود، ما قال: نعم، لما أبوسفيان وأبو محمود لما كلتلهم: اشكد الخصوم؟ كلتلهم جيبولي 15 واحد، ما كلت لأبو محمود كلت: اشكد هم؟ يعني خمسين واحد؟ كال: والله ما يتجاوزون الــ15، تذكرون؟ يعني هم يشهدون بهذا الشي، وهين صارو خمسين واحد!)).
قلتُ:
مسألة عدد الإخوة من طلبة العلم والشباب السلفي الذين التقيتُ بهم في أول زيارتي إلى محافظة الموصل، وشكوا لي مواقف وسلوكيات أبي صفوة معهم، هذا العدد كثيراً ما شغَّب فيه وشنَّع عليَّ بسببه أبو صفوة، فكان يزعم أني إلتقيت بأربعة من الإخوة أو خمسة، وقد ذكر لي بعض أصحابه في اتصال معي ذلك، فأخبرتُهم أنَّ أبا صفوة غير دقيق بهذا النقل، وإنما جالستُ خمسين من طلبة العلم والشباب السلفي، هذا على ما أذكر الآن، لكنَّ أبا صفوة وبعض أصحابه يحاولون تقليل هذا العدد، ليظهروا أنَّ خصوم أبي صفوة لا يتجاوزون الخمسة!، وهذا كذب والذي رفع السماء بغير عمد، بل خصومه أكثر من ذلك بكثير، ولا أبالغ إنْ قلتُ الآن: أنهم أكثر من الخمسين، لكني قدَّرتُ الذين إلتقيتُ بهم بمقدار الخمسين، وقد يزيدون على ذلك العدد في غالب ظني، والله أعلم، ولولا خطورة ذكر أسمائهم لسردتهم كلهم هنا، ليعرف أبو صفوة وأصحابه أنهم يفترون في أخبارهم، ويُكذِّبون أمراً لا يمكن تكذيبه، والإخوة السلفيون الذين جلسوا معي خلال الأيام التي حضرتها في "مجمع النصر" في محافظة الموصل يعرفون هذا العدد يقييناً.
وأما نقله عني في اتصال أهل (شويرج)، وما ذكره من كلام، فأنا لا أذكره الآن، فإنْ كان صادقاً فلينشر التسجيل كاملاً، وليس ثمة أمر يستحق الوقوف عنده فيما نقله عني فيه.
وأما الإخوة الذين حضروا في حديقة المسجد؛ فليس هؤلاء هم خصومك فقط!، والله هذا من أظهر الكذب، بل خصومك أكثر من عشرة بكثير، وهم كان جالسين في داخل المسجد، لكنَّ الشيخ أبا عبدالحق رأى أن يجمع بعضهم ممن هم يُعدون في نظره من طلبة العلم البارزين في الموصل، ولهم طلبة علم يدرسون على أيديهم، وقد غاب عن ذهن أبي عبدالحق البعض منهم فلم يدعهم إلى هذا المجلس الخاص، وبعض الإخوة لم يحضر أصلاً، فكيف تصوِّر لأصحابك أنَّ خصومك هم هؤلاء فقط؟!
وأما استشهادك بكلام الأخ أبي محمود وفقه الله، ونقلك عنه أنه قدَّر الذين جلسوا معي في لقائي الأول معهم بـ (15) فقط!، فهذا كذب على الأخ أبي محمود، وقد اتصل بي الأخ نفسه بعد صدور صوتية أبي صفوة هذه، وأخبرني أنه قال لأبي صفوة: لقد حضرتُ إلى لقاء رائد آل طاهر في صباح اليوم الثاني إلى قبيل العصر، وكان الجلوس عنده ما بين (25) و (30) أخاً وشاباً، هذا ما عدا الذين حضروا في اليوم الأول قبل حضورنا، والذين حضروا بعد رحيلنا.
فأين هذا النقل مما افترى به أبو صفوة أكثر من مرة بلا خجل ولا حياء؟!

الوقفة العاشرة:
ذكر أبو صفوة أنه تحمَّل في جلسة الصلح العامة في المسجد ما طلبه منه المقدِّم من الاختصار في الكلام ليترك للمشايخ والإخوة مجالاً أن يتكلَّموا بعده، وأثنى أبو صفوة في صوتيته هذه على كلمة الشيخ أبي عبدالحق وكلمة الأخ موفق أبي حمزة، وانتقد كلمة الشيخ عبدالباسط وكلمتي بعده، وليعلم أبو صفوة وأمثاله أننا لا ننتظر ثناءهم ولا نعتبر نقدهم؛ لأنَّ هؤلاء إذا تكلَّموا في المسائل العلمية المنهجية المختلف فيها كأنهم في جلسة موعظة!، لا يضبطون الأصول المنهجية ولا يميزون بين ما يشرع وما يمنع من الكلام في الناس وبيان أحوالهم والتحذير منهم وتتبع أمورهم، فيخلطون بين الغيبة وبين التحذير من أهل البدع، ويساوون بين الاختلاف المنهجي وبين ما وقع من اختلاف بين الصحابة، ويحاولون أن يبنوا صلحاً على شفا جرف هار؛ لا يُظهر فيه المحق ولا يُكشف فيه المبطل، ويكتفون فيه بكلمات عامة في الإخوة والوحدة والألفة والمودة والتعاون على نشر التوحيد وبيان السنة، وترك الخوض في القيل والقال، وترك الكلام في الفتن، إلى أمثال هذا، ومثل هذا الكلام له مناسبته في أوقات المواعظ والذكرى والعبرة، أما في الخلافات المنهجية فلا يستقيم الكلام إلا في التأصيل وضبط المسائل العلمية وتمييزها، وهذا ما لا يريده أبو صفوة وأنصاره وأمثاله، ولهذا انزعج من كلامنا هو وغيره، ولا يضرنا ذلك، فأغلب السلفيين الجالسين - ولله الحمد - أشادوا بكلامنا في الجلسة وشكرونا عليه.

الوقفة الحادية عشر:
قال أبو صفوة: ((المهم، انتهت الجلسة، انتهى هذا الأمر، إذاً صار صلح لو ما صار صلح؟ صار صلح، وأبو عبدالحق ما ذكر من ضمن الشروط ما أحد يتكلَّم، اني إلتزمت بهذا الشيء، انتبهوا يا إخوة إلتزمت بهذا الشيء، ما أريد أتكلَّم بأحد ولا أطعن بأحد)).
قلتُ:
يلاحظ القارئ أنَّ أبا صفوة لا يسمي هذه الجلسة إلا صلحاً، ولا يسميه تراجعاً عن أخطائه وسلوكياته المشينة مع السلفيين، مع أنَّ الجميع يعلم أنَّ هذه الجلسة أُقيمت لبيان تراجعات أبي صفوة!، ثم بعدها إقامة الصلح بينه وبين السلفيين.
وأما دعواه أنه التزم الصمت فليست صحيحة، والدليل هذه الجلسة التي نرد عليها، فإنْ زعم أنَّ السلفيين هم مَنْ نقض العهد أولاً، فليذكر الدليل على ذلك، فإنْ زعم أنَّ الدليل هو الشريط المسجَّل مع الشيخ العتيبي، فالجواب عنه: أنَّ السائل لا نعرفه حتى الساعة، ولم يحضر الصلح أصلاً، فكيف يعد شريطه نقضاً للعهد؟! وهل إذا انتقض العهد يسوِّغ لأبي صفوة أن يقول مثل هذا الكلام الباطل - وما سيأتي أكبر! -، أو يقول: أنه قَبِلَ بالصلح تنزلاً؟!!.

الوقفة الثانية عشر:
ذكر أبو صفوة أنَّ بعض الإخوة السلفيين دعوه إلى أكثر من دعوة وليمة بعد الصلح مباشرة، فقَبِل واحدة ورفض الباقي!، وزاروه في بيته أكثر من مرة، وهذا إنْ دلَّ على شيء فإنما يدل على صدق نواياهم وطيب نفوسهم، وأنهم يحرصون على الصلح ورأب الصدع، ويكرهون الفرقة وكل ما يُثير الفتنة بينهم، لكنَّ أبا صفوة لا يفهم مثل هذه المعاني الرفيعة، فنفسه غليظه، وطبعه فيه الجفاء، ولسانه فيه الحدة مع إخوانه وأصحابه، وهذا ما يعرفه فيه القاصي والداني والقريب والبعيد والمحب والمبغض.
أما دعواه أنهم بدأوا يتصلون به ويستفزونه بتذكيره بأغلاطه وأنَّ الرجوع خير له، ويحاولون أن يلتقطوا منه كلمة ليذيعوا في السلفيين أنَّ أبا صفوة نقض العهد!؛ فهذه من كذباته وألاعيبه وحيله السخيفة، فهو يتمسكن، ويُكثر الشكوى بالباطل، ليثير فتنة يخطط لها من قبل، ثم يزعم أنه كان حريصاً على الصلح، وأنَّ غيره كان حريصاً على نقضه!.
والدليل على ألاعيبه هذه؛ أنه قبل يومين من جلسته هذه التي نقض فيها العهد وأظهر ما كان خافياً، أقام جلسة دعا فيها الإخوين الفاضلين (أبا محمود وأبا سفيان) وفقهما الله من "حي التنك"، وهما من خصومه قبل الصلح، ليبين لأصحابه أنه حتى الساحة حريص على الصلح، فهو يستغل الفرص والمناسبات بمكر ودهاء!، وهذا ما كان فعلاً حيث قال في جلسته هذه التي نرد عليها: ((الآن إلى هذا الحد؛ أقول: اني ما نقضتُ الصلح؛ والدليل على ذلك: أخي أبو آلاء؛ ما أبو سفيان كعدنه قبل كم يوم عدكم؟، ما كعدنه؟، منو من الإخوة جان كاعد؟، أبو وليد جان كاعد، وانتو كاعدين، وأبو سفيان، أكو شيء بيناتنه؟، ما طلعنه سوا على الأوقاف؟ ما كوشي بيناتنه، وما دعيتو أبو محمود؟، ماكلتلكم ادعو أبو محمود، ما عندي أي شي!، أي واحد يجي!، أي واحد يُدعى!، يعني أي واحد يجي اني ما معترض على أحد!، ولا ممتنع من الجلوس مع أحد!، ما ممتنع، يعني صار الصلح انتهى الأمر، وأي نقض من أي طرف بمعنى هذا خائن!!، يعني صار الصلح، خلي يلتأم شأف السلفية)).
قلتُ:
حكم أبو صفوة على نفسه بالخيانة!؛ فهو الذي نقض العهد.
وقد أخبرني الأخ أبو سفيان وفقه الله في اتصال هاتفي أنه جلس مع أبي صفوة قبل جلسته هذه المردود عليها، وقد سأله أخونا المذكور عن الحلبي وفتنته، وكان قصده بهذا السؤال أن يُلزم بعض المتعصبين لأبي صفوة ممن يخالف السلفيين في فتنة الحلبي، يقول الأخ أبو سفيان: فكان جواب أبي صفوة مجملاً، ذكر أنَّ للحلبي بدعاً ومخالفات، ولم يصرح بتبديعه!، بل كان ينصح الجالسين أنَّ هذه فتنة يُترك الكلام فيها وينشغل بالعلم!، ولا يدري هذا الغشوم أنَّ التحذير من المبتدعة من أعظم الجهاد والعلوم في نصرة السنة وبيان الحق وقمع الباطل وأهله.

تعليقات أبي صفوة على صوتية الشيخ أسامة العتيبي

الوقفة الثالثة عشر:
قال أبو صفوة: ((المهم، نقلوا الكلام للعتيبي، ووصل الكلام للشيخ ربيع؛ أنو أبو صفوة نقض العهد؛ يعني كعد وسوا كل هلكعده ونقض العهد، فشراح يكون الكلام أنو أبو صفوة ما عندو شخصية، من هينه يكعد ويخلي الإخوة يكعدون ويخالف!، وكذا وكذا، فإنثارت هذه المسألة، انثارت هذه المسألة)).
قلتُ:
وهذه من كذبات أبي صفوة أيضاً!.
فالشيخ العتيبي ذكر في صوتيته أنه قبل سنة أو أكثر أراد أن يتوسَّط لأبي صفوة للشيخ ربيع، وكان أبو صفوة موجوداً، فلم يأذن له الشيخ ربيع، وقال له: "هذا رجل ضعيف في الشخصية ضعيف في العلم"، فهذه الكلمة صدرت من الشيخ ربيع حفظه الله قبل الصلح أصلاً، لكنَّ الشيخ العتيبي ذكرها للتو في جوابه للسائل، فأبو صفوة يخلط ويُلبِّس في النقل كعادته، ويضحك على عقول السذَّج من متعصبيه، ثم يرم الأبرياء بما ليس فيهم وما لم يتفوهوا به!.

الوقفة الرابعة عشر:
ذكر أبو صفوة في جلسته هذه: أنَّ أحد أصحابه طلب منه في عمرة رمضان الماضية زيارة الشيخ العتيبي أولاً فرفض، وطلب زيارة فلان وفلان فرفض، وطلب منه زيارة الشيخ ربيع فرفض، فلما قال له صاحبه: قد يثار كلام بسبب عدم زيارتك للشيخ ربيع، فأجابه أبو صفوة: ((هذا من أبطل الباطل، أنو أبو صفوة ما راح على شيخ ربيع، هذه حزبية!، هذه حزبية!، اني ما ملزم بالذهاب!، إذا تلزموني بالذهاب إلى الشيخ ربيع لازم تلزموني بالذهاب إلى الفوزان وإلى عبدالعزيز آل الشيخ وإلى صالح آل الشيخ وإلى فلان وفلان، كلهم علماؤنا، اني ما ملزم، إذا ما رحت على عالم ما: معنى اني مبتدع، وإذا التزمت بهذا الإلزام فهذه حزبية!، واني أبعد الناس عن الحزبية!!، بالله عليكم الآن إذا واحد جا على "تلكيف" وما جا على أبو صفوة، باجر اني أزعل عليه وأكول: إنت جيت على "تلكيف" وما جيت عليَّ، كذا وكذا منك!، أنت مبتدع، هذه حزبية، هذه مو دينَّه، هذا ما دينَّه، احنه ما نلتزم بهذا الإلزام، هذا مو دين، دينه إحنه باقين على منهج العلماء، اني أحب مثل صالح آل الشيخ وأحب عبدالعزيز آل الشيخ وأحب اللحيدان وأحب الفوزان؛ لكن هل ملزم بأن أجلس بين أيديهم وأكعد معهم، ما ملزم، ما ملزم)).
قلتُ:
تشغيب وتشنيع أبي صفوة هذا بسبب دعوة صاحبه له لزيارة الشيخ ربيع حفظه الله في العمرة لا يختلف عن إسلوب الحلبي ومشهور وحزبهم!، فهؤلاء يشنِّعون على السلفيين، ويفترون عليهم: بأنهم يوجبون زيارة الشيخ ربيع في العمرة ويلزمون الناس بها، وأنَّ هذه حزبية وتبعية باطلة، وكلامهم هذا من أبطل الباطل، فالسلفيون لا يلزمون الناس بهذه الزيارة، ولكنَّ زيارة العلماء والجلوس بين أيديهم واللقاء بهم من عادة السلف الصالح، والسلفيون - بخاصة في العراق - لا يقدرون على المجيء في كل عمرة، وإنما قد تقع لهم مرة أو مرتين في السنة، فهل يستخسر فيهم أبو صفوة وأمثاله من المشنعين أن يقوموا بزيارة الشيخ ربيع حفظه الله مرة أو مرتين في السنة؟! طيب؛ لماذا كان أبو صفوة من قبل يزور الشيخ ربيعاً حفظه الله في كل عمرة، ولم يزره في هذه العمرة بالخصوص؟! هل كان حزبياً ثم تاب؟!! الجواب: لا، وإنما كان يحرص أبو صفوة على تزكية من قبل الشيخ وثناء على كتابه "الإكليل"!، فلما انقطع أمله بذلك بعد أن عرف الشيخ ربيع حاله وحذَّر منه لم ير في زيارة الشيخ مصلحة له!.
وأما دعواه أن يحب الشيخ اللحيدان حفظه الله؛ فقد أخبرني الأخ أبو أسامة عبدالله طه حنش أنه كان يخرج معه في العمرة، وكان هذا الأخ يحرص على دروس الشيخ اللحيدان في المسجد الحرام، فلما رأى أنَّ أبا صفوة لا يجلس في درسه، نصحه بذلك، فردَّ عليه أبو صفوة بطعنة شديدة في هذا العالم فقال: ((هذا من علماء السلاطين))!!، وحدَّثني هذا الأخ أيضاً أنَّ أبا صفوة كان حريصاً في بعض سفراته للعمرة باللقاء مع أتباع سلمان وسفر!، وأهدى لهم كتابه "الإكليل"!، وكان الأخ يحدِّثني بذلك وهو يقسم بالله على ما يقول، فالحمد لله الذي كشف ستر هذا الماكر.
الوقفة الخامسة عشر:
قال أبو صفوة: ((بعدها ما أعرف منو من الإخوة إلي نقلي، يمكن كال: أنو العتيبي متكلِّم، مع ذلك ما أعرتها أهمية، إلى أن جا أخونا أبو عائشة كالي: الكلام موجود عندي، كتلو: سمعنياه، سمعنا الكلام، وإذا الكلام عجيب جداً، يعني ما كنتُ متصور هذا الكلام يخرج من هذا الرجل، يعني أولاً راح أعلِّق على الكلام ككل:
أولاً: إلي كان يتكلَّم معه رجل أبو أسامة عبدالله طه حنش!، من ضمن إلي من أهل الصلح، ومنهم فلاح!، يمكن، أظن، ما أعرف هو لو غيره، يعني مو كان جالس، بس ما أعرف أكو صوت، ما أعرف عاد قد يكون هو وقد يكون مو هو، ما أعرف عاد هو لو لا، لكن عبدالله طه حنش؛ لأنَّ هو قال: يا أبو أسامة؛ يعني يقول: أبو صفوة تارك الصلاة بالمسجد صارلو كذا سنة؟؛ ما هذا صحيح يا أبو أسامة؟ الشاهد من ذلك ايش سبب إثارة هذه الفتن)).
قلتُ:
الحمد لله أنَّ الشيخ العتيبي عرف حال أبي صفوة كما عرفه السلفيون هنا، وقد كان أبو صفوة وأصحابه يتترسون بالشيخ العتيبي من قبل، لأنه كان ينصح به من باب الضرورة، ولهذا تعجَّب أبو صفوة أن يصدر منه هذا التحذير والبيان.
وأما دعواه أنَّ السائل هو الأخ الفاضل أبو أسامة عبدالله طه حنش وفقه الله، فهذا كذب ظاهر لا يخفى على مَنْ استمع الشريط، وقد اتصل بي الأخ أبو أسامة وأقسم بالله أنه لم يتكلَّم عنه بشيء، نعم أبو أسامة كان حاضراً الجلسة وسأله الشيخ العتيبي عن تلك المعلومة للتأكد، فأعاد عليه السؤال وكرره معه السائل، فكيف يزعم هذا الجهول الحاقد أنَّ السائل هو أبو أسامة؟!، والأخ أبو أسامة هو من الإخوة الذين طعن في سمعتهم أبو صفوة مراراً، عليه من الله ما يستحق، ونسأله سبحانه أن يعامله بعدله.
وأما ذكره للأخ الفاضل فلاح أبي أوس وفقه الله بهذه الصورة، فهذا يدل على حقده وبغضه الذي لا ينقطع على هذا الأخ، وهذا الأخ من أشد السلفيين الذين عانوا الظلم والأذى والطعن والإفك من أبي صفوة، علماً أنَّ أبا أوس لم يذهب إلى العمرة ولا مرة في حياته!!، لكن هواجس أبي صفوة الحاقدة تخيل له أنَّ أبا أوس قد يكون حاضراً في الجلسة مع الشيخ العتيبي.
وهذان الأخوان الفاضلان اللذين ذكرهما هذا الطاعن هما من طلبة العلم الذين كانوا يوقِّرون أبا صفوة ويحترمونه ويكرمونه ويسعون في خدمته ومساعدته قبل خصومته الفاجرة!، لكنَّ أبا صفوة لا يعرف جزاء الإحسان إلا الإساءة.

الوقفة السادسة عشر:
أما انتقاص أبي صفوة للشيخ العتيبي وفقه الله ومحاولته التقليل من شأنه في نفوس أصحابه الجالسين، من جهة العمر والعلم والمكانة!، وأنه أفضل منه علماً وأكبر منه سناً!، فهذا يدل على غروره وكبريائه، ويدل على شدته في خصوماته الفاجرة، وقد فعل مثل ذلك مع كل مَنْ خالفه ووقف في وجهه، فالشيخ أبو عبدالحق لما ناصحه من قبل بترك الغلظة مع إخوانه السلفيين، ووقف مع السلفيين ضد رعونته وفحشه، رجع أبو صفوة إلى دياره محذِّراً من أبي عبدالحق ومركزه مقلِّلاً من شأنه!، ولما التقيتُ به في بيته، وحاولتُ أن أصلح بينه وبين إخوانه السلفيين فرفض، ذكر في أول جلسته معي شيئاً من الثناء على كتاباتي ضد الحلبيين، فلما عرفتُ أنَّ الحق ليس معه، ووقفتُ مع أهله، وصفني بتهمة الحلبيين في رسالة أرسلها لي عبر الجوال، فعليه من الله ما يستحق.

دفاع أبي صفوة عن أهل البدع والاعتذار لهم
الوقفة السابعة عشر:
دافع أبو صفوة في جلسته هذا عن أهل الأهواء وجادل عنهم، وردَّ أحكام العلماء والمشايخ فيهم المبنية على الحجة والبرهان، بصورة غريبة تدل على تلونه وتكشف انحرافه، بدعوى وجوب العدل والإنصاف مع المخالف.
فدافع عن فتحي الموصلي - بعد أن أقر بأنه حزبي سياسي! - فقال: ((أما القول: بأنو تكفيري؛ لا والله ما أوافق العتيبي، ولا أوافق أي واحد يقول هذا الكلام، احنه نقول من باب العدل والانصاف: عندو مسائل، مو معنى أنو ما عندو مسائل، لكن هذه المسألة يجب العدل فيها)).
وقال في مشهور حسن: ((والله هذا الرجل "مشهور" عندو، لكن مسألة الكذب مسألة خطيرة، انتبهوا يا عباد الله، مسألة تقول: فلان كذَّاب ترى مسألة خطيرة جداً، إنسان قد يكون حصل منه كذب، كَذَبَ في مسألة نعم، لكن مسألة كذَّاب، شنو كذَّاب؟ صيغة مبالغة، يعني ايش؟ يعني: عُرف عنه الكذب وصار صفة له ملازمة له،... إلى قوله: أما اتقول رجل كذَّاب فهذه خطيرة جداً، عندو مخالفات، وعندو أخطاء، ونعترف بها، لكن احنه نقول من باب العدل والانصاف، أما نقول: الرجل كذَّاب، فهذا افتراء عليه!، فهذا عليه أنو هو يرجع ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى من هذه المقولات)).
قلتُ:
لو رأى السلفيون من أبي صفوة مثل هذا الدفاع والإنصاف مع السلفيين لهان الخطب، وقالوا: رجل مغفَّل لا يعرف الفرق بين حرمة المجادلة عن أهل الأهواء التي قال تعالى فيها: ((وَلَاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا))، وبين وجوب الإنصاف في الكلام فيهم الذي قال تعالى فيه: ((وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى))، لكنَّ أبا صفوة كثير الاتهام للسلفيين بالباطل والبهتان، وشديد البأس عليهم في أحكامه الآثمة، هذا مع خصومته الفاجرة التي تشتمل على إشاعة الكذب والتشغيب والتشنيع وتنفير الناس عن خواص السلفيين الأنقياء وإثارة الفتنة والفرقة بينهم، فدفاعه هذا وجداله عن أهل البدع يدل على أنه رجل ماكر لعَّاب؛ كان يظهر الموافقة للسلفيين ويبطن مخالفتهم، لكنَّ الله عزَّ وجلَّ كشف ستره وفضح أمره، كما قال أحد السلف: ((مَا أَسَرَّ أَحَدٌ سَرِيرَةً إلَّا أَبْدَاهَا اللهُ عَلَى صَفَحَاتِ وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ)).
وأما فتحي الموصلي، فالشيخ العتيبي وفقه الله لم يقل عنه تكفيري!، وإنما قال: يجالس التكفيريين، ونحن أعلم الناس به، فهو رجل انحرف عن منهج السلف، وأصبحت له علاقات مشبوهة مع الأحزاب السياسية والتنظيمات المسلَّحة!، وصار منظِّراً لهم في مسألة الدخول في العمل السياسي تحت قبة البرلمان!، وهؤلاء يلتقون به!، ويأخذون بتوجيهاته!، هذا ما عدا علاقته مع جمعية إحياء التراث الكويتية وفروعها المرتبطة بها في البحرين والأردن والعراق وغيره من البلدان، وهي جمعية تكفيرية قطبية!، زعيمها رأس القطبيين في هذا الزمان عبدالرحمن عبدالخالق!، فمَنْ قال عن فتحي الموصلي: بأنه تكفيري، لم يظلمه حتى يأتي أمثال أبي صفوة يجادل عنه!، بل لا يلوم إلا نفسه، والسلف الصالح كان يلحقون الرجل بأهل البدع الذين يجالسهم ويأوي إليهم، فكانوا يقولون: "يتكاتم أهلُ الأهواء كلَّ شيء إلا التآلف والصحبة"، وقال الأوزاعي رحمه الله: "إذا رأيته يمشي مع صاحب بدعة وحلف أنه على غير رأيه فلا تصدقه"، ولما قدم سفيان الثوري رحمه الله البصرة، جعل ينظر إلى أمر الربيع بن صبيح وقدره عند الناس، سأل: أي شيء مذهبه؟ قالوا: ما مذهبه إلا السنة، قال: مَنْ بطانته؟، قالوا: أهل القدر، قال: "هو قدري"، وقال ابن الحاج رحمه الله في [حز الغلاصم في إفحام المخاصم ص110]: ((إذ يقول في سورة مكية: "وإذا رأيتَ الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين"، وقد بيَّن الله سبحانه عقوبة من فعل ذلك وخالف ما أمره الله إذ يقول في سورة مدنية: "وقد نزَّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم أيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إنَّ الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً"، فبيَّن سبحانه بقوله: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ" ما كان أمرهم به من قوله في السورة المكيّة "فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"، ثم بيَّن في هذه السورة المدنية أنَّ مجالسة مَنْ هذه صفته لحوقٌ به في اعتقاده، وقد ذهب قوم من أئمة هذا الأمة إلى هذا المذهب، وحكم بموجب هذه الآيات في مُجالِس أهل البدع على المعاشرة والمخالطة؛ منهم أحمد بن حنبل والأوزاعي وابن المبارك، فإنهم قالوا في رجل شأنه مجالسة أهل البدع قالوا: يُنهى عن مجالستهم، فإنْ انتهى وإلا أُلحق بهم؛ يعنون في الحكم، قيل لهم: فإنه يقول: إني أجالسهم لأباينهم وأرد عليهم؟ قالوا: ينهى عن مجالستهم فإنْ لم ينته أُلحق بهم)).
وأما مشهور حسن، فالشيخ العتيبي وفقه الله من أعلم الناس به وبأهل الشام، ولهذا كشف عنهم أموراً كثيرة في عدة مقالات وبيانات ومجالس تدل على انحرافهم وتلونهم وكذبهم وسرقاتهم وسوء أخلاقهم وتهافتهم على متاع الدنيا، وقد ذكر الدليل على كذبه؛ بأنه ينقل عن الشيخ الألباني رحمه الله أنه يصف الشيخ ربيعاً بالشدة في آخر عمره!، وهذا كذب ظاهر، فكيف يأتي من أمثال أبي صفوة الجهول فينفي ذلك بدعوى الإنصاف والعدل؟! قاتل الله الجهل وأهله.

الوقفة الثامنة عشر:
قال أبو صفوة: ((يسألونو عن أبو صفوة؟ يسألون عن كتابه "الإكليل"؟ قال: "كتاب فيه تخاليط"، وهو العتيبي ورائد آل طاهر وأمثالهم يقولون: نحن لا نرضى بالجرح إلا أن يكون مفسراً صح لو لا؟ يقولون: الجرح المجمل لا نرتضي به، يجب أن يكون جرحاً مفسراً، بالله عليكم، هذا الجرح مفسر أم مجمل؟ "كتاب فيه تخاليط"، هذا مجمل، تعال جيبلي التخاليط الموجودة بيه)).
قلتُ: شنَّع أبو صفوة على الشيخ العتيبي وفقه الله لأنه وصف كتابه "الإكليل" بأنَّ فيه تخاليط، وطالبه وإياي أن نذكر التفصيل في بيان هذه التخاليط، وأنا قد ذكرتُها مفصَّلة بالجزء والصفحة في عدة مواضع من كتابه، وهذا واضح جداً في بياني المنشور، وقد أرسلتُ نسخة منه إلى الشيخ العتيبي وفقه الله، فكلامه وكلامي مبني على تفصيل معلوم منشور، فهل يستطيع أبو صفوة أن يُنكر هذا؟! ثم ألم يعترف أبو صفوة نفسه في أول جلسته هذه أنني انتقدتُه في الجلسة مع أبي عبدالحق على كتابه في عدة مواضع؟! أم هو التلبيس والتشغيب والضحك على عقول السذَّج من الناس؟!.
ويُلاحظ القارئ البصير أنَّ في كلام أبي صفوة إشارة على أنه قد لا يقول بقبول الجرح المفسَّر، وإنما يلزمنا به لأننا نقول به، فكأنه لا يقول به!، ولعلَّ السبب في ذلك لكونه لا يقبله إلا بشرط ثان هو أن يكون مؤثراً، وفسَّره بالإقناع كما تقدَّم.

الوقفة التاسعة عشر:
قال أبو صفوة: ((على حسب القواعد المعروفة: أنو الآن جرح أهل البدع، مِن أهل العلم مَنْأجاز إذا خرج من عالم ثقة أن يؤخذ حتى وإنْ كان مجملاً إنْ لم يعارض بتعديل، لكن إذا كان مع غيرهم يجب أن يكون قد خرج من عالم ثقة)).
قلتُ:
إنَّ أبا صفوة بكلامه هذا يريد أن يقنع أصحابه بأنَّ جرح الشيخ العتيبي له لا يُقبل، لأنه ليس في مرتبة "عالم ثقة" حتى يؤخذ كلامه من غير تفسير، ثم إنَّ جرحه مجمل وليس مفسَّراً، وهذه من تلبيساته التي لا تنتهي، فالجرح لم يصدر من الشيخ العتيبي!، بل من الشيخ ربيع حفظه الله، وإنما الشيخ العتيبي ناقل عنه، والشيخ ربيع حامل لواء الجرح والتعديل في هذا الزمان، ثم الجرح مفسر، ولم يعارضه تعديل أحد من أهل العلم والمشايخ، فلماذا لا تعمل القاعدة فيك؟ أين العدل في قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ))؟!
والغريب أنَّ أبا صفوة يقبل قاعدة قبول الجرح المجمل من غير العالم ولو عارضه تعديل!، ذكر ذلك في اتصال هاتفي معه مسجَّل بصوته مع الأخ أبي جنان من بغداد، حيث سأله الأخ عن الأخ فلاح أبي أوس الموصلي؟ فتكلَّم فيه أبو صفوة ووصفه بالجهل والتكبر وحب الزعامة والتطاول على العلماء والمخالفات الكثيرة وإثارة الفرقة وتبديع السلفيين وهجرهم، وأنَّ الحلبية جنَّدوه في نشر فكرهم، وكذب والله، فهذا الأخ من أكثر السلفيين جهداً في قمع فتنة الحلبية في الموصل، ولما قال له الأخ أبو جنان في اتصاله: أنَّ الشيخ أبا عبدالحق يعدِّل هذا الأخ ويثني عليه خيراً ويؤيده، وأنَّ الأخ أبا أوس يرد على الحلبية ويحارب دعوتهم، كذَّب ذلك أبو صفوة، وزعم أنَّ هذه وسيلة للوصول إلى غايات!، وأنَّ هؤلاء لا يظهرون من أول لحظة!، فلما ألحَّ عليه السائل، ردَّ عليه أبو صفوة بقوله: نحن أعلم بحاله، وأهل البلد أعلم ببلديه، ومَنْ يثني عليه ويدافع عنه لا يعرف حاله!، ثم قال بالحرف الواحد في الدقيقة (6:00) من التسجيل: ((وأنا ذكرتُ لبعض الإخوة في جلسة: أنَّ الشيخ ربيع نفسه وأبو بكر الخطيب البغدادي وغيره يتبنَّى القول: بأنَّ جرح الثقة يؤخذ به ولو كان مبهماً)).
أقول: وهذه من جهالاته وتخليطاته؛ فهذا الأصل يقول به فالح الحربي رأس الحدادية، وقد ردَّ عليه الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في [نصيحته إلى فالح الحربي] فقال: ((والكلام في المخالفين وفي مناهجهم وسلوكياتهم من أهم ما يدخل في باب الجرح، لأنَّ هناك تلازماً بين الأشخاص ومناهجهم؛ فالذي يطعن في منهج الشخص يطعن فيه. ولذا ترى السلف يبينون بالأدلة ضلال أهل البدع وفساد مناهجهم، ولهم في ذلك المؤلفات التي لا تحصى، وسيأتي ذكر بعضها. وأرى أنه لا مناص من ذكر كلمات لأهل العلم في اشتراط تفسير الجرح المبهم ورد بعض أنواع الجرح، فأقول: رجَّح ابن الصلاح أنَّ التعديل مقبول من غير ذكر سببه، وأنَّ الجرح لا يقبل إلا مفسراً مبين السبب، لأنَّ الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح، ونقل عن الخطيب: أنَّ هذا مذهب أئمة الحديث ونقاده مثل البخاري ومسلم وغيرهما، ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما وذكر آخرين، ثم قال: واحتج مسلم بسويد ابن سعيد وجماعة أشتهر الطعن فيهم، وهكذا فعل أبو داود السجستاني، وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أنَّ الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه، ومذاهب النقاد للرجال غامضة ومختلفة)).

جواب أبي صفوة عن الأحكام والأوصاف التي وردت في صوتية الشيخ العتيبي

الوقفة العشرين:
قال أبو صفوة: ((يبقى عدنه المسألة الثانية؛ قال: وقال عنه الشيخ ربيع: أنه ضعيف العلم ضعيف الشخصية، هذا ليس قدحاً في معتقد، وليس قدحاً في منهج، وليس قدحاً في إنسان؛ صح لو لا؟، ضعيف العلم ما هو قدح، أكول: يا أخي والله انت ضعيف العلم؛ هل هذا قدح في المنهج؟ هل هذا قدح في العقيدة؟ هل تبدِّع في هذه الكلمة؟... إلى قوله: وضعيف الشخصية؛ هذا متعلِّق بشخصية الإنسان، وهذا يحتاج الى تجارب، إلى جلسات، حتى تعرف أنو هذا قوي الشخصية أم ضعيف الشخصية؟ وهذا أيضاً ليس قدحاً، لأنَّ الناس يتفاوتون في ذلك، فلان عصبي المزاج، وفلان هين لين، وفلان سهل، وفلان كذا، وفلان ضعيف الشخصية، وفلان قوي الشخصية، هذا مو قدح)).
قلتُ:
انتقد أبو صفوة ما نقله الشيخ العتيبي عن الشيخ ربيع حفظه الله أنه قال فيه: "ضعيف في الشخصية ضعيف في العلم"، وزعم أبو صفوة أنَّ هذا ليس قدحاً، وهذا من كذبه وتلبيساته، نعم قد لا يكون في هذا تبديع له، لكنه قدح ولا يشك في ذلك إلا رجل مخبول مضروب في رأسه!.




طعونات أبي صفوة في الصحابة الكرام!
الوقفة الحادية والعشرين:
طعن أبو صفوة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين من أجل الدفاع عن نفسه وإثبات أنَّ وصف (ضعيف العلم) و (ضعيف الشخصية) ليس قدحاً، وإليكم التفصيل:
1- فنفى العلم عن كثير من الصحابة وأثبت الجهل في حقهم، ثم زعم أنَّ هذا لا يعد قدحاً فيهم!، فقال: ((انكول: والله يا أخي انت ما عندك علم تزعل؟! تقول: والله صحيح اني ما عندي علم، والله اني إنسان جاهل، بس هل هذا قدح في معتقد أو منهج؟!، إذا كان قدحاً فاقدحو في الصحابة لأنَّ كثير من الصحابة ما عدهم علم؛ صحيح لو لا؟)).
قلتُ:
وهذا طعن شديد في الصحابة لم يقله إلا الروافض والخوارج ومَنْ تأثر بهم، قاتل الله الهوى وأهله.
كيف يجرأ هذا المخبول على وصف الكثير من الصحابة بعدم العلم؟!
وماذا وراء ذلك؟!
ومَنْ المستفيد من هذا الكلام؟!
والله إننا نخشى أن يكون هذا الرجل مندساً بين السلفيين وتقف وراءه جهة حزبية أو جمعية من الجمعيات، لأنَّ الطعن في الصحابة لم نعهده إلا من الخوارج والروافض والقطبية والحدادية ومَنْ تأثر بهم.
وإذا كان الكثير من الصحابة ليس عندهم علم كما يزعم هذا الجهول؛ فمَنْ الذي نقل هذا الدِّين في الأمصار؟
وكيف حفظ الله شريعته؟
وكيف بلغنا ذلك؟!
وقد أخرج الإمام أحمد رحمه الله عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ((مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ، أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ: أَبَرُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَعْمَقُهَا عِلْمًا، وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمْ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ، وَإِقَامَةِ دِينِهِ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَتَمَسَّكُوا بِهَدْيِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ)).
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في [إعلام الموقعين 1/79-80]: ((فصل في أنواع الرأي المحمود؛ النوع الأول: رأي أفقه الأمة وأبر الأمة قلوباً وأعمقهم علماً وأقلهم تكلفاً وأصحهم قصوداً وأكملهم فطرة وأتمهم إدراكاً وأصفاهم أذهاناً، الذين شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل، وفهموا مقاصد الرسول، فنسبة آرائهم وعلومهم وقصودهم إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كنسبتهم إلى صحبته، والفرق بينهم وبين من بعدهم في ذلك كالفرق بينهم وبينهم في الفضل، فنسبة رأى من بعدهم إلى رأيهم كنسبة قدرهم إلى قدرهم، قال الشافعي رحمه الله في رسالته البغدادية التي رواها عنه الحسن بن محمد الزعفراني وهذا لفظه: "وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم، فرحمهم الله وهنأهم بما أتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين، أدوا إلينا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشاهدوه والوحي ينزل عليه، فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاماً وخاصاً وعزماً وإرشاداً، وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا، ومن أدركنا ممن يُرضى أو حُكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا، وهكذا نقول، ولم نخرج عن أقاويلهم، وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله")).
فأين أبو صفوة من أوصاف الصحابة هذا؟!
هل جهلها؟ أم غابت عن ذهنه؟!
أم أنَّ دفاعه عن نفسه أنسأه فضل الصحابة وحقهم، وسوَّغ له وصفهم بالجهل، ليقول لأصحابه: إنَّ وصف الشيخ ربيع له بـ "ضعيف في العلم" ليس قدحاً كما أنَّ الجهل ليس قدحاً في حق الصحابة؟!!
ولا أدري كيف ينزعج هذا الظالم من وصفه بضعيف العلم، بينما يصف هو الكثير من الصحابة بعدم العلم أصلاً؟!
والله إنَّ من شدة البلاء وغربة الدين في هذا الزمان أن يتصدَّر أمثال هذا وينطق في الناس باسم العلم والسلفية!.

2- وصف أبو صفوة عليه من الله ما يستحق الصحابي الجليل حسَّان بن ثابت رضي الله عنه بالجبن، بل قال عنه: كان جباناً!، وهذا يدل على صفة ملازمة له، ثم لا يعد ذلك قدحاً فيه!، فقد بيَّن في جلسته هذه لأصحابه أنَّ وصف الشيخ ربيع له بــ "ضعيف في الشخصية" ليس قدحاً، فقال: ((إذا كان قدحاً فذلك قدحاً فيمن؟ في حسَّان بن ثابت، حسَّان بن ثابت ما كان جبان؟! كان جبان، لكن كان في الشعر الرسول يقول: اهجهم وروح القدس معك، لكن كان في القتال كان الرسول يجعله مع النساء، تعرفون هذا الشيء؟!، كان يُخلفه مع النساء والأطفال!، حتى أنو يهودي لما صار يوم الأحزاب وخانت اليهود، ويهودي جا، وامرأة من النساء قالت: قم يا حسَّان اقتل هذا، قال: ما استطيع، قامت المرأة فضربته بعمود فقتلته، فهل هذا قدحاً في حسَّان، هذا هو حالو!)).
قلتُ:
هذه القصة التي ذكرها هذا الجهول لا تثبت قط، لأنَّ طرقها لا تخلو من علة إما الانقطاع وإما الجهالة وإما رواية الضعفاء والمتروكين والكذابين، لكنَّ مثل أبي صفوة كحاطب ليل، الذي يجمع الحطب ليلاً ولا يعرف ما يمسكه بيده هل ينفعه أم يضره؟، فهذا الرجل يقرأ في كتب السير والمغازي والتاريخ وبعض المصنفات القديمة والمؤلفات الحديثة ولا يميز بين الغثِّ والسمين، ولا يدري المسكين أنَّ بعض الكتب جمعت كل ما قيل في الحوادث والنصوص وأسبابها ولم يشترطوا جمع الصحيح فقط كما اشترط غيرهم ذلك.
قال الإمام أبو القاسم السهيلي رحمه الله (ت581 هـ) في [الروض الأنف في شرح غريب السير ص433]: ((فصل: وذكر حديث حَسَّانَ حِينَ جُعِلَ فِي الْآطَامِ مَعَ النّسَاءِ وَالصّبْيَانِ وَمَا قَالَتْ لَهُ صَفِيّةُ فِي أَمْرِ الْيَهُودِيّ حِينَ قَتَلَتْهُ وَمَا قَالَ لَهَا؛ وَمَحْمَلُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ النّاسِ عَلَى أَنَّ حَسَّاناً كَانَ جَبَانًا شَدِيدَ الْجُبْنِ، وَقَدْ دَفَعَ هَذَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَنْكَرَهُ، وَذَلِكَ أَنّهُ حَدِيثٌ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: لَوْ صَحّ هَذَا لَهُجِيَ بِهِ حَسّانُ، فَإِنّهُ كَانَ يُهَاجِي الشّعَرَاءَ كَضِرَارِ وَابْنِ الزّبَعْرَى وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ يُنَاقِضُونَهُ وَيَرُدّونَ عَلَيْهِ، فَمَا عَيّرَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِجُبْنِ وَلَا وَسَمَهُ بِهِ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِ ابْنِ إسْحَاقَ، وَإِنْ صَحَّ: فَلَعَلّ حَسّانَ أَنْ يَكُونَ مُعْتَلاً فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعِلَّةِ مِنْ شُهُودِ الْقِتَالِ، وَهَذَا أَوْلَى مَا تَأَوّلَ عَلَيْهِ، وَمِمّنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ هَذَا صَحِيحًا أَبُو عمَرَ رَحِمَهُ اللّهُ فِي كِتَابِ الدّرَرِ لَهُ)).
وقال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله في [الاستيعاب 1/102]: ((وقال أكثر أهل الأخبار والسير: إنَّ حساناً كان من أجبن الناس، وذكروا من جبنه أشياء مستشنعة، أوردوها عن الزبير أنه حكاها عنه، كرهت ذكرها لنكارتها، ومن ذكرها قال: إنَّ حساناً لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من مشاهده لجبنه، وأنكر بعض أهل العلم بالخبر ذلك، وقالوا لو كان حقاً لهجى به، وقيل: إنما أصابه ذلك الجبن منذ ضربه صفوان بن المعطَّل بالسيف)).
وقد ورد في [فتاوى اللجنة الدائمة 26/44] السؤال الآتي [السؤال الثالث من الفتوى رقم (6581)]: ((س/ يقول البعض: بأنَّ حسَّان بن ثابت رضي الله عنه جبان، ويستشهدون بقول ابن حجر ذلك في الإصابة، ما رأيكم في ذلك؟
ج/ الذي ينبغي للمسلم نحو الصحابة رضي الله عنهم أن يذكر محاسنهم، ويثني عليهم بما هم أهل له، ويكف عن مساوئهم، وما ذُكِرَ عن حسَّان بن ثابت في كتب التاريخ والتراجم من أنه كان جباناً؛ فعلى تقدير صحته: يكون ذكره بذلك غيبة، ولا خير يستفاد من ذكره بذلك، وإنْ كان كذباً كان وصفه بذلك غيبة وزوراً، وكان الكفُّ عن ذلك أوجب، وصيانة اللسان عنه ألزم، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: عضو: عبدالله بن قعود، نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي، الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز)).
وسُئل الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في [شرح العقيدة الطحاوية شريط (45) السؤال الثاني]: هل يصح أَنْ يقال: إنَّ حسان بن ثابت رضي الله عنه جبان أو نحو ذلك كما ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة؟ علماً أنَّ وصف الجبان وصفٌ ليس عامًّا وإنما هو لحادثة أو نحوه.
ج/ ليس كذلك، بل حسَّان بن ثابت رضي الله عنه من الشُّجعان، لأنَّهُ كان يهجو المشركين، وقد قال صلى الله عليه وسلم لحسان: "أُهجهم حسان وروح القدس معك"، وقال أيضاً له في وصفه هجائه للمشركين: "لَهُوَ أشدُّ عليهم من وقع النبل"، والعرب كانت تثأر ممن يهجو وتكيد له بالسوء، فحسان رضي الله عنه كان مِقداماً، لكنَّهُ كان كبير السن جداً، فكان تَقَدَّمَ قبل النبوة، قبل أن يسلم، عليه ستون سنة، فأسلم وهو ابن ستين سنة، ولما جاءت المغازي كان كبيراً، فربما تَأَخَّرَ لضعفه، لا لأجل شيءٍ في نفسه رضي الله عنه، فوصفه بهذا أولاً لا يجوز، لأنَّ تَأَخَّره في بعض الوقعات لا لأجل ما ذكره هنا؛ ولكن لأسبابٍ أُخَر، وله في ذلك مقام الصدق، رضي الله عنه وأرضاه)).
فهذه القصة المشتهرة في بعض الكتب لا تصح، ولا ينبغي لمسلم أن يكون سبباً في نشرها وإشاعتها بين الناس، لأنَّ هذا يكون من الطعن في الصحابة، وأقل أحواله يكون من نشر مساوئهم لو اعتقد صحتها، لكنَّ أبا صفوة من أجل الدفاع عن نفسه بالباطل لا يتحرَّز من ذلك.
والأغرب من ذلك أنَّ أبا صفوة لجهله وحماقته لا يعد الجبن قدحاً!، ولا يعد عدم العلم قدحاً!، وشيخ الإسلام رحمه الله جعله من السبِّ الذي لا يُحكم بكفر صاحبه لكنه يستحق التأديب والتعزير!، فقال في [الصارم المسلول ص590]: ((وأما مَنْ سبَّهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل: وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك؛ فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام مَنْ لم يكفِّرهم من أهل العلم، وأما من لعن وقبح مطلقاً: فهذا محل الخلاف فيهم، لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد، وأما مَنْ جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً أو أنهم فسقوا عامتهم: فهذا لا ريب أيضاً في كفره، فإنه مكذِّب لما نصَّه القرآن في غير موضع: من الرضى عنهم والثناء عليهم، بل مَنْ يشك في كفر مثل هذا فإنَّ كفره متعين، فإنَّ مضمون هذه المقالة أنَّ نقلة الكتاب والسنة كفَّار أو فسَّاق، وأنَّ هذه الأمة التي هي: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"، وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفاراً أو فساقاً، ومضمونها أنَّ هذه الأمة شر الأمم، وأنَّ سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، ولهذا تجد عامة مَنْ ظهر عنه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق، وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم، وقد ظهرت لله فيهم مثلات، وتواتر النقل بأنَّ وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات، وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك، وممن صنَّفَ فيه الحافظ الصالح أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي كتابه في "النهي عن سبِّ الأصحاب وما جاء فيه من الإثم والعقاب". وبالجملة فمن أصناف السَّابة مَنْ لا ريب في كفره، ومنهم مَنْ لا يحكم بكفره، ومنهم مَنْ تُردد فيه، وليس هذا موضع الاستقصاء في ذلك، وإنما ذكرنا هذه المسائل لأنها في تمام الكلام في المسألة التي قصدنا لها)).
أقول:
ولما نقل علي الحلبي في مقاله المعنون [أَلَـمْ يَأْنِ لكم أنْ تسمعوا منّا.. ولا تَكتفوا (!) بالسماع عنّا...-ولو كنّا (عندكم!) وكنّا-! "] كلاماً عن غيره فيه وصف لبعض الصحابة بأنهم مجبولون على الجبن والفشل والضعف، ردَّ عليه العلامة المجاهد الشيخ ربيع حفظه الله في مقاله [الحلبي يُدَمِّر نفسَهُ بالجهل والعناد والكذب (الحلقة الأولى) "نسخة مزيدة"] بقوله: ((في كلام الحسن بن محمد القمي الشيعي النيسابوري وابن عادل الأشعري طعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث رميا بعضهم: بأنه مجبول على الجبن والفشل، بل في كلام النيسابوي رمي لبعض الصحابة بالضعف والسخف، بل والنفاق، فأنت شريكهما في هذا التنقص والطعن!، ألا تعلم أنَّ من منهج أهل السنة أنه لا تذكر إلا محاسن الصحابة الكرام، وأنه لا تُذكر هفواتهم لما لهم من المكانة عند الله ولِرضى الله عن جميعهم، ووعد الله إياهم جميعاً بالجنة؟!؟، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنَّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه"، أخرجه مسلم حديث (2540)، وأحمد (3/54)، وأبو داود حديث (4658) والترمذي حديث (3861)، ولا شك أنَّ وصف هؤلاء الأصحاب بأنهم مجبولون على الجبن والفشل و..و...الخ، من أقبح أنواع السب، فما الداعي أيها الحلبي إلى نقله؟!، قال أحمد بن حنبل رحمه الله في "أصول السنة" (ص76): "ومن انتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أبغضه بِحَدَثٍ كان منه، أو ذكرَ مساوئه: كان مبتدعاً، حتى يترحم عليهم جميعاً، ويكون قلبه لهم سليماً"، وفي "طبقات الحنابلة" (1/30) قول أحمد رحمه الله: "ومن الحجة الواضحة الثابتة البينة المعروفة: ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين، والكف عن ذكر مساويهم، والخلاف الذي شَجَرَ بينهم، فمن سبَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أحداً منهم، أو تنقَّصه أو طعَن عليهم، أو عرَّض بعيبهم، أو عاب أحداً منهم: فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف، لا يقبل الله منه صَرْفاً ولا عَدْلاً، بل حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة"، وقال الطحاوي رحمه الله في "العقيدة الطحاوية" مع شرحها (ص740) ط: مؤسسة الرسالة: "وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر: لا يُذْكرون إلا بالجميل، ومن ذَكَرَهم بسوء، فهو على غير السبيل")) انتهى كلام الشيخ ربيع.
فهذا كلام الشيخ ربيع فيمن نقل في مقاله عن غيره أنه يصف بعض الصحابة بالجبن والبخل والفشل، فما قوله فيمن يصف الصحابة بمثل ذلك؟!
وإنْ تعجب أيها القارئ فاعجب من تصرف أبي صفوة عندما سِمعَ الشيخ العتيبي يصف مشهور حسن بأنه كذَّاب فثارت ثائرته وعدَّ ذلك خروجاً عن العدل والإنصاف!، وراح يفرِّق بين الوقوع في كذبة أو اثنتين أو ثلاث وبين وصف كذَّاب الذي يفيد المبالغة واللزوم، لكننا لم نرَ منه مثل هذا الاعتذار عن الصحابي حسَّان بن ثابت رضي الله عنه إنْ ثبت أنه لم يخرج لقتل هذا اليهودي في تلك الغزوة، ومع هذا لم يقل فيه: جَبنَ فحسب!، وإنما قال: كان جباناً!!، وهكذا هم أهل الأهواء يغضبون على زعمائهم وإخوانهم المبتدعة الضلال ولا تأخذهم الغَيرة على الصحابة الكرام، كما غضب أبو الحسن المأربي وعدنان عرعور لسيد قطب الذي طعن في عثمان ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم، وغضب علي الحلبي لأبي الحسن المأربي عندما وصف الصحابة بالغثاء!.

3- ممن مثَّل بهم أبو صفوة في الدفاع عن ضعفه الشخصي: الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه!!، فذكر أنه انهزم في معركة أحد، وأنَّ هذا لا يعد قدحاً، فقال: ((عثمان بن عفان ما انهزم في معركة أحد؟! والله سبحانه وتعالى تاب عليه، في أحد هرب، وتاب الله سبحانه وتعالى عليه، وحصل وحصل، لكن هذي ما تعتبر قدحاً، هذه ما تعتبر قدحاً في منهج ولا في معتقد ولا غير ذلك، هذا يتعلَّق ببنية وشخصية الإنسان)).
قلتُ:
لا أدري كيف يجرأ هذا الغشوم الأحمق على ذكر هذا الأمر بهذه الصورة المستهجنة مع علمه بأنَّ الله تاب عليه؟!
ثم لا أدري لم خصَّ بذلك عثمان رضي الله عنه، والآية القرآنية جاء فيها: ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا، وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ))، وفي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي ذكر ما حدث في معركة أُحد بعد مخالفة الرماة، واشتدَّ القتل في المسلمين، وأذيع خبر مقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وانهزم الكثير منهم، فقال البراء بن عازب رضي الله عنه: ((فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اثنى عشر رجلاً))، وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُفرد يوم أُحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش))؟
وكيف يُشبِّه أبو صفوة حالاته الشخصية وأمراضه النفسية بهذه الصفوة المختارة التي مرَّت في هذا الحال الشديد والموقف العصيب، مع علمه أنَّ الله عزَّ وجلَّ تاب عليهم وعفا عنهم؟!
وكان الواجب على أبي صفوة أن يُعرِض عن ذكر مساوئ الصحابة ويكف عن إشاعتها بين العامة، لا أن ينشرها من أجل الدفاع عن نفسه، لأنه يعلم أنَّ الله تعالى تاب عليهم وعفا عنهم، وليكن موقفه كما كان موقف عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، لما سمع مَنْ يُنكِر على عثمان رضي الله عنه بعض الأمور، ومنها ما حصل في معركة أحد، فرده، أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عثمان بن وهب قال: ((جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ الْبَيْتَ، فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ؟ فَقَالُوا: هَؤُلَاءِ قُرَيْشٌ، قَالَ: فَمَنِ الشَّيْخُ فِيهِمْ؟ قَالُوا: عَبْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي؟ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ؛ أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: "هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ" فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ: "هَذِهِ لِعُثْمَانَ"، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ)).
ولما عُيِّر عثمان رضي الله عنه بهذا الذنب؛ كان جوابه كما في مسند أحمد: ((فكيف يعيرني بذنب، وقد عفا الله عنه، فقال: "إنَّ الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم")).
وهذا يُذكِّرنا بما حصل من محاجة بين آدم وموسى عليهما السلام؛ فقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِى أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ)) قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى)) مَرَّتَيْنِ.

تعريض أبي صفوة بالسوء في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم!
الوقفة الثانية والعشرين:
قال أبو صفوة: ((المسألة الثالثة؛ قال: ورجل فيه فجور في الخصومة، فوالله إذا مسألة فجور قد يحصل أحياناً، أما مسألة أنو هذا يكون وصف لي، ما أجد هذا الشيء، وانتو تعرفون هذا الشيء)).
قلتُ:
وهذا الوصف الثالث الذي ذكره الشيخ العتيبي في أبي صفوة؛ ولا يرتاب سلفي منصف يعرف أبا صفوة ومواقفه مع السلفيين أن يحكم عليه بأنه فاجر في الخصومة، ويشهد على ذلك العشرات ممن عانى منه الأذى والعدوان والإفك والبهتان، وعند الله تجتمع الخصوم.
ومن أغرب ما ذكره أبو صفوة في جلسته هذه التي حاول فيها أن يُلبِّس على عقول السذَّج من أصحابه ويُقنعهم أنَّ هذه الأوصاف التي وصفها به الشيخ ربيع حفظه الله والشيخ العتيبي وفقه الله ليست قدحاً فيه!، ومن ذلك وصف (الفجور في الخصومة)، حيث بيَّن أنَّ الإنسان قد يمر بظروف معينة وضغوط نفسية قد تضطره إلى بعض التصرفات غير المعهودة عنه أو قد تؤثر على طبيعته المعتادة، فلا يسيطر على نفسه، فضاق قاموسه الأسود في ضرب المثال على هذه الحالة التي يعيش فيها هو، فجاء هذه المرة إلى شخص النبي صلى الله عليه وسلم ليكون المثال عليها، والله حسيبه، فقال: ((الرسول صلى الله عليه وسلم؛ جا رجل فتكلَّم على الرسول صلى الله عليه وسلم: انت تقول أنك نبي، وإنت تقول، قام الرسول صلى الله عليه وسلم غضبان فمسك بتلالبيبه وهزو الرسولُ، غَضب الرسولُ صلى الله عليه وسلم من هذا الكلام. الرسول صلى الله عليه وسلم ما تَكلَّمَ في ابن سلول؟ لما قال: ما رئينا مثل قرائنا، ولما قيل: سمِّن كلبك يأكلك، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، اش فعل الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ركب الناقة ورجع، ترك المدينة، فتلقاه الصحابة وجلِّبوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، ارجع يا رسول الله، والله إنَّ الرجل سفيه، وإنه كان ينتظر الملك، فكاد الرسول صلى الله عليه وسلم يطلع يترك المدينة ويطلع، ليش؟ لأنَّ هذا تكلَّم فيه كلاماً شديداً، فالنفس تتأثر، يعني انت تجلس في بيتك ويجيك كلام من هين ومن هين، واتكول: والله ما أتأثر، هذا كلام ما يصح، هذا كلام ما يصح، لابد إنسان فتحصل عندو حالات، يعني الآن انتو لما تروح تتنقل ويه الناس وتضحك تنسى، لكن لما يجيك كلام، مثل جتك رسالة أو واحد تكلَّم فيك كلام شديد؟ أقرأ، أتذكر الكلام، أروح يمين يسار، يبقى الكلام إبالي، مو مثل ما، فأحياناً النفس ما تسيطر عليها، وإنسان مخلوق من لحم ودم، يعني هل يكدر يسيطر على نفسه بكل الأوقات؟ ما يكدر، تخرج منو، وحصول هذا الشيء ما يقدح بالإنسان، لأنَّ هاي حال الناس، الناس مجبولين، هذا يغضب، وذاك يرضى، وذاك كذا وذاك كذا)).
قلتُ:
إنَّ هذه الحالات التي يعيش فيها أبو صفوة والتي أدَّت به إلى الفجور في الخصومة أحياناً كما أقرَّ بلسانه هنا، هي من سوء أعماله وشدة ظلمه لإخوانه، ومعلوم أنَّ السيئة تأتي بالسيئة، وللذنوب والظلم ظلمة في الوجه وضيق في الصدر وضنك في العيش، فليعرف هذا، ولو أنه أحسن التصرف مع إخوانه وتواضع لهم وقابل إحسانهم وإكرامهم واحترامهم له بالمثل أو قريب منه، وكفَّ لسانه وفعاله عن البذاءة والفحش والغلظة والحدة لما وجد منهم إلا التقدير والاحترام والسعي الحثيث في خدمته وإكرامه ونصرته ومعونته، فكيف بهذا الظالم الفاجر في الخصومة يشبِّه الحالات التي مرَّ بها ببعض الحالات التي مرت بالرسول صلى الله عليه وسلم من شدة أذى المنافقين؟! هذا والله من أفسد أنواع التشبيه وأبطل القياس.
أما الصورة الأولى التي ذكرها أبو صفوة، فلم يبين لنا القصة إلا كون النبي صلى الله عليه وسلم غضب من قول السائل، فلا أدري هل أصبح هذا الرجل يسير على خطى سيد قطب في طعوناته؟!
فقبل قليل كان يتكلَّم أبو صفوة في عثمان رضي الله عنه، وقبله في حسان بن ثابث رضي الله عنه، ووصف الكثير من الصحابة بعدم العلم، والآن يُمثِّل على الحالات التي لا يسيطر فيها الإنسان على نفسه بغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وسيد قطب طعن في عثمان وجماعة من الصحابة بالطعونات الشديدة، وطعن في نبي الله وكليمه موسى عليه السلام بسبب الغضب، وجعله مثالاً على الزعيم المنفعل العصبي المزاج، فما أشبه هذا بذاك؟! والله المستعان.
وقد أخرج الشيخان عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَأْثَمْ، فَإِذَا كَانَ الْإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ))، وفي رواية عند غيرهما: ((وَلا انْتَصَرَ مِنْ مَظْلَمَةٍ ظُلِمَهَا، إِلا أَنْ يُنْتَهَكَ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ شَيْءٌ، فَإِنِ انْتُهِكَ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ شَيْءٌ كَانَ أَشَدَّهُمْ فِي ذَلِكَ غَضَبًا)).
ومثلُ هذا الغضب على محارم الله إذا انتهكت أمرٌ مطلوبٌ، لأنه يدلُّ على الغَيرة المحبوبة والحمية المحمودة، وليس هو من قبيل الحالات التي لا يسيطر فيها الإنسان على نفسه، كما يصوِّر ذلك أبو صفوة لأصحابه السذَّج!.
وأما الصورة الثانية التي ذكرها هذا الرجل غريب الأطوار وعجيب الأفهام؛ فهو ما كان يُلاقيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أذى المنافقين وشدة عدوانهم وبهتانهم، ومن ذلك: ما كان يقوله عبدالله بن سلول رأس النفاق في النبي صلى الله عليه وسلم.
ودعوى أبي صفوة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما سمع كلام هذا المنافق خرج من المدينة، وأراد أن يتركها لولا أنَّ الصحابة أقنعوه بالرجوع إليها، وعدَّ ذلك من الحالات التي تؤثر على طبيعة الإنسان فينزعج ولا يسيطر على نفسه، وكذب هذا السفيه في فهمه هذا، بل أَذنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالرحيل من المدينة مع جماعة من الصحابة ليشغلهم عن حديث هذا المنافق وما قد يترتب عليه من فرقة وفتنة عظيمة بين أهل المدينة، وهذا من حكمته صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتابه [السيرة النبوية 3/299-300]: ((فغضب عبدالله بن أبي بن سلول، وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم غلام حدث، فقال: أوَ قد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما أعدنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال الأول: "سمِّن كلبك يأكلك"، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنَّ الأعز منها الأذل، ثم أقبل على من حضره من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم، فسمع ذلك زيد بن أرقم، فوشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره الخبر، وعنده عمر بن الخطاب فقال: مُرْ به عباد بن بشر فليقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أنَّ محمداً يقتل أصحابه، لا، ولكن أذِّن بالرحيل"، وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها، فارتحل الناس، وقد مشى عبدالله بن أبي بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه أنَّ زيد بن أرقم بَلَّغَه ما سمع منه، فحلف بالله: ما قلتُ ما قال ولا تكلمتُ به، وكان في قومه شريفاً عظيماً، فقال من حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الانصار من أصحابه: يا رسول الله؛ عسى أن يكون الغلام أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل، فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار، لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة وسلَّم عليه وقال: يا رسول الله؛ والله لقد رحت في ساعة منكرة، ما كنت تروح في مثلها؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوَ ما بلغك ما قال صاحبكم؟"، قال: أي صاحب يا رسول الله؟ قال: عبدالله بن أبي، قال: وما قال؟ قال: "زعم أنه إنْ رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل"، قال: فأنتَ والله يا رسول الله تخرجه إنْ شئت، هو والله الذليل، وأنت العزيز، ثم قال: يا رسول الله؛ ارفق، فوالله لقد جاءنا الله بك، وإنَّ قومه لينظمون له الخرز ليتوِّجوه، فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكاً، ثم مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فلم يلبثوا أن وجدوا مسَّ الأرض فوقعوا نياماً، وإنما فعل ذلك: ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبدالله بن أبي، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وسلك الحجاز ،حتى نزل على ماء بالحجاز، فويق النقيع يقال له بقعاء، فلما راح رسول الله صلى الله عليه وسلم هبَّت على الناس ريح شديدة فآذتهم وتخوفوها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تخوفوها فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار"، فلما قدموا المدينة، وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع، وكان عظيماً من عظماء اليهود وكهفاً للمنافقين، مات ذلك اليوم، وهكذا ذكر موسى بن عقبة والواقدي، وروى مسلم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر نحو هذه القصة، إلا أنه لم يسمِّ الذي مات من المنافقين)).
فأين هذه الحكمة التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الفتنة من الدعوى التي زعمها أبو صفوة أنَّه صلى الله عليه وسلم تأثَّر بالكلام ولم يقدر السيطرة على نفسه فخرج من المدينة؟!
قاتل الله الجهل وأهله.

معنى الحدادية وتأصيلات أبي صفوة الجديدة للبراءة منها

الوقفة الثالثة والعشرين:
حاول أبو صفوة أن ينفي عن نفسه وصف (فيه نفس حدادي) الذي وصفه به الشيخ أسامة العتيبي وفقه الله، فقال أبو صفوة في جلسته هذه ملبِّساً: ((يا إخوة الحدادية، ما معنى الحدادية؟ الحدادية: الذين يبدِّعون الناس بمجرد المخالفة؛ حتى وإنْ كان من باب الخلاف السائغ، أو مما لا يحصل فيه تبديع، وبدعوا العلماء، بدعوا ابن حجر العسقلاني، وبدعوا ابن حزم، وبدعوا النووي والبيهقي والطحاوي وابن باز والعثيمين والألباني والشوكاني، بدعوا هؤلاء الذين هم رؤوس الدعوة السلفية، بدعوهم وأمروا بحرق كتبهم، واني أي واحد منكم يجي أتمنى يجي علي علبيت ويشوف مكتبتي...))، وسرد جملة من كتب هؤلاء المذكورين.
قلتُ:
أولاً لا يعدُّ ابن حزم والنووي والبيهقي وابن حجر والطحاوي رحمهم الله من رؤوس الدعوة السلفية، وإنما هم من العلماء والحفَّاظ الذين لهم جهود كبيرة في بيان الشريعة ونصرة السنة ومحاربة البدع، لكن عندهم أخطاء عقدية ظاهرة في مسائل الصفات أو مسائل الإيمان، فليُنتبه لهذا ويُحذَر منه.
ثم إذا كان الحدادي هو الذي يُبدِّع الناس بمجرد المخالفة وإنْ كانت من باب الخلاف السائغ أو مما لا يحصل فيه تبديع؛ فكيف بمن يُبدِّع ويهجر ويشنِّع ويعادي في مسائل شخصية وخاصة؟!!
إنَّ أبا صفوة كما يعرفه السلفيون في محافظة الموصل يُبدِّع بأدنى من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، فكل مَنْ لا يوافقه في موقف خاص أو يخالفة في قضية شخصية يحكم عليه بأحكامه الجائرة المتعسِّفة، ويسبه بأوصاف قبيحة شنيعة بذيئة، وينتقصه ويحتقره، ويفتري عليه الأكاذيب والأباطيل، ويصبح في يوم وليلة خصمه الجديد الذي يجب تسقيطه والتحشيد ضده، ويدعو المتعصبين من أصحابه إلى هجره وتنفير الناس عنه، وهذه هي أوصاف الحدادية، بل أشد.
وقد كتب الشيخ ربيع حفظه الله عدة رسائل ومقالات وردود في بيان سمات الحدادية ومنهجهم، من ذلك رسالة "خطورة الحدادية الجديدة وأوجه الشبه بينها وبين الرافضة"، ورسالة "مميزات الحدادية"، فليراجعهما مَنْ أراد معرفة صفات هذه الفرقة الغالية.
ومما قاله الشيخ ربيع في الرسالة الثانية: ((6- العداوة الشديدة للسلفيين مهما بذلوا من الجهود في الدعوة إلى السلفية والذبِّ عنها، ومهما اجتهدوا في مقاومة البدع والحزبيات والضلالات))، وهذه تنطبق على أبي صفوة تماماً، وإليكم دليلاً ساطعاً لا مرية فيه على ذلك:
فبعدما بلغني الخلاف الذي أثاره أبو صفوة في صفوف السلفيين في محافظة الموصل، ذهبتُ إلى هناك، وسمعتُ من إخواني السلفيين المؤاخذات عليه، ثم أتيتُ إلى بيته لمناقشته في ذلك، فعرفتُ منه أن يرفض الصلح معهم ويتهمهم بالأحكام الجائرة بلا حجة ولا برهان ويقاطعهم بلا بينة ولا سبب شرعي، فلما وقفتُ في جانب إخواني السلفيين ضده، أرسل إليَّ رسالة عبر الجوال هذا نصُّها: ((أقول: إنَّ القوم اشتروك بوليمة من أموال الحلبي، وتزعم أنك ضد منهج الحلبي، واعلم بأنَّ المكر والخديعة في النار، مبغضك))!، فلم أرد عليه بكلمة، لأنني عرفت حقيقته يقيناً هذه المرة، فإذا كانت هذه ردودي ومقالاتي ورسائلي المنشورة المعلنة في كشف الحلبي وأصوله وحزبه والتحذير منهم، ثم يزعم هذا الصائل على السلفيين بالباطل أنَّ القوم اشتروني بوليمة من أموال الحلبي!، ويشكك في كوني ضد الحلبية، فما بالكم في أحكامه على باقي السلفيين؟!
ودليل آخر يدل على حدادية هذا الرجل؛ أنه اتهم أحد السلفيين الفضلاء في محافظته في سمعته، فحكم عليه بأنَّ له علاقة مع إمرأة فاجرة!!، وأنَّ أمواله من الربا!، وهذا الأخ كان من أكثر السلفيين إكراماً له وإعانة وإحساناً!، فلما طالبناه بالدليل قال: أخبرني فلان، وكان فلان - وهو من الغلاة المتعصبين له! - قد اعترف أمامه قبل ذلك بأنه شُبِّه عليه الأمر، ونفى التهمة الأولى عن الأخ، لكنَّ أبا صفوة لا زال مصراً على هذا الإفك، وأما التهمة الثانية فلمجرد أنَّ الأخ هذا له مكتب لبيع العقارات والدور!، وحاولنا إقناع أبي صفوة بكف لسانه عن هذه الاتهامات، فرفض، وقد قال الشيخ ربيع حفظه الله في [رده على فوزي البحريني الحدادي - الذي أشاد بأحد كتبه أبو صفوة في كتابه "الإكليل" -]: ((ولكن الحدادية لهم أصلٌ خبيثٌ، وهو أنهم إذا ألصقوا بإنسان قولاً هو بريء منه ويعلن براءته منه، فإنهم يصرون على الاستمرار على رمي ذلك المظلوم بما ألصقوه به، فهم بهذا الأصل الخبيث يفوقون الخوارج)).
وأما كون أبي صفوة له مكتبة تشتمل على كتب العلماء والمشايخ الذين يطعن فيهم الحدادية ويدعون إلى حرق كتبهم، فهذا الرجل لفرط جهالته يظنُّ هذا دليلاً على برآءته من الحدادية، ولا يدري المسكين أنَّ كل بدعة يكون الناس فيها بين غال ودون ذلك، فالقدرية مثلاً فيهم الغلاة الذين يُنكرون علم الله عز وجل السابق ويثبتون أنَّ الإنسان يخلق أفعاله ومنهم دون ذلك، والخوارج فيهم الغلاة الذين يكفرون بالكبائر والصغائر وترك النوافل ويستحلون دماء المسلمين بالسيف وفيهم دون ذلك، والروافض فيهم من يزعم أنَّ القرآن محرَّف ويقر بردة الصحابة ويتهم أم المؤمنين عائشة الصديقة المبرأة من فوق سبع سموات بالفاحشة ومنهم دون ذلك، فكذلك الحدادية فيهم الغلاة الذين صرَّحوا بالطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وابن أبي العز رحمهم الله، ويحرقون كتب الحفاظ أمثال النووي والبيهقي وابن حجر رحمهم الله، ومنهم دون ذلك، فهم مستويات عدة، بين المبتدئ في البدعة هذه وبين المنتهي وبينهما درجات، ولهذا قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى كما في [فتاوى في العقيدة والمنهج (الحلقة الأولى)]: ((فمن فيه هذه الصفات فهو الحدادي؛ الذي يثور على العلماء ويطعن فيهم ويريد إسقاطهم على الطريقة التي ذكرتها فهو حدادي، كانوا يكذبون، ويطعنون، ويطعنون، فبينا كذب شيخهم وأخطاءه وضلالاته، فزادوا فيه غلواً، فكل مَنْ يشبه هؤلاء؛ يغلوا في الأشخاص، ويرد الحجج والبراهين، ويطعن في أهل السنة: فهذا حدادي، وأسوأ من الحدادية. والآن فيه جماعة في الإنترنت على هذا المنوال؛ في الإنترنت جماعة يصفون أهل السنة أنهم حدادية، وصفات الحدادية متوفِّرة فيهم؛ الغلو، الكذب، رد الحق، نفس الطريقة الحدادية، فافهموا هذا، واضبطوا صفات الحدادية، فمن وجدت فيه فهو من الحدادية، أو شبيه بهم، أو أسوأ منهم)).



أبو صفوة يصرح بالجزم في عدم تبديعه للحلبي ومشهور وفتحي وعماد طارق!

الوقفة الرابعة والعشرين:
قال أبو صفوة: ((مَنْ إلي بدعتو؟ مَنْ إلي بدعتو؟ بدعتُ أحد بمجارين؟ بدعتُ أحد بحي التنك؟ بدعتُ أحد؟ مَنْ إلي بدعتو؟ خلي يكولون: أبوصفوة بدَّع فلان من الناس؟! إلي بدعناهم يمكن معدودين بعدد الأصابع، إلا إلي غُمِسوا في البدعة، إلا إلي غُمس بالبدعة عند ذلك ما هناك سبيل إلا تبديعه، وكم من مخالف ما أُبدِّعو؟ والله ثم والله ثم والله اني ما أُبدِّع علي الحلبي!، مو الشيخ ربيع يقول: مبتدع، ما أُبدعو، والله ثم والله ثم والله ما أُبدع مشهور، وأقول: عدهم أخطاء، وأخطاء قاصمة الظهر!، لكن والله ما أتجرأ أن أُبدعهم، ما أتجرأ أن أقول: هؤلاء مبتدعة، إذا أنقل أنقل كلام العلماء، لكن أما اني بنفسي أقول: رجل مبتدع، داخل نفسي، وأقر: أنو مبتدع، والله لا أرى ذلك، ما أستطيع)).
قلتُ:
وهذا ما كنا نخشاه والله!، أن تكون يا أبا صفوة على أصول الحلبي ولا ترى تبديعه بعد كل هذه الردود والرسائل والمقالات الفاضحة له والكاشفة لانحرافه، والحمد لله الذي كشف ما في نفسك وأخرج على لسانك ما كنتَ تخفيه عن السلفيين، ويصدق فيك قول القائل: سكت دهراً فنطق بعراً! .
إذا كنتَ لا ترى التبديع فيمن يستحقه؛ فهذا هو منهج المميعة اليوم، لكنَّ الإخوة السلفيين الثقات يشهدون أنك تصف بعضهم بالحلبية، وبعضهم بالحزبية، وبعضهم تعاديهم وتقوم بتنفير الناس عنهم بشتى أساليب الكذب والبهتان وتدعو إلى هجرهم والتحذير منهم، ولقد ذكروا ذلك أمامي مع الأدلة والشهود، بل وصفتَ المخالفين لك من إخواني السلفيين أمامي في بيتك مع اثنين من الشهود بأنهم حلبية!، وهم من أشدِّ الناس معارضة للحلبي ودعوته، ويشهد بذلك الحلبية أنفسهم، لكنك تكذب على أصحابك السذَّج، وتزعم أنك لا تُبدِّع أحداً، ثم تتناقض في أقل من سطر ونصف وتقول: أنك بدَّعتَ معدودين على قدر الأصابع!!، وهكذا هم الكذبة لا يدوم كذبهم، ويتناقضون في كلامهم.
ثم ما معنى لا تبدِّع المخالفين حتى ينغمسوا في البدعة؟!
ممكن تشرح لنا ما هو مستوى الانغماس في البدعة الذي يستحق صاحبه التبديع؟!
ألا تعلم أنَّ الإمام أحمد رحمه الله بدَّع حسيناً الكرابيسي لما قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ولم ينغمس في بدعة الجمهية التي تقول: القرآن مخلوق؟!
فمثل هذا الإجمال يدل على أنك على طريقة أهل البدع في الكلام، والموطن يحتاج إلى تفصيل وبيان، ولا وجود له في كلامك السابق!.
أما كونك تخطِّئ الحلبي ومشهور حسن ولا تجرأ على تبديعهم، فهذا موافق لأصلهم الفاسد: (تجوز التخطئة ويحرم الطعن)، أو كما قال الحلبي في أحد حواشي كتابه [منهج السلف الصالح/ الطبعة الثانية ص147] في أثناء دفاعه عن جمعية إحياء التراث: ((فالطعن بهم - والحالة هذه - قد يكون طعناً بمَنْ زكَّاهم وبوَّأهم، نعم يخطئ الجميع لكن البحث في البدع والتبديع))، وقال في المصدر السابق [هامش (4) ص136]: ((خطِّئ مَنْ أردتَ ما أردتَ!، وإنما الذي نحذره منه ونحاذره: الألفاظ، والتبديع، والهجر، والتشنيع!!)).
وقد جاء في حوار مع العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله حول عدنان عرعور وقواعده الباطلة؛ قال السائل: القاعدة الرابعة يقول عدنان: "يجوز التخطئة ويحرم الطعن"، هل هذه القاعدة صحيحة؟ فقال الشيخ الفوزان حفظه الله تعالى: ((هذه مثل "نصحح ولا نجرِّح" هي نفسها)).
وعدم الجرأة على التبديع مع العلم بأنَّ لهم بدعاً وطواماً وأخطاء قاصمة للظهر؛ هو من قبيل الورع البارد، وقد قال علي الحلبي في أحد مقالاته دفاعاً عن محمد حسان والحويني وأمثالهم: ((أنا أقول: إنَّ هؤلاء أنا أعرفهم منذ سنوات بعيدة، وقرأتُ ما كتبوا وسمعتُ ما قالوا، أنا أعلم أنَّ عندهم أخطاء؛ وبعض هذه الأخطاء قد لا يكون قليلًا!!، وأعلم أنه تُزيِّد على بعضهم في شيء مما قالوا، وأُخِذ من بعض كلامهم على غير وجهه، أنا من أستطيع منهم أن أناصحه أناصحه وأذكره وأبين له خطأه وأتواصى معه بالحق والصبر، لكني أخاف الله وأتقيه في أن أبدِّعهم!!، أو أن أخرجهم من السنة!!، مَنْ رأى أنه يكون عامراً بينه وبين ربه - يكون عامراً - بتبديعهم وتضليلهم فليفعلوا؛ أنا لا أنكر عليه!، وإنما بيننا وبينه التناصح، فإذا تناصحنا فيهم فأقنعني واقتنعت فليحمد الله، وإن تناصحنا فيهم وتناقشنا فأقنعته أنا فليحمد الله، أما أن نختلف نحن في ما بيننا ونحن متفقون على ما عند هؤلاء من أخطاء!، ثم إذا بنا يُبدِّع بعضنا بعضاً ويسقط بعضنا بعضاً بسببهم، أقول: فليفرح هؤلاء بخلافنا!، فإنَّ هذا مما يسعدهم ويسعد من وراءهم، لكن إذا أنت تريد أن تبدِّعهم وأنت مطمئن أنك على ديانة وعلى تحقيق علمي وعلى تقى من الله وتثبت ويقين وبينة فيما أنت تبدِّعهم به فحسابك على الله والله حسيبك!، وإذا كنتُ أعرف أنا أنَّ عندهم أخطاء، وهذه الأخطاء أعالجها بقدر ما أستطيع من نصيحة من هذه الأخطاء، لكن أعرف أنَّ هؤلاء على ثغرات!، أنَّ أصولهم أصول عقائدية سنية سلفية!، ولا أحد منهم يقول: أنا لست بسلفي!، أو أنا قطبي!، أو أنا حزبي!، أو أنا تكفيري!، بل كلهم يتبرأ من ذلك، وإنْ كانت يعني على فترات وعلى درجات، فأنا أخاف الله واتقيه في أن أقول: هؤلاء تكفيريون!، أو قطبيون!، أو حزبيون!، وأنا أعلم - وربي يعلم مني - أني لست بقناعة على أنَّ هؤلاء على ذلك!؛ وإنْ كانوا مخطئين، وإن كنتُ أُخطِّئهم وأُحذِّر من أخطائهم)).
فما أشبه كلام أبي صفوة بكلام الحلبي هذا؟!

الوقفة الخامسة والعشرين:
بعد هذا السر المكنون الذي كشفه أبو صفوة وفاجئ السلفيين المخدوعين به في كونه لا يُبدِّع الحلبي، أراد أن يُقنع أصحابه الجالسين بتأصيل هذه المسألة فقال: ((أقول: عندو طامات، وعندو ضلالات، وعندو بدع، لكن أما هو انطبق حكم البدعة عليه، انتبهوا؟ فرقو ما بين الوقوع في البدعة، وما بين حكم التبديع، انقول: عندو بدع؛ لكن هل أقول هو مبتدع؟ ما أستطيع أن أجرأ على ذلك!، ولا أقول: مشهور مبتدع، ولا أقول: محمد موسى آل نصر مبتدع، مَنْ الذي بدَّعناه من الناس؟ مَنْ؟ احنه أدنى من كلام العلماء في مسألة التبديع، علماء بدَّعو، واحنه هذه المسائل ما نكدر نتكلم فيها!، انقول: العلماء بدَّعو نعم، لهم الحق في ذلك، وانقول: عدهم أخطاء وعدهم ضلالات، انقول: علي الحلبي عندو ضلالات، ومشهور عندو ضلالات، وفتحي عندو أخطاء، وعماد أبو العباس؛ لكن أبدِّع أحد منهم، لا والله، هذا ما أتجرأ عليه، ولا أذكرو، وإذا تكلَّمتُ أنقل كلام العلماء في هذا الجانب، اذاً منو إلي بدعناه؟ وأي حدادية إلي احنه بلغناها؟)).
قلتَ:
يا أبا صفوة؛ وهل من شرط البراءة من الحدادية أن تتوقف في تبديع مَنْ عنده ضلالات وبدع وطوام تقصم الظهر؟!!
مَنْ الذي جعل هذه علامة على البراءة من مسلك الحدادية؟!
أم هو الجهل والتخبط والتخليط؟!
إنَّ هؤلاء الذين ذكرتَهم قد أضلوا خلقاً كثيراً وأحدثوا فتنة وفرقة كبيرة بين السلفيين، فهل تجرأ أن تقف بين يدي الله عز وجل وأنت لا تبدِّع أمثال هؤلاء تحذيراً للعامة منهم وقطعاً لفتنتهم؟!
أي ورع هذا الذي يتبجَّح به هؤلاء؟!
وهل أنت يا أبا صفوة أورع من العلماء الذين حكموا بتبديعم لتخالفهم؟!
وأين مثل هذا الورع والخوف من معاداة السلفيين وحربهم والطعن فيهم وتنفير الناس عنهم والكذب عليهم؟!
أم هي حدادية مع السلفيين مميعة مع الخلفيين؟! قاتل الله الهوى وأهله.
ثم أين الضابط يا هذا في التفريق بين الوقوع في البدعة وبين الحكم بالتبديع؟!
أم هو مجرد التشغيب والتشنيع والتلبيس؟!
نعم؛ ليس كل مَنْ وقع في بدعة كان مبتدعاً، لكن مَنْ علم أنَّ هذه بدعة أو بُيِّن له ذلك فأصرَّ عليها فإنه يُبدَّع ولا يتوقف فيه من باب الورع أو عدم الجرأة، والعلماء والمشايخ وطلبة العلم قد بيَّنوا بدع هؤلاء المذكورين في كلامك بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة، فمَنْ بلغه ذلك ولم يُبدِّعهم فإنه يُلحق بهم ولا كرامة.
ثم ما معنى تنقل كلام العلماء في تبديع هؤلاء وأنت لا تقر به في نفسك؟!
إنْ كان حقاً فالزم به نفسك وانقد له!، وإنْ كان باطلاً فكيف تنقله إلى غيرك وتلزمه به!، وأحلاهما مرٌّ.

موافقة أبي صفوة لأصول علي الحلبي!

الوقفة السادسة والعشرين:
زاد أبو صفوة في كشف تخبطاته وإظهار موافقته للحلبي فقال: ((لا يُلزَم الناس بحكم العالم، وإنما يُلزَمون بخبر العالم، انتبهوا؟ يعني: خبر الثقه يؤخذ، لكن حكم الثقة لا يلزم الجميع!، يعني لما يجي عالم يقول: فلان عنده الخطأ الفلاني والخطأ الفلاني والخطأ الفلاني، ويبين هذه الأخطاء، نأخذ بقول بقول هذا العالم لو ما نأخذ؟ ناخذ، لكن من عالم يقول: هذا الرجل كافر أو هذا الرجل مبتدع؟ نأخذ بقوله لو ما نأخذ؟ لسنا ملزمين بحكم العالم، لكن ملزمين بخبر العالم))، ثم ضرب مثالين ليُقنع الجالسين بهذا التفريق؛ الأول: تكفير الشيخ ابن باز رحمه الله لصدام حسين، والثاني: تكفير الشيخ الألباني رحمه الله لحسن السَّقاف.
قلتُ:
وهذا التفريق لم يقل به أحدٌ - فيما نعلم - قبل علي الحلبي، فقال في كتابه [منهج السلف الصالح/ الطبعة الثانية ص230 مسألة "القال والقيل ونقل الأقاويل"]؛ بعد أن سرد قصة ذكرها من الواقع المعاصر: "فأين هو ذاك الثقة إذن؟!" ثم علَّق في الهامش عليها بقوله: ((وهذا يفتح لنا لزاماً باب التفريق بين خبر الثقة وحكم الثقة؛ ومَنْ لم يفرِّق بينهما فقد غلط غلطًا شنيعًا!، فهل يستوي خبر الثقة عن فلان أنه موجود!، كالحكم على هذا الموجود بأنه مبتدع؟!، فكيف إذا تعارض حكم الثقة مع حكم ثقة آخر؟!، وما السبيل إذا تعارض حكم الثقة مع ما يعرفه المتلقي عنه الحكم من حكم يخالفه؟! هل كل ذلك سواء؟! لا يستويان مثلًا)).
وقد سُئل العلامة الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في [رد شبهات المائعين والذب عن السلفيين السؤال/2]: ما منهج السلف في مسالة قبول خبر الثقة؟
فأجاب بقوله: ((منهج السلف والقرآن والسنة على قبول خبر الثقة ووجوب بناء الأحكام عليها، إذا كان اثنان يشهدان على أنَّ فلاناً قتل فلاناً، فعلى الحاكم أن يحكم بالحكم الشرعي وهو القصاص من القاتل، وتثبت عقود النكاح بشهادة رجلين ثقتين، وتثبت عقود المعاملات والديون وغيرها بناء على شهود عدلين ثقتين أو رجل وامرأتان، فهؤلاء يخرِّبون قواعد الشريعة ويصادمون نصوص الكتاب والسنة بأقوالهم الضالة المضلة، والمعتزلة هم الذين كانوا يشترطون التعدد في الرواة أما أهل السنة فلا)).
[وفي نفس المصدر السؤال/6]: هل يلزم الرجل أن يقبل نقل الثقة وحكمه، أم نقله فقط؟!
فأجاب حفظه الله تعالى بقوله: ((خبر الثقة الأصل فيه القبول، إلا إذا خالف العدول؛ كما في الرواية الشاذة، وأما الأصل فيه القبول، ولا يجوز تكذيب المسلم ورد ما عنده من الحق، وإذا ما سلكنا هذا المنهج أبطلنا كثيراً من شرائع الإسلام، لو جلس رجل يعلِّمني من الكتاب والسنة، لو قال لي: قال رسول الله في صحيح البخاري كذا؛ أكذِّبه؟! لا، لما يقول لي: فلان مبتدع، أقول: لا!، هذا المذهب الذي يسمونه بالتثبت مذهب كاذب، التثبت الذي لا يريد الوصول للحقيقة وإنما يريد رد الحق، فيرد الحق ولا يتثبت، فيتخذ هذه حجة، وليس ممن يتثبت ليصل إلى الحق والحقيقة، وإنما ليرد الحق، ولهذا نراهم يردون أخباراً متواترة من علماء أجلاء تتخذ فتواهم وأحكامهم وأخبارهم، ويردونها بهذا المعول؛ الذي ظاهره معول إسلامي، وهو معول هدَّام ومعول شيطاني)).
ولا بد أن يعلم المسلم البصير أنَّ أحكام علماء الجرح والتعديل في أهل البدع قائمة على حجج وبينات، ومبنية على مصادر موثَّقة من كتب وأشرطة المحكوم عليهم وأخبار الثقات المأمونين، ومعرفة أمورهم وسبر أحوالهم وتتبع مواقفهم وتقريراتهم، فهذه الأحكام المبنية على هذه الأدلة والمصادر يجب قبولها والانقياد لها، لأنه إنقياد للحجة والبرهان التي أقامها ذلك العالم وليس تقليداً لقوله أو حكمه، وهذا أمر ملزم كما لا يخفى.
ومعلوم أنَّ حكم القاضي مبني على السماع والنقل والأخبار والشهود، فإذا قضى بناء على ذلك فحكمه ملزم، أخرج الشيخان عن أم سلمة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ)).
فقضاء النبي صلى الله عليه وسلم مبني على السماع وقائم على الحجة، وبهذا يُعرف الحق، فكيف يزعم هؤلاء أنَّ الخبر شيء والحكم شيء آخر، وكأنَّ لا علاقة بينهما ولا تلازم؟!.
وأصل الشبهة التي دخلت على أمثال هؤلاء؛ هو أنهم تصوَّروا في أذهانهم أننا نلزم الناس بكل أحكام العلماء ولو كانت مجردة عن الحجة والبرهان والمصادر الموثَّقة وكانت معارضة لأحكام علماء آخرين!، بل ولو تبين أنها على خلاف الحقيقة والواقع بالدليل والبرهان، وهذا ما لا يقول به السلفيون، بل السلفيون يردون على الحدادية إلزام الناس بأحكامهم المجردة عن الحجة والبرهان المعارضة لما هو معروف من ظاهر وواقع دعوة الذين يجرحونهم، فنحن نلزم الناس بالجرح المفسَّر، ولا نلزمهم بالجرح المبهم الصادر من أمثال هؤلاء الجهلة المتخبطين، بل لا نلزمهم بأحكام العلماء المبهمة ولو كانوا من العارفين بأسباب الجرح إذا عارضت أحكام علماء آخرين مثلهم، فإظهار الحجة التي لا يعارضها ما هو مثلها أو أقوى منها هو الملزم، فليُفطن لهذا.
قد يقول قائل: قلتم أنَّ الأحكام مبنية على الأخبار، والأحكام تحتمل الصواب والخطأ بحسب السماع والنقل كما تقدَّم في حديث القضاء السابق، أو بحسب اجتهاد العالم وفهمه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ اثْنَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ))، فكيف تلزمون الناس بأحكامهم وهي محتملة للخطأ؟!
والجواب:
أنَّ أخبار الثقات أيضاً تحتمل الخطأ والصواب!، فقد يهم الثقة أو يغلط أو يغفل أو لا يضبط أو يختلط أو يُلقَّن أو غير ذلك من الأسباب، وقد وقع في مثل ذلك علماء أثبات، لأنهم غير معصومين من الخطأ، فهل يُقال أيضاً: أنَّ أخبار الثقات غير ملزمة؟! بل كثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وقع فيها الخلاف بين القبول والرد، فهل يُقال أيضاً: هذه الأحاديث وإن صحت فهي غير ملزمة؟! هذا لا يقوله إلا أهل البدع الذي يردون أحاديث الآحاد وأخبار الثقات بمثل هذه الشبهات والإيرادات.
ولا ينبغي أن يكون احتمال الأسباب الطارئ أو توقع وجود الحالات المستثناة سبباً لنقض الأصول ونسف القواعد، فكما أنَّ الأصل في أخبار الثقات يجب الأخذ بها إلا إذا تبين بالدليل القاطع أنها على خلاف الواقع، وأنَّ الأصل في الأحاديث إذا صحت أنها تفيد العلم والعمل بها إلا إذا تبين خلاف ذلك، فكذلك أحكام العلماء في الرجال المبنية على الحجة والقائمة على المصادر الموثقة ملزمة للجميع إلا إذا تبين بالدليل والحجة الدافعة لتلك الحجة الأولى أنها خلاف الواقع.
وممن نصَّ على نقض هذا التفريق بين خبر الثقة وحكم الثقة، وجعل الكل من باب خبر العدل، ونقل ذلك عن أهل الأصول وغيرهم، العلامة الصنعاني رحمه الله في [توضيح الأفكار 2/118-119] فقال: ((والحاصل: أنَّ الدليل قد قام على قبول خبر العدل؛ إما عن نفسه بأنْ يخبر بأنه ابن فلان أو أنَّ هذه داره أو جاريته، فهذا لا كلام في قبول خبره عنه بالضرورة الشرعية، بل يقبل خبر الفاسق بذلك، بل أبلغ من هذا أنه يجب قبول قول الكافر: لا إله إلا الله؛ ويحقن دمه وماله ونعامله معاملة أهل الإيمان لأخباره بالتوحيد وإنْ كان معتقدًا لخلافه في نفس الأمر كالمنافق. وإنْ كان خبره عن غيره كروايته للأخبار قُبل أيضاً، وإنْ كان عن صفة غيره بأنه عدل أو فاسق قُبِل أيضاً؛ إذ الكل خبر عدل!!، وقبول خبره ليس تقليداً له؛ بل لما قام عليه من الدليل في قبول خبره، هذا تقرير كلام أهل الأصول وغيرهم، ولنا فيه بحث أشرنا إليه في أوائل حاشية ضوء النهار)).
وأما ما فعله أبو صفوة من نقل الكلام في التبديع إلى النقاش في تكفير المعيَّن!؛ فهذه نقلة تدل على مكره وتلبيسه، وهذا ما يفعله الحلبي وحزبه لرد الحق والحجج التي أقامها السلفيون في هذه المسألة، حتى وصفوهم تلميحاً وتصريحاً بأنهم تكفيريون!، أو لا فرق بينهم وبين التكفيريين!، وأقل ذلك يكون كلام أبي صفوة هذا حيدة عن الموضوع.
والسلف الصالح قد يتوقفون في الحكم على معيَّن بالكفر لكنهم لا يتوقفون في الحكم عليه بالبدعة، فالخوارج مثلاً، كان من ضلالهم أنهم حكموا بردة الصحابة واستحلوا دماءهم، وهذا كفر لا خلاف فيه، ومع هذا لم يكفِّرهم الصحابة كما نقل ذلك شيخ الإسلام رحمه الله في أكثر من موضع في مجموعه بسبب الجهل والتأويل، لكن هل توقَّفوا في تبديعهم وقتالهم والتنكيل بهم والتحذير منهم؟ كلا، بل عدهم السلف الصالح أول فرقة من فرق الضلال.
ومثال آخر؛ خلفاء دولة المعتزلة وبعض أعيان علمائهم الذين نصروا عقيدة خلق القرآن وفتنوا الناس بها، لم يحكم بكفرهم الإمام أحمد رحمه الله على التعيين إلا على بعض رؤوسهم، ومعلوم أنَّ عقيدة خلق القرآن عقيدة كفرية، ومع هذا كان يعدهم من أهل البدع.
ومثال ثالث: أهل الاتحاد والحلول، العلماء يحكمون عليهم من حيث العموم بأنهم كفَّار، لكن على وجه التعيين لا يحكمون بكفر كل مَنْ قال بهذه العقيدة، ولهذا توقف شيخ الإسلام رحمه الله بتكفير بعض رؤوسهم ومشايخهم وقضاتهم لجهلهم بحقيقة هذه العقيدة وما تستلزمه، ولكنه لم يتوقَّف بتبديعهم.
ومثال رابع: سيد قطب، وقوع في أقوال كفرية وبدعية وطوام وضلالات لا يعلمها إلا الله عز وجل، ومع هذا لم يكفِّره العلماء لفرط جهله، لكنهم لم يتوقفوا في تبديعه.
فالعلماء كانوا يهابون من تكفير المعين إلا إذا ثبتت فيه الشروط وانتفت الموانع وقامت عليه الحجة، لكن هذا المعيَّن إذا لم يكفَّر فهل يعني ذلك أنه يبقى في دائرة أهل السنة ولا يُبدَّع بدعوى أنَّ الجهل مانع من التكفير والتبديع على حد سواء؟ لا يقول بهذا إلا متخبِّط، والأمثلة المتقدِّمة تكفي في نقض هذه الدعوى.
وليقل لنا هذا المتخبِّط أبو صفوة: ما تقول في حسن السقاف؟ هل هو مبتدع أم لا؟
إنْ قلتَ: هو مبتدع وليس بكافر، فقد فرَّقتَ بين التكفير والتبديع، وكان الواجب عليك أن تتوقف في تبديعه كما توقفتَ في تكفيره، إلا إذا قلتَ: هناك فرق بين تكفير المعيَّن وتبديع المعيَّن، إذن ما وجه إنكارك علينا؟!
وإنْ قلتَ: ليس بمبتدع، فقد حكمتَ على نفسك بالبدعة وأرحت السلفيين من شرِّك!.
وإنْ قلتَ مجادلاً: لماذا لا تحكمون بكفر صدام حسين وحسن السَّقاف، وأنتم تقولون: أنَّ حكم العالم ملزم؟!
فجوابه: أنَّ تكفير هذين متوقف على الحجة والبرهان، فمن بلغه ذلك وعلم أنَّ الحجة قامت عليهما حكم بكفرهما، ومَنْ لم يبلغه توقف فيهما، ولسنا هنا بصدد النقاش في ثبوت ذلك أو عدمه، لكن هل بلغك أنَّ الحلبي عنده بدع وطوام وضلالات تقصم الظهر؟ هذا ما أقررتَ به في هذه الجلسة، فلماذا تتوقف في تبديعه؟! ألانَّ كتابك "الإكليل" شرحٌ لرسالته "مجمل مسائل الإيمان العلمية في أصول العقيدة السلفية"، وقد حذَّر منه السلفيون بسبب ذلك، فلا تريد أن يُخمد ذكره؟! نعوذ بالله من دخائل النفوس!.

الوقفة السابعة والعشرين:
لا زال أبو صفوة يؤكِّد موافقته لأصول الحلبي فيقول: ((هذا هو الفارق ما بين الحكم وما بين الخبر، نأخذ بقوله في باب الخبر؛ نقول مثل الشيخ ربيع يقول: علي الحلبي عنده واحد اثنان ثلاث، نقول: نعم وصدق، ونحن معه، لأنه عالم،وثقة، ويخبرك بخبر ثقة، لكن لما يقول: هذا مبتدع، نقول: هذا حكم، متى نُلزَم بحكم العالم؟ انتبهوا؟ متى نُلزَم بحكم العالم؟ إذا استفاض وانتشر عند أهل العلم، شلون؟ ما تقول في الجهم بن صفوان؟ الآن إذا رجل يقول: ليس بمبتدع، يقول: عنده ضلالات لكن ما ابدعو، نقول: لا، يجب أن تُبدِّعه، ليش؟! لأنَّ العلماء أجمعوا على تبديعه، واضح، فاستفاض الكلام في تبديعه، واضح الكلام لو مو واضح؟، الجهم وواصل بن عطاء الحلاج ابن عربي، هذا استفاض وانتشر عند أهل العلم، فعند ذلك نلزم بحكمه، ليش لأنَّ مو واحد تكلَّم فيه، وإنما أهل العلم قاطبة تكلَّموا فيه أو غالب أهل العلم، فنقول: حكم الثقة إذا استفاض وانتشر عند أهل العلم عند ذاك نلزم به، إذا اقتصر على واحد أو اثنان أو ثلاثة، لا يلزم الكل، واضح؟)).
قلتُ:
يظهر أنَّ أبا صفوة هذا إما أنه كان نائماً في كهف لا يدري ما يجري حوله ثم استيقظ فذكر هذه الأصول التي هي تماماً أصول الحلبي!، وإما أنه كعادته في سرق الكلام والتشبع به وعدم نسبته لأصحابه!، وبخاصة سرقته لكلام الحلبي كما فعل ذلك في كتابه "الإكليل"، واعترف بذلك!، وإما أنه متلوِّن لعَّاب!؛ له في كل فتنة وجه ولا يستقر على حال؛ كما حدَّثني إخواني السلفيون عنه كثيراً، وإما أنه رجل ماكر مدسوس في صفوف السلفية ومدفوع من إحدى الجهات أو الجمعيات!!، والحمد لله الذي كشف ستره وفضح أمره.
يا هذا؛ ما معنى أنك تُلزِم الناس بخبر الشيخ ربيع حفظه في ذكر ضلالات الحلبي، ولا تلزمهم بحكمه فيه أنه مبتدع؟!
هل أنت أفهم من الشيخ ربيع فيما يقدح وما لا يقدح وما يؤثِّر وما لا يؤثِّر!؛ وهو حامل لواء الجرح والتعديل في هذا العصر بشهادة إمام العصر ومجدده الشيخ الألباني رحمه الله؟!
أم أنت أشد ورعاً وخوفاً من الكلام في الناس من الشيخ ربيع حفظه الله؛ والله تعالى يقول: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ))؟!
أم أنت أصبر على المخالِف وأذاه منه حفظه الله؛ وهو يصبر السنوات لعلَّهم يستجيبون ويرجعون؟!
يا هذا اعرف قدر نفسك، والزم غرْز العلماء الأكابر، والله لو أنَّ أحد إخواننا قال لأصحابك: أنتم غير ملزمين بأحكام أبي صفوة، لأقمتَ الدنيا عليه ودعوتَ إلى مقاطعته وشنَّعتَ عليه أشد التشنيع والتجديع، مع إنك من أجرأ الناس ولوغاً وطعناً في أعراض السلفيين، ومن أشدهم جوراً وتعسفاً في الأحكام عليهم، ومن أبعدهم فهماً لمسائل الجرح والتعديل وما يجرح به الرجل وما لا يجرح به!!، فافهم هذا ولا تعدو قدرك، واتق ربك.
أما تأصيلك الذي نبَّهتَ إليه: من كون الإلزام في التجريح لا يكون إلا في محل الإجماع أو الاستفاضة والشهرة بين العلماء كلهم، ولا إلزام إنْ صدر الجرح من جماعة من العلماء ولو كانوا ثلاثة، فهذا هو أصل المميعة في هذا الزمان، وهذا ما اشترطه علي الحلبي في جلسة مسجَّلة بصوته فقال: ((ثم موقف عامة الطلبة إذا أجمع أهل العلم على تبديع واحد لا يسعهم أن يخالفوا؛ إذا أجمعوا)).
ويكفي في ردك تأصيلك وتأصيل الحلبي هذا؛ أنَّ علماء الجرح والتعديل نصُّوا على الأخذ بخبر الجارح إذا كان مفسَّراً ولو خالفه مائة من المعدِّلين، قال الحافظ السخاوي رحمه الله في [فتح المغيث 2/191]: (("إنْ كان المعدِّلون أكثر عدداً فهو" أي: التعديل "معتبر"؛ حكاه الخطيب عن طائفة وصاحب المحصول؛ لأنَّ الكثرة يقوي الظن، والعمل بأقوى الظنين واجب كما في تعارض الحديثين؛ قال الخطيب: وهذا خطأ وبُعد ممن توهمه؛ لأنَّ المعدِّلين وإنْ كثروا ما لبثوا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون، ولو أخبروا بذلك وقالوا: نشهد أنَّ هذا لم يقع منه؛ لخرجوا بذلك عن أن يكونوا أهل تعديل أو جرح؛ لأنها شهادة باطلة على نفي ما يصح ويجوز وقوعه، وإنْ لم يعلموه فثبت ما ذكرناه: وإنَّ تقديم الجرح إنما هو لتمضية زيادة خفيت على المعدِّل، وذلك موجود مع زيادة عدد المعدِّل ونقصه ومساواته، فلو جرحه واحد وعدَّله مائة قُدِّم الواحد لذلك)).
قلتُ:
ومتى كانت الكثرة هي المقياس في معرفة الحق؟!
والحق يُعرف بدلائله لا بقائله؛ أليس كذلك؟!
وقول السخاوي: ((ولو أخبروا بذلك وقالوا: نشهد أنَّ هذا لم يقع منه؛ لخرجوا بذلك عن أن يكونوا أهل تعديل أو جرح؛ لأنها شهادة باطلة على نفي ما يصح ويجوز وقوعه)) ينطبق تماماً على أبي صفوة لما نفى بالأيمان المغلَّظة وصف "كذَّاب" الذي أطلقه الشيخ أسامة العتيبي في مشهور حسن، فشهادة أبي صفوة هذا باطلة تمنع قبول كلامه في الرجال.

صحوة الجالسين واعتراضاتهم في مقابل مراوحة أبي صفوة وإصراه على الباطل

الوقفة الثامنة والعشرين:
يظهر أنه بعد هذه التأصيلات الغريبة التي تجرأ فيها أبو صفوة في جلسته، تحرك بعض أصحابه الجالسين لكن في صورة المستفهم المستشكل، وحقيقة سؤالهم ومداخلتهم من باب الإنكار والاعتراض، ولكنَّ أبا صفوة علَّمَ أصحابه القاعدة الحزبية البغيضة: لا تعترض فتنطرد!، وأصحابه يعرفون غلظته وحدته إذا عرف أنهم أرادوا الاعتراض، ولهذا ألانوا له في الخطاب، وحقاً كان ما يخشونه منه، فقد شنَّ أبو صفوة حرباً هوجاء ظالمة على هؤلاء الإخوة الذين لم يقبلوا كلامه واعترضوا عليه، وبخاصة بعد انتشار الشريط هذا بين أصحابه، وتنبَّه منهم الكثيرون، وعرفوا حقيقة هذا الجهول المتخبِّط، فطالبوه بالرجوع، فلم يقبل، ودعا إلى هجرهم وشنَّع عليهم بشتى الأباطيل والإفك والبهتان كعادته!، فهو حقاً فاجرٌ في الخصومة حتى مع أقرب الناس إليه إذا خالفوه في شيء.

المعترض الأول:
((قال المعترض: زين، ابن حزم ما الكل اتفقوا على أنه جهمي؟
فقال أبو صفوة: شوف بارك الله فيك، مثل عندك ابن حزم، منهم من قال: إنه جهمي جلد، لكن البقية قالوا: هل نُلزَم أن نقول عنه: جهمي جلد؟! ما ملزم بذلك، عالم حكم، ما ملزم به، لكن هل عنده جهمية؟ نقول: نعم، في باب الأسماء والصفات كان يرد الأسماء والصفات، ونحن نلتزم بخبر الثقة، لكن لسنا ملزمين بحكم الثقة، لسنا ملزمين بحكمه)).
قلتُ:
مَنْ من أهل العلم قال: لا نُلزَم بوصف ابن حزم رحمه الله أنه جهمي جلد في باب الأسماء والصفات؟!
وكيف لا يقبل هذا الجهول وصفه بهذا، وقد كان رحمه الله حقاً يثبت الأسماء وينفي جميع الصفات؟!
قال العلامة محمد بن عبدالهادي رحمه الله - وهو من تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - في [مختصر طبقات علماء الحديث ص401] وهو يتكلَّم عن ابن حزم: ((ولكن تبين لي منه: أنه جهمي جلد، لا يثبت معاني أسماء الله الحسنى إلا القليل، كالخالق، والحق، وسائر الأسماء عنده لا يدل على معنى أصلاً، كالرحيم والعليم والقدير ونحوها، بل العلم عنده هو القدرة، والقدرة هي العلم، وهما عين الذات، ولا يدل العلم على شيء زائد على الذات المجردة أصلاً، وهذا عين السفسطة والمكابرة، وقد كان ابن حزم قد اشتغل في المنطق والفلسفة، ، وأمعن في ذلك، فتقرر في ذهنه لهذا السبب معاني باطلة)).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في تحقيقه كتاب [الآيات البينات في عدم سماع الأموات ص91]: ((علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي؛ من كبار حفاظ الحديث، وأئمة الظاهرية، ولكنه في الأسماء والصفات جهمي جلد، وله أوهام كثيرة في الرواة وتجهيلهم)).
ولما سُئل الشيخ الألباني رحمه الله [سلسلة الهدى والنور/ 44 ب] عن سبب عدم تكفير ابن حزم مع كونه يُطلِق عليه أنه جهمي جلد؟ فكان جوابه مطولاً، قال فيه: ((فالآن ندخل في صميم الموضوع، مَنْ أنكر عقيدةً ما وهو يعتقد أنَّ هذه العقيدة قد جاءت عن الله ورسوله فهو كافر، ولا نقول عنه فقط: جهمي جلد، وبل وكافر مرتد عن دينه، ولكن إذا كان لا يغلب على ظننا على الأقل أنه هو حينما وقع في هذا الإنكار وفي هذا الجحد لصفة من صفات الله عز وجل إنما وقع في ذلك خطأً وتوهمًا وليس قصدًا، فحينذاك لا يلزم من قولنا فيه: إنه جهمي جلد أنه كافر، وعلى العكس من ذلك، إذا قلنا في أحد: إنه كافر جهمي جلد فهذا لا يحتمل... عن الآخر سوى التكفير، أما مجرد قولنا فيه: جهمي جلد، فهذا لا يعني أنه كافر لعلك وصلتَ إلى الجواب عن سؤالك؟))، وقال في آخر الجواب بعد مداخلة السائل: ((أنا أقول كلمة عامة: كل من وقع في التجهم بعد أن تبينت له الحجة أنه على ضلال وأصر: فهو كافر، لكن تعيين فلان هذا موضع اجتهاد، فابن حزم؛ هل يقول باحث مسلم يعرف قيمة هذا الإمام وعلمه وفضله وإلى آخره كالجعد الجهمي هل يسوي بينهما؟! ومن ذلك تأخذ الفرق، ولا تستطيع أن تقيس وتقول مثلًا: لماذا يقال عن الجعد أنه كافر، وقتل أو ذبح على كفره، وهذا ابن حزم إمام من أئمة المسلمين ويشترك معه في ذلك؟، ذلك لأنَّ هذا ينفك بعلمه وفضله في الكتاب والسنة عن ذاك، وإن كان يشترك معه في ضلالة من الضلالات، لكن هذا لا يلزمنا أن نحكم عليه بنفس الحكم الذي صدر عن غيره ممن لا يعرف عنه له جهاد في العلم بالكتاب والسنة، هذا ما عندي جواباً عن ذاك السؤال)).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في [المجموع 4/19-20]: ((كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ وَالْقَدَرِ أَقْوَمَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَعْلَمَ بِالْحَدِيثِ وَأَكْثَرَ تَعْظِيمًا لَهُ وَلِأَهْلِهِ مَنْ غَيْرِهِ، لَكِنْ قَدْ خَالَطَ مِنْ أَقْوَالِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ مَا صَرَفَهُ عَنْ مُوَافَقَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَذْهَبِهِمْ فِي ذَلِكَ، فَوَافَقَ هَؤُلَاءِ فِي اللَّفْظِ وَهَؤُلَاءِ فِي الْمَعْنَى، وَبِمِثْلِ هَذَا صَارَ يَذُمُّهُ مَنْ يَذُمُّهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِين وَعُلَمَاءِ الْحَدِيثِ؛ بِاتِّبَاعِهِ لِظَاهِرِ لَا بَاطِنَ لَهُ، كَمَا نَفَى الْمَعَانِيَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالِاشْتِقَاقِ، وَكَمَا نَفَى خَرْقَ الْعَادَاتِ وَنَحْوَهُ مِنْ عِبَادَاتِ الْقُلُوبِ، مَضْمُومًا إلَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْوَقِيعَةِ فِي الْأَكَابِرِ، وَالْإِسْرَافِ فِي نَفْيِ الْمَعَانِي وَدَعْوَى مُتَابَعَةِ الظَّوَاهِرِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ وَالْعُلُومِ الْوَاسِعَةِ الْكَثِيرَةِ مَا لَا يَدْفَعُهُ إلَّا مُكَابِرٌ؛ وَيُوجَدُ فِي كُتُبِهِ مِنْ كَثْرَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْأَقْوَالِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْأَحْوَالِ وَالتَّعْظِيمِ لِدَعَائِمِ الْإِسْلَامِ وَلِجَانِبِ الرِّسَالَةِ مَا لَا يَجْتَمِعُ مِثْلُهُ لِغَيْرِهِ، فَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا حَدِيثٌ يَكُونُ جَانِبُهُ فِيهَا ظَاهِرَ التَّرْجِيحِ، وَلَهُ مِنْ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَعْرِفَةِ بِأَقْوَالِ السَّلَفِ مَا لَا يَكَادُ يَقَعُ مِثْلُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ)).

المعترض الثاني:
((قال المعترض: الحكم على الحلبي مو مستفاض هسه؟!
أجاب أبو صفوة: لا، مو مستفاض، منو الذي بدَّعو من العلماء؟ بس عالمين: عبيد الجابري وربيع المدخلي، الفوزان بدَّعو؟!
قال أحد المعترضين: زيد المدخلي.
وقال آخر: محمد المدخلي والنجمي؟!
وقال آخر: الحجوري أيضاً قال بتبديعه قديماً.
وقال آخر: أحمد عمر بازمول.
فلما رأى أبو صفوة إلحاح أصحابه بذكر بعض الأسماء الذين بدَّعوا الحلبي، أراد بمكره أن يقطع عليهم طريق الاستفاضة والاشتهار الذي اشترطه هو!، فقال لهم:
لا، أحمد بازمول ليس من العلماء، من طلبة العلم، نحن نتكلَّم عن العلماء الكبار، مثل عبدالمحسن العباد صالح آل الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بدعو؟ السدلان السحيمي اللحيدان، هذوله العلماء الكبار بالنسبة للمملكة!، عدينا أكثر من ستة، هذوله العلماء الكبار ما بدَّعوه، هذا التبديع ظاهر من بعض العلماء، وليس كل، لكن لو استفاض عند غالب العلماء عند ذلك نُلزَم)).
قلتُ:
يظهر أنَّ أصحاب هذا الرجل أكثر اطلاعاً وأوسع فهماً من شيخهم المتحدِّث المتصدِّر بالجهل والتخليط!، فهم يعرفون أنَّ الحلبي قد بدَّعه أكثر من اثنين من العلماء وحذَّروا منه وكشفوا باطله، وأبو صفوة لا يعرف إلا عالمين فقط!، وأضيف إلى كلامهم هذا فأقول:
إنَّ اللجنة الدائمة برئاسة سماحة الشيخ المفتي عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله قد أفتت بأنَّ الحلبي على مسلك أهل الإرجاء وأنه يحرِّف النصوص وينتصر للباطل بالكذب وتحميل الكلام ما لا يحتمل، فحذَّرت منه ومن رسالتيه في الإيمان، وتكلَّم فيه العلامة الشيخ عبدالله الغديان رحمه الله وهو من أعضاء اللجنة الدائمة ووصفه بأنه هو الذي أتى بمذهب الإرجاء في المملكة العربية السعودية، وتكلَّم العلامة الشيخ الفوزان حفظه الله - وهو عضو أيضاً في اللجنة الدائمة - فيه وأنه يجب عليه أن يرجع عن باطله، وألزم الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله السلفيين بالرجوع إلى اللجنة الدائمة في معرفة الأشخاص والحكم عليهم للخروج مما سماه فتنة التجريح والهجر في رسالته [رفقاً أهل السنة بأهل السنة]، واللجنة الدائمة هي التي تحذِّر منه وتتكلَّم فيه، وقد بينتُ ذلك موثقاً مفصلاً في التلخيص المعنون [إجابة السائل في تلخيص مخالفات علي الحلبي في الأصول والمسائل]، وأيضاً تكلَّم الشيخ صالح السحيمي حفظه الله في الموقع الذي يشرف عليه علي الحلبي ووصفهم بأنهم قطاع طرق.
فماذا يريد أبو صفوة بعد هذا حتى يتحقق شرط (الاستفاضة والشهرة) الذي ادَّعاه في الإلزام بالتبديع؟!
أم أنه يريد (الإجماع) هذه المرة؟!!
وأين هو من قاعدة (لا يُعرف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله)؟!
وهل الشيخ أحمد النجمي رحمه الله والشيخ زيد المدخلي والشيخ ربيع والشيخ عبيد الجابري حفظهم الله من العلماء الكبار أم لا؟!
أم أنه اختار الشيخ المفضال أحمد بازمول ليمرر تلبيسه، بدعوى أنه لم يبدِّع الحلبي العلماء الكبار في المملكة؟!
ثم هل الحق يُعرف بالكبير والصغير؟! أم بالأدلة والحجج والبراهين؟ نترك الجواب لأهل البصيرة والإنصاف.

المعترض الثالث؛ وهو من أشدهم عليه:
((قال أبو رياض: حتى لا تكون الشبهات عندنا في هذه المسألة، نريد الوجه الشرعي من هذا الكلام؟ مسألة البدعة، الآن نقول: فلان عنده بدع، فلان مبتدع، طبعاً هناك فارق بين الكلمتين، لكن الحلبي قديماً احنه كنا نعرفو ونعرف حاله ونعرف مِن كان يذب عن الدعوة السلفية والمنهج السلفي، ثم جاء في الوقت الذي أتى بقواعد وأصول، هذه القواعد هو الذي اصطنعها، هذه القواعد والأصول إلي أصلها الحلبي يعتبر أتى بحكم؟
فقاطعه أبو صفوة قائلاً: شوف أخي أبو رياض الله يبارك فيك، أنت هل بدَّعتَ علي الحلبي قبل الشيخ ربيع؟ هل قلتَ: إنه مبتدع؟ الجواب لا، لو تقول: عنده بدعيات، وقع في بدع، قبل أن يتكلَّم الشيخ ربيع نقول: نتمنى الشيخ ربيع يتكلَّم فيه، نتمنى مثل العلماء يتكلَّم حتى نقدر نتكلَّم، لكن قبل ذلك ما نقدر، لما بدَّعو الشيخ ربيع الآن تقدر تقول: مبتدع، ليش؟ لأنَّ عندك قول عالم، واضح؟، لكن الذي يقول: اخذ بخبر الشيخ ربيع في مسألة عنده ضلالات، لكن ما أجرأ على قول عنه انه مبتدع)).
قلتُ:
فلينظر القارئ إلى قول المعترض: ((حتى لا تكون الشبهات عندنا في هذه المسألة))، مَنْ الذي يلقي الشبهات على هؤلاء المساكين؟ أبو صفوة، كان هؤلاء لا يترددون في تبديع الحلبي من قبل هذه الجلسة لكنَّ هذا الجهول المتخبِّط قد أثار فيهم الشبهات الباطلة والإيرادات الفاسدة حتى اختلط عليهم الأمر واشتبه، فقاتل الله الجهل وأهله.
ولينظر القارئ إلى قول أبي صفوة: ((قبل أن يتكلَّم الشيخ ربيع نقول: نتمنى الشيخ ربيع يتكلَّم فيه، نتمنى مثل العلماء يتكلَّم حتى نقدر نتكلَّم، لكن قبل ذلك ما نقدر))، طيب، لنعرف الصادق من الكاذب، تكلَّم الشيخ ربيع والعلماء والمشايخ معه في الحلبي وحذَّروا منه وبدَّعوه، فلماذا لا تجرأ يا أبا صفوة على تبديع الحلبي الآن؟! بل ذهبت تؤصِّل أصلاً فاسداً تشترط فيه الإجماع أو الاستفاضة والاشتهار عند العلماء حتى تجرأ على التبديع، ماذا يسمى هذا منك؟ مكر ومكيدة وتلاعب ومراوغة!، ثم حتى لا يُعترض عليه ويُلزَم بتبديع الحلبي بعد كلام الشيخ ربيع، قال: ((لما بدَّعو الشيخ ربيع الآن تقدر تقول: مبتدع، ليش؟ لأنَّ عندك قول عالم، واضح؟، لكن الذي يقول: اخذ بخبر الشيخ ربيع في مسألة عنده ضلالات، لكن ما أجرأ على قول عنه انه مبتدع))، أي: لما بدَّعه الشيخ ربيع حفظه الله الذي كان أبو صفوة ينتظر ذلك ويتمناه حتى يقدر يُبدِّع الحلبي، أصبح الآن حكم الشيخ ربيع غير ملزم له!، وملزم لغيره!، هل هذا الرجل يدري ماذا يخرج من رأسه؟!.

الاعتراض الرابع:
((المعترض يقول: نقول إنَّ الحلبي اصطنع قواعد جديدة مخالفة لقواعد وأصول المنهج السلفي، أليس في هذه القواعد يخرج من دائرة السنة أو من المنهج، ويصبح مبتدعاً في هذا الفعل؟!
قال أبو صفوة: يصبح مبتدعاً اني أقلك، ووقع في بدعة، لكن هل اني أبدعو؟، وقع في بدعة، أو ما أحدثه هو بدعة، أخبر عن حاله، يعني الان أخبر عن حال صدر منه، لكن هل ابدعو؟ هل انزل حكم عليه؟ هذه مسألة كما قلنا: انه مثلاً عالم أفتى فيها، لك أن تأخذ حكم العالم ولك أن لا تأخذ حكم العالم، لكن يجب أن تأخذ بخبر العالم بما أخبر من حق أنه فلان عنده واحدة اثنان ثلاثة من ضلالات، تأخذ بخبره، لكن لسنا ملزمين بحكمه، يعني ضربت لكم مثلاً صدام حسين، وذكرت مسألة السقاف، يعني من العلماء من كفَّر فلان وكفَّر فلان، لكن بعض العلماء ما كفَّره)).
قلتُ:
إذا كان مَنْ يُحدِث الأصول الجديدة والقواعد المخالفة لمنهج السلف لا يقبل أبو صفوة أن يطلق عليه حكم التبديع ويخرجه من أهل السنة!، وإنما يقول: عنده بدع فقط، فمَنْ هو المبتدع عنده؟!
وقد قال العلامة الشاطبي رحمه لله في [الاعتصام 1/438-439]: ((ثم معنى آخر ينبغي أن يذكر هنا، وهي المسألة الخامسة، وذلك: أنَّ هذه الفِرق إنما تصير فِرقاً بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدِّين وقاعدة من قواعد الشريعة؛ لا في جزئي من الجزئيات، إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعاً، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية؛ لأنَّ الكليات تقتضي عدداً من الجزئيات غير قليل!، وشاذها في الغالب أن لا يختص بمحل دون محل ولا بباب دون باب، واعْتبِر ذلك بـ "مسألة التحسين العقلي" فإنَّ المخالفة فيها أنشأت بين المخالفين خلافًا في فروع لا تنحصر ما بين فروع عقائد وفروع أعمال. ويجري مجرى القاعدة الكلية: كثرة الجزئيات!؛ فإنَّ المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضًا، وأما الجزئي؛ فبخلاف ذلك، بل يعد وقوع ذلك من المبتدع له كالزلة والفلتة، وإنْ كانت زلة العالم مما يهدم الدين حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ثلاث يهدمن الدين: زلة العالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون"، ولكن إذا قرب موقع الزلة لم يحصل بسببها تفرق في الغالب ولا هدم للدين؛ بخلاف الكليات)).
ولينظر القارئ إلى تناقض أبي صفوة في الحكم على الحلبي، فمرة يقول متعجلاً: ((يصبح مبتدعاً))، ثم يقول مستدركاً: ((لكن هل اني أبدعو؟))!، ومراده: يصبح مبتدعاً عندكم لكني لا أجرأ على تبديعه، فهو حلال لكم وحرام عليَّ!!.
كذلك لينظر القارئ إلى إعادته الكرة من جديد إلى مسألة تكفير المعيَّن فراراً من مسألة التبديع وتستراً بها، وهذا ما كان يسميه الشيخ الألباني رحمه الله: دوبلة!، أو مكانك راوح!.
ثم قول أبي صفوة: ((هذه مسألة كما قلنا: انه مثلاً عالم أفتى فيها، لك أن تأخذ حكم العالم ولك أن لا تأخذ حكم العالم))، هذا الكلام يفتح باب تتبع رخص العلماء، وباب اختيار الفتاوى بحسب الهوى والتشهي، فأين إلزام الناس بالحجة؟ وأين وجوب الانقياد إلى الدليل والعمل به؟!

المعترض من جديد:
((المعترض: نحن نقول مسألة التكفير شيء غير مسألة التبديع؛ لأنَّ البدعة أحياناً تكون غير مكفرة؟
وقد حاول أبو صفوة يقاطعه مراراً بقول: لا، لا، فلما أكمل المعترض قال أبو صفوة: العلماء يقولون: التبديع والتفسيق والتكفير حكم لله تعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام.
فلقَّنه أحد مريديه القريبين بقوله: ابن تيمية أبعد الناس عن التبديع.
فتلقَّن أبو صفوة ذلك فقال: ما كان يُبدِّع، بعيد كل البعد)).
قلتُ:
لا أدري ما علاقة الجواب بالسؤال؟!
وهذا التفريق الذي قاله المعترض بين حكم التكفير وحكم التبديع ولم يقبله أبو صفوة، هو الحق، فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله في [المجموع 3/283-284]: ((وَالْخَوَارِجُ الْمَارِقُونَ الَّذِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ؛ قَاتَلَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَاتَّفَقَ عَلَى قِتَالِهِمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَلَمْ يُكَفِّرْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، بَلْ جَعَلُوهُمْ مُسْلِمِينَ مَعَ قِتَالِهِمْ، وَلَمْ يُقَاتِلْهُمْ عَلِيٌّ حَتَّى سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَاتَلَهُمْ لِدَفْعِ ظُلْمِهِمْ وَبَغْيِهِمْ لَا لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ، وَلِهَذَا لَمْ يَسْبِ حَرِيمَهُمْ وَلَمْ يَغْنَمْ أَمْوَالَهُمْ، وَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ثَبَتَ ضَلَالُهُمْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ لَمْ يُكَفَّرُوا مَعَ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِقِتَالِهِمْ؛ فَكَيْفَ بِالطَّوَائِفِ الْمُخْتَلِفِينَ الَّذِينَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ الْحَقُّ فِي مَسَائِلَ غَلِطَ فِيهَا مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ؟ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدِ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ أَنْ تُكَفِّرَ الْأُخْرَى وَلَا تَسْتَحِلَّ دَمَهَا وَمَالَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا بِدْعَةٌ مُحَقَّقَةٌ، فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ الْمُكَفِّرَةُ لَهَا مُبْتَدِعَةً أَيْضًا؟، وَقَدْ تَكُونُ بِدْعَةُ هَؤُلَاءِ أَغْلَظَ، وَالْغَالِبُ أَنَّهُمْ جَمِيعًا جُهَّالٌ بِحَقَائِقِ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَعْرَاضَهُمْ مُحَرَّمَةٌ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لَا تَحِلُّ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَطَبَهُمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا"، وَقَالَ: "كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ"، وَقَالَ: "مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ الْمُسْلِمُ لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ"، وَقَالَ: "إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ"، وَقَالَ: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ"، وَقَالَ: "إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا"، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا فِي الصِّحَاحِ، وَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ مُتَأَوِّلًا فِي الْقِتَالِ أَوْ التَّكْفِيرِ لَمْ يُكَفَّرْ بِذَلِكَ)).
قلتُ:
فهؤلاء الخوارج المارقون - الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع - قد استحلوا دماء خير الناس بعد الأنبياء وحكموا بردتهم، وهذا كفر مخرج من الملة إجماعاً، ومع هذا لم يكفِّرهم الصحابة بسبب الجهل والشبهة والتأويل، لكن هل توقفوا في الحكم عليهم بالضلال والبدعة لتلك الأسباب نفسها؟! كلا، وهذه الحجة لا يقدر أن يخرج منه أهل التمييع وأبو صفوة ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً!، والحمد لله على توفيقه.
وأما ما نقله المريد عن شيخ الإسلام رحمه الله وأنه كان بعيداً عن التبديع مطلقاً، وأيده شيخه أبو صفوة بالجزم؛ فهذا فهم أعوج مقتطع من كلام دقيق منضبط له رحمه الله، فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله في [المجموع 3/229]: ((هَذَا مَعَ أَنِّي دَائِمًا وَمَنْ جَالَسَنِي يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنِّي: أَنِّي مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ نَهْيًا عَنْ أَنْ يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلَى تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَمَعْصِيَةٍ، إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا كَانَ كَافِرًا تَارَةً وَفَاسِقًا أُخْرَى وَعَاصِيًا أُخْرَى))، فإذا قامت الحجة فإنَّ شيخ الإسلام رحمه الله لا يتوقف في التكفير والتفسيق والتبديع، فأين هذا الاستثناء في كلام أبي صفوة ومريده؟ أم يزعم أبو صفوة أنَّ الحجة إلى الآن لم تقم بعد على الحلبي؟! ولا ندري ما معنى قيام الحجة عنده؟!.

معترض آخر:
((المعترض: شيخ ما نقدر انقول: يعني كلام العلماء الساكتين، سكوتهم هذا تقريراً لمن تكلَّم؟
فأجابه أبو صفوة: لا، لا ينسب لساكت قول في هذا الجانب، يعني شوف المسألة الآن حتى في باب الإجماع، يعني أكو باب الإجماع السكوتي رد عليه كثير من العلماء، ما قبل هذا الشيء، قال: الذي سكت لا ينسب له قول، قد يكون لم يحط بالمسألة فسكت، قد يكون يعارضه لكن ما يريد يتكلَّم، لكن لا يمكن أن نسميه قد وافق.
فقال أحد الجالسين: يعني نقول: ما أحد خالفهم؟!
فرده أبو صفوة: إذ ما خالفوه مو يعني أنهم وافقوه، إذا ما خالف لا يعني أنه وافق، لا يُلزَم بهذا الأمر، الساكت ساكت، لا ينسب لساكت قول، هذه قاعدة مطبقة، فلان نشر الخبر وسكت، هل نقول: انه وافق، يعني الآن جالسين بمجلس ورجل تكلَّم بكلام مبتدَع، والكاعدين سكتوا ما تكلَّموا، وطلع، نقول: أنتم مبتدعة لأنكم سكتم، لا، قد يكون وجه الحق معهم ما يعرفون أنَّ هذا الكلام خطأ، أو يعرفون لكن يخافون أن يتورَّطون فلا يردون عليه، رجل يجيبلهم شبهات وما يعرفون يجيبون عليها فسكتوا، وكثير ما يحصل في المجالس، شوف رجل مثل مبطل لكن عنده شبهات كثيرة والجالس من أهل الحق لكن ما عنده حجج بكد الباطل فيسكت ما يتكلَّم، ما يعني أنه قد وافق أهل الباطل)).
قلتُ:
لا زال أصحاب أبي صفوة في جلستهم معه يذكرون له عدة أوجه في إلزامه بتبديع الحلبي، لكنه مصر على ردها بتخليطاته وتلبيساته!.
فقد ذكر أبو صفوة في كلامه هذا أنَّ الساكتين قد لا يعرفون خطأ هذا الكلام فسكتوا، وقد يخافون أن يتورَّطوا في الرد فسكتوا، فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن: أيُّ الاحتمالين ينطبق على العلماء الذين سكتوا على تبديع العلماء الآخرين لعلي الحلبي؟ هل جهلوا أم خافوا؟! وأحلاهما مرٌّ.
اعلم يا أبا صفوة؛ إنَّ الذين سكتوا على تبديع الحلبي من أهل العلم في فتنته الجديدة هذه: إما لأنهم تكلَّموا فيه من قبل في مسائل الإيمان والإرجاء وفرغوا من الكلام عنه، وإما لأنهم اكتفوا بكلام العلماء والمشايخ الذين بدَّعوه وحذَّروا منه وردوا عليه، وهكذا كان السلف الصالح يتدافعون الفتيا ويحب أحدهم لو أنَّ أخاه كفاه مؤنة ذلك، وإما لأنهم لا زالوا يحسنون الظنَّ به لما يعلمونه من ماضيه أو من ظاهر حاله وما عنده من تلاعب وتلبيس، ولم يطلعوا حتى الساعة على ضلالاته الكبرى وانحرافاته الكبيرة، لأنهم يعدون هذه فتنة لا ينبغي الخوض فيها، وظنوا أنَّ الخلاف القائم هو من قبيل كلام بعض أهل السنة في بعض، فلم يقرؤوا ردود هؤلاء في هؤلاء ولا ردود هؤلاء في هؤلاء، كما نصح بذلك الشيخ عبدالمحسن العباد وأمثاله بذلك، ومعلوم أنَّ مَنْ عَلِمَ حجة على مَنْ لم يعلم، والجرح المفسَّر مقدَّم على التعديل المجمل، ولقد أحسن الظنَّ الشيخُ الألبانيُّ رحمه الله في سلمان العودة وسفر الحوالي ولم يقبل الكلام فيهم فترة من الزمان، حتى ظهر له صدق كلام مشايخ المدينة فيهم، فوصفهم في آخر المطاف بأنهم خوارج عصرية، فما الفرق بين هذا وذاك؟! أم هو السعي الحثيث لإغلاق حكم التبديع المنضبط وباب التجريح لمن يستحقه بعد موت الأئمة الثلاثة؛ كما يحرص على ذلك أهل التمييع المعاصر في هذا الزمان؟!.


اعتراض آخر:
((المعترض: هناك كلام لطالب علم هو خالد بن عبدالرحمن المصري، يتكلَّم عن هؤلاء حتى يقول حدِّثوا عني ذلك يقول: إنْ لم يكون هؤلاء مبتدعة، فلا أعلم على وجه الأرض مبتدع؟
فأجابه أبو صفوة: هذا الكلام يُنسب للشيخ ربيع، قال: إنْ لم يكن علي الحلبي مبتدع فليس في الأرض مبتدع، لكن هذا كلام عالم اجتهاداً، يعني العالم رأى ذلك، والعالم يحق له ذلك، إنْ وصل إلى مرحلة العلم يستطيع أن يتكلَّم في مثل هذه المسائل، لكن هل يحق لنا أن نقلِّد العالم في ذلك على موجب الإطلاق، ما ملزم الكل بهذا الجانب، أني قلتُ لكم: أنه يجب التفريق ما بين الخبر وما بين الحكم، عدم الخلط بين الأمرين، خبر الثقة أن يخبر فلان عنده كذا وعنده كذا وعنده كذا، لكن إنزال الحكم على المعين هذه ما يلزم الجميع بها إلا إذا استفاض)).
قلت: لم يقل أحدٌ من أهل العلم أنَّ الواجب التفريق في كلام علماء الجرح والتعديل في الرجال بين الحكم والخبر، بدعوى أنَّ أخبارهم ملزمة، وأحكامهم غير ملزمة، وإنما قبلوا كلامهم من غير هذا التفريق الحادث، وهذه كتب الجرح والتعديل والسير والتراجم والتاريخ والثقات والضعفاء والمجروحين والضعفاء والمدلسين والمتروكين والوضاعين، ذكرت أخبار الرواة وأحكام العلماء فيهم، فذكروا مثلاً: أنَّ ابن لهيعة احترقت كتبه وهذا خبر، وأنَّ حفظه ساء بسبب ذلك وهذا حكم، فبنوا هذه الحكم على ذلك الخبر، فهل يُقال: نأخذ خبرهم ولا نُلزَم بحكمهم؟! لا يقول بهذا أحد.
نعم إنْ ثبت بالقرائن والبينات خلاف هذا العموم (وهو رد مرويات ابن لهيعة بالكلية)، كقبول رواية العبادلة وغيرهم عنه لأنهم رووا عنه قديماً قبل احتراق كتبه، فينبغي القول بهذا، وبهذا يدور المرء مع الحجة والبينة أينما دارت، أما أن يُقال: لسنا ملزمين بأحكامهم من حيث الأصل؛ أي ولو لم نعلم قرينة وبينة على خلاف هذا الحكم فلسنا بملزمين به، فهذا ما لم يتفوَّه به - فيما نعلم - إلا علي الحلبي وأمثاله وحزبه من أهل التمييع، وأخيراً تبعهم أبو صفوة!، وما مثله إلا كما قال القائل:
ما زاد حنون في الإسلام خردلة ***** ولا النصارى بفقدان حنون
وليعلم أبو صفوة وأمثاله أنَّ حكم العالم في أهل البدع المبني على الأدلة والبراهين والمصادر الموثقة من كتبه وأشرطته وأخبار الثقات عنه وسبر أحواله وتتبع مواقفه، ليس من قبيل الاجتهاد!، ومتابعته في ذلك ليس من قبيل التقليد!، كما يزعم أهل التمييع ويوافقهم أبو صفوة، وإنما هو من باب خبر الثقة، والأخذ به هو إتباع للدليل الذي أوجب قبوله والعمل بمقتضاه، وقد ردَّ العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله على شبه أهل التقليد بعدة وجوه، فقال في الوجه الستين في كتابه [إعلام الموقعين 2/254-255]: ((ومن ذلك: التقليد في قبول الترجمة في الرسالة والتعريف، والتعديل والجرح؛ كل هذا من باب الأخبار؛ التي أمر الله بقبول المخبر بها إذا كان عدلاً صادقاً، وقد أجمع الناس على قبول خبر الواحد في الهدية، وإدخال الزوجة على زوجها، وقبول خبر المرأة ذمية كانت أو مسلمة في انقطاع دم حيضها لوقته، وجواز وطئها أو نكاحها بذلك، وليس هذا تقليد في الفتيا والحكم، وإذا كان تقليداً لها فإنَّ الله سبحانه شرع لنا أن نقبل قولها ونقلدها فيه، ولم يشرع لنا أن نتلقَّى أحكامه عن غير رسوله؛ فضلاً عن أن نترك سنة رسوله لقول واحد من أهل العلم ونقدِّم قوله على قول من عداه من الأمة))، وقال في الوجه الثالث والستين: ((إنَّ استدلالكم بهذا من باب المغاليط!، وليس هذا من التقليد المذموم على لسان السلف والخلف في شيء، ونحن لم نرجع إلى أقوال هؤلاء لكونهم أخبروا بها؛ بل لأنَّ الله ورسوله أمر بقبول قولهم، وجعله دليلاً على ترتب الأحكام، فإخبارهم بمنزلة الشهادة والإقرار، فأين في هذا ما يسوغ التقليد في أحكام الدِّين والإعراض عن القرآن والسنن ونصب رجل بعينه ميزاناً على كتاب الله وسنة رسوله؟!)).
اعتراض آخر:
((المعترض: زين، أبو عبدالرحمن [ أبو صفوة نفسه]، نحن أنه مسألة أنَّ علماء السنة مثلاً اقتصر على عالم أو عالمين قالوا بتبديع فلان، لكن نجي إلى هذا العالم أو العالمين، وليكن الشيخ ربيع، وإنْ كان هناك علماء أجلاء وكبار، لكن هذا الباب وهو باب التبديع وهو باب الجرح والتعديل، فهذا إمامه الشيخ ربيع؟
رده أبو صفوة بقوله: ميخالف احنه موهاي المسألة، مسألة بيان الأخطاء وبيان العيوب هو له الباع في هذا الجانب، لكن احنه مسألة إنزال الأحكام، يعني هل العلماء يجاملون في هذا الجانب؟
المعترض (أبو رياض): العلماء في هذا الباب ما يصلون ما وصل به الشيخ ربيع من هذا الباب.
رده أبو صفوة: أخي أبو رياض، نقول: مثل الجهم بن صفوان، يعني هل تكلَّم فيه أئمة الجرح والتعديل، أم كل العلماء تكلَّموا، كل العلماء تكلَّموا، ما اقتصر على أهل الجرح والتعديل)).
قلتُ:
قال العلامة الشيخ الألباني رحمه الله في شريط [الموازنات بدعة العصر]: ((وباختصار أقول: إنَّ حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر وبحق هو: أخونا الدكتور ربيع، والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبدًا، والعلم معه. وإنْ كنتُ أقول دائمًا وقلتُ هذا الكلام له هاتفيًا أكثر من مرة: أنه لو يتلطَّف في أسلوبه يكون أنفع للجمهور من الناس سواء كانوا معه أو عليه. أما من حيث العلم فليس هناك مجال لنقد الرجل إطلاقًا، إلا ما أشرتُ إليه آنفًا من شيء من الشدة في الأسلوب. أما أنه لا يُوازِن: فهذا كلام هزيل جدًا لا يقوله إلا أحد رجلين: إما رجل جاهل فينبغي أن يتعلم، وإلا رجل مغرض، وهذا لا سبيل لنا عليه إلا أن ندعو الله له أن يهديه سواء الصراط)).
وقال العلامة الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله في شريط [الأسئلة السنية لعلامة الديار اليمنية، أسئلة شباب الطائف]: ((مِنْ أبصر الناس بالجماعات وبَدَخن الجماعات في هذا العصر: الأخ الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله، مَن قال له ربيع بن هادي: إنه حزبي فسينكشف لكم بعد أيام إنه حزبي!، ستذكرون ذلك، فقط الشخص يكون في بدء أمره متسترًا ما يحب أن ينكشف أمره!، لكن إذا قوي وأصبح له أتباع ولا يضره الكلام فيه أظهر ما عنده!، فأنا أنصح بقراءة كتبه والاستفادة منها حفظه الله تعالى)).
فهل قصد هؤلاء العلماء أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله له باع في الأخبار والردود لا في تنزيل الأحكام كما يقرر أبو صفوة؟!
ويفهم من كلام أبي صفوة الأخير أنه لو قال علماء الجرح والتعديل في رجل أنه مبتدع، وسكت العلماء الآخرون، فإنه لا يُلزَم بحكمهم!، وهذه والله طامَّة تدل على جهالته، فإذا كان علماء الشأن لا يعتبر قولهم حتى يشتهر عند العلماء الآخرين فهذه رزية تستلزم تعطيل باب الجرح والتعديل ونسف كتبهم بالكلية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اعتراض آخر:
ولما ذَكر أحدُ الجالسين لأبي صفوة أنَّ فتنة الحلبي شقَّت صف السلفيين وأضرت بدعوتهم.
رده أبو صفوة بقوله: ((وإنْ كان!، لا يلزم من ذلك، قد يكون إنسان على السنة وعلى الجادة، وشق الدعوة السلفية صح لو لا؟ قد يكون على الجادة وقد يكون سلفي!)) ثم ذكر الفتنة التي حصلت بين الإمام محمد بن يحيى الذهلي والإمام البخاري رحمهما الله، وقال: ((ومحمد الذهلي من العلماء الكبار، كم حصل من هذا القبيل، لكن مو معنى ذلك أنه إنسان حصل منو شيء أدى ذلك إلى شق الدعوة السلفية أنه هذا مبتدع، قد يكون من أهل السنة))، ثم ذكر ما حصل بين علي ومعاوية رضي الله عنهما من فتنة، ثم قال: ((لكن هل معنى ذلك أنَّ معاوية رضي الله عنه على باطل؟! أو علي رضي الله عنه على باطل؟!، لا، فهذا يترك جانب مسالة أنه حصل شقاق واختلاف غير ذلك، لكن ينظر إلى ماذا؟ إلى أصل الأقوال أو الأفعال إنْ كانت أقوال مبتدعة وأفعال مبتدعة عند ذلك يحكم عليه بمقتاضاه، يعني من وجد بأنه قد بُدِّع بدعه، ومن وجد أنه لا يُبدَّع يسكت عند هذا الحد، ولكن مع ذلك يبين ما وقع فيه أخطاء وبدع، يعني مثال علي الحلبي: لما نقول: أني ما بدعو انه لم يفعل وقع في أخطاء، وقع في بدع، وبدع منها مسألة الجرح والتعديل، منها مسألة رسالة عمان، ومنها مسألة الجمعيات، وغير ذلك، لكن مسألة تبديع الرجل ذاته، أن نقول الرجل مبتدع؟، مثل ابن المبارك لما يسألونه عن تارك الصلاة قالوا: هل كافر هو؟ قال: أجبن عن ذلك، يعني ما أكدر أقول أنه كافر، مع العلم أنه من الطائفة إلي تكفِّر تارك الصلاة، لكن لما طلبوا منه الحكم فيه، قال: اجبن)).
قلتُ:
وهذا خلط يدل على جهل هذا الرجل أو تلبيسه!.
فهو يعترف في جلسته هذه أنَّ الحلبي عنده بدع وضلالات وطوام تقصم الظهر، فكيف يجعل خلاف السلفيين معه كخلاف علي ومعاوية رضي الله عنهما، أو كالخلاف الذي يجري أحياناً بين أئمة وعلماء ومشايخ أهل السنة؟!
وقد ذكر أبو صفوة مثل هذا التشبيه في جلسة رجوعه إلى الحق واعترافه بالأخطاء وقبوله بالصلح مع السلفيين، فرددتُ على هذه المقارنة الباطلة في وقتها، ويظهر أنه لم يستفد من هذا الرد، لأنه رجل مكابر ومجادل بالباطل، بل استنكر هذا الرد وشنَّع عليه في أول جلسته هذه، فأعيد هذا الرد هنا وأزيد عليه فأقول:
إنَّ الاختلاف بين أهل السنة وبين أهل البدع اختلاف بين منهجين ودعوتين، لكل دعوة أصولها ومصادرها في التلقي وطريقتها في الاستدلال، بينما ما قد يحدث من خلاف بين أهل السنة بعضهم مع بعض هو خلاف بين أهل الدعوة الواحدة والمنهج الواحد، فأصولهم ومصادرهم وطريقة استدلالهم واحدة، لكنهم قد يختلفون في النظر إلى بعض المواقف والأحكام بحسب ضبط الوقائع والأحداث وتفاوت الأفهام في تنزيل الأحكام عليها، وهذا التفريق بين اختلاف أهل السنة مع أهل البدعة وبين ما قد يحدث من خلاف بين أهل السنة أنفسهم، قد أشار إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقد قال في اختلاف أهل الحق مع الخوارج: ((تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ)) أخرجه مسلم، فسمى خروجهم مروقاً وحثَّ على قتالهم، وقال في خلاف أهل الحق مع إخوانهم: ((لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَدَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ)) أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له، فذكر أنَّ دعواهما واحدة وذمَّ قتالهما، بل دعا إلى الصلح بينهما في قوله: ((إنَّ ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ)).
فهل فقه أبو صفوة هذا التفريق أم هو مصرٌ على المكابرة؟!
ويظهر لي أنَّ أبا صفوة بتشبيهه خلاف السلفيين مع علي الحلبي - مع علمه بأنه على باطل وبدع وضلالات تقصم الظهر! - بما جرى بين الصحابة من خلاف؛ هو على طريقة الإخوان المسلمين في التقريب بين المناهج والدعوات المختلفة!، فهم أول مَنْ قال بهذه المقارنات الفاسدة، فليُعلم هذا.
وأما تشبيهه الخلاف مع الحلبي بما جرى من بعض العلماء فيما بينهم؛ فيُذكِّرني هذا بما قاله العلامة الشاطبي رحمه الله في [الاعتصام 1/493]: ((حيث تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزيينها في قلوب العوام ومَنْ لا علم عنده، فإنَّ ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس؛ وهم من شياطين الإنس، فلابد من التصريح بأنهم من أهل البدعة والضلالة، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له الشهود على أنهم منهم، كما اشتهر عن عمرو بن عبيد وغيره؛ فروى عاصم الأحول قال: جلستُ إلى قتادة فذكر عمرو بن عبيد فوقع فيه ونال منه، فقلت: أبا الخطاب؛ ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض؟! فقال: يا أحول؛ أو لا تدري أنَّ الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تُذكَر حتى تُحذر، فجئتُ من عند قتادة وأنا مغتم بما سمعتُ من قتادة في عمرو بن عبيد!، وما رأيتُ من نسكه وهديه!، فوضعتُ رأسي نصف النهار، وإذا عمرو بن عبيد والمصحف في حجره وهو يحكُّ آية من كتاب الله!!، فقلتُ: سبحان الله؛ تحك آية من كتاب الله؟! قال: إني سأعيدها، قال: فتركته حتى حكها، فقلتُ له: أعدها، فقال: لا أستطيع!، فمثل هؤلاء لابد من ذكرهم والتشريد بهم؛ لأنَّ ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم؛ إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعدواة!، ولا شك أنَّ التفرق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين ومَنْ شايعهم واتبعهم، وإذا تعارض الضرران يركتب أخفهما وأسهلهما، وبعض الشر أهون من جميعه، كقطع اليد المتآكلة، إتلافها أسهل من إتلاف النفس، وهذا شأن الشرع أبدًا يطرح حكم الأخف وقاية من الأثقل)).
وأما قول أبي صفوة: ((لكن ينظر إلى ماذا؟ إلى أصل الأقوال أو الأفعال؛ إنْ كانت أقوال مبتدعة وأفعال مبتدعة عند ذلك يحكم عليه بمقتاضاه، يعني: مَنْ وجد بأنه قد بُدِّع بدَّعه، ومَنْ وجد أنه لا يُبدَّع يسكت عند هذا الحد، ولكن مع ذلك يبين ما وقع فيه أخطاء وبدع))، فهذه حيدة، لأنه جعل الأصل النظر إلى الأقوال والأفعال، وهي بدع وضلالات باعترافه، ثم يعود إلى أصله الفاسد وأنه مخيَّر في التبديع وعدمه بحسب مَنْ بدَّعه أو سكت عنه!، يعني مكانك راوح!.

اعتراض آخر:
((المعترض: أبو صفوة؛ قصد أبو رياض، أنَّ واقعة علي الحلبي على السلفيين شديدة، يعني شلون انقول: ينبغي على المسلم أن ما بيتهاون في مسألة تبديعه، شلون نقول: أن يتشدد عليه أكثر.
قال أبو صفوة: يُحذَّر ويُبيَّن أخطاءه وعيوبه، هذا الشيء حق، لكن على مسألة إنزال الحكم به؛ هل نلزم الجميع بإلزام الحكم عليه، الآن احنا كاعدين أقوال: يا أخي شتقول على علي الحلبي مبتدع عندك؟ قال: والله الشيخ ربيع على العين والراس، كلامه كله حق، علي الحلبي عنده طامات وكذا، مبتدع لو مو مبتدع؟ والله ما أكدر أقول: مبتدع، هل نقول: انت مبتدع!، اني أنقل قول العالم، رجل يقولي مبتدع، أقول: الشيخ ربيع بدَّعه ووقع في بدع والشيخ ربيع قال عنه مبتدع، أن انقل قول العالم في هذا الجانب، لكن إذا اني أبدعه أقول نعم هو مبتدع، أخذ بحكم الشيخ ربيع، لكن اني مثل أقول عالم رباني قال بأنه مبتدع، لكن مو معنى ذلك نقول هو مبتدع، قال الشيخ أو العالم، اني بدَّعته؟، لكن انقل قول العالم)).
قلتُ:
وهذا إصرارٌ واضح من أبي صفوة على القول بقاعدة: نُحذِّر من الأخطاء ولا نحكم على الأشخاص بالتبديع، مع إقراره بأنَّ الحلبي عنده بدع وضلالات تقصم الظهر، وهذا المنهج هو نفسه الذي يقول به أهل التمييع اليوم كما لا يخفى هذا على السلفي البصير.
بل إنَّ أبا صفوة يستعمل طريقة أهل التمييع في التشغيب والتشنيع على السلفيين وأصولهم، بدعوى أنهم يمتحنون الناس في مسألة تبديع علي الحلبي، مَنْ بدَّعه فقد سَلِمَ من التبديع، ومَنْ قال: أنا لا أُبدِّعه لكن أنقل تبديع العلماء له وأقر أنَّ عنده بدعاً وضلالات، فهذا يُحكم عليه بالبدعة ويلحق به، وبهذه الصورة يُنفِّر الناس من القول بتبديع الحلبي، ويُظهر لهم قاعدة الامتحان بالأشخاص والإلحاق بأهل البدع بصورة مستهجنة في نفوسهم، كما فعل علي الحلبي في كتابه [منهج السلف الصالح/ الطبعة الثانية ص197] فقال: ((فَهَلاَّ كَانَتْ هَذِهِ الأَخْلاقُ العِلْمِيَّةُ المَنْهَجِيَّةُ الأَدَبِيَّةُ العاليةُ هِيَ السَّبِيلَ الأَمْثَلَ عِنْدَ اخْتِلافِنا - نَحْنُ السَّلَفِيِّين - فِي مسألة ما، أو حُكْمٍ مَا عَلَى شَخْصٍ مَا أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ، أَوْ يَجِبُ هَجْرُهُ، بَدَلاً مِن ذلك التَّسَلْسُلِ المُريع بِأَحْكَامِ التَّبْدِيع وَالهَجْر وَالتَّشْنِيع وَالإِسْقَاط وَالاسْتِئْصَال؛ الَّتِي تُمارَس اليَوْمَ بِصُوَرٍ شَتَّى)).
ومعلوم أنَّ قاعدة (الامتحان بالأشخاص والإلحاق بهم) من القواعد السلفية الثابتة بالنص والآثار المستفيضة عن السلف الصالح، فمَنْ أُستريب في أمره أو لا يُعرَف منهجه فإنه لا يُطمئن له حتى يُمتحن بأهل السنة وأهل البدع الظاهرين والمشهورين في بلادهم، فإنْ أثنى على أهل السنة خيراً وذكر أهل البدع بالشر فهو صاحب سنة، وإنْ ذكر أهل السنة بالشر وأثنى على أهل البدع خيراً فهو صاحب بدعة، ومَنْ جالس أو ماشى أو أثنى على صاحب بدعة واعتذر له فإنه يُعلَّم ويُبيَّن له الحق ويُناصح ويُصبر عليه إنْ وجد منه استجابة، فإنْ أصرَّ بعد ذلك وكان يجادل عن صاحب البدعة بالباطل ويُكابر في رد الحجج والبراهين فإنه يُلحق بصاحب البدعة ذاك ولا كرامة.
فقد جاء في طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى: قال عثمان بن إسماعيل السكري سمعتُ أبا داود السجستاني يقول: قلتُ لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة، أترك كلامه؟ قال: ((لا، أو تُعْلِمه أنَّ الرجل الذي رأيتَه معه صاحب بدعة؛ فإنْ ترك كلامَه فكلِّمه، وإلا فألحقه به، قال ابن مسعود رضي الله عنه: المرء بخدنه))، وفي المصدر نفسه: قال الخلال أخبرنا المروذي: أنَّ أبا عبدالله ذكر حارثاً المحاسبي فقال: ((حارث أصل البلية - يعني حوادث كلام جهم - ما الآفة إلا حارث، عامة مَنْ صَحبه انتهك إلا ابن العلاف؛ فإنه مات مستوراً!، حذِّروا عن حارث أشدَّ التحذير)) قلتُ: إنَّ قوماً يختلفون إليه؟ قال: ((نتقدَّم إليهم؛ لعلَّهم لا يعرفون بدعته، فإنْ قبلوا وإلا هجروا، ليس للحارث توبة، يُشهد عليه ويجحد، إنما التوبة لمن اعترف))، وقال الإمام البربهاري رحمه الله في [شرح السنة ص121]: ((وإذا رأيتَ الرّجلَ يَجلسُ مع رجلٍ من أهلِ الأهواءِ فَحَذِّرْهُ وعَرِّفْهُ؛ فإنْ جَلَسَ معه بعدما عَلِمَ فاتّقِهِ، فإنَّه صاحبُ هوىً)).
وقد سُئل الشيخ ربيع حفظه الله تعالى [تسجيل بصوته]: ما حكم الذي لا يزال يدافع عن أبي الحسن أو يقول هو متوقف؛ مع العلم أنه قرأ ردود العلماء على هذا الرجل، فهل نهجره ونحذِّر منه؟ جزاكم الله خيراً.
فأجاب الشيخ: ((أمهلوهم، أمهلوهم أياماً أخرى؛ فإن وقَفوا مع الحق ونصروه، ووقفوا ضد الباطل وأهانوه؛ فهم إخوانكم، وإن تمادوا؛ فلا نشكُّ أبداً ولا نتردد أنهم أصحاب أهواء فحينئذٍ يُهجَرون ولا كرامة...، فمَنْ وقَفَ مع أبي الحسن إلى هذا التاريخ لا شك أنه على باطل وإنْ جاء بالمراوغات والحِيَل!، ولكن يُعذَر مرة أخرى ويُمهَل لمدة أسبوع أسبوعين، فإنْ تاب وأناب وسار مع علماء السلف وعلماء المنهج السلفي في ... ونصرة الحق الذي وقفوا إلى جانبه فهو منا وأخونا، ومَن أبى إلا إتباع الشيطان، فحينئذٍ يُهجَر)).
قلتُ:
فما الفرق بين مَنْ توقَّف في تبديع المأربي بعد ردود العلماء، وبين مَنْ توقَّف في تبديع الحلبي بعد ردود العلماء أيضاً؟!
وأنا لا أدري حقيقة ما هذه السفسطة التي جاء بها أبو صفوة ليفرِّق بين نقل كلام العالم للناس في تبديع الحلبي، وبين توقف الناقل نفسه في تبديعه؟!!
هل الناقل مقلِّدٌ أو ببغاءٌ يردد كلام غيره ولا يتبناه؟!
هل ما ينقله حقاً أم باطلاً؟!
إنْ كان حقاً وصواباً فما المانع أن يتبناه؟!
وإنْ كان الحكم بتبديع الحلبي باطلاً أو فيه غلو وشدة مذمومة أو كان خطأً في تنزيل الأحكام؛ فكيف ينقله إلى غيره؟!
فإن عاد أبو صفوة إلى نغمته الجديدة وقال: أنا لا أجرأ على تبديعه، فكيف يُجرِّأ الناس على تبديعه؟!
وماذا سيكون حال المنقول إليه وموقفه من الحلبي؛ إذا قال له أبو صفوة: أنا لا أُبدِّع الحلبي، لكنَّ الشيخ ربيعاً وغيره من العلماء يُبدِّعه، وأنا أقول: عنده بدع وضلالات تقصم الظهر لكن لا أجرأ على تبديعه؟!
أقول: الحمد لله الذي رزقنا عقلاً وفهماً وبصيرة.

اعتراض من أحد المعظِّمين له:
((قال أبو عبدالله: أبو صفوة؛ كلامك يختلف عن باقي الإخوة، أنت كلامك رمز من رموز السلفية بالموصل!!، ومن طلاب العلم المعروفين!، وكلامك له وقع في قلوب السلفية!!، فأنت لما تقول: مبتدع، ما مِثل مِن غيرك يقول: مبتدع، أو مثل غيرك يلزم أو ما يلزم، صح؟))
فرده أبو صفوة بنقل ما قد يحدث بين العلماء من خلاف في مسائل الفقه الدقيقة، مثل قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مسألة نقض الوضوء بمسح النعل من الأعلى ثم نزعه، فهو يرى رحمه الله عدم النقض لكنه لم يجرأ على القول به لعدم علمه بعالم يسبقه بهذا، فنقل أبو صفوة قوله: ((وإنْ كان الحق عندي بأنه ما ينقض وضوءه، يقول: لكني لم أر قول عالم قال به، فلا أستطيع أن أتجاوز أقوال العلماء، يقول: اني إلي يطمئن له قلبي أنه هذا لا ينقض الوضوء، قال: لكن لم أجد قول عالم قال هذا القول؛ لأنهم كلهم قالوا هذا ينقض الوضوء، فأقول بقولهم، وإن كان قلبي يطمئن إلى عدم النقض، فيقول: ما أستطيع، ما أتجرأ أن أخالف العلماء، ما أجد عنهم مخالف في هذا القول، فسكت عن هذا الحق، ما قال: أنا عالم، وله أن يستقل بقوله، له ان يجتهد، مع ذلك ما تجرأ))، ثم ذكر مسألة طواف الإفاضة للحائض، وأنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: ((وأرى لها أن تطوف في البيت وإنْ لم أجد قول عالم قال بهذا القول، والله ما قلت بهذا القول الا وجدت الحاجة شديدة له، ولولا ذلك والله ما قلت بهذا القول، يقول: أخشى أن أُخالف الناس وأُخالف العلماء لكن وجدت الحاجة ملحة فاضطررت أن أُخالف وأقول بهذا القول، وإلا يقول: ما أتجرأ أن أقول مثل هذا القول لولا الحاجة الملحة))، ثم قال أبو صفوة: ((ولذلك نقول: الإنسان يلتزم بما يراه هو حق ويدين الله عز وجل به، أما يقول: اني يَسمع كلامي فئة من قولي، لكن المسألة أنه كيف أنه يدين الله عز وجل يوم القيامة بالحق، يرى شيء وقد يرى الكلام فيه القول المخالف أضعف، لكن وجد هو قال به))، ثم ذكر الخلاف في بيع الآجل مع زيادة الثمن والاختلاف بين الشيخ الألباني وباقي العلماء.
قلتُ:
يُلاحظ القارئ هذا التخبط والتخليط الذي يتفوَّه به هذا الرجل، فهو يشبِّه تبديع الحلبي القائم على البراهين والمصادر الموثقة والذي حكم به علماء أجلاء ومشايخ ثقات وطلبة علم أمناء بما قد يقع من خلاف بين أهل العلم في المسائل الفقهية الدقيقة التي يخفى فيها الدليل ويشتبه فيها القول الصواب، فقد يتجرأ أحدهم ويقول قولاً قد لا يعلم أحداً سبقه به، وقد لا يتجرأ أحدهم في مخالفة القول المستفيض الذي قال به العلماء، فأين هذا مما نحن بصدد الكلام فيه؟!
ولكن هذه هي طريقة الحلبي، فهو يأتي بأمثلة من اختلاف العلماء في المسائل الفقهية الاجتهادية ليصل من خلالها إلى دعوى أنَّ الكلام في الرجال من المسائل الاجتهادية، فلا إلزام ولا تشنيع على المخالف ولا خصام في هذه المسائل، وأبو صفوة يركض وراء هذه الأصول الفاسدة والاستدلالات الباطلة لجهله أو لتلبيسه.

الاعتراض الأخير:
((قال أحدهم: مسألة تبديع الشيخ ربيع للحلبي هل هي مسألة اجتهادية؟
فأجابه أبو صفوة جازماً: نعم مسألة اجتهادية بحتة، مسألة بيان الأخطاء نقول: الشيخ ربيع أصاب، لأنه بيِّن الأخطاء وجرح مفسَّر؛ واحدة اثنان ثلاثة، فنقول: نوافقه في هذا الشيء، بس الحكم نقول: اجتهادي، يا أخوة اسمعوا: نحن نتكلَّم عن خبر الثقة، مَنْ أخبر بشيء جارح للشخص ويقدح في ديانته أو في عدالته أو في عقيدته أو في منهجه، نقول: نأخذ به، ونلتزم بهذا القول لأنه جاء مفسَّراً وبيَّنَ أنَّ هذه الأشياء مخالفة، لكن مسألة الحكم مسألة اجتهادية ما يلزم الناس بها كلهم، ما أنتم بملزمين بها أن تقولوا: مبتدع، لكن ملزمون بإتباعه أنَّ الرجل على باطل، وأنَّ عنده أخطاء، والتحذير منه مطلوب، التحذير لا علاقة له بالبدعة، التحذير من رجل لا يلزم أن يكون مبتدعاً، لأنَّ لو رجل يجاهر بفسقه هل هو مبتدع؟ مو مبتدع، لكن هل لك أن تُحذِّر منه؟ نعم تُحذِّر)) ثم ضرب أمثلة على هجر بعض الصحابة لبعض أقربائهم بسبب مخالفة سنة معينة، وبهذا انتهت هذه الجلسة.
قلتُ:
هل رأى القارئ تخبطاً مثل تخبط هذا الرجل؟!
كيف يلزم هذا الناس بخبر الثقة إذا أخبر بشيء يجرح به الرجل ويقدح، ثم لا يلزمهم بحكم هذا الثقة في تبديعه؟!
هذا الخبر ما دام أنه تضمن لشيء جارح قادح في الرجل فهو حكم، فكيف يفرِّق هذا المعتوه بين الأمرين؟!
وأما دعواه بأنَّ تبديع الحلبي من قبل الشيخ ربيع حفظه الله هو من مواضع الاجتهاد؛ فهذا مبني على أصل فاسد قال به أهل التمييع المعاصر قبله، وتبعهم هذا المتخبِّط عليه، وهذا الأصل هو: أنَّ كلام علماء الجرح والتعديل في الرجال اجتهادي، وهذه دعوى باطلة، لأنَّ الكلام في الرجال هو من قبيل أخبار الثقات، وخبر الثقة يجب قبوله، ونحن الآن نتكلَّم عن أحكام علماء الجرح والتعديل المبنية على الحجة والبرهان لا عن أحكام عوام الناس أو طلبة العلم المبتدئين أو أحكام بعض أهل العلم المبهمة، فهؤلاء العلماء إذا قال أحدهم: إنَّ فلاناً مبتدع لأنه انضمَّ إلى الحزب الفلاني أو قال بالأصل الفلاني الذي وافق فيه طائفة من أهل الضلال، فهل يُقال: أنَّ خبره ملزم يجب قبوله، وحكمه اجتهادي غير ملزم؟!
إنَّ مضمون هذه الدعوى أنَّ علماء الجرح والتعديل يجرحون بما لا يستحق الجرح، وهذه وإنْ كانت قد تقع فعلاً من بعضهم أحياناً وقد وردت بعض الأمثلة في كتب مصطلح الحديث وكتب الرجال، لكن يُعرف هذا بذكره للسبب الذي من أجله قدح الرجل، وعرضه على ميزان القدح وقواعد الجرح، فيُعرف بأنه سبب غير قادح، فلا يعتد به ولا يعتبر، لكن هذا أمر طارئ مستثنى، وليس هو الأصل، بل الأصل أنهم يجرحون الرجل بما يستحق الجرح، وإلا ما بلغوا هذه الرتبة في هذا الفن، فلا ينبغي أن نضرب القواعد والأصول العامة من أجل بعض الزلات في الحكم أو الأمثلة الخاطئة في التنزيل.
ويكفينا في بيان أنَّ أحكام العلماء في الرجل من قبيل أخبار الثقات والنقل والسماع وليست من باب الاجتهاد والاستنباط والرأي؛ ما قاله العلامة الصنعاني رحمه الله في كتابه [إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد ص108-115]: ((فصل: في سبب اختلاف الأقوال في الجرح والتعديل؛ أما ما أشار إليه السائل - دامت إفادته - من أنه قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث؛ فيُضعِّف هذا حديثاً، وهذا يصحِّحه، ويرمي هذا رجلاً من الرواة بالجرح وآخر يُعدِّله؛ فهذا مما يشعر بأنَّ التصحيح ونحوه من مسائل الاجتهاد الذي اختلفت فيه الآراء؟!
فجوابه: أنَّ الأمر كذلك؛ أي: أنه قد تختلف أقوالهم، فإنه قال مالك في ابن إسحاق: "إنه دجال من الدجاجلة"، وقال فيه شعبة: "إنه أمير المؤمنين في الحديث"، وشعبة إمام لا كلام في ذلك، وإمامة مالك في الدين معلومة لا تحتاج إلى برهان؛ فهذان إمامان كبيران اختلفا في رجل واحد من رواة الأحاديث.
ويتفرع على هذا الاختلاف في صحة حديث من رواية ابن إسحاق وفي ضعفه؛ فإنه قد يجد العالم المتأخر عن زمان هذين الإمامين كلام شعبة وتوثيقه لابن إسحاق فيصحح حديثاً يكون من رواية ابن إسحاق قائلاً قد ثبتت الرواية عن إمام من أئمة الدين وهو شعبة بأنَّ ابن إسحاق حجة في روايته وهذا خبر من شعبة يجب قبوله.
وقد يجد العالم الآخر كلام مالك وقدحه في ابن اسحاق القدح الذي ليس وراءه ورواء ويرى حديثاً من رواية ابن إسحاق فيضعِّف الحديث لذلك قائلاً قد روى لي إمام وهو مالك بأن ابن إسحاق غير مرضي الرواية ولا يساوي فلساً فيجب رد خبر فيه ابن إسحاق.
فبسبب هذا الاختلاف حصل اختلاف الأئمة في التصحيح والتضعيف؛ المتفرعين عن اختلاف ما بلغهم من حال بعض الرواة، وكل ذلك راجع إلى الرواية لا إلى الدراية، فهو ناشئ عن اختلاف الأخبار، فمن صحَّح أو ضعَّف فليس عن رأي ولا استنباط كما لا يخفى؛ بل عمل بالرواية، وكل من المصحِّح والمضعِّف مجتهد عامل برواية عدل، فعرفتَ: أنَّ الاختلاف في ذلك ليس مداره على الرأي!، ولا هو من أدلة أنَّ مسألة التصحيح وضده اجتهاد.
نعم وقد يأتي من له فحولة ونقادة ودراية بحقائق الأمور وحسن وسعة إطلاع على كلام الأئمة فإنه يرجع إلى الترجيح بين التعديل والتجريح؛ فينظر في مثل هذه المسألة إلى كلام الجارح ومخرجه فيجده كلاماً خرج مخرج الغضب الذي لا يخلو عنه البشر ولا يحفظ لسانه حال حصوله إلا من عصمه الله، فإنه لما قال ابن إسحاق: "اعرضوا عليَّ علم مالك فأنا بيطاره"، فبلغ مالكاً فقال تلك الكلمة الجافية؛ التي لولا جلالة من قالها وما نرجوه من عفو الله من فلتات اللسان عند الغضب لكان القدح بها فيمن قالها أقرب إلى القدح فيمن قيلت فيه، فلما وجدناه خرج مخرج الغضب لم نره قادحاً في ابن إسحاق، فإنه خرج مخرج جزاء السيئة بالسيئة، على أنَّ ابن إسحاق لم يقدح في مالك ولا في علمه، غاية ما أفاد كلامه: أنه أعلم من مالك وأنه بيطار علومه، وليس في ذلك قدح على مالك، ونظرنا كلام شعبة في ابن إسحاق فقدمنا قوله لأنه خرج مخرج النصح للمسلمين، ليس له حامل عليه إلا ذلك.
وأما الجامد في ذهنه الأبله في نظره فإنه يقول: قد تعارض هنا الجرح والتعديل فيقدم الجرح؛ لأنَّ الجارح أولى وإنْ كثر المعدلون، وهذه القاعدة لو أخذت كلية لم يبق لنا عدل إلا الرسل، فإنه ما سلم فاضل من طاعن من ذلك لا من الخلفاء الراشدين ولا أحد من أئمة الدين.
كما قيل:
فما سلم صديق من رافض ... ولا نجا من ناصبي علي
ما سلم الله من بريته... ولا نبي الهدى فكيف أنا؟!
القاعدة ظاهرية يعمل بها فيما تعارض فيه الجرح والتعديل من المجاهيل.
على أنه لك أن تقول: كلام مالك ليس بقادح في ابن إسحاق لما علمتَ أنه خرج مخرج الغضب لا مخرج النصح للمسلمين، فلم يعارض في ابن إسحاق جرح. واعلم أنَّ ذكرنا لابن إسحاق والكلام فيه مثال وطريق يسلك منه إلى نظائره.
وإذا عرفتَ هذا؛ فهذا الترجيح لا يخرج عما ذكرناه عن كونه من باب قبول أخبار العدول، بل هو منه، إنما لما تعارض الخبران عندنا في حال هذا الراوي تتبعنا حقائق الخبرين ومحل صدورهما والباعث على التكلم بهما، فظهر الاعتماد على أحدهما دون الآخر، فهو من باب قبول الأخبار، فهكذا يلزم الناظر البحث عن حقائق الأحوال وعن الباعث عن صدورها من أفواه الرجال، فإنه يكون كلامه بعد ذلك أقوم قيلاً وأحسن دليلاً وأوفق نظراً وأجل قدراً.
فمن عمل برواية التعديل والتزكية، ومن عمل برواية القدح والتجريح وإنْ كان الكل قابلين لأخبار العدول عاملين بما يجب عليهم من قبول خبر المنقول، فالكل مجتهدون، ولكن تخالفت الآثار وتفاوتت الأنظار، ومن هنا ونحوه وقع اختلاف المجتهدين في عدة مسائل من أمهات الدين، والكل مأجورون بالنص الثابت، منهم من له أجر ومنهم من له أجران.
ومن هنا؛ علمتَ أنَّ اختلاف الأئمة في تصحيح خبر من إمام وتضعيفه من إمام آخر ناشئ عما تلقوه من أخبار العدول عن الرواة؛ فهذا الإمام لم يبلغه عن الرواة هذا الخبر الذي حكم بصحته إلا العدالة والضبط فصحح أخبارهم، ولهذا تجد من يتعقب بعض الأحاديث التي صححها إمام بقوله: كيف تصححه وفيه فلان كذاب؟ ونحو هذا، ومعلوم أنَّ مَنْ صحح هذا الحديث لم يبلغه أنَّ في رجاله كذاباً، وهذا الإمام بلغه من أحوال رواة ذلك الخبر أو بعضهم عدم العدالة وسوء الحفظ أو انقطاع الخبر أو شذوذه حكم عليه بعدم الصحة، وهذا معروف من جبلة العباد وطبائعهم، فمن الناس مَنْ يغلب عليه حسن الظن في الناس وتلقي أقوالهم بالصدق، ومن الناس مَنْ له نباهة وفطنة وطول خبرة لأحوال الناس فلا يكتفي بالظاهر بل يفتش عن الحقائق فيقع على الحق والصواب)).
وقال رحمه الله تعالى في كتابه [توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار 2/118-119]: ((والتزكية والجرح من باب الأخبار؛ إذ مفاد قوله المزكي: "فلان عدل" أي: آتٍ بالواجبات تارك للمقبحات محافظ المروءة، وقوله جرحاً: "هو فاسق" لشربه الخمر مثلاً، الكل إخبار عدل، يجب قبوله لقيام الأدلة على العمل بخبر العدل، وليس تقليداً له)).
قلتُ:
وإذا كان أبو صفوة يُلزِم الناس بأخبار الشيخ ربيع حفظه الله ولا يلزمهم بأحكامه، فالشيخ ربيع حفظه الله قد ذكر فيه وصفين فقال: (ضعيف في الشخصية ضعيف في العلم)، فهل يقبل بهذا؟ أم أنَّ أخبار الشيخ ربيع يجب قبولها إلا إذا كانت في أبي صفوة؟!
هذا آخر ما ورد في جلسة أبي صفوة مع أصحابه في القرية المجاورة لقرية مجارين، وقد بينتُ ما فيها من تلبيس وكذب وما فيها من تأصيلات وقواعد موافقة لمنهج أهل التمييع، وما فيها من تعد على شخص النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وما فيها من دفاع واعتذار عن أهل البدع والتوقف في تبديعهم بدعوى عدم الجرأة.

وإليكم أيها القراء الأكارم هذا التلخيص لمخالفات أبي صفوة أصلحه الله وهداه إلى جادة السنة:
1- ضربُ المثل السوء على ما يمرُّ به الرجل من حالات معينة تؤثر على نفسه فلا يسيطر على أفعاله بشخص النبي صلى الله عليه وسلم!.
2- الطعن الصريح في الصحابة؛ حيث وصف الكثير منهم بعدم العلم!!، ووصف حسَّان بن ثابت بالجبن!، وأشاع لعثمان بن عفان رضي الله عنه أمراً قد عفا الله عنه وتاب عليه!، ثم دعواه أنَّ هذه الأوصاف التي ذكرها في الصحابة لا تعد قدحاً في الرجل!.
3- موافقة الحلبي في التفريق بين خبر الثقة وحكم الثقة، وأنَّ الأول ملزم، والثاني غير ملزم للجميع.
4- موافقة الحلبي في التوقف في تبديع مَنْ ظهرت بدعه وضلالاته التي تقصم الظهر، وأحدث أصولاً مخالفة للمنهج السلفي وأثار فتنة وفرقة بين السلفيين، وبدَّعه بعض العلماء؛ إلا إذا استفاض تبديعه بين العلماء وانتشر أو أجمعوا على ذلك.
5- موافقة الحلبي في أصل جواز التخطئة والتحذير دون التبديع والإخراج من السلفية بدعوى عدم الجرأة في ذلك.
6- موافقة الحلبي في قاعدة عدم قبول الجرح المفسَّر إلا إذا كان مقنعاً.
7- موافقة الحلبي في أصل أنَّ أحكام علماء الجرح والتعديل في الرجال اجتهادية غير ملزمة؛ لك أن تأخذ بأحكامهم ولك أن لا تأخذ بها.
8- موافقة الحلبي في قياس (الاختلاف القائم بين السلفيين وأهل البدع) بالخلاف الذي (وقع من بعض الأئمة والعلماء فيما بينهم بسبب مواقف معينة) أو بالخلاف الذي (جرى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما)!.
9- موافقة الحلبي في الاستدلال بالمسائل الفقهية الاجتهادية الدقيقة المختلف فيها بين أهل العلم السلفيين على المسائل المنهجية المختلف فيها مع أهل البدع!.
10- موافقة الحلبي في خلطه بين مسائل التكفير ومسائل التبديع؛ من خلال ضرب الأمثلة لتكفير بعض العلماء لبعض الأعيان وإلزام السلفيين بذلك إنْ كان يلزمون غيرهم في تبديع المعين!.

أقول:
فهذه عشرة كاملة تدل على تغير هذا الرجل وسلوكه منهج أهل التمييع في التأصيل والاستدلال، هذا بالإضافة إلى المخالفات التي ذكرتُها في البيان المسمَّى بــ (الإيضاح والتفصيل في بيان حال الأخ أبي صفوة وكتابه "الإكليل")، والذي أقرَّ به الجميع، وألزموا أبا صفوة بالرجوع عن أخطائه، فقَبِل ذلك، ثم لم تدم سنة على ذلك!، فنقض أبو صفوة العهد وهدم الصلح وزعم أنه قَبِلَه تنزلاً لا عن موافقة واستجابة للحق!!.
وأما مواقف هذا الرجل من أهل العلم وطلبته ومشايخ السنة والشباب السلفي في محافظته وغيرها فهي: الطعن فيهم، والتحذير منهم، والدعوة إلى مقاطعتهم، وتنفير الناس عنهم، فضلاً عن الكذب والبهتان والتلبيس عليهم، وإلصاق التهم الباطلة بهم، وشنُّ الحرب الهوجاء الظالمة عليهم، والفجور في الخصومة معهم، بالإضافة إلى غلظة أفعاله وحدة لسانه ومقابلته الإحسان بالإساءة، فهو بهذا يسلك مسلك الحدادية مع السلفيين.
فالواجب الحذر من هذا الرجل والتحذير منه وهجر مجالسه وبيان حاله وكشف منهجه لئلا يغتر به أحدٌ، ولا ينبغي لأحد من السلفيين أن يدافع عنه أو ينتصر له، أو يعتذر له أو يجادل عنه، أو يقدِّمه إلى السلفيين في دورة علمية في مركز أو درس في مسجد، بل الواجب على مَنْ رفع شأنه وغرَّر السلفيين به ودافع عنه وقدَّمه لهم كشيخ أو طالب علم يُدرِّسهم أن يكتب فيه بياناً يتبرأ منه ومن تأصيلاته وفعاله المشينة، وإلا فلا يلومنَّ كلُّ مَنْ يقف في صفه إلا نفسه بعد هذا البيان والرد.
هذا هو الواجب على السلفيين مع هذا الرجل المفسد المتبع لهواه المتلوِّن في المواقف، حتى يتوب إلى الله عز وجل من كل هذه المخالفات المنهجية والتصرفات السيئة، ويُصلح ما أفسده في مجالسه وكتبه وحربه ضد السلفيين، ويُبيِّن ذلك في كتاب يُنشر في أوساط السلفيين، ثم يُترك هذا الرجل بعد ذلك على هذا الحال حتى يطلب العلم النافع ويضبط المسائل المنهجية ويظهر صدقه واستقامته، فحينها يُجالس ويُدرَس عنده إنْ تبيَّن أنه أهلٌ لذلك، لأنه ثبت عند السلفيين أنه مراوغ ماكر ومتلون لعَّاب، فلا يُطمئن له إلا بذلك، والله تعالى يقول في أمثاله: ((إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ))، والله يغفر لنا وله، ويرزقنا وإياه سبيل الرشاد، ويرزقنا الإخلاص والسداد وحسن الختام، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.
تنبيه/
بعد أن أكملتُ الرد على هذا المتلوِّن وعزمتُ على نشره، بلغني أنَّ له صوتية جديدة سُجِّلت معه في مدينة الشرقاط من محافظة صلاح الدين، يجيب فيها عن الأسئلة التي وجِّهت إليه بسبب الفتنة التي أُثيرت في الموصل من خلال الصوتية الأولى المردود عليها هنا، فانتظرتُ حتى وصلتني الصوتية (مقطع صوتي واحد!)، لعلي أجد فيها تراجعاً منه أو تصحيحاً، فخاب ظني وللأسف: بل زاد في هذه الصوتية الأخرى هذا الجهول إصراراً على قاعدة التفريق بين خبر الثقة وحكم الثقة!، وأصَّل لها ببعض الأحاديث التي حملها على غير ما تحتمل!، وزعم كذباً أنَّ هذا الذي يريده الشيخ ربيع ويرضاه من السلفيين!، وأنَّ متابعة العالم في حكم التبديع هو تقليد له!، وأنَّنا إنما يجب أن نأخذ بخبر الثقة لأننا مجبورون!، وأنَّ إلزام الناس بحكم العالم في التبديع من مقالات أهل الضلال وليس من مقالات أهل السنة!، وأكَّد فيها أنَّ علياً الحلبي عنده بدع كبيرة ومخالفات كثيرة ثبتت في كتبه وأشرطته وهو مصرٌّ عليها لم يتب، ومع هذا فهو يصرِّح مجدداً بعدم تبديعه!، ويزعم أنَّ مَنْ بدَّعه إنما قاله تقليداً للشيخ ربيع حفظه الله!، وغيَّر في هذه الصوتية من وصفه لحسَّان بن ثابت رضي الله عنه بأنه كان جباناً إلى وصفه بأنه كان يجبن!، ثم أحال إلى بعض المصادر لتأكيد هذا الوصف!، ووصف أُبي بن كعب رضي الله عنه قديماً - كما ذكر السائل - بأنه انحرف خلقه!!، ولم يتراجع أبو صفوة عن ذلك في هذه الصوتية بدعوى أنَّ هذه مذكورة في بعض كتب التراجم!، وأنَّ هذه الأوصاف ليست قدحاً ولا ذماً ولا نقصاً!، ثم أصَّل قاعدة الحلبي الباطلة في الصحابة: وهو أنَّ مَنْ تكلَّم فيهم ببعض الأوصاف التي لا تليق من باب الإخبار أو من باب ما ذُكر في التراجم والسير لا يعد منتقصاً لهم!؛ لأنه لم يقصد السب والانتقاص!، وبخاصة إذا كان معظِّماً للصحابة وعارفاً لحقهم وفضلهم!!، إلى غير ذلك من الضلالات والتأصيلات الباطلة التي فاه بها هذا المجنون، ولولا ضيق وقتي لرددتُ عليها هنا وبينتُ جهله وتلبيسه فيها، والله حسيبه، والله المستعان وعليه التكلان.
كتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر
ظهر يوم الثلاثاء السادس من شهر الله المحرَّم لعام 1434 هـ
الموافق 20 / 11 / 2012 بالإفرنجي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-22-2012, 02:12 PM
ابو علقمة يونس النحيلي ابو علقمة يونس النحيلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: ليبيا /حرسها الله /من توكرة
المشاركات: 311
شكراً: 82
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيكم شيخنا وحفظكم الله
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-22-2012, 09:37 PM
ابواحمد سعدون الحديدي ابواحمد سعدون الحديدي غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 3
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيك شيخنا الفاضل ابو عمر على بيان حال هذا الرجل الماكر اللعوب الجهول والشكر موصول لشيخنا ابو معاذ رائد ال طاهر على رده الموفق واساله تعالى ان يحفظكما ويسددكما .

يقول هذا الخبيث في صوتيته انه (الجهول) اعلم من الشيخ اسامة؟؟
كذب والله , فاني رائيته يجلس بين يدي الشيخ الفاضل ابو عمر كما يجلس الطالب بين يدي شيخه .
وكان يجلس كباقي الشباب الذين يتوافدون الى الشيخ من كل انحاء العالم فلو كان اعلم من الشيخ اسامة لتوافدوا اليه الشباب كما يوافدون الى الشيخ.
وهيهات له , بل الشباب السلفي عندنا في الموصل عرفوا حاله من ثلاث سنين او اكثر وابتعدوا عنه ونفروا منه لانه سيئ الخلق خبيث الطبع كثير الفحش .
نسال الله تبارك وتعالى ان يهدية او يقصم ظهره.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-23-2012, 06:12 PM
أبو حذيفة قتيبة العراقي أبو حذيفة قتيبة العراقي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 15
شكراً: 2
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي

جزى الله الشيخ الفاضل أبا عمر العتيبي خير الجزاء على بيانه وتوضيحه...
وجزى الله شيخنا المفضال الشيخ أبا معاذ رائد آل طاهر حفظه الله خيرا على جهده وجهاده في بيان حال المنحرفين.
أما ما يخص هذا النكرة، فوالله إنه من أعجب من رأيت من المخلوقات، وصدق فيه إمامنا الربيع أنه ضعيف الشخصية، وأنا أقول عديم الشخصية عديم الحياء، نعوذ بالله من فحش خلقه، وبذاءة لسانه، فهو سباب طعان لعان، نعوذ بالله من شره.
أنا عايشت فتنته عندما ذهبت للموصل، فتك بالدعوة السلفية، وأشغل السلفيين به، فنسأل الله أن يعين إخوتنا هناك، فهو رجل سوء قبيح الخلق، سليط اللسان، فاحش القول، ولا يرعى حرمة أحد أبداً.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-24-2012, 10:28 PM
أبو أوس فلاح الموصلي أبو أوس فلاح الموصلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 30
شكراً: 1
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي

جزى الله كل من الشيخين الفاضلين ابي عمر اسامة العتيبي وابي معاذ رائد آل طاهر خير الجزاء على ما قاما به من فضح هذا المتستر الغشوم الذي سكت دهرا ونطق جورا فلا الزلال بسكوته جمع ولا الارض نفع وما حاله الا كحال الميزاب الذي جمع الماء كدرا وفرقه هدرا فلا الزلال جمع ولا الارض نفع
فالرجل ظل ساكتا دهرا من الزمن عله يحصل على تزكيته من عالم او طالب علم حتى يستعبد رقاب الناس بحزبيته التي ورثها عن الاخوان المسلمين فرواسبهم اعني الاخوان لم تزل ولا تزال فيه وان ادعى انه على منهج السلف زورا وبهتانا
فما تجمعاته مع من كان معه سابقا وتركه الان
ولا طأطأته لرأسه
ولا تعاهده الكذب
ولا تفريقه للشباب الا جماعات
ولا تنفيره من اهل العلم علماء وطلاب علم
ولا نكرانه للجميل
ولا محابته للسلفيين
ولا مجاملته لاهل البدع والمريبين
ولا طعنه باعراض المسلمين
ولا التماسه الاعذار لمناصريه المخذلين المفسدين
ولا نصرته للمميعين
الا بقايا من بقاياهم النتنة اعني الاخوان المفلسين والرواسب البدعية لا بد وان تظهر ولو بعد حين ولا ينجوا منها الا من عصمه رب السموات والارضين
والله اقول واكتب هذا الكلام لاني اعرف الناس به وبمكره وحقده وخبثه قاتله الله واخزاه كم اذى الدعوة السلفية وسام اهلها سوء العذاب
كم من اسرار لبيوت امنت به افشاها
وكم من اعراض طعن فيها
وكم من شباب يافع ترك الدعوة الطيبة من جراء تصرفاته الطائشة وكأنه صبي يلعب بالكرة
فمرة يصف الشباب بالحزبية ومرة بالمجرمين واخرى بالمميعين ثم كالنائم ويستيقظ واذا بهم حداديين واذا انتصف عليه النهار صاروا منافقين
والعجب العجاب انه يقرب الحزبيين والتكفيريين والمميعيين بل ومن يعترف هو امامي انهم فاسقين وفي المقابل يطعن باخوتي السلفيين
ولا تعجب اخي القارئ من كلامي هذا فليس المخبر كالمعاين فوالله وتالله وبالله مستعد ان اباهل عن كل ما قلته او كتبته فلم ابالغ في شيء كتبته فالرجل سيء سيء جدا جدا جدا وما بليت الدعوة السلفية عندنا في الموصل بمثل هذا الرجل فالله أسأل وبحبي لنبيه أتوسل
أن يخرس لسانه ويشل اركانه أو أن يهديه الى الرجوع للحق وأهله أمين
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-25-2012, 07:56 AM
أبو حذيفة قتيبة العراقي أبو حذيفة قتيبة العراقي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 15
شكراً: 2
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي

وأنا أشهد على ما كتبه أخونا الفاضل أبو أوس وفقه الله، فإني من أعرف الناس به، ومن أقربهم إليه، فأخونا أكثر الناس الذين تعرضوا لظلم هذا المخبول، وأكثرهم نصيبا منه، وبكل أنواع الظلم والكذب والبهتان والجور والفجور، فنسأل الله العافية...
وأنا أباهل معه على كلامه وفقه الله...
ذاك المخلوق العجيب -أعني راكان- والله لو أجريت عليه بحوث طبية لأبهر الأطباء بطبيعته وماهيته، فالرجل تجتمع فيه المتناقضات وتكثر فيه الاضطرابات، فنسأل الله العافية...
وأكثر شيء أضحكني وبشدة، قوله عن الشيخ أسامة العتيبي وفقه الله، أنه أعلم منه، ويدعي بأنه لا يقول ذلك فخرا لكن وأما بنعمة ربك فحدث...
فالله المستعان...
أخي أبا أوس، تصدقوا عليه بطبيب نفساني، أو اذهبوا به لمصحٍ عقلي، عسى الله أن يكتب له الشفاء على أيديكم...
ورضي الله عن عمر، لو كان موجودا لعالجه بدرته، فلله دره، ورضي عنه...
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11-25-2012, 03:15 PM
أبو أوس فلاح الموصلي أبو أوس فلاح الموصلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 30
شكراً: 1
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي

جزاك الله خيرا اخي الحبيب ابا حذيفة على هذا المرور الطيب ولكن اخي الفاضل هذا الرجل كما تقول العرب لئيم راضع فالسوء فيه سجية لا تفارقه فلا ينفعه طب ولا طبيب
وقد ذكرني حاله بالمراءة التي ربت ذئب واحسنت اليه فكافئها بقتل شاتها واليكم القصة مع الابيات التي قالتها فيه
روى ان الاصمعي قال :

دخلت البادية فإذا أنا بعجوز تنوح و بين يديها شاة مقتولة و جرو ذئب مقفى فنظرت إليها فقالت :
أو يعجبك هذا قلت : بلى و ما قصتك قالت :
أعلم أن هذا جرو ذئب قد أخذناه فأدخلناه بيتنا فلما كبر قتل شاتنا فقلت : أو قلت في ذلك شعرا قالت : بلى ثم أنشأت تقول :


بقرت شويهتي وفجعت قلبي ..... وأنت لشاتنا ولد ربيب
غذيت بدرها ونشأت مــعها ..... فمن أنباك أن أباك ذيب
إذا كان الطباع طبــاع سـوء ..... فـلا أدب يفـيد ولا أديب
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11-25-2012, 04:54 PM
أبو أوس فلاح الموصلي أبو أوس فلاح الموصلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 30
شكراً: 1
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي

وحكاية اخرى شبيهة وهي ان قوماً خرجوا للقنص فلحقوا ضبعة صغيرة فلجأت الى خباء اعرابي فاجارها وجعل يطعمها من زاده ويسقهيا، فبينما هو نائم ذات يوم اذ وثبت عليه وبقرت بطنه وهربت فجاء ابن عمه يطلبه فوجده ميتا، فخرج وتبع الضبعة حتى ادركها فقتلها فقال:


ومن يصنع المعروف في غير أهله
يلاق الذي لاقى مجيرُ أم عـــــــامر
اعد لها لما استجـــــارت ببيتــــــه
احاليب البـــــــان اللقاح لدرائـــــر
وأسمنها حتى اذا ما تمكــــــــــنت
فرته بأنيــــــــــــاب لها واظافـــــر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من
يجود بمعروف على غير شاكـــــر

ويذكر في هذه المناسبة ان الخليفة العباسي المنصور جعل ولاية العهد بعده الى عيسى بن موسى، ثم تغير عليه وغدر به واضره وقدم عليه المهدي فقال عيسى بن موسى:


أينسى بنو العباس ذودي عنهــم
بسيفي ونارُ الحرب زاد سعيرها
فتحتُ لهم شرق البلاد وغربهــا
فذل معاديها وعـــــــــز نصيرها
فلما وضعـــتُ الامر في مستقره
ولاحت له شمس تلألأ نورهــــا
رُفعت عن الامر الذي استحقــه
وأُسق اوساقاً من الغد حملهـــا

وقال الفررزدق عن ذئب دنا منه وهو في سفر، اثناء الليل وقد اوقد نارا فرمى اليه من زاده ليشاركه العشاء:


واطلس عسال وما كان صاحباً
دعوت بناري موهنــــــاً فأتاني
فلما أتى قلت ادن دونـــك انني
واياك فــــي زادي لمشتركـــان
تعشَّ فــان عاهدتني لاتخونني
نكن مثل من ياذئب يصطحبان
وهكذا اللئام في كل عصر ومصر .. لايفوون الجميل ولا يراعون حرمة الخليل ... ولايردون المعروف ولا يرهبون الحتوف ..

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-06-2012, 04:25 AM
أبو أوس فلاح الموصلي أبو أوس فلاح الموصلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 30
شكراً: 1
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي

وهذا كلام العلامة الامام حامل لواء الجرح والتعديل الشيخ ربيع بن هادي رد الله به كيد الاعادي
تأيدا لكلام الشيخين الفاضلين ابي عمر العتيبي وابي معاذ رائد آل طاهر في وجوب هجر هذا الرجل وانه يبقى تحت الامتحان وان لاينخدع السلفيون في قوله تبت فيترامون في احضانه بل الواجب في حقه الهجر حتى وان قال تبت حتى يظهر منه صلاح حاله واليكم اخوتي كلام العلامة المجاهد حفظه الله

[كيفية التعامل مع من أظهر التوبة من أهل الأهواء]
سئل العلامة أبو محمد الربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى_ عن الشخص الذي تصدر منه مخالفات منهجية . . . إذا تراجع عن مخالفاته هل يكفي ذلك بيان وإصلاح، أم أنه يقول أنا تبتُ من ذلك؟
فأجاب - نصر الله به السنة وأهلها - أبداً . . يُبين حتى يظهر للناس صلاحه، عمر رضي الله عنه ماذا فعل بصبيغ؟
ضربه وألقاه في السجن، ضربه وألقاه في السجن، ضربه وألقاه في السجن ؛ لماذا؟
لأنه كان يسأل عن {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً}، وما شاكل ذلك، ما هو مبتدع، عنده شبه هكذا.
فهو يُلبس على الناس بمثل هذه الأسئلة.
فجاء وكافأه عمر بهذا الضرب والسجن مرات، وأخيراً قال له: يا أمير المؤمنين إن أردتَ أن يَخرج ما في رأسي فوالله لقد خرج، وإن أردت قتلي فأحسن قِتلتي.
فأَمرَ به فَسُفرَ إلى العراق، وأمر أهل العراق بهجرانه فكان مثل الجمل الأجرب، وإذا أرد أحد أن يُكلمه يقال له: عَزمةُ أمير المؤمنين فما يكلمه أحد.
حتى ظهرت توبته تماماً وصَحة توبته، وكتب إليه الأمير: إن فلاناً قد صلح وظهرت صِحة توبته.
قال [عمر رضي الله عنه]: فأمر الناس أن يكلموه.
فهذا لابُدَّ أن تظهر توبته ويظهر صدقه، لأنا جربنا كثيراً من الناس عندهم مراوغات يروغ كما يروغ الثعلب ويناور، ويقول أن تبتُ ورجعت، ثم لا تشعر إلا وهو يهمس هنا وهناك بما عنده من الباطل الذي يدعي أنه تراجع عنه.
فهؤلاء ينبغي أن ندرسهم وأن نتأنى في حقه حتى يظهر لنا صدق توبته، وبعد ذلك هو أخونا، هو أخونا، وأنتم تعلمون أن كعب بن مالك الصحابي الجليل الذي شهد المشاهد _بارك الله فيكم_ كلها إلا بدراً، ما يَسرهُ أنّ له بالعقبة التي بايع فيها رسول الله أن يكون له بها مرض أو وقعة بدر أو حضور وقعة بدر.
تخلّف عن غزوة تبوك لا كفراً ولا نفاقاً، ولمّا رجع رسول الله جاء المعذرون يعتذرون للنبي صلى الله عليه وسلم فقبل علانيتهم ووكل سرائرهم إلى الله تبارك وتعالى، ثم كشفهم الله بعد ذلك وبين ما عندهم من الكذب.
وأمّا كعب بن مالك وهلال بنُ أميّة ورجلٌ ثالث فإنهم صدقوا في الاعتذار.
قال [النبي صلى الله عليه وسلم]: أما هؤلاء صدقوا، ولكنه أرجى أمرهم إلى أربعين ليلة ثم إلى تمام خمسين ليلة، لا يكلمهم أحد.
هؤلاء تابوا واعترفوا وكل شيء، ومع ذلك أُجريت عليهم هذه العقوبة الصارمة فكان لا يكلمهم أحد من أهل المدينة، (هذا منهج نبوي _بارك الله فيك_ التوبة ما هي لعب)، فبعد ذلك _بعد خمسين ليلة_ نزل الوحي من السماء _لو استمرت سِنين سيستمر الرسول والصاحبة في هجرانهم_ فبعد خمسين يوماً نزلت رحمة الله تبارك وتعالى بتوبة هؤلاء، وفرح المسلمون بهذه التوبة.
فإنسان _نحن جربنا كثيراً من أهل الأهواء_ والله أنا رجعت، والله أنا رجعت، رجعت، ثم لا تراه إلا وهو ينشر بدعته هنا وهناك، فعندنا تجارب.
الشاهد _والله_ نحن نفرح بالتوبة ونشجع عليها، ولكن قد لدغنا كرات ومرات من كثير ممن يدعون التوبة ثم يظهر عدم صدقهم ويظهر مكرهم، فإذا تاب وأناب وظهرت توبته بعد مدة، _فالحمد لله_ هو أخونا ويستعيد مكانته _إن شاء الله_ وإن ظهر الأمر الآخر كنا قد أخذنا حذرنا منه، نعم.
السائل: يا شيخ هو طبعاً أظهر توبته فكيف التعامل معه ؟ أنه تاب وهكذا .
الشيخ : والله يبقى تحت الرقابة شيئاً ما، أما الاستسلام إليه والارتماء في أحضانه قبل أن نعرف صدقه فهذا من العجلة، أنا ايش حكيت لكم سابقاً؟ ليش ضربتُ لكم مثلاً بكعب بن مالك وجمعته وبصبيغ . . . لماذا ؟ للاحتياط . . . ما يقول تبتُ ويرجع يدرس ويجيء يرفع راية لابد يستبرء _بارك الله فيك_.
من شريط "الإمام الألباني إمام في السنة"
قام بتفريغ المادة الصوتية الأخ أبو العباس عبد الله السرتاوي _بارك الله فيه وفي جهده_
منقول من (شبكة الربانيون)
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:04 AM.


powered by vbulletin