الحمد لله وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد ا ً عبده ورسوله
أما بعد
فمع مطلع فجر جديدوتبدل الحال لابد أن تنتبه الأمة لما يدور حوله من مؤمرات وأخطار
إن ما رأيناه من تبدل الأحوال لجدير بالتأمل والأعتبار ,للوقوف علي مواطن الخلل فليس الحل فقط في تغير الحاكم ومجيء آخر مكانه لابد أن ينتبه الجميع لحقيقة الداء وأصل المرض وهو ماورد ذكره في القرآن :
"وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ".
*
و ما أخرجه البخاري في صحيحه بسنده إلى قيس بن أبي حازم، قال: "دخل أبوبكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تتكلم، فقال: مالها لا تكلم؟ قالوا: حجت مصمتة. قال لها: تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية. فتكلمت، فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين. قالت: أي المهاجرين؟ قال: من قريش. قالت: من أي قريش أنت؟ قال: إنك لسؤول، أنا أبوبكر. قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت به أئمتكم. قالت: وما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى. قال: فهم أولئك على الناس".
قال الحافظ ابن حجر: (قوله "أئمتكم" أي لأن الناس على دين ملوكهم، فمن حاد من الأئمة عن الحال مال وأمال).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومعلوم أنه إذا استقام ولاة الأمور الذين يحكمون في النفوس والأموال استقام عامة الناس كما قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه.
إلى أن قال:
وكذلك من جهتهم يقع الفساد، كما جاء في الحديث مرفوعاً، وعن جماعة من الصحابة).
قال عبيدة السَّلماني لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، ما بال أبي بكر وعمر انطاع الناس لهما، والدنيا أضيق من شبر فاتسعت عليهما، ووليت أنت وعثمان الخلافة ولم ينطاعوا لكما، وقد اتسعت فصارت عليكما أضيق من شبر؟ قال: لأن رعية أبي بكر وعمر كانوا مثلي ومثل عثمان، ورعيتي أنا اليوم مثلك وشبهك". سراج الملوك ص272
قال عبد الملك بن مروان - رحمه الله - : ما أنصفتمونا يا معشر الرعيَّة ! تريدون منّا سيرة أبي بكر وعمرَ ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم بسيرتهما ؟! المصدر السابق
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة": (وتأمل حكمته تعالى في أن جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس أعمالهم، بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم، فإن استقاموا استقامت ملوكهم، وإن عدلوا عدلت عليهم، وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم، وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك، وإن منعوا حقوق الله لديهم، وبخلوا بها، منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق، وبخلوا بها عليهم، وإن أخذوا ممن يستضعفون ما لا يستحقونه في معاملتهم أخذت منهم الملوك ما لا يستحقونه، وضربت عليهم المكوس والوظائف، وكل ما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة، فعمالهم ظهرت في صور أعمالهم، وليس في الحكمة الإلهية أن يولى على الأشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم، ولما كان الصدر الأول خيار القرون وأبرها كانت ولاتهم كذلك، فلما شابوا شابت الولاة، فحكمة الله تأبى أن يولى علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز فضلاً عن مثل أبي بكر وعمر، بل ولاتنا على قدرنا، وولاة من قبلنا على قدرهم).
وقال الحسن البصري للمتذمرين من ظلم الحجاج وجوره: (إن الحجاج عقوبة من الله عز وجل لم تكن، فلا تستقبلوا عقوبة الله بالسيف، ولكن استقبلوها بتوبة، وتضرع، واستكانة، وتوبوا تكفوه).
وسئل الأعمش عن تفسير قوله تعالى: "وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا"، ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم يقولون: "إذا فسد الناس أمِّر عليهم شرارهم".
إن هذا هو مكمن الداء ,والدواء معروف لنا:((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ))
لذا يجب علي الدعاة أن يقوم بدورهم في الدعوة إلي الله وحث الناس علي العودة إلي الله عزوجل.
وأن ينبهوا الناس للتمسك بثوابت الإسلام التي لاتقبل المساومات أو المفاوضات.
وفقنا الله لكل خير وئبثتنا علي الخق
حفظ الله الإسلام والمسلمين