قال تعالى : { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّه وَمَا آَتَيْتُمْ مِّنَ زَكَاةٍ تُرِيْدُوْنَ وَجْهَ الْلَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُوْنَ } [الروم/39]
قال ابن كثير – رحمه الله فى تفسيره لهذه الآية :-
ثم قال: ( وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّه ) أي: من أعطى عطية يريد أن يرَّد الناس عليه أكثر مما أهدى لهم، فهذا لا ثواب له عند الله -بهذا فسره ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وعكرمة، ومحمد بن كعب، والشعبي -وهذا الصنيع مباح ، وإن كان لا ثواب فيه ، إلا أنه قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، قاله الضحاك، واستدل بقوله: { وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } [ المدثر/6 ] أي: لا تعط العطاء تريد أكثر منه.
وقال ابن عباس: الربا رباءان، فربا لا يصح يعني: ربا البيع , وربا لا بأس به، وهو هدية الرجل يريد فضلها وأضعافها. ثم تلا هذه الآية: { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّه } .
ِ وإنما الثواب عند الله في الزكاة؛ ولهذا قال: { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ } أي: الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء، كما جاء في الصحيح: " وَمَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إِلَا أَخَذَهَا الْرَّحْمَنُ بِيَمِيْنِهِ، فَيُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّيَ أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيْلَهُ، حَتَّىَ تَصِيْرَ الْتَّمْرَةِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ " .
وقال السعدى - رحمه الله - فى تفسيره :-
ولما ذكر العمل الذي يقصد به وجه من النفقات ذكر العمل الذي يقصد به مقصد دنيوي فقال: { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُو فِي أَمْوَالِ النَّاس} أي: ما أعطيتم من أموالكم الزائدة عن حوائجكم وقصدكم بذلك أن يربو أي: يزيد في أموالكم بأن تعطوها لمن تطمعون أن يعاوضكم عنها بأكثر منها، فهذا العمل لا يربو أجره عند اللّه لكونه معدوم الشرط الذي هو الإخلاص. ومثل ذلك العمل الذي يراد به الزيادة في الجاه والرياء عند الناس فهذا كله لا يربو عند اللّه.