منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-04-2011, 02:20 PM
بلال الجيجلي بلال الجيجلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: الجزائر- ولاية جيجل - حرسها الله من كل سوء-
المشاركات: 941
شكراً: 13
تم شكره 43 مرة في 40 مشاركة
افتراضي نقد رسالة المويهي في الحكم بغير ما أنزل الله للأخ الفاضل عبد الله الخليفي 1

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
أحببت أن أتحف الإخوة الأكارم بهذا البحث النافع للأخ الفاضل عبد الله الخليفي في الرد على رسالة لبعض المتفيهقة الروابض في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله وقد أجاد و أفاد في ذلك أسأل الله أن يجعل ما كتبه في ميزان حسناته والآن أترككم مع هذا الرد الماتع وسأنزله على حلقات متتابعة بإذن الله .

نقد رسالة المويهي في الحكم بغير ما أنزل الله

تصنيف عبدالله بن فهد الخليفي



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه

أما بعد :

فقد أعطاني أحد الأخوة كتاب ((نقل نحو 60 قول عالم من علماء الإسلام في كفر من حكم الطاغوت )) لعبدالملك المويهي طالباً رأيي فيها

والرسالة فيها العديد من المواطن المنتقدة

وإليك بيان ذلك على حلقات

ولكن قبل الشروع في نقد الكتاب سأذكر مقدمات تلخص مادة الإنتقادات

أسأل الله عز وجل أن ينفع بهذه الرسالة

وكتبه عبدالله بن فهد المنتفجي
الجهراء _ تيماء
6صفر 1430
المقدمة الأولى في بيان أن عدم التكفير بفعل من الأفعال لا يعني التهوين من خطره

يرى بعض من طال لسانه وضعف عقله أن القول بعدم كفر الحاكم بغير ما أنزل الله إن لم يستحل أو يجحد أو يستكبر ، يعني التهوين من شأن هذه الكبيرة التي عمت بها البلوى

والجواب على هذا من وجوه

الأول : أن الشرع لا يؤخذ بالأذواق وقد دلت النصوص الشرعية على عدم كفر الحاكم بغير ما أنزل الله _ كما سيأتي بيانه _ والشرع لا يأتي بتهوين المعاصي فمن رفض ما دلت عليه النصوص الشرعية هو الحاكم بغير ما أنزل الله

الثاني : أن هذا القائل لو سئل عن رجل يقتل ويزني ويعمل عمل قوم لوط ويترك الزكاة والحج مع القدرة ويسرق ويرابي هل هو كافر ؟

لأجاب بالنفي ساعتئذٍ سنقلب عليه الأمر ونقول أنت تهون من شأن هذه المعاصي

الثالث : أن قولنا هو وسط بين الغلو في التكفير وتبرير هذه المعصية الكبيرة فنحن نرى أن الحكم بغير ما أنزل الله من أعظم الكبائر وكفر عملي أصغر ، والجفاء لا يعالج بالغلو بل إنه يزيده والعكس صحيح

المقدمة الثانية في ذكر الأحاديث التي تدل على أن الحكم بغير ما أنزل الله ليس كفراً أكبراً إن لم يرافقه جحود أو تكذيب أو استكبار

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”عليك السّمعُ والطّاعةُ في عُسْرِك، ويُسرِك، ومَنشطك ومَكرهك، وأثرةٍ عليكَ“ رواه مسلم

قلت : ووجه الشاهد قوله : " وأثرة عليك " ويعني الإستئثار بـمور الدنيا عنك ولا يخفى بأن هذا استئثار الوالي بالدنيا عن الرعية ليس من الحكم بما أنزل الله

وعن حذيفة رضي الله عنه يرفعه: ”يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس“ قال قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركتُ ذلك؟ قال: ”تسمعُ وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع“ رواه مسلم

قلت : قوله : " لا يهتدون بهداي " صريحٌ في أنهم لا يحكمون الشريعة وهذا يشمل التقنين وغيره

وسأل سلمةُ بنُ يزيد الجُعفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال يا نبي الله أرأيتَ إن قامت علينا أمراءُ يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُمِّلُوا وعليكم ما حملتم“
رواه مسلم


قلت : لا شك بأن منع الناس حقوقهم ليس من الحكم بما أنزل الله ، بل إنه لا يحدث في الصورة المذكورة بالحديث إلا بالتقنين أو التشريع


المقدمة الثالثة في بيان أن القول بأن الحكم بغير ما أنزل الله كفرٌ مطلقاً هو قول الخوارج

قال أبو المظغر السمعاني في تفسيره (2/42) : " اعلم أن الخوراج يستدلون بهذه الآية ويقولون من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر وأهل السنة لا يكفرون بترك الحكم "

قال ابن عبدالبر (17/16) : " وقد ضلت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة في هذا الباب واحتجوا بآيات ليست على ظاهرها مثل قوله عز وجل : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " "

وقال الجصاص في أحكام القرآن (4/92) : " وقد تأولت الخوارج هذه الآية على تكفير من ترك الحكم بغبر ما أنزل الله من غير جحودٍ لها "

قال الشاطبي في الإعتصام (2/183_184) والآجري في الشريعة (1/31) واللفظ له : " مما يتبع الحرورية من المتشابه قول الله تعالى : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " ويقرؤون معها " ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " فإذا رأوا الإمام حكم بغير الحق قالوا كفر "

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (5/131) : " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ....وهذه الآية مما يحتج به الخوارج على تكفير الولاة الذين يحكمون بغير ما أنزل الله "

وسئل الشيخ صالح الفوزان كما في دروس في شرح نواقض الإسلام ص174 : من يكفر الحكام ويطلب من المسلمين الخروج على حكامهم هل هو من الخوارج ؟

فأجاب الشيخ : هذا هو مذهب الخوارج إذا رأى الخروج على ولاة أمور المسلمين وأشد من ذلك إذا كفرهم فهذا هو مذهب الخوارج

وسئل بعدها : ما موقفنا من الذين يكفرون حكام المسلمين اليوم جملة وتفصيلاً ؟ هل هم من الخوارج ؟

فأجاب الشيخ : الذين يكفرون حكام المسلمين هؤلاء من الخوارج
قلت : قد أذن الشيخ صالح بطباعة هذا الكتاب بتاريخ 5/11/1424وقد رجح في الصفحة نفسها كفر الخوارج

وقد نقل المويهي أقوال بعض إخوانه الخوارج الذين يقولون بهذا القول ناسباً إياه إلى أهل السنة ويكفي للرد عليهم الأحاديث المذكورة سابقاً ، وهذه الأقوال لهؤلاء المحققين

فائدة : قال إسماعيل بن سعد في "سؤالات ابن هاني" (2/192): "سألت أحمد: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾، قلت: فما هذا الكفر؟
قال: "كفر لا يخرج من الملة"
3ولما سأله أبو داود السجستاني في سؤالاته (ص 114) عن هذه الآية؛ أجابه بقول طاووس وعطاء المتقدمين.
3وذكر شيخ الإسلام بن تيمية في "مجموع الفتاوى" (7/254)، وتلميذه ابن القيم في "حكم تارك الصلاة" ( ص 59-60): أن الإمام أحمد –رحمه الله- سئل عن الكفر المذكور في آية الحكم؛ فقال: "كفر لا ينقل عن الملة؛ مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه"



المقدمة الرابعة في تحرير مسألة التقنين

يذهب بعض الناس إلى أن الحاكم إذا وضع قانوناً يخالف الشريعة في أي مسألة من المسائل فهو كافر ثم انقسم هؤلاء المكفرون إلى قسمين

الأول : يرى أن سبب الكفر هو أن هذا الحاكم بغير ما أنزل الله مشرع والتشريع صفة من صفات الله عز وجل من زعم أنه يشاركه فيها فهو طاغوت كافر

والجواب على هذا القول من وجوه

الأول : أن الآيات التي جاءت في الترهيب من الحكم بغير ما أنزل الله _ ويستدل بها القوم _ تشمل المقنن وغير المقنن فكيف يخصصونها ببعض الأفراد ؟! ، هذا محض تحكم

الثاني : أن النصوص الدالة على عدم كفر الحاكم بغير ما أنزل الله عامة ولا يجوز تخصيصها بالرأي بل يجعل التشريع هنا كالتصوير لا يكفر مرتكبه إلا إذا استحل أو جحد أو استكبر

الثالث : أن يقال أن المبتدع مشرعٌ من دون الله عز وجل ولا يقال بتكفيره مطلقاً وفي هذا قال الشافعي : " من استحسن فقد شرع "

فإن قيل : المبتدع مع زعمه أن بدعته من الدين ، فهو لا يزعم أن تشريعه كتشريع الله

قلنا : قد جعل المبتدع رأيه كشرع الله من جهة زعمه ترتب الثواب الأخروي على بدعته والمقنن لا يزعم ذلك وإنما يلزم في الدنيا فقط

الرابع : أن الحكم بغير ما أنزل الله ولو في مسألة واحدة فيه نوع تشريع

فالحاكم بغير ما أنزل الله يلزم زيد أن يعطي عمراً مالاً

فما يكون هذا الإلزام إن لم يكن تشريعاً ، وقد تقدم أنه لا يكفر بهذه الصورة إلا الخوارج

الخامس : أن يقال ما يقول المخالف في التقنين بمسألة واحدة كمثل تقنين الربا مثلاً

فإن قال : هو كفرٌ اكبر

قلنا : كيف تخرج هذه الصورة من عموم نصوص السلف في الحاكم بغير ما أنزل الله والنصوص عامة ؟!!

وإن قال : ليست بكفر
قلنا : التقنين في مسألة كالتقنين في اثنين وثلاثة من جهة الإسلام والكفر ومن حدد ذلك بعدد فعليه الدليل

السادس : أن يقال أن جماعةً من العلماء أفتوا بأن التقنين لا يكون كفراً إلا بالإستحلال

قال شيخ الإسلام بن تيمية كما في منهاج السنة (5/130): "ولا ريب أن من لَمْ يعتقد وجوب الحكم بِمَا أنزل الله على رسوله فهو كافر، فمن استحل أن يحكم بين الناس بِمَا يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر، فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتِهِم التي لَمْ يُنْزِلها الله ، كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة، وهذا هو الكفر، فإن كثيرًا من الناس أسلموا، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بِهَا المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بِمَا أنزل الله فلم يلتزموا ذلك، بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار، وإلا كانوا جهالاً"

قلت : فانظر كيف جعل مناط تكفير من يتحاكمون إلى سوالف البادية الإستحلال وليس مجرد التحاكم _ وهي في حقيقة الأمر قوانين متبعة محفوظة ولا يؤثر فيها أنها لا تكتب _

وقال الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ -رحمه الله- كما في منهاج التأسيس 71: "وإنَّما يحرم التحكيم إذا كان المستند إلى شريعة باطلة تخالف الكتاب والسنة، كأحكام اليونان والإفرنج والتَّـتَر، وقوانينهم التي مصدرها آراؤهم وأهواؤهم، وكذلك سوالف البادية وعاداتُهم الجارية...
فمن استحل الحكم بِهذا في الدماء أو غيرها فهو كافر؛ قال تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]...
وهذه الآية ذكر فيها بعض المفسرين: أن الكفر المراد هنا: كفر دون الكفر الأكبر؛ لأنَّهم فهموا أنَّها تتناول من حكم بغير ما أنزل الله، وهو غير مستحل لذلك، لكنهم لا ينازعون في عمومها للمستحل، وأن كفره مخرج عن الملة"

قلت : فانظر كيف نزل الآية وتفسيرها على المقنين

وقال محمد رشيد رضا في تفسيره المنار (6/405-406) : " وقد استحدث كثير من المسلمين من الشرائع والأحكام نحو ما استحدث الذين من قبلهم، وتركوا -بالحكم بِهَا- بعض ما أنزل الله عليهم، فالذين يتركون ما أنزل الله في كتابه من الأحكام من غير تأويل يعتقدون صحته فإنه يصدق عليهم ما قاله الله في الآيات الثلاث أو في بعضها، كل بحسب حاله:
• فمن أعرض عن الحكم بحد السرقة، أو القذف، أو الزنا غير مذعن له؛ لاستقباحه إياه، وتفضيل غيره من أوضاع البشر عليه؛ فهو كافر قطعًا.
• ومن لَمْ يحكم به لعلة أخرى؛ فهو ظالم إن كان في ذلك إضاعة الحق، أو ترك العدل والمساواة فيه، وإلا فهو فاسق فقط...
وإننا نرى كثيرين من المسلمين المتدينين يعتقدون أن قضاة المحاكم الأهلية الذين يحكمون بالقانون كفارًا أخذًا بظاهر قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُم الْكَافِرُونَ [المائدة:44]. ويستلزم الحكم بتكفير القاضي الحاكم بالقانون تكفير الأمراء والسلاطين الواضعين للقوانين؛ فإنَّهم وإن لَمْ يكونوا ألفوها بمعارفهم، فإنَّهَا وضعت بإذنِهِم، وهم الذين يولون الحكام ليحكموا بِهَا.. أما ظاهر الآية فلم يقل به أحد من أئمة الفقه المشهورين، بل لَمْ يقل به أحد قط"

وقال الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى- كما في مجموع الفتاوى له (1/80).: "من حكم بِهَا -يعني: القوانين الوضعية- أو حاكم إليها معتقدًا صحة ذلك وجوازه فهو كافر الكفر الناقل عن الملة، وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه، فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة"

قلت : هذا يخالف قول الشيخ الآخر ولعل هذا القول هو المتأخر

وذلك أن هذه الفتوى مؤرخة في 9/1/1385هـ ، أي بعد طباعة رسالة تحكيم القوانين بخمس سنين

وقال العلامة صديق حسن خان -رحمه الله- في «الدين الخالص» (3/305): «الحكام ملزمون بأن يحكموا بالكتاب والسنة، وأما الحكام من أهل الرياسة والدولة، فحكمهم- أيضاً- حكم هؤلاء في إمضاء الأوامر والنواهي بما أنزل الله، وهو الكتاب المنزل من السماء على الرسول صلى الله عليه وسلم والحديث المنزل من قلب الرسول ولسانه على الأمة . ولكن فسد الزمان فساداً بالغاً ، وظهر الشر في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس؛ فلا يوجد واحد في ألف من الولاة والقضاة وأهل الفتوى يحكم بذلك أو يعرفه أو يعلمه بل أكثر الرؤساء تابعون للفرق الضالة، لا يجدون بداً من طاعتهم في الحكم الطاغوتي، والقضاء الجبتي وإن كان بعضهم عالماً بما أنزل الله والآية الشريفة تنادي عليهم بالكفر، وتتناول كل من لم يحكم بما أنزل الله، اللهم إلا أن يكون الإكراه لهم عذراً في ذلك، أو يعتبر الاستخفاف أو الاستحلال ؛ لأن هذه القيود إذا لم تعتبر فيهم، لا يكون أحد منهم ناجياً من الكفر والنار أبداً».
وقال- أيضاً-( 3/309): «حكم الولاة والحكام المكرهين على الحكم بالقوانين الوضعية وأما من لا يقدر على ذلك وهو مكره من جهة المالك، ومقهور في مجاري أمور الممالك، ولا يجد بداً لنفسه ولأتباعه لمصالح هناك ومفاسد في مخالفة ذلك، ولا يستخف ، ولا يستحل شيئاً مما أنزله الله، وجاء به رسول الله ، فالله أرحم الراحمين ، وسيد الغافرين».

وقال العلامة ابن باز كما في مجموع فتاواه ومقالاته (2/326_330) : " وقال: "ومن يدرس القانون، أو يتولى تدريسها؛ ليحكم بِهَا، أو ليعين غيره على ذلك مع إيمانه بتحريم الحكم بغير ما أنزل الله، ولكن حمله الهوى، أو حب المال على ذلك، فأصحاب هذا القسم لا شك فساق، وفيهم كفر وظلم وفسق، لكنه كفر أصغر، وظلم أصغر، وفسق أصغر، ولا يخرجون به من دائرة الإسلام، وهذا القول هو المعروف بين أهل العلم، وهو قول ابن عباس، وطاوس، وعطاء، ومجاهد، وجمع من السلف والخلف، كما ذكر الحافظ ابن كثير والبغوي والقرطبي وغيرهم، وذكر معناه العلامة ابن القيم -رحمه الله- في كتاب الصلاة.. ومن يدرس القوانين أو يتولى تدريسها مستحلاًّ للحكم بِهَا، سواء اعتقد أن الشريعة أفضل، أم لَمْ يعتقد ذلك، فهذا القسم كافر بإجماع المسلمين كفرًا أكبر؛ لأنه باستحلاله الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشريعة الله يكون مستحلاًّ لما علم من الدين بالضرورة أنه محرم، فيكون في حكم من استحل الزنا والخمر ونحوهما؛ ولأنه بِهَذَا الاستحلال يكون قد كذب الله ورسوله، وعاند الكتاب والسنة، وقد أجمع علماء الإسلام على كفر من استحل ما حرمه الله، أو حرم ما أحله الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ومن تأمل كلام العلماء في جميع المذاهب الأربعة في باب الردة اتضح له ما ذكرنا "

وقال تلميذه الشيخ الراجحي في شرح رسالة الإيمان لابن سلام (1/270) :" والصواب أن الآية محتملة للكفر الأكبر، وللكفر الأصغر، على حسب حال الحاكم واعتقاده؛ فإن حكم بغير ما أنزل الله، معتقدا أن الحكم بما أنزل الله لا يناسب العصر، وأنه لا يناسب العصر إلا الحكم بالقوانين والأعراف، فهذا كفر أكبر يخرجه عن الملة، وكذلك إذا حكم بغير ما أنزل الله معتقدا أن الحكم بما أنزل الله مناف للحكم بالقوانين والأعراف، وأنهما سيان، وأن الإنسان مخير بين أن يحكم بما أنزل الله، أو يحكم بالقوانين والأعراف، فهذا الكفر الأكبر يخرج من الملة، وكذا إذا حكم بغير ما أنزل الله معتقدا أن الحكم بما أنزل الله أحسن وأفضل، إلا أنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله، فهذا أيضا كفر أكبر يخرج من الملة؛ لأنه استحل أمرا معلوما من الدين بالضرورة تحريمه.
الحكم بغير ما أنزل الله حرام بالإجماع، فإذا استحله ورأى أن الحكم بالقوانين والأعراف جائز، صار كفرا أكبر، ولو اعتقد أن الحكم بما أنزل الله أحسن، وكذلك إذا حكم بغير ما أنزل الله، واستهان، واستهان بحكم الله، وكذا إذا بدل الدين رأسا على عقب، فالمقصود أن الآية محتملة للكفر الأكبر، وللكفر الأصغر، فالمؤلف -رحمه الله- مثل بها للكفر الأصغر، الذي لا يخرج من الملة، وأنه ينافي الإيمان؛ ولهذا علق عليها، فقال: فقد تبين لنا إذ كان ليس بناقل عن ملة الإسلام أن الدين باق على حاله، يعني: أن من حكم بغير ما أنزل الله يكون دينه باق، وإيمانه باق، ولا يخرج من الملة، ولا ينتهي إيمانه؛ لأنه لم يفعل شركا في العبادة، ولم يفعل ناقضا من نواقض الإسلام، وإنما فعل كبيرة من كبائر الذنوب، وإن سميت كفرا، إلا أنها لا تخرج من الملة، فيكون إيمانه ضعيفا، وناقصا، ويكون فاسقا بهذا العمل، لكنه لا يخرج من الملة"

قلت : فانظر كيف حصر الكفر في هذه الصور

وسئل العلامة الشيخ عبد المحسن العباد البدر – حفظه الله -في المسجد النبوي في درس شرح سنن أبي داود بتاريخ: 16/11/1420 :
هل استبدال الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية كفر في ذاته؟ أم يحتاج إلى الاستحلال القلبي والاعتقاد بجواز ذلك؟ وهل هناك فرق في الحكم مرة بغير ما أنزل الله، وجعل القوانين تشريعاً عاماً مع اعتقاد عدم جواز ذلك؟

فأجاب: "يبدو أنه لا فرق بين الحكم في مسألة، أو عشرة، أو مئة، أو ألف – أو أقل أو أكثر – لا فرق؛ ما دام الإنسان يعتبر نفسه أنه مخطئ، وأنه فعل أمراً منكراً، وأنه فعل معصية، وانه خائف من الذنب، فهذا كفر دون كفر.
وأما مع الاستحلال – ولو كان في مسألة واحدة، يستحل فيها الحكم بغير ما أنزل الله، يعتبر نفسه حلالاً-؛ فإنه يكون كافراً ".



السابع : أن يقال أن تقنين المعاصي قد وقع في بعض العصور الإسلامية الغابرة ولم يكفر العلماء أولئك المقننين فقد كان الأمراء في زمن بني أمية يؤخرون الصلاة عن وقتها ويلزمون الناس بذلك ومع ذلك لم يكفرهم العلماء

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (22/61) : "وأما الأمراء الذين كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها ونهى النبى صلى الله عليه وسلم عن قتالهم فإن قيل إنهم كانوا يؤخرون الصلاة إلى آخر الوقت فلا كلام وإن قيل وهو الصحيح إنهم كانوا يفوتونها فقد أمر النبى الأمة بالصلاة فى الوقت وقال ( اجعلوا صلاتكم معهم نافلة ) ونهى عن قتالهم كما نهى عن قتال الأئمة إذا استاثروا وظلموا الناس حقوقهم وإعتدوا عليهم وإن كان يقع من الكبائر فى أثناء ذلك ما يقع
ومؤخرها عن وقتها فاسق والأئمة لا يقاتلون بمجرد الفسق وإن كان الواحد المقدور قد يقتل لبعض أنواع الفسق كالزنا وغيره فليس كلما جاز فيه القتل جاز أن يقاتل الأئمة لفعلهم إياه إذ فساد القتال أعظم من فساد كبيرة يرتكبها ولي الأمر "




والفريق الثاني ممن كفروا بهذه الصورة _ وهي صورة التقنين _ ذهب إلى أن هذا المقنن لم يأتِ بهذه القوانين إلا وهو معتقدٌ أفضليتها

والجواب على هذا هين

وهو أن يقال أن هذا الإعتقاد ليس متعيناً فقد يحكم بهذه القوانين مداهنةً للكفار أو حفاظاً على كرسيه كما يسرق السارق من أجل الدنيا

قال الشيخ ابن عثيمين _ رحمه الله _ : " لكن كلامنا على العمل ، وفي ظني أنه لا يمكن لأحد أن يطبق قانوناً مخالفاً للشرع يحكم فيه بعباد الله إلا وهو يستحله ويعتقد أنه خير من قانون الشرع ، هذا هو الظاهر .

وإلا فما الذي حمله على ذلك ؟

قد يكون الذي يحمله على ذلك خوف من أناس آخرين أقوى منه إذا لم يطبقه ، فيكون هنا مداهناً لهم ، فحينئذ نقول : إن هذا كالمداهن في بقية المعاصي " انظر فتنة التكفير لأبي لوز ص 35 _

وسئل الشيخ صالح الفوزان كما في دروس في شرح نواقض الإسلام ص157 : هل الحكم بغير ما أنزل الله من الكفر الأصغر أم من الكفر الأكبر ؟

فأجاب : هذه مسألة واضحة ومبينة في كلام أهل العلم والأئمة ، أن من حكم بغير ما أنزل الله يعتقد جواز ذلك أو أنه أحسن من حكم الله أو أنه مساو لحكم الله أو أنه مخير إن شاء حكم بحكم الله وإن شاء حكم بغيره فهذا كافر بالإجماع .

أما إذا كان يعتقد أن الواجب الحكم بشرع الله عز وجل وأنه هو الحق أن حكم غيره الباطل ولكن حكم بذلك لأجل رشوة أو لأجل هوى في نفسه في مسألة من المسائل لغرض من أغراضه إما لهوى في نفسه أو لأجل أخذ رشوة أو مداهنة لأحد فهذه كبيرة من كبائر الذنوب ولكن لا يخرج إلى الكفر ".
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 PM.


powered by vbulletin