منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-22-2013, 06:51 AM
محمد عبدالله محمد محمد عبدالله محمد غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 415
شكراً: 0
تم شكره 11 مرة في 11 مشاركة
افتراضي النقض الراجع في إثبات أنَّ الحلبي أحقُّ بوصف (التناقض) و (التراجع)!

النقض الراجع في إثبات أنَّ الحلبي أحقُّ بوصف (التناقض) و (التراجع)!


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:

فلا زال علي الحلبي يتخبط في منهجه القائم على الغلو من جهة والتمييع من جهة أخرى، وهذا الغلو محصور في تعامله مع الشيخ ربيع حفظه الله والسلفيين الذين يصدعون بالحق لا يخشون في الله لومة لائم، وأما تمييعه فمع كل مخالف للمنهج السلفي؛ سواء كان تكفيرياً أو قطبياً أو سرورياً أو حدادياً أو حزبياً أو سياسياً.

وعلي الحلبي في حربه الهوجاء التي رفع لواءها من أجل تسقيط الشيخ ربيع حفظه الله - الذي تصدى لجميع هذه الدعوات الباطلة وكشف زيف أصحابها – لا يتكلَّم بعلم ولا عدل:

- فأما العلم فقد بان عواره فيه، وأنه لا يعرف إلا لغة النقل المجرد مع الطلاسم والأسئلة المفتوحة والحائرة، والتكذيب المجرد في مقابل الحجج والبراهين، والاتهامات والطعن بالهمز واللمز، والسب والتحقير والازدراء، والملاعنة والدعاء بالهلاك.

- وأما مجانبة العدل فيظهر ذلك من خلال وصفه للشيخ ربيع حفظه الله بأنه أكثر ضرراً على السلفيين من محمد حسان مرة!، ثم وصفه مرة ثانية بأنَّ منهجه أخطر من منهج سيد قطب!!، وهذه المرة الثالثة يصف فيها الشيخ ربيعاً بأنَّ غلوه أشد من غلو رؤوس الحدادية في هذا الزمان (محمود الحداد وعبداللطيف باشميل وفريد المالكي) مجتمعين!!!، والله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)).
وبهذا يتبين:
مَن الذي يستعمل أسماء التفضيل (أكثر!.. أخطر!.. أشد! ...) في أحكامه ضد السلفيين حصراً؟!
أم هو الكيل بمكيالين؟!

وبعد هذا أقول:

كتب علي الحلبي مقالاً جديداً بعنوان [هل تَراجَع الدكتور ربيع عن منهجه(!)في التبديع!؟ أم هذا بعضُ(!)تناقُضِه الفظيع؟!]، نقل فيه كلمة للشيخ ربيع حفظه الله من كتابه [إزهاق أباطيل عبد اللطيف باشميل]، ثم تساءل عدة تساؤلات متعقباً على هذه الكلمة، ولنا معه وقفات دامغات تكشف جهله وتلبيسه:

قال علي الحلبي - كعادته في مقالاته الجديدة من غير تشهد ولا مقدِّمة! -:
(( ... فقد قال في رسالته «إزهاق أباطيل عبد اللطيف باشميل» (ص39) - مخاطباً هذا الباشميل-: «ألم تأتني أنت به [أي: فريد المالكي!] ليشاركك في تبديع أناس في هذا البلد أَبَيْتُ أنا أن أبدّعهم ، وأنت تصرّ على تبديعهم، وتجادلني بحماس في ذلك، وعلى مذهب الحدّاد نفسه، فأَبَيْتُ أنا ذلك، وقلت لك: هذا للعلماء، ليس لي هذا، إنما عَلَيَّ أن أناقش أخطاء هؤلاء، ثم بعد ذلك: يتمّ الحكم عليهم مِن قِبَل العلماء، وبيّنتُ لك مضرّة مغامرتي بذلك على الدعوة، وسُقْتُ لك الأدلة من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قواعد الشريعة، فلحماسك الشديد للمنهج الحدادي للتبديع: كنتَ تردّ الأدلة والقواعد -وخاصة في المصالح والمفاسد-؛ فتقول: إن هذه طريقة الإخوان المسلمين...»!!)).

قلتُ:
قول الحلبي - مبيناً كلام الشيخ ربيع -: (أي فريد المالكي!)، غلط ظاهر، وسبب هذا الغلط أنَّ الحلبي لم يقرأ (أو لم يفهم!) سياق الكلام من أوله؛ حيث قال الشيخ ربيع حفظه الله – مخاطباً الباشميل -: ((ألستَ أنت وفريد خاصّةَ خاصّةِ الحدَّاد، بل كنتَ أنت تزجُّ به في مشاكل لا يريدها جبنًا منها وخوفًا من عواقبها))، فالكلام واضح في محمود الحداد، الذي كان عبداللطيف باشميل يدفعه في إظهار هذه الفتن والمشاكل.

وحتى يصح للحلبي هذا الفهم الخاطئ قام بقطع الكلام الأخير (!) الذي قال فيه الشيخ ربيع: ((فتقول: إنَّ هذه طريقة الإخوان المسلمين. والحدّاد ساكت، وأنت تتولَّى الجدال واللّجاج))، فمحمود الحداد هو الذي كان مع عبداللطيف باشميل وليس فريداً!، وكان الحداد ساكتاً، وباشميل مجادلاً في جلستهم مع الشيخ ربيع.

وإذا لم يفهم الحلبي هذا الأمر مع وضوحه!، ثم قام بتحريفه والتلاعب فيه!!؛ فكيف بما وراءه؟!
الله المستعان!

قال علي الحلبي:
((فها هنا عدّةُ تساؤلاتٍ:
1- هل تخصيص الدكتور ربيع كلامَه بـ(تبديع أناس في هذا البلد) له مفهومٌ؟!
أم أنه لا مفهومٌ له؟!
بمَعنى:
2- لو كان أولئك المرادُ تبديعُهم - ولا أقول:المبدَّعون! - ليسوا (في هذا البلد)؛ فهل تختلف منهجية حكم الدكتور ربيع عليهم -أو على غيرهم- بالتبديع؟!
3- هل حرف (في)- في قول الدكتور ربيع: (تبديع أناس في هذا البلد) - مقصودٌ؟!
أم أن الدكتور ربيع أراد به معنى (مِن) - مع التيقّظ لما قيل مِن تناوب حروف الجرّ!-!؟
فإن كان الدكتور ربيع أراد حرفيّة المعنى (!) الأول [في]، أو الثانيَ [مِن] -كليهما-؛ فما حالُ/بالُ: مَن هم ليسوا (في/مِن) هذا البلد؟!)).

أقول للقراء المنصفين:

هل رأيتم مثل هذا التفلسف؟!
وهل مرَّ عليكم مثل هذه الطلاسم؟!

أيها الحلبي المجادل العنيد:

أين التخصيص في كلام الشيخ ربيع حفظه الله؟!

إذا كنتَ لا تفرِّق بين (التلميح) - الذي يراد به الإشارة دون التعيين - من (التصريح) - الذي يراد به التعيين والبيان -!، فالواجب عليك أن تسكت وتتعلَّم قبل أن تعترض وتتكلَّم.

الشيخ ربيع حفظه الله في كلامه هذا لا يريد إظهار هذه الأسماء في ذلك الوقت، وسيأتي قريباً بيان سبب ذلك، فأشار إليهم بقوله: ((أناس في هذا البلد))، لأنَّ مدار تلك الجلسة كانت في تبديع هؤلاء الموجودين في بلاد الحرمين على وجه الخصوص؛ وهما (سفر الحوالي وسلمان العودة)، وليس مقصود الشيخ حفظه الله التوقف في تبديع مَنْ كان من بلاد الحرمين، وإصدار أحكام التبديع على مَنْ لم يكن منها، كما يحاول الحلبي - قديماً وحديثاً! - أن يصوِّر الشيخ ربيعاً حفظه الله بأنه (عنصري) لبلده، وهذا كذب له قرون، وأوَّل من ينسفه الحلبي نفسه!.

فقد قال الحلبي في كتابه [منهج السلف الصالح/ الطبعة الثانية ص182 - 184]: ((عِنْدَ حَرْبِ الخَلِيجِ الأُولَى؛ لَمَّا خَرَجَ سَلْمَان العَوْدَة، وَسَفَر الحَوَالِي ومَن معهما عَلَى عُلَمَاءِ بِلاَدِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْن، وَخَالَفُوهُم بِمَا أَفْتَوْا بِهِ حِينَذَاك. فكَانَتْ كَلِمَةُ كَثِيرٍ مِنْ مَشَايِخِ السَّلَفِيَّةِ مُجْتَمِعَةً على انْتِقَادِ هَؤُلاء وَالكَلاَمِ عَلَيْهِم، بَلْ تَبْدِيعِهِم، وَلَمْ يَكُنْ هَذا الأَمْرُ - فِي الأَوَّلِ - ظَاهِراً لِشَيْخِنا رِحَمِهُ الله؛ بَلْ كَانَ – غَالِباً - يُدافِعُ عَنْهُم، ويُثْنِي عليهِم، وَيَنْقُضُ قَوْلَ الطَّاعِنِ بِهِ، وَرَأَيْتُ بِأُمِّ عَيْنِي رُدُودَ شَيْخِنا القَوِيَّةَ عَلَى ذَاكَ الشَّابِ المُتَحَمِّس القَادِمِ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ لَهُ لِيَنْتَزِعَ مِنْ شَيْخِنا حُكْماً بِتَبْدِيعِ هَؤُلاء!، فَرَدَّ عَلَيْهِ شَيْخُنا بِقُوَّة، وَنَاقَشَهُ بِشِدَّة؛ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الشَّابِّ إِلَّا أَن انْتَكَسَ ومَرِض، وَذَهَبَ إِلى المُسْتَشْفَى لَيْلَتَها، ثُمَّ كَرَّ مُسافِراً رَاجِعاً صَبِيحَةَ اليَوْمِ التَّالِي مُباشَرَةً!، وَفِي الوَقْت الَّذِي كَانَ فِيهِ مَوْقِفُ شَيْخِنا عَلَى هَذا الحَالِ؛ كُنْتُ أَنَا - مَعَ أَكْثَرِ إِخْوَانِنا السَّلَفِيِّين في الأُرْدُنّ - مُخَالِفينَ لَهُ، وَمُوافِقينَ كَلامَ فَضِيلَةِ الشَّيْخ ربيع بن هادي حَفِظَهُ الله فِي هَذَين وَمَنْ مَعَهُما رَدًّا وَتَحْذِيراً)).

فسفر الحوالي وسلمان العودة من بلاد الحرمين كما هو معلوم، وعلي الحلبي ذكر في كلامه السابق أنه كان موافقاً للشيخ ربيع حفظه الله في الرد على هذين وانتقادهما والتحذير منهم؛ بل تبديعهما!.

فمن المتناقض أيها المنصفون؟!

أقول:

وأما السبب الذي دعا الشيخ ربيعاً حفظه الله على عدم التصريح بتبديع سفر وسلمان عندما طلب منه ذلك الحداد وباشميل، فقد ذكر حفظه الله بأنَّ تبديع هذين هو للعلماء، وليس هذا من قبيل المنع، وإنما من باب الأدب والاحترام لأهل العلم الكبار الموجودين في زمانه، فكما أنه لا ينبغي في الأزمات الكبار والفتن العظام أن يتقدَّم أحدٌ بين يدي العلماء الكبار، كذلك لا ينبغي أن يتقدَّم أحدٌ بين يدي العلماء الكبار في الحكم بالتبديع على المشهورين بالسلفية - فيما يبدو للناس – والذين لهم ذكر واسع في العباد والبلاد؛ خشية أن تقع الفتنة بين الناس بسبب عدم النظر الدقيق في المصالح والمفاسد في مثل هذا الحكم، فكيف إذا كان العلماء الكبار يحسنون الظن بهم ويعاملونهم على ما يظهر لهم؟! لا ريب أنَّ التسرع في الحكم بتبديع من هذا حاله يؤدي إلى مضرة كبيرة في الدعوة السلفية وقد لا يحقق المصلحة المرجوة، فهذا الذي دعا الشيخ ربيعاً حفظه الله على عدم التصريح بتبديع سلمان وسفر في ذلك الوقت، وعلى عدم إظهار أسمائهما، وهذه من الحكمة والتأني وتوقير العلماء الذين هم أكبر منه.

ومما يؤكِّد ذلك؛ ما قاله الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في كتابه [أبو الحسن يدافع بالباطل والعدوان عن الإخوان ودعاة حرية ووحدة الأديان ص129 - 130]:
((هذا دأبي في الصبر وعدم التسرع بالتبديع لمن يدَّعي السلفية، وكذلك القطبيون صبرتُ عليهم سنوات حيث كانوا ولا يزالون يتظاهرون بأنهم سلفيون، وكان العلماء يأخذون بهذا الظاهر فلا يُبدِّعونهم، وكنتُ سائراً على خطى العلماء، فلما ظهرت أقوالهم وظهر منهجهم المنحرف تصديتُ لنقدهم وبيان ما عندهم من المخالفات، وخلال هذا التصدي جاءني محمود الحداد وعبد اللطيف باشميل، وطلبا مني أن أُبدِّع رؤوسهم كسفر وسلمان العودة وغيرهما، فأبيتُ من تحقيق مطلبهم، وقلتُ لهم: هذا للعلماء، زيدوني من الملاحظات عليهم وأنا أنقدهم وأرسلها للعلماء ليكون الحكم منهم، أما والعلماء لا يزالون يحسنون الظن بهم فلن أسبقهم إلى الحكم عليهم؛ لأنَّ ذلك سيضر بالدعوة السلفية، وأنا لن أسعى فيما يضر الدعوة السلفية وأهلها، واستمر عبد اللطيف باشميل في الجدل معي حوالي ساعتين ونصف، وأنا أرفض طلبه حماية للدعوة السلفية من الأضرار.
فكنتُ أحكي هذا الموقف إذا سُئلت عن هؤلاء القطبيين أو طُلب مني تبديعهم، حتى اشتدَّت فتنتهم، وظهرت أحوالهم، وعرف العلماء واقعهم، فوصفهم الإمام ابن باز بأنهم دعاة الباطل وأهل الصيد في الماء العكر، ثم أجمع هيئة كبار العلماء على أنه يجب على هؤلاء سفر وسلمان ومن معهما في الفتن أن يتوبوا إلى الله وإلا فيجب أن يمنعوا من الدروس والمحاضرات تحصيناً للناس من ضررهم، فأبوا إلا العناد، حتى تم سجنهم بناء على هذا القرار من هيئة كبار العلماء، وأدانهم العلامة الألباني بأنهم خوارج عصرية، وأنهم يدندنون حول التكفير بالذنوب، فبعد هذه المواقف والإدانات: صرحتُ أنا وغيري من السلفيين بتبديعهم، فأين هذا التناقض؟ الجواب: لا شيء إلا عند هذا الجاهل الملبِّس!)).

أقول:

فلينظر القارئ الفطن كيف أنَّ الحلبي على خطى المأربي حذو القذة بالقذة حتى في تهمة التناقض!، وهذا هو رد الشيخ ربيع حفظه الله على أبي الحسن ينطبق تماماً على علي حسن!، وهذا من توفيق الله عزَّ وجلَّ لأهل العلم الصادقين الناصحين الذابين عن الشريعة والدِّين.

قال علي الحلبي:
((4-هل قول الدكتور ربيع-في باب التبديع-: (هذا للعلماء وليس لي!) مرجوعٌ عنه؟!
أم هو تَطُوُّرٌ منه؟!
أم هو اضطرابٌ فيه؟!
وهل هو على اضطرادٍ به؟!
ولماذا هذا التغيُّر والتغيير؟!
وما أسبابُه ودوافعُه؟!))

قلتُ:
ليس في كلام الشيخ ربيع حفظه الله اضطراب ولا تغير ولا رجوع ولا تطور!، لكنَّ الحلبي اعتاد على التلبيس وتحميل كلام أهل العلم ما لا يحتمل كما حكمت عليه اللجنة الدائمة من قبل بذلك.
فالشيخ ربيع حفظه الله يتكلَّم عن حالة خاصة؛ وهي: تبديع هذين المشهورين بالسلفية عند الناس في ذلك الوقت، وأهل العلم الكبار يحسنون الظن بهم لما يظهرونه من انتساب للسلفية وتوقير للعلماء السلفيين، فتبديع أمثال هؤلاء يرجع فيه إلى العلماء الكبار، وما دام أنَّ العلماء الكبار في زمان الشيخ ربيع توقفوا في تبديع هذين في أول الأمر، فكان الشيخ ربيع لا يرى - من باب الأدب والاحترام والتوقير - أن يتقدَّم في الحكم بتبديع هذين بين يدي هؤلاء العلماء، وأما الرد والتخطئة والنقد فهذا باب واسع؛ وليس محصوراً على العلماء الكبار.
أما بعد وفاة الأئمة الثلاثة الكبار، فالشيخ ربيع حفظه الله لا زال على طريقته في عرض مخالفات المبتدعة على غيره من العلماء الكبار، لكن هذا لا يمنعه - وهو من العلماء الكبار - من أن يحكم بنفسه بالأدلة والبراهين على هؤلاء المبتدعة إن لم ير غيره من أهل العلم حكم عليهم، فكيف ونحن نعلم أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله لم يتفرد في تبديعهم، ولو تفرد لكانت الأدلة والبراهين التي يذكرها حفظه الله من المصادر الموثقة عنهم ملزمة للجميع على موافقته في حكمه.

قال علي الحلبي:
((وهل بدّع (العلماء) كثيراً أو قليلاً (!)من أسماء تلكم القائمة الطويلة العريضة(!)من الدعاة وأهل العلم السلفيين–الذين صاروا جهلة(!)وضالّين(!) -بين ليلة وضحاها!-ممّن تفرّد(!) بِتبديعهم الدكتور ربيع –وتابعه بهما فلان وعلّان!-،ثم تَتَايَع على موافقة الثلاثة(!) الفتيان! والغلمان!والشُّبّان-ثم مَن أصابه الرُّعْب والرَّهَب (!) ممن هم أكبر(!)منهم مِن حيث الأسنان-في أكثر الواقع-؟؟!!))

قلتُ:

أولاً: لم يتفرد الشيخ ربيع حفظه الله في تبديع هذه القائمة من أهل البدع والأهواء الذين تنتصر لهم وتجادل بالباطل عنهم، بل وافقه جمعٌ من العلماء والمشايخ في مختلف البلدان.
فعدنان عرعور مثلاً تكلَّم فيه - تحذيراً من مجالسه وقواعده - كبار العلماء؛ مثل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، والشيخ عبد الله الغديان رحمه الله، والشيخ أحمد النجمي رحمه الله، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله، والشيخ صالح اللحيدان حفظه الله، والشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله، والشيخ عبيد الجابري حفظه الله، والشيخ ربيع حفظه الله، وغيرهم.
ومحمد عبد الرحمن المغراوي أدانه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وبدَّعه جمع من العلماء السلفيين والمشايخ في مختلف البلدان.
وأبو الحسن المأربي بدَّعه الشيخ أحمد النجمي رحمه الله، والشيخ محمد عبد الوهاب البنا رحمه الله، والشيخ زيد المدخلي حفظه الله، والشيخ ربيع حفظه الله، والشيخ عبيد الجابري حفظه الله، والشيخ صالح السحيمي حفظه الله، والشيخ محمد بن هادي حفظه الله، وكل مشايخ اليمن، ومشايخ الجزائر، ومشايخ الكويت، ومشايخ مصر؛ السلفيون منهم، وغيرهم.
وأبو إسحاق الحويني بدَّعه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، والشيخ أحمد النجمي رحمه الله، وغيرهم من مشايخ السلفيين في هذا العصر، وممن بدَّعه وحذَّر منه عبد المالك رمضاني!.
ومحمد حسان بدَّعه جمعٌ من مشايخ السلفيين في هذا العصر على مختلف بلدانهم، بل تكلَّم عليه علي الحلبي نفسه ثم نكص على عقبيه وأصبح يدافع عنه ويجادل بالباطل!.
وعلي حسن الحلبي حذَّرت منه ومنه كتابيه اللجنة الدائمة مجتمعة برئاسة سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله، وتكلَّم فيه الشيخ عبد الله الغديان رحمه الله، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله؛ منفردين عن اللجنة، كما تكلَّم فيه وحذَّر منه الشيخ أحمد النجمي رحمه الله، والشيخ زيد المدخلي حفظه لله، والشيخ ربيع والشيخ عبيد الجابري والشيخ صالح السحيمي والشيخ محمد بن هادي، حفظهم لله، وغيرهم من مشايخ اليمن والكويت والجزائر ومصر وغيرها من البلدان.

ثانياً: وأما (فلان) و (علان) فيقصد الحلبي بهما (الشيخ عبيد الجابري) والشيخ (محمد بن هادي المدخلي) حفظهما الله، وأما من تابعهم من (الفتيان) و (الغلمان) و(الشبان) فيقصد المشايخ وطلبة العلم والدعاة السلفيين في مختلف البلدان - ممن بدَّع الحلبي وحذَّر منه - الذين يتبعون الحجج والبراهين ولا يتعصبون للأشخاص إذا انحرفوا عن السبيل، ولا يتحزبون لهم تقليداً كما يفعل زبانيته وزمرته وبطانته، ولا يتقدَّمون بين يدي العلماء الكبار تأدباً وتقديراً واحتراماً، وأما (مَن أصابه الرُّعْب والرَّهَب ممن هم أكبر منهم مِن حيث الأسنان) فيقصد بهم مشايخ اليمن والجزائر والكويت ومصر وغيرهم ممن تأخر قليلاً في الكلام عن الحلبي والتحذير منه.
فلينظر القارئ المنصف إلى هذا الازدراء والانتقاص والسخرية من هؤلاء المشايخ وطلبة العلم الأفاضل، وهذا إنْ دلَّ على شيء فإنما يدل على أمرين: الأولى على جحوده للحق وإعراضه عن الحجج والبراهين، والثاني على كبره وغروره وعلوه في الأرض، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ)).

وليس هذا الطعن مستغرباً من الحلبي، فقد طعن من قبل في جملة من أهل العلم والمشايخ - ممن لا يوافقونه في حربه على المنهج السلفي وعلمائه في هذا الزمان – فقال مخاطباً الشيخ ربيعاً: ((وأما من لا يَزالُ لائذاً بك - أو ساكتاً عنك - من غير هذا الصنف العالي؛ فهو أحد ثلاثة لا غير:
*خائفٌ مِن لسانِك وتحذيرك!.
* طامعٌ بشيء من إرث (لوائك) وبلائك عاجلاً أو آجلاً؛ لا فرْق!!.
*مخدوعٌ بتاريخك؛ غيرَ متيقّظٍ لِما انتهى إليه حالُك!)).
انظر مقاله [رسالتي إلى/في=الدكتور ربيع؛ أُقَدّمها مِن الآن-قبل ليلة النّصف مِن شعبان-..لعله..لعله!].

وفي مقال منشور في موقعه بعنوان [نُصْح الـمُسترشِد،ومعونة الـمترِّدد؛ في نقض منهج (الغُلاة)-مِن مُتهوِّرٍ ومُتَلِّدد] نقل علي الحلبي عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله: ((لولا ما أوجبه الله نصيحةً للخَلْق ببيان الحقّ : لَـمَا كان إلى بيانِ كلام هذا وأمثاله حاجةٌ!، ولكنَّ كثيراً من الناس يأخذون الكلامَ الذي لا يعلمون ما اشتَمَلَ عليه مِن الباطل, فيقتدون بما فيه - اعتقاداً وعملاً-, و يَدْعُون الناسَ إلى ذلك، وقد يرى بعضُ المؤمنين ما في ذلك من الخطإ والضلال!، لكنْ يَهَابُ رَدَّهُ:
إمّا خوفاً أن يكونَ حقاً لا يجوز ردُّه!.
وإمّا عجزاً عن الحُجّة والبيان!.
وإمّا خوفاً مِن المنتصِرين له!.
فيجبُ نُصْحُ المسترشِد, ومعونةُ الـمُستنجِد، ووعظُ المتهوِّر والمتلدِّد)).

فعقَّب عليه الحلبي قائلاً: ((قلتُ: وفي ضمن كلامه رحمه الله - وهو واضحٌ جليٌّ لا يحتمل شكاً ولا تشكيكاً - كما هو دأب الغُلاة فيما لا يُعجبُهم – فوائدُ جمّةٌ تنقُض منهجَ الغلوِّ –القائمَ على الغلوِّ (!) في سوء الظن!-من جذره!، ومن ذلك: الجوابُ عن سؤال يُطرحُ- ويتكرّرُ -كثيراً-: "لماذا لا يتكلم في التحذير من هؤلاء-أو الرد عليهم-مع كِبَر شرِّهم ! وظُهور خطرهم!-بعضُ العلماء-أو الفضلاء-؟!"!)).

قلتُ:
فهذه الطعون لا يخرج عنها عالم أو شيخ أو طالب علم أو داعية سلفي تكلَّم في الحلبي أو سكت عن موافقته في فتنته هذه!، ولا يخرج عنها أيضاً أحدٌ من أهل العلم ممن يشهد للشيخ ربيع حفظه الله بالعلم والفضل والمكانة الرفيعة في نصرة السنة وقمع البدع!!.
فإذا لم يكن هذا هو معنى (الكبر)؛ فليذكروا لنا معناه؟!

ثالثاً: في كلام الحلبي المتقدِّم شنشنته المعروفة ودندنته المألوفة في عدم الإلزام أو عدم القبول بحكم التبديع أو التجريح الصادر من عالم منفرد أو جمع من العلماء والمشايخ وطلبة العلم، حتى يتحقق شرط (الإجماع) أو (الاقتناع).

ويكفي في رد هذا التأصيل:
أنَّ العلماء لم يشترطوا العدد في إثبات الجرح والتعديل فضلاً أن يشترطوا الإجماع!!، بل يكفي في ثبوت الجرح أن يكون من عالم واحد؛ كما قال الحافظ ابن الصلاح رحمه الله تعالى في [مقدمة ابن الصلاح ص98-99]: ((اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَثْبُتُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ إِلَّا بِاثْنَيْنِ كَمَا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي الشَّهَادَاتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي اخْتَارَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ، لِأَنَّ الْعَدَدَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي جَرْحِ رَاوِيهِ وَتَعْدِيلِهِ، بِخِلَافِ الشَّهَادَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ)).
بل لو اختلف العلماء في جرح راو أو تعديله؛ فقال واحد منهم: إنه مجروح وذكر أسباب جرحه، بينما عدَّله مائة من العلماء الآخرين؛ لوجب الأخذ بالجرح وتقديمه على التعديل.
فأين شرط الإجماع في هذا؟!
قال الحافظ ابن الصلاح في [المقدمة ص99]: ((إِذَا اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ جَرْحٌ وَتَعْدِيلٌ فَالْجَرْحُ مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّ الْمُعَدِّلَ يُخْبِرُ عَمَّا ظَهَرَ مِنْ حَالِهِ، وَالْجَارِحَ يُخْبِرُ عَنْ بَاطِنٍ خَفِيَ عَلَى الْمُعَدِّلِ، فَإِنْ كَانَ عَدَدُ الْمُعَدِّلِينَ أَكْثَرَ فَقَدْ قِيلَ التَّعْدِيلُ أَوْلَى، وَالصَّحِيحُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْجَرْحَ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ)).
وقال الحافظ الزركشي معلِّقاً في [النكت على مقدمة ابن الصلاح 3/361-362]: ((يعني لأنَّ الكثرة تقوي الظن والعمل بأقوى الظنين واجب كما في تعارض الحديثين والأمارتين؛ والصحيح: تقديم الجرح لما ذكرنا، يعني لأنَّ تقديم الجرح إنما هو لتضمنه زيادة خفيت على المعدل، وذلك موجود مع زيادة عدد المعدل ونقصه ومساواته، فلو جرحه واحد وعدله مائة قدم قول الواحد لذلك)).
وقال الحافظ السخاوي مؤكِّداً في [فتح المغيث 2/191]: ((إنْ كان المعدِّلون أكثر عدداً فهو أي التعديل معتبر!!، حكاه الخطيب عن طائفة وصاحب المحصول؛ لأنَّ الكثرة يقوي الظن، والعمل بأقوى الظنين واجب كما في تعارض الحديثين؛ قال الخطيب: وهذا خطأ وبُعد ممن توهمه؛ لأنَّ المعدلين وإنْ كثروا ما لبثوا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون، ولو أخبروا بذلك وقالوا نشهد أنَّ هذا لم يقع منه لخرجوا بذلك عن أن يكونوا أهل تعديل أو جرح لأنها شهادة باطلة على نفي ما يصح ويجوز وقوعه، وإنْ لم يعلموه فثبت ما ذكرناه، وإنَّ تقديم الجرح إنما هو لتمضية زيادة خفيت على المعدل، وذلك موجود مع زيادة عدد المعدل ونقصه ومساواته، فلو جرَّحه واحد وعدَّله مائة قُدِّم الواحد لذلك)).

فكيف وعلي الحلبي قد تكلَّمت فيه اللجنة الدائمة - قبل تجريح الشيخ ربيع له! - وجمعٌ من العلماء والمشايخ؟!

قال علي الحلبي:
((6- وهل تغيّر الحكمُ -عند الدكتور ربيع!- على مَن (ناقش أخطاءَ) ذي الأخطاءِ- مِن أولئك الدعاة وأهل العلم السلفيين-
المبدَّعين ، المجهَّلين ، المضلَّلين! - وسار بسير الدكتور ربيع !– غيرَ مبدِّع لهم!- منتظِراً التبديع(!) من (العلماء)-؟!
7- وهل (مناقشة الأخطاء!)-المذكورة في كلام الدكتور ربيع!- تتضمّن ردَّها ، ونَقْضَها؟!
أم أنها دونها؟!
أم أنها شيء ثالثٌ؟!
فإنْ كان؛ فما هو؟!)).

قلتُ:
الحلبي في كلامه هذا يُريد الانتصار لقاعدته - التي أخذها من عدنان عرعور وأبي الحسن المأربي وصاغها بلفظ آخر - وهي: (نُخطِّئ ولا نُبدِّع)، وهي نفسها: (نصحِّح ولا نجرِّح) أو (نصحِّح ولا نهدم) أو (تجوز التخطئة ويحرم الطعن) أو (التحذير من الأخطاء وعدم التعرض للأشخاص).

وأما كلام الشيخ ربيع حفظه لله فبعيدٌ عن هذه القواعد الفاسدة، وإنما كلامه في عدم التقدم بين يدي العلماء الأكابر - من باب الأدب والتقدير ليس من باب المنع والتحريم - في تبديع المشهورين بالسلفية - ممن لهم ذكر واسع في العباد والبلاد، ولم تظهر انحرافاتهم عند أهل العلم أولئك - والاكتفاء بالرد عليهم وبيان مخالفاتهم وعرضها على العلماء ليكون الحكم لهم فيهم، وأما عدنان عرعور والمأربي والحلبي وحزبهم فإنما يقصدون بهذه القواعد غلق باب التجريح والتبديع في هذا العصر، والاكتفاء بالرد والنقد والتخطئة والتصحيح حتى لو ظهرت انحرافات هؤلاء المبتدعة وتأصيلاتهم الباطلة بجلاء!، بل لو تكلَّم فيهم مَنْ تكلَّم من أهل العلم الكبار لما وافقهم الحلبي في ذلك!، فهذا لون من التمييع، يختلف تماماً عما قاله الشيخ ربيع حفظه الله، لكنَّ الحلبي متمرس في التلبيس والتمويه كما لا يخفى هذا على سلفي فطين.

ثم:
إنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله - كما نقل الحلبي نفسه - كان يُبدِّع سفراً وسلمان، وإنما توقف في (التصريح) بتبديعهما مراعاة للمصلحة ودرء للفتنة المحتملة وتقديراً لغيره من العلماء الكبار في عصره، ولم يكن حفظه الله يجالس هذين المبتدعين ولا يثني عليهما ولا يدافع عنهما ولا ينتصر لهما ولا يجادل إخوانه السلفيين فيهما ولا يثير فتنة ولا فرقة بين السلفيين لأجلهما، وأما علي الحلبي فلم يتوقف في تبديع المجروحين فحسب!؛ وإنما كان ولا زال يجالس المبتدعة ويثني عليهم، وينتصر ويجادل عنهم، ويؤصِّل لهم الأصول والقواعد الفاسدة، ويثير الفتن بسبب ذلك، ويطعن بأهل العلم والمشايخ الفضلاء لأجلهم، فأين هذا من ذاك؟!

أقول:

ومسألة انتظار التبديع من قبل العلماء، كان الحلبي يرفضها!، وهذا واضح في انتقاداته على رسالة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله:

فلما قال الشيخ العباد حفظه الله في رسالته: ((عند سؤال طلبة العلم عن حال أشخاص من المشتغلين بالعلم، ينبغي رجوعهم إلى رئاسة الإفتاء بالرياض للسؤال عنهم، وهل يُرجع إليهم في الفتوى وأخذ العلم عنهم أو لا؟، ومَن كان عنده علم بأحوال أشخاص معيَّنين يُمكنه أن يكتب إلى رئاسة الإفتاء ببيان ما يعلمه عنهم للنظر في ذلك، وليكون صدور التجريح والتحذير إذا صدر يكون من جهة يُعتمد عليها في الفتوى، وفي بيان مَن يؤخذ عنه العلم ويُرجع إليه في الفتوى، ولا شكَّ أنَّ الجهة التي يُرجع إليها للإفتاء في المسائل هي التي ينبغي الرجوع إليها في معرفة مَن يُستفتى ويُؤخذ عنه العلم، وألاَّ يجعل أحدٌ نفسه مرجعاً في مثل هذه المهمَّات؛ فإنَّ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))، وقال في موضع آخر: ((إذا كان الخطأ الذي رد عليه فيه غير واضح، بل هو من الأمور التي يحتمل أن يكون الرادُّ فيها مصيباً أو مخطئاً، فينبغي الرجوع إلى رئاسة الإفتاء للفصل في ذلك، وأمَّا إذا كان الخطأ واضحاً، فعلى المردود عليه أن يرجع عنه؛ فإنَّ الرجوعَ إلى الحقِّ خيرٌ من التمادي في الباطل))

ردَّ عليه علي الحلبي بقوله [مجلة الأصالة العدد/ 43 التابعة لجمعية الإمام الألباني!]:
(( 4- ذِكرُ "رئاسة الإفتاء" ـ الموقَّرة ـ في بلاد الحرمين ـ لِتكون المرجع الوحيدَ للسؤال عن الأشخاص أو الجماعات: أمرٌ حسنٌ جيِّد؛ لكنّ الإلزامَ به لِعُموم المُسلمين في العالم عسرٌ!، قد يكون صعبَ التحقيق جدًّا!؛ وذلك من وجهين:
أ- أَنّ "رئاسة الإفتاء" ـ الموقَّرة ـ هيئةٌ رسميّة تابعة لدولة إسلامية!، ومثلها في ذلك ـ ولو مِن طَرَفٍ! ـ "إفتاء الأزهر"!!؛ فنخشى أنْ يكـونَ الإلزامُ بها سبيلًا للإلزام بغيرها من غيرها!. ولهذا سلبيّاتُهُ الشديدةُ التي لا تخفى!!.
نعم؛ قد يكونُ ذلك نافعًا وكافيًا لأهل بلاد الحرمين فيما بينهم أنفسِهم!!؛ لِما يتضمّنه هذا الحَدُّ مِن نفي هاتيك السلبيّاتِ المتوقّعة، فضلًا عن قطعِ هذا العبث الدائر السائر مِن بعض الجهاتِ هناك!!.
بينما لو جَعَلْنا الحُجَّةَ وحدَها هي المُرَجِّحَةَ لقولِ أيِّ قائلٍ ـ هيئةً كان أم فردًا ـ في جميع بلاد المسلمين: فهذا سبيلُ الحقِّ، وأَهل الحقِّ، وهُو ـ في الوقت نفسِه ـ إغلاقٌ لذاك الطريق الوَعْرِ السلبيِّ المشار إليه قَبْلُ، مع كُلِّ الاحترام والتقدير لـ"رئاسة الإِفتاء" المبجَّلة، وغيرها من الهيئات العلميَّة المعتبرة.
ب- من قواعد العلم: "الحكم على الشيء فَرْعٌ عن تصوُّره"، وهذا أمرٌ لا يتحقّق صوابُ الإفتاءِ في ضَوْئهِ إلا مِن خلال التّواصُل التامّ أو شبهه بين "رئاسة الإفتاء" من جهةٍ، وبين أهل العلم وطلبَته ـ مِن أهل السنة ودُعاة منهج السَّلف ـ من جهة أخرى؛ حتى يكونَ تصوُّر حقائق الأفراد والجماعات المسؤولِ عنهم في سائر البلدان على أقرب وُجُوه الصواب، وأدناها إلى الكمال، وهذا أَمْرٌ ـ فوا أَسفاه ـ غيرُ مُتَحقِّقٍ على الوَجْهِ الكافي، وإنْ وُجِدَ منه شيءٌ: فليس هو المطلوب، وعسى أن يتحقق على ما نرجو، وأن تزولَ عقباتُهُ، وتُحْمَدَ عَوَاقِبُهُ.)).

قلتُ:
فمن الذي تغيَّر ورجع عما كان عليه؟!

قال علي الحلبي:
(( 8 -وأمّا خشيةُ الدكتور ربيع–آنَذاك!-مما عبّر عنه بقوله: (مضرّة مغامرتي بذلك على الدعوة...)؛ فأين هو من هذه المغامرة(!)-بل المخاطرة-اليومَ-وقد غرق فيها -وأغرق-إلى ما فوق الآذان والأذهان!-وبعد كل هذا التَّدمير المترتِّب على منهجه التبديعيِّ (المغامراتيِّ) (!) الغالي الخطير!-؟!
وأين هو-بسبب (مغامراته!) التبديعيّة الكِثار!- مِن ذاك الدمار -كثيرِ الانتشار- في شَتّى الأمصار والأقطار؟! مما أَشْبَه-مِن جوانبَ عدّة-ما حذّر من وقوعِه الدكتور ربيع-نفسه-في رسالته هذه-نفسها-«الإزهاق»-(ص70)مِن«عاصفة تدمّر كل الأواصر العقدية والمنهجية والأخوية بين علماء وحكام (هذه البلاد) ، وبين إخوتهم في العالَم كلّه:الهند،وباكستان، وأفغانستان، وسائر بلاد الإسلام»!!!!.
...فلقد وقع ما هو أكثرُ من ذلك-يا دكتور-!!
إذ وَصَلَتْ فتنُ غلوّك-بإرهابها وتقليدها!-وما شوّهت به!!- إلى جُزُر الواق الواق-وما قبلها وما بَعدها مِن بلدان سائرِ الآفاق-!
إن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ***أو كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ
9-ومثلُ هذا-تماماً-: قولُ الدكتور ربيع –آخِراً-مخاطباً الباشميل-:
« فلحماسِك الشديد للمنهج الحدادي للتبديع:كنتَ تردّ الأدلة والقواعد-وخاصّة في المصالح والمفاسد-؛فتقول:إن هذه طريقة الإخوان المسلمين... »!!
فبربِّك-يا دكتور ربيع -:
هل حماسة (!) الباشميل-قبل خمسَ عشرةَ سنةً-وقتَ كتابتك «الإزهاق»-تقارَن بحماستك -اليومَ-وأنت في عَشرِ التسعين مِن العمر-خَتَمَ الله لك بالحُسنى-؟!
إنَّ غلوّ الباشميل، وغلوّ الحداد، وغلوّ فريد المالكي -مجتمعين!- لا يَكاد يُوازي - والله أعلم - حماستَك تلك! وغُلَواءَك ذاك!!)).

قلتُ:

هذه اتهامات ودعاوى حلبية متكررة ومملة اعتدنا عليها من قبل، وليس لها ولا عليها بينات ولا براهين، سوى الحقد الدفين والدفاع المتين عن أخدانه وخلانه من أهل البدع المبطلين.

فهل تصدي العالم الراسخ لأصناف من أهل البدع في مختلف بلدانهم وبيان ضلالاتهم وتحذير الناس منهم يُعد من الفتن والغلو والحماس المذموم والمغامرة الخطيرة؟!
في أي قاموس أو معجم نجد هذا؟!

أين مواقف الإمام أحمد رحمه الله من رؤوس المبتدعة في زمانه؟!

وأين مواقف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كشف المبطلين من مختلف الطوائف والملل؟!

وأين مواقف العلامة الشيخ الألباني رحمه الله من رموز الحزبيين والسياسيين والتكفيريين؟!

أين مواقف الأئمة والعلماء والمشايخ قديماً وحديثاً من بيان انحرافات أهل الأهواء والتحذير منهم؟!

هل هذا كله يدخل في (الفتن والغلو والحماس المذموم والمغامرة الخطيرة)؟!

طيب:
وماذا نقول نحن عن فتنتك مع (اللجنة الدائمة) من أجل اطلاقاتك الموهومة وعباراتك غير المستقيمة واصطلاحاتك الحادثة في مسائل الإيمان والكفر؟!
وفتنتك مع (محمد إبراهيم شقرة) القطبي المحترق المدافع عن التكفيريين والحماسيين، ثم العودة إليه من غير بيان ولا ترجع من أي الأطراف؟!
وفتنتك مع (سليم الهلالي) من أجل أراضي وأموال وممتلكات وجمعيات؟!
وفتنتك مع (السلفيين) من أجل مبتدعة حزبيين ودعاة مبطلين؟!
وفتنتك من أجل (رسالة) تدعو إلى وحدة الأديان وما إليها؟!
وفتنتك في إنشاء (مرجعية) مع المأربي والهلالي لإبعاد الشباب عن مرجعية العلماء الكبار في بلاد الحرمين؟!
وفتنتك في إنشاء (موقع) لكل المميعين والمنحرفين وقطاع الطرق المفسدين للطعن في أهل العلم الراسخين والمشايخ السلفيين؟!
فأين أنت من هذه الفتن ومن هذا البلاء؟!
إن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ *** أو كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ!

ثم:
إنَّ الحلبي يعترض على الشيخ ربيع حفظه الله لما كان يخشى - في ذلك الوقت - من مضرة المغامرة على الدعوة في حال التصريح بتبديع سلمان وسفر، ويعد الحلبي هذا تناقضاً مع مواقف الشيخ ربيع حفظه الله اليوم مع أهل البدع، وليس ثمة تناقض، لكنَّ الحلبي يحاول التلبيس كعادته واستغلال مثل هذه المواقف الخاصة.
فالشيخ ربيع حفظه الله ذكر في أثناء كلامه المتقدِّم أنَّ العلماء كانوا يحسنون الظن بسلمان وسفر، ولم يظهر لهم بعد انحرافاتهم، فلو صرَّح الشيخ ربيع حفظه الله بتبديعهما لما عنده من أدلة وبراهين تدل على ذلك، لوجد معارضة له من قبل أولئك العلماء، وهذا المعارضة يستغلها الحزبيون والمتعصبون لأولئك المبتدعة - كما حصل ذلك من بعض مجالس الشيخ الألباني رحمه الله في دفاعه القديم عن سلمان وسفر – فتكون مضرة هذا على الدعوة أكبر من مصلحة التصريح بتبديع هذين، ومن أجل ذلك لم يصرح حفظه الله بتبديعهما، فمضرة المغامرة على الدعوة في ذلك الحال متحققة، وأما اليوم فهذه المضرة التي يخشاها الحلبي وأمثاله موهومة، لأنَّ المبتدعة في هذا الزمان ليس لهم مكانة عند العلماء كما كانت لسفر وسلمان في ذلك الوقت، ثم إنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله من كبار العلماء في زماننا هذا، والنظر إلى المصالح والمفاسد في تبديع مَن له ذكر واسع في الناس من اختصاصهم، فأين وجه الاعتراض؟ وأين محل التناقض؟!

وأما قول الحلبي مخاطباً الشيخ ربيعاً حفظه الله: ((إنَّ غلوّ الباشميل، وغلوّ الحداد، وغلوّ فريد المالكي -مجتمعين!- لا يَكاد يُوازي - والله أعلم - حماستَك تلك! وغُلَواءَك ذاك!!))!.

فهذا يدل على شدة غلوه وظلمه وعدوانه!

والحلبي في غلوه هذا بين أمرين لا ثالث لهما:

- إما أنه لا يُبدِّع رؤوس الحدادية هؤلاء!

- وإما أنه يُبدِّعهم.

فإن كان الأول؛ فقد جمع في كلامه هذا بين قمة التمييع مع المبتدعة وقمة الغلو مع الشيخ ربيع في آن واحد!.
ولا أدري كيف لا يُبدِّع هؤلاء؟ ومن المعلوم أنَّ هؤلاء يطعنون في الشيخ الألباني رحمه الله بفرية الإرجاء، والحلبي نفسه قال في جلسة مسجَّلة بصوته: ((فإذا قال أبو إسحاق الحويني في محمد عبد المقصود وفوزي السعيد وربعهم من التكفيريين الجهلة الذين يطعنون بنا وبمشايخنا ويتهموننا بالإرجاء؛ قال: بأنهم علماء!، فهذا يدل على جهله، ويدل على ابتداعه، ويدل على أنه على وشك الخروج من السلفية؛ التي لم يعرف إلا بها، والتي لم ندعو له وننتصر له إلا بسببها، فإذا خرج منها وناوئ أشياخها وأهلها وأبناها، فالحق والله أغلى منه، وأغلى من ألف مثله، والله ناصر دينه)).

وإن كان الحلبي يُبدِّع هؤلاء الحدادية، فلا أدري كيف يكون غلو رؤوس الحدادية هؤلاء مجتمعين - الذين يُبدِّعهم الحلبي - لا يوازي غلو الشيخ ربيع حفظه الله - الذي لا يصرِّح الحلبي إلى الآن بتبديعه! -؟!!

فمن هو المتناقض؟!

ومن هو على طريقة الغلاة في الحكم؟!

قاتل الله الجهل وأهله.

ثم:
لماذا نلاحظ في الفترة الأخيرة أنَّ الحلبي يكثر الاستدلال من فتنة الحدادية مع الشيخ ربيع حفظه الله، ويحاول التقليل من ردود الشيخ عليهم، وإثبات تناقضه، دون أن نجد منه كلمة في بيان حالهم والتحذير منهم؟!
فأين هي ردود الحلبي وحزبه وموقعه على محمود الحداد وعبد اللطيف باشميل وفريد المالكي وفالح الحربي وفوزي البحريني وأمثالهم ممن يطعن في الشيخ الألباني رحمه الله ويتهمه بفرية الإرجاء؟!
هل يعدون ردود أهل السنة على هؤلاء من قبيل (الفتن والغلو والحماس المذموم والمغامرة الخطيرة) أيضاً؟!
أم ماذا؟!

قال علي الحلبي:
(( 10-وأمّا (المصالح والمفاسد!)-بصورتها الشرعيّة-التي كنتَ تنصحُ(!)الباشميل بها ؛ فأنت-والله–منذ سنواتٍ-أَبْعَدُ الناسِ عن
حقيقتِها العلميّة !ومَعانيها الوضيّة !.
نعم ؛ هي(!)موجودةٌ في تفكيرك (!)-لا تكاد تُغادرها! ولا تغادرك!!- ؛ لكنْ : ضمن مقايسِك الخاصّة! واجتهاداتِك (!) الشخصيّة –التي تُلْبِسُ أكثرَها لَبُوسَ القطعيّات! ومَناهِجَ السلف الواضِحات!-!!)).

قلتُ:
أليس لفظ (أبعد الناس) من أسماء التفضيل؟!

فمن هم الغلاة؟!

قاتل الله الجهل وأهله.

أما (المصالح والمفاسد) عند الحلبي فالمقصود بها: تعطيل الهجر الشرعي، وغلق باب التجريح والتبديع؛ لمن يستحقه، ومداهنة المبطلين، والثناء على المبتدعة، ومجالستهم ومشاركتهم والتعاون معهم، والانتصار للحزبيين السياسيين والجدال عنهم، والدفاع عن رسالة تدعو إلى وحدة الأديان وحرية العبادة ومبدأ الديمقراطية والقوانيين الوضعية؛ وهذه خلاصة قاله وحاله.

وأما ما أراده الشيخ ربيع حفظه الله في قوله مخاطباً الباشميل: ((فلحماسك الشديد للمنهج الحدادي للتبديع:كنتَ تردّ الأدلة والقواعد -وخاصة في المصالح والمفاسد-؛ فتقول: إنَّ هذه طريقة الإخوان المسلمين))، فهي ذات النصيحة والردود التي وجهها حفظه الله إلى فالح الحربي لما تسرَّع في التبديع، وقد أضافها الحلبي إلى كتابه [منهج السلف الصالح] تحت عنوان [هل سكوت بعض أهل العلم – أحياناً - مُراعاةً للمصالح والمفاسد-؛ أمر سائغ، أو خيانة؟]، وقد قال في أوله الشيخ ربيع حفظه الله: ((أَوَّلُ مَا يَنْبَغِي اتِّباعُهُ وَسُلُوكُهُ: مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ سُكُوتِ العُلَمَاءِ عَن بعضِ الأُمُورِ الَّتِي قَدْ يُفْتِي غَيْرُهُم فِيهَا؛ فَلَعَلَّهُ يَكُونُ عِنْدَهُم الحُجَّةُ المُقْنِعَةُ، وَيُعْرَفُ صَوَابُ مَوْقِفِهِمْ!.
وَمِثْلُ هَذِهِ المَشَاكِلِ: يَنْبَغِي أَن تُعْرَضَ عَلَى العُلَمَاء؛ فَإِنَّ في مُشَاوَرَتِهِمْ خَيْراً كَثِيراً؛ فَقَد يُرَجِّحُونَ الكَلَامَ فِيهَا، وَقَد يُرَجِّحُونَ عَدَمَ الرَّدِّ المُعْلَنِ، وَيُؤْثِرُونَ تَوْجِيهَ النَّصَائِحِ:
- فَإِمَّا أَن يَسْتَفِيدَ المَنْصُوحُ.
- وَإِمَّا أَن يُعَانِدَ، فَيَكُونَ قَد عَرَّضَ نَفْسَهُ لِنَقْدِ العُلَمَاءِ، وَلِإِسْقَاطِ نَفْسِهِ.
فَبِمِثْلِ هَذِهِ الأَسْبَابِ نَضْمَنُ وِحْدَةَ الكَلِمَة فِي دَعْوَتِنا، وَمَعَ إِخْوانِنا، وَأَبنائِنا، وَمَشايِخِنا، وَيَسْلَمُ الشَّبَابُ مِن التَّفَرُّقِ والتَّمَزُّقِ مَّا حَصَلَ فِعْلاً، وَكَانَ شَدِيداً بِسَبَبِ التَّفَرُّدِ والتَّسَرُّعِ.
أَقُولُ:
أَمَّا استدلالُ (البعضِ) بِبَعْضِ نُصُوصِ السُّنَّةِ وَالسِّيرَةِ عَلَى نَفْيِ مَبْدأ (مُراعَاة المَصَالِح وَالمَفَاسِد)؛ فالعكسُ هو الصحيحُ، ....)) إلى آخر كلامه حفظه الله، وقد ذكر عدة أدلة على إثبات هذا المبدأ وبيان أهميته فليراجعه من أراد التفصيل.

فعقَّب على هذا الكلام علي الحلبي بقوله في حاشية كتابه:

((وَلَكِنْ؛ كَيْفَ لَنَا أَنْ نَحْكُمَ عَلَى مَنْ لمْ يَتَجَاوَبْ مَعَ نَصِيحَةٍ-مَا- بأنَّهُ (مُعانِد)، - وَبِخَاصَّةٍ إِذَا كَانَ سُنِّيًّا سَلَفِيًّا مَعْرُوفاً-!؟!
فَهَلْ كُلُّ مَن لم يتجاوَبْ يكون كَذَلِك؟!
وَهَلْ مِنْ شَرْطِ النَّاصِحِ أَنْ يَكُونَ مُصِيباً دَائِماً؟!
وَهَل الصَّبْرُ على هَذا خَيْرٌ، أَم إِسْقاطُهُ واسْتِئْصَالُهُ هو الخيرُ؟!
وَهَل الحُكْمُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ؟!
أَمْ أَنَّهُ قَد يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ البُلْدَانِ وَالأَحْوَال؟!
وَهَل النَّاس جَمِيعاً فِي ذَلِكَ سَواء؟!
... أَسْئِلَة مُتَعَدِّدَة لاَ بُدَّ مِنْ الإجابة عليها، وَمَعْرِفَةِ الحَقِّ فِيهَا -قَبْلَ إصْدار الأحكام، وفَرْيِ الكلام-!!)).

قلتُ:

فالقارئ يلاحظ الفرق بين (المصالح والمفاسد) في نظر الشيخ ربيع حفظه الله، وبين (المصالح والمفاسد) في نظر الحلبي، والموضع الذي يظهر فيه الفارق بجلاء في حال (المعاند) الذي (لا يتجاوب مع نصائح العلماء)، فالشيخ ربيع يرى أنَّ هذا قد عرَّض نفسه لنقد العلماء وإسقاط نفسه، بينما علي الحلبي كرَّ بفلسفته المعهودة وأسئلته المفتوحة على الناصح!، ثم رجَّح جانب الصبر على (المعاند) وأنه خير من إسقاطه!!، إذن سواء كان الرجل مستفيداً من النصائح أو معانداً لها لا فرق في الحكم عليه بالسلفية عند الحلبي!، وهذه هي معنى (المصالح والمفاسد) في نظره!.

قال علي الحلبي:
(( 11-أما (طريقة الإخوان المسلمين! )-عند الدكتور ربيع!!-وما إليها!-: فلإخواننا المشرفين الأفاضل موضوعٌ خاصٌّ-كامل-في هذا (المنتدى)-المبارَك-عن تاريخ الدكتور ربيع-سابقاً ولاحقاً!-في الطريقة الإخوانية المبتَدَعة؛ فلا أكرِّر!!!)).

قلتُ:
وقد رد الشيخ ربيع حفظه الله على مقال مشرفيك المتهافت رداً قوياً، بيِّن فيه جهلهم وتلبيسهم وتحريفهم، ولا غرابة وهم أفراخ الحلبي نفسه ومن مدرسته القائمة على التحريف والتلبيس!.

وإذا كان الشيخ ربيع إخوانياً - في انتسابه أو طريقته! - في زمن الأئمة الثلاثة، فهل غرر هؤلاء الأئمة السلفيين في شهاداتهم للشيخ ربيع بالعلم والفضل والمنزلة الرفيعة؟!

أم جهلوا ما عرفه مشرفو الحلبي؟!

قاتل الله الجهل وأهله.

وإذا كان الشيخ ربيع حفظه الله إخوانياً أو على طريقتهم مع كل هذه الردود - من قبل ومن بعد - في كشف ضلالاتهم وبيان انحراف زعمائهم، فماذا يُقال فيمن كان يدافع عن جماعتهم ويعدهم من أهل السنة؟!

إنَّ قول القائل: إنَّ الشيخ ربيعاً كان إخوانياً أو على طريقتهم مع ردوده المعروفة المشهورة في كتبه ومجالسه وأشرطته، لا يختلف كثيراً عن قول القائل: إنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان فيلسوفاً أو على طريقتهم مع ردوده المشهورة على الفلاسفة، أو إنَّ الشيخ الألباني رحمه الله كان إخوانياً أو على طريقتهم، وقد كان رحمه الله يحضر مجالسهم لنصيحتهم وتحذيرهم.

وقد كنتُ رددتُ على مشرفك السامع المطيع لك (باسم خلف!) هذه الفرية التي ألصقها بالشيخ ربيع حفظه الله قبل أكثر من شهر، ولم يجبني إلى الآن!، وها أنا أنقل ردي ذاك هنا لعلي أجد مجيباً له منكم!:

{{وأما دعوى أنَّ للشيخ ربيع حفظه الله كلاماً صريحاً مفصلاً في تأثره بالإخوان وكتاباتهم، فهذه دعوى عريضة!، وإنما تأثر ببعض ما عندهم في بداية مسيرته لعدم معرفته الواسعة بما كانوا عليه من ضلال، وقد اعتذر من هذه الفترة الشيخ حفظه الله وندم على ما فاته فيها، وقد عوَّضه الله عزَّ وجلَّ فيها معرفة دعوة الإخوان معرفة لا يتقدَّمه فيها عالم في عصره، فصار خبيراً بدعوتهم وضلالهم وزعمائهم وكتاباتهم، وفضحهم حفظه الله وكشف انحرافاتهم، وحذَّر منهم ونهى عن مجالستهم وصحبتهم والقراءة في كتبهم أو الاستدلال بكلامهم أو الثناء عليهم، وهذا كله معلوم عنه مدوَّن في كتبه وموجود في أشرطته، حتى قال فيه الشيخ مقبل رحمه الله: ((الشيخ ربيع له خبرة بمعرفة الواقع لأنه عاش مع الإخوان المفلسين زمناً طويلاً))، وقال: ((وأنا أنصحكم أن تسألوا الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله تعالى، فقد ذهب من عمره الكثير مع الإخوان المسلمين، فهو أعرف الناس بهم وبحقيقتهم وحقيقة الجماعات، وأنا لا أطلب منكم أن تقلِّدوا الشيخ ربيعاً، لكن تستفيدون من علمه)).
ولا غرابة أن يفوت الداعية في أول مسيرته معرفة الأشياء على حقيقتها والأمور على واقعها، لكن الغربة أن يتأثر الداعية برأس الإخوان المسلمين وكتاباته ويدعو لها بعد أن كشف العلماء أمره وأظهروا ضلالاته!، بل بعد أن ردَّ هو قبل سنين شبهاته ونقض استدلالاته، وأظنك أيها المشرف لا يخفى عليك من أقصد بهذا الكلام؟! وقد ذكرتُه لك ولأصحابك مراراً فلم تجيبوا عليه!!، كما أجبناكم بكل صراحة عن موقفنا مما كان من مسيرة الشيخ ربيع حفظه الله الأولى مع الإخوان المسلمين.
أم هو الكيل بمكيالين؟!
مرة أخرى!
قال شيخكم الحلبي في كتابه [حق كلمة الإمام الألباني في سيد قطب ص19-26]: ((موقفان واقعيان حدثا لي شخصياً؛ أحدهما قديم جداً، والآخر حديث نسبياً، أما الأول:....، وأما الموقف الثاني: وهو يكاد يكون سراً – أُسطره مكتوباً على الملأ للمرة الأولى في حياتي – وإنْ كنتُ قد ذكرته مشافهة لعدد قليل من الإخوة؛ وهو أنني إلى سنوات قليلة ماضية كنتُ متأثراً عاطفياً جداً بـ(سيد قطب) وأُسلوبه، بل أدلُّ على "ظلاله"، وأُرشد إلى "كلامه"، وأتلمَّس له المعاذير في القليل والكثير!!، إلى أن أوقفني بعض الإخوة الغيورين جزاهم الله خيراً، على كلام سيد قطب في كتابه "كتب وشخصيات ص282" حيث قال: "... وحين يركن معاوية وزميله (عمرو) إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم، لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل؛ فلا عجب أن ينجحا ويفشل، وإنه لفشل أشرف من كل نجاح".
فوالله لقد جاءتني غضبة الحقُّ الكُبَّار، وحميةُ النصرة للصحب الأخيار؛ أفاضل الخلق الأبرار.
فعمَّن يتكلَّم هذا؟!
ومَنْ هو ذا حتى يقول مثل هذا الكلام الفجِّ؟!.
أفأُتابعُ هواي، وأغضُّ طرفي، وأنصاع لعاطفتي؟!
أم أن الحق أحقُّ بالإتباع، وأجدر بالاقتناع؟!
هو هذا والله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فكأنها شوكة وانتقشت)).
أقول:
إنَّ تأليف الحلبي لهذا الكتاب كان في عام 1426ﻫ / 2005 بالإفرنجي!!، كما هو مثبَّت في الكتاب في طبعته الأولى/دار التوحيد والسنة، أي بعد وفاة الشيخ الألباني رحمه الله تعالى بـست سنوات تقريباً.
فالشيخ ربيع حفظه الله كان في بدايته مع الإخوان - ناصحاً ومصححاً لحسن ظنه بهم -، وعلي الحلبي صار في نهايته مع الإخوان - معتذراً لزعيمهم مرشداً لكتاباته مجدداً ومطوراً لدعوتهم -!!، وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله في [المجموع 10\299-304]: ((وَالِاعْتِبَارُ بِكَمَالِ النِّهَايَةِ لَا بِمَا جَرَى فِي الْبِدَايَةِ، وَالْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا ثُمَّ عَلَّمَهُ فَنَقَلَهُ مِنْ حَالِ النَّقْصِ إلَى حَالِ الْكَمَالِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ قَدْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ قَبْلَ حَالِ الْكَمَالِ بَلْ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ كَمَالِهِ ...، وَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَكْفُرْ قَطُّ أَفْضَلُ مِمَّنْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ: لَيْسَ بِصَوَابِ؛ بَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْعَاقِبَةِ، وَأَيُّهُمَا كَانَ أَتْقَى لِلَّهِ فِي عَاقِبَتِهِ كَانَ أَفْضَلَ، فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ بَعْدَ كُفْرِهِمْ هُمْ أَفْضَلُ مِمَّنْ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَغَيْرِ أَوْلَادِهِمْ.
بَلْ مَنْ عَرَفَ الشَّرَّ وَذَاقَهُ ثُمَّ عَرَفَ الْخَيْرَ وَذَاقَهُ فَقَدْ تَكُونُ مَعْرِفَتُهُ بِالْخَيْرِ وَمَحَبَّتُهُ لَهُ وَمَعْرِفَتُهُ بِالشَّرِّ وَبُغْضُهُ لَهُ أَكْمَلَ مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَيَذُقْهُمَا كَمَا ذَاقَهُمَا؛ بَلْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا الْخَيْرَ فَقَدْ يَأْتِيهِ الشَّرُّ فَلَا يَعْرِفُ أَنَّهُ شَرٌّ: فَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُنْكِرَهُ كَمَا أَنْكَرَهُ الَّذِي عَرَفَهُ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "إنَّمَا تُنْقَضُ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً إذَا نَشَأَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْجَاهِلِيَّةَ"، وَهُوَ كَمَا قَالَ عُمَرُ؛ فَإِنَّ كَمَالَ الْإِسْلَامِ هُوَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَتَمَامُ ذَلِكَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ نَشَأَ فِي الْمَعْرُوفِ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَهُ فَقَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُنْكَرِ وَضَرَرِهِ مَا عِنْدَ مَنْ عَلِمَهُ، وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ مِنْ الْجِهَادِ لِأَهْلِهِ مَا عِنْدَ الْخَبِيرِ بِهِمْ.
وَلِهَذَا يُوجَدُ الْخَبِيرُ بِالشَّرِّ وَأَسْبَابِهِ إذَا كَانَ حَسَنَ الْقَصْدِ عِنْدَهُ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَمَنْعِ أَهْلِهِ وَالْجِهَادِ لَهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَعْظَمَ إيمَانًا وَجِهَادًا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ لِكَمَالِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَكَمَالِ مَحَبَّتِهِمْ لِلْخَيْرِ وَبُغْضِهِمْ لِلشَّرِّ لِمَا عَلِمُوهُ مِنْ حُسْنِ حَالِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَقُبْحِ حَالِ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، وَلِهَذَا يُوجَدُ مَنْ ذَاقَ الْفَقْرَ وَالْمَرَضَ وَالْخَوْفَ أَحْرَصَ عَلَى الْغِنَى وَالصِّحَّةِ وَالْأَمْنِ مِمَّنْ لَمْ يَذُقْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا يُقَالُ: وَالضِّدُّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ، وَيُقَالُ: وَبِضِدِّهَا تَتَبَيَّنُ الْأَشْيَاءُ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: "لَسْتُ بِخِبِّ وَلَا يَخْدَعُنِي الْخِبُّ".
فَالْقَلْبُ السَّلِيمُ الْمَحْمُودُ هُوَ الَّذِي يُرِيدُ الْخَيْرَ لَا الشَّرَّ، وَكَمَالُ ذَلِكَ بِأَنْ يَعْرِفَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، فَأَمَّا مَنْ لَا يَعْرِفُ الشَّرَّ فَذَاكَ نَقْصٌ فِيهِ لَا يُمْدَحُ بِهِ!، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ ذَاقَ طَعْمَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي يَكُونُ أَعْلَمَ بِذَلِكَ وَأَكْرَهُ لَهُ مِمَّنْ لَمْ يَذُقْهُ مُطْلَقًا؛ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُطَّرِدِ بَلْ قَدْ يَكُونُ الطَّبِيبُ أَعْلَمَ بِالْأَمْرَاضِ مِنْ الْمَرْضَى، وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَطِبَّاءُ الْأَدْيَانِ فَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا يُصْلِحُ الْقُلُوبَ وَيُفْسِدُهَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَذُقْ مِنْ الشَّرِّ مَا ذَاقَهُ النَّاسُ.
وَلَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِذَوْقِهِ الشَّرَّ مِنْ الْمَعْرِفَةِ بِهِ وَالنُّفُورِ عَنْهُ وَالْمَحَبَّةِ لِلْخَيْرِ إذَا ذَاقَهُ مَا لَا يَحْصُلُ لِبَعْضِ النَّاسِ؛ مِثْلُ مَنْ كَانَ مُشْرِكًا أَوْ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَقَدْ عَرَفَ مَا فِي الْكُفْرِ مِنْ الشُّبُهَاتِ وَالْأَقْوَالِ الْفَاسِدَةِ وَالظُّلْمَةِ وَالشَّرِّ ثُمَّ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَعَرَّفَهُ مَحَاسِنَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَرْغَبَ فِيهِ وَأَكْرَهَ لِلْكُفْرِ مِنْ بَعْضِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ؛ بَلْ هُوَ مُعْرِضٌ عَنْ بَعْضِ حَقِيقَةِ هَذَا وَحَقِيقَةِ هَذَا أَوْ مُقَلِّدٌ فِي مَدْحِ هَذَا وَذَمِّ هَذَا. وَمِثَالُ ذَلِكَ: مَنْ ذَاقَ طَعْمَ الْجُوعِ ثُمَّ ذَاقَ طَعْمَ الشِّبَعِ بَعْدَهُ، أَوْ ذَاقَ الْمَرَضَ ثُمَّ ذَاقَ طَعْمَ الْعَافِيَةِ بَعْدَهُ، أَوْ ذَاقَ الْخَوْفَ ثُمَّ ذَاقَ الْأَمْنَ بَعْدَهُ، فَإِنَّ مَحَبَّةَ هَذَا وَرَغْبَتَهُ فِي الْعَافِيَةِ وَالْأَمْنِ وَالشِّبَعِ وَنُفُورَهُ عَنْ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ وَالْمَرَضِ أَعْظَمُ مِمَّنْ لَمْ يُبْتَلَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُ.
وَكَذَلِكَ مَنْ دَخَلَ مَعَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْفُجُورِ، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ الْحَقَّ وَتَابَ عَلَيْهِ تَوْبَةً نَصُوحًا وَرَزَقَهُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ فَقَدْ يَكُونُ بَيَانُهُ لِحَالِهِمْ وَهَجْرُهِ لمساويهم وَجِهَادُهُ لَهُمْ أَعْظَمَ مِنْ غَيْرِهِ؛ قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الخزاعي - وَكَانَ شَدِيدًا عَلَى الْجَهْمِيَّة -: "أَنَا شَدِيدٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنِّي كُنْتُ مِنْهُمْ"، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ"، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ فَتَنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَهَاجَرُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجَاهَدُوا وَصَبَرُوا.
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا أَسْلَمَا تَقَدَّمَا عَلَى مَنْ سَبَقَهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ؛ وَكَانَ بَعْضُ مَنْ سَبَقَهُمَا دُونَهُمَا فِي الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ بِمَا كَانَ عِنْدَهُمَا مِنْ كَمَالِ الْجِهَادِ لِلْكُفَّارِ وَالنَّصْرِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَكَانَ عُمَرُ لِكَوْنِهِ أَكْمَلَ إيمَانًا وَإِخْلَاصًا وَصِدْقًا وَمَعْرِفَةً وَفِرَاسَةً وَنُورًا أَبْعَدَ عَنْ هَوَى النَّفْسِ وَأَعْلَى هِمَّةً فِي إقَامَةِ دِينِ اللَّهِ مُقَدَّمًا عَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَهَذَا وَغَيْرُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِكَمَالِ النِّهَايَةِ لَا بِنَقْصِ الْبِدَايَةِ)).
أقول:
فتبين أنَّ انتقال الرجل وتدرجه من حال (النقص) إلى حال (الكمال) أمر طبيعي، لكن أن ينتقل الرجل من (الكمال) إلى (النقص)، فهذا تلون في الدين وتقلب في المواقف، وقد أخرج عبدالرزاق في مصنفه عن معمر عن قتادة قال معمر: وكتب به إلي أيوب السختياني: أنَّ أبا مسعود الأنصاري دخل على حذيفة رضي الله عنه، فقال: أوصنا يا أبا عبد الله، فقال حذيفة: أما جاءك اليقين؟! قال: بلى وربي، قال: ((فإنَّ الضلالة حق الضلالة: أن تعرف اليوم ما كنت تنكر قبل اليوم، وأن تنكر اليوم ما كنت تعرف قبل اليوم، وإياك والتلون، فإنَّ دين الله واحد))}}.

قال علي الحلبي في خاتمة مقاله:
(( ....وبعدُ-فأقول-:
ليست هذه التساؤلات -مجموعةً- بآخِر المُمكِن-هنا-...
ولكنها نُغْبة..ونُخْبة...
وأمّا (الفتيان! والغِلمان!والشُّبّان-ثم مَن أصابه الرُّعْب والرَّهَب (!) ممن هم أكبر(!) منهم مِن حيث الأسنان!!): فلا أُخاطِبُهم إلا بما خاطَبَهم به مُقَلَّدُهم (الأوحد) الدكتور ربيع -نفسُه-في آخِر هذه الرسالة نفسها-(ص68-69):
«..احكموا على الناس جميعاً بميزان العدل والإنصاف، ولا يكن لكم مكاييل وموازين شيطانية...»!!
فهل أنتم فاعلون!؟
ذلك ما نرجو..و...!
والله وليُّ التوفيق)).

قلتُ:
تساؤلات علي الحلبي المفتوحة كثيرة؛ لها بداية وليس لها نهاية إلا بنهايته أو هدايته!، وهذه طريقة الفلاسفة في طرح الأسئلة المحتملة الممكنة في الأذهان لرد الحجة والبرهان!، فلا غرابة ولا نكران، والله المستعان.
وأما الطعن والاستهزاء والتحقير والازدراء بأهل العلم ومشايخه وطلبته ودعاته الذين لا يوافقون الحلبي على طريقته المحدثة ودعوته المبتدعة؛ فهذا سلاح المفاليس، وقد تقدم رده.
وأما العدل والإنصاف؛ فقد عرف القارئ الفطن من الذي سلك طريقه؟، ومن الذي جانبه وتعداه مع أهل السنة، ويدعو إليه مع أهل البدع ولا يتخطاه؟!.

وقال علي الحلبي بعد خاتمة مقاله:
((تنبيهٌ للجميع - مُؤالِفين ومخالِفين- :
أنصحُكم- سدّدكم الله تعالى- بقراءة هذه الرسالة- «إزهاق أباطيل عبد اللطيف باشميل» -كاملةً-بتدبّر وتأمّل تامَّيْن-؛ لمعرفة البَون الشاسع (!) بين صورة الدكتور ربيع فيما كان عليه!، وحقيقته فيما آلَ إليه!!. ومثلُها - بل أقوى وأوضح، وأظهرُ وأصرح - رسالته الأخرى: «مجازَفات الحدّاد»- ولا تطولها يدي الآن- ولعله مِن أجل ذا لم تُطبع(!) إلى الآن! -فيما أعلم-!)).

قلتُ:
إنْ كان علي الحلبي يعتقد أحقية هذه الرسائل وما فيها؛ فالواجب عليه أن يدعو غيره إلى قراءتها لمعرفة منهج الحدادية والفرق بينها وبين الدعوة السلفية، لئلا يلتبس ذلك على أحدهم!، لا أن يدعو القراء إلى قراءة هذه الرسائل لمعرفة تناقض الشيخ ربيع حفظه الله المدَّعى!، وليس ثمة تناقض إلا في عقل الحلبي وحزبه!.
وإلا فهل للخارجي إذا نظر في ردود أهل السنة على المرجئة أن يصفهم بالتناقض؟!
أم يحق للمرجئ إذا نظر في ردود أهل السنة على الخوارج أن يصفهم بالتناقض؟!
قاتل الله الجهل وأهله.

وأخيراً:

فهذا كله يدل على أنَّ الحلبي هو أحق بوصف (التناقض) و (التراجع) من الشيخ ربيع حفظه الله، وأنَّ الشيخ حفظه الله لم يتناقض ولم يتراجع في مواقفه من أهل البدع، وإنما هي تلبيسات الحلبي وتشغيباته.

ومما يؤكِّد تراجع الحلبي اعترافه نفسه أنه تغير ورجع عن منهجه القديم!، فقد قال الحلبي في [مقطع مسجل بصوته]: ((بالله عليكم انظروا وقارنوا بين الرفق الذي وفَّقنا الله عز وجل إليه في هذه الفترة الأخيرة!؛ بعد أن غصنا وكدنا نغرق في الغلو والتعنت وشيء من الشدة!!، نقول هذا، ونعترف به، ولا نستكبر في أن نعتذر منه، وأن نرجع عنه، ووالله كما ظهر لنا أنَّ هذا ليس على الحق!!، لو ظهر أنَّ هذا الذي نحن فيه الآن ليس على الحق لتركناه أيضاً بدون أي إشكال)).
انظر هذا الرابط:

http://bayenahsalaf.com/vb/showthread.php?t=11436

وأما التغير والتناقض فأمثلته كثيرة يطول المقام بذكرها، ومن أرادها مفصِّلة موثقة فلينظرها في مقالي [علي الحلبي في يوم وليلة ينقلب موقفه ويتغير رأيه!!]، على هذا الرابط:
http://www.sahab.net/forums/index.ph...pic=132180&hl=

والله الموفِّق

رائد آل طاهر
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139309
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 PM.


powered by vbulletin