منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات جواب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لمن سأله: (ما سبحان الله؟) (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          الرد على الكلام المنسوب للشيخ لزهر حول فضيلة الشيخ طلعت زهران، وحول كتابات العتيبي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-24-2013, 05:30 PM
سفيان الجزائري سفيان الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف - هداه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,340
شكراً: 0
تم شكره 33 مرة في 31 مشاركة
افتراضي هذه دعوةُ المصلحِينَ السَّلفيِّين... إِصْلاَحُ الزَّوَايَا لا هَدْمُها بقلم : الشَّيخ سمير سمراد -حفظه الله


هذه دعوةُ المصلحِينَ السَّلفيِّين... إِصْلاَحُ الزَّوَايَا لا هَدْمُها
بقلم :
الشَّيخ سمير سمراد -حفظه الله




بسم الله الرحمن الرحيم


ردًّا على بعضِ ما جاءَ في «ندوة الزّوايا والطُّرُق الصُّوفيّة في الجزائر»، الّذي نشرته جريدة «الشّروق اليوميّ»، في عدد (3916)، 04 فيفري 2013م/ 23 ربيع الأول 1434هـ، (ص10-11)]
وكذا ردًّا على ما جاءَ في توضيحِ الشّيخ مأمون القاسميّ من زاوية الهامل الرّحمانيَّة، في عدد تالٍ من الجريدةِ نفسِها.


1- لا يشكُّ مَن له تتبّعٌ للحركة الإصلاحيّة السّلفيَّة في الجزائر بزعامة ابن باديس وإخوانه العلماء، لا يشكُّ في أنّهم كانُوا يُعوِّلون على العلم الدّينيّ السّنّيّ السّلفيّ، ويأخذونَ فيه بالطّرائقِ المُجدية المثمرة، ويَنْحَون منحى التّجديد ومُسايرة العصر والأخذ بالأساليب الحديثة، وقد عمل ابن باديس على هذا مُذ انتصبَ للتّدريس في قسنطينة عقب رحلته المشرقيَّة سنة (1913م)، قال (رحمه الله): «لمّا قفلنا من الحجاز وحَلَلْنَا بقسنطينة عام 32هـ، وعزمنا على القيام بالتّدريس، أَدْخَلْنَا في برنامج دروسنا تعليم اللّغة وأدبها والتّفسير والحديث والأصول ومبادئ التّاريخ ومبادئ الجغرافية ومبادئ الحساب وغير هذا، ورأينا لزوم تقسيم المعلِّمين إلى طبقات، واخترنا للطّلبة الصّغرى منهم بعض الكتب الابتدائية التي وضعتها وزارة المعارف المصرية، وأَحْدَثْنَا تغييرًا في أساليب التّعليم، وأخذنا نحثُّ على تعلّم جميع العلوم باللّسان العربي والفرنسي، ونُحبّب النّاس في فهم القرآن، وندعو الطَّلَبَة إلى الفِكْر والنَّظَر في الفروع الفقهيّة والعمل على ربطها بأدلّتها الشّرعيّة، ونُرغّبهم في مطالعة كتب الأقدمين ومؤلّفات المعاصرين، لمّا قُمنا بهذا وأعلنَّاه قامت علينا وعلى مَن وافقنا قيامةُ أهلِ الجُمُود والرّكود وصاروا يدعوننا للتَّنْفِير والحطِّ منّا: «عبداويِّين»، دون أن أكون- واللهِ- يومَ جئتُ قسنطينة قرأتُ كتب الشّيخ محمّد عبده إلاّ القليل، فلم نلتفت إلى قولهم، ولم نكترِث لإنكارهم، على كثرة سوادهم وشدّة مكرهم وعظيم كيدهم، ومَضينا على ما رسمنا مِن خطّة، وصمدنا إلى ما قصدنا مِن غاية، وقضيناها عشر سنوات في الدَّرْس لتكوينِ نشءٍ علميّ، لم نَخلطْ به غيرهُ مِن عملٍ آخر» [«الآثار» (5/102)].

2-وعلى هذا النَّمط الّذي ابتدأه ابن باديس جرت جمعيّة العلماء -بعد تأسيسها سنة (1931م)- في تأسيس المدارس وتسليح الطّلبة بالعلم السّنّيّ السّلفيّ، وقد بيّن ابن باديس معالمه في مقالين له بعنوان: «صلاح التّعليم أساس الإصلاح» انظرهما في «الآثار» (4/74-77و78-81)، وقال في آخر الأوّل: «إنّنا عقدنا العزم على إصلاح التّعليم الدّينيّ في دروسنا حسب ما تبلغ إليه طاقتنا إن شاء الله تعالى»، وقال في آخر الثّاني: «الرّجوع بالتّعليم إلى التّفقّه في الكتاب والسّنّة وربط الفروع بالمآخذ والأدلّة أعسر وأعسر، غير أنّ ذلك لا يمنعنا من السّعي والعمل بصدق الرّجاء وقوّة الأمل وسننفّذه في دروسنا هذا العام (1934م)، والله المستعان»اهـ.

3-توافدَ الطّلبة على ابن باديس من المقاطعات الثّلاث للوطن الجزائريّ، وطمح رحمه الله إلى غايةٍ عزيزةٍ تبنّتها عنهُ جمعيّة العلماء بعد تأسيسها، وجعلتها غايتها الكبرى ومشروعها العظيم، ألا وهي: «تأسيس كلّيّة للعلوم الإسلاميّة» [(4/82)].

4- مات ابن باديس ولم يتحقّق ما أراده وتمنّاه لبني وطنه (رحمه الله)، وعمل الإبراهيميّ رئيسُ الجمعيّةِ من بعده على تحقيق شيءٍ من تلكم الغاية، ألا وهو تأسيس المعهد الثّانوي بقسنطينة سنة (1948م)، والّذي سُمّي باسم الفقيد: «معهد عبد الحميد ابن باديس».

5- كان ابن باديس قد أعلنَ بالدّعوة العامّة إلى الإسلام الصّحيح والإصلاح الدّينيّ الّذي شرحَ أصوله، وهاجم معاقل البدع والضّلالات، وما يُرتَكَبُ باسمِ الزَّوايا من الانحرافات وما اصطبغت بهِ من ألوانِ المنكرات، وهو القائلُ يُجابِهُ القومَ سنة (1928م): «ولمّا كانت الطَّرائقُ المنتسِبَةُ إلى التّصوّف في حالتها المشاهَدة تَعُجُّ بهذه البدع عَجًّا، والمتمسِّكون بها يعتقدون اعتقادًا جزمًا، أنَّها هي الدِّين بل خلاصة الدِّين قطعًا، وأنّ ما خالف ما هُم عليه هو البدعةُ شرعًا، وكان مِن ورائهم المتعيِّشُون عليهم، المستغلُّون لجهلهم، يُدَعُّونهم في هذا الضَّلالِ دَعًّا، ويصدُّونهم عن أهل العلم-إلاّ مَن سكتَ عنهم أو أَيَّدَهم- منعًا، صمدت هذه الصّحيفة –«الشّهاب»- لهم تَدعُوهم إلى الهداية الإسلاميّة الحقّة، على الطَّريقةِ الَّتي مضى بيانُها -أي: «القرآن الّذي هو كتابُ الإسلام، وسنَّةُ محمّدٍ (صلّى الله عليه وسلم) مِن أقواله وأفعاله وأحواله وسيره، الّتي هيبيانٌ للكتاب، وسيرةُ السَّلَف الصّالح في فهمهما والعمل بهما»ولو شاء الله واستمعوا لها لانْقَلَبَتْ زواياهم معاهدَ دينيَّة حقيقيَّة تُدَرَّسُ فيها علومُ الإسلام، وطرائقُهم جمعيّاتٍ خيريّة تخدمُ المسلمين مِن ناحية الدِّين، ولكن أَنَّى يكون ذلك، وتلك الأموالُ عليها يَعيشُ ويَنعمُ غالبُ أبناء الشّيوخ، وبين تلك الطَّرَائق مِن المُنَافسات والمنازعات ما يُفضي في بعض الجهات إلى مُشاجرات ومُقاطعات، تَسيل فيها الدِّماء وتذهب فيها الأرواح. ضَجَّ المتعيِّشُون مِن الزَّوَايا والطَّرَائِق مِن هذه الدَّعوة وكَبُرَ عليهم وَقْعُهَا، وخَافُوا على رياستهم المبنيَّة على الجهل والخُرافة أن يَتَصَدَّعَ مِن العلمِ الصَّحيحِ رُكْنُهَا....، فأخذوا يَرْمُونَ الدَّعْوَةَ الإصلاحيَّةَ بالعظائم عند الأُمَّةِ وحُكومتها، مِن التَّقوُّل عليها، والتَّشويه لسُمعتها، والتَّحريف لكلماتها، والتَّضليل عن غايتها...، ولمّا ظهرت على أنوار الحقِّ ظلماتُ ضلالتهم، وانْدَحَرَتْ أمام «شُهُب» كُتَّابِ الإصلاح شياطينُ بدعتهم، طَفِقُوا يَحتجُّون لأنفسهم بذِكْرِ مَن يَنتمُونَ إليه مِن شيوخهم رحمهم الله مِن مُؤسِّسِي الزَّوَايا في زمانٍ غيرِ هذا الزّمان، وعلى حالٍ نَقطعُ أنّها كانت في الجملةِ على غيرِ ما هيَ عليهِ الآن...»اهـ [«الشّهاب»، العدد (162)، (ص2-6)].
فابنُ باديس والمصلِحُون حاربوا الطّرائق الصّوفيَّة لأنّها أوضاعٌ بدعيَّة غيرُ شرعيَّةٍ أوَّلاً، ولأنَّها ولَّدت شرورًا ما بعدها شرورٌ ثانيًا، وإذا صحَّ أنَّهم حاربوا الزَّوايا، فإنَّهم ما حاربوا إلاّ قلاعًا كانت تأوي الضَّلال وتُلبِّس على المسلمينَ دينَهم، كما فصَّله ابنُ باديس في النّقل السّابق.

6- جعل الكائِدُون المتربّصون يُشيعُونَ عن ابن باديس وإخوانه أنَّهم يُريدونَ القضاءَ على الزَّوايا ويَسْعَونَ إلى هَدْمِها، تنفيرًا للعامَّة عنهم، وتَسْمِيمًا لأفكارِ النَّاسِ ضدَّهُم!
ممّا جعلَ ابن باديس يُعلنُ في كلِّ مرَّةٍ، ببراءتهم مِن هذه الفِرية والتُّهمة الباطلة الّتي أشاعها أحلافُ الجمود وأنصار البدعة، يقول في بيانٍ له نشره في «الشِّهاب» [العدد (12)، (ص4)]: «... 3- نحنُ والزَّوايا: لا نُريدُ هَدْمَ الزَّوايَا، وإنَّما نُريدُ إصلاحَهَا... في الزَّوايا وفينا وفي غيرنا شيءٌ من الفساد، غير أنّ الفسادَ إذا نشأَ منها عمَّ انتشارُهُ، بما لها من كثرةِ الأتباع، فهيَ جديرةٌ بأن تُقدَّمَ على غيرها في الإصلاح وتُخَصَّ بجانبٍ كبيرٍ من دعوةِ المصلحين. ونحنُ بحمدِ الله قد أسمعنا أصحابَها – مع احترامهم- كلمةَ الحقّ، وحرّكنا الكتَّابَ – على اختلاف مشاربهم- إلى تبادل الأفكارِ في إصلاحها؛ وعرَّفنا الأُمَّةَ أنَّ فيها ما ليسَ من الدِّين...»اهـ.
وقد أفاضَ المصلحونَ في بيانِ أنّ هذه الطّرائق ليست من الدِّين، قال ابن باديس (سنة 1934م): «تقومُ هذه الطَّرَائِقُ المنتسِبة للتّصوُّف على أوضاعٍ مُخترعةٍ، تَمتاز كلُّ طريقةٍ بصنفٍ منها، ومِن تلك الأوضاع أوضاعٌ ابتدعوها في الذِّكر، وأذكار انصرفوا وصَرَفُوا بها عن الأذكار النّبويّة المأثورة»، وقال (سنة: 1937م): «الأوضاع الطّرقيّة بدعةٌ لم يعرفها السّلف، ومبناها كلِّها على الغلوّ في الشّيخ، والتّحيّز لأتباع الشّيخ، وخدمة دار الشّيخ وأولاد الشّيخ، إلى ما هنالك من استغلال، ومن تجميد للعقول وإماتة للهمم وقتل للشّعور، وغير ذلك من الشّرور..» [(5/155)].
وممّا في الزّوايا ممّا يبرؤُ منهُ الدّين: تفريقُ المسلمين إلى شِيعٍ ونِسبٍ مُتباينةٍ، كقولهم: إخوان الشّيخ فلان، وإخوان الطّريقة الفلانيَّة، فاتّخذت كلُّ طريقةٍ لها لقبًا تختصُّ به دون بقيَّة المسلمين، فهذه النِّسَب والألقاب المُفرِّقة للمسلمين ليست من الدِّين، ورحم الله الإبراهيميّ القائل: «أفلم يَكْفِكُمْ شرفُ الإسلام حتّى التمَسْتُم ما يُكمّله من هذه النِّسَب المفرِّقة؟...احذفوا هذه الزّوائد وكونوا من أمّتكم الواحدة» [(2/403-404)].

7- هذا وإنّ المصلحين السّلفيّين لم يكونوا يُنكِرونَ حسناتِ الزَّوايا، بل كانُوا يطلبونَ استمرارَ خيرِها وتثبيتَهُ، فهذا الزّعيمُ الطّيّب العقبيّ -الّذي أفتى بعض شيوخ الزّوايا في بلاد القبائل بقتله وضَمِنَ لقاتله الجنَّة!- علّقَ بتعليقةٍ على محاضرةِ الشيخ باعزيز بن عمرو الزّواويّ وعنوانها «الزَّوايا بالزَّواوة»، يقول عنها المُحاضِر: «وإثر المحاضرة قام الأستاذ الشيخ الطيب العقبيّ فألقى كلمات استحسان لها، وبيَّنَ ما لزوايا «الزّواوة» من الفضل في بثّ الثّقافة الإسلاميّة بتلك النّواحي، وعرَّجَ على هذا بأنّها يَجبُ أن تُعَانَ وتُؤيَّد. فلْيسمع هذا أولئكَ الّذين يبلغهم من أصحاب هذه الزّوايا بواسطةِ بعضِ النّاس أنّ الشّيخ العقبيّ يسعى في القضاء على زواياكم بصرْفِ النّاسِ عن مدّ يد المساعدة لها رغمَ أنَّها مدارس قرآنيّة ومعاهد علميّة، فليتنبّه الزّواويّون لكلّ ما يقال من هذا القبيل» [«الشّهاب»، جزء ذي القعدة 1351هـ، (ص146)].

8 - ومن اقتراحات إصلاح التّعليم في الزّوايا ومن نقائصها الّتي يُطْلَبُ لها الإصلاح، ما ذكره مبارك الميليّ في قوله: «إنّ للنّقصِ الواقع في التّعليمِ بالزّوايا وغيرها أسبابًا وراءَ ما ذكرهُ الكاتبُ من مشاهداته، ولا يُتغلَّبُ عليها إلاّ بمؤتمراتٍ علميَّةٍ تضعُ البرامجَ وتُوحّد الأساليب وتمتحنُ المعلّم والمتعلّم، والّذي يَخصُّ الزّوايا من عيوبٍ، هو: بثُّ الجمود وتقديسُ رجالٍ ليسَ لهم فضلُ أعمالٍ» [«البصائر»، العدد (145)، (ص5)]، وقال في موضعٍ آخر: يُؤيّدُ «تسجيلَ ما لتلك الزّوايا من حسنات تُشكر عليها، وتقدير ما فيها من سيّئات مع بيان طرق علاجها»، ليقولَ: «إنّ إِجَادَةَ تطبيق هذا المبدأ؛ مبدأ الاعتراف بالحسَن وإثباته، وذِكر السيّء وعلاجه، هي خطَّةُ الإصلاح وفَحْوَاهُ، وهيَ هيَ الّتي بُنيت عليها الدَّعوةُ الإسلاميَّة» [«البصائر»، العدد (159)، (ص8)].

9- ولْنستذْكِر معًا خيانةَ شيوخ الطّرق ورؤساء الزّوايا لمصالح الأمَّة (سنة 1939م) ومعاكستها في مطالبها بتأييدهم لقانون 8 مارس المشؤوم، الّذي سنّته فرنسا لضرب دين الإسلام ولغة الإسلام، وهُم يقولون عنه: إنّه لم يمسّ الدّين بسُوء! يقول الشيخ حمزة بوكوشة عن سُوءِ فِعلتهم: «وإن حاولُوا ذَرَّ الرَّمَادِ في العُيون بإظهارهم الاعتناءَ بالعربيّة وادّعائِهم تأسيس مدارس لها والسّعي في تأسيس كلّيّة. أيستطيعونَ تأسيس مدرسةٍ ثانويّة فضلاً عن تأسيس كلّيّة؟ في آونةٍ فقدنا فيها حرّيةّ تعليم الحروف الهجائيّة! إنّهم يقولون ما لا يفعلون، وهَبْهُم أسّسوا هذه المدارس الموهومة والكلّيّة المزعومة، أتراهُم يخدمون الإسلام؟ كلاّ! وربِّك، إنّما يخدمُون بها الاِستسلامَ للخُرافات والأوهام» [«البصائر»، العدد (160)، (ص3)].

10 - في ديسمبر 1937م، وقعَ انقلابٌ خطير في (وادي سوف)؛ فقد تحوّل الشيخ عبد العزيز بن الهاشمي مِن شيخ الطريقة القادرية إلى عالم مصلح؛ فجاهر في أتباعه وقومه، أثناء اجتماعِ وَفْدِ جمعيّة العلماء في «قمار»: «إنَّ الطُّرُقَ بدعةٌ لا أصل لها في الدِّين، فَحَسْبُكُمُ التّمسُّكُ بالكتاب والسّنَّة». وهكذا انقلبت «الزّاوية القادريَّة» رأسًا على عقب مِن «زاويةٍ طرقيَّة» إلى «معهدٍ إسلاميٍّ» علميٍّ، ومركزٍ يُمثّل جمعيّة العلماء في الصّحراء، يقول ابن باديس: «شَرَعَ الشّيخ عبد العزيز بعمارة زواياه بالعلم، وعيَّن رجلين للتّعليم من أبناء سوف المتخرجين من جامع الزيتونة المعمور» [«الآثار» (5/398)].
ولمّا عقد رؤساء الطُّرُق والزّوايا مؤتمرهم في عاصمة الجزائر يومَ 15أفريل1938م، والأيامَ الثّلاثة الّتي تليه: «قَدِمَ إلى الجزائر يوم الاثنين 19 أفريل الشّاب النّاهِض الشيخ محمد الصالح بن الشيخ الهاشمي ليشترك في هذا المؤتمر نيابةً عن أخيه الشيخ عبد العزيز رئيس الطريقة القادرية بشمال إفريقيا الّذي استُدعي للحضور، فألقى خطبةً رائعةً، بيَّن بها أن لا طريقة إلاَّ طريقة السُّنَّة، وذَكَرَ فضلَ عُلماء الإصلاح على الجزائر في بثِّ الهداية الإسلاميَّة الحقَّة»، وقد نَشرت «البصائر»، نصَّ الخطاب الّذي ألقاه الشيخ محمد الصالح في مؤتمر الطرقيَّة، ممَّا جاء فيه:
«أيّها الإخوان! أنا طُرُقِِيٌّ وِرَاثَةً وابنُ زاويةٍ عَرِيقٌ في نسبة الزّاوية والطرقية إلى بضعة ِأجداد في التاريخ، وعندي مِن العلم ما أُفَرِّقُ به بين الحق والباطل على الأقل، ومن المعرفة العامة ما أُمَيِّزُ به بين الخير والشرِّ وبين المقبول والمردود، وإنِّي أَدِينُ اللهَ الّذي أُؤمِنُ بلقائه بأن لا طُرقيَّة في الإسلام ولا زاوية في الإسلام ولا طائفيَّة في الإسلام، وبأنّه إِن كان في هذه الزَّوايا وهذه الطُّرُق خيرٌ، فإنَّ شرَّها يَذهب بخيرها، وبأنَّ مِن آثارها النّفسيَّة الّتي لا يُنكرها إلاَّ أعمى البصيرة، أنَّها فرَّقت كلمةَ المسلمين، لا أتكلَّمُ عن غائب ولا عن مجهول، وإنّما أتكلَّم عن مشاهدةٍ وعيان، وأُعبِّرُ عن وجدان، لا تزال آثاره في نفسي الّتي بين جَنْبَيَّ لولا أن عصمني الله بما وفّقني إليه مِن العلم»، وخَتَمَ خطابَهُ بثناءٍ على دعوة العلماء وتبيينٍ لمراميهم النَّبِيلة؛ فقال:
«إنّني أدين الله أيضًا أنّ الحركةَ القائمةَ إنَّما هي ضدَّ البدع المحدثة في الدِّين، وإنَّها إن أَتَتْ فإنَّما تأتي على الباطل، أمَّا الحقُّ فهو ثابتٌ بإذن الله محفوظٌ بحفظ الله. وإنِّي فهمتُ ولا زلتُ أَفهمُ مِن أقوال القائمين بها وأعمالهم ومَراميهم أنَّها ليست مُوَجَّهةً لهدمِ الزَّوايَا وإِنَّما هي مُوَجَّهةٌ لإصلاحها. عبد العزيز بن الهاشمي»اﻫ[«البصائر»، العدد (113)، (ص2-3)].
وقد خلَّدَ شاعرُ الجزائر هذه المأثرة في قصيدٍ، مِن أبياته:
عبد العزيز أخي النَّدى/ ربّ الجدا رجل العمل
ترك الدّعاوى جانِبًا/ وأَبَى الطَّرائقَ واعتزَل
طُوبَى لهُ ولكلِّ مَنْ/ طرحَ التَّغالي واعتَدَل [«تكملة ديوان محمّد العيد» (ص147)].

التعديل الأخير تم بواسطة سفيان الجزائري ; 03-25-2013 الساعة 04:56 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:00 AM.


powered by vbulletin