من أشراط الساعة الكبرى ريح تلقي الناس في البحر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فعن أبى سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال:
كان النبى -صلى الله عليه وسلم- فى غرفة ونحن أسفل منه فاطلع إلينا فقال:
« ما تذكرون ».
قلنا: الساعة.
قال « إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات:
خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف فى جزيرة العرب، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس».
وفي رواية ذكر فى العاشرة: "وريح تلقى الناس فى البحر"، بدل "نزول عيسى ابن مريم عليه السلام".
رواه مسلم في صحيحه.
وفي لفظ الترمذي: " وَالْعَاشِرَةُ إِمَّا رِيحٌ تَطْرَحُهُمْ فِي الْبَحْرِ، وَإِمَّا نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ".
ورواه الطبراني في الكبير، ذكر نزول عيسى عليه السلام، ولم يذكر الدخان، وإنما ذكر بدله: "وبريح تلقيهم في البحر".
ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة، وذكرة العشرة كلها وزاد: "وريحاً تتبعهم تلقيهم في البحر".
والظاهر أن هذه الريح العظيمة تكون مع النار التي تخرج من قعر عدن والتي تحشر الناس إلى الشام، لوجود أناس خارج نطاق هذه النار فتكون هذه النار قاضية عليهم.
قال ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح( 15 / 473) : " وفي رواية أي لمسلم أو غيره: "نار تخرج من قعر عدن" أي أقصى أرضها، ففي المشارق: "عدن مدينة مشهورة باليمن" وفي القاموس: "عدن محركة جزيرة باليمن"
تسوق أي: تطرد النار الناس إلى المحشر، وفي رواية في العاشرة أي في بيانها وبدلا عما ذكر فيها من النار: "وريح تلقي الناس في البحر"
ولعل الجمع بينهما: أن المراد بالناس الكفار وأن نارهم تكون منضمة إلى ريح شديدة الجري سريعة التأثير في إلقائها إياهم في البحر، وهو موضع حشر الكفار، أو مستقر الفجار، كما ورد أن البحر يصير نارا، ومنه قوله تعالى: {وإذا البحار سجرت} بخلاف نار المؤمنين فإنها لمجرد التخويف بمنزلة السوط مهابة لتحصيل السوق إلى المحشر والموقف الأعظم والله تعالى أعلم" انتهى بشيء من الاختصار.
وقوله إن الريح بدلا عن ذكر النار غير صحيح، وإنما جاءت في رواية مسلم بدلا عن نزول عيسى عليه السلام، أو عن ذكر الدخان عند الترمذي.
والله أعلم
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
7/ 1/ 1439 هـ