الإجابة على أسئلة مهمة في تغسيل الموتى و دفنهم و مسائل أخرى للشيخ عبد الله بن إبراهيم القرعاوي
الرسالة الرابعة والخمسون
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.من عبد الله بن إبراهيم القرعاوي إلى الأخ المكرم..... حفظه الله.سلامٌ عليك ورحمة الله وبركاته... أما بعد.فهذا جواب الأسئلة التي طلبت الإجابة عليها. نسأل الله تعالى الإعانة والتسديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
السؤال الأول: ما هو الواجب على من حضر احتضار أخيه؟
الجـواب: ينبغي للمسلم إذا عاين احتضار أخيه أن يلقنه كلمة الإخلاص، ومعنى التلقين أن يقول الإنسان الشيء ويتبعه عليه، فيقول عنده: «لا إله إلاَّ الله»يذكره بها حتى يذكرها ويقولها، فإذا قالها كف عنه، وإن هو تكلم بكلام غيرها أعاد تلقينه؛ رجاء أن يكون آخر كلامه: «لا إله إلاَّ الله»فيدخل الجنة؛ لقوله -صلى الله عليه و سلم-: «لقنوا موتاكم لا إله إلاَّ الله»رواه مسلم والأربعة، ولقوله -صلى الله عليه و سلم-: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة»رواه أبو داود والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.ولا يقال له: «قل»بل يتشهد عنده ولا يكثر التكرار، وأما غير المسلم فيقال له: قل: «لا إله إلاَّ الله»كما قال النبي -صلى الله عليه و سلم- للغلام اليهودي ولأبي طالب وغيره، قال ابن القيم –رحمه الله تعالى-:«يستحب التأذين في أذن المولود اليمنى، والإقامة في اليسرى؛ ليكون أول ما يقع سمع الإنسان على كلمات الأذان، كما يلقن عند خروجه من الدنيا، فتكون دعوته إلى الله تعالى وإلى دين الإسلام سابقة على دعوة الشيطان» .وينبغي أن يوجه المحتضر إلى القبلة مضطجعًا على شقه الأيمن، فقد جاء الحديث والأثر بذلك، وإن لم يكن فمستلقيًا على ظهره، ورجلاه إلى القبلة.وإذا فاضت روح المسلم سنَّ تغميض عينيه، وستره بغطاء، وأن لا يقال عنده إلاَّ خيرًا: «اللهم اغفر له اللهم ارحمه»لقول النبي -صلى الله عليه و سلم- لما دخل على أبي سلمة، وقد شق بصره عندما مات فأغمضه ثم قال: «إن الروح إذا قبض تبعه البصر»فضج ناس من أهله، فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلاَّ بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون»رواه مسلم.
السؤال الثاني: هل تقرأ سورة يس على الميت؟ وهل قراءتها قبل الوفاة أم بعدها؟
الجـواب:الحديث الوارد في ذلك عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه و سلم- قال: «اقرؤوا على موتاكم يس»رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان.فالحديث صححه طائفة من أهل العلم وضعفه طائفة، وأما معناه فإنه يراد به -والله تعالى أعلم- قراءة السورة المذكورة عند المحتضر، ويسمى المحتضر ميتًا باعتبار ما سيكون كما في حديث التلقين: «لقنوا موتاكم»أي من قرب من الموت، سماه ميتًا باعتبار ما يؤول إليه كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ﴾.وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى-:تستحب قراءة يس عند المحتضر، وقيل: الحكمة في قراءتها اشتمالها على تغير الدنيا وزوالها، والوعد بالبعث والقيامة ونعيم الجنة وما أعد الله فيها، وتتذكر بقراءتها تلك الأحوال التي توجب زهده في الدنيا المنتقل عنها إلى الآخرة فتسهل عند ذلك خروج روحه، ففي السورة أدلة من الأدلة النقلية والعقلية على إمكان البعث والحياة الأخرى.
السؤال الثالث: هل تعرض الأديان على المحتضر؟
الجـواب:قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى-:«وعرض الأديان عند الموت ليس عامًّا لكل أحد ولا منفيًا عن كل أحد، بل من الناس من تعرض عليه الأديان، ومنهم من لا تعرض عليه؛ وذلك كله من فتنة المحيا، والشيطان أحرص ما يكون على إغواء بني آدم وقت الموت». انتهى.
السؤال الرابع: هل إذا مات ابن آدم فنيت روحه أم لا؟
الجـواب:الموت ليس فناءً للروح، وإنما هو انتقال الروح من عالم إلى عالم آخر، فهو مفارقة الروح للبدن، والروح باقية لا تفنى عند أهل السنة، قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فالأرواح باقية في حياة برزخية، الله أعلم بكيفيتها ونوعها.
السؤال الخامس: ما هي صفة تغسيل الميت؟
الجـواب:لا يجوز أن يغسل المرأة إلاَّ جنس النساء وبالعكس، إلاَّ ما استثني من تغسيل المرأة زوجها والأمة سيدها والعكس، فلكل منهما غسل صاحبه.وأما صفة غسل الميت فيجعل مع الماء سدر؛ لأنه ينقي الجسد ويصلبه، وصفة الغسل المستحب الكامل هي:أن يوضع الميت على شيء مرتفع، ويتولى غسله أمين صالح، فيعصر بطنه برفق؛ لما عسى أن يخرج منه من أذى، ثم يلقي على يده خرقة وينوي غسله، ثم يغسل فرجه وما به من أذى، ثم ينزع الخرقة، ثم يسمى، ثم يوضئه كوضوئه للصلاة، ثم يغسل شقه الأيمن فيبدأ بالشق الأيمن المقبل من عنقه وصدره وفخذه وساقه، ثم يرفعه من جانبه الأيمن فيغسل الظهر وما هناك من وركه وفخذه وساقه، ثم يغسل شقه الأيسر المقبل من عنقه وصدره وفخذه وساقه، ثم يرفع جانبه الأيسر فيغسله كالأيمن، ثم يفيض الماء على جميع بدنه، ولا يكبه على وجهه إكرامًا له، يغسله كذلك ثلاثًا إلاَّ الوضوء ففي المرة الأولى فقط. فإن لم يحصل نقاء بثلاث غسل خمسًا ثم سبعًا أو أكثر من ذلك، ويكون ذلك بحسب الحاجة لا التشهي، ويجعل في الغسلة الأخيرة كافورًا، وكره الاقتصار في غُسله على مرة واحدة وتجزئ كالحي في غسل الجنابة والحيض، ويضفر شعر الأنثى ثلاثة قرون ويسدل وراءها.
السؤال السادس: كم عدد أكفان المرأة والرجل؟
الجـواب:يجب تكفين الميت من ماله، فإن لم يكن له مال فكفنه على من تلزمه نفقته، ويستحب تكفين رجل في ثلاث لفائف بيض من قطن، وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز، ولا تجمع اللفائف الثلاث مع القميص والإزار، فإما بثلاث لفائف فقط أو بلفافة وقميص وإزار.ويستحب تكفين المرأة في خمسة أثواب بيض من قطن، وهي إزار وخمار وقميص ولفافتان.وأما الصبي ففي ثوب واحد، ويباح في ثلاثة أثواب، والبنت الصغيرة في قميص ولفافتين بلا خمار؛ لعدم احتياجها في حياتها إليه، فكذا بعد الموت.وأما الواجب في تكفين الميت مطلقًا كبيرًا كان أو صغيرًا ذكرًا كان أو أنثى فهو ثوب واحد يستر جميع بدن الميت.وأما صفة اللفائف فهو أن يوضع بعضها فوق بعض، ويجعل حنوط، وهو أخلاط من طيب يعد للميت خاصة فيما بينها لا فوق العليا، ثم يوضع عليها الميت ثم يرد طرف اللفافة العليا الأيمن ثم الأيسر ثم الباقيات هكذا وتعقد، وتحل في القبر.
السؤال السابع: ما هي صفة الصلاة على الجنازة؟
الجـواب:صفتها هي أن توضع الجنازة أو الجنائز في قبلة المصلين، ويوضع رأس الجنازة مما يلي يمين الإمام، ويقف الإمام عند رأس الذكر أو صدره ووسط الأنثى، والناس وراءه، ثم يرفع يديه ناويًا الصلاة على الميت أو الأموات –إن تعددوا- قائلاً: الله أكبر، ثم يتعوذ ويسمي، ثم يقرأ الفاتحة، وكذا من خلفه من المأمومين، ثم يكبر رافعًا يديه ويصلي على النبي -صلى الله عليه و سلم- كالصلاة في التشهد الأخير، ثم يكبر رافعًا يديه ويصلي على النبي -صلى الله عليه و سلم- كالصلاة في التشهد الأخير، ثم يكبر رافعًا يديه ويدعو فيقول: «اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، إنك تعلم مقلبنا ومثوانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله وأوسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، وأفسح له في قبره ونور له فيه» .وإن كان الميت صغيرًا –ذكرا أو أنثى- قال: «اللهم اجعله ذخرًا لوالديه وفرطًا وأجرًا وشفيعًأ مجابًا، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم، وَقِهِ برحمتك عذاب الجحيم» .ثم يكبر رافعًا يديه، ويسكت بعد الرابعة قليلاً، ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه، والدليل على مشروعية رفع اليدين مع كل تكبيرة ما خرج الدارقطني في العلل بإسناد جيد عن ابن عمر مرفوعًا: أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة.
السؤال الثامن: أيهما أفضل: اللحد أم الشق؟
الجـواب:الأفضل بل السنة اللحد؛ لقول النبي -صلى الله عليه و سلم-: «اللحد لنا، والشق لأهل الكتاب»رواه أحمد وغيره.
السؤال التاسع: هل يجمع بين اثنين في قبر واحد؟
الجـواب:يحرم دفن اثنين فأكثر معًا في قبر واحد؛ لأن النبي -صلى الله عليه و سلم- كان يدفن كل ميت في قبر، وهكذا استمر عمل الصحابة ومن بعدهم من السلف والخلف.وأما إذا حصل ضرورة؛ وذلك لكثرة الموتى كما حصل في غزوة أحد فيجوز لوجود المشقة؛ ولأن النبي -صلى الله عليه و سلم- كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب، ثم يقول: «أيُّهم أكثر أخذًا للقرآن»فيقدمه في اللحد. رواه البخاري.
السؤال العاشر: عند الحثيات الثلاث نسمع من يقرأ قوله تعالى عند كل حثية:﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ ﴾ وفي الثانية:﴿ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ﴾ وفي الثالثة: ﴿وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾. ونسمع من يقول: بسم الله وعلى ملة رسول الله. هل ورد في ذلك شيء؟
الجـواب:يسن لمن لم يتولَّ الدفن أن يحثو ثلاث حثيات على القبر من ترابه اقتداء بالنبي-صلى الله عليه و سلم- ، ومشاركة في أداء الواجب، وهو فرض الكفاية في الدفن.وأما التفصيل عند قراءة الآية في الحثية الأولى: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ﴾ إلخ فهذا ما جاء في الحديث المروي في ذلك، وإنما لفظ الحديث هو: عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله -صلى الله عليه و سلم- في القبر قال رسول الله : ﴿وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾ رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وقد ضعَّف بعضهم إسناد هذا الحديث.وأما قول: «بسم الله وعلى ملة رسول الله»فإن لفظ الحديث يدل على أن الذي يقول ذلك هو من يضع الميت في اللحد، كما في حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه و سلم- قال: «إذا وضعتم موتاكم في القبور فقولوا: بسم الله وعلى ملة رسول الله»وفي لفظ: كان إذا وضع الميت قال: «بسم الله وعلى ملة رسول الله»رواه الخمسة إلاَّ النسائي.
السؤال الحادي عشر: هل تقلع أسنان الذهب؟
الجـواب:تقلع أسنان الذهب من الميت وتؤخذ، إلاَّ إن كان نبت عليها لحم وخيف أن ينقطع لحم بسب قلعها فتترك.
السؤال الثاني عشر: هل يجوز وضع شيء على القبر مثل جريدة ونحوها؟
الجـواب:وضع الجريدة على القبر خاص بالنبي -صلى الله عليه و سلم-؛ بدليل حديث جابر -رضي الله عنه- الطويل في صحيح مسلم، وفيه قال -صلى الله عليه و سلم-: «إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت –بشفاعتي- أن يرد عنهما مادام الغصنان رطبين»فإنه صريح في أن رفع العذاب إنما هو بسبب شفاعته -صلى الله عليه و سلم- ودعائه.وأما وضع الزهور والرياحين على القبر فهو بدعة محرمة تجب إزالتها والإنكار على واضعها.
السؤال الثالث عشر: وضع نصيلة واحدة لقبر المرأة واثنين على قبر الرجل. هل هذا صحيح أم لا؟
الجـواب:لا بأس بتعليم القبر بحجر؛ لما روى أبو داود وغيره عن المطلب أنه أمره لما توفى عثمان بن مظعون أن يأتيه بحجر فوضعها عند رأسه وقال: «أعلم بها قبر أخي؛ أدفن إليه من مات من أهلي» .وأما وضع نصيلتين على قبر الرجل، وعلى قبر المرأة نصيلة واحدة فهذا التفريق ليس بصحيح وليس عليه دليل، فيتعين النهي عنه والإنكار على فاعله.
السؤال الرابع عشر: هل تجوز الكتابة على النصيلة اسم الميت أو تاريخ وفاته؟
الجـواب:لا تجوز الكتابة على القبر لا على النصيلة ولا غيرها؛ لما روى الترمذي وصححه من حديث جابر مرفوعًا: «نهي أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن توطأ» .
السؤال الخامس عشر: هل يجوز المشي بالنعال بين القبور؟
الجـواب:لا يجوز؛ لقوله -صلى الله عليه و سلم- لبشير بن الخصاصية: «ألق سبتيك»رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناده جيد؛ لأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع وزي أهل التواضع واحترام أموات المسلمين، وذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن إكرامها عن وطئها بالنعال من محاسن هذه الشريعة.
السؤال السادس عشر: هل يجوز نقل الجنازة من بلد إلى آخر؛ مثل إنسان توفي في الرياض ونقل إلى القصيم؟
الجـواب:لا ينبغي نقل الجنازة من بلد إلى آخر بعيد إلاَّ لغرض صحيح؛ بل إن في نقلها تأخيرًا لها وحبسًا له، والسنة عدم التأخير؛ لما روى الطبراني بإسناد حسن من حديث ابن عمر: سمعت رسول الله -صلى الله عليه و سلم- يقول: «إذا مات أحد فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره»وقالت عائشة –رضي الله عنها-: «رحم الله أخي، إن أكثر ما أجد في نفسي أنه لم يدفن حيث مات»وأما ما ورد في حمل جنازة سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من العقيق إلى المدينة، وابن عمر من مكة إلى سرف فهما موضعان قريبان، والله أعلم.
السؤال السابع عشر: ترى كثيرًا من الأئمة الذين يصلون على الجنازة لا يفرقون بين الجنائز. وقد يوجد طالب علم ونحوه مما ينبغي تقديمه على غيره في وضعه أمام الإمام.
الجـواب:إذا اجتمعت جنائز قدم إلى الإمام أفضلهم، ويجعل الرجال مما يلي الإمام، ثم الصبيان، ثم النساء مما يلي القبلة، قال عمار : شهدت جنازة أم كلثوم وابنها فجعل الغلام مما يلي الإمام، فأنكرت ذلك عليه، وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة فقالوا: هذه السنة.وإن كانوا نوعًا واحدًا قدم الإمام أفضلهم بعلم أو تقى أو سن.
السؤال الثامن عشر: نرى كثيرًا من المصلين إذا مرت بهم جنازة لا يقومون لها. ما هي نصيحتكم لهم؟ وما حكم القيام للجنازة؟
الجـواب:القيام للجنازة إذا مرت مسنون؛ لحديث: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا»متفق عليه، ظاهر الحديث وجوب القيام للجنازة إذا مرت؛ إعظامًا لأمر الموت؛ ولذا جاء في صحيح مسلم: «إن الموت فزع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا»وذهب بعضهم إلى عدم السنية، وقال: إن القيام للجنازة منسوخ بما رواه أحمد وأبو داود عن علي -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه و سلم- بالقيام للجنازة ثم جلس بعد ذلك، وأمرنا بالجلوس، والذي يظهر لي -والله تعالى أعلم- أن هذا لا ينسخ الأمر بالقيام كما في الحديث المتفق عليه، وإنما يصرف الأمر من الوجوب إلى السنية. والله تعالى أعلم.
السؤال التاسع عشر: نرى كثيرًا من الناس لا يحملون الجنازة على الأكتاف، ما هي نصيحتكم لهم؟
الجـواب:الأولى حمله على الأكتاف، إلاَّ إن كان حمله على الأكتاف يشق؛ إما لبعد المسافة أو لثقل ونحوه فلا بأس.
السؤال العشرون: ما هي نصيحتكم لمن يتحدث في المقبرة بأمور الدنيا؟
الجـواب:يكره الحديث والكلام في أمر الدنيا عند القبور، وكذا التبسم، والضحك أشد؛ لأنه موضع مذكر للموت وحالة الموتى والعد معهم، ولأنه غير لائق بالحال، بل هو مزهد في الدنيا ومرغب في الاستعداد للآخرة؛ لقول النبي -صلى الله عليه و سلم-: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها؛ فإنها تذكر الآخرة»رواه الترمذي، ولأحمد: «فإنها عبرة» .وإني أنصح الزائر للقبور والمشيع للجنازة أن لا يغفل عن الاعتبار بحال الأموات، كيف تقطعت أوصالهم وتفرقت أجزاؤهم، وكيف يبعثون من قبورهم، وأنه عما قريب يلحق بهم، فعليه أن يتأدب بآداب الزيارة؛ من ترك حديث الدنيا والتبسم والضحك، وأن يحضر قلبه في إتيانها ويتعظ بأهلها وأحوالهم، ويعتبر بهم وما صاروا إليه.