من حِكَم وتوجيهات عبدالله بن مسعود رضي الله عنه لطلبة العلم
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:
«كونوا ينابيعَ العلمِ،
مصابيحَ الهُدى،
أحلاسَ البيوتِ،
سُرُجَ الليل،
جُددَ القلوب،
خُلقانَ الثياب،
تُعرفون فِي السماءِ، وتَخْفَون على أهلِ الأرضِ».
رواه الدارمي، وابن أبي الدنيا في كتاب العزلة، وفي التواضع والخمول، من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه. وهو حسن بطرقه. وله شاهد يرقيه للصحة عند البيهقي في شعب الإيمان.
معنى "أحلاس البيوت" : قال في عون المعبود (11/ 226): «أحلاس البيوتِ: ما يبسط تحت حر الثياب، فلا تزال ملقاة تحتها، وقيل: الحِلس: هو الكساء على ظهر البعير تحت القتَب والبرذعة، شبهها به للزومها ودوامها، والمعنى: الزموا بيوتكم، والتزموا سكوتكم كيلا تقعوا في الفتنة التي بها دينكم يفوتكم».
وسرج الليل: أي أضيؤوا الليل بقيامة، ويشمل مذاكرة العلم ومراجعته.
ومعنى جدد القلوب: أي قلوبهم متقدة متجددة الهمة والنشاط.
ومعنى "خلقان الثياب" : أي: ثيابهم بالية لقدمها وطول لبسها. ففيه الزهد في الدنيا.
وهذه صفة غالبة لطالب العلم لانشغاله بالعلم عن الاهتمام بمظهره وثيابه، ومن يهتم بذلك فلا حرج عليه، المهم يكون منكباً على العلم ناهلاً منه قدر طاقته.
وهَـمُّ طالب العلم أن يعرفه سكان السماء بعبادته وطاعته ومثابرته على العلم والتعلم، وأعظم من يحرص على أن يعرفه هو ربه عز وجل الذي فوق العرش مستو عليه، المراقب لخلقه، الحي القيوم.
ولا يهمه أن لا يعرفه أهل الأرض، بل يمشي متواضعا بين الخلق، ساعيا في حوائجهم لا سيما في نشر العلم والهدى وما ينفعهم في آخرتهم.
والله أعلم.
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
24/ 1/ 1439 هـ