تنازُلات " جماعة الإخوان" ....
الحمد لله وحده والصلاة والسلامُ على مَنْ لا نبيَّ بعدهُ وبعد :
قد وردَ في تصريحٍ مِن القيادي البارز في جماعة الإخوان المُسلمين / عبدالمُنعم أبو الفتوح , ما وجدته في جريدة النُخبة للعدد 585 ما يلي :
يقول الدكتور عبد المُنعِم أبو الفُتوح : إنَّه يُحِبّ الاستماع إلى أغاني سيّدة الغناء العربي الراحلة " أُم كلثوم " .
مُؤكِّداً أنَّه لا يرى عيباً في أغانيها العاطفيّة مثل التي تقول فِيها " بعيد وحدينا " .
وكشفَ في حديثٍ لإحدى الفضائيّات المصريّة أنَّه كان يعتقِد أنَّه فقط مِن الإخوان الذين يستمعون لأم كلثوم , لكنَّه عرفَ مِن المُرشِد الأسبق للجماعة الراحل / عمر التلمساني , أنَّه مِن عُشَّاق أغانيهاً أيضاً .
موضِّحاً أنَّه لا يُشرِّف الإخوان القول إنَّهم يُحاربِون الفنَّ والإبداع .
أقول :
*هل يُصدِّق أحد أنَّ هذا تصريح قيادي في جماعة تدّعي أنّها دعويّة إصلاحيّة إسلاميّة .
* إذا كان هذا حالُ قادةِ الجماعة , فما بالكُم بالعوام ؟ .
* أيجهَل هذا القِيادي البارز حُكم الغِناء في الشريعة الإسلاميّة ؟ _ هذا وهو قيادي في حزبٍ إسلاميِّ , يهدِف إلى الإصلاح , (زعموا) _ أم يجهَل أقوالَ العُلماء والسلف الصالح في تحريمِ الغِناء والمعازف .
* إنَّ وصفَ هذا القيادِي " بالجاهل " هو مِن إحسانِ الظنِّ بهِ , وإلّا فإنَّ المسألة تعدَّت مِن كوْنها " حبَّ الغِناء " إلى المُجاهرَة بالمعصية , معَ الإيماءِ بالتحليل , حيثُ يقول: أنّه لا يُشرِّف الإخوان القوْل إنّهم يُحاربون الفنَّ والإبداع , وأسألُه : إذا لمْ يكن يشرِّفهم النزول عندَ حُكمِ الله في الغِناء , فهل سيشرِّفَهُم شيء؟ .
أخي القارئ لنورِد بعضَ الأدلّة في تحريم الغِناء:
* قال تعالى : "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ" , صحّ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :(نزلت في الغناء وأشباهه) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وابن جرير في تفسيره , وصحّ عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه سُئل عن هذه الآية فقال : (هو الغناء والذي لا إله إلا هو) يرددها ثلاثا أخرجه ابن أبي شيبه وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه ابن القيم.
* وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "الغناء يُنبت النفاق في القلب" أخرجه ابن أبي الدنيا بسند صحيح.
بعدَ هذه الأدلَّة , إذن ما السرِّ وراء هذا التصريح مِنْ هذا القِيادي " الإخواني " ؟ وما الدّاعي لهُ ؟ .
إذا أردتَ أنْ تعلم السرِّ فيجب عليكَ معرفة كلمة السرّ لهذه الجماعة , والتي أوردها فاضحاً لهُمْ مِن منهجهِم , الشيخ أبو إبراهِيم بن سلطان العدناني " حفظه الله " في كتابِه : " القُطبية هي الفِتنة فاعرفوها " , بقولِه :
( أنَّ أيّ وسيلة أو فِكرة أو مقولَة يُرادُ لها أنْ تُروَّجَ بين النَّاس , فلا بدَّ مِن عرضِها بثوبٍ مُجمَل ليقفِ مِنها الجميع _ المُوافِق والمُخالِف _ موقف الحِياد على أقلِّ تقدير ) .
أقول :
وهذا يعني بكلِّ بساطة أنَّها دعوة تجميعيّة تُريدُ أن يقِفَ الغالِبُ مِنها موقفِ الحِياد في أقلِّ تقدير _ وإن كان هذا على حِساب التنازُل عن الدِّين _ فلمَّا كانَ لأهلِ الفِسق غلبَةٌ وكثرَة , كان يجب ضمّهم إلى الجماعة وأخذَ أصواتِهم , وإبقائَهم في طوْر الحِياد إنْ لمْ يكون ولائهم للجماعة .
فلا يظنُّ أحدْ أنَّ هذا التصريح يخلو مِن المغزى , خاصّةً أنّه مِن رجلْ قِيادي في الجماعة , ومثلُ هذا التفكير يدلُّك أنَّ الجماعَة تسعى إلى تجميع لكسبِ السياسة, وإنَّ جشعَ التجميع يُسوِّغُ لهُم هذه التنازلات تحت ظلِّ القاعدَة الميكافيليّة الكافِرة أنَّ : " الغاية تُبرِّر الوسيلة " , نسبةٍ إلى : ميكافيلي, مؤسِّس مدرسَة التحليل والتنظير السياسي الواقعي .
ولسنا بصدد كشف عَوار هذه القاعدة الخبيثة ولكن :
هل يجدُر بجماعة تدّعي كوْنهَا دعويّة إصلاحيّة إسلاميّة , أنْ يكون تنظيرُها مُستوحى مِن الكُفَّار بما يُخالِف منهَج الإسلام؟
ولإثبات أنَّ هذه التنازُلات مِنْ منهج " جماعة الإخوان " وليس كلامُ أبو الفُتوح نشازاً عليهم , فلديهِم تنازُلات عقدية , مِنها ما يلي :
يقول التُلمساني المُرشِد الأسبق للجماعة : (وفي الأربعينات _ على ما أذكُر _ كان السيد " القُمِّي " يَنْزل ضيفاً على الإخوان في المركِز العام _ وهو شيعي_ ووقتها كان الإمام الشهيد يعمل جادّاً على التقريب بين المذاهِب .. وسألناه يوماً عنْ مدى الخلاف بين السُنّة والشيعة ؟ فنهانا عن الدخول في مثلِ هذا المسائل الشائكة ...)انظر موقف العُلماء المُسلمين ص (5_21).
هل هُناك تقريب مع من يسب الصحابة , ويرمي أمَّ المؤمنين بالفاحشة , ويطعن في القرآن وفي الرِسالة ؟ .
ويقول " البنّا " : ( فأقرِّر أنَّ خُصومتنا لليهود ليست خُصومة دينيّة ) انظر الإخوان المُسلمين أحداثٌ صنعَت التاريخ ( 1/409_410).
ويقول يُوسف القرضاوي : ( إنّنا لا نُقاتِل اليهود مِن أجلِ العقيدة , وإنّما مِن أجلِ الأرض..) انظر جريدة الراية القطرية , عدد: 4696, انظر مُلحَق الوثائق .
فإذا حصلَ التنازُل في العقيدة ماذا بقيِ لنا مِنْ الإسلام ؟.
وأخيراً :
ماذكرتُه في هذا المقال , ليس إلَّا إيضاح صورة مُصغَّرة ومُختَصرَة , عن تنازُلات "جماعة الإخوان" الدِّينيّة , وضلالِها , وسيْرِهِا على ما يُخالِف منهجَ القُرآن والسُنّة على فِهم السلفِ الصالح .
وإذْ أنّي لمْ أستطرِد في توضيح ضلال هذه الجماعة منْ كلِّ الجوانب , ولم أفي بحقِّ هذا الجانب لعدمِ سَعةِ المقام .
ولكن أردتُ أنْ نخلَصُ جميعاً , إلى فِهم ما يُحاكْ لنا مِن مفاسد تحتِ سِتار الدين , وهذه هي مغبَّةُ فِهم القُرآن والسُنّة على غيرِ فِهمِ سلف هذه الأمّة .
فلو سارَت "جماعُة الإخوان" على قاعِدة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في قولِه : " اتّبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم " رواه الدارمي , لَنجَوا بأنفسِهم من هذا الضلال .
وفي ما مضى كِفاية .
وصلِّي اللهم وسلِّم على سيّدِنا مُحمد وعلى آلهِ وأتباعِه ما تعاقَب الليل والنّهار .
مصدر المقال : مجلّة الزاخر الأدبيّة .
للكاتب : سهيل عمر عبدالله سهيل الشريف .