منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات جواب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لمن سأله: (ما سبحان الله؟) (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          الرد على الكلام المنسوب للشيخ لزهر حول فضيلة الشيخ طلعت زهران، وحول كتابات العتيبي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-08-2011, 08:54 PM
أبو موسى أحمد الأردني أبو موسى أحمد الأردني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 152
شكراً: 41
تم شكره 13 مرة في 10 مشاركة
افتراضي ...::: السجال المحمود في بيان المقام المحمود :::...

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:


فهذا موضوع أطرحه عليكم إخوتي طلبة العلم كان حبيس الكواليس مُدّة من الزمان تباحثت فيه أنا وأخي الفاضل (الشريف الهاشمي أبا الحسين الحسيني) وفقه الله لكل خير، كنّا تطرقنا فيه لتفسير قوله تعالى: {عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا}من سورة الإسراء، وحصل ردٌّ وأخذٌ في هذه المسألة، مع مناقشات طويلة لم تنتهي بعدُ -بالنسبة لي على أقل تعديل-..


فأحببنا بعد المشاورة والمناقشة في أن نطرح الموضوع على المنتدى العام ليعلم جاهلٌ وليُعقب عالمٌ ويستفيد شادٍ (أي: مبتديء)، في مسألة انقسم الناس فيها في زماننا على أقوال بين معتقدٍ لها، ومنكرٍ لها، وغير نافٍ لأصل هذه المسألة..


أما السلف فلم ينقل عن أحد منهم خلافًا في قَبول هذا المعنى غير الجهمية..


وفي هذا قال أبو الحسن الدارقطني:


حديث الشفاعة عن أحمد *** إلى أحمد المصطفى مسنده

وجاء حديث باقعاده *** على العرش أيضًا فلا نجحده
أمرُّوا الحديث على وجهه *** ولا تُدخلوا فيه ما يفسده
ولا تُنكروا أَنَّه قاعد *** ولا تُنكروا أنه يقعده




وقال الإمام ابن القيم في تقرير هذا المعنى في قصيدته النونية:


واذكر كلام مجاهد في قوله*** أقم الصلاة وتلك في سبحان


في ذكر تفسير المقام لأحمد *** ما قيل ذا بالرأي والحسبان


إن كان تجسيمًا فإن مجاهدًا *** هو شيخهم بل شيخه الفوقاني


وقد أتى ذكر الجلوس به وفي *** أثر رواه جعفر الرباني


أعني ابن عم نبينا وبغيره *** أيضًا والحقُّ ذو التِّبيان


والدارقطني الإمام يثبت الآثار *** في ذا الباب غير جبان


وله قصيد ضمنت هذا *** وفيها لست للمروي ذا نكران


وجرت لذلك فتنة في وقته *** من فرقة التعطيل والعدوان


والله ناصر دينه وكتابه *** ورسوله في سائر الأزمان


لكن بمحنة حزبه من حربه*** ذا حكمة مذ كانت الفئتان


فالمرجو من الإخوة المعلِّقين التريث وتطويل النفس في النّظر في هذه المسألة قبل إصدار أحكام أو تأييد أو تعقيب، وليتَّسع صدر الذي لم يكن له سابق علم بهذه المسألة لعل الله أن يهديه إلى شيء ينتفع به في الدنيا والآخرة..


وليتسع صدر الإخوة جميعًا لمناقشة هذه القضية وتقريرها.. فالمجال متسع لكل من يحب الدخول في النقاش بالأدب والحلم والصبر، ولكل من عنده تساؤل فلا يخشى من طرحه وطلب توضيحه فليس العيب أن لا تعلم ولكن العيب أن لا تتعلم..


أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبصرنا بالحق ويشرح صدرنا لقبوله وأن يرضينا به ..


وكتب:


أبو موسى أحمد الغرايبة الأردني


غفر الله له ولوالديه


آمين
__________________
...::________::...

هَل صحّ قول من الحاكي فنقبله *** أم كلُّ ذاك أباطيلٌ وأسمارُ
أمَّا العقول فآلت أنَّه كذبٌ *** والعقل غَرسٌ له بالصِّدقِ إثمارً
"شيخ المعرَّة"
..::ــــــــــــــــــــــــــــ::..
أبو موسى الأردني
أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
- غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ -
آمين


التعديل الأخير تم بواسطة أبو موسى أحمد الأردني ; 05-09-2011 الساعة 05:52 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-08-2011, 08:55 PM
أبو موسى أحمد الأردني أبو موسى أحمد الأردني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 152
شكراً: 41
تم شكره 13 مرة في 10 مشاركة
افتراضي

« المقام المحمود »

قول أئمَّة السَّلف -رحمهم الله- في تفسير المقام المحمود المذكور في قوله تعالى: {عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا}[الإسراء:٧٩].
الحمد لله مكرم الناس ببعثة أفضل الخلق، صاحب الشفاعة والمقام المحمود، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه، ومن أثبت له ما يليق بشخصه الشريف من المكرمات والفضائل مما حباه به الله..
أمَّا بعدُ:
قال الإمام ابن جرير الطبري : في «تفسيره» لقول الله تعالى في سورة الإسراء: {عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا}[الإسراء:٧٩]، بعد أن ساق أقوال أهل التأويل في معنى المقام المحمود وأنَّ منهم من فسَّره بالشفاعة للخلق يوم المحشر، وهو الذي ذهب إليه الإمام ابن جرير : ، حيث قال:
«وهذا .. هو الصحيح من القول في تأويل قوله{عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا}[الإسراء:٧٩]، لما ذكرنا من الرواية عن رسول الله ، وأصحابه والتَّابعين ».
ولكنَّه : بيَّن أن القول الآخر غيرُ مدفوعٍ صِحَّتُهُ، لا من جهة النظرِ ولا من جهةِ خَبَرٍ صحيح، وهو ما قاله وذهب إليه مجاهدٌ : وجماعة من السَّلف من أنَّ المعنى إنَّما هو :الإقعاد على العرش، فقال:
«فإنَّ ما قاله مجاهد من أنَّ الله يُقعد محمَّدًا على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر، وذلك لأنَّه لا خبر عن رسول الله ، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن التَّابعين بإحالة ذلك»اهـ.
قلتُ:
ثمَّ ساق : مذاهب أهل الإسلام في معنى بينونة الله -سبحانه وتعالى- من خلقه وأن أهل الإسلام في ذلك على ثلاثة مذاهب أُلَخِّصها فيما يلي:
ففرقة قالت: إنَّ الله -عز وجل- بائن من الخلق قبل خلقه لهم وبعد خلقه لهم، لا يكون مماسًّا لشيءٍ منها أبدًا.
وقالت أخرى: إنَّ الله -سبحانه وتعالى- كان قبل خلقهِ الأشياء لا مماسًّا لها ولا مباينًا لها وهو كذلك بعد خلقه الأشياء، لا مماسًّا لها ولا مباينًا لها.
وقالت الثالثة: إنَّ الله -تبارك وتعالى- كان قبل خلقه الأشياء، لا شيء يُماسُّهُ ولا شيء يُباينه فخلق الأشياء فماسَّ منها ما شاء، وباين منها ما شاء.
وعلى قول كل فرقة من المذكورة آنفًا يكون سواء إقعادُ النَّبي على العرش أو على الأرض.
وقرر الإمام ابن جرير : في نهاية كلامه أن هذه الأقوال الثلاثة ليس في واحدٍ منها ما يمنع ما قاله مجاهد : من أنَّ المقام المحمود الذي وُعِدَ به النَّبي هو الإقعاد على العرش.
ويظهر بهذا القول أنْ لا موجب للإنكار على من يقول بهذا القول أبدًا، وسأنقل فيما يأتي من الكلام ما قرره أئمَّة السلف ونزعوا إليه من تصحيحهم حديث مجاهد والقول بما فيه من إثبات هذه الفضيلة للنَّبي ، والله المستعان.
أخرج الإمام أبو بكر ابن أبي عاصم في «السُّنَّة» عن عبدالله بن سلام قال: «إذا كان يوم القيامة جيء بنبيِّكم فَأُقْعِد بين يدي الله تبارك وتعالى على كرسيِّه».
وكذلك أخرج هذا الأثر أبو بكر الخلال في كتاب «السُّنَّة» في باب ذكر المقام المحمود، وساق الحديث بأكثر من إسناد عن عبدالله بن سلام، ثُمَّ أخرج : بإسناده عن مجاهد قال: {عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا}[الإسراء:٧٩] يُجْلِسُهُ على العرش.وذكر بعدها عِدَّة روايات عنه، فيها:
- يُجلسه معه على العرش، ويقعده على العرش.
ثُمَّ قال الخلال رحمه الله:
«فسمعت محمَّد بن أحمد بن واصل قال: من ردَّ حديث مجاهد فهو جهمي».
ثمَّ قال :
«وسمعت أبا داود يقول: من أنكر هذا فهو عندنا متهم. وقال: ما زال الناس يحدثون بهذا يريدون مغايظة الجهمية؛ وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء.
وأخبرنا أبو داود قال ثنا القعنبي قال ثنا مالك قال قال رجل ما كنتَ لاعبًا به فلا تلعبن بدينك».
وقال :: «قال أبو بكر بن أبي طالب: من رده -يعني حديث مجاهد- فقد رد على الله عز وجل ومن كذب بفضيلة النبي فقد كفر بالله العظيم.
وأخبرني أحمد بن أصرم المزني بهذا الحديث وقال: من رد هذا فهو متهم على الله ورسوله وهو عندنا كافر، وزعم أن من قال بهذا فهو ثنوي فقد زعم أن العلماء والتابعين ثنويه ومن قال بهذا فهو زنديق يقتل».
ثمَّ قال الخلال: :
«وأخبرني محمد بن عبدوس والحسن بن صالح وبعضهما أتم من بعض قالا: ثنا أبو بكر المروذي قال: قال أبوبكر بن حماد المقري: من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت فهو متهم على الإسلام فكيف من طعن فيها ؟!
وقال أبو جعفر الدقيقي: من ردَّها فهو عندنا جهمي، وحكم من ردَّ هذا أن يُتَّقَا.
وقال عباس الدوري: لا يرد هذا إلا متهم.
وقال إسحاق بن راهويه: الإيمان بهذا الحديث والتسليم له.
وقال إسحاق لأبي علي القوهستاني: من رد هذا الحديث فهو جهمي.
وقال عبدالوهاب الوراق للذي رد فضيلة النبي يقعده على العرش فهو متهم على الإسلام.
وقال إبراهيم الأصبهاني: هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة، ولا يرده إلا أهل البدع، قال: وسألت حمدان بن علي عن هذا الحديث فقال: كتبته منذ خمسين سنة وما رأيت أحدًا يرده إلا أهل البدع.
وقال إبراهيم الحربي: حدثنا هارون بن معروف: وما ينكر هذا إلا أهل البدع».
قال هارون بن معروف: هذا حديث يُسَخِّنُ الله به أعين الزنادقة، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل السُّلمي يقول: من توهم أنَّ محمدًا لم يستوجب من الله عز و جل ما قال مجاهد؛ فهو كافر بالله العظيم، قال :وسمعت أبا عبدالله الخفاف يقول: سمعت محمد بن مصعب -يعني العابد- يقول: نعم يقعده على العرش ليرى الخلائق منزلته».
ثمَّ أورد : إسنادًا آخر فيه هذه القصة وزاد فيه:
«ثم يصرفه إلى أزواحه وكرامته .
وعن ابن مصعب قال: يجلسه على العرش ليرى الخلائق كرامته عليه ثم ينزل النبي إلى أزواجه وجناته».
ونقل الخلال بإسناده عن إبراهيم الزهري قال: «سمعت هارون بن معروف يقول: ليس ينكر حديث ابن فضيل عن ليث عن مجاهد إلا الجهمية.
وسمعت أبا بكر بن صدقة يقول: قال إبراهيم الحربي يومًا -وذكر حديث ليث عن مجاهد- فجعل يقول هذا حدَّث به عثمان بن أبي شيبة في المجلس على رؤوس الناس فكم ترى كان في المجلس؟ عشرين ألفا؟ فترى لو أن إنسانًا قام إلى عثمان فقال: لا تحدث بهذا الحديث أو أظهر إنكاره، تراه كان يخرج من ثَمَّ إلا وقد قتل؟!
قال أبو بكر بن صدقة: وصدق ما حكمه عندي إلا القتل».
ثم ذكر الخلال أقوال الأئمة في ليث -راوي الحديث عن مجاهد- وأنه غير متهم بالبدعة، وذكر أقوالهم في مجاهد إلى أن ذكر أنه قرأ كتاب «السنة» بطرسوس مرَّات عديدة في سنوات عديدة، حتى بلغه أن قومًا أنكروا حديث المقام المحمود -يعني حديث مجاهد-وأنَّهم ردُّوا فضيلة رسول الله فلمَّا شهد عليهم الثقات بهذا، هجروهم وبيَّنوا أمرهم، وذكر : أنَّه كاتب شيوخه ببغداد في هذا الأمر، وأنهم ردُّوا عليه ووافقوه على القول بحديث مجاهد، وفي كتابهم المذكور التغليظ على من ردَّ القول بالإقعاد على العرش، وأنَّ القائل بردِّه عدوٌّ لله مخالف للأئمَّة وأهل العلم، وأنه بقوله هذا قد انسلخ من الدِّين لتكبره ونفاقه، في كلام طويل جدًّا فيه سردٌ لمذهب السلف في الردِّ على أمثال هؤلاء فانظره فإنَّه مهم.
وكان آخر الكتاب المذكور أن قالوا فيه:
«وإن هذا الحديث لا ينكره إلا مبتدع جهمي، فنحن نسأل الله العافية من بدعته وضلالته فما أعظم ما جاء به هذا من الضلالة والبدع، عَمَدَ إلى حديث فيه فضيلة للنبي فأراد أن يزيله ويتكلم في من رواه، وقد قال النبي : «لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من ناوأهم»، ونحن نحذر عن هذا الرجل أن تستمعوا منه وممن قال بقوله أو تصدقوهم في شيء، فإن السنة عندنا إحياء ذكر هذا الحديث وما أشبهه مما ترده الجهمية»اهـ.
قلتُ:
فانظر يرحمك الله إلى شديد قولهم فيمن أنكر هذا الحديث، وكيف جعلوا من السُّنَّة إحياء ذِكره، فاللهم ثبتنا على الإيمان والسُّنَّة.
«وقال أبو بكر يحيى بن أبي طالب عن حديث مجاهد: «رواه الخلق عن ابن فضيل عن ليث عن مجاهد، واحتمله المحدِّثون الثقات، وحدَّثوا به على رؤوس الأشهاد لا يدفعون ذلك، يتلقونه بالقبول والسرور بذلك، وأنا فيما أرى أني أعقل منذ سبعين سنة والله ما أعرف أحدًا رده ولا يرده إلا كل جهمي مبتدع خبيث يدعو إلى خلاف ما كان عليه أشياخنا وأئمتنا ... والذي عندنا والحمد لله أنَّا نؤمن بحديث مجاهد ونقول به على ما جاء، ونسلم الحديث وغيره مما يخالف فيه الجهمية من الرؤية والصفات وقرب محمَّد منه ... فهذا ديني الذي أدين الله عز و جل به أسأل الله أن يميتنا ويحيينا عليه»اهـ بتصرف.
وقال أبو داود السجستاني: «.. ما ظننت أن أحدًا يُذكر بالسنة يتكلم في هذا الحديث».
«وقال محمد بن عمران الفارسي الزاهد: ما ظننت أنه يكون في المسلمين ولا في المؤمنين الصادقين ولا في العلماء المتفقهين ولا في العارفين العابدين ولا في الضلال المبتدعين أحد يستحل في عقد ديانته أو بدعته الطعن على رسول الله وردِّ فضيلة فضله الله بها وخصه بها ...فأما قول المسلمين المقام المحمود الشفاعة فإنا لا ندفع ذلك... بل صدق رسول الله أن الله عز وجل يشفعه في وقت ما يأذن له بالشفاعة ويكرمه بما أحب من الكرامة حتى يعرف أولياءه وأنبياءه كرامته وفضله... فكذلك الجلوس في وقت والشفاعة في وقت»اهـ بتصرف واختصار.
قال أبو موسى غفر الله له:
وهذا الذي نعتقده وندين الله به من أن المقام المحمود هو الإجلاس على العرش، وأن الشَّفاعة مقام آخر لا تَدْفَعُ إحدى الفضيلتين الأخرى، بل الكلُّ حقٌّ، ونرجوا له المزيد من العلو والرفعة يوم القيامة، فوالله ما أنقذنا الله من الكفر والضلال إلَّا به صلوات ربِّي وسلامه عليه، وحشرنا في زمرته وحزبه يوم القيامة. آمين.
فهذه طائفة -مختصرة- من أقوال أئمة السلف في هذا المسألة وإن ما نقلناه من أقوالهم يشعر أنَّ هناك إجماعًا منهم رحمهم الله على ثبوت هذه الفضيلة ولم ينكر هذا في القرون الثلاثة إلَّا الجهمية والمبتدعة أعاذنا الله من نحلتهم وشرِّهم.
فظهر بما نقلنا أنَّ المقام المحمود هو الإقعاد على العرش وأنَّه غير مدفوع البتَّة كما قال ذلك ابن جرير الطبري : ، وظهر أنَّ الحديث وإن كان في إسناده من هو متكلم فيه من قبل أهل الحديث -وهو ليث بن أبي سليم-، إلَّا أنَّهم قبلوا روايته هذه عن مجاهد ولم يردُّوها بل ولم ينقلوا عن أحد أنَّه أنكرها إلَّا مبتدع ضال جهمي زنديق. والله أعلم.
هذا ما تيسر جمعه في هذه المسألة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

والحمد لله رب العالمين.


وكتب:


أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة الأردني


3/3/1432هـ


* * *
__________________
...::________::...

هَل صحّ قول من الحاكي فنقبله *** أم كلُّ ذاك أباطيلٌ وأسمارُ
أمَّا العقول فآلت أنَّه كذبٌ *** والعقل غَرسٌ له بالصِّدقِ إثمارً
"شيخ المعرَّة"
..::ــــــــــــــــــــــــــــ::..
أبو موسى الأردني
أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
- غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ -
آمين


التعديل الأخير تم بواسطة أبو موسى أحمد الأردني ; 05-09-2011 الساعة 05:53 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-08-2011, 08:56 PM
أبو موسى أحمد الأردني أبو موسى أحمد الأردني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 152
شكراً: 41
تم شكره 13 مرة في 10 مشاركة
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تعقيب الأخ الشريف أبي الحسين الحسيني الهاشمي على مقال المقام المحمود
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
أما بعد:
فقد قال الله تعالى:" وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا".
ذهب أهل السنة إلى بيان حقيقة المقام المحمود إلى ثلاثة مذاهب:
الأول: هو الشفاعة العظمى يوم القيامة حيث يتأخر عنها النبيون ويتقدم نبينا صلى الله عليه وسلم لها.
الثاني: هو إقعاد الله نبيه صلى الله عليه وسلم على العرش وفي قول على الكرسي.
الثالث: أن المقام المحمود إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم لواء الحمد يوم القيامة.
أما القول الأول:
فقد قال الشنقيطي في أضواء البيان ج8 /ص558:" وجاء في السنة بيان المقام المحمود وهو الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون كما في حديث الشفاعة العظمى حين يتخلى كل نبي ويقول نفسي نفسي حتى يصلوا إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها أنا لها".
وفي تفسير ابن أبي حاتم ج6/ص1766:" إن ربك سيبعثك مقاماً محموداً وهي الشفاعة".
وفي تفسير البغوي ج3/ص131:" قال قتادة وقد سمعته يقول فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة حتى ما بقي في النار إلا من قد حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود ثم تلا هذه الآية عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم صلى الله عليه وسلم ". يعني الشفاعة.
وفي تفسير السعدي ج1/ص465:" مقام الشفاعة العظمى".
والصنعاني قال في تفسيره ج2/ص386": عن عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى مقاما محمودا قال هو الشفاعة يشفعه الله في أمته".
والآلوسي يقول في روح المعاني ج15/ص140:"مقام الشفاعة العظمى في فصل القضاء حيث لا أحد إلا وهو".
والشوكاني في فتح القدير ج3/ص251:" وقد اختلف في تعيين هذا المقام على أقوال الأول أنه المقام الذي يقومه النبي صلى الله عليه وسلم للشفاعة يوم القيامة للناس ليريحهم ربهم سبحانه مما هو فيه وهذا القول هو الذي دلت عليه الأدلة الصحيحة فى تفسير الآية وحكاه ابن جرير عن أكثر أهل التأويل قال الواحدي وإجماع المفسرين على أن المقام المحمود هو مقام الشفاعة.
وفي مجموع شيخ الإسلام ج14/ص390:" هو شفاعته يوم القيامة".
وفي فتح الباري ج11/ص426:" والجمهور على أن المراد به الشفاعة وبالغ الواحدي فنقل فيه الإجماع ولكنه أشار إلى ما جاء عن مجاهد وزيفه وقال الطبري قال أكثر أهل التأويل المقام المحمود هو الذي يقومه النبي صلى الله عليه وسلم ليريحهم من كرب الموقف ثم اخرج عدة أحاديث في بعضها التصريح بذلك وفي بعضها مطلق الشفاعة".
وعند البيهقي في شعب الإيمان ج1/ص281:" دل على أن ذلك في الشفاعة وكذلك عن حذيفة بن اليمان وابن عمر وغيرهم".
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان أيضا ج1/ص282:" في رواية محمد بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال هو المقام الذي يشفع فيه لأمته".
- وعن عبد الله بن أحمد الأهوازي ثنا أبو بكر بن أبي شيبة في المسند ثنا وكيع عن إدريس الأودي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال الشفاعة .
- وحدثنا أبو بكر في كتاب التفسير ثنا وكيع عن داود الزعافري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال الشفاعة.
وفي كتاب التوحيد لابن خزيمة1/459:" عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قَالَ هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي أَشْفَعُ فِيهِ لأُمَّتِي". والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم(2369) تحتباب " المقام المحمود : الشفاعة".
وفي وفتح الباري ج11/ص426:"ومن طريق بن أبي نجيح عن مجاهد المقام المحمود الشفاعة ومن طريق الحسن البصري مثله".
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة(ح2369):" وورد من طرق أخرىعن الأودي بلفظ : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قول الله عز و جل:{ عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } قال : هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي. وهو حسن".
راجعه في الصحيحة5/368 فقد ذكر جمهرة من أهل العلم ممن أخرجه.
وقال الشيخ صالح في شرح الطحاوية(ص203) :" (المقام المحمود) هو المقام الذي تحمده عليه الخلائق جميعا، ويُثْنِي عليه به جميع الخلائق الذين وقفوا في الحساب، وهو مقام الشفاعة العظمى؛ لأنه بدعائه وشفاعته يرتاح الناس من ذلك الموقف العظيم الذي لا يُتَصوَّرْ ولا يَعرف هوله إلا من قام فيه، أعاننا الله على كرباته وأمننا وإياكم من الفزع الأكبر".
وهو قول الشيخ الفوزان في الإرشاد(185).
وقول الشيخ مقبل الوادعي في كتابه الشفاعة(ص30).
القول الثاني: إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش.
1- جاء في تفسير البغوي3/131:" عن مجاهد قال يجلسه على العرش وعن عبد الله بن سلام قال يقعده على الكرسي".
2- ذكر الشوكاني في فتح القدير3/251:" أن المقام المحمود هو أن الله سبحانه يجلس محمدا صلى الله عليه وسلم معه على كرسيه حكاه ابن جرير عن فرقة منهم مجاهد وقد ورد في ذلك حديث وحكى النقاش عن أبى داود السجستانى أنه قال من أنكر هذا الحديث فهو عندنا متهم ما زال أهل العلم يتحدثون بهذا الحديث".
3- وقال أحمد بن إبراهيم بن عيسى في شرح قصيدة ابن القيم ج1/ص233:" يجلسه أو يقعده على العرش لهذا القول طرق خمسة وأخرجه ابن جرير في تفسيره وعمل فيه المروذي مصنفا... قال ابن عيسى: لكن قال الذهبي بعد ذلك فأما قضية قعود نبينا على العرش فلم يثبت في ذلك نص بل في الباب حديث واه وما فسر به مجاهد الآية كما ذكرناه فقد أنكره بعض أهل الكلام . قام المروذي وقعد وبالغ في الانتصار لذلك وجمع فيه كتابا وطرق قول مجاهد منه رواية ليث ابن أبي سليم وعطاء ابن السائب وأبي يحيى القتات وجابر بن يزيد فممن أفتى في ذلك العصر بأن هذا الأثر يسلم ولا يعارض أبو داود السجستاني صاحب السنن وإبراهيم الحربي وخلق بحيث أن ابن الإمام أحمد قال عقيب قول مجاهد أنا منكر على كل من رد هذا الحديث وهو عندي رجل سوء متهم سمعته من جماعة وما رأيت محدثا ينكره وعندنا إنما تنكره الجهمية وقد حدثنا هارون ابن معروف ثنا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد في قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال يقعده على العرش فحدثت به أبي رحمه الله فقال لم يقدر لي أن أسمعه من ابن فضيل بحيث أن المروذوي روى حكاية ينزل عن إبراهيم بن غرفة سمعت ابن عمير يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول هذا قد تلقته العلماء بالقبول وقال المروذي قال أبو داود السجستاني ثنا ابن ابي صفوان الثقفي ثنا يحيى ابن كثير ثنا سالم بن جعفر وكان ثقة ثنا الجريري ثنا سيف السدوسي عن عبد الله بن سلام قال إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم صلى الله عليه وسلم حتى يجلس بين يدي الله عز وجل على كرسيه".
وقد رواه ابن جرير في تفسيره أعني قول مجاهد ثم قال ابن جرير ليس في فرق الإسلام من ينكر هذا لا من يقر أن الله فوق العرش ولا من ينكره وكذلك أخرجه النقاش في تفسيره وكذلك رد شيخ الشافعية ابن سريج على من أنكره انتهى". وأن المقام المحمود هو أن الله سبحانه يجلس محمدا صلى الله عليه وسلم معه على كرسيه".
4- وذكر ابن حجر في فتح الباري11/226 :" قال الطبري وقال ليث عن مجاهد في قوله تعالى مقاما محمودا يجلسه معه على عرشه".
القول الثالث:
قال الشوكاني في فتح القدير3/251:" إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم لواء الحمد يوم القيامة ويمكن أن يقال إن هذا لا ينافى القول الأول إذ لا منافاة بين كونه قائما مقام الشفاعة وبيده لواء الحمد".
وبعد عرض هذه الأقوال نقول بعجالة:
1) إن جمهور أهل العلم على أنه الشفاعة.
2) ثبوت حكم شرعي لا يتم إلا بالدليل الصحيح الصريح . فكيف وقول مجاهد لا سند له والطبري الذي نقله ليس من أئمة الحديث كما هو معلوم ولم يذكر لنا سندا وما ثبت عنه ذلك فهو من طريق الليث بن أبي سليم وفيه مقال معروف عند أهل الحديث.
3) ورد عن مجاهد من رواية عبد الله بن يسار (ابن أبي نجيح ) أن المقام المحمود هو الشفاعة العظمى؛ وهو يوافق مذهب الجمهور وابن أبي نجيح وثقه الذهبي في الميزان4/231 وغيره. وأما بيده لواء الحمد فلا تنافي مع القول الأول كما ذكر الشوكاني.
4) وأما قول أبي داود:" ما زال الناس يحدثون بهذا يريدون مغايظة الجهمية؛ وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء". فلا أظن و لا تظن أن الأحكام الشرعية تثبت بمثل هذا (بمغايضة الجهمية).
5) التردد الحاصل في قعوده صلى الله عليه وسلم فمرة قيل على العرش ومرة قيل على الكرسي وهما متباينان وهذا الاضطراب مما يوهن ويضعف هذه الرواية والله أعلم.
6) ومن جملة الردود ما قاله ابن عبد البر: مجاهد وإن كان أحد الأئمة بالتأويل فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم أحدهما هذا .... قال يوسع له على العرش فيجلسه معه وهذا قول مخالف للجماعة من الصحابة ومن بعدهم فالذي عليه العلماء في تأويل هذه الآية أن المقام المحمود الشفاعة".
7) قال الذهبي في كتابه العلو(ح222):" عن عبد الله بن مسعود قال بينا أنا عند رسول الله أقرأ عليه حتى بلغت عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال (يجلسني على العرش) هذا حديث منكر لا يفرح به وسلمة هذا متروك الحديث وأشعث لم يلحق ابن مسعود".
وقال أيضا"(ح223): حديث يروى عن سعيد الجريري عن سيف السدوسي عن عبد الله ابن سلام قال إذا كان يوم القيامة (جيء بنبيكم فأقعد بين يدي الله على كرسيه فقلت للجريري يا أبا مسعود إذا كان على كرسيه أليس هو معه قال ويلكم هذا أقر حديث في الدنيا لعيني) هذا موقوف ولا يثبت إسناده".
وقال أيضا(ح224) :" حديث جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في ذلك سيأتي وليس بصحيح ويروي مرفوعا وإنما هذا شيء قاله مجاهد".
وقال أيضا في (ح 359):" عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال (يقعده على العرش) إسناده ساقط وعمر هذا الرازي متروك وفيه جويبر قال متكلم: اللام في العرش ليست للمعهود بل للجنس قلت هذا مشهور من قول مجاهد ويروى مرفوعا وهو باطل".
وذكر الذهبي في العلو (ص171):" وكذلك رد شيخ الشافعية ابن سريج عمن أنكره بحيث إن الإمام أبا بكر الخلال قال في كتاب السنة من جمعه أخبرني الحسن بن صالح العطار عن محمد بن علي السراج قال رأيت النبي في النوم فقلت إن فلانا الترمذي يقول إن الله لا يقعدك معه على العرش ونحن نقول بل يقعدك فأقبل علي شبه المغضب وهو يقول بلى والله بلى والله يقعدني على العرش فانتبهت بحيث إن الفقيه أبا بكر أحمد بن سليمان النجاد المحدث قال فيما نقله عنه القاضي أبو يعلى الفراء لو أن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله يقعد محمدا على العرش واستفتاني لقلت له صدقت وبررت".
قال الذهبي :"فأبصر حفظك الله من الهوى كيف آل الغلو بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر فيردون الأحاديث الصريحة في العلو بل يحاول بعض الطغام أن يرد قوله تعالى الرحمن على العرش استوى".
قلت ( أبو الحسين):" قال الذهبي في المغني في الضعفاء1/41: أحمد بن سلمان الفقيه النجاد صدوق إمام ؛ قال احمد بن عبدان لا يدخل في الصحيح".
ولهذا أنزله ابن حجر في لسان الميزان1/180 منزلة ( الصدوق) فقال :" صدوق قال الدارقطني حدث من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله قال الخطيب كان قد عمي في الآخر فلعل بعض الطلبة قرأ عليه ذلك".
8) والشيخ الألباني رحمه يشنع على من ذكرتهم في مقالك فيقول: " وإن عجبي لا يكاد ينتهي من تحمس بعض المحدثين السالفين لهذا الحديث الواهي والأثر المنكر ومبالغتم في الإنكار على من رده واساءتهم الظن بعقيدته… وهب أن الحديث في حكم المرسل فكيف تثبت به فضيلة؟! بل كيف يبنى عليه عقيده أن الله يقعد نبيه ? معه على عرشه".
وقال في مختصر العلو (ص18) : " وخلاصة القول : إن قول مجاهد هذا - وإن صح عنه - لا يجوز أن يتخذ دينا وعقيدة ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة فيا ليت المصنف إذ ذكره عنده جزم برده وعدم صلاحيته للاحتجاج به ولم يتردد فيه فإنه هو اللائق به وبتورعه من إثبات كلمة ( بذاته ) والله المستعان .
وقال في(ص75):" وقول مجاهد في المقام المحمود ضعيف".
9) وهناك أمر مهم ينبغي التفطن له هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المقام المحمود في سياق الشفاعة فإنه (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ) حلت له شفاعتي يوم القيامة". في وقت يتخلى جميع الأنبياء عن الإقدام في التشفع للخلق.
10) وأما قول إبراهيم الأصبهاني: هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة، ولا يرده إلا أهل البدع".
قلت ( أبو الحسين ): رده مثل الذهبي والألباني وابن عبد البر فالإقعاد على العرش مدفوع صحته، من جهة الخبر والنظر.
لذا أجزم بتوفيق الله وبما تقدم أن المقام المحمود الذي وعده الله رسوله هو الشفاعة الكبرى.
11) وأما قول من قال تلقته الأمة بالقبول؛ قلنا لوجدناه في كتب المحدثين.
12) قلت في بحثك (فهذه طائفة -مختصرة- من أقوال أئمة السلف في هذا المسألة وإن ما نقلناه من أقوالهم يشعر أنَّ هناك إجماعًا منهم رحمهم الله على ثبوت هذه الفضيلة ولم ينكر هذا في القرون الثلاثة إلَّا الجهمية والمبتدعة أعاذنا الله من نحلتهم وشرِّهم).
قلت ( أبو الحسين): قولك خطأ من ثلاث جهات:
1- قولك ( طائفة مختصرة) وينبغي في مثل هذا المقام أن تستقريء أقوال أهل العلم؛ ولم تعرج إلى قول شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم مع أنهما من المحققين في هذا الباب.
2- قولك ( إجماعا ): وهذا الادعاء لا دليل عليه؛ أولا من نقل الإجماع، وثانيا لا يثبت الإجماع بـ ( يشعر). بل يكاد الإجماع يثبت على خلاف ما ذهبت إليه.
3- قولك (ولم ينكر هذا في القرون الثلاثة إلَّا الجهمية والمبتدعة أعاذنا الله من نحلتهم وشرِّهم). فقد أنكره من هو سني وإمام.
ولو ثبتت هذه الفضيلة له صلى الله عليه وسلم لاشتهرت اشتهار الشفاعة العظمى.
ومن هنا لا ينبغي الاعتماد على قول مجاهد وقد بينا أنه مردود رواية ودراية بكلام أهل العلم؛ وأقرأ لزاما العلو للذهبي ومختصره للألباني رحمهما الله تعالى. ولو ثبت قول مجاهد فنقول فيه كما قال ابن عبد البر: قول مهجور.
أخي الحبيب الغالي أبا موسى حفظكم الله: معذرة كنت أود موافقتكم لكن.....
وهذه " العجالة في بيان المقام المحمود" هي التي أدين الله تعالى في ترجيح ما جاء فيها وأرجو الله أن أكون قد وفقت للحق.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

وكتبه


أبو الحسين


وفقه الله للعلم النافع والعمل الصالح



******
__________________
...::________::...

هَل صحّ قول من الحاكي فنقبله *** أم كلُّ ذاك أباطيلٌ وأسمارُ
أمَّا العقول فآلت أنَّه كذبٌ *** والعقل غَرسٌ له بالصِّدقِ إثمارً
"شيخ المعرَّة"
..::ــــــــــــــــــــــــــــ::..
أبو موسى الأردني
أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
- غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ -
آمين


التعديل الأخير تم بواسطة أبو موسى أحمد الأردني ; 05-09-2011 الساعة 05:54 AM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-08-2011, 08:56 PM
أبو موسى أحمد الأردني أبو موسى أحمد الأردني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 152
شكراً: 41
تم شكره 13 مرة في 10 مشاركة
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على كلام الأخ الحسيني

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبيه وعبده، الشافعِ الشفاعةَ العظمى يوم حشره، والمستوجب كل فضيلة لعظيم قدره، وعلو منزلته، في الدنيا والآخرة، وفي أرضه وفوق عرشه، نبي الرحمة وعلم الهدى وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
وفق الله أخي الفاضل الشريف أبا الحسين الحسيني الهاشمي –ورزقننا الله حبه الشرعي لقرابته من النبي الأمي صلى الله عليه وسلم- على جهده الكبير ونظره الجميل فيما نقلته له من كلام أهل العلم السالفين من القول بصحة الفضيلة المذكورة في أثر مجاهد –رحمه الله-، وفي حقيقة الأمر فإن الكلام الذي سقته أخي الكريم على جودته وصحة نقله عمَّن ذكر عنه، إلا أن لي فيه مناقشات عديدة أصولية وحديثية، وأبدأ بمناقشة ما أشرت أليه نقطة نقطة، وغرضي من هذا أن نُعمل الأصول في فهمنا لهذه المسألة الدقيقة التي يراد بنقل كلام أهل العلم فيها ردُّ ما ثبت في الصدر الأول الاتفاق على صحته من ثبوت هذه الفضيلة، فأقول وبالله العلي العظيم أتأيد:
قولك: ( إن جمهور أهل العلم على أنه الشفاعة ) : من هم هؤلاء الجمهور ؟ هل هم أهل القرون الأولى أم هم ممَّن بعدهم ؟، وهل كل ما ذهب إليه الجمهور من القول يكون ما خالفه باطل؟ أقول: اللهم لا. فكم من قولٍ للجمهور خالفه أهل الإسلام، بل وعملوا خلافه، والأمثلة كثيرة في معارضة العلماء لقول الجمهور..
أما قولك : ( ثبوت حكم شرعي لا يتم إلا بالدليل الصحيح الصريح . فكيف وقول مجاهد لا سند له والطبري الذي نقله ليس من أئمة الحديث كما هو معلوم ولم يذكر لنا سندا وما ثبت عنه ذلك فهو من طريق الليث بن أبي سليم وفيه مقال معروف عند أهل الحديث ) : فلي معه ثلاث وقفات:
الأولى: أن الأحكام الشرعية لا يكون ثبوتها إلا بالدليل الصحيح الصريح، غير مسلم القول به وذلك لأنني أعارضه بأبسط مثال يحضرني وهو الحديث –الضعيف- المشهور في طهورية الماء ما لم يتغير (طعمه أو لونه أو ريحه)، فهل عندك أخي الفاضل دليل (صريح صحيح) يثبت أن الماء يفقد الطهورية إذا فقد إحدى هذه الأوصاف؟ ودعني أجيبك عن هذه، فأقول لم يثبت حديث صحيح صريح إطلاقًا فضلًا عن آية تدل على هذا الأمر، بل كلُّ ما هنالك دليل صريح غير صحيح، وهو حديث أبي أمامة الباهلي –رضي الله عنه-قال قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-«إن الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه»، فأكون قد أجبت عن هذه.
والوقفة الثانية: مع قولك أنَّ أثر مجاهد لا سند له -!- وهذا عجيب منك –وفقني الله وإياك- وأنت الذي نقل عن الذهبي –رحمه الله- أنَّ له خمسة طرق، هذه واحدة. والأخرى: أن المروذي قد صنَّف فيه مصنَّفًا، أفيكون المروذي ذكره في مصنفه أجذم لا سند له؟!
والثالثة من الوقفات: وهي قولك: وما ثبت عنه ذلك فهو من طريق الليث بن أبي سليم وفيه مقال معروف عند أهل الحديث، فأقول نعم فيه كلام عند أهل الحديث، والسؤال هنا، هل كل من تُكلم فيه عندهم مطروحٌ حديثه؟ هذه تعرف إجابتها أنت، وذلك أنَّ الضعف المعروف في راوٍ ما، لا يعني أنَّ كل ما يُحدث به غير صحيح، وحتَّى لو كان متَّهما بسوء الحفظ كحال الليث هذا، وزد على ذلك ما ذكره بعض النقاد من أنه اختلط بأخرة، لكن علينا أن نرى وبعين الإنصاف ماذا قال أهل زمانه ومن بعدهم –ممن هم قريبون عهد به- في روايته هذه، هل تركوها وشنعوا على القائل بها لأنها مروية من طريقه؟ أو هل ذكرها أحد في كتب العلل وقد ملئت الدنيا زمانهم، ثمَّ ماذا نقول في تصحيح الأئمة -ممن سأنقل لك عنهم ذلك- لهذا الحديث؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات لنستطيع الوقوف على الحالة التي روي بها هذا الحديث في ذاك الزمن.. ومن ثمَّ استخلاص الحكم عليه وعلى ما يحويه من العقيدة..
وأنبِّه هنا إلى أنني أرى فساد منهج المليبارية الذين يفرقون بين مذهب المتقدمين والمتأخرين من العلماء، وقد ردَّ عليهم علماؤنا بما كفانا مؤونة الكلام عن مذهبهم الرديء = (المسقط لجهود علماء الحديث على مر الزمن).
ونعود لما كنَّا فيه من مناقشة مقالتك الآنفة الذكر فأقول:
قد روى الأئمَّة الثقات وأخصُّ بالذكر منهم البخاريَّ ومسلم أحاديث تلقتها الأمَّة بالقبول عن خلق ممن تُكلم فيهم بله ممَّن وصفوا بالبدعة –ولي فيمن روى عنه المحدثون وهو موصوف بالبدعة جزء صغير كنت قد جمعته من كتاب تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر رحمه الله- فما ردَّ العلماء روايتهم عنهم بل قبلوها وإن كان مدار طرقها على هذا الراوي الضعيف، وأضرب مثلا قبولهم لحديث الإمام مسلم والذي فيه زيادة (وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)، وأنت توافقني أنه قد ردَّها أئمة ولم يُلتفت إلى قولهم مع وجاهته من جهة الصناعة، فكان ماذا؟
إنَّ مذهب كثير من العلماء أنَّ الراوي الضعيف إذا روى عنه جمع من الثقات فإنَّ حديثه مقبول غير مردود إن لم يكن فيه مخالفة شرعية تُتَّقى، ومن هؤلاء العلماء من عارض صحة هذا الأثر عن مجاهد مع أنَّ مذهبه ما قُلت آنفا ألا وهو الشيخ الألباني رحمه الله، فقد قرر أنَّ رواية ثقة –واحد!- أو جمعٍ عن راوٍ تنفعه، فاسمع لقوله –رحمه الله – وهو يرد على الشيخ بكر أبي زيد –رحمه الله- فنقل عن الذهبي رحمه الله قوله في ترجمة مالك بن الخير الزيادي: "محله الصدق.." ثم ذكر من روى عنه وقال: " قال ابن القطان : هو ممن لم تثبت عدالته ... والجمهور على أنَّ من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة، ولم يأت بما يُنكر عليه أنَّ حديثه صحيح" [ !! ].
قال الشيخ ناصر : وأقرَّه على هذه القاعدة في "اللسان" ... وبناءًا على هذه القاعدة –التي منها كان انطلاقنا في تصحيح الحديث- جرى الذهبي والعسقلاني وغيرهما من الحفاظ في توثيق بعض الرواة الذين لم يُسبقوا إلى توثيقهم مطلقًا [!]" اهـ مختصرًا. وانظر : "تمام المنة" (ص:204-206).
أمّا الراوي عن ليث وهو محمد بن فضيل بن غزوان بن جرير الضبى مولاهم ، أبو عبد الرحمن الكوفي فقد روى له : البخاري ، ومسلم، وأبو داود ، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وهو كما قال الحافظ : "صدوق عارف رمي بالتشيع"، وقال الذهبي : "ثقة شيعي".، وقال في كتابه : "من تكلم فيه وهو موثق": "محمد بن فضيل بن غزوان (ع) شيعي صدوق. قال أبو حاتم: "كثير الخطأ"، وقال ابن سعد: "بعضهم لا يحتج به".اهـ . وذكر الذهبي له في هذا الكتاب يدل على توثيقه، فإن قيل: إنه أيضًا فيه مقال قلنا قد روى عنه الأثر المشهور عن مجاهد خلق منهم:
علي بن الحسن بن سليمان، وعثمان بن عبدالله بن محمد بن ابراهيم ابن أبي شيبة، وأبوه أبو بكر ابن أبي شيبة، وإبراهيم بن موسى الرازي، والعلاء بن عمرو، وهارون بن معروف، والوليد بن شجاع، وأبو الهذيل، وعثمان بن محمد، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وواصل بن عبدالأعلى، وعبيد بن يعيش، وجعفر بن محمد الحداد، ويحيى بن عبد الحميد، وضرار بن صرد، ومحمد بن بكير، ويحيى بن حسان،وإسحاق بن راهويه، وعلي بن بحر الفلاس، وخلق آخرون.
ورواية هؤلاء عن ابن فضيل ثابتة لا إشكال فيها، وأمَّا الرواة عن ليث فهم: محمد بن فضيل (تقدم توثيقهم له)، وداود بن عليَّة، والمطلب بن زياد (وثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم : لا يحتج به)، وجعفر الأحمر( هو ابن زياد الكوفي، صدوق يتشيع).
فهذه طرق عن ليث ليس فيها متروك ولا وضاع حتَّى نطرحها ولا نقبل روايتهم عن ليث هذا، وأكتفي بهذا هنا ولي عودة مع الكلام على هذا الأثر، فالله المستعان، وعليه التكلان..
وأمّا قولك: ( ورد عن مجاهد من رواية عبد الله بن يسار (ابن أبي نجيح ) أن المقام المحمود هو الشفاعة العظمى؛ وهو يوافق مذهب الجمهور وابن أبي نجيح وثقه الذهبي في الميزان4 / 231 وغيره. وأما بيده لواء الحمد فلا تنافي مع القول الأول كما ذكر الشوكاني)، فأقول: وهذا لا ننكره لا من قول مجاهد ولا من قول غيره بل لا ينكره إلا غُمر جاهل ليس له مُسحة من علم، وهو لا تنافي فيه مع ما رواه من أن المقام هو الإقعاد على العرش، إذ أننا أصلًا نقول به بدليل ما صح عنه صلى الله عليه وسلم مما نقلته أنت وفقك الله، وبالله تعالى نتأيد.
وأمّا قولك: ( وأما قول أبي داود:" ما زال الناس يحدثون بهذا يريدون مغايظة الجهمية؛ وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء". فلا أظن و لا تظن أن الأحكام الشرعية تثبت بمثل هذا بمغايضة الجهمية)، فأقول: وأنت تتفق معي أنه ليس في كلام أبي داود الآنف الذكر أنَّ مغايظة الجهمية دليل تثبت به الأحكام الشرعية، وإنما قدَّم -رحمه الله- القولَ بأنَّ الناس –يعني العلماء- ما زالوا يحدثون بهذا –يعني الحديث-، فتأمل قوله مرَّة أخرى، ومغايظة الجهمية المذكورة من باب كبت أهل البدع بما يصح من معتقد أهل السنَّة بثبوت هذه الفضيلة له صلى الله عليه وسلم، وليست هي الدليل عندهم فتأمل ولا تتعجل..
وقولك : (التردد الحاصل في قعوده صلى الله عليه وسلم فمرة قيل على العرش ومرة قيل على الكرسي وهما متباينان وهذا الاضطراب مما يوهن ويضعف هذه الرواية والله أعلم )، قلتُ: بارك الله لك وعليك، هذا إنما نسلم به إذا كان المخرج واحدًا فكيف وهما ليسا كذلك، وأنا لا أقول بحديث عبدالله بن سلام الذي فيه الإقعاد على الكرسي لا العرش، وإنما منازعتي في تصحيح حديث مجاهد لا غير، والتردد المذكور ليس هو من جهة مجاهد حتى نقول أنَّ هناك اضطرابًا، فهو لم يروه مرة على الكرسي وأخرى على العرش حتى نجنح إلى الاضطراب المذكور.
وأمَّا قولك: ( ومن جملة الردود ما قاله ابن عبد البر: مجاهد وإن كان أحد الأئمة بالتأويل فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم أحدهما هذا .... قال يوسع له على العرش فيجلسه معه وهذا قول مخالف للجماعة من الصحابة ومن بعدهم فالذي عليه العلماء في تأويل هذه الآية أن المقام المحمود الشفاعة )، في كلام ابن عبدالبر –رحمه الله- مغالطتين، الأولى قوله أنَّ لمجاهد قولين مهجورين عند أهل العلم، فنقول –كما قيل-: أثبت العرش ثمَّ انقش، فمن هجر هذا القول من طبقته ومن بعدها؟
والثانية، قوله: وهذا قول مخالف للجماعة من الصحابة ومن بعدهم، فماذا يقول ابن عبد البر –رحمه الله- بكلام أبي داود وإسحاق بن راهوية والأمام أحمد والخلال، وغيرهم من أهل العلم؟ فاعتراضك بكلام ابن عبدالبر –رحمه الله- لا تقوم به الحجة، والله أعلم.
وأما نقلك عن الإمام الذهبي –رحمه الله- قوله في هذه المسألة، فأقول: قوله : (فيردون الأحاديث الصريحة في العلو )، لا أدري ماذا أراد بهذا القول، هل أراد أن الذي يثبت الإقعاد، ينفي العلو؟
وقد اعترض عليَّ أحد الإخوة بأن القعود على العرش يستلزم أن يكون مخلوق مكافئًا لله –سبحانه وتعالى- في المرتبة على العرش!! ولعل قول الذهبي هذا مبني على نفي القول بقعود الله على العرش، أو نفي كون الله له حدٌّ.. وهذه مسألة تحتاج بحثًا مفردًا ليس هذا مكان الخوض فيه..
وأمّا تشنيع الشيخ الألباني –رحمه الله- على من قال بهذا القول فهو متابعة للذهبي كما تابع ابن خزيمة في حديث الصورة، ثمَّ أقول: إنَّ من أعجب العجب أنْ يردَّ كلام العلماء في زمن التابعين وهُمْ لم يُنقل عنهم مخالف في هذا القول، وقول الشيخ الألباني -رحمه الله- : ( ولم يتردد فيه فإنه هو اللائق به وبتورعه من إثبات كلمة ( بذاته ) والله المستعان)، فيه إشارة إلى ما ذهبت إليه من مذهب الذهبي –رحمه الله- في مسألة الجلوس على العرش (بذاته) التي تورع عن إثباتها، فتأمَّل.
وقولك: (وأما قول إبراهيم الأصبهاني: "هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة، ولا يرده إلا أهل البدع"، قلت ( أبو الحسين ) : رده مثل الذهبي والألباني وابن عبد البر فالإقعاد على العرش مدفوع صحته، من جهة الخبر والنظر، لذا أجزم بتوفيق الله وبما تقدم أن المقام المحمود الذي وعده الله رسوله هو الشفاعة الكبرى)، قول إبراهيم المذكور لا يعارض بقول الأئمة الثلاثة المذكورين، وذلك أنَّه عليك أن تثبت المعارضة، من قول أهل العلم في زمانهم لا بقول من بعد زمانهم بخمسمئة سنة! أو يزيد..
وقولهم : لا يردُّه إلا أهل البدع حق، فلم نسمع بأحد في القرون الأولى –الثلاثة- من عارضه غير الجهمية ومن لفَّ لفهم من أهل الأهواء، ودفع صحته من جهة الخبر قد قدَّمنا القول فيها، ومن جهة النظر نقول:
ما هو المحظور من القول بهذا القول؟
وما وجه الخلل في إقعاد الله نبيَّه على العرش؟
وهل هذا الإقعاد إلا إقعاد مخلوق على مخلوق؟
وقد ذكر ابن جرير أن أهل الإسلام جميعًا سواء عندهم إقعاد النبي –صلى الله عليه وسلم- على العرش أو على الأرض، فالأمر ليس مدفوعًا البتَّة، لا من جهة الخبر –ونحن لم نقف على من عارض حديث مجاهد بخبر ينفي الفضيلة المذكورة- ولا من جهة النظر، إذ لا تلازم بين إقعاده عليه السلام على العرش وبين ما يظنُّه البعض من أنَّه سيكون بذلك مماسًّا لله، أو مساويًا له في المكانة وهي الاستواء على العرش، وكنت قد نقلت لك أنَّ هذا الإقعاد إنما هو لفترة محدودة ثم ينزل عليه السلام إلى أزواجه وجنَّاته، والله تعالى يقول : {ولدينا مزيد}.
وقولك: (وأما قول من قال تلقته الأمة بالقبول؛ قلنا لوجدناه في كتب المحدثين)، قلتُ: ألا يكفي نقل الخلال في كتابه السنة لهذا القول، ثم هل يشترط للقبول أن يكون مكتوبًا في كتب المحدثين؟ ثم القوم كانوا حفاظًا كتبهم في صدورهم يدورون في البلدان يحدثون الناس بما فيها.
وأمّا قولك: ( قلت ( أبو الحسين): قولك خطأ من ثلاث جهات:
قولك ( طائفة مختصرة) وينبغي في مثل هذا المقام أن تستقريء أقوال أهل العلم؛ ولم تعرج إلى قول شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم مع أنهما من المحققين في هذا الباب )، فأجيبك اختصاري ليس مُخِلًّا بالمرة إذ لم أشترط أنني سأذكر كل كلمة قالها أهل العلم، بل كان قصدي أنَّ الأمَّة في زمن التابعين لم يعرف فيها مخالف لمثل هذا القول، وفي ذلك يقول الآجري في "الشريعة" : "قال محمد بن الحسين رحمه الله : وأما حديث مجاهد في فضيلة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وتفسيره لهذه الآية : أنه يقعده على العرش ، فقد تلقاها الشيوخ من أهل العلم والنقل لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، تلقوها بأحسن تلق ، وقبلوها بأحسن قبول ، ولم ينكروها ، وأنكروا على من رد حديث مجاهد إنكارا شديدا وقالوا : من رد حديث مجاهد فهو رجل سوء قلت : فمذهبنا والحمد لله قبول ما رسمناه في هذه المسألة مما تقدم ذكرنا له ، وقبول حديث مجاهد ، وترك المعارضة والمناظرة في رده ، والله الموفق لكل رشاد والمعين عليه" اهـ.
والآن أوان إيراد كلام شيخ الإسلام –رحمه الله- في هذه المسألة فقد قال في "فتاواه" (4 / 374 ) :
" فَقَدْ حَدَّثَ الْعُلَمَاءُ الْمَرْضِيُّونَ وَأَوْلِيَاؤُهُ الْمَقْبُولُونَ : أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجْلِسُهُ رَبُّهُ عَلَى الْعَرْشِ مَعَهُ . رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ فَضِيلٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ؛ فِي تَفْسِيرِ : { عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } وَذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى مَرْفُوعَةٍ وَغَيْرِ مَرْفُوعَةٍ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : وَهَذَا لَيْسَ مُنَاقِضًا لِمَا اسْتَفَاضَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ الشَّفَاعَةُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ مِنْ جَمِيعِ مَنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ وَيَدَّعِيه لَا يَقُولُ إنَّ إجْلَاسَهُ عَلَى الْعَرْشِ مُنْكَرًا - وَإِنَّمَا أَنْكَرَهُ بَعْضُ الْجَهْمِيَّة وَلَا ذِكْرُهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مُنْكَرٌ –" اهـ .
وأمَّا قولك: ( قولك ( إجماعا ): وهذا الادعاء لا دليل عليه؛ أولا من نقل الإجماع، وثانيا لا يثبت الإجماع بـ ( يشعر). بل يكاد الإجماع يثبت على خلاف ما ذهبت إليه )، قلتُ: وكذلك لا يثبت الإجماع على أنَّ المقام المحمود هو الشفاعة –فقط- بـ (يكادُ)، والذي يريد نقض الإجماع يأتي بالناقض من نفس طبقة المُجمعين لا ممن تأخَّر عنهم، وهم على جلالة قدرهم، لم يذكروا أحدًا –ولا أثرًا- في ردِّ قول مجاهد هذا..
وأمَّا قولك : ( قولك (ولم ينكر هذا في القرون الثلاثة إلَّا الجهمية والمبتدعة أعاذنا الله من نحلتهم وشرِّهم). فقد أنكره من هو سني وإمامقد قدمت الإجابة عن هذه آنفًا.
وهذا الأثر عن مجاهد لم يتفرد به ليث بن أبي سليم بل توبع فقد رواه عن مجاهد أبو يحيى القتَّات، وعطاء بن السائب، وجابر بن يزيد، فهذه متابعات لليث وإن كان في أصحابها مقال إلا أنها يتقوَّى بعضها ببعض على طريقة المحدثين، والله أعلم.
هذا ما تيسر من مناقشة ما استشهدتَّ به على تضعيف القول بحديث مجاهد، وأرجو أن تغفر لي حدَّتي –إن كان ثَمَّ- فليست مقصودة ولكن مسائل العلم يعتريها الحدة أحيانًا ومقصودنا الوصول إلى الحق –إن شاء الله-.
ولتعلم يا أخي الحسيني أنني أتقرب إلى الله بمحبتك لقول الله تعالى على لسان نبيه المصطفى –صلى الله عليه وسلم-:
{قل ما أسألكم عليه من أجر إلَّا المودَّة في القربى}.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

وكتب:


ليلة السبت


الخامس عشر من شهر ربيع الأول


سنة


1432 هجرية


أبو موسى أحمد بن عياش بن موسى الغرايبة الأردني السلفي


غفر الله له زلـله، وتجاوز خطله، وختم له بالصالحات


والحمد لله رب العالمين
__________________
...::________::...

هَل صحّ قول من الحاكي فنقبله *** أم كلُّ ذاك أباطيلٌ وأسمارُ
أمَّا العقول فآلت أنَّه كذبٌ *** والعقل غَرسٌ له بالصِّدقِ إثمارً
"شيخ المعرَّة"
..::ــــــــــــــــــــــــــــ::..
أبو موسى الأردني
أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
- غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ -
آمين


التعديل الأخير تم بواسطة أبو موسى أحمد الأردني ; 05-09-2011 الساعة 05:51 AM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-08-2011, 09:02 PM
أبو موسى أحمد الأردني أبو موسى أحمد الأردني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 152
شكراً: 41
تم شكره 13 مرة في 10 مشاركة
افتراضي

جواب الأخ الحسيني على ما سبق وقد أسماه :


« السجال المحمود لبيان المقام المحمود »


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
أما بعد :
أخي الحبيب المكرّم أبا موسى حفظكم الله أرجو أن تصلك رسالتي وأنت وأهلك وأولادك بما أحب أن تكون فيه من الخير والعافية والسلامة .
ولي مع رسالتك بعض الملاحظات سأذكرها بإيجاز لأني في الحقيقة مشغول جدا وبأمس الحاجة إلى الوقت؛ ولولا محبتي لك وتقديري ومكانتك عندي وقربك إليّ ما دخلت في مثل هذه الردود وإن كان الموضوع حقيقا بالبحث ويستحق وقتا وعناءا؛ لكن أنا مشغول بمسائل أخرى حفظكم الله وسأكتفي بإيراد جملة من النصوص ولك النظر فيها.
أما بعض القواعد الحديثية التي ذكرتها ومتابعة الألباني لغيره فتركتها لأنها تحتاج إلى كلام طويل جدا .
وبعد فأقول بعجالة أخرى أخي الحبيب الفاضل.
1- إن من مسلمات البحث العلمي واستخراج الحكم الشرعي في مسألة ما من مسائل الشريعة الغراء أن تجمع النصوص الواردة في تلك المسألة ثم النظر فيها؛ كما تعلم أخي المكرّم وليس بخافٍ عنك ذلك؛ لكن للتذكير ليس غير.
2- لم تبيّن لي موقفك من النصوص التي ذكرتها لك وقد أتيتك بجملة وافرة منها؛ ولم تعرج على تصحيحات الشيخ الألباني وتضعيفاته و لا أظن أبدا أنك لا تراها.
3- قولك (من هم الجمهور).أقول: لك أن تسأل ابن حجر في فتح الباري وقد ذكرته لك.
4- قولك أخي الحبيب الفاضل(كل ما قاله الجمهور فهو حق؟..) أقول كما قلت (اللهم لا). لكن من باب قولك أيضا (الجمهور...)؛ ونحن نبحث عن الدليل الصحيح الصريح لا عن قول الجمهور بارك الله فيك أخي الحبيب .
5- أما ثبوت الحكم الشرعي بدليل صحيح صريح فأقف معك أخي المكرّم مع وقفاتك بإيجاز.
قولك خمسة طرق... أقول: لو راجعت الكلام في مظانه لوجدت ( له خمسة طرق" واهية " فسقطت " واهية ". وقولك ( هل ذكرها أحد في كتب العلل ....)
قلت: وهل اشترط أصحاب العلل الاستيعاب؟.
وقولك ( لا أرى منهج المليبارية.....) قلت: وأنا لا أراه قطعا كيف والمليباري يهدم قواعد المتأخرين ويشنع على ابن الصلاح .
أما استدلالك أخي الحبيب المكرّم برواية الشيخين عن مبتدعة . فالشيخان ينتقيان من رواية هؤلاء انتقاءا ولا يرويان عن مطلق المبتدعة ( ولي مقال بعنوان رواية المبتدع بين التأصيل والتنزيل) ؛ والكلام أخي الحبيب في هذا يطول أيضا؛ بل في البخاري عن متهم بالكذب لا يحضرني الآن اسمه في هذه الساعة التي أدون فيها لك ملاحظاتي وأظنه ( إسماعيل بن أبي أويس) فراجعه غير مأمور. فليس لنا أن نقول إن البخاري يروي عن متهمين.
وأما الليث فقد قال عنه ابن حجر في التقريب(464):«الليث بن أبي سليم بن زنيم بالزاي والنون مصغر واسم أبيه أيمن وقيل أنس وقيل غير ذلك؛ صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك».
لذا قال المباركفوري في مرقاة المصابيح5/367:« إن رواية الثقات عن الضعفاء الواهمين لا يدل على كون الرواية صالحة للاحتجاج».
أما القاعدة التي ذكرتها( إن مذهب كثير من العلماء أن الراوي الضعيف إذا روى عنه جمع من الثقات فإن حديثه مقبول...إن لم يكن فيه مخالفة شرعية تتقى).
قلت : بارك الله فيك أطلت الكلام في هذه القاعدة لكن الزيادي شيء والليث شيء آخر وإذا انطبقت القاعدة على الزيادي فلا تنطبق على الليث ذلك لأن الزيادي ليس فيه ما يقدح كما في الليث ثم هو قول ( كثير من العلماء وهل هو حق!!!)؛ وقولك: عن القطان أما الجمهور على أن من كان من (المشايخ) قد روى...
قلت : لفظ ( المشايخ) يعني من كان فيه كلام يسير والليث ليس كذلك.ثم قال في الميزان6/439: «هذا شيء نادر لأن غالبهم معرفون بالثقة إلا من خرجا له في الاستشهاد والله أعلم».
وأما متابعة الشيخ الألباني للذهبي وابن خزيمة فتبعا للدليل وليس التقليد.
وقولك (أثر إبراهيم الأصبهاني فلا يعارض إلا بقول أهل العلم من زمانه) فقد جئتك ببعضهم ثم من قال بقولك هذا.
6- ذكر الذهبي (مؤرخ الإسلام) في تاريخ الإسلام ج23/ص384 في باب ذكر الفتنة في تفسير آية.
قال " وهاجت ببغداد فتنة كبرى بسبب قوله "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" فقالت الحنابلة معناه يقعده الله على عرشه كما فسره مجاهد وقال غيرهم من العلماء بل هي الشفاعة العظمى كما صح في الحديث ودام الخصام والشتم واقتتلوا حتى قتل جماعة كبيرة نقله الملك المؤيد رحمه الله".
قلت : يظهر أن الخلاف في هذه المسألة قديم ولا إجماع فيها ولعله قول الحنابلة وتابعهم عليه آخرون.
7- أخرج البخاري في صحيحه ج4/ص1748 بَاب عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا .
- حدثني إِسْمَاعِيلُ بن أَبَانَ حدثنا أبو الْأَحْوَصِ عن آدَمَ بن عَلِيٍّ قال سمعت بن عُمَرَ رضي الله عنهما يقول إِنَّ الناس يَصِيرُونَ يوم الْقِيَامَةِ جُثًا كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يَقُولُونَ يا فُلَانُ اشْفَعْ يا فُلَانُ اشْفَعْ حتى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَذَلِكَ يوم يَبْعَثُهُ الله الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ".
لا أدري أخي الفاضل كيف ردك على رواية البخاري هذه!!!.
8- ذكرت عن الخلال أنه أخرج في كتابه " السنة" في باب ذكر المقام المحمود وساق الحديث بأكثر من إسناد عن عبد الله بن سلام ؛ ثم أخرج بإسناده عن مجاهد قال.......
قلت: نعم ذكر الخلال ذلك ؛ لكن لا أدري حقا لِمَ لَمْ تذكر عن الخلال تضعيفه لبعض تلك الآثار عن ابن سلام وغيره ؛ وأجدني مضطرا أخي الحبيب المكرّم أبا موسى لأن أنقلها إليك لتقف بنفسك على ما ضعفه الخلال وما صححه.
قال الخلال في السنة1/209: ذكر المقام المحمود
- أخبرني أحمد بن أصرم المزني قال ثنا عباس بن عبد العظيم قال ثنا يحيى بن كثير العنبري قال ثنا مسلم بن جعفر وكان ثقة عن الجريري عن سيف السدوسي عن عبدالله بن سلام قال أن محمدا يوم القيامة بين يدي الرب عز وجل على كرسي الرب تبارك وتعالى // إسناده ضعيف لجهالة سيف السدوسي .
- وأخبرنا أبو داود السجستاني قال ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي قال ثنا يحيى بن كثير قال ثنا سلم بن جعفر من أهل صنعاء قال ثنا سعيد الجريري قال ثنا سيف السدوسي عن عبدالله بن سلام قال إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم فأقعد بين يدي الله على كرسيه فقلت يا أبا مسعود إذا كان على كرسيه فليس هو معه قال ويلكم هذا أقر حديث لعيني في الدنيا // إسناده ضعيف .
- وأخبرنا أبو بكر بن صدقة قال ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي قال ثنا يحيى بن كثير العنبري قال ثنا سلم بن جعفر البكراوي من ولد أبي بكرة قال ثنا سعيد الجريري قال ثنا سيف السدوسي قال سمعت عبدالله بن سلام قال إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم حتى يجلسه بين يديه قال فقلت يا أبا مسعود فإذا أجلسه بين يديه فهو معه قال ويلك ما سمعت حديثا قط أقر لعيني من هذا الحديث حين علمت أنه يجلسه معه // إسناده ضعيف .

- ذكر عبدالله بن أحمد بن حنبل قال سمعت حديث ابن فضيل عن ليث عن مجاهد عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا من أبي معمر عن أخيه عن ابن فضيل قال فذاكرته أبي فقال ما وقع إلي بعلو وجعل كأنه يتلهف يعني إذا لم يقع إليه بعلو // إسناده ضعيف .
- أخبرنا محمد بن عبدالملك الدقيقي قال ثنا علي بن الحسن بن سليمان قال ثنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال يجلسه على العرش // إسناده ضعيف لضعف ليث .
- أخبرنا محمد بن عبدالملك الدقيقي قال ثنا عثمان عبدالله بن محمد ابن أبي شيبة قال ثنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال يجلسه معه على العرش // إسناد ضعيف .
- أخبرني محمد بن احمد بن واصل المقري قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال يقعده على العرش فسمعت محمد بن أحمد بن واصل قال من رد حديث مجاهد فهو جهمي // إسناد ضعيف.
- وأخبرنا أبو داود السجستاني قال ثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال ثنا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد في قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال يجلسه على عرشه وسمعت أبا داود يقول من أنكر هذا فهو عندنا متهم وقال ما زال الناس يحدثون بهذا يريدون مغايظة الجهمية وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء // إسناد قول ابي داود صحيح .
- أخبرنا يحيى بن أبي طالب قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال يقعده معه على العرش قال أبو بكر بن أبي طالب من رده فقد رد على الله عز و جل ومن كذب بفضيلة النبي فقد كفر بالله العظيم // إسناد قول أبي طالب صحيح .
- وأخبرني أحمد بن أصرم المزني بهذا الحديث وقال من رد هذا فهو متهم على الله ورسوله وهو عندنا كافر وزعم أن من قال بهذا فهو ثنوي فقد زعم أن العلماء والتابعين ثنويه ومن قال بهذا فهو زنديق يقتل // إسناده صحيح .
- وأخبرني أحمد بن أصرم قال ثنا العلا بن عمرو قال ثنا ابن فضيل قال ثنا ليث عن مجاهد قال يقعده معه على العرش إسناد ضعيف.
- وأخبرني محمد بن عبدوس والحسن بن صالح وبعضهما أتم من بعض قالا ثنا أبو بكر المروذي قال قال أبو بكر بن حماد المقري من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت فهو متهم على الإسلام فكيف من طعن فيها وقال أبو جعفر الدقيقي من ردها فهو عندنا جهمي وحكم من رد هذا أن يتقا وقال عباس الدوري لا يرد هذا إلا متهم وقال إسحاق بن راهويه الإيمان بهذا الحديث والتسليم له وقال إسحاق لأبي علي القوهستاني من رد هذا الحديث فهو جهمي وقال عبد الوهاب الوراق للذي رد فضيلة النبي يقعده على العرش فهو متهم على الإسلام وقال إبراهيم الأصبهاني يقعده على العرش فهو متهم على الإسلام وقال إبراهيم الأصبهاني هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة
ولا يرده إلا أهل البدع قال وسألت حمدان بن علي عن هذا الحديث فقال كتبته منذ خمسين سنة وما رأيت أحدا يرده إلا أهل البدع وقال إبراهيم الحربي حدثنا هارون بن معروف وما ينكر هذا إلا أهل البدع قال هارون بن معروف هذا حديث يسخن الله به أعين الزنادقة قال وسمعت محمد بن إسماعيل السلمي يقول من توهم أن محمدا لم يستوجب من الله عز و جل ما قال مجاهد فهو كافر بالله العظيم قال وسمعت أبا عبدالله الخفاف يقول سمعت محمد بن مصعب يعني العابد يقول نعم يقعده على العرش ليرى الخلائق منزلته // إسناد هذا الأثر الروذي صحيح .
- وأخبرنا أبو يحيى الناقد قال سمعت أبا جعفر محمد بن مصعب العابد وذكر حديث ابن فضيل عن ليث عن مجاهد في قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال يجلسه على العرش قال ابن مصعب يجلسه على العرش ليرى الخلائق كرامته عليه ثم ينزل النبي إلى أزواجه وجناته // إسناده ضعيف
- وسمعت أبا بكر بن صدقة يقول حدثنا أبو القاسم بن الجبلي عن إبراهيم الزهري قال سمعت هارون بن معروف يقول ليس ينكر حديث ابن فضيل عن ليث عن مجاهد إلا الجهمية // إسناده صحيح إن كان إبراهيم الزهري هو ابن سعد .
- سمعت أبا بكر بن صدقة يقول قال إبراهيم الحربي يوما وذكر حديث ليث عن مجاهد فجعل يقول هذا حدث به عثمان بن أبي شيبة في المجلس على رؤوس الناس فكم ترى كان في المجلس عشرين ألفا فترى لو أن إنسانا قام إلى عثمان فقال لا تحدث بهذا الحديث أو أظهر إنكاره تراه كان يخرج من ثم إلا وقد قتل قال أبو بكر بن صدقة وصدق ما حكمه عندي إلا القتل // إسناده صحيح .
قلت: أخي أبا موسى حفظكم الله تعالى قد رأيت أن كل الأسانيد التي أخرجها الخلال موقوفة ولا شي منها ما هو مرفوع وبعضها ضعيف وأخرى صحيحة لكن تبقى هي موقوفة .
9- ولك أن تنظر إلى اللالكائي كيف يستدل على أن المقام المحمود هو الشفاعة.
قال في اعتقاد أهل السنة ج6/ص1112:"سياق ما روي في أن المقام المحمود هو الشفاعة.
- أنا عيسى بن علي قال أنا عبد الله بن محمد البغوي قال نا منصور بن أبي مزاحم قال نا أبو الأحوص وأنا محمد بن عبد الرحمن قال نا يحيى بن محمد بن صاعد املاء قال نا محمد بن سليمان قال نا أبو الأحوص سلام بن سليم عن آدم ابن علي قال سمعت ابن عمر يقول إن الناس يوم القيامة يصيرون جثا كل أمة تتبع نبيها يقولون يا فلان اشفع لنا حتى ينتهي الشفاعة إلى النبي فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود؛ أخرجه البخاري من حديث أبي الأحوص .
- أنا محمد بن الحسين الفارسي قال نا أحمد بن سعيد الثقفي قال نا محمد بن يحيى الذهلي قال نا يزيد بن عبد ربه قال نا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك أن رسول الله قال يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ويكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن فأقول ما شاء الله أن أقول؛ فذلك المقام المحمود ".
10- وفي السنة لابن أبي عاصم ج2/ص364:" ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن داود الأودي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال الشفاعة".
- حدثنا الحوطي ومحمد بن مصفا قالا ثنا بقية ثنا الزبيدي عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة كنت أنا وأمتي علي تل فيكسوني حلة خضراء ثم يأذن لي تبارك وتعالى أن أقول ما شاء الله أن أقول؛ وذلك المقام المحمود".
11- وجاء في كتاب الإيمان لابن أبي شيبة1/16:" حَدَّثَنَا أبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ : يُقَالُ لَهُ : سَلْ تُعْطَهْ _ يَعْنِي النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، وَادْعُ تُجَبْ ، قَالَ : فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ ، فَيَقُولُ : « رَبِّ أُمَّتِي » مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثَاً ، قَالَ سَلْمَانُ : فَيَشْفَعُ فِي كُلِّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ حِنْطَةٍ مِنْ إِيْمَانٍ ، أوْ قَالَ : مِثْقَالُ شَعِيْرَةٍ مِنَ الإِيْمَانِ ، أوْ قَالَ : مِثْقَالُ حَبَّةٍ خَرْدَلٍ مِنْ إِيْمَانٍ ، فَقَالَ سَلْمَانُ : فَذلِكُمْ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ" .
12- وفي كتاب الإيمان لابن منده2/871: - نبأ عبدالله بن محمد بن الحارث ثنا محمد بن يزيد ثنا محمد بن سلام ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق السبيعي عن صلة بن زفر قال قال حذيفة بن اليمان يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم المنادي حفاة عراة كما خلقوا فيقال يا محمد فأقول لبيك وسعديك والخير في يديك والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك وإليك تباركت وتعاليت لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك قال فذلك المقام المحمود" هذا إسناد مجمع على صحته وقبول رواته".
- أنبأ عبدالله بن إبراهيم ثنا أبو مسعود أنبأ عبدالرزاق بن همام ثنا سفيان عن أبي إسحاق ثنا صلة بن زفر قال سمعت حذيفة بن اليمان يقول يجمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد عراة كما خلقوا ليس على أحد منهم طحربة فينادي يا محمد فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك وإليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك سبحانك رب البيت فذلك قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا .
13- وفي كتاب البعث لأبي داود 1/28:" حدثنا عمرو بن عثمان ، قال : ثنا بقية ، قال: حدثني الزبيدي ، قال : أخبرني الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب ، عن كعب بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " يحشر الناس يوم القيامة ، فأكون أنا وأمتي على تل ، فيكسوني ربي عز وجل حلة خضراء ، ثم يؤذن لي ، فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذلك المقام المحمود ".
14- وفي السنة لابن أبي عاصم2/319 باب في ذكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم:
- حَدَّثَنَا الْحَوْطِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى ، قَالاَ : حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كُنْتُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ فَيَكْسُونِي حُلَّةً خَضْرَاءَ ثُمَّ يَأْذَنُ لِي تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ أَقُولَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ وَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ".
- ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن داود الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال: "الشفاعة ".
- ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي ، ثنا يحيى بن كثير أبو غسان العنبري ، ثنا سلم بن جعفر، عن سعيد الجريري ، ثنا سيف السدوسي ، عن عبد الله بن سلام ، قال : إذا كان يوم القيامة ، جيء بنبيكم صلى الله عليه وسلم ، فأقعد بين يدي الله تبارك وتعالى على كرسيه فقال لأبي مسعود يعني الجريري : إذا كان على كرسيه فهو معه . قال : ويلكم هذا أقر حديث في الدنيا لعيني ". وأنت يا أبا موسى الحبيب لا تقول به كما ذكرت.
15- قال القرطبي في كتابه التذكرة1/282: باب ما جاء أن هذه الشفاعة هي المقام المحمود.
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا سيد ولد آدم يوم القيامة و لا فخر و بيدي لواء الحمد و لا فخر و ما من نبي يومئذ آدم ومن سواه إلا تحت لوائي و أنا أول من تنشق عنه الأرض و لا فخر قال :
فيفزع الناس فزعات فيأتون آدم فيقولون أنت أيونا فاشفع لنا إلى ربك فيقول : أنا أذنبت ذنبا فأهبطت به إلى الأرض ائتوا نوحا فيقول : إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا و لكن اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيقول : إني كذبت ثلاث كذبات ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما منها كذبة كذبة إلا ما حل بها عن دين الله و لكن ائتوا موسى فيأتون موسى فيقول : إني قتلت نفسا و لكن ائتوا عيسى فيقول : إني عبدت من دون الله و لكن ائتوا محمدا صلى الله عليه و سلم فيأتوني فأنطلق معهم ] قال ابن جدعان قال أنس : فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها فيقال من هذا ؟ فيقال : محمد فيفتحون لي و يرحبون فيقولون مرحبا فأخر ساجدا لله فيلهمني من الثناء و الحمد فيقال لي ارفع رأسك و سل تعط و اشفع تشفع و قل يسمع لقولك و هو المقام المحمود الذي قال الله فيه { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } ] قال سفيان : ليس عن أنس إلا هذه الكلمة فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها قال الترمذي حديث حسن
- وخرجه أبو داود الطيالسي بمعناه [ عن ابن عباس فقال : حدثنا حماد سلمة قال : حدثنا علي بن زيد عن أبي نضرة قال : خطبنا ابن عباس على منبر البصرة فحمد الله و أثنى عليه ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما من نبي إلا و له دعوة كلهم قد تنجزها في الدنيا و إني ادخرت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ألا و إني سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر و أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة و لا فخر و بيدي لواء الحمد تحته آدم صلى الله عليه وسلم ومن دونه ولا فخر ويشتد كرب ذلك اليوم على الناس فيقولون انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فيشفع لنا إلى ربنا عز و جل حتى يقضي بيننا ] الحديث و فيه : [ فيأتون عيسى عليه السلام فيقولون اشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي بيننا فيقول إني لست هنا كم إني اتخذت و أمي إلهين من دون الله و لكن أرأيتم لو أن متاعا في وعاء قد ختم عليه أكان بوصل إلى ما في الوعاء حتى يفض الخاتم ؟ فيقولون : لا فيقول : إن محمدا صلى الله عليه و سلم قد خصه اليوم و قد غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيأتيني الناس فيقولون اشفع لنا إلى ربنا حتى يقضى بيننا فأقول أنا لها حتى يأذن الله لمن يشاء و يرضى فإذا أراد الله أن يقضي بين خلقه نادى مناد أين محمد صلى الله عليه و سلم و أمته ؟ فأقوم و تتبعني أمتي غرا محجلين من أثر الطهور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فنحن الآخرون الأولون و أول من يحاسب ويفرج لنا في الأمم عن طريقنا ويقولون كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها ] و ذكر الحديث.
- وفي البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إن الناس يصبرون يوم القيامة جثيا كل أمة تتبع نبيها تقول يا فلان اشفع يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود .
- وروى الترمذي[ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } سئل عنها قال: هي الشفاعة ] قال :هذا حديث صحيح .
ثم قال القرطبي : واختلف الناس في المقام المحمود على خمسة أقوال :

الأول : أنه الشفاعة للناس يوم القيامة كما تقدم قاله حذبفة بن اليمان و ابن عمر رضي الله عنهم. قلت: أخي المكرم أيهما أولى عندك تفسير حذيفة وابن عمر أم تفسير مجاهد.
الثاني : إنه أعطاؤه عليه السلام لواء الحمد يوم القيامة قلت( القرطبي) : وهذا القول لا تنافي بينه وبين الأول فإنه يكون بيده لواء الحمد ويشفع.
وروى الترمذي [ عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا و أنا خطيبهم إذا وفدوا و أنا مبشرهم إذا أيسوا لواء الحمد بيدي فأنا أكرم ولد آدم على ربي و لا فخر ] و في رواية [ أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا و أنا قائدهم إذا وفدوا و أنا خطيبهم إذا أنصتوا و أنا شفيعهم إذا أيسوا و أنا مبشرهم إذا أبلسوا لواء الكرم بيدي و أنا أكرم ولد آدم على ربي يطوف علي ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون ].
الثالث : ما حكاه الطبري عن فرقة منها مجاهد أنها قالت : المقام المحمود هو أن يجلس الله محمدا صلى الله عليه و سلم معه على كرسيه و روت في ذلك حديثا.
قلت( القرطبي) : وهذا قول مرغوب عنه وإن صح الحديث فيتأول على أنه يجلس مع أنبيائه وملائكته قال ابن عبد البر في كتاب التمهيد : ومجاهد و إن كان أحد أئمة بتأويل القرآن فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم أحدهما هذا والثاني في تأويل قوله تعالى : {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة } قال : تنتظر الثواب و ليس من النظر.

الرابع : إخراجه طائفة من النار روى مسلم عن يزيد الفقير قال : كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد الحج ثم نخرج على الناس فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله رضي الله عنه يحدث الناس أو القوم إلى سارية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : و إذا هو قد ذكر الجهنميين قال فقلت له يا صاحب رسول الله : ما هذا الذي تحدثون و الله تعالى يقول { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } {كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } فما هذا الذي تقولون فقال : أتقرأ القرآن ؟ فقلت : نعم فقال : فهل سمعت بمقام محمد صلى الله عليه و سلم يعني الذي يبعثه الله عز وجل ؟ قلت : نعم قال : فإنه مقام محمد صلى الله عليه و سلم الذي يخرج الله به من يخرج وذكر الحديث.
وفي البخاري [ من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم وفيه : وقد سمعته يقول فأخرج فأخرجهم و أدخلهم الجنة حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود قال : ثم تلا هذه الآية { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } قال هو المقام المحمود الذي وعده نبيكم صلى الله عليه وسلم.
الخامس : ما روي أن مقامه المحمود شفاعته رابع أربعة .
ثم قال القرطبي : إذا أثبت أن المقام المحمود هو أمر الشفاعة الذي يتدافعه الأنبياء عليهم السلام حتى ينتهي الأمر إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيشفع هذه الشفاعة العامة لأهل الموقف مؤمنهم وكافرهم ليراحوا من هول موقفهم فاعلم أن العلماء اختلفوا في شفاعاته وكم هي فقال النقاش : لرسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث شفاعات العامة وشفاعة في السبق إلى الحنة وشفاعة في أهل الكبائر وقال ابن عطية في تفسيره : والمشهور أنهما شفاعتان فقط العامة وشفاعة في إخراج المذنبين من النار وهذه الشفاعة الثانية لا يتدافعها الأنبياء بل يشفعون ويشفع العلماء ".
16- وفي مشكل الآثار للطحاوي
- حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا يزيد بن عبد ربه الجرجسي ، قال : حدثنا بقية بن الوليد ، قال : حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن كعب بن مالك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على قل فيكسوني ربي عز وجل حلة خضراء ، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود " وكما حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : حدثنا عمرو بن عثمان ، ومحمد بن المصفى الحمصيان ، قالا : حدثنا بقية ، ثم ذكر بإسناده مثله.
- حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا مكي بن إبراهيم ، عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قول الله عز وجل : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا". قال:" هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي".
- حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل اتخذ إبراهيم صلى الله عليه وسلم خليلا ، وإن صاحبكم خليل الله ثم قرأ عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " قال أبو جعفر : فكان ذلك المقام المحمود مما اختصه الله به في الآخرة ، فلم يؤته أحدا سواه من أنبيائه صلى الله عليهم حتى غبطه صلى الله عليه وسلم به الأولون والآخرون.
17- وفي سنن الترمذي5/303
- حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن داود بن يزيد الزعافري عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } سئل عنها قال هي الشفاعة ؛قال أبو عيسى هذا حديث حسن و داود الزعافري هو داود الأودي بن يزيد بن عبد الله وهو عم عبد الله بن إدريس قال الشيخ الألباني : صحيح.
- حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر قال فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم فيقولون أنت أبونا آدم فاشفع لنا إلى ربك فيقول إني أذنبت ذنبا أهبطت منه إلى الأرض ولكن أئتوا نوحا فيأتون نوحا فيقول إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا ولكن اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيقول إني كذبت ثلاث كذبات ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما منها كذبة إلا ما حل بها عن دين الله ولكن ائتوا موسى فيأتون موسى فيقول إني قد قتلت نفسا ولكن ائتوا عيسى فيقول إني عبدت من دون الله ولكن ائتوا محمد قال فيأتوني فأنطلق معهم قال ابن جدعان قال أنس فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها فيقال من هذا ؟ فيقال محمد فيفتحون لي ويرحبون فيقولون مرحبا فأخر ساجدا فيلهمني الله من الثناء والحمد فيقال لي ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع وقل يسمع لقولك وهو المقام المحمود الذي قال الله { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } قال سفيان ليس عن أنس إلا هذه الكلمة فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روى بعضهم هذا الحديث عن أبي نضرة عن ابن عباس الحديث بطوله قال الشيخ الألباني : صحيح .
18- وفي مصنف ابن أبي شيبة11/484:"حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ دَاوُدَ الأَوْدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ : {عَسَى أَنْ يَبْعَثَك رَبُّك مَقَامًا مَحْمُودًا} ، قَالَ : الشَّفَاعَةُ".
19- أما من تابع ليث ابن أبي سليم فهم(3):
أ) أبو يحيى القتات قال عنه ابن الجوزي في الضعفاء 2/93:" يروي عن مجاهد ضعفه شريك ويحيى ووثقه يحيى في رواية وقال أحمد رويت عنه أحاديث مناكير جدا وقال النسائي ليس بالقوي وقال ابن حبان فحش خطؤه وكثر وهمه حتى سلك غير مسلك العدول في الروايات ".
ب) وعطاء بن السائب قال عنه أبو حاتم في الجرح والتعديل6/333:" ما روى عنه ابن فضيل ففيه غلط واضطراب رفع أشياء كان يرويه عن التابعين فرفعها إلى الصحابة وحديث البصريين عنه فيه يختلط كثيرا لأنه قدم عليهم في آخر عمره".
ج) جابر بن يزيد قال عنه الجوزجاني في أحوال الرجال(ص50):" كذاب سألت عنه ابن حنبل فقال تركه ابن مهدي فاستراح".
وقال عنه الذهبي في الكاشف1/288:" وثقه شعبة فشذ وتركه الحفاظ قال أبو داود ليس في كتابي له شئ سوى حديث السهو".
وقال عنه ابن حجر في التقريب ( ص192) :" ضعيف رافضي".
وقال المقريزي في مختصر الكامل في الضعفاء(ص213):" قال سلام بن أبي مطيع: قال لي جابر الجعفي: عندي خمسون ألف باب من العلم ما حدثت به أحدا . فذكرت لأيوب ، فقال: أما الآن فهو كذاب؛ وقال زهير: قال لي جابر بن يزيد: عندي خمسون ألف حديث ما حدثت منها بحديث! فحدثنا يوما بحديث، فقال: هذا من الخمسين ألفا . وقال عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله: كان عند أبي عشرة آلاف مسألة عن جابر الجعفي. وقال إسماعيل بن أبي خالد : قال الشعبي : يا جابر ما تموت حتى تكذب على رسول الله. قال إسماعيل فما مضت الأيام والليالي حتى اتهم بالكذب.
وقال أبو حنيفة: ما رأيت فيمن رأيت أفضل من عطاء، ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي ، ما أتيته بشيء قط من ( رأيي ) إلا جاءني فيه بحديث! وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث عن رسول الله لم يظهرها. وقال جرير عن ثعلبة: أردت جابر الجعفي فقال لي ليث بن أبي سليم: لا تأته ؛ فإنه كذاب".
هؤلاء أخي الفاضل المكرّم أبا موسى هم الذين تابعوا ليثا فهل ترى يفرح بهم وهل ترى أن الأثر يتقوى بهم؟!.

وأخيرا أخي المكرّم أبا موسى حفظكم الله أقول: إن المقام المحمود هو شفاعته صلى الله عليه وسلم كما جاء في هذه النصوص ومنها في البخاري ((فَذَلِكَ يوم يَبْعَثُهُ الله الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ)) وليس لنا أن نهمل كل هذه النصوص لأجل تفسير مجاهد؛ ولتعلم أخي أن المقام المحمود ليس معناه ليرى الناس منزلته ثم ينزل إلى أهله وجناته كما ذكرتم بل هو المكان الذي يكون فيه تحت العرش حيث يسجد عنده صلى الله عليه وسلم فيشفعه الله في الخلق عندها ( يحمده الناس؛ والمحمود اسم مفعول مأخوذ من حمد غيره له) فيكون النبي صلى الله عليه وسلم محمودا في ذلك المقام كما قال هو صلى الله عليه وسلم (( فأخر ساجدا فيلهمني الله من الثناء والحمد فيقال لي ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع وقل يسمع لقولك وهو المقام المحمود)) ؛ والله تعالى أعلم.
والموضوع حقيق بالبحث. وأعتذر مرة بعد مرة فلقد كنت أود موافقتكم أيها الأخ الكريم غير أن....
وصلى الله وسلم وبارك على جدي رسول الله صاحب المقام المحمود


وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك



أخوكم



الحسيني

التعديل الأخير تم بواسطة أسامة بن عطايا العتيبي ; 06-10-2011 الساعة 09:43 PM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-08-2011, 09:03 PM
أبو موسى أحمد الأردني أبو موسى أحمد الأردني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 152
شكراً: 41
تم شكره 13 مرة في 10 مشاركة
افتراضي

« الرد على السجال المحمود لبيان المقام المحمود »


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فازفوزا عظيما.

أما بعد:
أمّا قولك: ( أما بعض القواعد الحديثية التي ذكرتها ومتابعة الألباني لغيره فتركتها لأنها تحتاج إلى كلام طويل جدا)، أقول بارك الله فيك هذا الذي تركته هو أُسّ بحثي، فالمسألة عندي لا بدّ من النظر فيها حسب القواعد الحديثية والتي لا يجوز لنا أن نتعامل معها بجمود صِرف، ذلك أنّ كثيرًا من المسائل الحديثية لو ناقشناها على وفق الأصول لكانت ضعيفة لا يؤخذ بها، وأنت تعلم بارك الله فيك أن كثيرًا من الأحكام الشرعية يستدل لها العلماء بحديث ضعيف –من حيث الصنعة- صحيح مقبول عندهم من حيث المعنى، أضف إلى ذلك أنّه قد يكون في هذا الضعيف تفصيل يقول به العلماء حال القول بالحكم الشرعي، وهذا لا يحتاج لأمثلة فهو واضح إن شاء الله تعالى.
وأمّا قولك : ( إن من مسلمات البحث العلمي واستخراج الحكم الشرعي فيمسألة ما من مسائل الشريعة الغراء أن تجمع النصوص الواردة في تلك المسألة ثم النظرفيها؛ كما تعلم أخي المكرّم وليس بخافٍ عنك ذلك؛ لكن للتذكير ليس غير )، وهذا حق وصدق لا ينازع فيه أحد ومن ضمن هذا النصوص الواجب جمعها ما كان عليه السلف من القول في هذه المسألة، وهذا للتّذكير –أيضًا- ليس إلّا.
وقولك: ( لمتبيّن لي موقفك من النصوص التي ذكرتها لك وقد أتيتك بجملة وافرة منها؛ ولم تعرج علىتصحيحات الشيخ الألباني وتضعيفاته و أظن أبدا أنك لا تراها )، أما ما أوردته من النصوص في إثبات أنّ المقام المحمود هو الشّفاعة فمعاذ الله أن أردّها أو أبدي رأيي بما أنا دائن لله به من أن الشفاعة من خصائصه –صلى الله عليه وسلم – يوم القيامة والأحاديث أشهرمن أن أعيد إيرادها هنا، فأنا موافق لك – كما أنك موافق لي – على أن الشفاعة ثابتة له عليه السلام.
وأمّا قولك: ( قولك (من همالجمهور). أقول: لك أن تسأل ابن حجر في فتح الباري وقد ذكرته لك )، قلت: ذكر الحافظ ابن حجر الأقوال كلّها وأشار أن الجمهور على أنّه الشفاعة ونقل عن ابن الجوزي ما نصّه في فتح الباري (2 / 95):
« قال ابن الجوزي والأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة وقيل إجلاسه على العرش وقيل على الكرسي وحكى كلا من القولين عن جماعة وعلى تقدير الصحة لا ينافي الأول لاحتمال أن يكون الإجلاس علامة الإذن في الشفاعة ويحتمل أن يكون المراد بالمقام المحمود الشفاعة كما هو المشهور وأن يكون الاجلاس هي المنزلة المعبر عنها بالوسيلة أو الفضيلة ووقع في صحيح ابن حبان من حديث كعب بن مالك مرفوعًا يبعث الله الناس فيكسونى ربي حلة خضراء فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود ويظهر أن المراد بالقول المذكور هو الثناء الذي يقدمه بين يدي الشفاعة ويظهر أن المقام المحمود هو مجموع ما يحصل له في تلك الحالة ويشعر قوله في آخر الحديث حلت له شفاعتي بان الأمر المطلوب له الشفاعة والله أعلم».
قلتُ: وهذا أيضًا لا ينافي صحة القول الآخر ولا يدفعه كما قرر ذلك ابن جرير –رحمه الله-، والمسألة بحاجة لمزيد تأمل، وقد قدَّمت لك أنّ قول الجمهور صحيح، ولا يتنافى مع القول الآخر؛ لأنه لا يُناقضه ولا يجعله من صنف المضطرب، والله أعلم.
وأنت أخي المكرم لم تنقل لي عن أحد من السلف إنكاره لأمر الإقعاد فكان دالًّا على أنه متفق على جواز هذا المعنى في المقام المحمود وأنّه يحتمل أن الخلاف في ذكر معناه إنّما هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، وكما قال الحافظ في الفتح أنّه « يظهر أن المقام المحمود هو مجموع ما يحصل له في تلك الحالة »، فتأمّل بارك الله فيك.
وأمّا قولك: (ب- قولك خمسة طرق... أقول: لو راجعت الكلام في مظانه لوجدت ( له خمسةطرق" واهية " فسقطت " واهية ". وقولك ( هل ذكرها أحد في كتب العلل...) قلت: وهل اشترط أصحاب العلل الاستيعاب؟ )، فأقول: على اعتبار ثبوتها أي : « واهية »، فلا ندفع صحة ما قلت إذ من يراجع الأسانيد وكتب التراجم يجد ذلك، لكن بحثي مُنصبٌّ على معنى الحديث وما احتواه من فضيلة النّبي –صلى الله عليه وسلم- من إقعاده على العرش وقبول السلف لها من غير نكير، ولا حاجة هنا إلى إعادة القول بأنّه ليس كلّ حديث ضعيف –ولو تعددت طرقه الواهية- لا يثبت معناه عند أهل العلم، والأمثلة كثيرة جدًّا والله أعلم.
وقولك: ( أما استدلالك أخي الحبيب المكرّم برواية الشيخين عن مبتدعة. فالشيخان ينتقيانمن رواية هؤلاء انتقاءا ولا يروون عن مطلق المبتدعة ( ولي مقال بعنوان روايةالمبتدع بين التأصيل والتنزيل) ؛ والكلام أخي الحبيب في هذا يطول أيضا؛ بل فيالبخاري عن متهم بالكذب لا يحضرني الآن اسمه في هذه الساعة التي أدون فيها لكملاحظاتي وأظنه ( إسماعيل بن أبي أويس) فراجعه غير مأمور. فليس لنا أن نقول أنالبخاري يروي عن متهمين )، أقول بل لنا أن نقول أنه روى عن متّهمين لكن نقول: هو أعلم بشيوخه وقد انتقى حديثهم فقبل الناس ما انتقاه هذا الإمام، واستدلالي المذكور أردّت به إثبات أن الضعيف وسيئ الحفظ لا يُطَّرح بالكلية إذ يحتمل فيما يرويه حسن الأداء وضبط الرواية، فنصير إلى قبول ما رواه كيف لا ولنا أمثلة كثيرة على هذا في كتب الحديث ومنها الصحيحان وغيرهما، وهذا المروي عن مُجاهد –عندي- من هذا الصنف.
وأمّا قولك: ( وأما الليث فقد قال عنه ابن حجر في التقريب(464):"الليث بن أبي سليم بن زنيم بالزاي والنونمصغر واسم أبيه أيمن وقيل أنس وقيل غير ذلك؛ صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثهفترك".
لذا قال المباركفوري في مرقاةالمصابيح5 /367: "إنرواية الثقات عنالضعفاءالواهمين لا يدل على كون الرواية صالحة للاحتجاج" )، فأقول: قال ابن الصلاح –رحمه الله- في مقدمته: « وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي صِحَّةِ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُودِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فِيهِ ، أَوْ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ ، كَمَا فِي الْمُرْسَلِ .
وَمَتَى قَالُوا : «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ» فَمَعْنَاهُ : أَنَّهُ اتَّصَلَ سَنَدُهُ مَعَ سَائِرِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعًا بِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، إِذْ مِنْهُ مَا يَنْفَرِدُ بِرِوَايَتِهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ ، وَلَيْسَ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَلَقِّيهَا بِالْقَبُولِ.
وَكَذَلِكَ إِذَا قَالُوا فِي حَدِيثٍ: «إِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ»فَلَيْسَ ذَلِكَ قَطْعًا بِأَنَّهُ كَذِبٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، إِذْ قَدْ يَكُونُ صِدْقًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

ولي وقفات أخرى تأتي تباعًا إن شاء الله، وبانتظار مشاركات الإخوة لإثراء الموضوع.

والله الموفق لما فيه خير الدنيا والآخرة

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وكتب:
أبو موسى الأردني
أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
-غفر الله له ولوالديه-
آمين
__________________
...::________::...

هَل صحّ قول من الحاكي فنقبله *** أم كلُّ ذاك أباطيلٌ وأسمارُ
أمَّا العقول فآلت أنَّه كذبٌ *** والعقل غَرسٌ له بالصِّدقِ إثمارً
"شيخ المعرَّة"
..::ــــــــــــــــــــــــــــ::..
أبو موسى الأردني
أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
- غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ -
آمين


التعديل الأخير تم بواسطة أبو موسى أحمد الأردني ; 05-09-2011 الساعة 05:58 AM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-11-2011, 06:07 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيكم أبا موسى
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-19-2011, 02:08 PM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي



يرفع للمشاركة

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-31-2011, 12:38 PM
أبوعبدالعزيزالتميمي أبوعبدالعزيزالتميمي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: الأردن
المشاركات: 60
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله الأخوة (أبوموسى وأبوالحسين), أحببت أن أتوجه بالسؤال التالي الى الأخ أبي موسى حفظه الله وزاده علما وتوفيقا:
من من أهل العلم المعاصرين المشهود لهم بالعلم والفقه والتقوى من جعل من السنة احياء ذكر الحديث والكلام فيه؟
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-31-2011, 02:16 PM
أبو موسى أحمد الأردني أبو موسى أحمد الأردني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 152
شكراً: 41
تم شكره 13 مرة في 10 مشاركة
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوعبدالعزيزالتميمي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله الأخوة (أبوموسى وأبوالحسين), أحببت أن أتوجه بالسؤال التالي الى الأخ أبي موسى حفظه الله وزاده علما وتوفيقا:
من من أهل العلم المعاصرين المشهود لهم بالعلم والفقه والتقوى من جعل من السنة احياء ذكر الحديث والكلام فيه؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حيَّاك الله أخي العزيز أبا عبد العزيز ومرحبًا بعودتك للمشاركة في المنتدى

وأمّا بخصوص ما سألتَ عنه أيّها الفاضل بقولك: (من مِن أهل العلم المُعاصرين ...إلخ)، فأقول: لا أعلم أحدًا في هذا العصر قد جعل هذا من السنة -أي إحياء ذكر الحديث-، لكن الأمر غير متعلق بهذه الجزئيَة -البتّة-وذلك أن الأمر متعلق (باعتقاد) هذه الفضيلة المذكورة في الحديث وهل هم -أهل زماننا من العلماء- قبلوا هذه العقيدة وأمرَوها على أنها عقيدة سلفية محضة أم لا؟
وهذا جوابه معروف فأكثر علمائنا يجيزون هذا المعنى الوارد في حديث مجاهد، بل ويجيبون بأن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قد نقل الإجماع على ذلك..
ولا يعني مخالفة بعض أهل العلم -كالشيخ الألباني رحمه الله- نفي ثبوت هذه الفضيلة.. ولا أريد الاستطراد أكثر حتى أعرف هل أجبتك بما تعنيه من سؤالك أم لا؟

وفقني الله وإياك إلى الخير والهدى والرشاد

محبكم
أبو موسى الأردني
__________________
...::________::...

هَل صحّ قول من الحاكي فنقبله *** أم كلُّ ذاك أباطيلٌ وأسمارُ
أمَّا العقول فآلت أنَّه كذبٌ *** والعقل غَرسٌ له بالصِّدقِ إثمارً
"شيخ المعرَّة"
..::ــــــــــــــــــــــــــــ::..
أبو موسى الأردني
أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
- غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ -
آمين

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:40 AM.


powered by vbulletin