عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-13-2021, 09:09 AM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,370
شكراً: 2
تم شكره 273 مرة في 213 مشاركة
افتراضي اعمل بالحق ولا تخالف بعملك علمك يا مسلم!

اعمل بالحق ولا تخالف بعملك علمك يا مسلم!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فإن الناس العقلاء يمقتون ويسقط من أعينهم الشخص الذي ينصح غيره بنصيحة ثم هو لا يطبقها، ويكثر في كلامهم ذمه وعيبه.

كقولهم:

يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ … هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ

تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا…كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ

وَتَراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عُقولَنا…أَبَداً وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ

فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها…فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ

فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي…بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ

لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ…عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ

وقال آخر:

وغير تقي يأمر الناس بالتقى…طبيب يداوي والطبيب مريض

وقال أبو العتاهية:

يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً …كملبس الثوب من عريٍّ وعورتُه

إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها..للناس بادية ما أن يواريها

وقال أيضاً:

وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى…وريح الخطايا من ثيابك تسطع


وهذا الفعل من الشخص -سواء كان عاميا أو طالب علم أو عالما- يدل على جهل، وعلى سوء نية، وعلى وجود ظلم وظلمة في قلبه.

فمن يكون عالما لا يعمل بعلمه، ولا يطبق نصائحه فسيكون مذموما عند الناس، موضع سخرية واستهزاء، مهما بذل المتعصبون من تلميع ومدح وثناء لشيخهم العاصي الذي لم يستح من شيبته وعلمه فلا يعمل بعلمه، ويرضى الظلم في حق غيره ولا يرضاه في حق نفسه وفي حق من يتعصب له.

هذا كله شيء وموقع هذا الشخص في عين الله شيء آخر!

فإن الله يمقته ويكرهه.

{يا أيها الذي آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}.

وكذلك قد تُوعِّد بالعذاب الأليم .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : (مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، قال: قلت: منْ هؤلاء ؟ قال: خطباء من أهل الدنيا ، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون ؟ )


وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كما يطحن الحمار برحاه ، فيطيف به أهل النار فيقولون: أي فلان ، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله ، وأنهى عن المنكر وأفعله ) متفق عليه.

وكلام السلف في ذم من لم يعمل بعلمه كثير وفير.

وإن أكثر ما يزعجني، ويؤلمني أن يتناقل الإخوة كلمات ونصائح وتوجيهات ذهبية لعلماء ومشايخ فضلاء فيها قطع لدابر الفتنة، وفيها علاج للمشاكل في الساحة الدعوية، ولكن الواقع أن الفتن مستمرة، والمشاكل باقية، والسبب الرئيس في ذلك هو مخالفة أولئك العلماء والمشايخ لتوجيهاتهم، فيكونون هم أول من ينقضها ويخالفها والله المستعان.

فهذا والله مؤلم شديد الألم، وأمر لا يرضي رب العالمين، ولا يرضى به المؤمنون الصادقون السلفيون المتبعون للحق.

والواجب على العلماء والمشايخ وطلبة العلم وعامة الناس العمل بالحق وبما يرضي الله دون الالتفات إلى عدم تطبيق الناصح لنصائحه وتوجيهاته، ولا يجوز أن يجعل ذلك عذرا في ترك العمل بالحق، لأن الحق يجب العمل به ولو تركه من تركه من الناس..

وعلى الناصحين أن يكونوا صادقين في نصحهم، قدوة لغيرهم في العمل بالحق الذي ينصحون الناس به.

والله أعلم

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
8/ 4/ 1443هـ
رد مع اقتباس