عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 09-22-2013, 11:57 AM
عبد الرحمن الغنامي عبد الرحمن الغنامي غير متواجد حالياً
موقوف - هداه الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 121
شكراً: 0
تم شكره 3 مرة في 3 مشاركة
افتراضي

جزاكم الله خيراً ياشيخ اسامة وبارك فيكم في ذبكم عن عِرض هذا الإمام، واسمح لي بهذا النقل عن العلاّمة أَحمد بن إِبراهيم الواسطيّ -رحمه الله- المعروف بابن شيخ الحَزَّامين في ذم من من عمل كراسة في عد مثالب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- وكما يقال التاريخ يعيد نفسه.
قال - رحمه الله- كما في [التذكرة والاعتبار والانتصار للأبرار]:
((...ومِنْ براهينِ المُحِقِّ: أن يكون عدلاً في مدحه، عدلاً في ذمِّه، لا يحمله الهوى - عند وجود المُراد - على الإِفراط في المدح، ولا يحمله الهوى - عند تعذُّر المقصود - على نسيان الفضائل والمناقب، وتعديد المساوئ والمثالب.
فالمُحِقُّ في حالَتَيْ غضبهِ ورضاهُ ثابتٌ على مدح مَنْ مدحه وأثنى عليه؛ ثابت على ذم من ثلبه وحطّ عليه.
وأما مَنْ عَمِلَ كُرَّاسةً في عَدِّ مثالب هذا الرجل القائم بهذه الصفات الكاملة بين أصناف هذا العالم المنحرف، في هذا الزمان المظلم، ثم ذكر مع ذلك شيئًا من فضائله، ويعلم أنه ليس المقصودُ ذكرَ الفضائل، بل المقصودُ تلك المثالب، ثم أخذ الكُرَّاسةَ يقرؤها على أصحابه واحدًا واحدًا في خَلْوة، يوقف بذلك هَمَّهُمْ عن شيخهم، ويُريهم قدحًا فيه، فإني أستخير الله تعالى وأجتهد رأييَ في مثل هذا الرجل، وأقول انتصارًا لمن ينصرُ دينَ الله، بين أعداءِ الله في رأس السبع مئة، فإن نصرة مثل هذا الرجل واجبة على كل مؤمن، كما قال وَرَقَةَ بن نوفل: «لئن أَدْرَكَني يومُك لأنصُرنَّك نصرًا مُؤَزّرًا». ثم أسأل الله تعالى العصمة فيما أقول عن تَعَدِّي الحدود والإِخلاد إِلى الهوى.
أَقولُ: مثل هذا - ولا أُعَيِّن الشخصَ المذكور بعينه - لا يخلو من أمور:
أحدها: أن يكون ذا سنٍّ تغيَّر رأيه لِسنِّه؛ لا بمعنى أنه اضطرب بل بمعنى أن السنَّ إذا كَبِرَ يجتهد صاحبه للحق، ثم يضعُه في غير مواضعه، مثلاً يجتهد أن إنكارَ المنكرِ واجبٌ، وهذا منكر، وصاحبه قد راج على الناس، فيجب عَلَيَّ تعريفُ الناس ما راج عليهم، وتَغِيبُ عليه المفاسد في ذلك.
فمنها: تخذيلُ الطَّلَبة، وهم مضطرون إِلى محبة شيخهم، ليأخذوا عنه، فمتى تغيرت قلوبُهم عليه وَرَأَؤا فيه نقصًا حُرموا فوائدَه الظاهرةَ والباطنة: وخِيفَ عليهم المقتُ من الله أولاً، ثم من الشيخ ثانيًا.
المفسدة الثانية: إذا شعر أهلُ البِدَع الذين نحن وشيخُنا قائمون الليلَ والنهارَ بالجهاد والتوجُّه في وجوههم لنصرة الحق: أنَّ في أصحابنا مَنْ ثلب رئيس القوم بمثل هذا، فإنهم يتطرَّقون بذلك إِلى الاشتفاء مِنْ أهل الحق ويجعلونه حُجَّة لهم.
المفسدة الثالثة: تعديد المثالب في مقابلة ما يستغرقها وما يزيد عليها بأضعاف كثيرة من المناقب، فإن ذلك ظلم وجهل.
والأمر الثاني من الأمور الموجبة لذلك: تغير حاله وقلبه، وفساد سلوكه بحسد كان كامِنًا فيه، وكان يكتمه بُرهة من الزمان، فظهر ذلك الكمين في قالبِ، صورته حق ومعناه باطل.
فصلٌ
وفي الجملة - أيَّدكم الله - إذا رأيتم طاعنًا على صاحبكم فافتقدوه في عقله أولاً، ثم في فهمه، ثم في صدقه، ثم في سِنِّه، فإذا وجدتم الاضطرابَ في عقله، دَلَّكم على جهله بصاحبكم، وما يقول فيه وعنه، ومثله قلَّة الفهم، ومثله عدم الصدق، أو قصوره، لأن نقصان الفهم يؤدي إِلى نقصان الصدق بحسب ما غاب عقله عنه، ومثله العلة في السنّ فإنه يشيخ فيه الرأيُ والعقلُ كما تشيخ فيه القُوى الظاهرة الحسِّيةُ، فاتَّهموا مثل هذا الشخص واحذروه، وأعرضوا عنه إعراض مداراةٍ بلا جدلٍ ولا خصومةٍ.
وصفةُ الامتحان بصحة إدراك الشخص وعقله وفهمه: أَنْ تسألوه عن مسألة سلوكية، أو علمية، فإذا أجاب عنها فأَوْرِدوا على الجواب إشكالاً متوجِّهًا بتوجيه صحيح، فإن رأيتم الرجل يروح يمينًا وشمالاً، ويخرُج عن ذلك المعنى إِلى معانٍ خارجة، وحكايات ليست في المعنى حتى ينسى ربُّ المسألةِ سؤالَه، حيث تَوَّهَهُ عنه بكلامٍ لا فائدة فيه، فمثل هذا لا تعتمدوا على طعنه، ولا على مدحه، فإنه ناقصُ بالفطرة، كثيرُ الخيال، لا يثبُت على تحرِّي المدارك العلمية، ولا تُنكروا مثل إنكار هذا، فإنه اشتهر قيام ذي الخُوَيْصِرة التَّميمي إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله له: «اعدل - فإنك لم تعدِلْ - إن هذه قسمةٌ لم يُرَدْ بها وجهُ الله تعالى» أو نحو ذلك.
فوقوع هذا وأمثالِه من بعض معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم. فإنه قال: «لتركَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كان قبلكم حَذوَ القُذَّة بالقُذَّة»، وإن كان ذلك في اليهود والنصارى، لكنْ لَمَّا كانوا منحرفين عن نَهْج الصواب، فكذلك يكون في هذه الأمة من يحذو حَذوَ كل منحرف وجد في العالم، متقدّمًا كان أَو متأخّرًا، حَذو القُذَّة بالقذة، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍّ لدخلوه.
يا سبحانَ الله العظيم! أين عقولُ هؤلاء؟ أَعَمِيَت أبصارُهم وبصائرُهم؟ أفلا يرون ما الناسُ فيه من العَمَى والحيرة في الزمان المظلم المُدْلَهِمِّ، الذي قد ملكت فيه الكفارُ معظَم الدنيا؟ وقد بقيت هذه الخُطَّة الضيقة، يَشُمُّ المؤمنون فيها رائحةَ الإِسلام؟ وفي هذه الخُطَّة الضيقة من الظُّلُمات من علماء السوء والدُّعاة إِلى الباطل وإقامته، ودَحْض الحق وأهله مالا يُحْصَرُ في كتاب، ثم إِن الله تعالى قد رَحِمَ هذه الأمةَ بإِقامة رجل قويِّ الهمة، ضعيف التركيب، قد فرَّق نفسَه وهمَّهُ في مصالح العالم، وإصلاح فسادهم، والقيام بمهماتهم، وحوائجهم، ضِمْنَ ما هو قائم بصد البدع والضلالات، وتحصيل موادِّ العلم النبوي الذي يصلح به فساد العالم، ويردهم إِلى الدين الأول العتيق جهْد إِمكانه!! وإِلا فأين حقيقةُ الدين العتيق؟
فهو مع هذا كله قائمٌ بجملة ذلك وَحْدَه، وهو منفرد بين أهل زمانه، قليلٌ ناصرُه، كثيرٌ خاذلهُ، وحاسدُه، والشامتُ فيه!!.
فمثل هذا الرجلِ في هذا الزمان، وقيامُه بهذا الأمر العظيم الخطير فيه، أيقال له: لِمَ يردُّ على الأحمدية؟ لمَ لا تعدِلُ في القسمة؟ لِمَ تَدخل على الأمراء؟ لِمَ تُقَرِّبُ زيدًا وعَمْرًا؟
أفلا يستحي العبدُ من الله؟ يذكر مثل هذه الجزئياتِ في مقابلة هذا العِبْء الثقيل؟ ولو حُوقِقَ الرجلُ على هذه الجزئيات وُجد عنده نصوصٌ صحيحةٌ، ومقاصدُ صحيحةٌ ونِيَّاتٌ صحيحةٌ!! تغيب عن الضعفاء العقول، بل عن الكُمَّلِ منهم، حتى يسمعوها.
أما رَدُّه على الطائفة الفُلانية أيها المُفرِطُ التائهُ، الذي لا يدري ما يقول، أفيقوم دينُ محمد بن عبدالله الذي أُنزل من السماء، إلا بالطعن على هؤلاء؟ وكيف يظهر الحق إن لم يُخْذَلِ الباطل؟ لا يقولُ مثل هذا إلا تائهٌ، أو مُسنٌ أو حاسدٌ.
وكذا القسمةٌ للرجل، في ذلك اجتهادٌ صحيحٌ، ونظرٌ إلى مصالح تترتب على إعطاء قوم دون قوم، كما خَصَّ الرسول صلى الله عليه وسلم الطُّلَقاء بمئة من الإِبل، وحَرَمَ الأنصار! حتى قال منهم أحداثُهم شيئًا في ذلك، لا ذووا أحلامهم، فيها قام ذو الخُوَيْصرة فقال ما قال!.
وأما دخولُه على الأمراء، فلو لم يكن، كيف كان شمَّ الأمراءُ رائحةَ الدين العتيق الخالص؟ ولو فتَّش المفتش، لوجد هذه الكيفيةَ التي عندهم من رائحة الدين، ومعرفة المنافقين، إنما اقتبسوها من صاحبكم.
وأما تقريبُ زيدٍ وعمر، ونفرض أنك مصيب في ذلك، إذ لا نعتقد العصمةَ إلا في الأنبياء، والخطأُ جارٍ على غيرهم، أَيُذْكَرُ مثلُ هذا الخطأ في مقابلة ما تقدم من الأمور العظام الجِسَام؟
لا يذكر مثلَ هذا في كُرَّاسة ويُعدِّدُها، ثم يدور بها على واحد واحد، كأنه يقول شيئًا، إلا رجلٌ نسأل الله العافية في عقله، وخاتمَة الخير على عمله، وأن يردَّه عن انحرافِه إِلى نهج الصواب، بحيث لا يبقى مَعْشَرُهُ يَعِيبُهُ بعلمه، وتصنيفه، من أولي العقول والأحلام.
ونستغفرُ الله العظيم، من الخطأ والزلل، في القول والعمل، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم)).
انظر العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية لابن عبد الهادي الحنبلي صفحة (229-252) حيث ساق هذه الرسالة كاملة والكلام الذي ذكرته يبدأ من صفحة (247-252).
http://www.archive.org/download/waq53010/53010.pdf
رد مع اقتباس